فصل: سورة الدخان:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة الدخان:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

.فصل في فضل السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
فضل السّورة:
عن النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قرأ حم الَّتي يذكر فيها الدّخان في ليلة الجمعة أَصبح مغفورًا له». اهـ.

.فصل في مقصود السورة الكريمة:

.قال البقاعي:

سورة الدخان:
مقصودها الإنذار من الهلكة لمن لم يقبل ما في الذكر الكريم الحكيم من الخير والبركة رحمة جعلها بين عامة مشتركة، وعلى ذلك دل اسمها الدخان إذا تؤملت آياته وإفصاح ما فيها وإشاراته. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصيرة في: {حم والكتاب المبين إنا أنزلناه}:

السّورة مكِّيّة إِجماعًا.
اياتها تسع وخمسون في عدّ الكوفة، وسبع في عدّ البصرة، وستّ للباقين.
كلماتها ثلاثمائة وست وأَربعون.
وحروفها أَلف وأَربعمائة وأَحد وثلاثون.
المختلف فيها من الآي أَربع: حم، {إِنَّ هؤلاء لَيَقولونَ}، {إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ}، {فِي الْبُطُونِ}.
فواصل آياتها كلّها (من) سمّيت سورة الدّخان لقوله فيها: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ}.

.معظم مقصود السورة:

نزول القرآن في ليلة القدر، وآيات التوحيد، والشكاية من الكفَّار، وحديث موسى وبني إِسرائيل وفرعون، والرّد على منكرى البعث، وذلّ الكفار في العقوبة، وعزّ المؤمنين في الجنَّة، والمنَّة على الرسول بتيسير القرآن على لسانه في قوله: {فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ}.

.الناسخ والمنسوخ:

فيها آية منسوخة: {فَارْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ} م آية السيف ن. اهـ.

.فصل في متشابهات السورة الكريمة:

.قال ابن جماعة:

سورة الدخان:
406- مسألة:
قوله تعالى: {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ (26)}.
وقال هنا: {وأورثناها قَوْمًا آخرين (28)} وقالت في الشعراء: {وأورثناها بَنِي إِسْرَائِيلَ (59)}.
جوابه:
مع حسن التنويع في الخطاب أن (كنوزا) أبلغ فيما فات على فرعون، فناسب بسط ذكره أولا وملكه وتسلطه ذَكَرَ (الكنوز) وهي الأموال المجموعة.
وهنا في الدخان: قصتهم مختصرة فناسب ذكر الزروع. وأما بنى إسرائيل هناك و{قوما آخرين} في الدخان: فلانه، لما تقدم ذكر بنى إسرائيل ونعمة الله عليهم بغرق عدوهم ونجاتهم منه: ناسب ذكر نعمته عليهم بعودتهم إلى مصر، ولكن بعد مئين من السنين حين تهود ملك مصر، وامتحن الأحبار بالتوراة. والعجب كل العجب من عدة من المفسرين يذكرون هنا أن بنى إسرائيل عادوا إلى مصر بعد غرق فرعون، وهو غفلة عما دل عليه القرآن والأخبار والتواريخ من انتقالهم إلى الشام بعد تجاوز البحر، وأمر التيه، وموت هارون وموسى عليهما السلام في التيه والمختام أن الضمير في {أورثناها} للنعم والجنات بالشام. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

المتشابهات:
قوله: {إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا الأولى} مرفوع. وفى الصّافات منصوب.
ذكر في المتشابه، وليس منه؛ لأن ما في هذه السّورة مبتدأ وخبر، وما في الصّافّات استثناء.
قوله: {ولقد اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} أَى على علم منَّا.
ولم يقل في الجاثية: {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمينَ} لأنه ذكر فيه: {وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ}.
قوله: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} بالجمع؛ لموافقة أول السّورة: {رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ}. اهـ.

.قال الكَرْماني:

سورة الدخان:
472- قوله تعالى: {إن هي إلا موتتنا الأولى} 35 مرفوع وفي الصافات منصوب ذكر في المتشابه وليس منه لأن ما في هذه السورة مبتدأ وخبر وما في الصافات استثناء.
473- قوله: {ولقد اخترناهم على علم على العالمين} 32 أي على علم منا ولم يقل في الجاثية وفضلناهم على علم بل: قال: {وفضلناهم على العالمين} 16 لأنه مكرر في {وأضله الله على علم} 23. اهـ.

.فصل في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال الألوسي:

سورة الدخان مكية كما روي عن ابن عباس وابن الزبير رضي الله تعالى عنهم واستثنى بعض قوله تعالى: {إننا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون} وايها كما قال الداني تسع وخمسون في الكوفي وسبع في البصري وست في عدد الباقين.
واختلافها على ما فيم جمعا لبيان أربع آيات حم وإن هؤلاء ليقولون كوفي شجرة الزقوم عراقي شامي والمدني الأولفي البطون عراقي مكي والمدني الأخير ووجه مناسبتها لما قبلها أنه عز وجلختم ما قبل بالوعيد والتهديد وافتتح هذه بشيء من الأنذار الشديد وذكر سبحانه هنا كقول الرسول صلى الله تعالى عليه وسلم: يا ربإن هؤلاء قوم لا يؤمنون وهنا نظيره فيما حكى عن أخيه موسى عليهم الصلاة والسلام بقوله تعالى: {فدعا ربه أن هؤلاء قوم مجرمون} وأيضا ذكر فيما تقدم لإأفصح عنهم وقل سلام وحكى سبحانه عن موسى عليه السلام إني عذبت بربي وربكم أن ترجعون وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون وهو قريب من قريب إلى غير ذلك وهي إحدى النظائر التي كان يصلي بهن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كما أخرج الطراني عن ابن مسعود الذاريات والطور والنجم واقتربت والرحمن والواقعة ونون والحاقة والمزمل ولا أقسم بيوم القيامة وهل أتى على الإنسان والمرسلات وعم يتساءلون والنازعات وعبس و{ويل للمطففين} و{إذا الشمس كورت} والدخان وورد بفضلها أخبار.
أخرج الترمذي ومحمد بن نصر وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك».
وأخرج المذكورون عنه أيضا يرفعه: «من قرأ حم الدخان في ليلة جمعة أصبح مغفورا له».
وفي رواية للبيهقي وابن الضريس عنه مرفوعا: «من قرأ ليلة الجمعة حم الدخان ويس أصبح مغفورا له».
وأخرج ابن الضريس عن الحسن أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: «من قرأ سورة الدخان في ليلة غفرله ما تقدم من ذنبه».
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حم الدخان في ليلة جمعة أو يوم جمعة بني الله له بيتا في الجنة». اهـ.

.قال ابن عاشور:

سورة الدخان:
سميت هذه السورة حم الدخان روى الترمذي بسندين ضعيفين يعضد بعضهما بعضا: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حم الدخان في ليلة أو في ليلة الجمعة» الحديث.
واللفظان بمنزلة اسم واحد لأن كلمة {حم} غير خاصة بهذه السورة فلا تعد علما لها، ولذلك لم يعدها صاحب الإتقان في عداد السور ذوات أكثر من اسم وسميت في المصاحف وفي كتب السنة سورة الدخان.
و وجه تسميتها بالدخان وقوع لفظ الدخان فيها المراد به آية من آيات الله أيد الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم فلذلك سميت به اهتماما بشأنه، وإن كان لفظ (الدخان) بمعنى آخر قد وقع في سورة حم تنزيل في قوله: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ} [فصلت: 11] وهي نزلت قبل هذه السورة على المعروف من ترتيب تنزيل سور القرآن عن رواية جابر بن زيد التي اعتمدها الجعبري وصاحب الإتقان على أن وجه التسمية لا يوجبها.
وهي مكية كلها في قول الجمهور.
قال ابن عطية: هي مكية لا أحفظ خلافا في شيء منها.
و وقع في الكشاف استثناء قوله: {إِنَّا كَاشِفُوالْعَذَابِ قَلِيلًا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} [الدخان: 15] ولم يعزه إلى قائل، ومثله القرطبي، وذكره الكواشي قولا وما عزاه إلى معين.
وأحسب أنه قول نشأ عما فهمه القائل، وسنبينه في موضعه.
وهي السورة الثالثة والستون في عد نزول السور في قول جابر بن زيد، نزلت بعد سورة الزخرف وقبل سورة الجاثية في مكانها هذا وعدت ايها ستا وخمسين عند أهل المدينة ومكة والشام، وعدت عند أهل البصرة سبعا وخمسين، وعند أهل الكوفة تسعا وخمسين.
أغراضها:
أشبه افتتاح هذه السورة فاتحة سورة الزخرف من التنويه بشأن القرآن وشرفه وشرف وقت ابتداء نزوله ليكون ذلك مؤذنا أنه من عند الله ودالا على رسالة محمد صلى الله عليه وسلم، وليتخلص منه إلى أن المعرضين عن تدبر القرآن ألهاهم الاستهزاء واللمز عن التدبر فحق عليهم دعاء الرسول بعذاب الجوع، إيقاظا لبصائرهم بالأدلة الحسية حين لم تنجع فيهم الدلائل العقلية، ليعلموا أن إجابة الله دعاء رسوله صلى الله عليه وسلم دليل على أنه أرسله ليبلغ عنه مراده.
فأنذرهم بعذاب يحل بهم علاوة على ما دعا به الرسول صلى الله عليه وسلم تأييدا من الله له بما هو زائد على مطلبه.
وضرب لهم مثلا بأمم أمثالهم عصوا رسل الله إليهم فحل بهم من العقاب من شأنه أن يكون عظة لهؤلاء، تفصيلا بقوم فرعون مع موسى ومؤمني قومه، ودون التفصيل بقوم تبه، وإجمالا وتعميما بالذين من قبل هؤلاء.
وإذ كان إنكار البعث وإحالته من أكبر الأسباب التي أغرتهم على إهمال التدبر في مراد الله تعالى انتقل الكلام إلى إثباته والتعريف بما يعقبه من عقوبة المعاندين ومثوبة المؤمنين ترهيبا وترغيبا.
وأدمج فيها فضل الليلة التي أنزل فيها القرآن، أي ابتدئ إنزاله وهي ليلة القدر وأدمج في خلال ذلك ما جرت إليه المناسبات من دلائل الوحدانية وتأييد الله من امنوا بالرسل، ومن إثبات البعث.
وختمت بالشد على قلب الرسول صلى الله عليه وسلم بانتظار النصر وانتظار الكافرين القهر. اهـ.

.قال سيد قطب:

تعريف بسورة الدخان:
يشبه إيقاع هذه السورة المكية، بفواصلها القصيرة، وقافيتها المتقاربة، وصورها العنيفة، وظلالها الموحية.. يشبه أن يكون إيقاعها مطارق على أوتار القلب البشري المشدودة.
ويكاد سياق السورة أن يكون كله وحدة متماسكة، ذات محور واحد، تشد إليه خيوطها جميعًا. سواء في ذلك القصة، ومشهد القيامة، ومصارع الغابرين، والمشهد الكوني، والحديث المباشر عن قضية التوحيد والبعث والرسالة. فكلها وسائل ومؤثرات لإيقاظ القلب البشري واستجاشته لاستقبال حقيقة الإيمان حية نابضة، كما يبثها هذا القرآن في القلوب.
وتبدأ السورة بالحديث عن القرآن وتنزيله في ليلة مباركة فيها يفرق كل أمر حكيم، رحمة من الله بالعباد وإنذارًا لهم وتحذيرًا. ثم تعريف للناس بربهم رب السماوات والأرض وما بينهما، وإثبات لوحدانيته وهو المحيي والمميت رب الأولين والآخرين.
ثم يضرب عن هذا الحديث ليتناول شأن القوم: {بل هم في شك يلعبون}! ويعاجلهم بالتهديد المرعب جزاء الشك واللعب: {فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم}. ودعاءهم بكشف العذاب عنهم وهو يوم يأتي لا يكشف. وتذكيرهم بأن هذا العذاب لم يأت بعد، وهو الأن عنهم مكشوف، فلينتهزوا الفرصة، قبل أن يعودوا إلى ربهم، فيكون ذلك العذاب المخوف: {يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون}..
ومن هذا الإيقاع العنيف بمشهد العذاب ومشهد البطشة الكبرى والأنتقام؛ ينتقل بهم إلى مصرع فرعون وملئه يوم جاءهم رسول كريم، وناداهم: أن أدوا إليَّ عباد الله إني لكم رسول أمين. وألا تعلوا على الله.. فأبوا أن يسمعوا حتى يئس منهم الرسول. ثم كان مصرعهم في هو ان بعد الاستعلاء والاستكبار: {كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ونعمة كانوا فيها فاكهين كذلك وأورثناها قومًا آخرين فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين}..
وفي غمرة هذا المشهد الموحي يعود إلى الحديث عن تكذيبهم بالآخرة، وقولهم: {إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين}ليذكرهم بمصرع قوم تبع، وما هم بخير منهم ليذهبوا ناجين من مثل مصيرهم الأليم.
ويربط بين البعث، وحكمة الله في خلق السماوات والأرض، {وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون}..
ثم يحدثهم عن يوم الفصل: {ميقاتهم أجمعين}. وهنا يعرض مشهدًا عنيفًا للعذاب بشجرة الزقزم، وعتل الأثيم، وأخذه إلى سواء الجحيم، يصب من فوق رأسه الحميم. مع التبكيت والترذيل: {ذق إنك أنت العزيز الكريم إن هذا ما كنتم به تمترون}..
وإلى جواره مشهد النعيم عميقًا في المتعة عمق مشهد العذاب في الشدة. تمشيئا مع ظلال السورة العميقة وإيقاعها الشديد..
وتختم السورة بالإشارة إلى القرآن كما بدأت: {فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون}.. وبالتهديد الملفوف العنيف: {فارتقب إنهم مرتقبون}.
إنها سورة تهجم على القلب البشري من مطلعها إلى ختامها، في إيقاع سريع متواصل. تهجم عليه بإيقاعها كما تهجم عليه بصورها وظلالها المتنوعة المتحدة في سمة العنف والتتابع. وتطوف به في عوالم شتى بين السماء والأرض، والدنيا والآخرة، والجحيم والجنة، والماضي والحاضر، والغيب والشهادة، والموت والحياة، وسنن الخلق ونواميس الوجود.. فهي- على قصرها نسبيًا- رحلة ضخمة في عالم الغيب وعالم الشهود. اهـ.