فصل: سورة الرحمن:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم




.سورة الرحمن:

.فصول مهمة تتعلق بالسورة الكريمة:

.فصل في فضل السورة الكريمة:

قال مجد الدين الفيروزابادي:
فضل السّورة:
فيه أَحاديث منكرة، منها حديث أُبي: «لكلّ شيءٍ عَرُوس، وعروس القرآن سورة الرحمن جلّ ذكره».
وقال: «مَنْ قرأ سورة الرّحمن رحم الله ضعْفَهُ، وأَدَّى شكر ما أَنعم اللهُ عليه».
وقال: «يا علي، مَنْ قرأها فكأَنَّما أَعتق بكلّ آية في القرآن رَقبة، وله بكلّ آية قرأها مثلُ ثواب امرأَة تموت في نفاسها». اهـ.

.فصل في مقصود السورة الكريمة:

.قال البقاعي:

ولما ختم سبحانه القمر بعظيم الملك وبليغ القدرة، وكان الملك القادر لا يكمل ملكه إلا بالرحمة، وكانت رحمته لا تتم إلا بعمومها، قصر هذه السورة على تعداد نعمه على خلقه في الدارين، وذلك من آثار الملك، وفصل فيها ما أجمل في آخر القمر من مقر الأولياء والأعداء في الآخرة، وصدرها بالاسم الدال على عموم الرحمة براعة للاستهلال، وموازنة لما حصل بالملك والاقتدار من غاية التبرك والظهور والهيبة والرعب باسم هو مع أنه في غاية الغيب دال على أعظم الرجاء مفتتحاً لها بأعظم النعم وهو تعليم الذكر الذي هز ذوي الهمم العالية في القمر إلى الإقبال عليه بقوله: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} لأنه لما كان للعظمة الدالة عليها نون {يسرنا} التي هي عماد الملك نظران: نظر الكبرياء والجبروت يقتضي أن يتكلم بما يعجز خلقه من كل جهة في الفهم والحفظ والإتيان بمثله وكل معنى من معانيه، ونظر الإكرام والرحمة، وكانت رحمته سابقة لغضبه نظر بها لخلقه لاسيما هذه الأمة المرحومة فيسر لها الذكر تحقيقاً للرحمة بعد أن أبقى من آثار الجبروت الإعجاز عن النظر، ومن الإعجاز من الفهم الحروف المقطعة أوائل السور، ومنع المتعنت من أن يقول: إنه لا معاني لها بأن فهم بعض الأصفياء بعض أسرارها، فقال جواباً لمن كأنه قال: من هذا المليك المقتدر، فقيل: {الرحمان} أي العام الرحمة، قال ابن برجان: وهو ظاهر اسمه الله، وباطن اسمه الرب، جعل هذه الأسماء الثلاثة في ظهورها مقام الذات يخبر بها عنه وحجاباً بينه وبين خلقه، يوصل بها الخطاب منه إليهم، ثم أسماؤه الظاهرة مبينة لهذه الأسماء الثلاثة- انتهى.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

.بصيرة في: {الرحمن}:

السّورة مكِّيّة بالاتِّفاق.
آياتها ثمانٍ وسبعون في عدّ الكوفة والشام، وسبع في الحجاز، وست في البصرة.
وكلماتها ثلاثمائة وإِحدى وخمسون.
وحروفها أَلف وثلاثمائة وستّ وثلاثون.
المختلف فيها خمس آيات: الرّحمن، {خَلَقَ الإِنسَانَ}، الأوّل {لِلأَنَامِ} {الْمُجْرِمُوْنَ} {شُوَاظٌ مِّن نَّارٍ}.
مجموع فواصل آياتها (مرن) وقيل هذه الحروف الأَلف إِلا {الْمَغْرِبَيْنِ} و{الْمُجْرِمُوْنَ}.

.معظم مقصود السّورة:

المِنَّة على الخَلْق بتعليم القرآن، وتلقين البيان، وأَمر الخلائق بالعدل في الميزان، والمنَّة عليهم بالعَصْف والرّيحان، وبيان عجائب القدرة في طِينة الإِنسان، وبدائع البحر، وعجائبها: من استخراج اللؤلؤ والمَرْجان، وإِجرَاءِ الفُلْك على وجه الماءِ أَبدع جريان، وفناءِ الخَلْق وبقاءِ الرّحمن، وقضاءِ حاجات المحتاجين، وأَن لا نجاة للعبد من الله إِلاَّ بحجّة وبرهان، وقهره الخلائق في القيامة بلهيب النَّار والدُّخَان، وسؤال أَهل الطاعة والعصيان، وطَوْف الكفار في الجحيم، ودلال المؤمنين في نعيم الجنان.
ومكافأة أَهل الإِحسان بالإِحسان، ونشاط المؤمنين بأَزواجهم من الحور الحِسان، وتقلبهم ورَودهم في رياض الرضوان، على بساط الشاذَرْوان، وخطبة جلال الحقِّ على لسان أَهل التوحيد والإِيمان بقوله: {تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ}.
السّورة محكمة خالية عن النَّاسخ والمنسوخ.

.فصل في متشابهات السورة الكريمة:

.قال ابن جماعة:

سورة الرحمن:
421- مسألة:
قوله تعالى: {الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ القرآن (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3)}.
قدم التعليم على الخلق وقال تعالى في سورة {اقرأ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2)} الآيات، فقدم الخلق على التعليم؟.
جوابه:
أن سورة {اقرأ} أول ما نزل من القرآن ولم يكن القرآن معهودا للنبي صلى الله عليه وسلم ولا لغيره، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل لما نزل بها: «لست بقارئ».
وسورة الرحمن: نزلت بعد معرفة القرآن، وشهرته عندهم، فكان الابتداء بما يعرفه من تقديم الخلق في سورة (اقرأ) أنسب من القرآن الذي لم يعهده وكان الابتداء بتعليم القرآن الذي نعرفه، والمنة به في سورة الرحمن أنسب لسياق ما وردت به السورة من عظيم المنة على العباد.
422- مسألة:
قوله تعالى: {وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (9)}.
كرر لفظ (الميزان) في ختم الآيات الثلاث؟.
جوابه:
أن ذلك توكيد في إيفاء الحقوق وعدم التطفيف لفرط الحاجة إليه في المعاملات الجارية بين الناس.
423- مسألة:
قوله تعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}. كرر ذلك إحدى وثلاثين مرة في هذه السورة؟.
جوابه:
أن المقصود بذلك التكرير التنبيه على شكر نعمة الله تعالى، والتوكيد له.
- مسألة:
قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (39)}.
جوابه:
تقدم في سورة الحجر. وقيل: لايسأل عن ذنبه، لأن المجرمين يعرفون بسيماهم، وتعرفهم الملائكة بذلك، فلا تحتاج إلى سؤاله عن ذنبه، ولذلك تلاه بقوله تعالى: {يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ}. اهـ.

.قال مجد الدين الفيروزابادي:

المتشابهات:
قوله: {وَوَضَعَ الْمِيزَانَ} أَعاده ثلاث مرّات فصرّح ولم يُضمر؛ ليكون كلّ مواحد قائما بنفسه غير محتاج إِلى الأَوّل.
وقيل: لأَنَّ كلّ واحد غير الآخر: الأَوّل ميزان الدّنيا، والثاني ميزان الآخرة، والثالث ميزان العقل.
وقيل: نزلت متفرّقة، فاقتضى الإِظهار.
قوله: {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} كرّر الآية إِحدى وثلاثين مرة، ثمانية منها ذُكِرت عقيب آيات فيها تعداد عجائب خَلْق الله وبدائع صنعه، ومبدأ الخَلْق ومَعاَدهم، ثمّ سبعة منها عَقِيب آيات فيها ذكر النَّار وشدائدها على عَدَد أَبواب جهنَّم، وحَسُن ذكر الآلاءِ عقيبها؛ لأَن في صرفها ودفعها نِعما توازى النعم المذكورة، أَوْ لأَنَّها حَلَّت بالأعداءِ، وذلك يُعد من أَكثر النّعماءِ، وبعد هذه السّبعة ثمانية في وصف الجنان وأَهلها على عدد أَبواب الجنة، وثمانية أُخرى بعدها للجنَّتين اللَّتين دونها فمن اعتقد الثمانية الأُولى، وعمل بموجَبها استحقَّ كلتا الثمانيتين من الله، ووفّاه السبعة السابقة، والله أَعلم.
السّورة محكمة.

.فصل: في التعريف بالسورة الكريمة:

.قال ابن عاشور:

سورة الرحمن:
وردت تسميتها بسورة الرحمن بأحاديث منها ما رواه الترمذي عن جابر بن عبد الله قال: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقرأ سورة الرحمن» الحديث.
وفي تفسير القرطبي «أن قيس بن عاصم المنقري قال للنبي صلى الله عليه وسلم اتل علي ما أنزل عليك، فقرأ عليه سورة الرحمن، فقال: أعدها، فأعادها ثلاثا، فقال: إن له لحلاوة» إلخ.
وكذلك سميت في كتب السنة وفي المصاحف.
وذكر في الإتقان: أنها تسمى عروس القرآن لما رواه البيهقي في شعب الإيمان عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لكل شيء عروس وعروس القرآن سورة الرحمن».
وهذا لا يعدوا أن يكون ثناء على هذه السورة وليس هو من التسمية في شيء كما روي أن سورة البقرة فسطاطا القرآن.
ووجه تسميه هذه السورة بسورة الرحمن أنها ابتدئت باسمه تعالى: {الرحمن} [الرحمن: 1].
ووصف سورة الرحمن بالعروس تشبيه ما تحتوي عليه من ذكر الحبرة والنعيم في الجنة بالعروس في المسرة والبذخ، تشبه معقول بمحسوس ومن أمثال العرب: لا عطر بعد عروس على أحد تفسيرين للمثل أو تشبيه ما كثر فيها من تكرير {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} بما يكثر على العروس من الحلي في كل ما تلبسه.
وقد قيل: إن سبب نزولها قول المشركين المحكي في قوله تعالى: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اسْجُدُوا لِلرَّحْمَنِ قالوا وَمَا الرَّحْمَنُ} [الفرقان: 60] في سورة الفرقان، فتكون تسميتها باعتبار إضافة سورة إلى الرحمن على معنى إثبات وصف الرحمن.
وهي مكية في قول جمهور الصحابة والتابعين، وروى جماعة عن ابن عباس أنها مدنية نزلت في صلح القضية عندما أبى سهيل بن عمرو أن يكتب في رسم الصلح {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ}.
ونسب إلى ابن مسعود أيضا أنها مدنية.
وعن ابن عباس: أنها مكية سوى آية منها هي قوله: {يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] والأصح أنها مكية كلها وهي في مصحف ابن مسعود أول المفصل.
وإذا صح أن سبب نزولها قول المشركين {وما الرحمن} تكون نزلت بعد سورة الفرقان.
وقيل سبب نزولها قول المشركين {إنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} المحكي في سورة النحل [103].
فرد الله عليهم بأن الرحمن هو الذي علم النبي صلى الله عليه وسلم القرآن.
وهي من أول السور نزولا فقد أخرج أحمد في مسنده بسند جيد عن أسماء بنت أبي بكر قالت: سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر والمشركون يسمعون يقرأ {فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ}.
وهذا يقتضي أنها نزلت قبل سورة الحجر.
وللاختلاف فيها لم تحقق رتبتها في عداد نزول سور القرآن.
وعدها الجعبري ثامنة وتسعين بناء على قول بأنها مدنية وجعلها بعد سورة الرعد وقبل سورة الإنسان.