فصل: إعراب الآية رقم (89):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الجدول في إعراب القرآن



.إعراب الآية رقم (84):

{قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً (84)}.
الإعراب:
(قل) فعل أمر، والفاعل أنت (كلّ) مبتدأ مرفوع، (يعمل) مضارع مرفوع، والفاعل هو (على شاكلته) جارّ ومجرور متعلّق ب (يعمل)، والهاء مضاف إليه الفاء عاطفة (ربّكم) مبتدأ مرفوع..
و(كم) مضاف إليه (أعلم) خبر مرفوع (الباء) حرف جرّ (من) اسم موصول في محلّ جرّ متعلّق ب (أعلم) (هو أهدى) مثل هو شفاء، وعلامة الرفع في أهدى الضمّة المقدّرة على الألف (سبيلا) تمييز منصوب.
جملة: (قل...) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (كلّ يعمل...) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (يعمل) في محلّ رفع خبر المبتدأ (كلّ).
وجملة: (ربّكم أعلم...) في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول.
وجملة: (هو أهدى) لا محلّ لها صلة الموصول (من).
الصرف:
(شاكلة)، مؤنّث شاكل، اسم بمعنى المثل والنظير، وزنه فاعلة.

.إعراب الآية رقم (85):

{وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً (85)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (يسألونك) مضارع مرفوع.. والواو فاعل، والكاف ضمير مفعول به (عن الروح) جارّ ومجرور متعلّق ب (يسألونك)، (قل) كالسابق، (الروح) مبتدأ مرفوع (من أمر) جارّ ومجرور متعلّق بخبر المبتدأ (ربّي) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على ما قبل الياء.. والياء مضاف إليه الواو استئنافيّة، (ما) نافية (أوتيتم) فعل ماض مبنيّ للمجهول.. و(تم) ضمير نائب الفاعل (من العلم) جارّ ومجرور متعلّق ب (أوتيتم) (إلّا) للحصر (قليلا) مفعول به منصوب.
جملة: (يسألونك...) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (قلّ...) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: (الروح من أمر ربّي) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (أوتيتم...) لا محلّ لها استئنافيّة.
الصرف:
(الروح)، اسم لما يحلّ في البدن إشعارا بحياته، وقال بعض المفسّرين إنّه جبريل..
الفوائد:
- تعنّت اليهود وتعجيزهم للرسل:
روى البخاري ومسلم والترمذي، عن عبد الله قال: بينا أنا مع النبي صلّى اللّه عليه وسلّم في حرث وهو متكئ على عسيب إذ مرّ به اليهود، فقال بعضهم لبعض:
سلوه عن الروح. فقال: ما رابكم إليه؟ وقال بعضهم لا يستقبلنكم بشيء تكرهونه، فقالوا: سلوه، فسألوه عن الروح، فأمسك النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فلم يرد عليهم شيئا، فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامي، فلما نزل الوحي قال: (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي).. إلخ.
وقد اختلف الناس في الروح المسؤول عنه.. فذهبوا بذلك مذاهب. الذي نرتاح إليه ما ذهب إليه أهل التأويل:
أنهم سألوه عن الروح الذي يكون به حياة الجسد وقال أهل النظر منهم: انما سألوه عن كيفية الروح ومسلكه في بدن الإنسان، وكيفيّة امتزاجه بالجسم واتصال الحياة به. وهذا شيء لا يعلمه إلا الله عز وجل، وهكذا ليعرف الإنسان عجزه عن معرفة حقيقة نفسه مع العلم بوجودها.
وحكمة ذلك، تعجيز العقل عن معرفة مخلوق مجاور له، دلالة على أنه عن معرفة خالقه أعجز..

.إعراب الآيات (86- 87):

{وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً (86) إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً (87)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة- أو عاطفة- اللام موطّئة للقسم (إن) حرف شرط جازم (شئنا) فعل ماض مبنيّ على السكون في محلّ جزم فعل الشرط.. و(نا) ضمير فاعل اللام لام القسم (نذهبنّ) مضارع مبنيّ على الفتح في محلّ رفع، والنون للتوكيد، والفاعل نحن للتعظيم (الباء) حرف جرّ (الذي) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بفعل نذهبنّ (أوحينا) مثل شئنا لا محلّ له (إلى) حرف جرّ والكاف ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (أوحينا)، (ثمّ) حرف عطف (لا تجد.. وكيلا) مثل نظيرها، والجارّ والمجرور (به) متعلّق بالاستقرار الذي تعلّق به الجارّ (لك) وهو المفعول الثاني.
وجملة: (شئنا...) لا محلّ لها استئنافيّة- أو معطوفة على استئناف سابق-.
وجملة: (نذهبنّ...) لا محلّ لها جواب القسم.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب القسم.
وجملة: (أوحينا...) لا محلّ لها صلة الموصول (الذي).
وجملة: (لا تجد...) لا محلّ لها معطوفة على جملة القسم.
87- (إلّا) أداة استثناء (رحمة) منصوبة على الاستثناء المنقطع، (من ربّك) جارّ ومجرور متعلّق ب (رحمة)، والكاف مضاف إليه (إنّ) حرف مشبّه بالفعل (فضله) اسم إنّ منصوب، والهاء مضاف إليه (كان) فعل ماض ناقص- ناسخ- واسمه ضمير مستتر تقديره هو (على) حرف جرّ الكاف ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (كبيرا) وهو خبر كان منصوب.
وجملة: (إنّ فضله كان...) لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: (كان عليك كبيرا) في محلّ رفع خبر إنّ.

.إعراب الآية رقم (88):

{قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88)}.
الإعراب:
(قل) فعل أمر، والفاعل أنت (لئن) مثل السابق، (اجتمعت) فعل ماض، والتاء للتأنيث وحرّكت بالكسر لالتقاء الساكنين (الإنس) فاعل مرفوع (الجنّ) معطوف على الإنس بالواو مرفوع (على) حرف جرّ (أن) حرف مصدريّ ونصب (يأتوا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل (بمثل) جارّ ومجرور متعلّق ب (يأتوا)، (ها) حرف تنبيه (ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ مضاف إليه (القرآن) بدل من ذا- أو عطف بيان- مجرور (لا) نافية (يأتون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل (بمثله) جارّ ومجرور متعلّق ب (يأتون)، والهاء ضمير مضاف إليه..
والمصدر المؤوّل (أن يأتوا...) في محلّ جرّ ب (على) متعلّق ب (اجتمعت).
الواو حاليّة (لو) حرف شرط غير جازم (كان) فعل ماض ناقص (بعضهم) اسم كان مرفوع.. و(هم) ضمير مضاف إليه (لبعض) جارّ ومجرور متعلّق ب (ظهيرا) وهو خبر كان منصوب.
جملة: (قل...) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (إن اجتمعت الإنس...) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (لا يأتون...) لا محلّ لها جواب القسم.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه جواب القسم.
وجملة: (كان بعضهم...) في محلّ نصب حال.
الصرف:
(ظهيرا)، صفة مشبّهة من فعل ظهر الثلاثيّ بمعنى أعان، وزنه فعيل.
الفوائد:
- اجتماع واو العطف و(لو) الشرطية: عند ما يتقدم حرف العطف (الواو) قبل (لو) يكون عاطفا على مقدر، ويكون حذف المعطوف عليه مطردا لدلالة المعطوف دلالة واضحة عليه.
ففي قوله تعالى: (وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) فالعطف هنا على مقدّر أي لا يأتون بمثله.

.إعراب الآية رقم (89):

{وَلَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (89)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة اللام لام القسم لقسم مقدّر (قد) حرف تحقيق (صرّفنا) فعل ماض وفاعله (للناس) جارّ ومجرور متعلّق ب (صرّفنا)، (في) حرف جرّ (هذا القرآن) مثل السابقة متعلّق ب (صرّفنا)، (من كلّ) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لمفعول صرّفنا أي صرّفنا عبرة من كلّ مثل- أو مثلا من كل مثل: (مثل) مضاف إليه مجرور الفاء عاطفة (أبى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف (أكثر) فاعل مرفوع (الناس) مضاف إليه مجرور (إلّا) أداة حصر، (كفورا) مفعول به منصوب.
جملة: (صرّفنا...) لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.. وجملة القسم المقدّر لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (أبى أكثر...) لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.
الصرف:
(كفورا)، مصدر سماعيّ لفعل كفر الثلاثيّ، وزنه فعول بضمّ الفاء.

.إعراب الآيات (90- 93):

{وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً (93)}.
الإعراب:
الواو استئنافيّة (قالوا) فعل ماض وفاعله (لن) حرف نفي ونصب (نؤمن) مضارع منصوب، والفاعل نحن اللام حرف جرّ والكاف ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (نؤمن)، (حتّى) حرف غاية وجرّ (تفجّر) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتّى، والفاعل أنت (لنا) مثل لك متعلّق ب (تفجّر)، (من الأرض) جارّ ومجرور متعلّق ب (تفجّر)، (ينبوعا) مفعول به منصوب..
والمصدر المؤوّل (أن تفجّر..) في محلّ جرّ ب (حتّى) متعلّق ب (نؤمن).
جملة: (قالوا...) لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: (لن نؤمن...) في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: (تفجّر...) لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ (أن) المضمر.
91- (أو) حرف عطف (تكون) مضارع ناقص منصوب معطوف على (تفجّر)، (لك) مثل الأول متعلّق بخبر تكون، (جنّة) اسم تكون مرفوع (من نخيل) جارّ ومجرور متعلّق بنعت لجنّة (عنب) معطوف على نخيل بالواو الفاء عاطفة (تفجّر) مثل تفجر معطوف على (تكون)، (الأنهار) مفعول به منصوب (خلالها) ظرف مكان منصوب متعلّق ب (تفجّر) و(ها) مضاف إليه (تفجيرا) مفعول مطلق منصوب.
وجملة: (تكون لك جنّة...) لا محلّ لها معطوفة على جملة تفجر.
وجملة: (تفجّر) لا محلّ لها معطوفة على جملة تكون.
92- (أو تسقط السماء) مثل تفجّر الأنهار الكاف حرف جرّ، (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف مفعول مطلق أي إسقاطا كالذي زعمته (زعمت) فعل ماض وفاعله، والعائد محذوف (على) حرف جرّ و(نا) ضمير في محلّ جرّ متعلّق ب (تسقط)، (كسفا) حال منصوبة على حذف مضاف أي ذات كسف (أو تأتي) مثل أو تسقط (باللّه) جارّ ومجرور متعلّق ب (تأتي)، (الملائكة) معطوف على لفظ الجلالة بالواو مجرور (قبيلا) حال منصوبة من لفظ الجلالة والملائكة.
وجملة: (تسقط...) لا محلّ لها معطوفة على جملة تكون..
وجملة: (زعمت...) لا محلّ لها صلة الموصول (ما).
وجملة: (تأتي...) لا محلّ لها معطوفة على جملة تسقط.
93- (أو يكون لك بيت من زخرف) مثل أو تكون لك جنّة.. (أو ترقى) مثل أو تسقط، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف (في السماء) جارّ ومجرور متعلّق ب (ترقى)، الواو عاطفة (لن نؤمن.. علينا كتابا) مثل لن نؤمن... ينبوعا (نقرؤه) مضارع مرفوع.. والهاء ضمير مفعول به، والفاعل نحن.
والمصدر المؤوّل (أن تنزّل..) في محلّ جرّ ب (حتّى) متعلّق ب (نؤمن).
(قل) فعل أمر، والفاعل أنت (سبحان) مفعول مطلق لفعل محذوف منصوب (ربّي) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على ما قبل الياء.. والياء ضمير مضاف إليه (هل) حرف استفهام للنفي (كنت) فعل ماض ناقص واسمه (إلّا) أداة حصر (بشرا) خبر منصوب (رسولا) نعت ل (بشرا) منصوب.
وجملة: (قل...) لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: أسبّح (سبحان) لا محلّ لها اعتراضيّة دعائيّة.
وجملة: (هل كنت إلّا...) في محلّ نصب مقول القول.
الصرف:
(ينبوعا)، اسم جامد بمعنى عين الماء، وزنه يفعول كيعقوب من عبّ الماء إذا زخر وكثر موجه (تفجيرا)، مصدر قياسيّ لفعل فجّر الرباعيّ، وزنه تفعيل.
(كسفا)، جمع كسفة بمعنى قطعة من كسفت الثوب أي قطعته وزنه فعلة بكسر الفاء.
(قبيلا)، إمّا صفّة مشبّهة بمعنى مقابل وزنه فعيل، وإمّا جمع قبيلة اسم جامد.
(ترقى)، فيه إعلال بالقلب، أصله ترقي بالياء في آخره تحركت بعد فتح قلبت ألفا.
الفوائد:
- حجاج قريش:
حفظ لنا التاريخ أن رجال قريش، مثل عتبة وشيبة ابني ربيعة، وأبي سفيان والنضر بن الحارث، وأبي جهل وعبد اللّه بن أمية، وأمية بن خلف وأبي البختري، والوليد بن المغيرة وغيرهم، لما عجزوا عن معارضة القرآن، ولم يرضوا به معجزة، اجتمعوا- فيما ذكر ابن إسحاق وغيره- بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة، ثم قال بعضهم لبعض: ابعثوا إلى محمد صلّى اللّه عليه وسلّم فكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه، فبعثوا إليه: أن أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليكلمونك فأتهم.
فجاءهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يظن أن قد بدا لهم فيما كلمهم فيه بدو، وكان حريصا، يحب رشدهم، ويعز عليه عنتهم، حتى جلس إليهم. فقالوا له:
يا محمد، إنا قد بعثنا إليك لنكلمك، وإنا واللّه ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك، لقد شتمت الآباء، وعبت الدين، وشتمت الآلهة، وسفّهت الأحلام، وفرقت الجماعة، فما بقي أمر قبيح الا قد جئته فيما بيننا وبينك. أو كما قالوا له، فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثر مالا، وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا، فنحن نسوّدك علينا وان كنت تريد به ملكا، ملكناك علينا وان كان هذا الذي يأتيك رئيا تراه، قد غلب عليك- وكانوا يسمون التابع من الجن رئيا- فربما كان ذلك، بذلنا أموالنا في طلب الطلب لك حتى نبرئك منه، أو نعذر فيك.
فقال لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم:
ما بي ما تقولون. ما جئت بما جئتكم به أطلب أموالكم، ولا الشرف فيكم، ولا الملك عليكم، ولكن اللّه بعثني إليكم رسولا، وأنزل علي كتابا، وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا، فبلغتكم رسالات ربي، ونصحت لكم، فان تقبلوا مني ما جئتكم به، فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه عليّ، أصبر لأمر اللّه، حتى يحكم اللّه بيني وبينكم، أو كما قال صلّى اللّه عليه وسلّم قالوا: يا محمد، فإن كنت غير قابل منا شيئا مما عرضناه عليك، فإنك قد علمت أنه ليس من الناس أحد أضيق بلدا، ولا أقل ماء، ولا أشد عيشا منا، فسل لنا ربك الذي بعثك بما بعثك به، فليسيّر عنا هذه الجبال التي ضيّقت علينا، وليبسط لنا بلادنا، وليخرق لنا فيها أنهارا كأنهار الشام، وليبعث لنا ما مضى من آبائنا، وليكن فيمن يبعث لنا قصيّ بن كلاب، فإنه كان شيخا صدوقا فنسألهم عما تقول، أحق هو أم باطل، فإن صدقوك وصنعت ما سألناك صدقناك، وعرفنا به منزلتك من الله تعالى، وأنه بعثك رسولا كما تقول، فقال لهم صلّى اللّه عليه وسلّم ما بهذا بعثت إليكم، إنما جئتكم من الله تعالى بما بعثني به، وقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه علي أصبر لأمر الله، حتى يحكم اللّه بيني وبينكم. قالوا: فإذا لم تفعل هذا لنا فخذ لنفسك، سل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك بما تقول، ويراجعنا عنك، واسأله، فليجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة، يغنيك بها عما نراك تبغي، فإنك تقوم بالأسواق، وتلتمس المعاش كما نلتمسه، حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك، إن كنت رسولا كما تزعم، فقال لهم صلّى اللّه عليه وسلّم ما أنا بفاعل، وما أنا بالذي يسأل ربه هذا، وما بعثت بهذا إليكم، ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا، فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة، وإن تردوه علي أصبر لأمر اللّه، حتى يحكم اللّه بيني وبينكم. قالوا: فأسقط علينا كسفا من السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل، فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ذلك إلى اللّه عز وجل، إن شاء أن يفعله بكم فعل.
قالوا يا محمد: أفما علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك، ونطلب منك ما نطلب، فيتقدم إليك فيعلمك بما تراجعنا به، ويخبرك ما هو صانع في ذلك بنا إذا لم نقبل منك ما جئتنا به؟ انما بلغنا أنك إنما يعلمك هذا رجل من اليمامة، يقال له الرحمن، وإنا واللّه لن نؤمن بالرحمن أبدا، فإنا أعذرنا إليك يا محمد، وانا واللّه لا نتركك وما بلغت منا حتى نهلك أو تهلكنا.
فلما قالوا ذلك: قام عنهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وانصرف حزينا آسفا إلى أهله، لما فاته مما كان يطمع به من قومه حين دعوه.
فنزل من القرآن ما نزل بحق هؤلاء المعاندين الظالمين المشركين.