سورة المائدة / الآية رقم 19 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَقَالَتِ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ المَصِيرُ يَا أَهْلَ الكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُم بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُم مُّلُوكاً وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِّنَ العَالَمِينَ يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ المُقَدَّسَةَ الَتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ البَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ

المائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَقَدْ أَخَذَ الله ميثاق بَنِي إسراءيل وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثني عَشَرَ نَقِيباً} هو الذي ينقب عن أحوال القوم ويفتش عنها. ولما استقر بنو إسرائيل بمصر بعد هلاك فرعون أمرهم الله بالمسير إلى أريحا أرض الشام وكان يسكنها الكنعانيون الجبابرة وقال لهم: إني كتبتها لكم داراً وقراراً فاخرجوا إليها وجاهدوا من فيها وإني ناصركم، وأمر الله موسى عليه السلام أن يأخذ من كل سبط نقيباً يكون كفيلاً على قومه بالوفاء بما أمروا به توثقة عليهم، فاختار النقباء وأخذ الميثاق على بني إسرائيل وتكفل لهم به النقباء وسار بهم، فلما دنا من أرض كنعان بعث النقباء يتجسسون فرأوا أجراماً عظيمة وقوة وشوكة فهابوا ورجعوا فحدثوا قومهم وقد نهاهم أن يحدثوهم فنكثوا الميثاق إلا كالب بن يوقنا ويوشع بن نون وكانا من النقباء {وَقَالَ الله إِنّى مَعَكُمْ} أي ناصركم ومعينكم. وتقف هنا لابتدائك بالشرط الداخل عليه اللام الموطئة للقسم وهو {لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصلاة وَءَاتَيْتُمُ الزكواة} وكانتا فريضتين عليهم {وَآمَنتُم بِرُسُلِي} من غير تفريق بين أحد منهم {وَعَزَّرْتُمُوهُمْ} وعظمتموهم أو نصرتموهم بأن تردّوا عنهم أعداءهم، والعزر في اللغة الردّ ويقال عزرت فلاناً أي أدّبته يعني فعلت به ما يردعه عن القبيح كذا قاله الزجاج {وَأَقْرَضْتُمُ الله قَرْضاً حَسَناً} بلا مَنٍّ وقيل: هو كل خير. واللام في {لأُِّّكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سيئاتكم} جواب للقسم وهذا الجواب سادّ مسد جواب القسم والشرط جميعاً {وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جنات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنهار فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذلك مِنْكُمْ} أي بعد ذلك الشرط المؤكد المتعلق بالوعد العظيم {فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السبيل} أخطأ طريق الحق، نعم من كفر قبل ذلك فقد ضل سواء السبيل أيضاً ولكن الضلال بعده أظهر وأعظم.
{فَبِمَا نَقْضِهِم ميثاقهم} {ما} مزيد لإفادة تفخيم الأمر {لعناهم} طردناهم وأخرجناهم من رحمتنا أو مسخناهم أو ضربنا عليهم الجزية {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} يابسة لا رحمة فيها ولا لين. {قسيّة}: حمزة وعلي أي رديئة من قولهم: (درهم قسي) أي رديء {يُحَرِّفُونَ الكلم عَن مواضعه} يفسرونه على غير ما أنزل وهو بيان لقسوة قلوبهم لأنه لا قسوة أشد من الافتراء على الله وتغيير وحيه {وَنَسُواْ حَظَّا} وتركوا نصيباً جزيلاً وقسطاً وافياً {مّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ} من التوراة يعني أن تركهم وإعراضهم عن التوراة إغفال حظ عظيم، أو قست قلوبهم وفسدت فحرفوا التوراة وزلت أشياء منها عن حفظهم. عن ابن مسعود رضي الله عنه: قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية وتلا هذه الآية. وقيل: تركوا نصيب أنفسهم مما أمروا به من الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبيان نعته {وَلاَ تَزَالُ} يا محمد {تَطَّلِعُ على خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ} أي هذه عادتهم وكان عليها أسلافهم، كانوا يخونون الرسل وهؤلاء يخونونك ويهمون بالفتك بك، وقوله {على خائنة} أي على خيانة أو على فعلة ذات خيانة أو على نفس أو فرقة خائنة، ويقال: (رجل خائنة) كقولهم (رجل راوية للشعر) للمبالغة.
{إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ} وهم الذين آمنوا منهم {فاعف عَنْهُمْ} بعث على مخالفتهم، أو فاعف عن مؤمنيهم ولا تؤاخذهم بما سلف منهم {واصفح إِنَّ الله يُحِبُّ المحسنين} و{من} في قوله:
{وَمِنَ الذين قَالُواْ إِنَّا نصارى أَخَذْنَا ميثاقهم} وهو الإيمان بالله والرسل وأفعال الخير يتعلق بأخذنا أي وأخذنا من الذين قالوا إنا نصارى ميثاقهم، فقدم على الفعل الجار والمجرور وفصل بين الفعل والواو بالجار والمجرور. وإنما لم يقل (من النصارى) لأنهم إنما سموا أنفسهم بذلك ادعاء لنصر الله وهم الذين قالوا لعيسى: نحن أنصار الله. ثم اختلفوا بعد نسطورية ويعقوبية وملكانية أنصاراً للشيطان {فَنَسُواْ حَظّاً مِّمَّا ذُكِرُواْ بِهِ فَأَغْرَيْنَا} فألصقنا وألزمنا من غرى بالشيء إذا لزمه ولصق به ومنه الغراء الذي يلصق به {بَيْنَهُمْ} بين فرق النصارى المختلفين {العداوة والبغضاء إلى يَوْمِ القيامة} بالأهواء المختلفة {وَسَوْفَ يُنَبّئُهُمُ الله بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ} أي في القيامة بالجزاء والعقاب.
{ياأهل الكتاب} خطاب لليهود والنصارى، والكتاب للجنس {قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا} محمد عليه السلام {يُبَيّنُ لَكُمْ كَثِيراً مّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الكتاب} من نحو صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن نحو الرجم {وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ} مما تخفونه لا يبينه أو يعفو عن كثير منكم لان يؤاخذه {قَدْ جَاءَكُمْ مِّنَ الله نُورٌ وكتاب مُّبِينٌ} يريد القرآن لكشفه ظلمات الشرك والشك ولإبانته ما كان خافياً على الناس من الحق، أو لأنه ظاهر الإعجاز، أو النور محمد عليه السلام لأنه يهتدى به كما سمي سراجاً {يَهْدِي بِهِ الله} أي بالقرآن {مَنِ اتبع رِضْوَانَهُ} من آمن منهم {سُبُلَ السلام} طرق السلامة والنجاة من عذاب الله أو سبل الله فالسلام السلامة أو الله {وَيُخْرِجُهُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور} من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام {بِإِذْنِهِ} بإرادته وتوفيقه {وَيَهْدِيهِمْ إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ * لَّقَدْ كَفَرَ الذين قَالُواْ إِنَّ الله هُوَ المسيح ابن مَرْيَمَ} معناه بت القول على أن الله هو المسيح لا غير. قيل: كان في النصارى قوم يقولون ذلك، أو لأن مذهبهم يؤدي إليه حيث إنهم اعتقدوا أنه يخلق ويحيي ويميت {قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ الله شَيْئاً} فمن يمنع من قدرته ومشيئته شيئاً {إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ المسيح ابن مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأرض جَمِيعاً} أي إن أراد أن يهلك من دعوه إلهاً من المسيح وأمه يعني أن المسيح عبد مخلوق كسائر العباد.
وعطف {من في الأرض جميعاً} على (المسيح وأمه) إبانة أنهما من جنسهم لا تفاوت بينهما وبينهم، والمعنى أن من اشتمل عليه رحم الأمومية متى يفارقه نقص البشرية، ومن لاحت عليه شواهد الحدثية أنى يليق به نعت الربوبية، ولو قطع البقاء عن جميع ما أوجد لم يعد نقص إلى الصمدية.
{وَلِلَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ} أي يخلق من ذكر وأنثى ويخلق من أنثى بلا ذكر كما خلق عيسى، ويخلق من ذكر من غير أنثى كما خلق حواء من آدم، ويخلق من غير ذكر وأنثى كما خلق آدم، أو يخلق ما يشاء كخلق الطير على يد عيسى معجزة له فلا اعتراض عليه لأنه الفعال لما يريد {والله على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَقَالَتِ اليهود والنصارى نَحْنُ أَبْنَاءُ الله وَأَحِبَّاؤُهُ} أي أعزة عليه كالابن على الأب، أو أشياع ابني الله عزير والمسيح كما قيل لأشياع أبي خبيب وهو عبد الله بن الزبير الخبيبيون، وكما كان يقول رهط مسيلمة نحن أبناء الله ويقول أقرباء الملك وحشمه نحن أبناء الملوك أو نحن أبناء رسل الله {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم} أي فإن صح أنكم أبناء الله وأحباؤه فلم تعذبون بذنوبكم بالمسخ والنار أياماً معدودة على زعمكم، وهل يمسخ الأب ولده وهل يعذب الولد ولده بالنار؟ ثم قال رداً عليهم {بَلْ أَنتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ} أي أنتم خلق من خلقه لا بنوه {يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ} لمن تاب عن الكفر فضلاً {وَيُعَذّبُ مَن يَشَاءُ} من مات عليه عدلاً {وَلِلَّهِ مُلْكُ السماوات والأرض وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ المصير} فيه تنبيه على عبودية المسيح لأن الملك والبنوة متنافيان.
{ياأهل الكتاب قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا} محمد عليه السلام {يُبَيِّنُ لَكُمْ} أي الشرائع وحذف لظهوره، أو ما كنتم تخفون وحذف لتقدم ذكره أو لا يقدر المبين ويكون المعنى يبذل لكم البيان وهو حال أي مبيناً لكم {على فَتْرَةٍ مَّنَ الرسل} متعلق ب {جاءكم} أي جاءكم على حين فتور من إرسال الرسل وانقطاع من الوحي، وكان بين عيسى ومحمد عليهما السلام ستمائة سنة أو خمسمائة سنة وستون سنة {أَن تَقُولُواْ} كراهة أن تقولوا {مَا جَاءَنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ} والفاء في {فَقَدْ جَاءَكُمْ} متعلق بمحذوف أي لا تعتذروا فقد جاءكم {بَشِيرٌ} للمؤمنين {وَنَذِيرٌ} للكافرين، والمعنى الامتنان عليهم بأن الرسول بعث إليهم حتى انطمست آثار الوحي أحوج ما يكونون إليه ليهشوا إليه ويعدوه أعظم نعمة من الله وتلزمهم الحجة فلا يعتلوا غداً بأنه لم يرسل إليهم من ينبههم من غفلتهم {والله على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} فكان قادراً على إرسال محمد عليه السلام ضرورة.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال