سورة المائدة / الآية رقم 13 / تفسير تفسير الشوكاني / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الجَحِيمِ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ المُؤْمِنُونَ وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً وَقَالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوَهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً لأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظاًّ مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ

المائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله: {وَلَقَدْ أَخَذَ الله} كلام مستأنف يتضمن ذكر بعض ما صدر من بني إسرائيل من الخيانة.
وقد تقدّم بيان الميثاق الذي أخذه الله عليهم. واختلف المفسرون في كيفية بعث هؤلاء النقباء، بعد الإجماع منهم على أن النقيب كبير القوم العالم بأمورهم الذي ينقب عنها وعن مصالحهم فيها، والنَّقَّابُ: الرجل العظيم الذي هو في الناس على هذه الطريقة، ويقال نقيب القوم لشاهدهم وضمينهم. والنقيب: الطريق في الجبل هذا أصله، وسمي به نقيب القوم لأنه طريق إلى معرفة أمورهم. والنقيب: أعلى مكاناً من العريف، فقيل المراد ببعث هؤلاء النقباء، أنهم بعثوا أمناء على الإطلاع على الجبارين، والنظر في قوّتهم ومنعتهم فساروا ليختبروا حال من بها ويخبروا بذلك، فاطلعوا من الجبارين على قوّة عظيمة وظنوا أنهم لا قبل لهم بها، فتعاقدوا بينهم على أن يخفوا ذلك عن بني إسرائيل، وأن يعلموا به موسى، فلما انصرفوا إلى بني إسرائيل خان منهم عشرة فأخبروا قراباتهم، ففشا الخبر حتى بطل أمر الغزو،
وقالوا {اذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا} [المائدة: 24] وقيل إن هؤلاء النقباء كفل كل واحد منهم على سبطه بأن يؤمنوا ويتقوا الله، وهذا معنى بعثهم، وسيأتي ذكر بعض ما قاله جماعة من السلف في ذلك.
قوله: {وَقَالَ الله إِنّى مَعَكُمْ} أي: قال ذلك لبني إسرائيل، وقيل للنقباء؛ والمعنى: إني معكم بالنصر والعون، واللام في قوله: {لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصلاة} هي: الموطئة للقسم المحذوف، وجوابه: {لأكَفّرَنَّ} وهو سادّ مسدّ جواب الشرط. والتعزير: التعظيم والتوقير، وأنشد أبو عبيدة:
وكم من ماجد لهم كريم *** ومن ليث يعزر في الندّى
أي يعظم ويوقر. ويطلق التعزير على الضرب والردّ، يقال عزّرت فلاناً: إذا أدّبته ورددته عن القبيح، فقوله: {وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} أي: عظمتموهم على المعنى الأوّل، أو رددتم عنهم أعداءهم ومنعتموهم على الثاني. قوله: {وَأَقْرَضْتُمُ الله قَرْضاً حَسَناً} أي: أنفقتم في وجوه الخير، و{قَرْضًا} مصدر محذوف الزوائد، كقوله تعالى: {وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا} [آل عمران: 37] أو مفعول ثان لأقرضتم. والحسن: قيل هو ما طابت به النفس؛ وقيل ما ابتغى به وجه الله؛ وقيل الحلال. قوله: {فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلك} أي: بعد الميثاق أو بعد الشرط المذكور، {فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السبيل} أي: أخطأ وسط الطريق.
قوله: {فَبِمَا نَقْضِهِم ميثاقهم} الباء سببية وما زائدة، أي: فبسبب نقضهم ميثاقهم: {لعناهم} أي: طردناهم وأبعدناهم {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} أي: صلبة لا تعي خيراً ولا تعقله. وقرأ حمزة والكسائي {قسِّية} بتشديد الياء من غير ألف، وهي قراءة ابن مسعود والنخعي ويحيى بن وثاب؛ يقال درهم قسىّ مخفف السين مشدّد الياء: أي زائف، ذكر ذلك أبو عبيد.
وقال الأصمعي وأبو عبيدة: درهم قسىّ كأنه معرب قاس. وقرأ الأعمش {قسية} بتخفيف الياء وقرأ الباقون: {قَاسِيَةً} {يُحَرّفُونَ الكلم عَن مواضعه} الجملة مستأنفة لبيان حالهم أو حالية: أي: يبدّلونه بغيره أو يتأولونه على غير تأويله. وقرأ السلمي والنخعي {الكلام}. قوله: {وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ على خَائِنَةٍ مّنْهُمْ} أي: لا تزال يا محمد تقف على خائنة منهم، والخائنة: الخيانة؛ وقيل هو نعت لمحذوف، والتقدير فرقة خائنة، وقد تقع للمبالغة نحو علاّمة ونسّابة إذا أردت المبالغة في وصفه بالخيانة؛ وقيل خائنة معصية. قوله: {إِلاَّ قَلِيلاً مّنْهُمُ} استثناء من الضمير في منهم {فاعف عَنْهُمْ واصفح} قيل: هذا منسوخ بآية السيف؛ وقيل: خاص بالمعاهدين.
قوله: {وَمِنَ الذين قَالُواْ إِنَّا نصارى أَخَذْنَا ميثاقهم} الجار والمجرور متعلق بقوله: {أَخَذْنَا} والتقديم للاهتمام، والتقدير: وأخذنا من الذين قالوا إنا نصارى ميثاقهم، أي: في التوحيد والإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما جاء به. قال الأخفش: هو كقولك أخذت من زيد ثوبه ودرهمه، فرتبة {الذين} بعد أخذنا.
وقال الكوفيون بخلافه؛ وقيل إن الضمير في قوله: {ميثاقهم} راجع إلى بني إسرائيل: أي أخذنا من النصارى مثل ميثاق المذكورين قبلهم من بني إسرائيل، وقال: {مِنَ الذين قَالُواْ إِنَّا نصارى} ولم يقل، ومن النصارى، للإيذان بأنهم كاذبون في دعوى النصرانية وأنهم أنصار الله.
قوله: {فَنَسُواْ حَظّاً مّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ} أي: نسوا من الميثاق المأخوذ عليهم نصيباً وافراً عقب أخذه عليهم: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العداوة والبغضاء} أي: ألصقنا ذلك بهم، مأخوذ من الغراء: وهو ما يلصق الشيء بالشيء كالصمغ وشبهه يقال: غرى بالشيء يغري غرياً بفتح الغين مقصوراً، وغراء بكسرها ممدوداً، أي أولع به حتى كأنه صار ملتصقاً به، ومثل الإغراء التحرش، وأغريت الكلب: أي أولعته بالصيد، والمراد بقوله: {بَيْنَهُمْ} اليهود والنصارى؛ لتقدم ذكرهم جميعاً؛ وقيل: بين النصارى خاصة، لأنهم أقرب مذكور، وذلك لأنهم افترقوا إلى اليعقوبية والنسطورية والملكانية، وكفر بعضهم بعضاً، وتظاهروا بالعداوة في ذات بينهم. قال النحاس: وما أحسن ما قيل في معنى: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العداوة والبغضاء}: أن الله عز وجل أمر بعداوة الكفار وإبغاضهم، فكل فرقة مأمورة بعداوة صاحبتها وإبغاضها قوله: {وَسَوْفَ يُنَبّئُهُمُ الله بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} تهديد لهم: أي سيلقون جزاء نقض الميثاق.
وقد أخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله: {وَلَقَدْ أَخَذَ الله ميثاق بَنِى إسراءيل} قال: أخذ مواثيقهم أن يخلصوا له ولا يعبدوا غيره {وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثنى عَشَرَ نَقِيباً} أي: كفيلاً كفلوا عليهم بالوفاء لله بما واثقوه عليه من العهود فيما أمرهم به وفيما نهاهم عنه.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {اثنى عَشَرَ نَقِيباً} قال: من كل سبط من بني إسرائيل رجال أرسلهم موسى إلى الجبارين، فوجدوهم يدخل في كمّ أحدهم اثنان منهم، ولا يحمل عنقود عنبهم إلا خمسة أنفس منهم في خشبة، ويدخل في شطر الرمانة إذا نزع حبها خمسة أنفس أو أربعة، فرجع النقباء كلهم ينهى سبطه عن قتالهم، إلا يوشع بن نون، وكالب بن يافنه، فإنهما أمرا الأسباط بقتال الجبارين، ومجاهدتهم فعصوهما وأطاعوا الآخرين، فهما الرجلان اللذان أنعم الله عليهما، فتاهت بنو إسرائيل أربعين سنة، يصبحون حيث أمسوا، ويمسون حيث أصبحوا في تيههم ذلك، فضرب موسى الحجر لكل سبط عيناً حجراً لهم يحملونه معهم، فقال لهم موسى: اشربوا يا حمير، فنهاه الله عن سبهم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {اثنى عَشَرَ نَقِيباً} قال: هم من بني إسرائيل بعثهم موسى لينظروا إلى المدينة، فجاءوا بحبة من فاكهتهم، وفر رجل، فقال: اقدروا قوّة قوم وبأسهم وهذه فاكهتهم، فعند ذلك فتنوا فقالوا لا نستطيع القتال {فاذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا} [المائدة: 24] وقد ذكر ابن إسحاق أسماء هؤلاء الأسباط، وأسماؤهم مذكورة في السفر الرابع من التوراة، وفيه مخالفة لما ذكره ابن إسحاق.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} قال: أعنتموهم.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} قال: نصرتموهم.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله: {فَبِمَا نَقْضِهِم ميثاقهم} قال: هو ميثاق أخذه الله على أهل التوراة فنقضوه.
وأخرج ابن جرير عنه في قوله: {يُحَرّفُونَ الكلم عَن مواضعه} يعني حدود الله، يقولون إن أمركم محمد بما أنتم عليه فاقبلوه، وإن خالفكم فاحذروا، وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضاً في قوله: {وَنَسُواْ حَظَّا مّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ} قال: نسوا الكتاب.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ على خَائِنَةٍ مّنْهُمْ} قال: هم يهود مثل الذي هموا به من النبي صلى الله عليه وسلم يوم دخل عليهم حائطهم.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في قوله: {وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ على خَائِنَةٍ مّنْهُمْ} قال: كذب وفجور، وفي قوله: {فاعف عَنْهُمْ واصفح} قال: لم يؤمر يومئذ بقتالهم، فأمره الله أن يعفو عنهم ويصفح، ثم نسخ ذلك في براءة فقال: {قاتلوا الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالله وَلاَ باليوم الآخر} الآية [التوبة: 29].
وأخرج أبو عبيد وابن جرير، وابن المنذر عن إبراهيم النخعي في قوله: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ العداوة والبغضاء إلى يَوْمِ القيامة} قال: أغرى بعضهم ببعض بالخصومات والجدال في الدين.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال