سورة المائدة / الآية رقم 67 / تفسير في ظلال القرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي القَوْمَ الكَافِرِينَ قُلْ يَا أَهْلَ الكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً فَلاَ تَأْسَ عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُهُمْ فَرِيقاً كَذَّبُوا وَفَرِيقاً يَقْتُلُونَ

المائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدةالمائدة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


يمضي هذا الدرس في بيان حال أهل الكتاب- من اليهود والنصارى- وكشف الانحراف فيما يعتقدون، وكشف السوء فيما يصنعون؛ في تاريخهم كله- وبخاصة اليهود- كما يمضي في تقرير نوع العلاقة بينهم وبين الرسول صلى الله عليه وسلم والجماعة المسلمة؛ وواجب الرسول صلى الله عليه وسلم في تعامله معهم وواجب المسلمين.. ذلك إلى تقرير حقائق أساسية ضخمة في أصول التصور الاعتقادي؛ وفي أصول النشاط الحركي للجماعة المسلمة، تجاه المعتقدات المنحرفة وتجاه المنحرفين.
لقد نادى الله- سبحانه- الرسول صلى الله عليه وسلم وكلفه تبليغ ما أنزل إليه من ربه.. كل ما أنزل إليه.. لا يستبقي منه شيئاً، ولا يؤخر منه شيئاً مراعاة للظروف والملابسات، أو تجنباً للاصطدام بأهواء الناس. وواقع المجتمع.. وإن لم يفعل فما يكون قد بلغ..
ومن هذا الذي كلف الرسول صلى الله عليه وسلم تبليغه أن يجابه أهل الكتاب بأنهم ليسوا على شيء حتى يقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم.. هكذا قاطعة جازمة صريحة جاهرة.. وأن يعلن كذلك كفر اليهود بنقضهم الميثاق وقتلهم الأنبياء، وكفر النصارى بقولهم: إن الله هو المسيح عيسى بن مريم، وقولهم: إن الله ثالث ثلاثة. كما يعلن أن المسيح- عليه السلام- أنذر بني إسرائيل عاقبة الشرك، وتحريم الله الجنة على المشركين.. وأن بني إسرائيل لعنوا على لسان داود وعيسى بن مريم بعصيانهم وعدوانهم.
وينتهي الدرس بكشف موقف أهل الكتاب من مظاهرة المشركين على المسلمين. وإعلان أن هذا ناشئ من عدم إيمانهم بالله والنبي. وأنهم مدعوون إلى الإيمان بما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم وإلا فما هم بالمؤمنين..
ونأخذ بعد هذا الإجمال في مواجهة النصوص بالتفصيل:
{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك، وإن لم تفعل فما بلغت رسالته، والله يعصمك من الناس. إن الله لا يهدي القوم الكافرين.. قل: يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم. وليزيدن كثيراً منهم ما أنزل إليك من ربك طغياناً وكفراً، فلا تأس على القوم الكافرين. إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى.. من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً، فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}..
إنه الأمر الجازم الحاسم للرسول صلى الله عليه وسلم أن يبلغ ما أنزل إليه من ربه كاملاً، وألا يجعل لأي اعتبار من الاعتبارات حساباً وهو يصدع بكلمة الحق.. هذا، وإلا فما بلغ وما أدّى وما قام بواجب الرسالة.. والله يتولى حمايته وعصمته من الناس، ومن كان الله له عاصماً فماذا يملك له العباد المهازيل!
إن كلمة الحق في العقيدة لا ينبغي أن تجمجم! إنها يجب أن تبلغ كاملة فاصلة؛ وليقل من شاء من المعارضين لها كيف شاء؛ وليفعل من شاء من أعدائها ما يفعل؛ فإن كلمة الحق في العقيدة لا تملق الأهواء؛ ولا تراعي مواقع الرغبات؛ إنما تراعي أن تصدع حتى تصل إلى القلوب في قوة وفي نفاذ.
وكلمة الحق في العقيدة حين تصدع تصل إلى مكامن القلوب التي يكمن فيها الاستعداد للهدى.. وحين تجمجم لا تلين لها القلوب التي لا استعداد فيها للإيمان؛ وهي القلوب التي قد يطمع صاحب الدعوة في أن تستجيب له لو داهنها في بعض الحقيقة!
{إن الله لا يهدي القوم الكافرين}..
وإذن فلتكن كلمة الحق حاسمة فاصلة كاملة شاملة.. والهدى والضلال إنما مناطهما استعداد القلوب وتفتحها، لا المداهنة ولا الملاطفة على حساب كلمة الحق أو في كلمة الحق!
إن القوة والحسم في إلقاء كلمة الحق في العقيدة، لا يعني الخشونة والفظاظة؛ فقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة- وليس هنالك تعارض ولا اختلاف بين التوجيهات القرآنية المتعددة- والحكمة والموعظة الحسنة لا تجافيان الحسم والفصل في بيان كلمة الحق. فالوسيلة والطريقة إلى التبليغ شيء غير مادة التبليغ وموضوعه. والمطلوب هو عدم المداهنة في بيان كلمة الحق كاملة في العقيدة، وعدم اللقاء في منتصف الطريق في الحقيقة ذاتها. فالحقيقة الاعتقادية ليس فيها أنصاف حلول.. ومنذ الأيام الأولى للدعوة كان الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو بالحكمة والموعظة الحسنة في طريقة التبليغ، وكان يفاصل مفاصلة كاملة في العقيدة، فكان مأموراً أن يقول: {يا أيها الكافرون: لا أعبد ما تعبدون..} فيصفهم بصفتهم؛ ويفاصلهم في الأمر، ولا يقبل أنصاف الحلول التي يعرضونها عليه، ولا يدهن فيدهنون، كما يودون! ولا يقول لهم: إنه لا يطلب إليهم إلا تعديلات خفيفة فيما هم عليه، بل يقول لهم: إنهم على الباطل المحض، وإنه على الحق الكامل.. فيصدع بكلمة الحق عالية كاملة فاصلة، في أسلوب لا خشونة فيه ولا فظاظة..
وهذا النداء، وهذا التكليف، في هذه السورة:
{يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك- وإن لم تفعل فما بلغت رسالته- والله يعصمك من الناس.. إن الله لا يهدي القوم الكافرين}..
يبدو من السياق- قبل هذا النداء وبعده- أن المقصود به مباشرة هو مواجهة أهل الكتاب بحقيقة ما هم عليه، وبحقيقة صفتهم التي يستحقونها بما هم عليه.. ومواجهتهم بأنهم ليسوا على شيء.. ليسوا على شيء من الدين ولا العقيدة ولا الإيمان.. ذلك أنهم لا يقيمون التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم.
ومن ثم فلا شيء مما يدعونه لأنفسهم من أنهم أهل كتاب وأصحاب عقيدة وأتباع دين:
{قل: يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم..}.
وحينما كلف الرسول صلى الله عليه وسلم أن يواجههم بأنهم ليسوا على شيء من الدين والعقيدة والإيمان.. بل ليسوا على شيء أصلاً يرتكن عليه!




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال