سورة المائدة / الآية رقم 27 / تفسير تفسير ابن عجيبة / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ قَالَ رَبِّ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ القَوْمِ الفَاسِقِينَ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى القَوْمِ الفَاسِقِينَ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ العَالَمِينَ إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الخَاسِرِينَ فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ

المائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قلت: الضمير في {عليهم}: لبني إسرائيل؛ لتقدم شأنهم، ولاختصاصهم بعلم قصة بني ابني آدم، ولإقامة الحجة عليهم بهمهم ببسط اليد إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
يقول الحقّ جلّ جلاله: {واتل عليهم} أي: على بني إسرائيل؛ إذ الكلام كان معهم، أو على جميع الأمة، أو على جميع الناس، إذ هو أول الكلام على بقية حفظ الأبدان {نبأ ابني آدم} وهو قابيل وهابيل {بالحق} أي: تلاوة ملتبسة بالحق، أو نبأ ملتبسًا بالحق موافقًا لما في كتب الأوائل.
{إذ قرّبا قربانًا فتُقبل من أحدهما} وهو هابيل، {ولم يتُقبل من الآخر} وهو قابيل، وسبب تقريبهما القربان أن آدم عليه السلام كان يُولد له من حواء توأمان في كل بطن: غلام وجارية، إلا شيتًا، فإنه ولد منفردًا، وكان جميع ما ولدته حواء أربعين، بين ذكر وأنثى، في عشرين بطنًا، أولهم قابيل، وتوأمته أقليما، وآخرهم عبد المغيث، ثم بارك الله في نسل آدم. قال ابن عباس: لم يمت آدم حتى بلغ ولده، وولد ولده، أربعين ألفًا، ورأى فيهم الزنا وشُرب الخمر والفساد، وكان غشيان آدم لحواء بعد مهبطهما إلى الأرض، وقال ابن إسحق عن بعض العلماء بالكتاب الأول: إن آدم كان يغشى حواء في الجنة، قبل أن يصيب الخطيئة، فحملت في الجنة بقابيل وتوأمته، ولم تجد عليهما وحمًا ولا غيره، وحملت في الأرض بهابيل وتوأمته، فوجدت عليهما الرحم والوصب والطلق والدم.
وكان آدم إذا كبر ولده يزوج غلام هذا البطن بجارية بطن آخر، فكان الرجل يتزوج أيّ أخواته شاء إلا تَوأمَته، لأنه لم يكن نساء يومئٍذ، فأمر الله تعالى آدم أن يزوج قابيل لَودَاء توأمة هابيل، وينكح هابيل أقليما أخت قابيل، وكانت أحسن الناس، فرضي هابيل وسخط قابيل، وقال: أختي أحسن، وهي من ولادة الجنة، وأنا أحق بها، فقال له أبوه: لا تحل لك، فأبى، فقال لهما آدم: قربًا وقربانًا، فأيكما قُبل قربانه فهو أحق بها.
وكان قابيل صاحب زرع، فقرَّب حِملاً من زرع رديء، وأضمر في نفسه: لا أُبالي قُبل أو لا، لا يتزوج أختي أبدًا، وكان هابيل صاحب غنم، فقرّب أحسن كبش عنده، وأضمر في نفسه الرضا لله تعالى، وكانت العادة حينئٍذ أن تنزل نارٌ من السماء فتأكل القربان المقبول، وإن لم يقبل لم تنزل، فنزلت نار من السماء فأكلت قربان هابيل، وتركت قربان قابيل، فحسده، وقال له: {لأقتلنك}، حسدًا على تقبل قربانه دونه، فقال له أخوه: {إنما يتقبل الله من المتقين} الكفر، أي: إنما أُوتيت من قبل نفسك بترك التقوى، لا من قِبلي، فِلمَ تقتلني؟
قال البيضاوي: وفيه إشارة إلى أن الحاسد ينبغي أن يرى حرمانه من تقصيره، ويجتهد في تحصيل ما به صار المحسود محظوظًا، لا في إزالة حظه، فإن ذلك مما يضره ولا ينفعه، وأن الطاعة لا تقبل إلا من مؤمن متقي. اهـ.
وفيه نظر: فإن تقوى المعاصي ليست شرطًا في قبول الأعمال بإجماع أهل السنة، إلا أن يحمل على تقوى الرياء والعجب. انظر الحاشية.
ثم قال له أخوه هابيل: {لئن بسطت إليَّ يدك لتقتلني ما أنا بباسطٍ يَدِيَ إليك لأقتلك إني أخاف الله ربّ العالمين} أي: لئن بدأتني بالقتل لم أبدأك به، أو لم أدفعك عني، وهل تركه للدفع تورع، وهو الظاهر أو كان واجبًا عندهم، وهو قول مجاهد؟ وأما في شرعنا: فيجوز الدفع، بل يجب، قاله ابن جزي. وقال البيضاوي: قيل: كان هابيل أقوى منه، فتحرج عن قتله، واستسلم له خوفًا من الله، لأن الدفع لم يُبح بعدُ، أو تحريًا لِمَا هو الأفضل. قال صلى الله عليه وسلم: «كُن عبدَ الله المقتُول، ولا تكُن عبدَ الله القاتل» وإنما قال: {ما أنا بباسط} في جواب {لئن بسطت}؛ للتبري من هذا الفعل الشنيع، والتحرز من أن يوصف به، ولذلك أكد النفي بالباء. اهـ.
ثم قال له هابيل: {إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار} أي: إني أريد بالاستسلام وعدم الدفع أن تنقلب إلى الله ملتبسًا بإثمي، أي: حاملاً لإثمي لو بسطت إليك يدي، وإثمك ببسطك بيدك إليّ، ونحوه قوله صلى الله عليه وسلم: «المُستَبَّان ما قَالاَ فَعَلى البادِىء منهما مَا لَم يَعتَدِ المَظلُومُ» أو بإثم قتلى وبإثمك الذي لم يتقبل من أجله قربانك، أو بسائر ذنوبي فتحملها عني بسبب قتلك لي؛ فإن الظالم يجعل عليه يوم القيامة ذنوب المظلوم ثم يطرح في النار، ولذلك قال: {وذلك جزاء الظالمين}، يحتمل أن يكون من كلام هابيل، أو استئناف من كلام الله تعالى، أي: جزاؤهم يوم القيامة أن يحملوا أوزار المظلومين، ثم يطرحون في النار، كما في حديث المفلس.
ولم يرد هابيل بقوله: {إني أريد}، أنه يُحب معصية أخيه وشقاوته، بل قصد بذلك الكلام أنه إن كان القتل لا محالة واقعًا فأريد أن يكون لك لا لي، والمقصود بالذات: ألا يكون له، لا أن يكون لأخيه. ويجوز أن يكون المراد بالإثم عقوبته. وإرادة عقاب العاصي جائزة. قاله البيضاوي.
{فطوّعت له نفسه قتل أخيه} أي: سهلت له ووسِعته ولم تضق منه، أو طاوعته عليه وزينته له، {فَقتله فأصبح من الخاسرين} دينًا ودنيا، فبقي مدة عمره مطرودًا محزونًا. قال السدي: لما قصد قابيلُ قتل هابيل، راغ هابيل في رؤوس الجبال، ثم أتاه يومًا من الأيام، فوجده نائمًا فشدخ رأسه بصخرة فمات، وقال ابن جريج: لم يدر قابيل كيف يقتل هابيل؟ فتمثل له إبليس، وأخذ طيرًا فوضع رأسه على حجر، ثم شدخه بحجر آخر، وقابيل ينظر، فعلمه القتل، فوضع رأس أخيه على حجر ثم شدخه بحجر آخر.
وكان لهابيل يوم قتل عشرون سنة، وقبره قيل: عند عقبة حراء، وقال ابن عباس: عند ثور وقال جعفر الصادق: بالبصرة، في موضع المسجد الأعظم.
الإشارة: قد تضمنت هذه الآية من طريق الإشارة ثلاث خصال، يجب التحقق بها على كل مؤمن متوجه إلى الله تعالى: أولها: التطهير من رذيلة الحسد، لاذي هو أول معصية ظهرت في السماء والأرض، وقد تقدم الكلام عليه في النساء، الثانية: التطهير من الشرك الجلي والخفي، والتغلغل في التبري من الذنوب التي توجب عدم قبول الإعمال، ويتحصل ذلك بتحقيق الإخلاص، والثالثة: عدم الانتصار للنفس والدفع عنها إلا فيما وجب شرعًا، فقد قالوا: (الصوفي دمه هدر، وماله مباح)؛ فلا ينتصر لنفسه ولو بالدعاء، فإما أن يسكت، أو يدعوا لظالمه بالرحمة والهداية، حتى يأخذ الله بيده اقتداء برسوله صلى الله عليه وسلم، حيث قال «اللهم اعفِر لِقَومي فَإنَّهُم لا يَعلَمُونَ».




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال