سورة الأنعام / الآية رقم 127 / تفسير تفسير الألوسي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاًّ كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِندَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَا مَعْشَرَ الجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الإِنسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلاَّ مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ يَا مَعْشَرَ الجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ ذَلِكَ أَن لَّمْ يَكُن رَّبُّكَ مُهْلِكَ القُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ

الأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعام




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بما كَانُوا يَعْمَلُونَ (127)}
{لَهُمْ} أي لهؤلاء القوم {دَارُ السلام} أي الجنة كما قال قتادة، والسلام هو الله تعالى كما قال الحسن. وأبن زيد والسدي. وإضافة الدار إليه سبحانه للتشريف. وقال الزجاج والجبائي: {السلام} عنى السلامة أي دار السلامة من الآفات والبلايا وسائر المكاره التي يلقاها أهل النار. وقيل: هو عنى التسليم أي دار تحيتهم فيها سلام {عِندَ رَبّهِمْ} أي في ضمانه وتكفله التفضلي أو ذخيرة لهم عنده لا يعلم كنه ذلك غيره. والجملة مستأنفة، وقيل: صفة لقوم {وَهُوَ وَلِيُّهُم} أي محبهم أو ناصرهم {ا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} أي بسبب أعمالهم الصالحة أو متوليهم متلبسًا بجزائها بأن يتولى إيصال الثواب إليهم.
هذا ومن باب الإشارة في الآيات: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نِبِىّ عَدُوًّا} [الأنعام: 112] لتفاوت مراتب أرواحهم في الصفاء والكدورة والنور والظلمة والقرب والبعد. ومن هنا قيل: والجاهلون لأهل العلم أعداء. وكلما اشتد التفاوت اشتدت العداوة وزاد الإيذاء الناشيء منها. ولهذا ورد في بعض الآثار «ما أوذي نبي مثل ما أوذيت». وتسبب هذه العداوة مزيد التوجه إلى الحق جل شأنه والإعراض عن الملاذ والحرص على الفضيلة التي يقهر بها العدو والاحتراز عما يوشك أن يكون سببًا للطعن إلى غير ذلك {وَلِتَصْغَى} أي تميل {إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ اللذين لاَ يُؤْمِنُونَ} وهم المحجوبون لوجود المناسبة {وَلِيَرْضَوْهُ} حبتهم إياه {وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُم مُّقْتَرِفُونَ} [الأنعام: 113] من اسم التعاضد والتظاهر {أَفَغَيْرَ الله أَبْتَغِى حَكَمًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَهُوَ *الذى أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الكتاب} المعجز الجامع {مُفَصَّلًا} [الأنعام: 114] فيه الحق والباطل بحث لا يبقى معه مقال لقائل فطلب ما سواه مما لا يليق بعاقل ولا يميل إليه إلا جاهل {وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ} أي تم قضاؤه في الأزل بما قضى وقدر {صِدْقًا} مطابقًا لما يقع {وَعَدْلًا} مناسبًا للاستعداد، وقيل: صدقًا فيما وعد وعدلًا فيما أوعد {لاَ مُبَدّلَ لكلماته} [الأنعام: 115] لأنها على طرز ما ثبت في علمه والانقلاب محال {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى الارض} أي من الجهة السفلية بالركون إلى الدنيا وعالم النفس والطبيعة {يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ الله} لأنهم لا يدعون إلا للشهوات المبعدة عن الله تعالى: {إِن يَتَّبِعُونَ} أي ما يتبعون لكونهم محجوبين في مقام النفس بالأوهام والخيالات {إِلاَّ الظن وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ} [الأنعام: 116] بقياس الغائب على الشاهد {وَذَرُواْ ظاهر الإثم} من الأقوال والأفعال الظاهرة على الجوارح {وَبَاطِنَهُ} [الأنعام: 120] من العقائد الفاسدة والعزائم الباطلة. وقال سهل: ظاهر الإثم المعاصي كيف كانت وباطنه حبها، وقال الشبلي: ظاهر الإثم الغفلة وباطنه نسيان مطالعة السوابق، وقال بعضهم: ظاهر الإثم طلب الدنيا وباطنه طلب الجنة لأن الأمرين يشغلان عن الحق وكل ما يشغل عنه سبحانه فهو إثم، وقيل: ظاهر الإثم حظوظ النفس وباطنه حظوظ القلب، وقيل: ظاهر الإثم حب الدنيا وباطنه حب الجاه، وقيل: ظاهر الإثم رؤية الأعمال وباطنه سكون القلب إلى الأحوال.
{وَإِنَّ الشياطين} وهم المحجوبون بالظاهر عن الباطن {لَيُوحُونَ إلى أَوْلِيَائِهِمْ} أي من يواليهم من المنكرين {ليجادلوكم} بما يتلقونه من الشبه {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ} وتركتم ما أنتم عليه من التوحيد {إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ} [الأنعام: 121] مثلهم {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا} بالجهل وهوى النفس أو الاحتجاب بصفاتها {فأحييناه} بالعلم ومحبة الحق أو كشف حجب صفاته {وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا} من هدايتنا وعلمنا أو نورًا من صفاتنا {أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا} بالمجاهدات {فأحييناه} بروح المشاهدات أو ميتًا بشهوات النفس {فأحييناه} بصفاء القلب أو ميتًا برؤية الثواب فأحييناه برؤية المآب إلى الوهاب وجعلنا له نور الفراسة أو الإرشاد، وقال جعفر الصادق: المعنى أو من كان ميتًا عنا فأحييناه بنا وجعلناه إمامًا يهدي بنور الإجابة ويرجع إليه الضلال، وقال ابن عطاء: أو من كان ميتًا بحياة نفسه وموت قلبه فأحييناه بإماتة نفسه وحياة قلبه وسهلنا عليه سبل التوفيق وكحلناه بأنوار القرب فلا يرى غيرنا ولا يلتفت إلى سوانا {كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظلمات} أي ظلمات نفسه وصفاته وأفعاله {لَيْسَ بِخَارِجٍ مّنْهَا} لسوء استعداده {كَذَلِكَ زُيّنَ للكافرين} المحجوبين {مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 122] فاحتجبوا به {وكذلك جَعَلْنَا فِي كُلّ قَرْيَةٍ أكابر مُجْرِمِيهَا لِيَمْكُرُواْ فِيهَا} ويكون ذلك سببًا لمزيد كمال العارفين حسا تقدم في جعل الأعداء للأنبياء عليهم السلام. ويمكن أن يكون إشارة إلى ما في الأنفس أي {وكذلك جَعَلْنَا فِي كُلّ قَرْيَةٍ} وجود الإنسان التي هي البدن {أكابر مُجْرِمِيهَا} من قوى النفس الأمارة {لِيَمْكُرُواْ فِيهَا} بإضلال القلب {وَمَا يَمْكُرُونَ إِلاَّ بِأَنفُسِهِمْ} [الأنعام: 123] لأن عاقبة مكرهم راجع إليهم ءافاقًا وأنفسًا {وَإِذَا جَاءتْهُمْ} على يد الرسول عليه الصلاة والسلام {قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حتى نؤتى مِثْلَ مَا أُوتِىَ رُسُلُ الله الله} من الرسالة إليهم {الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ} وذلك حيث خزينة الاستعداد عامرة والنفس قدسية {سَيُصِيبُ الذين أَجْرَمُواْ} بالاحتجاب عن الحق {صَغَارٌ عِندَ الله} أي ذل بذهاب قدرهم حين خراب أبدانهم {وَعَذَابٌ شَدِيدٌ} [الأنعام: 124] بحرمانهم الملائم ووصول المنافي إليهم في المعاد الجسماني {فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ} إليه ويعرفه به {يَشْرَحْ صَدْرَهُ للإسلام} بأن يقذف فيه نورًا من أنواره فيعرفه بذلك {وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيّقًا حَرَجًا} لا يدخل فيه شيء من أنوار شمس العرفان {كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِى السماء} نبوًا وهربًا عن قبول ذلك لأنه خلاف استعداده، وقيل: المعنى فمن يرد الله أن يهديه للتوحيد يشرح صدره لقبول نور الحق وإسلام الوجود إلى الله سبحانه بكشف حجب صفات نفسه عن وجه قلبه الذي يلي النفس فينفسح لقبول نور الحق ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقًا حرجًا باستيلاء النفس عليه وضغطها له كما يصعد في سماء روحه مع تلك الهيآت البدنية المظلمة وذلك أمر محال، وقيل: غير ذلك {كذلك يَجْعَلُ الله الرجس} أي رجس التلوث بنتن الطبيعة{عَلَى الذين لاَ يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 125] وهم المحجوبون عن الحق {وهذا} أي طريق التوحيد أو الجعل {صراط رَبّكَ} أي طريقه الذي ارتضاه أو عادته التي اقتضتها حكمته {قَدْ فَصَّلْنَا الآيات لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} [الأنعام: 126] المعارف والحقائق المركوزة في استعدادهم {لَهُمْ دَارُ السلام عِندَ رَبّهِمْ} [الأنعام: 127] هي ساحة جلاله وحضائر قدس صفاته ومساقط وقوع أنوار جماله المنزهة عن خطر الحجاب وعلة العتاب وطريان العذاب وهو وليهم بنعت رعايتهم وكشف جماله لهم أو وليهم يحفظهم عن رؤية الغير في البين. ويجوز أن يكون المعنى لهم دار السلامة من كل خوف وآفة حيث يكون العبد فيها في ظل الذات والصفات وريف البقاء بعد الفناء؛ والكثير على أن السلام من أسمائه تعالى فما ظنك بدار تنسب إليه جل شأنه:
إذا نزلت سلمى بواد فماؤه *** زلال وسلسال وأشجاره ورد
نسأل الله تعالى أن يدخلنا هاتيك الدار بحرمة نبيه المختار صلى الله عليه وسلم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال