سورة الأعراف / الآية رقم 14 / تفسير تفسير البيضاوي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ إِنَّكَ مِنَ المُنظَرِينَ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ المُسْتَقِيمَ ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُوماً مَّدْحُوراً لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ

الأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعراف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


{وَلَقَدْ خلقناكم ثُمَّ صورناكم} أي خلقنا أباكم آدم طيناً غير مصور ثم صورناه. نزل خلقه وتصويره منزلة خلق الكل وتصويره، أو ابتدأنا خلقكم ثم تصويركم بأن خلقنا آدم ثم صورناه. {ثُمَّ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لأَدَمَ} وقيل ثم لتأخير الإخبار. {فَسَجَدُواْ إِلا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مّنَ الساجدين} ممن سجد لآدم.
{قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ} أي أن تسجد ولا صلة مثلها في لئلا يعلم، مؤكدة معنى الفعل الذي دخلت عليه، ومنبهة على أن الموبخ عليه ترك السجود. وقيل الممنوع عن الشيء مضطر إلى خلافه فكأنه قيل: ما اضطرك إلى ألا تسجد. {إِذْ أَمَرْتُكَ} دليل على أن مطلق الأمر للوجوب والفور. {قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مّنْهُ} جواب من حيث المعنى استأنف به استبعاداً لأن يكون مثله مأموراً بالسجود لمثله كأنه قال: المانع أني خير منه، ولا يحسن للفاضل أن يسجد للمفضول، فكيف يحسن أن يؤمر به. فهو الذي سن التكبر وقال بالحسن والقبح العقليين أولاً. {خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ} تعليل لفضله عليه، وقد غلط في ذلك بأن رأى الفضل كله باعتبار العنصر وغفل عما يكون باعتبار الفاعل كما أشار إليه بقوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَىَّ} أي بغير واسطة، وباعتبار الصورة كما نبه عليه بقوله: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِى فَقَعُواْ لَهُ ساجدين} وباعتبار الغاية وهو ملاكه ولذلك أمر الملائكة بسجوده لما بين لهم أنه أعلم منهم، وأن له خواص ليست لغيره، والآية دليل الكون والفساد وأن الشياطين أجسام كائنة، ولعل إضافة خلق الإنسان إلى الطين والشيطان إلى النار باعتبار الجزء الغالب.
{قَالَ فاهبط مِنْهَا} من السماء أو الجنة. {فَمَا يَكُونُ لَكَ} فما يصح. {أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا} وتعصي فإنها مكان الخاشع والمطيع. وفيه تنبيه على أن التكبر لا يليق بأهل الجنة وأنه سبحانه وتعالى إنما طرده وأهبطه لتكبره لا لمجرد عِصيانه. {فاخرج إِنَّكَ مِنَ الصاغرين} ممن أهانه الله لتكبره، قال عليه الصلاة والسلام: «من تواضع رفعه الله ومن تكبر وضعه الله» {قَالَ أَنظِرْنِى إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} أمهلني إلى يوم القيامة فلا تمتني، أو لا تعجل عقوبتي.
{قَالَ إِنَّكَ مِنَ المنظرين} يقتضي الإجابة إلى ما سأله ظاهراً لكنه محمول على ما جاء مقيداً بقوله تعالى: {إلى يَوْمِ الوقت المعلوم} وهو النفخة الأولى، أو وقت يعلم الله انتهاء أجله فيه، وفي إسعافه إليه ابتلاء العباد وتعريضهم للثواب بمخالفته {قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِى} أي بعد أن أمهلتني لاجتهدن في إغوائهم بأي طريق يمكنني بسبب إغوائك إياي بواسطتهم تسمية، أو حملاً على الغي، أو تكليفاً بما غويت لأجله والباء متعلقة بفعل القسم المحذوف لا بأقعدن فإن اللام تصد عنه فإن القسم: {لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ} ترصداً بهم كما يقعد القطاع للسابلة.
{صراطك المستقيم} طريق الإِسلام ونصبه على الظرف كقوله:
لدنٌ بِهَزِّ الكَفِّ يَعْسِلُ مَتْنُه *** فِيهِ كَمَا عَسَلَ الطَّرِيقَ الثَّعْلَبُ
وقيل تقديره على صراطك كقولهم: ضرب زيد الظهر والبطن.
{ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أيمانهم وَعَن شَمَائِلِهِمْ} أي من جميع الجهات الأربع. مثل قصده إياهم بالتسويل والإِضلال من أي وجه يمكنه بإتيان العدو من الجهات الأربع، ولذلك لم يقل من فوقهم ومن تحت أرجلهم. وقيل لم يقل من فوقهم لأن الرحمة تنزل منه ولم يقل من تحتهم لأن الإِتيان منه يوحش الناس. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: من بين أيديهم من قبل الآخرة، ومن خلفهم من قبل الدنيا، وعن أيمانهم وعن شمائلهم من جهة حسناتهم وسيئاتهم. ويحتمل أن يقال من أيديهم من حيث يعلمون ويقدرون على التحرز عنه، ومن خلفهم من حيث لا يعلمون ولا يقدرون، وعن أيمانهم وعن شمائلهم من حيث يتيسر لهم أن يعلموا ويتحرزوا ولكن لم يفعلوا لعدم تيقظهم واحتياطهم. وإنما عدى الفعل إلى الأولين بحرف الابتداء لأنه منهما موجه إليهم وإلى الأخيرين بحرف المجاوزة فإن الآتي منهما كالمنحرف عنهم المار على عرضهم، ونظيره قولهم جلست عن يمينه. {وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكرين} مطيعين، وإنما قاله ظناً لقوله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ} لما رأى فيهم مبدأ الشر متعدداً ومبدأ الخير واحداً، وقيل سمعه من الملائكة.
{قَالَ اخرج مِنْهَا} مذموماً من ذأمه إذا ذمه. وقرئ: {مذموماً} كمسول في مسؤول أو كمكول في مكيل، من ذامه يذيمه ذيماً. {مَذْمُومًا مَّدْحُورًا} مطروداً. {لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ} اللام فيه لتوطئة القسم وجوابه: {لأَمْلانَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ} وهو ساد مسد جواب الشرط. وقرئ: {لِمَنْ} بكسر اللام على أنه خبر لأملأن على معنى: لمن تبعك هذا الوعيد، أو علة لأخرج ولأملأن جواب قسم محذوف ومعنى منكم ومنهم فغلب المخاطب.
{ويَا ءادَمَ} أي وقلنا يا آدم. {اسكن أَنتَ وَزَوْجُكَ الجنة فَكُلاَ مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هذه الشجرة} وقرئ هذي وهو الأصل لتصغيره على ذيا والهاء بدل من الياء. {فَتَكُونَا مِنَ الظالمين} فتصيرا من الذين ظلموا أنفسهم، وتكونا يحتمل الجزم على العطف والنصب على الجواب.
{فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشيطان} أي فعل الوسوسة لأجلهما، وهي في الأصل الصوت الخفي كالهينمة والخشخشة ومنه وسوس الحلي. وقد سئل في سورة (البقرة) كيفية وسوسته. {لِيُبْدِيَ لَهُمَا} ليظهر لهما، واللام للعاقبة أو للغرض على أنه أراد أيضاً بوسوسته أن يسوءهما بانكشاف عورتيهما، ولذلك عبر عنهما بالسوأة. وفيه دليل على أن كشف العورة في الخلوة وعند الزوج من غير حاجة قبيح مستهجن في الطباع. {مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا} ما غطي عنهما من عوراتهما، وكانا لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر، وإنما لم تقلب الواو المضمومة همزة في المشهور كما قلبت في أو يصل تصغير واصل لأن الثانية مدة وقرئ: {سوآتهما} بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على الواو وسوأتهما بقلبها واواً وإدغام الواو الساكنة فيها.
{وَقَالَ مَا نهاكما رَبُّكُمَا عَنْ هذه الشجرة إِلا أَن تَكُونَا} إِلاَّ كراهة أن تكونا. {مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الخالدين} الذين لا يموتون أو يخلدون في الجنة، واستدل به على فضل الملائكة على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وجوابه: أنه كان من المعلوم أن الحقائق لا تنقلب وإنما كانت رغبتهما في أن يحصل لهما أيضاً للملائكة من الكمالات الفطرية، والاستغناء عن الأطعمة والأشربة، وذلك لا يدل على فضلهم مطلقاً.
{وَقَاسَمَهُمَا إِنّي لَكُمَا لَمِنَ الناصحين} أي أقسم لهما على ذلك، وأخرجه على زنة المفاعلة للمبالغة. وقيل أقسما له بالقبول. وقيل أقسما عليه بالله أنه لمن الناصحين فأقسم لهما فجعل ذلك مقاسمة.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال