سورة المائدة / الآية رقم 48 / تفسير تفسير الرازي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الإِنجِيلِ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ

المائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)}
ثم قال تعالى: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب بالحق مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكتاب} وهذا خطاب مع محمد صلى الله عليه وسلم، فقوله: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب بالحق} أي القرآن، وقوله: {مُصَدّقاً لّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الكتاب} أي كل كتاب نزل من السماء سوى القرآن.
وقوله: {وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} فيه مسائل:
المسألة الأولى: في المهيمن قولان: الأول: قال الخليل وأبو عبيدة: يقال قد هيمن إذا كان رقيباً على الشيء وشاهداً عليه حافظاً.
قال حسّان:
إن الكتاب مهيمن لنبينا *** والحق يعرفه ذوو الألباب
والثاني: قالوا: الأصل في قولنا: آمن يؤمن فهو مؤمن، أأمن يؤامن فهو مؤامن بهمزتين، ثم قلبت الأولى هاء كما في: هرقت وأرقت، وهياك وإياك، وقلبت الثانية ياء فصار مهيمناً فلهذا قال المفسرون {وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} أي أميناً على الكتب التي قبله.
المسألة الثانية: إنما كان القرآن مهيمناً على الكتب لأنه الكتاب الذي لا يصير مسنوخاً ألبتة، ولا يتطرق إليه البتديل والتحريف على ما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون} [الحجر: 9] وإذا كان كذلك كانت شهادة القرآن على أن التوراة والإنجيل والزبور حق صدق باقية أبداً، فكانت حقيقة هذه الكتب معلومة أبداً.
المسألة الثالثة: قال صاحب الكشاف قرئ {وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ} بفتح الميم لأنه مشهود عليه من عند الله تعالى: بأن يصونه عن التحريف والتبديل لما قررنا من الآيات، ولقوله: {لاَّ يَأْتِيهِ الباطل مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ} [فصلت: 42] والمهيمن عليه هو الله تعالى.
ثم قال تعالى: {فاحكم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ الله} يعني فاحكم بين اليهود بالقرآن والوحي الذي نزله الله تعالى عليك.
{وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الحق} وفيه مسائل:
المسألة الأولى: {وَلاَ تَتَّبِعِ} يريد ولا تنحرف، ولذلك عداه بعن، كأنه قيل: ولا تنحرف عما جاءك من الحق متبعاً أهواءهم.
المسألة الثانية: روي أن جماعة من اليهود قالوا: تعالوا نذهب إلى محمد صلى الله عليه وسلم لعلنا نفتنه عن دينه، ثم دخلوا عليه وقالوا: يا محمد قد عرفت أنا أحبار اليهود وأشرافهم، وإنا إن اتبعناك اتبعك كل اليهود، وإن بيننا وبين خصومنا حكومة فنحاكمهم إليك، فاقض لنا ونحن نؤمن بك، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
المسألة الثالثة: تمسك من طعن في عصمة الأنبياء بهذه الآية وقال: لولا جواز المعصية عليهم وإلا لما قال: {وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الحق}.
والجواب: أن ذلك مقدور له ولكن لا يفعله لمكان النهي. وقيل: الخطاب له والمراد غيره.
ثم قال تعالى: {لِكُلّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً ومنهاجا} وفيه مسائل:
المسألة الأولى: لفظ (الشرعة): في اشتقاقه وجهان:
الأول: معنى شرع بين وأوضح.
قال ابن السكيت: لفظ الشرع مصدر: شرعت الإهاب، إذا شققته وسلخته.
الثاني: شرع مأخوذ من الشروع في الشيء وهو الدخول فيه، والشريعة في كلام العرب المشرعة التي يشرعها الناس فيشربون منها، فالشريعة فعيلة بمعنى المعفولة، وهي الأشياء التي أوجب الله تعالى على المكلفين أن يشرعوا فيها، وأما المنهاج فهو الطريق الواضح، يقال: نهجب لك الطريق وأنهجب لغتان.
المسألة الثانية: احتج أكثر العلماء بهذه الآية على أن شرع من قبلنا لا يلزمنا، لأن قوله: {لِكُلّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً ومنهاجا} يدل على أنه يجب أن يكون كل رسول مستقلاً بشريعة خاصة، وذلك ينفي كون أمة أحد الرسل مكلفة بشريعة الرسول الآخر.
المسألة الثالثة: وردت آيات دالة على عدم التباين في طريقة الأنبياء والرسل، وآيات دالة على حصول التباين فيها.
أما النوع الأول: فقوله: {شَرَعَ لَكُم مّنَ الدين مَا وصى بِهِ نُوحاً} [الشورى: 13] إلى قوله: {أَنْ أَقِيمُواْ الدين وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ فِيهِ} [الشورى: 13] وقال: {أُوْلَئِكَ الذين هَدَى الله فَبِهُدَاهُمُ اقتده} [الأنعام: 90].
وأما النوع الثاني: فهو هذه الآية، وطريق الجمع أن نقول: النوع الأول من الآيات مصروف إلى ما يتعلق بأصول الدين، والنوع الثاني مصروف إلى ما يتعلق بفروع الدين.
المسألة الرابعة: الخطاب في قوله: {لِكُلّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً ومنهاجا} خطاب للأمم الثلاث: أمة موسى، وأمة عيسى، وأمة محمد عليهم السلام، بدليل أن ذكر هؤلاء الثلاثة قد تقدم في قوله: {إِنَّا أَنزَلْنَا التوراة فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} [المائدة: 44] ثم قال: {وَقَفَّيْنَا على ءاثارهم بِعَيسَى ابن مَرْيَمَ} [المائدة: 46] ثم قال: {وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكتاب} [المائدة: 48].
ثم قال: {لِكُلّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً ومنهاجا} يعني شرائع مختلفة: للتوراة شريعة، وللإنجيل شريعة، وللقرآن شريعة.
المسألة الخامسة: قال بعضهم: الشرعة والمنهاج عبارتان عن معنى واحد، والتكرير للتأكيد والمراد بهما الدين.
وقال آخرون: بينهما فرق، فالشرعة عبارة عن مطلق الشريعة، والطريقة عبارة عن مكارم الشريعة، وهي المراد بالمنهاج، فالشريعة أول، والطريقة رخر.
وقال المبرد: الشريعة ابتداء الطريقة، والطريقة المنهاج المستمر، وهذا تقرير ما قلناه. والله أعلم بأسرار كلامه.
ثم قال تعالى: {وَلَوْ شَاء الله لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحدة} أي جماعة متفقة على شريعة واحدة، أو ذوي أمة واحدة، أي دين واحد لا اختلاف فيه.
قال الأصحاب: هذا يدل على أن الكل بمشيئة الله تعالى والمعتزلة حملوه على مشيئة الالجاء.
ثم قال تعالى: {ولكن لّيَبْلُوَكُمْ فِيمَا ءاتاكم} من الشرائع المختلفة، هل تعملون بها منقادين لله خاضعين لتكاليف الله، أم تتبعون الشبه وتقصرون في العمل.
{فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ} أي فابتدروها وسابقوا نحوها.
{إلى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً} استئناف في معنى التعليل لاستباق الخيرات.
{فَيُنَبّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} فيخبركم بما لا تشكون معه من الجزاء الفاصل بين محقكم ومبطلكم، وموفيكم ومقصركم في العمل، والمراد أن الأمر سيؤول إلى ما يزول معه الكشوك ويحصل مع اليقين، وذلك عند مجازاة المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال