سورة البقرة / الآية رقم 83 / تفسير تفسير ابن كثير / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

أَوَلا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الكِتَابَ إِلا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناًّ قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ وَقَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللَّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي القُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنكُمْ وَأَنتُم مُّعْرِضُونَ

البقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرةالبقرة




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلا قَلِيلا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (83)}
يُذكّر تبارك وتعالى بني إسرائيل بما أمرهم به من الأوامر، وأخذ ميثاقهم على ذلك، وأنهم تولوا عن ذلك كله، وأعرضوا قصدًا وعمدًا، وهم يعرفونه ويذكرونه، فأمرهم أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا. وبهذا أمر جميع خلقه، ولذلك خلقهم كما قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25] وقال تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} [النحل: 36] وهذا هو أعلى الحقوق وأعظمها، وهو حق الله تعالى، أن يعبد وحده لا شريك له، ثم بعده حق المخلوقين، وآكدهم وأولاهم بذلك حق الوالدين، ولهذا يقرن الله تعالى بين حقه وحق الوالدين، كما قال تعالى: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان: 14] وقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} الآية إلى أن قال: {وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ} [الإسراء: 23- 26] وفي الصحيحين، عن ابن مسعود، قلت: يا رسول الله، أي العمل أفضل؟ قال: «الصلاة على وقتها». قلت: ثم أي؟ قال: «بر الوالدين». قلت: ثم أيّ؟ قال: «الجهاد في سبيل الله». ولهذا جاء في الحديث الصحيح: أن رجلا قال: يا رسول الله، من أبر؟ قال: «أمك». قال: ثم من؟ قال: «أمك». قال: ثم من؟ قال: «أباك. ثم أدناك أدناك».
وقوله: {لا تَعْبُدُونَ إِلا اللَّهَ} قال الزمخشري: خبر بمعنى الطلب، وهو آكد. وقيل: كان أصله: ألا تعبدوا كما قرأها بعض السلف فحذفت أن فارتفع، وحكي عن أبي وابن مسعود، رضي الله عنهما، أنهما قرآها: «لا تَعْبُدُوا إِلا اللَّه». وقيل: {لا تَعْبُدُونَ} مرفوع على أنه قسم، أي: والله لا تعبدون إلا الله، ونقل هذا التوجيه القرطبي في تفسيره عن سيبويه. وقال: اختاره المبرد والكسائي والفراء.
قال: {وَالْيَتَامَى} وهم: الصغار الذين لا كاسب لهم من الآباء.
وقال أهل اللغة: اليتيم في بني آدم من الآباء، وفي البهائم من الأم، وحكى الماوردي أن اليتيم أطلق في بني آدم من الأم أيضا {وَالْمَسَاكِينَ} الذين لا يجدون ما ينفقون على أنفسهم وأهليهم، وسيأتي الكلام على هذه الأصناف عند آية النساء، التي أمرنا الله تعالى بها صريحًا في قوله: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} الآية [النساء: 36].
وقوله تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} أي: كلموهم طيبًا، ولينُوا لهم جانبًا، ويدخل في ذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمعروف، كما قال الحسن البصري في قوله: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} فالحُسْن من القول: يأمُر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحلم، ويعفو، ويصفح، ويقول للناس حسنًا كما قال الله، وهو كل خُلُق حسن رضيه الله.
وقال الإمام أحمد: حدثنا روح، حدثنا أبو عامر الخَزَّاز، عن أبي عمران الجَوْني، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر، رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تحقرن من المعروف شيئًا، وإن لم تجد فَالْقَ أخاك بوجه منطلق».
وأخرجه مسلم في صحيحه، والترمذي وصححه من حديث أبي عامر الخزّاز، واسمه صالح بن رستم، به.
وناسب أن يأمرهم بأن يقولوا للناس حسنًا، بعد ما أمرهم بالإحسان إليهم بالفعل، فجمع بين طرفي الإحسان الفعلي والقولي. ثم أكد الأمر بعبادته والإحسان إلى الناس بالمُعيّن من ذلك، وهو الصلاة والزكاة، فقال: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} وأخبر أنهم تولوا عن ذلك كله، أي: تركوه وراء ظهورهم، وأعرضوا عنه على عمد بعد العلم به، إلا القليل منهم، وقد أمر تعالى هذه الأمة بنظير ذلك في سورة النساء، بقوله: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالا فَخُورًا} [النساء: 36] فقامت هذه الأمة من ذلك بما لم تقم به أمة من الأمم قبلها، ولله الحمد والمنة.
ومن النقول الغريبة هاهنا ما ذكره ابن أبي حاتم في تفسيره:
حدثنا أبي، حدثنا محمد بن خلف العسقلاني، حدثنا عبد الله بن يوسف- يعني التِّنِّيسِي- حدثنا خالد بن صَبِيح، عن حميد بن عقبة، عن أسد بن وَدَاعة: أنه كان يخرج من منزله فلا يلقى يهوديًا ولا نصرانيًا إلا سلم عليه، فقيل له: ما شأنك؟ تسلم على اليهودي والنصراني. فقال: إن الله يقول: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} وهو: السلام. قال: وروي عن عطاء الخراساني، نحوه.
قلت: وقد ثبت في السنة أنهم لا يبدؤون بالسلام، والله أعلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال