سورة الأنعام / الآية رقم 111 / تفسير التفسير القرآني للقرآن / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ المَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ المَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُواًّ شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ القَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ المُمْتَرِينَ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَن يَضِلُّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ

الأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعام




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ (111)}.
التفسير:
فى هذه الآية يكشف اللّه سبحانه وتعالى عن هذا المدى البعيد الذي بلغه أولئك المشركون من إمعان في الضلال والطغيان، وأنهم إن يروا كلّ آية لا يؤمنوا بها.
فلو أن اللّه- سبحانه- أنزل عليهم الملائكة، يمشون بينهم، ويتحدثون إليهم لقالوا فيهم مقالا، ولو جدوا للزور والبهتان علّة يعتلّون بها.
ولو أن اللّه سبحانه بعث الموتى من قبورهم يكلمونهم، كما كانوا يكلمونهم وهم أحياء، لكان لهم فيهم لغط وجدل.
ولو أن اللّه- سبحانه- بعث إليهم كل شيء يقترحونه، وجاءهم به عيانا ومواجهة {قبلا}، ما كانوا ليؤمنوا، ولقالوا من الزور والبهتان ما حكاه اللّه عنهم في قوله تعالى: {وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} [14- 15: الحجر] وفى قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ} هو استثناء من جميع الأحوال، أي أنهم لا يؤمنون في أي حال إلا في تلك الحال التي يشاء اللّه لهم فيها أن يؤمنوا، وهى حال تتعلق بمشيئة اللّه، ولا تتعلق بما يساق إليهم من آيات ومعجزات، فإيمانهم معلق بمشيئة اللّه، لا بتلك الآيات التي يقترحونها.. {وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ}.
أي أكثر النّاس، وهم هؤلاء المشركون جميعا، ومعهم كثير من أولئك المؤمنين الذين طمعوا في إيمانهم، واستشعروا أنهم قد يؤمنون إذا جاءهم النبي بما يقترحون عليه من آيات- أكثر هؤلاء لا يعلمون مشيئة اللّه المتسلطة على هذا الوجود، القائمة على تصريفه وتدبيره.. فلا يقع شيء إلا على الوجه الذي شاءه اللّه- سبحانه وتعالى- وقدّره.
مبحث: في مشيئة اللّه ومشيئة العباد:
وهنا نودّ أن نقف وقفة قصيرة، مع هذه القضية، التي شغلت الناس منذ عرفوا اللّه فآمنوا به.. من علماء، وفلاسفة، وفقهاء، ومتدينين بل وملحدين.
هل للإنسان إرادة؟
هذا سؤال لا يكاد يتردد أحد في الإجابة عليه بنعم!! فكل إنسان يعلم من نفسه، ومن تصرفات الناس حوله، أن للإنسان إرادة.. بها يتحرك ويعمل، وبها يأخذ ويدع.
ولكن حين يصبح السؤال هكذا: هل للإنسان إرادة مع إرادة اللّه؟
هنا تأخذ المسألة وضعا آخر، وتدخل القضية في مجال النزاع والخلاف.
إنها قضية القضايا.. فهى ليست من القضايا ذات الصبغة المحلّية كما يقولون.. بين الإنسان والإنسان، أو بين الإنسان والطبيعة.. ولكنها بين الإنسان وبين اللّه.. بين العبد والرب.. بين المخلوق والخالق!
وما ظنّك بقضية يكون العبد فيها خصما لربّه، أو محاجّا لخالقه؟ إنها حينئذ تكون قصية شائكة محرجة.. فيها لجاجة وخروج على مقتضى العبودية.
فيها تجديف وضلال، وفيها مزالق وعثرات! ونعم.. الطريق شائك، ملىء بالمزالق والعثرات.. ولكن هيهات أن يمسك الإنسان نفسه عن السير فيه.. فإن استطاع أن يمسك قلمه، أو لسانه، فإنه ليس بمستطيع أن يمسك زمام خواطره ووساوسه.. بحال أبدا.
أما والأمر كذلك، فخير للمرء أن يواجه المشكلة، وأن يقتحم عليها موطنها، قبل أن تفجأه على غرّة، وتهجم عليه على حين غفلة، فتنال منه، وتفسد عليه رأيه، أو تدخل الشك والوسوسة على عقيدته.
وأما وقد رضينا أن نواجه المشكلة، ونقتحم عليها حماها، فإنه يجب علينا أن نأخذ لها حذرنا وأسلحتنا.. شأن من يتهيأ لصراع عنيف، ويدخل في معركة حاسمة..!
وزادنا في هذه المعركة، هو إيمان باللّه.. إيمان وثيق، لا تزعزعه الأعاصير العاتية، ولا تنال منه الأحداث المزلزلة.. وأمّا سلاحنا فهو عقل يقظ، وقلب سليم، ننظر بهما في كتاب اللّه، وفى سنّة رسول اللّه، في حدود ما وهبنا اللّه من استعداد فطرى، دون التطويح بالعقل، والشرود به في مجال غير مجاله الذي خلق له.
ذلك هو زادى، وهذا هو سلاحى.. فإن أردت أن تصحبنى على هذا الطريق، فخذ من الزاد والسّلاح ما أخذت.. وإلا فأنصح لك أن تكون حيث أنت، ولا تصاحبنى.. وحسبك أن تعود أدراجك ونحن على أول الطريق، وأن تطوى هذه الصفحات، لتستقبل ما بعدها مما نحن بسبيله من الوقوف بين يدى اللّه، وكلماته، على ما عهدت منا، قبل أن نأخذ في هذا الحديث.
فإن كنت قد رضيت صحبتى على ما اشترطت عليك فهيّا بنا إلى غايتنا.
ولكن مهلا.. هل اختبرت إيمانك؟ وهل أيقظت عقلك، وأحليت قلبك من كل شك ووسواس؟ لا بأس من أن تعيد النظر.. فإننا- كما قلت لك- لا نزال على الشاطئ، وقد يكون العود أحمد لك..!
وبعد، فإن كنت على عزيمة أن تسير معى، فلى عليك ما اشترط العبد الصالح على موسى، عليهما السلام: {فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً}.
أنتحرك إذن؟ ليكن.. وعلى بركة اللّه.
هل للعبد إرادة مع اللّه؟
سنجيب على هذا السؤال بالجوابين المحتملين له.. فنقول: نعم مرة، ونقول: لا.
مرة أخرى.. وننظر.
القول بأن للعبد إرادة مع اللّه وهذا القول قالت به القدريّة من المعتزلة.
ويبنى على هذا القول أمران:
أولا: أن العبد خالق لأفعاله، مسئول عنها مسئولية كاملة.
وثانيا: أن ما يناله العبد من نعيم أو عذاب في الآخرة هو بسبب عمله الحسن، أو السيّء.
وقد بنى هذان الأمران عند القدرية على ما يأتى:
أولا: أن العبد لو لم يكن خالقا لأفعاله، وأن اللّه سبحانه وتعالى هو الذي خلقها، وأضافها إلى الإنسان، ثم عذّبه عليها- مع أنه لم يفعلها- لكان ظالما له، والظلم نقصان، لا يليق باللّه الموصوف بالكمال المطلق.
وكيف يفعل اللّه شيئا، ثم يلوم الإنسان عليه، ويقول له: كيف فعلته؟
ولم فعلته؟ وهو لم يكن له كيف، ولا فعل؟
إن اللّه عادل، وعدله يقضى بأن يحاسب العبد على ما فعل.
وإذن، فأفعال العبد مخلوقة له، ومحسوبة عليه.
وثانيا: أوجب القدريّة على اللّه أن يثيب الطائعين، كى لا يظلمهم، فإن الظلم نقصان لا يليق بربّ الأرباب! هذه هى حجة أو حجج من يقولون إن للعبد إرادة خالقة، مع إرادة الخالق.
القول بألا إرادة للعبد مع إرادة الرب وأهل السنة، هم أصحاب هذا القول.. وقد بنوه على أمرين كذلك:
أولا: أن كمال الإله هو في التفرد بكل شىء.. ونفى القدرة عيب، ونقصان.. والكمال يقتضى أن يكون كل شيء خاضعا لقدرة اللّه، جاريا على ما تقضى به حكمته ومشيئته.
وثانيا: إثابة المحسن، ليس لإحسانه وحده، وإنما ذلك من فضل اللّه عليه. وتعذيب من يعذبهم اللّه، ليس لذنوبهم وحدها، وإنما ذلك لحكمة يعلمها اللّه، وحسب نظام قدّره، وليس في هذا ظلم.. لأن الظلم إنما ينسب لمن يتصرف في غير ملكه، واللّه سبحانه إنما يتصرف فيما خلق..
وأهل السّنة- مع هذا- لا ينفون إرادة العبد أصلا، كما سنرى بعد، ولكن يرونها إرادة خاضعة لإرادة اللّه، جارية على تقديرها.
وهناك فريق ثالث- وهم الجبرية- لا يرون للعبد إرادة مطلقا، فيقولون إن أفعال الإنسان اضطرارية، وأن كل ما يفعله لا إرادة له فيه، وإنما هو أشبه بآلة تعمل بلا وعى ولا عقل.. وأن المأمورات والمنهيات ليست موصوفة بالحسن والقبح، وإنما هى أوامر ونواه صادرة




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال