سورة الأنعام / الآية رقم 66 / تفسير تفسير أبي حيان / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ وَهُوَ القَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ المَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الحَقِّ أَلاَ لَهُ الحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الحَاسِبِينَ قُلْ مَن يُنَجِّيكُم مِّن ظُلُمَاتِ البَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَّئِنْ أَنجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُم مِّنْهَا وَمِن كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنتُمْ تُشْرِكُونَ قُلْ هُوَ القَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الحَقُّ قُل لَّسْتُ عَلَيْكُم بِوَكِيلٍ لِّكُلِّ نَبَأٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ القَوْمِ الظَّالِمِينَ

الأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعام




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


السقوط: الوقوع من علو. الورقة: واحدة الورق من النبات والكاغد وهي معروفة. الرطب واليابس معروفان يقال رطب فهو رطب ورطيب ويبس وييبس، وشذ فيه يبس بحذف الياء وكسر الباء. الكرب الغم يأخذ بالنفس كربت الرجل فهو مكروب. قال الشاعر:
ومكروب كشفت الكرب عنه *** بطعنة فيصل لما دعاني
الشيعة: الفرقة تتبع الأخرى ويجمع على أشياع، وشيعت فلاناً اتبعته وتقول: العرب شاعكم السلام أي اتبعكم وأشاعكم الله السلم أي اتبعكم. الإبسال: تسليم المرء نفسه للهلاك ويقال أبسلت ولدي أرهنته، قال الشاعر:
وابسالي بني بغير جرم *** بعوناه ولا بدم مراق
بعوناه جنيناه والبعو الجناية. الحميم: الماء الحار. الحيرة: التردد في الأمر لا يهتدي إلى مخرج منه ومنه تحير الماء في الغيم يقال حار يحار حيرة وحيراً وحيراناً وحيرورة. الصور: جمع صورة والصور القرن بلغة أهل اليمن. قال:
نحن نطحناهم غداة الجمعين *** بالشامخات في غبار النقعين
نطحاً شديداً لا كنطح الصورين ***
{وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو} لما قال تعالى: إن الحكم إلا لله وقال هو أعلم بالظالمين بعد قوله {ما تستعجلون به} انتقل من خاص إلى عام وهو علم الله بجميع الأمور الغيبية، واستعارة للقدرة عليها المفاتح لما كانت سبباً للوصول إلى الشيء فاندرج في هذا العام ما استعجلوا وقوعه وغيره. والمفاتح جمع مفتح بكسر الميم وهي الآية التي يفتح بها ما أغلق. قال الزهراوي: ومفتح أفصح من مفتاح ويحتمل أن يكون جمع مفتاح لأنه يجوز في مثل هذا أن لا يؤتى فيه بالياء قالوا: مصابح ومحارب وقراقر في جميع مصباح وقرقور. وقرأ ابن السميفع: مفاتيح بالياء وروي عن بعضهم مفتاح الغيب على التوحيد. وقيل: جمع مفتح بفتح الميم ويكون للمكان أي أماكن الغيب ومواضعها يفتح عن المغيبات ويؤيده ما روي عن ابن عباس إنها خزائن المطر والنبات ونزول العذاب. وقال السدي وغيره: خزائن الغيب. وروي عن ابن عمر عنه عليه السلام أنه قال: «مفاتح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله»، {إن الله عنده علم الساعة} إلى آخر السورة. وقيل: {مفاتح الغيب} الأمور التي يستدلّ بها على الغائب فتعلم حقيقته من قولك: فتحت على الإمام إذا عرّفته ما نسي. وقال أبو مسعود: أوتي نبيكم كل شيء إلا مفاتح الغيب. وروي عن ابن عباس أنها خزائن غيب السموات والأرض من الأقدار والأرزاق. وقال عطاء: ما غاب من الثواب والعقاب وما تصير إليه الأمور. وقال الزجاج: الوصلة إلى علم الغيب إذا استعلم. وقيل: عواقب الأعمار وخواتيم الأعمال. وقيل: ما لم يكن هل يكون أم لا يكون؟ وما يكون كيف يكون وما لا يكون إن كان كيف يكون؟ و{لا يعلمها إلا هو} حصر أنه لا يعلم تلك المفاتح ولا يطلع عليها غيره تعالى، ولقد يظهر من هؤلاء المنتسبة إلى الصوف أشياء من ادعاء علم المغيبات والاطلاع على علم عواقب أتباعهم وأنهم معهم في الجنة مقطوع لهم ولأتباعهم بها يخبرون بذلك على رؤوس المنابر ولا ينكر ذلك أحد هذا مع خلوهم عن العلوم يوهمون أنهم يعلمون الغيب.
وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها ومن زعم أن محمداً يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية والله تعالى يقول: {قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله} وقد كثرت هذه الدّعاوى والخرافات في ديار مصر وقام بها ناس صبيان العقول يسمون بالشيوخ عجزوا عن مدارك العقل والنقل وأعياهم طلاب العلوم:
فارتموا يدعون أمراً عظيما *** لم يكن للخليل لا والكليم
بينما المرء منهم في انسفال *** أبصر اللوح ما به من رقوم
فجنى العلم منه غضاً طرياً *** ودرى ما يكون قبل الهجوم
إن عقلي لفي عقال إذا ما *** أنا صدقت بافتراء عظيم
{ويعلم ما في البرّ والبحر} لما كان ذكره تعالى {مفاتح الغيب} أمراً معقولاً أخبر تعالى باستئثاره بعلمه واختصاصه به ذكر تعلق علمه بهذا المحسوس على سبيل العموم ثم ذكر علمه بالورقة والحبة والرطب واليابس على سبيل الخصوص، فتحصل إخباره تعالى بأنه عالم بالكليات والجزئيات مستأثر بعلمه وما نعلمه نحن وقدم {البر} لكثرة مشاهدتنا لما اشتمل عليه من المدن والقرى والمفاوز والجبال والحيوان والنبات والمعادن أو على سبيل الترقي إلى ما هو أعجب في الجملة، لأن ما فيه من أجناس الحيوانات أعجب وطوله وعرضه أعظم والبر مقابل البحر. وقيل: {البر} القفار {والبحر} المعروف فالمعنى ويعلم ما في البر من نبات ودواب وأحجار وأمدار وغير ذلك، وما في البحر من حيوان وجواهر وغير ذلك. وقال مجاهد: {البرّ} الأرض القفار التي لا يكون فيها الماء {والبحر} كل قرية وموضع فيه الماء. وقيل: لم يرد ظاهر البرّ والبحر وإنما أراد أن علمه تعالى محيط بنا وبما أعد لمصالحنا من منافعهما وخصا بالذكر لأنهما أعظم مخلوق يجاوزنا.
{وما تسقط من ورقة إلا يعلمها} {من} زائدة لاستغراق جنس الورقة و{يعلمها} مطلقاً قبل السقوط ومعه وبعده. قال الزجاج: {يعلمها} ساقطة وثابتة كما تقول: ما يجيئك أحد إلا وأنا أعرفه ليس تأويله في حال مجيئه فقط. وقيل: يعلم متى تسقط وأين تسقط وكم تدور في الهواء. وقيل: يعلمها كيف انقلبت ظهراً لبطن إلى أن وقعت على الأرض، و{يعلمها} في موضع الحال من {ورقة} وهي حال من النكرة. كما تقول: ما جاء أحد إلا راكباً.
{ولا حبة في ظلمات الأرض} قيل: تحت الأرض السابعة.
وقيل: تحت التراب. وقيل: الحب الذي يزرع يخفيها الزرّاع تحت الأرض. وقيل: تحت الصخرة في أسفل الأرضين. وقيل: ولا حبة إلا يعلم متى تنبت ومن يأكلها، وانظر إلى حسن ترتيب هذه المعلومات بدأ أولاً بأمر معقول لا ندركه نحن بالحس وهو قوله: {وعنده مفاتح الغيب} ثم ثانياً بأمر ندرك كثيراً منه بالحس وهو {يعلم ما في البرّ والبحر} وفيه عموم ثم ثالثاً بأمر بجزأين لطيفين أحدهما علوي وهو سقوط ورقة من علوّ إلى أسفل، والثاني سفلي وهو اختفاء حبة في بطن الأرض. ودلت هذه الجمل على أنه تعالى عالم بالكليات والجزئيات وفيها ردّ على الفلاسفة في زعمهم أن الله لا يعلم الجزئيات ومنهم من يزعم أنه تعالى لا يعلم الكليات ولا الجزئيات حتى هو لا يعلم ذاته تعالى الله عن ذلك.
{ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين} الرطب واليابس وصفان معروفان والمراد العموم في المتصف بهما، وقد مثل المفسرون ذلك بمثل. فقيل: ما ينبت وما لا ينبت. وقيل: لسان المؤمن ولسان الكافر. وقيل: العين لباكية من خشية الله والعين الجامدة للقسوة، وأما ما حكاه النقاش عن جعفر الصادق أن الورقة هي السقط من أولاد بني آدم والحبة يراد بها الذي ليس بسقط، والرّطب المراد به الحيّ واليابس يراد به الميت فلا يصح عن جعفر وهو من تفسير الباطنية لعنهم الله. وقال مقاتل {في كتاب مبين}: هو اللوح المحفوظ. وقال الزجاج: كناية عن علم الله المتيقن وهذا الاستثناء جار مجرى التوكيد لأن قوله: ولا حبة {ولا رطب ولا يابس} معطوف على قوله {من ورقة} والاستثناء الأول منسحب عليها كما تقول: ما جاءني من رجل إلا أكرمته ولا امرأة، فالمعنى إلا أكرمتها ولكنه لما طال الكلام أعيد الاستثناء على سبيل التوكيد وحسنه كونه فاصلة رأس آية. وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق وابن السميفع {ولا رطب ولا يابس} بالرفع فيهما والأولى أن يكونا معطوفين على موضع {من ورقة} ويحتمل الرفع على الابتداء وخبره {إلا في كتاب مبين} {وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار ثم يبعثكم فيه ليقضى أجل مسمى ثم إليه مرجعكم ثم ينبئكم بما كنتم تعملون} مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى لما ذكر استئثاره بالعلم التام للكليات والجزئيات ذكر استئثاره بالقدرة التامّة تنبيهاً على ما تختص به الإلهية وذكر شيئاً محسوساً قاهراً للأنام وهو التوفي بالليل والبعث بالنهار وكلاهما ليس للإنسان فيه قدرة، بل هو أمر يوقعه الله تعالى بالإنسان والتوفي عبارة في العرف عن الموت وهنا المعني به النوم على سبيل المجاز للعلاقة التي بينه وبين الموت وهي زوال إحساسه ومعرفته وفكره. ولما كان التوفي المراد به النوم سبباً للراحة أسنده تعالى إليه وما كان بمعنى الموت مؤلماً قال: {قل يتوفاكم ملك الموت} و{توفته رسلنا} {تتوفاهم الملائكة} والظاهر أن الخطاب عام لكل سامع. وقال الزمخشري: الخطاب للكفرة وخص الليل بالنوم والبعث بالنهار وإن كان قد ينام بالنهار ويبعث بالليل حملاً على الغالب، ومعنى {جرحتم} كسبتم ومنه جوارح الطير أي كواسبها واجترحوا السيئات اكتسبوها والمراد منها أعمال الجوارح ومنه قيل للأعضاء جوارح. قال ابن عطية: ويحتمل أن يكون من الجرح كأن الذنب جرح في الدين والعرب تقول: وجرح اللسان كجرح اليد. وقال مكي: أصل الاجتراح عمل الرجل بجارحة من جوارحه يده أو رجله ثم كثر حتى قيل لكل مكتسب مجترح وجارح، وظاهر قوله: {ما جرحتم} العموم في المكتسب خيراً كان أو شراً. وقال الزمخشري: ما كسبتم من الآثام؛ انتهى، وهو قول ابن عباس.
وقال قتادة: ما عملتم. وقال مجاهد: ما كسبتم والبعث هنا هو التنبه من النوم والضمير في {فيه} عائد على {النهار} قاله مجاهد وقتادة والسدي، عاد عليه لفظاً والمعنى في يوم آخر كما تقول: عندي درهم ونصفه وقال عبد الله بن كثير يعود على التوفي أي يوقظكم في التوفي أي في خلاله وتضاعيفه. وقيل: يعود على الليل. وقال الزمخشري: ثم يبعثكم من القبور في شأن ذلك الذي قطعتم به أعماركم من النوم بالليل وكسب الآثام بالنهار، ومن أجله، كقولك: فيم دعوتني فتقول: في أمر كذا؛ انتهى. وحمله على البعث من القبور ينبو عنه قوله: {ليقضى أجل مسمى} لأن المعنى والله أعلم أنه تعالى يحييهم في هاتين الحالتين من النوم واليقظة ليستوفوا ما قدر لهم من الآجال والأعمار المكتوبة، وقضاء الأجل فصل مد




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال