سورة الأنعام / الآية رقم 156 / تفسير تفسير النسفي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

وَلاَ تَقْرَبُوا مَالَ اليَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا الكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ثُمَّ آتَيْنَا مُوسَى الكِتَابَ تَمَاماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أَن تَقُولُوا إِنَّمَا أُنزِلَ الكِتَابُ عَلَى طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الكِتَابُ لَكُنَّا أَهْدَى مِنْهُمْ فَقَدْ جَاءَكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ العَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ

الأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعامالأنعام




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{سَيَقُولُ الذين أَشْرَكُواْ} إخبار بما سوف يقولونه {لَوْ شَآءَ الله} أن لا نشرك {مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ ءَابَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ} ولكن شاء فهذا عذرنا، يعنون أن شركهم وشرك آبائهم وتحريمهم ما أحل الله لهم بمشيئته ولولا مشيئته لم يكن شيء من ذلك {كذلك كَذَّبَ الذين مِن قَبْلِهِمْ} أي كتكذيبهم إياك. كان تكذيب المتقدمين رسلهم وتشبثوا بمثل هذا فلم ينفعهم ذلك إذ لم يقولوه عن اعتقاد بل قالوا ذلك استهزاء، ولأنهم جعلوا مشيئته حجة لهم على أنهم معذورون به وهذا مردود لا الإقرار بالمشيئة، أو معنى المشيئة هنا الرضا كما قال الحسن: أي رضي الله منا ومن آبائنا الشرك والشرك مراد لكنه غير مرضي، ألا ترى أنه قال: {فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} أخبر أنه لو شاء منهم الهدى لآمن كلهم ولكن لم يشأ من الكل الإيمان بل شاء من البعض الإيمان ومن البعض الكفر، فيجب حمل المشيئة هنا على ما ذكرناه دفعاً للتناقض {حتى ذَاقُواْ بَأْسَنَا} حتى أنزلنا عليهم العذاب {قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ} من أمر معلوم يصح الاحتجاج به فيما قلتم {فَتُخْرِجُوهُ لَنَا} فتظهروه {إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ} تكذبون {قُلْ فَلِلَّهِ الحجة البالغة} عليكم بأوامره ونواهيه ولا حجة لكم على الله بمشيئته {فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ} أي فلو شاء هدايتكم وبه تبطل صولة المعتزلة {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَآءَكُمُ} هاتوا شهداءكم وقربوهم، ويستوي في هذه الكلمة الواحد والجمع والمذكر والمؤنث عند الحجازيين، وبنو تميم تؤنث وتجمع {الذين يَشْهَدُونَ أَنَّ الله حَرَّمَ هذا} أي ما زعموه محرماً {فَإِن شَهِدُواْ فَلاَ تَشْهَدْ مَعَهُمْ} فلا تسلم لهم ما شهدوا به ولا تصدقهم لأنه إذا سلم لهم فكأنه شهد معهم مثل شهادتهم فكان واحداً منهم {وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الذين كَذَّبُواْ بآياتنا} من وضع الظاهر موضع المضمر للدلالة على أن من كذب بآيات الله فهو متبع للهوى إذ لو تبع الدليل لم يكن إلا مصدقاً بالآيات موحداً لله {والذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة} هم المشركون {وَهُم بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} يسوون الأصنام.
{قُلْ} للذين حرموا الحرث والأنعام {تَعَالَوْاْ} هو من الخاص الذي صار عاماً وأصله أن يقول: من كان في مكان عالٍ لمن هو أسفل منه ثم كثر حتى عم {أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ} الذي حرمه ربكم {عَلَيْكُمْ} من صلة حرم {أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً} {أن} مفسرة لفعل التلاوة و{لا} للنهي {وبالوالدين إِحْسَانًا} وأحسنوا بالوالدين إحساناً. ولما كان إيجاب الإحسان تحريماً لترك الإحسان ذكر في المحرمات وكذا حكم ما بعده من الأوامر {وَلاَ تَقْتُلُواْ أولادكم مِّنْ إملاق} من أجل فقر ومن خشيته كقوله: {خَشْيَةَ إملاق} [الإسراء: 31] {نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} لأن رزق العبيد على مولاهم {وَلاَ تَقْرَبُواْ الفواحش مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ما بينك وبين الخلق {وَمَا بَطَنَ} ما بينك وبين الله، ما ظهر بدل من الفواحش {وَلاَ تَقْتُلُواْ النفس التي حَرَّمَ الله إِلاَّ بالحق} كالقصاص والقتل على الردة والرجم {ذلكم وصاكم بِهِ} أي المذكور مفصلاً أمركم ربكم بحفظه {لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} لتعقلوا عظمها عند الله {وَلاَ تَقْرَبُواْ مَالَ اليتيم إِلاَّ بالتي هِيَ أَحْسَنُ} إلا بالخصلة التي هي أحسن وهي حفظه وتثميره {حتى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ} أشده مبلغ حلمه فادفعوه إليه وواحده شد كفلس وأفلس {وَأَوْفُواْ الكيل والميزان بالقسط} بالسوية والعدل {لاَ نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا} إلا ما يسعها ولا تعجز عنه، وإنما أتبع الأمر بإيفاء الكيل والميزان ذلك لأن مراعاة الحد من القسط الذي لا زيادة فيه ولا نقصان مما فيه حرج فأمر ببلوغ الوسع وأن ما وراءه معفو عنه {وَإِذَا قُلْتُمْ فاعدلوا} فاصدقوا {وَلَوْ كَانَ ذَا قربى} ولو كان المقول له أو عليه في شهادة أو غيرها من أهل قرابة القائل كقوله {وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الوالدين والأقربين} [النساء: 135] {وَبِعَهْدِ الله} يوم الميثاق أو في الأمر والنهي والوعد والوعيد والنذر واليمين {أَوْفُواْ ذلكم} أي ما مر {وصاكم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} بالتخفيف حيث كان: حمزة وعلي وحفص على حذف إحدى التاءين. غيرهم بالتشديد أصله {تتذكرون} فأدغم التاء الثانية في الذال أي أمركم به لتتعظوا.
{وَأَنَّ هذا صراطي} ولأن هذا صراطي فهو علة الاتباع بتقدير اللام، {وَأَنْ} بالتخفيف شامي، وأصله وأنه على أن الهاء ضمير الشأن والحديث. {وَإنْ} على الابتداء: حمزة وعلي {مُّسْتَقِيماً} حال {فاتبعوه وَلاَ تَتَّبِعُواْ السبل} الطرق المختلفة في الدين من اليهودية والنصرانية والمجوسية وسائر البدع والضلالات {فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ} فتفرقكم أيادي سبأ عن صراط الله المستقيم وهو دين الإسلام. رُوي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خط خطاً مستوياً ثم قال: «هذا سبيل الرشد وصراط الله فاتبعوه» ثم خط على كل جانب ستة خطوط ممالة ثم قال: «هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه فاجتنبوها» وتلا هذه الآية. ثم يصير كل واحد من الاثني عشر طريقاً ستة طرق فتكون اثنين وسبعين، وعن ابن عباس رضي الله عنهما: هذه الآيات محكمات لم ينسخهن شيء من جميع الكتب. وعن كعب: إن هذه الآيات لأول شيء في التوراة {ذلكم وصاكم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} لتكونوا على رجاء إصابة التقوى.
ذكر أولاً {تَعْقِلُونَ} ثم {تَذَكَّرُونَ} ثم {تَتَّقُونَ} لأنهم إذا عقلوا تفكروا ثم تذكروا أي اتعظوا فاتقوا المحارم {ثُمَّ ءَاتَيْنَا مُوسَى الكتاب تَمَامًا} أي ثم أخبركم إنا آتينا أو هو عطف على {قُلْ} أي ثم قل آتينا، و{ثم} مع الجملة تأتي بمعنى الواو كقوله {ثُمَّ الله شَهِيدٌ} [يونس: 46] {عَلَى الذي أَحْسَنَ} على من كان محسناً صالحاً يريد جنس المحسنين دليله قراءة عبد الله {عَلَى الذين أَحْسَنُواْ} أو أراد به موسى عليه السلام أي تتمة للكرامة على العبد الذي أحسن الطاعة في التبليغ في كل ما أمر به {وَتَفْصِيلاً لّكُلِّ شَيْءٍ} وبياناً مفصلاً لكل ما يحتاجون إليه في دينهم {وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُم} أي بني إسرائيل {بِلِقَاء رَبّهِمْ يُؤْمِنُونَ} يصدقون أي بالبعث والحساب وبالرؤية.
{وهذا} أي القرآن {كتاب أنزلناه مُبَارَكٌ} كثير الخير {فاتبعوه واتقوا} مخالفته {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} لترحموا {أَن تَقُولُواْ} كراهة أن تقولوا أو لئلا تقولوا {إِنَّمَا أُنزِلَ الكتاب على طَائِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا} أي أهل التوراة وأهل الإنجيل، وهذا دليل على أن المجوس ليسوا بأهل كتاب {وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ} عن تلاوة كتبهم {لغافلين} لا علم لنا بشيء من ذلك {إن} مخففة من الثقيلة واللام فارقة بينها وبين النافية والأصل: وإنه كنا عن دراستهم غافلين على أن الهاء ضمير الشأن، والخطاب لأهل مكة والمراد إثبات الحجة عليهم بإنزال القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم كيلا يقولوا يوم القيامة: إن التوراة والإنجيل أنزلا على طائفتين من قبلنا وكنا غافلين عما فيهما {أَوْ تَقُولُواْ} كراهة أن تقولوا {لَوْ أَنَّا أُنزِلَ عَلَيْنَا الكتاب لَكُنَّا أهدى مِنْهُمْ} لحدة أذهاننا وثقابة أفهامنا وغزارة حفظنا لأيام العرب {فَقَدْ جَآءَكُمْ بَيّنَةٌ مّن رَّبِّكُمْ} أي إن صدقتم فيما كنتم تعدون من أنفسكم فقد جاءكم ما فيه البيان الساطع والبرهان القاطع، فحذف الشرط وهو من أحاسن الحذوف {وَهُدًى وَرَحْمَةٌ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَّبَ بآيات الله} بعدما عرف صحتها وصدقها {وَصَدَفَ عَنْهَا} أعرض {سَنَجْزِي الذين يَصْدِفُونَ عَنْ آياتِنَا سُوءَ العذاب} وهو النهاية في النكاية {بِمَا كَانُواْ يَصْدِفُونَ} بإعراضهم.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال