سورة الأنعام / الآية رقم 6 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ

الأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعام




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آَخَرِينَ (6)}
{أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مّن قَرْنٍ} استئناف مسوق لتعيين ما هو المراد بما تقدم، وقيل: شروع في توبيخهم ببذل النصح لهم والأول أظهر. والرؤية عرفانية، وقيل: بصرية، والمراد في أسفارهم وليس بشيء. وهي على التقديرين تستدعي مفعولًا واحدًا. و{كَمْ} استفهامية كانت أو خبرية معلقة لها عن العمل مفيدة للتكثير سادة مع ما في حيزها مسد مفعولها، وهي منصوبة بأهلكنا على المفعولية، وهي عبارة عن الأشخاص، وقيل: إن الرؤية علمية تستدعي مفعولين والجملة سادة مسدهما. و{مّن قَرْنٍ} مميز لكم على أنه عبارة عن أهل عصر من الأعصار سموا بذلك لاقترانهم مدة من الزمان فهو من قرنت. واختلف في مقدار تلك المدة فقيل: مائة وعشرون سنة، وقيل: مائة، وقيل: ثمانون، وقيل: سبعون، وقيل: ستون، وقيل: ثلاثون، وقيل: عشرون، وقيل: مقدار الأوسط في أعمار أهل كل زمان. ولما كان هذا لا ضابط له يضبط قال الزجاج: إنه عبارة عن أهل عصر فيهم نبي أو فائق في العلم على ما جرت به عادة الله تعالى. ويحتمل أن يعتبر ذلك مائة سنة لما ورد أن الله تعالى قيض لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها. وقيل: هو عبارة عن مدة من الزمان اختلف فيها على طرز ما تقدم. واختار بعضهم أنه حقيقة في الزمان المعين وفي أهله. والمراد به هنا الأهل من غير تجشم تقدير مضاف أو ارتكاب تجوز. وجوز بعضهم انتصاب {كَمْ} على المصدرية بأهلكنا عنى إهلاك أو على الظرفية عنى أزمنة وهو تكلف. ومن الأولى ابتدائية متعلقة بأهلكنا. وهمزة الإنكار لتقرير الرؤية. والمعنى ألم يعرف هؤلاء المكذبون المستهزئون عاينة الآثار وتواتر الأخبار كم أمة أهلكنا من قبل خلقهم أو من قبل زمانهم كقوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وأضرابهم فالكلام على حذف مضاف وإقامة المضاف إليه مقامه.
وقوله تعالى: {مكناهم فِى الارض} استئناف بياني كأنه قيل ما كان حالهم؟، وقال أبو البقاء: إنه في موضع جر صفة {قَرْنٍ} لأن الجمل بعد النكرات صفات لاحتياجها إلى التخصيص. وجمع الضمير باعتبار معناه. وتعقبه مولانا شيخ الإسلام بأن تنوينه التفخيمي مغن له عن استدعاء الصفة، على أن ذلك مع اقتضائه أن يكون مضمونه ومضمون ما عطف عليه من الجمل الأربع أمرًا مفروغًا عنه غير مقصود لسياق النظم مؤد إلى اختلاف النظم الكريم، كيف لا والمعنى حينئذ: ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن موصوفين بكذا وكذا وبإهلاكنا لهم بذنوبهم وأنه بين الفساد انتهى. ولا يخفى أن التنوين التفخيمي لا يأبى الوصف. وما ورد فيه ذلك من النكرات أكثر من أن يحصى، وأما ما ذكره بعد فقد قال الشهاب: إنه غفلة منه أو تغافل عن تفسيرهم {فأهلكناهم} إلخ الآتي بقولهم لم يغن ذلك عنهم شيئًا.
وتمكين الشيء في الأرض على ما قيل جعله قارًا فيها. ولما لزم ذلك جعلها مقرًا له ورد الاستعمال بكل منهما فقيل تارة مكنه في الأرض ومنه قوله تعالى: {وَلَقَدْ مكناهم فِيمَا إِن مكناكم فِيهِ} [الأحقاق: 26] وأخرى مكن له في الأرض ومنه قوله تعالى: {إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِى الارض} [الكهف: 84] حتى أجرى كل منهما مجرى الآخر ومنه قوله تعالى: {مَا لَمْ نُمَكّن لَّكُمْ} بعدما تقدم كأنه قيل في الأول: مكنا لهم وفي الثاني: ما لم نمكنكم.
وفي «التاج» أن مكنته ومكنت له مثل نصحته ونصحت له. وقال أبو علي: اللام زائدة مثل {رَدِفَ لَكُم} [النمل: 72]. وكلام الراغب في مفرداته يؤيده. وذكر بعض المحققين أن مكنه أبلغ من مكن له، ولذلك خص المتقدم بالمتقدمين والمتأخر بالمتأخرين و{مَا} إما موصولة صفة لمحذوف تقديره التمكين الذي لم نمكنه لكم أو نكرة موصوفة أي تمكينًا لم نمكنه. وعليهما فهي مفعول مطلق والعائد إليها من الصلة أو الصفة محذوف، وقيل: إنها مفعول به لأن المراد من التمكين الإعطاء كما يشير إليه ما روي عن قتادة أي أعطيناهم ما تمكنوا به من أنواع التصرف ما لم نعطكم. وقيل: إنها مصدرية ظرفية أي مدة عدم تمكينكم ولا يخفى بعده والخطاب للكفرة. وقيل: لجميع الناس. وقيل: للمؤمنين. والظاهر الأول والالتفات لما في مواجهتهم بضعف حالهم من التبكيت ما لا يخفى. وقيل: ليتضح مرجع الضميرين ولا يشتبه من أول الأمر، وهي نكتة في الالتفات لم يعرج عليها أهل المعاني.
{وَأَرْسَلْنَا السماء} أي المطر كما روي عن هارون التيمي، ونسب إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أيضًا. وقيل: السحاب واستعمالها في ذلك مجاز مرسل. وقيل: هي على حقيقتها عنى المظلة والمجاز في إسناد الإرسال إليها لأن المرسل ماء المطر وهي مبدأ له، وفيه من المبالغة ما لا يخفى. «والإرسال والإنزال كما في البحر متقاربان في المعنى لأن اشتقاقه من رسل اللبن وهو ما ينزل من الضرع متتابعًا» {عَلَيْهِم مَّدْرَارًا} أي غزيرًا كثير الصب، وهو صيغة مبالغة يستوي فيه المذكر والمؤنث، وهو حال من السماء والظرف متعلق بأرسلنا {وَجَعَلْنَا الانهار} أي صيرناها {تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ} أي من تحت مساكنهم. والمراد أنهم عاشوا في الخصب والريف بين الأنهار والثمار. والجملة في موضع المفعول الثاني لجعلنا. ولم يقل سبحانه: أجرينا الأنهار كما قال عز شأنه: {أَرْسَلْنَا السماء} للإيذان بكونها مسخرة مستمرة الجريان لا لأن النهر لا يكون إلا جاريًا فلا يفيد الكلام لأن النظم حينئذ ناظر إلى كونها من تحتهم فالفائدة ظاهرة، ولو كان ما ذكر صحيحًا لما ورد في النظم الكريم كقوله تعالى: {تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانهار} [المائدة: 119] واستظهر كون الجعل عنى الإنشاء والإيجاد وهو مخصوص به تعالى فلذا غير الأسلوب، وعليه فالجملة في موضع الحال من المفعول. وليس المراد على ما قيل بتعداد هاتيك النعم العظام الفائضة عليهم بعد ذكر تمكينهم بيان عظم جنايتهم في كفرانها واستحقاقهم بذلك لأعظم العقوبات بل بيان حيازتهم لجميع أسباب نيل المآرب ومبادىء الأمن من المكاره والمعاطب وعدم إغناء ذلك عنهم شيئًا. وينبىء عن عدم الإغناء عند جمهور المفسرين.
قوله تعالى: {فأهلكناهم بِذُنُوبِهِمْ} والفاء للتعقيب وقيل: فصيحة والمراد فكفروا فأهلكناهم ورجح الأول، والباء للسببية أي أهلكنا كل قرن من تلك القرون بسبب ما يخصهم من الذنوب كتكذيب الرسل عليهم الصلاة والسلام {وَأَنشَأْنَا} أي أوجدنا {مّن بَعْدِهِمْ} أي بعد إهلاكهم بسبب ذلك {قَرْنًا ءاخَرِينَ} بدلًا من الهالكين. وهذا بيان لأنه تعالى لا يتعاظمه أن يهلك قرنًا ويخلي بلاده منهم فإنه جل جلاله قادر على أن ينشيء مكانهم آخرين يعمر بهم البلاد فهو كالتتميم لما قبله نحو قوله تعالى: {وَلاَ يَخَافُ عقباها} [الشمس: 51] وفيه إشارة إلى أنهم قلعوا من أصلهم ولم يبق أحد من نسلهم لجعلهم آخرين وكونهم من بعدهم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال