فصل: باب الحاء والسين

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: أسد الغابة في معرفة الصحابة **


باب الحاء والسين

حسان بن ثابت

 ب د ع حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار‏.‏ واسمه تيم الله‏.‏ ابن ثعلبة بن الخزرج، الأنصاري الخزرجي، ثم من بني مالك بن النجار، يكنى أبا الوليد، وقيل‏:‏ أبو عبد الرحمن، وقيل‏:‏ أبو الحسام، لمناضلته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولتقطيعه أعراض المشركين، وأمه‏:‏ الفريعة بنت خالد بن خنس بن لوذان بن عبدود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن كعب بن ساعدة الأنصاري، يقال له‏:‏ شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووصفت عائشة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏ كان والله كما قال فيه حسان‏:‏ الطويل‏:‏

متى يبد في الداجي البهيم جبينه ** يلح مثل مصباح الدجى المتوقد‏.‏

فمن كان أو من ذا يكون كأحمد ** نظام لحق أو نكال لمـلـحـد‏.‏

وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصب له منبراً في المسجد، يقوم عليه قائماً، يفاخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله يقول‏:‏ ‏"‏إن الله يؤيد حسان بروح القدس، ما نافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‏"‏‏.‏

وروي أن الذين كانوا يهجون رسول الله صلى الله عليه وسلم من مشركي قريش‏:‏ أبو سفيان ابن الحارث بن عبد المطلب، وعبد الله بن الزبعرى، وعمرو بن العاص، وضرار بن الخطاب‏.‏

وقال قائل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه‏:‏ اهج القوم الذين يهجوننا، فقال‏:‏ إن أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلت، فقال رسول الله‏:‏ ‏"‏إن علياً ليس عنده ما يراد من ذلك‏"‏‏.‏ ثم قال‏:‏ ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأسيافهم أن ينصروه بألسنتهم‏؟‏‏.‏

فقال حسان‏:‏ أنا لها، وأخذ بطرف لسانه وقال‏:‏ والله ما يسرني به مقول بين بصرى وصنعاء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏كيف تهجوهم وأنا منهم‏؟‏ وكيف تهجو أبا سفيان وهو ابن عمي‏"‏‏؟‏ فقال‏:‏ يا رسول الله، لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين، فقال‏:‏ ‏"‏ائت أبا بكر فإنه أعلم بأنساب القوم منك‏"‏‏.‏

فكان يمضي إلى أبي بكر رضي الله عنه ليقفه على أنسابهم، فكان يقول له‏:‏ كف عن فلانة وفلانة، واذكر فلانة وفلانة‏.‏ فجعل يهجوهم، فلما سمعت قريش شعر حسان قالوا‏:‏ هذا شعر ما غاب عنه ابن أبي قحافة‏.‏

فمن قول حسان في أبي سفيان بن الحارث‏:‏ الطويل‏:‏

وأن سنام المجد من آل هـاشـم ** بنو بنت مخزوم ووالدك العبـد‏.‏

ومن ولدت أبناء زهرة منـهـم ** كرام ولم يقرب عجائزك المجد‏.‏

ولست كعباس ولا كابـن أمـه ** ولكن لئيم لا يقـام لـه زنـد‏.‏

وأن امرأ كانت سـمـية أمـه ** وسمراء مغموز إذا بلغ الجهد‏.‏

فلما بلغ هذا الشعر أبا سفيان قال‏:‏ هذا شعر لم يغب عنه ابن أبي قحافة‏.‏

يعني بقوله بنت مخزوم‏:‏ فاطمة بنت عمرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم، وهي أم أبي طالب، وعبد الله، والزبير، بني عبد المطلب، وقوله‏:‏ ومن ولدت أبناء زهرة منهم، يعني حمزة وصفية، أمهما‏:‏ هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة، وقوله‏:‏ عباس وابن أمه، وهو ضرار بن عبد المطلب، أمهما‏:‏ نتيلة، امرأة من النمر بن قاسط، وسمية أم أبي سفيان، وسمراء أم أبيه الحارث‏.‏

قال ابن سيرين‏:‏ انتدب لهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم من المشركين من ذكرنا وغيرهم، فانتدب لهجو المشركين ثلاثة من الأنصار‏:‏ حسان، وكعب بن مالك، وعبد الله بن رواحة، فكان حسان وكعب يعارضانهم، مثل قولهم في الوقائع والأيام والمآثر، ويذكرون مثالبهم، وكان عبد الله بن رواحة يعيرهم بالكفر وبعبادة ما لا يسمع ولا ينفع، فكان قوله أهون القول عليهم، وكان قول حسان وكعب أشد القول عليهم، فلما أسلموا وفقهوا كان قول عبد الله أشد القول عليهم‏.‏

ونهى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن إنشاد شيء من مناقضة الأنصار ومشركي قريش، وقال‏:‏ في ذلك شتم الحي والميت، وتجديد الضغائن‏.‏ وقد هدم الله أمر الجاهلية بما جاء من الإسلام‏.‏

وقال ابن دريد، عن أبي حاتم، عن أبي عبيدة، قال‏:‏ فضل حسان الشعراء بثلاث‏:‏ كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبي صلى الله عليه وسلم في النبوة، وشاعر اليمن كلها في الإسلام‏.‏

وقال أبو عبيدة‏:‏ أجمعت العرب على أن أشعر أهل المدر أهل يثرب، ثم عبد القيس، ثم ثقيف، على أن أشعر أهل المدر حسان‏.‏

 وقال الأصمعي‏:‏ الشعر نكد يقوى في الشر ويسهل، فإذا دخل في الخير يضعف‏.‏ لأن هذا حسان كان من فحول الشعراء في الجاهلية، فلما جاء الإسلام سقط شعره‏.‏

وقيل لحسان‏:‏ لأن شعرك وهرم يا أبا الحسام، فقال للسائل‏:‏ يا ابن أخي، إن الإسلام يحجز عن الكذب‏.‏ يعني أن الإجادة في الشعر هو الإفراط في الذي يقوله، وهو كذب يمنع الإسلام منه، فلا يجيء الشعر جيداً‏.‏

أخبرنا أبو الفضل المنصور بن أبي الحسن بن أبي عبد الله الطبري الفقيه الشافعي بإسناده إلى أحمد بن علي بن المثنى قال‏:‏ حدثنا حوثرة، أخبرنا حماد بن سلمة، عن هشام، عن أبيه‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلد الذين قالوا لعائشة ما قالوا ثمانين ثمانين‏:‏ حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش‏.‏

وكان حسان ممن خاض في الإفك، فجلد فيه في قوله بعضهم، وأنكر قوم ذلك، وقالوا‏:‏ إن عائشة كانت في الطواف، ومعهما أم حكيم بنت خالد بن العاص، وأم حكيم بنت عبد الله بن أبي ربيعة، فذكرتا حسان بن ثابت وسبتاه، فقالت عائشة‏:‏ إني لأرجو أن يدخله الله الجنة بذبه عن النبي صلى الله عليه وسلم بلسانه، أليس القائل‏:‏ الوافر‏:‏

فإن أبي ووالده وعرضي ** لعرض محمد منكم وقاء‏.‏

وبرأته من أن يكون افترى عليها، فقالتا‏:‏ ألم يقل فيك‏؟‏ فقالت‏:‏ لم يقل شيئاً، ولكنه الذي يقول‏:‏ الطويل‏:‏

حصان رزان مـا تـزن بـريبة ** وتصبح غرثى من لحوم الغوافل‏.‏

فإن كان ما قد قيل عني قلـتـه ** فلا رفعت سوطي إلى أناملـي‏.‏

وكان حسان من أجبن الناس حتى إن النبي صلى الله عليه وسلم جعله مع النساء في الآطام يوم الخندق‏.‏

أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن علي البغدادي، بإسناده إلى يونس ين بكير، عن ابن إسحاق قال‏:‏ حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال‏:‏ كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع، حصن حسان بن ثابت، قالت وكان حسان بن ثابت معنا فيه، مع النساء والصبيان، حيث خندق النبي صلى الله عليه وسلم قالت صفية‏:‏ فمر بنا رجل من يهود، فجعل يطيف بالحصن، قالت له صفية‏:‏ إن هذا اليهودي يطيف بالحصن كما ترى، ولا آمنه أن يدل على عورتنا من وراءنا من يهود، وقد شغل عنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فانزل إليه فاقتله، قال‏:‏ يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب، لقد عرفت ما أنا بصاحب هذا‏.‏ قالت صفية‏:‏ فلما قال ذلك أخذت عموداً، ونزلت من الحصن إليه، فضربته بالعمود حتى قتله، ثم رجعت إلى الحصن، فقلت‏:‏ يا حسان، انزل فاسلبه، فقال‏:‏ ما لي بسلبه من حاجة يا بنت عبد المطلب‏.‏

ولم يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً من مشاهده لجنبه، ووهب له النبي صلى الله عليه وسلم جاريته سيرين أخت مارية، فأولدها عبد الرحمن بن حسان، فهو وإبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنا خالة‏.‏

أخبرنا أبو ياسر عبد الوهاب بن هبة الله بإسناده، عن عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، أخبرنا معاوية بن هشام، أخبرنا سفيان، عن عبد الله بن عثمان ح قال أبي‏:‏ وحدثنا قبيصة، عن سفيان، عن ابن خثيم، عن عبد الرحمن بن مهران، عن عبد الرحمن بن حسان، عن أبيه، قال‏:‏ لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زوارات القبور‏.‏

وتوفي حسان قبل الأربعين في خلافة علي، وقيل‏:‏ بل مات سنة خمسين، وقيل‏:‏ سنة أربع وخمسين وهو ابن مائة وعشرين سنة، لم يختلفوا في عمره وأنه عاش ستين سنة في الجاهلية، وستين في الإسلام، وكذلك عاش أبوه ثابت، وجده المنذر، وأبو جده حرام، عاش كل واحد منهم مائة وعشرين سنة، ولا يعرف في العرب أربعة تناسلوا من صلب واحد، وعاش كل منهم مائة وعشرين سنة غيرهم، قال سعيد بن عبد الرحمن‏:‏ ذكر عند أبي عبد الرحمن عمر أبيه، وأجداده، فاستلقى على فراشه وضحك، فمات وهو ابن ثمان وأربعين سنة‏.‏

أخرجه الثلاثة‏.‏

حسان بن جابر

ب د ع‏.‏ حسان بن جابر‏.‏ وقيل‏:‏ ابن أبي جابر السلمي، شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم الطائف‏.‏

روى بقية بن الوليد، عن سعيد بن إبراهيم القرشي، عن أبي يوسف، شيخ شامي، قال‏:‏ سمعت حسان بن أبي جابر قال‏:‏ كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطائف فرأى قوماً قد حمروا وصفروا، فقال‏:‏ ‏"‏مرحباً بالمحمرين والمصفرين‏"‏‏.‏

 أخبرنا يحيى بن محمود بن سعد الثقفي بإسناده عن أبي بكر بن أبي عاصم، قال‏:‏ حدثنا محمد ابن مصفى، حدثنا بقية، عن سعيد بن إبراهيم بن أبي العطوف الحراني، عن أبي يوسف، عن حسان بن أبي جابر قال‏:‏ كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الطواف، فرأى رجالاً من أصحابه صفروا لحاهم، وآخرين قد حمروها، فقال‏:‏ ‏"‏مرحباً بالمحمرين والمصفرين‏"‏‏.‏

أخرجه الثلاثة‏.‏

حسان بن أبي حسان

د حسان بن أبي حسان العبدي‏.‏ قدم على النبي صلى الله عليه وسلم في وفد عبد القيس‏.‏

روى عنه ابنه يحيى أنه قال‏:‏ ‏"‏نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الأوعية‏"‏‏.‏ قال ابن منده وهو أخرجه‏:‏ هذا وهم، والصواب ما رواه غير واحد، عن يحيى بن عبد الله بن الحارث، عن يحيى بن حسان، عن ابن الرسيم، عن أبيه، قال‏:‏ كنت في الوفد فذكره نحوه‏.‏

حسان بن خوط

ب حسان بن خوط، الذهلي ثم البكري‏.‏ كان شريفاً في وقومه، وكان وافد بكر بن وائل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وله بنون جماعة، وشهد الجمل مع علي، وابنه بشر القائل‏:‏ الرجز‏:‏

أنا ابن حسان بن خوط وأبي ** رسول بكر كلها إلى النبي‏.‏

أخرجه أبو عمر‏.‏

قلت‏:‏ قال بشر هذا الشعر يوم الجمل، وكانت راية بكر مع أخيه الحارث بن حسان الذهلي، فقتل الحارث فقيل فيه، الرجز‏:‏

**أنعى الرئيس الحارث بن حسان**

الأبيات، وقال أخوه بشر‏:‏ الرجز‏:‏ أنا ابن حسان بن خوط‏.‏

الأبيات‏.‏

حسان بن أبي سنان

س حسان بن أبي سنان‏.‏ ذكره علي بن سعيد العسكري في الصحابة، وروى عن الحسن بن عرفة عن عمر بن حفص العبدي، عن الهيثم بن حكيم، عن أبي عاصم الحبطي، عن حسان ابن أبي سنان، قال‏:‏ ‏"‏طالب العلم بين الجهال كالحي بين الأموات‏"‏‏.‏

قال ابن أبي حاتم‏:‏ حسان بن أبي سنان، روى عن الحسن‏.‏

أخرجه أبو موسىمختصراً‏.‏

حسان بن شداد

د ع حسان بن شداد بن شهاب بن زهير بن ربيعة بن أبي الأسود التميمي الطهوي‏.‏

روى عنه ابنه نهشل، له ولأمه صحبة، عداده في أعراب البصرة، روى ابنه نهشل عنه أنه قال‏:‏ وفدت أمي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت‏:‏ يا رسول الله، غني وفدت إليك لتدعو لبني هذا أن يجعل الله فيه البركة، وأن يجعله كبيراً طيباً مباركاً‏.‏ فمسح وجهه وقال‏:‏ ‏"‏اللهم، بارك لهما فيه، واجعله كبيراً طيباً‏"‏‏.‏

أخرجه ابن منده وأبو نعيم، وساق ابن منده نسبه كما ذكرنا والذي أعرفه‏:‏ شداد بن زهير بن شهاب، والله أعلم‏.‏

حسان بن عبد الرحمن

س حسان بن عبد الرحمن الضبعي‏.‏ ذكره العسكري في الأفراد‏.‏

روى علي بن سعيد، وهو العسكري، عن إسحاق بن وهب، عن أبي داود الطيالسي، عن همام، عن قتادة، عن حسان بن عبد الرحمن الضبعي قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏لو اغتسلتم من المذي لكان أشد عليكم من الحيض‏"‏‏.‏ ذكره ابن أبي حاتم فقال‏:‏ روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً، وعن ابن عمر‏.‏

أخرجه أبو موسى‏.‏

حسان بن قيس

حسان بن قيس ين أبي سود بن كلب بن عدي بن غدانة بن يربوع بن حنظلة التميمي اليربوعي‏.‏ يكنى أبا سود‏.‏

ذكره أبو عمر في الكنى فقال‏:‏ أبو سود بن أبي وكيع التميمي، ولم يسمه، وسماه ابن قانع ونسبه كما ذكرناه، ويرد في الكنى إن شاء الله تعالى أتم من هذا‏.‏

حسحاس بن بكر

س حسحاس بن بكر بن عوف بن عمرو بن عدي بن عمرو بن مازن بن الأزد، نسبه ابن ماكولا وأورده ابن أبي حاتم أيضاً، ومن ولده‏:‏ أبو الفيض بن الحسحاس بن بكر، وذكره ابن ماكولا أيضاً‏.‏

أخرجه أبو موسى، ولم يورد له حديثاً، وقد روى له ابن ماكولا بعد أن نسبه كما ذكرناه وقال‏:‏ له صحبة، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من لقي الله بخمس عوفي من النار‏:‏ سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر‏"‏‏.‏

الحسحاس

ب س الحسحاس، آخر‏.‏ أخبرنا أبو موسى المديني كتابة، أخبرنا أبو علي الحداد، أخبرنا الفضل بن محمد بن سعيد، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر، أخبرنا أحمد بن علي بن الجارود، أخبرنا أبو حاتم، أخبرنا يحيى بن المغيرة، اخبرنا زافر بن سليمان، عن أبي يحمد، عن يونس بن زهران، عن الحسحاس، وكانت له صحبة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ ‏"‏من لقي الله بخمس عوفي من النار وأدخل الجنة‏:‏ سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر وولد محتسب‏"‏‏.‏

 أبو يحمد‏:‏ هو بقية بن الوليد، هذا لفظ أبي موسى‏.‏

وقال أبو عمر‏:‏ الحسحاس، رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏في سبحان الله‏"‏ الحديث، كذا ذكره ابن أبي حاتم، وذكره غيره في الخاء المنقوطة، فإن كان كذلك فهو الخشخاش غير العنبري الذي بالخاء والشين المعجمات، قال أبو عمر‏:‏ وهو عندي وهم، لأن حديث ذاك غير حديث هذا‏.‏

قلت‏:‏ قد جعل أبو موسى الحسحاس ترجمتين، إحداهما الأولى التي قبل هذه، ونسبه عن ابن ماكولا، والثانية هذه وقال‏:‏ حسحاس آخر، وروي للثاني حديث‏:‏ سبحان الله، وروي للأول عن ابن ماكولا، ولم يذكر له حديثاً، وابن ماكولا إنما روى هذا الحديث في الترجمة الأولى التي رواها أبو موسى عنه، فجعل أبو موسى هذا الثاني راوياً للحديث، وجعل الأول فارغاً من الحديث، وأحال به على ابن ماكولا، وابن ماكولا روى الحديث في الأول الذي نسبه، والله أعلم‏.‏

حسل بن خارجة

ب حسل بن خارجة الأشجعي، وقيل‏:‏ حسيل، وبعضهم يقول‏:‏ حنبل‏.‏ أسلم يوم خيبر وشهد فتحها، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أنه أعطى الفارس يومئذ ثلاثة أسهم، وأعطى الراجل سهماً واحداً‏.‏

أخرجه أبو عمر مختصراً‏.‏

حسل‏:‏ بكسر الحاء وآخره لام‏.‏

حسل العامري

د ع حسل العامري‏.‏ من بني عامر بن لؤي، حديثه‏:‏ مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته على رجل قد فرغ من حجته، فقال له‏:‏ ‏"‏أسلم لك حجك‏"‏‏؟‏ قال‏:‏ نعم، قال‏:‏ ‏"‏ائتنف العمل‏"‏‏.‏

الحسن بن علي

ب د ع الحسن بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، القرشي الهاشمي، أبو محمد، سبط النبي صلى الله عليه وسلم، وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيدة نساء العالمين، وهو سيد شباب أهل الجنة، وريحانة النبي صلى الله عليه وسلم وشبيهه، سماه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن، وعق عنه يوم سابعه، وحلق شعره وأمر أن يتصدق بزنة شعره فضة، وهو خامس أهل الكساء‏.‏

قال أبو أحمد العسكري‏:‏ سماه النبي صلى الله عليه وسلم الحسن، وكناه أبا محمد، ولم يكن يعرف هذا الاسم في الجاهلية، وروي عن ابن الأعرابي، عن المفضل، قال‏:‏ غن الله حجب اسم الحسن والحسين حتى سمى بهما النبي صلى الله عليه وسلم ابنيه الحسن والحسين، قال‏:‏ فقلت له‏:‏ فاللذين باليمن‏؟‏ قال‏:‏ ذاك حسن ساكن السين، وحسين بفتح الحاء وكسر السين، ولا يعرف قبلهما إلا اسم رملة في بلاد ضبة، قال ابن عنمة‏:‏ الوافر‏:‏

**غداة أضر بالحسن السبيل**

وعندها قتل بسطام بن قيس الشيباني‏.‏

أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي الأمين، أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر، أخبرنا أبو طاهر بن أبي الصقر الأنباري، أخبرنا أبو البركات أحمد بن عبد الواحد بن نظيف، حدثنا الحسن بن رشيق، أخبرنا أبو بشر الدولابي قال‏:‏ سمعت أبا بكر بن عبد الرحيم الزهري يقول‏:‏ ولد الحسن بن علي بن أبي طالب، وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النصف من رمضان سنة ثلاث من الهجرة، وتوفي بالمدينة سنة تسع وأربعين، وقيل‏:‏ ولد للنصف من شعبان سنة ثلاث، وقيل‏:‏ ولد بعد أحد بسنة، وقيل‏:‏ بسنتين، وكان بين أحد والهجرة سنتان وستة أشهر ونصف‏.‏

قال الدولابي‏:‏ وحدثنا الحسن بن علي بن عفان، أخبرنا معاوية بن هشام، أخبرنا علي بن صالح، عن سماك بن حرب، عن قابوس بن المخارق قال‏:‏ قالت أم الفضل‏:‏ يا رسول الله، رأيت كأن عضواً من أعضائك في بيتي، قال‏:‏ ‏"‏خيراً رأيت، تلد فاطمة غلاماً فترضعيه بلبن قثم‏"‏، فولدت الحسن فأرضعته بلبن قثم، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه‏:‏ لما ولد الحسن جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏أروني ابني، ما سميتموه‏"‏‏؟‏ قلت‏:‏ سميته حرباً، قال‏:‏ ‏"‏بلى هو حسن‏"‏، فلما ولد الحسين سميناه حرباً، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏أروني ابني، ما سميتموه‏"‏‏؟‏ قلت‏:‏ سميته حرباً، قال‏:‏ ‏"‏بل هو حسين‏"‏‏.‏ فلما ولد الثالث جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏أروني ابني، ما سميتموه‏"‏‏؟‏ قلت‏:‏ سميته حرباً، قال‏:‏ ‏"‏بل هو محسن‏"‏، ثم قال‏:‏ ‏"‏سميتهم بأسماء ولد هارون‏:‏ شبر وشبير ومشبر‏"‏‏.‏

روى عنه عائشة، والشعبي، وسويد بن غفلة، وشقيق بن سلمة، وهبيرة بن يريم،والمسيب بن نجبة، والأصبع بن نباتة، وأبو الحوراء، ومعاوية بن حديج، وإسحاق بن بشار، ومحمد بن سيرين، وغيرهم‏.‏

 أخبرنا أبو جعفر أحمد بن علي وغير واحد قالوا‏:‏ أخبرنا أبو الفتح الكروخي بإسناده، عن أبي عيسى محمد بن عيسى الترمذي، أخبرنا قتيبة، أخبرنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن يزيد بن أبي مريم عن أبي الحوراء قال‏:‏ قال الحسن بن علي‏:‏ علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر‏:‏ ‏"‏اللهم، أهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت‏"‏‏.‏

أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن سكينة، أخبرنا محمد بن علي السلامي، أخبرنا ابن أب الصقر، أخبرنا أبو البركات بن نظيف، أخبرنا الحسن بن رشيق، أخبرنا بشر الدولابي، حدثنا محمد بن بشار، أخبرنا محمد بن جعفر، أخبرنا شعبة ح قال أبو بشر‏:‏ وحدثنا يوسف بن سعيد، أخبرنا حجاج بن محمد، أخبرنا شعبة، أخبرنا يزيد بن أبي مريم، عن أبي الحوراء قال‏:‏ قلت للحسن بن علي‏:‏ ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قال‏:‏ أذكر من رسول الله أني أخذت تمرة من تمر الصدقة، فتركتها في فمي، فنزعها بلعابها، وجعلها في تمر الصدقة، فقيل‏:‏ يا رسول الله، ما كان عليك من هذه التمرة‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة‏"‏، وكان يقول‏:‏ ‏"‏دع ما يريبك إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة، وإن الكذب ريبة‏"‏‏.‏ وكان يعلمنا هذا الدعاء‏.‏ وذكر حديث القنوت‏.‏

أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر، أخبرنا أبو محمد جعفر بن الحسين القاري، أخبرنا عبيد الله بن عمر، أخبرنا عبد الله بن إبراهيم بن أيوب، أخبرنا موسى بن إسحاق، أخبرنا خالد العمري، أخبرنا سفيان الثوري، عن سعد بن طريف، عن عمير بن مأمون، قال‏:‏ سمعت الحسن بن علي يقول‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏من صلى صلاة الغداة فجلس فس مصلاه حتى تطلع الشمس كان له حجاب من النار‏"‏، أو قال‏:‏ ‏"‏ستر من النار‏"‏ أخبرنا عمر بن محمد بن طبرزد، أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي غالب بن الطلاية الوراق، أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأنماطي، أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي، أخبرنا داود بن رشيد، أخبرنا مروان، أخبرنا الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نعم البجلي، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة‏:‏ عيسى ويحيى بن زكرياء عليهما السلام‏"‏‏.‏

أخبرنا إسماعيل بن عبيد الله وغيره بإسنادهم إلى محمد بن عيسى بن سورة، أخبرنا سفيان بن وكيع، وعبد بن حميد قالا‏:‏ حدثنا خالد بن الحارث، أخبرنا موسى بن يعقوب الربعي، عن عبد الله بن أبي بكر بن زيد بن المهاجر قال‏:‏ أخبرني مسلم بن أبي سهل النبال، أخبرني الحسن بن أسامة بن زيد قال‏:‏ أخبرني أبي أسامة بن زيد قال‏:‏ طرقت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة في بعض الحاجة، فخرج إلي وهو مشتمل علي شيء لا أدري ما هو، فلما فرغت من حاجتي قلت‏:‏ ما هذا الذي أنت مشتمل عليه‏؟‏ فكشفه فإذا حسن وحسين على وركيه، فقال‏:‏ ‏"‏هذان ابناي وابنا ابنتي، اللهم إني أحبهما فأحبهما، وأحب من يحبهما‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وحدثنا محمد بن عيسى، حدثنا محمد بن بشار، وأخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، وأخبرنا الأشعت، هو ابن عبد الملك، عن الحسن، عن أبي بكرة قال صعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فقال‏:‏ ‏"‏إن ابني هذا سيد، يصلح الله به بين فئتين عظيمتين‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وأخبرنا محمد، أخبرنا الحسين بن حريث، أخبرنا علي بن الحسين بن واقد، حدثني أبي، حدثني عبد الله بن بريدة قال‏:‏ سمعت أبي بريدة يقول‏:‏ كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين، عليهما قميصان أحمران، يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر، فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال‏:‏ ‏"‏صدق الله ‏"‏إنما أموالكم وأولادكم فتنة‏"‏ ‏"‏نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وحدثنا محمد، أخبرنا محمد بن يحيى، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أنس بن مالك قال‏:‏ لم يكن أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم من الحسن بن علي‏.‏

 قال‏:‏ وحدثنا محمد، أخبرنا محمد بن بشار، اخبرنا أبو عامر العقدي، أخبرنا زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس قال‏:‏ ‏"‏كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حامل الحسن على عاتقه فقال رجل‏:‏ نعم المركب ركبت يا غلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‏"‏ونعم الراكب هو‏"‏‏.‏

أخبرنا أبو الفرج بن أبي الرجاء الثقفي بإسناده إلى مسلم بن الحجاج، أخبرنا محمد بن بشار وأبو بكر بن نافع، أخبرنا غندر، وأخبرنا شعبة عن عدي بن ثابت، عن البراء قال‏:‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعاً الحسن بن علي على عاتقه، وهو يقول‏:‏ ‏"‏اللهم، إني أحبه فأحبه‏"‏‏.‏

قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عيسى، أخبرنا قتيبة بن سعيد، أخبرنا محمد بن سليمان الأصفهاني، عن يحيى بن عبيد، عن عطاء، عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا‏}‏ في بيت أم سلمة، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة، وحسناً وحسيناً، فجللهم بكساء، وعلي خلف ظهره، ثم قال‏:‏ ‏"‏هؤلاء أهل بيتي، فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً‏"‏‏.‏ قالت أم سلمة‏:‏ وأنا معهم يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏أنت على مكانك، أنت إلى خير‏"‏‏.‏

قال محمد‏:‏ وحدثنا علي بن المنذر الكوفي، حدثنا محمد بن فضيل، أخبرنا الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد والأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن زيد بن أرقم، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا، أحدهما أعظم من الآخر‏:‏ كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وأخبرنا محمد، أخبرنا أبو داود سليمان بن الأشعث، أخبرنا يحيى بن معين، أخبرنا هشام ابن يوسف، عن عبد الله بن سليمان النوفلي، عن محمد بن علي بن عن عبد الله بن عباس، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه، وأحبوني بحب الله، وأحبوا أهل بيتي بحبي‏"‏‏.‏

قيل‏:‏ إن الحسن بن علي حج عدة حجات ماشياً، وكان يقول‏:‏ إن لأستحي من ربي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته، وقاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات، فكان يترك نعلاً ويأخذ نعلاً وخرج من ماله كله مرتين‏.‏

وقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏حسن سبط من الأسباط‏"‏ وكان حليماً كريماً ورعاً، دعاه ورعه وفضله إلى أن ترك الملك والدنيا، رغبة فيما عند الله تعالى، وكان يقول‏:‏ ما أحببت أن ألي أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أن يهراق في ذلك محجمة دم، وكان من المبادرين إلى نصرة عثمان بن عفان‏.‏

وولي الخلافة بعد قتل أبيه علي رضي الله عنهما، وكان قتل علي لثلاث عشرة بقيت من رمضان من سنة أربعين، وبايعه أكثر من أربعين ألفاً، كانوا قد بايعوا أباه على الموت، وكانوا أطوع للحسن، وأحب له‏.‏ وبقي نحو سبعة أشهر خليفة بالعراق، وما وراءه من خراسان والحجاز واليمن وغير ذلك، ثم سار معاوية إليه من الشام، وسار هو إلى معاوية، فلما تقاربا علم أنه لن تغلب إحدى الطائفتين حتى يقتل أكثر الأخرى، فأرسل إلى معاوية يبذل له تسليم الأمر إليه، على أن تكون له الخلافة لعده، وعلى أن لا يطلب أحداً من أهل المدينة والحجاز والعراق بشيء مما كان أيام أبيه، وغير ذلك من القواعد، فأجابه معاوية إلى ما طلب، فظهرت المعجزة النبوية في قوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏إن ابني هذا سيد يصلح الله به بين فئتين من المسلمين‏"‏‏.‏ وأي شرف أعظم من شرف من سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيداً‏؟‏‏.‏

 أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن الدمشقي إجازة، أخبرنا أبي، أخبرنا أبو السعود، حدثنا أحمد بن محمد بن المجلي، أخبرنا محمد بن محمد بن أحمد العكبري، أخبرنا محمد بن أحمد بن خاقان، أخبرنا أبو بكر بن دريد قال‏:‏ قام الحسن بعد موت أبيه أمير المؤمنين فقال بعد حمد الله عز وجل‏:‏ إنا والله ما ثنانا عن أهل الشام شك ولا ندم، وإنما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر، فسلبت السلامة بالعداوة، والصبر بالجزع، وكنتم في منتدبكم إلى صفين ودينكم أمام دنياكم، فأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم، ألا وإنا لكم كما كنا، ولستم لنا كما كنتم، ألا وقد أصبحتم بين قتيلين‏:‏ قتيل بصفين تبكون له، وقتيل بالنهروان تطلبون بثأره، فأما الباقي فخاذل، وأما الباكي فثائر، ألا وإن معاوية دعانا إلى أمر ليس فيه عز ولا نصفة، فإن أردتم الموت رددناه عليه، وحاكمناه إلى الله عز وجل بظبا السيوف، وإن أردتم الحياة قبلناه وأخذنا لكم الرضا، فناداه القوم من كل جانب‏:‏ البقية البقية، فلما أفردوه أمضى الصلح‏.‏

أخبرنا إبراهيم بن محمد بن مهران الفقيه وغير واحد، قالوا بإسنادهم إلى أبي عيسى الترمذي قال‏:‏ حدثنا محمود بن غيلان، أخبرنا أبو داود الطيالسي، أخبرنا القاسم بن الفضل الحداني، عن يوسف بن سعد‏.‏

قال‏:‏ قام رجل إلى الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية، فقال‏:‏ سودت وجوه المؤمنين، أو‏:‏ يا مسود وجوه المؤمنين، فقال‏:‏ لا تؤنبني، رحمك الله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أرى بني أمية على منبره فساءه ذلك، فنزلت‏:‏ ‏{‏إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ‏}‏ تملكها بعدي بنو أمية‏.‏

وقد اختلف في الوقت الذي سلم فيه الحسن الأمر إلى معاوية، فقيل‏:‏ في النصف من جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين، وقيل‏:‏ لخمس بقين من ربيع الأول منهما، وقيل‏:‏ في ربيع الآخر، فتكون خلافته على هذا ستة أشهر واثني عشر يوماً، وعلى قول من يقول‏:‏ في ربيع الآخر تكون خلافته ستة أشهر وشيئاً، وعلى قول من يقول‏:‏ في جمادى الأولى نحو ثمانية أشهر، والله أعلم، وقول من قال سلم الأمر سنة إحدى وأربعين، أصح ما قيل فيه، وأما من قال‏:‏ سنة أربعين، فقد وهم‏.‏

ولما بايع الحسن معاوية خطب الناس قبل دخول معاوية الكوفة فقال‏:‏ أيها الناس، إنما نحن أمراؤكم وضيفانكم، ونحن أهل بيت نبيكم الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً، وكرر ذلك حتى ما بقي إلا من بكى حتى سمع نشيجه‏.‏

ولما دخل معاوية الكوفة وبايعه الناس قال عمرو بن العاص لمعاوية‏:‏ لتأمر الحسن ليخطب، فقال‏:‏ لا حاجة بنا إلى ذلك، فقال عمرو‏:‏ لكني أريد ذلك ليبدو عيه، فإنه لا يدري هذه الأمور، فقال له معاوية‏:‏ قم يا حسن فكلم الناس فيما جرى بيننا، فقام الحسن في أمر لم يرو فيه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال في بديهته‏:‏ أما بعد، أيها الناس، فإن الله هداكم بأولنا، وحقن دماءكم بآخرنا، ألا إن أكيس الكيس التقى، وإن أعجز العجز الفجور، وإن هذا الأمر الذي اختلف أنا ومعاوية فيه‏:‏ إما أن يكون أحق به مني، وإما أن يكون حقي تركته لله عز وجل، ولإصلاح أمة محمد صلى الله عليه وسلم حقن دمائكم، ثم التفتت إلى معاوية وقال‏:‏ ‏{‏وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ‏}‏ فأمره معاوية بالنزول، وقال لعمرو‏:‏ ما أردت إلا هذا‏.‏

وقد اختلف في وقت وفاته، فقيل‏:‏ توفي سنة تسع وأربعين، وقيل‏:‏ سنة خمسين، وقيل‏:‏ سنة إحدى وخمسين، وكان يخضب بالوسمة‏.‏

وكان سبب موته أن زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس السم، فكانت توضع تحته طست، وترفع أخرى نحو أربعين يوماً، فمات منه، ولما اشتد مرضه قال لأخيه الحسين رضي الله عنهما‏:‏ يا أخي سقيت السم ثلاث مرات لم أسق مثل هذه، إني لأضع كبدي، قال الحسين‏:‏ من سقاك يا أخي‏؟‏ قال‏:‏ ما سؤالك عن هذا‏؟‏ أتريد أن تقاتلهم‏؟‏ أكلهم إلى الله عز وجل‏.‏ ولما حضرته الوفاة أرسل إلى عائشة يطلب منها أن يدفن مع النبي صلى الله عليه وسلم، فلقد كنت طلبت منها فأجابت إلى ذلك، فلعلها تستحي مني، فإن أذنت فادفني في بيتها، وما أظن القوم، يعني بني أمية، إلا سيمنعونك، فإن فعلوا فلا تراجعهم في ذلك، وادفني في بقيع الغرقد‏.‏

 فلما توفي جاء الحسين إلى عائشة في ذلك فقالت‏:‏ نعم وكرامة، فبلغ ذلك مروان وبني أمية فقالوا‏:‏ والله لا يدفن هنالك أبداً‏.‏ فبلغ ذلك الحسين فلبس هو ومن معه السلاح، ولبسه مروان، فسمع أبو هريرة فقال‏:‏ والله إنه لظلم، يمنع الحسن أن يدفن مع أبيه‏!‏ والله إنه لابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أتى الحسين فكلمه وناشده الله، وقال‏:‏ أليس قد قال أخوك‏:‏ إن خفت فردني إلى مقبرة المسلمين، ففعل، فحمله إلى البقيع‏.‏ ولم يشهده أحد من بني أمية إلا سعيد بن العاص، كان أميراً على المدينة، فقدمه الحسين للصلاة عليه، وقال‏:‏ لولا أنها السنة لما قدمتك‏.‏ وقيل‏:‏ حضر الجنازة أيضاً خالد بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط، سأل بني أمية فأذنوا له في ذلك، ووصى إلى أخيه الحسين، وقال له‏:‏ لا أرى أن الله يجمع لنا النبوة والخلافة، فلا يستخفنك أهل الكوفة ليخرجوك‏.‏

قال الفضل بن دكين‏:‏ لما اشتد المرض بالحسن بن علي رضي الله عنهما جزع، فدخل عليه رجل فقال‏:‏ يا أبا محمد، ما هذا الجزع ما هو إلا أن تفارق روحك جسدك فتقدم على أبويك‏:‏ علي وفاطمة، وجديك النبي صلى الله عليه وسلم وخديجة، وعلى أعمامك حمزة وجعفر، وعلى أخوالك القاسم والطيب والطاهر وإبراهيم، وعلى خالاتك‏:‏ رقية وأم كلثوم وزينب، فسري عنه‏.‏ ولما مات الحسن أقام نساء بني هاشم عليه النوح شهراً، ولبسوا الحداد سنة‏.‏

أبو الحوراء‏:‏ بالحاء المهملة، والراء‏.‏

أخرجه الثلاثة‏.‏

حسيل بن جابر

ب د ع‏.‏ حسيل بن جابر بن ربيعة العبسي، والد حذيفة بن اليمان، وقد تقدم الكلام على نسبه في حذيفة ابنه، وهو حليف بني عبد الأشهل، ومن الأنصار، شهد هو وابناه‏:‏ حذيفة وصفوان أحداً، مع النبي صلى الله عليه وسلم، فقتل حسيل، قتله المسلمون خطأ‏.‏

أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن السمين بإسناده إلى يونس بن بكير، عن محمد بن إسحاق، عن عاصم بن عمر بن قتادة، عن محمود بن لبيد قال‏:‏ لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد، رفع حسيل بن جابر، وهو اليمان، أبو حذيفة بن اليمان، وثابت بن وقش بن زعوراء في الآطام مع النساء والصبيان، وهما شيخان كبيران، فقال أحدهما لصاحبه‏:‏ لا أبا لك، ما تنتظر‏؟‏ فو الله ما بقي لواحد منا عمره إلا مثل ظمء حمار، إنما نحن هامة اليوم أو غداً، أفلا نأخذ أسيافنا ثم نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم، لعل الله أن يرزقنا الشهادة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‏؟‏ فأخذا أسيافهما، ولحقا برسول الله صلى الله عليه وسلم ودخلا في المسلمين ولا يعلم بهما، فأما ثابت بن وقش فقتله المشركون، وأما حسيل بن جابر فاختلف عليه أسياف المسلمين، وهم لا يعرفونه، فقتلوه، فقال حذيفة‏:‏ أبي أبي، فقالوا‏:‏ والله ما عرفناه، وصدقوا، فقال حذيفة‏:‏ يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه، فتصدق حذيفة بديته على المسلمين، فزاده ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيراً‏.‏

أخرجه الثلاثة‏.‏

حسيل بن خارجة

د ع حسيل بن خارجة الشجعي، وقيل‏:‏ حسل بغيرياء، وقد تقدم‏.‏

وقال ابن منده وأبو نعيم‏:‏حسين، وقد استدركه أبو موسى على ابن منده، على ما نذكره‏.‏

شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر، خيبر، وروى‏:‏ ‏"‏، النبي شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وروى‏:‏ ‏"‏أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الفرس سهمين وصاحبه سهماً‏"‏‏.‏

روى عنه معن بن حوية أنه قال‏:‏ ‏"‏قدمت المدينة في جلب أبيعه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏يا حسيل، هل لك أن أعطيك عشرين صاعاً من تمر على أن تدل أصحابي على طريق خيبر‏"‏‏؟‏ قال‏:‏ ففعلت، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني عشرين صاعاً من تمر، وأسلمت‏.‏

أخرجه ها هنا ابن منده وأبو نعيم، وأما أبو عمر فأخرجه في حسل، قال‏:‏ وقيل‏:‏ حسيل، فاكتفى بذلك‏.‏

حويه‏:‏ بفتح الحاء المهملة وكسر الواو وبعدها ياء تحتها نقطتان وآخرها هاء، قاله الأمير، وروى حديث سهم الفرس إلا أنه قال‏:‏ شهد حنيناً، هكذا قال‏:‏ حنيناً بألف، فلولا الألف لكنا نظن أن الناسخ صحف خيبر، وخالفه ابن منده وأبو نعيم وأبو عمر‏.‏

حسيل بن نويرة

ب س حسيل بن نويرة الأشجعي‏.‏ كان دليل النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر‏.‏

 أخرجه أبو عمر هكذا مختصراً، وقد ذكر أبو عمر في حسل بغير ياء‏:‏ حسل بن خارجة الأشجعي، وقال‏:‏ أسلم يوم خيبر، وشهد فتحها، وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الفرس سهمين‏.‏ وما أظنهما إلا واحداً‏.‏

وقد اختلف العلماء في نسبه، كما اختلفوا في نسب غيره، وهذه الترجمة لم يذكرها ابن منده ولا أبو نعيم، لأنهما جعلا راوي سهم الفرس والذي شهد خيبر‏:‏ حسيل بن خارجة‏.‏ وقد استدركه أبو موسى على ابن منده، وقال‏:‏ قال ابن شاهين‏:‏ كان دليل النبي صلى الله عليه وسلم إلى خيبر‏.‏ والله أعلم‏.‏

الحسين بن خارجة

س الحسين بن خارجة‏.‏ أخرجه أبو موسى فقال‏:‏ أورده عبدان وقال‏:‏ قال أحمد بن سيار‏:‏ هو رجل كبير، لم يذكر لنا أنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن حديثه حسن، فيه عبرة لمن سمعه‏.‏ قال أبو موسى‏:‏ ذكر أبو عبد الله حسيل بن خارجة الأشجعي، قال‏:‏ ويقال‏:‏ حسين، وذكر فيه ما يدل على أن له صحبة، فكأنه إذاً غير هذا، وذكر أبو موسى عن حسين بن خارجة‏:‏ أنه رأى رؤيا عند مقتل عثمان تدل على كراهية القتال مع إحدى الطائفتين اللتين اقتتلتا بعد قتله، لا حاجة إلى ذكرها‏.‏

أخرجه أبو موسى‏.‏

الحسين بن ربيعة

الحسين بن ربيعة الأحمسي‏.‏ قاله مروان بن معاوية، وذكره مسلم في صحيحه، وقيل‏:‏ الحصين، قاله محمد بن عبيد، وهو أكثر، ونذكر في الحصين، وفي أبي أرطأة، إن شاء الله تعالى، أكثر من هذا‏.‏

الحسين بن السائب

د ع الحسين بن السائب الأنصاري‏.‏ روى رفاعة بن الحجاج الأنصاري، عن الحسين بن السائب قال‏:‏ لما كانت ليلة العقبة أو ليلة بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه‏:‏ ‏"‏كيف تقاتلون‏"‏‏؟‏ فقام عاصم بن ثابت بن أبي الأقلح فأخذ القوس والنبل، وقال‏:‏ أي رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا كان القوم قريباً من مائتي ذراع أو نحو ذلك كان الرمي بالقسي، فإذا دنا القوم تنالنا وتنالهم بالرماح حتى تتقصف، فإذا تقصف تركناها وأخذنا السيوف، فكانت السلة والمجالدة بالسيوف، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏من قاتل فليقاتل قتال عاصم‏"‏‏.‏

أخرجه ابن منده وأبو نعيم‏.‏

الحسين بن عرفطة

س الحسين بن عرطفة بن نضلة بن الأشتر بن حجوان بن فقعس بن طريف بن عمرو بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة‏.‏ كان اسمه‏:‏ حسيلا باللام، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم حسيناً بالنون‏.‏

روى الدارقطني، عن أحمد بن سعيد، عن داود بن محمد بن عبد الملك بن حبيب بن تمام بن حسين بن عرفطة، حدثني أبي، عن أبيه، عن جده، عن جد الجد، عن حسين بن عرفطة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له‏:‏ ‏"‏إذا قمت إلى الصلاة فقل‏"‏‏:‏ ‏{‏بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏‏.‏ حتى ختمها، ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏‏.‏ إلى آخرها‏.‏

أخرجه أبو موسى‏.‏

الحسين بن علي

ب د ع الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، القرشي الهاشمي، أبو عبد الله ريحانة النبي صلى الله عليه وسلم، وشبهه من الصدر إلى ما أسفل منه، ولما ولد أذن النبي صلى الله عليه وسلم في أذنه، وهو سيد شباب أهل الجنة، وخامس أهل الكساء، أمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، سيدة نساء العالمين، إلا مريم عليهما السلام‏.‏

أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن أبي منصور الأمين البغدادي، أخبرنا أبو الفضل بن ناصر، أخبرنا أبو طاهر بن أبي الصقر الأنباري، أخبرنا أبو البركات بن نظيف الفراء، أخبرنا الحسن بن رشيق، أخبرنا أبو بشر الدولابي، أخبرنا محمد بن عوف الطائي، أخبرنا أبو نعيم هو الفضل بن دكين وعبد الله بن موسى قالا‏:‏ حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال‏:‏ لما ولد الحسن سميته حرباً، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏أروني ابني ما سميتموه‏"‏‏؟‏ قلنا‏:‏ حرباً، قال‏:‏ ‏"‏بل حسن‏"‏‏.‏ فلما ولد الحسين سميته حرباً، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏أروني ابني، ما سميتموه‏"‏‏؟‏ قلنا‏:‏ حرباً، قال‏:‏ ‏"‏بل هو حسين‏"‏‏.‏ فلما ولد الثالث سميته حرباً، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ ‏"‏أروني ابني ما سميتموه‏"‏‏؟‏ قلنا‏:‏ حرباً، قال‏:‏ ‏"‏بل هو محسن‏"‏، ثم قال‏:‏ ‏"‏سميتهم بأسماء ولد هارون‏:‏ شبر وشبير ومشبر‏"‏‏.‏

 قال‏:‏ وأخبرنا الدولابي، أخبرنا أبو شيبة إبراهيم بن عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، أخبرنا أبو غسان مالك بن إسماعيل، أخبرنا عمرو بن حريث، عن عمران بن سليمان، قال‏:‏ ‏"‏الحسن والحسين من أسماء أهل الجنة لم يكونا في الجاهلية‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وأخبرنا الدولابي، حدثني أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم الزهري، حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح، قال‏:‏ قال الليث بن سعد‏:‏ ولدت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، وقال جعفر بن محمد‏:‏ لم يكن بين الحمل بالحسين بعد ولادة الحسن إلا طهر واحد، وقال قتادة‏:‏ ولد الحسين بعد الحسن بسنة وعشرة أشهر، فولدته لست سنين، وخمسة أشهر ونصف شهر من الهجرة‏.‏

أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحسن بن أبي عبد الله الديني المخزومي بإسناده إلى أحمد بن علي بن المثنى، أخبرنا عبد الرحمن بن سلام الجمحي، أخبرنا هشام بن زياد، عن أمه، عن فاطمة بنت الحسين‏:‏ أنها سمعت أباها الحسين بن علي يقول‏:‏ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏ما من مسلم ولا مسلمة تصيبه مصيبة، وإن قدم عهدها، فيحدث لها استرجاعاً إلا أحدث الله له عند ذلك، وأعطاه ثواب ما وعده بها يوم أصيب بها‏"‏‏.‏

أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن، أخبرتنا أم المجتبى العلوية قالت‏:‏ قرأ علي إبراهيم ابن منصور، أخبرنا أبو بكر بن المقرئ، أخبرنا أبو يعلى الموصلي، حدثنا جبارة بن مغلس، أخبرنا يحيى بن العلاء، عن مروان بن سالم، عن طلحة بن عبيد الله، عن الحسين بن علي قال‏:‏ قال رسول الله‏:‏ ‏"‏أمان أمتي من الغرق إذا ركبوا البحر أن يقرؤوا‏:‏ ‏{‏بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ‏}‏‏.‏

أخبرنا أبو منصور بن مسلم بن علي بن محمد بن السيحي العدل، أخبرنا أبو البركات محمد ابن محمد بن خميس، أخبرنا أبو نصر أحمد بن عبد الباقي بن طوق، أخبرنا أبو القاسم نصر ابن محمد بن الخليل المرجي، أخبرنا أبو يعلى الموصلي، أخبرنا سليمان بن حيان، أخبرنا عمر بن خليفة العبدي، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال‏:‏ كان الحسن والحسين يصطرعان بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله، ‏"‏يقول‏:‏ هي حسن‏"‏، قالت فاطمة‏:‏ لم تقول‏:‏ هي حسن‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏إن جبريل يقول‏:‏ هي حسين‏"‏‏.‏

أخبرنا إسماعيل بن عبيد الله، وإبراهيم بن محمد بن مهران، وأبو جعفر بن أحمد، قالوا بإسنادهم إلى أبي عيسى محمد بن عيسى، أخبرنا عقبة بن مكرم والعمي البصري، أخبرنا وهب بن جرير بن حازم، أخبرنا أبي، عن محمد بن أبي يعقوب، عن عبد الرحمن بن أبي نعيم أن رجلاً من أهل العراق سأل ابن عمر عن دم البعوض يصيب الثوب، فقال ابن عمر‏:‏ انظروا إلى هذا يسأل عن دم البعوض وقد قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏الحسن والحسين ريحانتاي من الدنيا‏!‏‏"‏ وقد روي نحو هذا عن أبي هريرة، وقد تقدم في ذكر أخيه الحسن أحاديث مشتركة بينهما، فلا حاجة إلى إعادة متونها‏.‏

قال‏:‏ وأخبرنا محمد بن عيسى، أخبرنا الحسن بن عرفة، أخبرنا إسماعيل بن عياش، عن عبد الله بن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن راشد، عن يعلى بن مرة، قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ حسين مني، وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً‏.‏ حسين سبط من الأسباط‏"‏‏.‏

قال‏:‏ وأخبرنا الترمذي، أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن، أخبرنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن ابن إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن علي، قال‏:‏ الحسن أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك‏.‏

أخبرنا يحيى بن محمود بن سعد الثقفي، أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد، وأنا حاضر أسمع، أخبرنا أبو نعيم الحافظ، أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن محمد بن الهيثم، أخبرنا جعفر بن محمد الصائغ، أخبرنا حسين بن محمد، أخبرنا جرير بن حازم، أخبرنا محمد بن سيرين، عن أنس بن مالك قال‏:‏‏:‏ أتى عبيد الله بن زياد لرأس الحسين بن علي عليه السلام، فجعل في طست، فجعل ينكت عليه، وقال في حسنه شيئاً‏.‏ قال أنس‏:‏ كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مخضوباً بالوسمة‏.‏ هذا حديث صحيح متفق عليه‏.‏

 وروى الأوزاعي، عن شداد بن عبد الله قال‏:‏ سمعت واثلة بن الأسقع، وقد جيء برأس الحسين، فعلنه رجل من أهل الشام ولعن أباه، فقام واثلة وقال‏:‏ والله لا أزال أحب علياً والحسن والحسين وفاطمة بعد أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيهم ما قال، لقد رأيتني ذات يوم، وقد جئت النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سلمة، فجاء الحسن فأجلسه على فخذه اليمنى وقبله، ثم جاء الحسين فأجلسه على فخذه اليسرى وقبله، ثم جاءت فاطمة فأجلسها بين يديه، ثم دعا بعلي ثم قال‏:‏ ‏{‏إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا‏}‏‏.‏ قلت لواثلة‏:‏ ما الرجس‏؟‏ قال‏:‏ الشك في الله عز وجل‏.‏

قال أبو أحمد العسكري‏:‏ يقال إن الأوزاعي لم يرو في الفضائل حديثاً غير هذا، والله أعلم‏.‏ قال‏:‏ وكذلك الزهري لم يرو فيها إلا حديثاً واحداً، كانا يخافان بني أمية‏.‏

قال الزبير بن بكار‏:‏ حدثني مصعب قال‏:‏ حج الحسين خمساً وعشرين حجة ماشياً، فإذا يكون قد حج وهو بالمدينة قبل دخولهم العراق منها ماشياً فإنه لم يحج من العراق، وجميع ما عاش بعد مفارقة العراق تسع عشرة سنة وشهوراً، فإنه عاد إلى المدينة من العراق سنة إحدى وأربعين، وقتل أول سنة إحدى وستين‏.‏

وكان الحسين كارهاً لما فعله أخوه الحسن من تسليم الأمر إلى معاوية، وقال‏:‏ أنشدك الله أن تصدق أحدوثة معاوية وتكذب أحدوثة أبيك، فقال له الحسن‏:‏ اسكت، أنا أعلم بهذا الأمر منك‏.‏

وكان الحسين رضي الله عنه فاضلاً كثير الصوم، والصلاة، والحج، والصدقة، وأفعال الخير جميعها‏.‏

وقتل يوم الجمعة وقيل‏:‏ يوم السبت، وهو يوم عاشوراء من سنة إحدى وستين بكربلاء من أرض العراق، وقبه مشهور يزار‏.‏ وسبب قتله أنه لما مات معاوية بن أبي سفيان كاتب كثير من أهل الكوفة الحسين بن علي ليأتي إليهم ليبايعوه، وكان قد امتنع من البيعة ليزيد بن معاوية لما بايع له أبوه بولاية العهد، وامتنع معه ابن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر، فلما توفي معاوية لم يبايع أيضاً، وسار من المدينة إلى مكة، فأتاه كتب أهل الكوفة وهو بمكة، فتجهز للمسير، فنهاه جماعة منهم‏:‏ أخوه محمد ابن الحنفية، وابن عمر، وابن عباس، وغيرهم، فقال‏:‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، وأمرني بأمر فأنا فاعل ما أمر‏.‏ فلما أتى العراق كان يزيد قد استعمل عبيد الله بن زياد على الكوفة، فجهز الجيوش إليه، واستعمل عليهم عمر بن سعد بن أبي وقاص، ووعده إمارة الري‏.‏ فسار أميراً على الجيش وقاتلوا حسيناً بعد أن طلبوا منه أن ينزل على حكم عبيد الله بن زياد، فامتنع، وقاتل حتى قتل هو وتسعة عشر من أهل بيته، قتله سنان بن أنس النخعي، وقيل‏:‏ قتله شمر بن ذي الجوشن، وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي، وقيل‏:‏ قتله عمر بن سعد، وليس بشيء، والصحيح أنه قتله سنان بن أنس النخعي‏.‏ وأما قول من قال‏:‏ قتله شمر وعمر بن سعد، لأن شمر هو الذي حرض الناس على قتله وحمل بهم إليه، وكان عمر أمير الجيش، فنسب القتل إليه، ولما أجهز عليه خولي حمل رأسه إلى ابن زياد، وقال‏:‏ الرجز‏:‏

أوقر ركابي فضةً وذهباً ** فقد قتلت السيد المحجبا

قتلت خير الناس أماً وأباً ** وخيرهم إذ ينسبون نسباً

وقيل‏:‏ إن سنان بن أنس لما قتله قال له الناس‏:‏ قتلت الحسين بن علي، وهو ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها، أعظم العرب خطراً، أراد أن يزيل ملك هؤلاء، فلو أعطوك بيوت أموالهم لكان قليلاً‏!‏ فأقبل على فرسه، وكان شجاعاً به لوثة، فوقف على باب فسطاط عمر بن سعد، وأنشده الأبيات المذكورة، فقال عمر‏:‏ أشهد أنك مجنون، وحذفه بقضيب وقال‏:‏ أتتكم بهذا الكلام‏!‏ والله لو سمعه زياد لقتلك‏.‏

 ولما قتل الحسين أمر عمر بن سعد نفراً فركبوا خيولهم وأوطؤها الحسين، وكان عدة من قتل معه اثنين وسبعين رجلاً، ولما قتل أرسل عمر رأسه ورؤوس أصحابه إلى ابن زياد، فجمع الناس وأحضر الرؤوس، وجعل ينكت بقضيب بين شفتي الحسين، فلما رآه زيد بن أرقم لا يرفع قضيبه قال له‏:‏ اعل بهذا القضيب، فو الذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله صلى الله عليه وسلم على هاتين الشفتين يقلبهما‏.‏ ثم بكى، فقال له ابن زياد‏:‏ أبكى الله عينيك، فو الله لولا أنك شيخ قد خرفت لضربت عنقك‏.‏ فخرج وهو يقول‏:‏ أنتم يا معشر العرب، العبيد بعد اليوم، قتلتم الحسين بن فاطمة، وأمرتم ابن مرجانة، فهو يقتل خياركم، ويستعبد شراركم، وأكثر الناس مراثيه، فمما قيل فيه ما قاله سليمان بن قتة الخزاعي‏:‏ الطويل‏:‏

مررت على أبيات آل مـحـمـد ** فلم أرها أمثالها حـين حـلـت

فلا يبعد الله البـيوت وأهـلـهـا ** وإن أصبحت منهم برغمي تخلت

وكانوا رجـاءً ثـم عـادوا رزيةً ** لقد عظمت تلك الرزايا وجلـت

أولئك قوم لم يشيموا سـيوفـهـم ** ولم تنك في أعدائهم حين سلـت

وإن قتيل الطف من آل هـاشـم ** أذل رقاباً من قـريش فـذلـت

ألم تر أن الأرض أضحت مريضةً ** لفقد حسين والبلاد اقشـعـرت

وقد أعولت تبكي السماء لفـقـده ** وأنجمها ناحت عليه وصـلـت

وهي أبيات كثيرة‏.‏

وقال منصور النمري‏:‏ المنسرح‏:‏

ويلك يا قاتل الحـسـين لـقـد ** بؤت بحمل ينوء بالـحـامـل

أي حباء حبـوت أحـمـد فـي ** حفرته من حرارة الـثـاكـل

تعال فاطلب غداً شـفـاعـتـه ** وانهض فرد حوضه مع الناهل

ما الشك عندي بحـال قـاتـلـه ** لكنني قد أشـك بـالـخـاذل

كأنمـا أنـت تـعـجـبـين ألا ** تنزل بالقوم نقمة الـعـاجـل

لا يعجل الله إن عجـلـت ومـا ** ربك عما ترين بـالـغـافـل

ما حصلت لامرئ سـعـادتـه ** حقت عليه عـقـوبة الآجـل

أخبرنا إبراهيم بن محمد الفقيه وغير واحد، قالوا بإسنادهم إلى الترمذي، قال‏:‏ حدثنا أبو خالد الأحمر قال‏:‏ حدثنا رزين، حدثني سلمى قال‏:‏ دخلت على أم سلمة، وهي تبكي، فقلت‏:‏ ما يبكيك‏؟‏ قالت‏:‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، وعلى رأسه ولحيته التراب، فقلت‏:‏ ما لك يا رسول الله‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏شهدت قتل الحسين آنفاً‏"‏‏.‏

وروى حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس، قال‏:‏ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم نصف النهار، وهو قائم أشعث أغبر، بيده قارورة فيها دم، فقلت‏:‏ بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما هذا الدم‏؟‏ قال‏:‏ ‏"‏هذا دم الحسين، لم أزل ألتقطه منذ اليوم‏"‏، فوجد قد قتل في ذلك اليوم‏.‏

قال‏:‏ أخبرنا محمد بن عيسى، أخبرنا واصل بن عبد الأعلى، أخبرنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير قال‏:‏ لما جيء برأس ابن زياد وأصحابه، نضدت في المسجد، فانتهيت إليهم وهم يقولون‏:‏ قد جاءت، قد جاءت، فإذا حية قد جاءت تتخلل الرؤوس حتى دخلت في منخر عبيد الله بن زياد، فمكثت هنيهة، ثم خرجت، فذهبت حتى تغيبت، ثم قالوا‏:‏ قد جاءت، قد جاءت، ففعلت ذلك مرتين، أو ثلاثاً‏.‏

قال الترمذي‏:‏ هذا حديث حسن صحيح‏.‏

أخرجه الثلاثة‏.‏