سورة الأنعام / الآية رقم 70 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَمَا عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَلَكِن ذِكْرَى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَذَكِّرْ بِهِ أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِّنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ العَالَمِينَ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الحَقُّ وَلَهُ المُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ عَالِمُ الغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الحَكِيمُ الخَبِيرُ

الأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعام




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (68) وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (69) وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (70)}.
التفسير:
بعد أن صرّف اللّه الآيات للنّاس، وأبان لهم فيها معالم الطريق إليه، فآمن من آمن، وكفر من كفر، أمر سبحانه النبىّ الكريم، أن يخلص بنفسه وبدينه من المشركين، وألا يتحكك بهم، حتى لا يسمع منهم ما يكره، أو يرى منهم ما يسوء.
وإذ كان النبىّ- صلوات اللّه وسلامه عليه- حريصا على هداية قومه، وإذ كان بينه وبينهم هذه الرابطة من صلات القربى والمخالطة في الحياة، الأمر الذي يشق على النبىّ ويعنته، إذا هو اعتزلهم عزلة كاملة، وقطع ما بينه وبينهم من صلات- فإن اللّه سبحانه وتعالى قد قصر هذا الأمر للنبىّ باعتزال قومه والإعراض عنهم، على الحال التي يخوضون فيها في آيات اللّه، ويتخذونها هزوا وسخرية، ففى تلك الحال ينبغى على النبىّ ألّا يخوض معهم في هذا الحديث، وألا يجادلهم فيما يخوضون فيه، بل يترك هذا المجلس الذي هم فيه، لأنهم على منكر، وهو لا يستطيع أن يغيّر هذا المنكر بيده، أو لسانه، فليغيّره بقلبه.
بتلك الصورة التي يريهم منها منطقا عمليا لما ينكره عليهم.. {وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ}.
والخوض في الحديث، معناه إرسال القول جزافا، بلا حساب ولا تقدير، وذلك لا يكون إلا في مجال الاستهزاء والاستخفاف بالحديث الذي يدار.
وليس الإعراض الذي يكون من النبىّ في تلك الحالة، هو إعراض دائم متصل أبدا، وإنما هو إعراض موقوت بهذا المجلس، وبكل مجلس يكون فيه مثل هذا الخوض في آيات اللّه من المشركين.. فإذا كان منهم بعد هذا مجلس يجرى فيه حديث جدّ، ووقار، والتزام عقل ومنطق، فلا بأس على النبىّ من أن يعود إلى الجلوس معهم، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} أي في حديث غير حديث الدّين الذي يدعون إليه، أو الدّين الذي هم فيه.. فإذا خاضوا في أمور غير أمور الدّين، مما يتصل بحياتهم الخاصة، من تجارة، وحرب، وسلم، وغير ذلك، فإن الخوض هنا لا يمسّ الدّين، ولا يجرح مشاعر النبىّ.. وإنه لا بأس على النبي من الجلوس معهم.
وقوله تعالى: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} هو تنبيه للنبىّ، وتحذير له من تلك المجالس، التي تدور فيها أحاديث المشركين، هازئة عابثة بالدين، وأنه إذا كان النبىّ في مجلس مع هؤلاء المشركين، ثم جرى الحديث بينهم في هذا الاتجاه، ثم كان من النبىّ أناة واستماع، طلبا لكلمة حق تجرى على لسان أحدهم، أو التماسا لمدخل يدخل به إلى الحديث معهم فيما هو حق وخير، فإن هذا الموقف من النبىّ هو مما يدخل في أمر الحظر الذي جاء في قوله تعالى {وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ} وأن هذا أيضا مما يغفره اللّه للنبى، ويتجاوز له عنه، إذ كان ذلك عن سهو ونسيان، لما وقع في نفسه من رجاء في هداية القوم.. ولكن إذا ذكر النبىّ في تلك الحال ما أمره اللّه به من الإعراض عنهم، فليعرض عنهم في الحال، وليأخذ نفسه من بينهم بلا مهل، حتى لكأنه وقع تحت خطر يتهدّده، ويطلب النجاة منه.. وفى هذا إشعار للنبىّ بأن مجالسة القوم- وهم في تلك الحال- شر مستطير، يجب أن يكون على ذكر منه دائما، وعلى حذر منه أبدا.
وفى قوله تعالى: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ} إلفات قوىّ للنبىّ، لحراسة نفسه من هذا الخطر، وتحريض شديد له على أن يكون على حذر دائما من هؤلاء القوم، ومن مجالسهم، التي لا تنضح بغير الشر والسوء.
والشيطان لا سلطان له على النبىّ، بل لا سلطان له على أىّ مؤمن صادق الإيمان، كما يقول اللّه سبحانه: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَه ُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} [99- 100 النحل] والباء في {به} هنا للسببية، أي أنهم أصبحوا مشركين بسبب متابعتهم للشيطان، واستسلامهم لغوآياته.
وفى نسبة هذا النسيان من النبىّ إلى الشيطان، وإضافته إليه، زيادة في تقبيح هذه المجالس التي يخوض فيها المشركون في آيات اللّه، وأنها تحت سلطان الشيطان، يمسك فيها زمام الموقف، ويجرى على ألسنة القوم ما يتساقط منها من هزء وسخرية.. ومجلس هكذا يحضره الشيطان، ويدبر الحديث فيه، لا ينبغى للنبىّ أن يكون من شهوده، فإن كان فيه لحظة- تحت أي ظرف- وجب أن ينتزع نفسه منه انتزاعا.
وقوله تعالى: {وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} إشارة إلى أن ما يقع من المشركين في تلك المجالس الهازئة الهازلة من منكر، لا يمسّ المتقين بسوء، ولا يحمّلهم شيئا من أوزار هؤلاء القوم.
ولكن تجنّب هذه المجالس هو حماية للمؤمنين من أن تصيبهم عدوى هذه الأحاديث، وإن من الخير لهم، والسلامة لدينهم، أن يتّقوا هذه المجالس، ويحذروها.
وهكذا في كل شر، من قول أو عمل.. إنه واقع بأهله أولا وقبل كل شىء، وما يصيب غيرهم منه، لا يخفف من آثاره السيئة الواقعة بهم، بل إنه ليضاعف من إثمهم، ويضيف إلى جرمهم جرما.. وما يجب على المؤمنين في تلك الحال هو أن يعزلوا أنفسهم عن تلك المآثم، وأن يتقوا الخطر الذي قد يصيبهم من مداناتها.
وهذا الأمر المتوجّه به إلى النبىّ، هو أمر عام، متوجّه به إلى كلّ مؤمن، وأنه إذا كان النبىّ- وهو من هو في وثاقه إيمانه، وقوة يقينه، وعصمة ربّه له- مدعوا إلى تجنب هذه المجالس الآثمة، خوفا عليه في نفسه ودينه، فإن غيره من المؤمنين أولى بمحاذرة هذه المجالس، واجتنابها.
وقوله تعالى: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا} هو توكيد لهذا الأمر الذي أمر به النبيّ، من اجتناب المشركين، وقطع كل ما في نفسه من أمل أو طمع في هدايتهم، بهذه اللقاءات التي يحرص على لقائهم فيها.. فإنهم ليسوا من أهل الدين، ولا يرجى أن يكون لهم دين، لأن دينهم الذي يملك عليهم نفوسهم، هو اللعب واللهو، والعكوف على هذه الحياة الدنيا، التي أعطوها كل وجودهم، بحيث لا تتسع نفوسهم لشىء آخر غير هذه الدنيا، وما فيها من لهو ولعب! وليس معنى هذا أن يطوى النبىّ كتاب دعوته، وأن يعتزل الناس والحياة، إنما المطلوب منه هو أن يذكّر بدعوته، وأن يبشر وينذر، وأن يسمع النّاس جميعا كلمات ربّه.. {وذكر به} أي بالقرآن الذي معك، مجرّد تذكير، وليس للنبىّ أن يحمل الناس حملا عليه، وأن يقطع أنفاسه بالجري وراء من لا يستمع إليه، ولا يستجيب له.
وقوله تعالى: {وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها} أي أن دعوة النبىّ هى البلاغ، والتذكير بيوم الحساب، والتخويف من هذا الموقف الذي تبسل فيه كل نفس بما كسبت، أي تعزل وتفرد، ليس معها إلا ما كسبت من خير أو شر.. والأصل في الباسل، أنه الكريه، المخيف، الذي يتجنبه الناس، ومنه سمىّ الفارس الشجاع: باسلا، لأن المحاربين يتجنبونه، ويصدّون عن لقائه، وفى هذا يقول عنترة:
فإذا ظلمت فإن ظلمى باسل *** مرّ مذاقته كطعم العلقم
وقوله تعالى: {وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها} أي أن النفس- كل نفس- لا ينفعها إيمان، ولا عمل يوم القيامة، فهى في دار حساب وجزاء، وليست في دار إيمان وعمل.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً} [158: الأنعام] والمراد ببعض آيات ربك، هو ما يكون بين يدى الساعة من علامات وإرهاصات.
وقوله تعالى: {أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ} هو إمساك بمخانق هؤلاء الذين أشركوا باللّه، وعرض لهم في هذا الموقف العظيم على رؤوس الأشهاد، والإشارة إليهم وهم في قفص الاتهام: {أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا} من سيئات، لا شيء معهم غيرها.. والباء هنا للإلصاق، مثل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [21: الطور] هؤلاء الذين أشركوا باللّه، وأفردوا، بما كسبت أيديهم من آثام، ووضعوا موضع المساءلة والحساب- ما تكاد العيون تأخذهم، وترى ما على وجوههم من غبرة ترهقها قترة، حتى يؤذّن مؤذّن الحق، بالحكم الذي حكم عليهم به أحكم الحاكمين: {لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون} لا شيء لهم غير هذا، فليذقوه حميما وغسّاقا.. فتلك هى عاقبة الكافرين.
والحميم: هو الماء الحار الذي اشتدّ غليانه، ومنه الحمم، وهى القطع الملتهبة من النار.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال