سورة الأعراف / الآية رقم 32 / تفسير تفسير الثعالبي / أحمد بن علي العجمي / القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
القرآن الكريم
طريقة عرض الآيات
صور
نصوص

يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ المُسْرِفِينَ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ القِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُوْلَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ

الأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعرافالأعراف




تلاوة آية تلاوة سورة الشرح الصوتي

التفسير


قوله عز وجل: {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد} عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عريانة فتقول من يعيرني تطوافاً تجعله على فرجها وهي تقول:
اليوم يبدو بعضه أو كله *** وما بدا منه فلا أحله
فنزلت هذه الآية: {خذوا زينتكم عند كل مسجد} أخرجه مسلم وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كانوا يطوفون بالبيت عراة الرجال بالنهار والنساء بالليل وذكر الحديث زاد في رواية أخرى عنه فأمرهم الله تعالى أن يلبسوا ثيابهم ولا يتعروا. وقال مجاهد: كان حي من أهل اليمن كان أحدهم إذا قدم حاجاً أو معتمراً يقول لا ينبغي لي أن أطوف في ثوب قد عصيت فيه فيقول من يعيرني مئزراً فإن قدر عليه وإلا طاف عرياناً فأنزل الله تعالى فيه ما تسمعون خذوا زينتكم عند كل مسجد. وقال الزهري: إن العرب كانت تطوف بالبيت عراة إلا الحمس وهم قريش وأحلافهم فمن جاء من غير الحمس وضع ثيابه وطاف في ثوب أحمسي ويرى أنه لا يحل له أن يلبس ثيابه فإن لم يجد من يعيره من الحمس فإنه يلقي ثيابه ويطوف عرياناً وإن طاف في ثياب نفسه ألقاها إذا قضى طوافه وحرمها أي جعلها حراماً عليه فلذلك قال الله تعالى: {خذوا زينتكم عند كل مسجد} والمراد من الزينة لبس الثياب التي تستر العورة. قال مجاهد: ما يواري عوراتكم ولو عباءة. وقال الكلبي: الزينة ما يواري العورة عند كل مسجد كطواف وصلاة وقوله تعالى: {خذوا زينتكم} أمر وظاهره الوجوب وفيه دليل على أن ستر العورة واجب في الصلاة والطاواف وفي كل حال.
وقوله تعالى: {وكلوا واشربوا} قال الكلبي كانت بنوا عامر لا يأكلون في أيام حجهم إلا قوتاً ولا يأكلون دسماً يعظمون بذلك حجهم فقال المسلمون نحن أحق أن نفعل ذلك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل وكلوا واشربوا يعني الدسم واللحم {ولا تسرفوا} يعني بتحريم ما لم يحرمه الله من أكل اللحم والدسم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: كل ما شئت واشر ب ما شئت والبس ما شئت ما أخطأ بك خصلتان سرف ومخيلة، وقال علي بن الحسين بن واقد: قد جمع الله الطب كله في نصف آية فقال: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا} وفي الآية دليل على أن جميع المطعومات والمشروبات حلال إلا ما خصه الشرع دليل في التحريم لأن الأصل في جميع الأشياء الإباحة إلا ما حظره الشارع وثبت تحريمه بدليل منفصل {إنه لا يحب المسرفين} يعني أن الله تعالى لا يحب من إسراف المأكول والمشروب والملبوس وفي هذه الآية وعيد وتهديد لمن أسرف في هذه الأشياء لأن محبة الله تعالى عبارة عن رضاه عن العبد وأيضاً.
وإيصال الثواب إليه وإلا لم يحبه علم أنه تعالى ليس هو راض عنه فدلت الآية على الوعيد الشديد في الإسراف قوله تعالى: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده} يعني قل يا محمد لهؤلاء الجهلة من العرب الذين يطوفون بالبيت عراة من حرم عليكم زينة الله التي خلقها لعباده أن تتزينوا بها وتلبسوها في الطواف وغيره ثم في تفسير الزينة قولان:
أحدهما: وهو قول جمهور المفسرين أن المراد من الزينة هنا اللباس الذي يستر العورة.
والقول الثاني: ذكر الإمام فخر الدين الرازي أنه يتناول جميع أنواع الزينة فيدخل تحته جميع أنواع الملبوس والحلي، ولولا أن النص ورد بتحريم استعمال الذهب والحرير على الرجال لدخلا في هذا العموم ولكن النص ورد بتحريم استعمال الذهب والحرير على الرجال دون النساء {والطيبات من الرزق} يعني ومن حرم الطيبات من الرزق التي أخرجها الله لعباده وخلقها لهم ثم ذكروا في معنى الطيبات في هذه الآية أقوالاً: أحدها أن المراد بالطيبات اللحم والدسم الذي كانوا يحرمونه على أنفسهم أيام الحج يعظمون بذلك حجهم فرد الله تعالى بقوله: {قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق}.
القول الثاني: وهو قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما وقتادة: أن المراد بذلك ما كان أهل الجاهلية يحرمونه من البحائر والسوائب. قال ابن عباس رضي الله عنهما إن أهل الجاهلية كانوا يحرمون أشياء أحلها الله تعالى من الرزق وغيرها وهو قول الله تعالى: {قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراماً وحلالاً} وهو هذا وأنزل الله قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق.
والقول الثالث: إن الآية على العموم فيدخل تحته كل ما يستلذ ويشتهى من سائر المطعومات إلا ما نهى عنه وورد نص بتحريمه {قل هي للذين آمنوا} يعني قل يا محمد إن الطيبات التي أخرج من رزقه للذين آمنوا {في الحياة الدنيا} غير خالصة لهم لأنه يشركهم فيها المشركون {خالصة} لهم {يوم القيامة} يعني لا يشركهم فيها أحد لأنه لا حظ للمشركين يوم القيامة في الطيبات من الرزق، وقيل: خالصة لهم يوم القيامة من التكدير والتنغيص والغم لأنه قد يقع لهم في الحياة الدنيا في تناول الطيبات من الرزق كدر وتنغيص فأعلمهم أنها خالصة لهم في الآخرة من ذلك كله {كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون} يعني كذلك نبين الحلال مما أحللت والحرام مما حرمت لقوم علموا إني أنا الله وحدي لا شريك في فأحلّوا حلالي وحرّموا حرامي.
قوله عز وجل: {قل إنما حرم ربي الفواحش} جمع فاحشة وهي ما قبح وفحش من قول أو فعل، والمعنى: قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين يتجردون من الثياب ويطوفون بالبيت عراة ويحرمون أكل الطيبات مما أحل الله لهم إن الله لم يحرم ما تحرمونه أنتم بل أحله الله لعباده وطيبه لهم وإنما حرم ربي الفواحش من الأفعال والأقوال {ما ظهر منها وما بطن} يعني علانتيه وسره.
(ق) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا أحد أغير من الله» من أجل ذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه المدح من الله من أجل ذلك مدح نفسه.
أصل الغيرة ثوران القلب وهيجان الحفيظة بسبب المشاركة فيما يختص به الإنسان ومنه غيرة أحد الزوجين على الآخر لاختصاص كل واحد منهما بصاحبه ولا يرضى أن يشاركه أحد فيه فلذلك يذب عنه ويمنعه من غيره وأما الغيرة في وصف الله تعالى فهو منعه من ذلك وتحريمه له ويدل على ذلك قوله: ومن غيرته حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن وقد يحتمل أن تكون غيرته تغيير حال فاعل ذلك بعقاب والله أعلم.
وقوله تعالى: {والإثم} يعني وحرم الإثم واختلفوا في الفرق بين الفاحشة والإثم فقيل الفواحش الكبائر لأنه قد تفاحش قبحها وتزايدَ والإثم عبارة عن الصغائر من الذنوب فعلى هذا يكون معنى الآية: قل إنما حرم ربي الكبائر والصغائر. وقيل الفاحشة اسم لما يجب فيه الحد من الذنوب والإثم اسم لما لا يجب فيه الحد، وهذا القول قريب من الأول واعترض على هذين القولين بأن الإثم في أصل اللغة الذنب فيدخل فيه الكبائر والصغائر، وقيل: إن الفاحشة اسم للكبيرة والإثم اسم لمطلق الذنب سواء كان كبيراً أو صغيراً والفائدة فيه أن يقال لما حرم الله الكبيرة بقوله: {قل إنما حرم ربي الفواحش} أردفه بتحريم مطلق الذنب لئلا يتوهم متوهم أن التحريم مقصور على الكبائر فقط وقيل أن الفاحشة وإن كانت بحسب اللغة اسماً لكل ما تفاحش من قول أو فعل لكنه قد صار في العرف مخصوصاً بالزنا لأنه إذا أطلق لفظ الفاحشة لم يفهم منه إلا ذاك نوجب حمل لفظ الفاحشة على الزنا وأما الإثم فقد قيل إنه اسم من أسماء الخمر وهو قول الحسن وعطاء. قال الجوهري وقد تسمى الخمر إثماً واستدل عليه بقول الشاعر:
شربتُ الإثم حتى ضل عقلي *** كذاك الإثم يذهب بالعقول
وقال ابن سيده صاحب المحكم: وعندي أن تسمية الخمر بالإثم صحيح لأن شربها إثم وبهذا المعنى يظهر الفرق بين اللفظين وأنكر أبو بكر بن الأنباري تسمية الخمر بالإثم قال لإن العرب ما سمته إثماً قط في جاهلية ولا في إسلام ولكن قد يكون الخمر داخلاً تحت الإثم لقوله: {قل فيهما إثم كبير}.
وقوله تعالى: {والبغي} أي وحرم البغي {بغير الحق} والبغي هو الظلم والكبر والاستطالة على الناس ومجاوزة الحد في ذلك كله ومعنى البغي بغير الحق هو أن يطلب ما ليس له بحق فإذا طلب ما له بحق خرج من أن يكون بغياً {وأن تشركوا} أي وحرم أن تشركوا {بالله ما لم ينزل به سلطاناً} هذا فيه تهكم بالمشركين والكفار لأنه لا يجوز أن ينزل حجة وبرهاناً بأن يشرك به غيره لأن الإقرار بشيء ليس على ثبوته حجة ولا برهاناً ممتنع فلما امتنع حصول الحجة والبينة على صحة القول بالشرك وجب أن يكون باطلاً على الإطلاق فإن قلت البغي والإشراك داخلان تحت الفاحشة والإثم لأن الشرك من أعظم الفواحش وأعظم الإثم وكذا البغي أيضاً من الفواحش والإثم.
قلت: إنما أفردهما بالذكر للتنبيه على عظم قبحهما أنه قال من الفواحش المحرمة البغي والشرك فكأنه بين جملته ثم تفصيله وقوله: {وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} تقدم تفسيره.




البحث


كلمات متتالية كلمات متفرقة




موضوعات القرآن
  • الإيمان
  • العلم
  • العبادات
  • أحكام الأسرة
  • المعاملات
  • الحدود والجنايات
  • الجهاد
  • الأطعمة والأشربة
  • أحكام الجنائز
  • الأخلاق
  • تكريم الله للإنسان
  • القصص والتاريخ
  • الأمثال