فصل: من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَلَيْسَ الذكر كالأنثى}:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



قال الزمخشريُّ: ولتكلُّمها بذلك على وجه التحسُّر والتحزُّن قال الله- تعالى-: {والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} تعظيمًا لموضوعها، وتجهيلًا لها بقدر ما وُهِبَ لها منه، ومعناه: والله أعلم بالشيء الذي وضعت، وما علق به من عظائم الأمور، وأن يجعله وولده آيةً للعالمين، وهي جاهلة بذلك لا تعلم منه شيئًا فلذلك تحسرت.
وقد رجح بعضهم القراءة الثانية على الأولى بقوله: {والله أَعْلَمُ} قال: ولو كان من كلامِ مريم لكان التركيب: وأنت أعلم. وقد تقدم جوابُه بأنه التفات.
وقرأ ابن عباس: {والله أعلم بِمَا وَضَعَتِ}- بكسر التاء- خاطبها الله- تعالى- بذلك، بمعنى: أنك لا تعلمين قدرَ هذه المولودة، ولا قدر ما علم الله فيها من عظائمِ الأمورِ.
قوله: {وَلَيْسَ الذكر كالأنثى}؛ هذه الجملة- يحتمل أن تكون معترضةً، وأن يكون لها محل، وذلك بحسب القراءات المذكورة في {وَضَعَتْ}- كما يأتي تفصيله- والألف واللام في {الذكَر} يحتمل أن تكون للعهدِ، والمعنى: ليس الذكر الذي طلبَتْ كالأنثى التي وَهِبَتْ لها.
قال الزمخشريُّ: فإن قلتَ: فما معنى قولها: {وَلَيْسَ الذكر كالأنثى}؟
قلت: هو بيان لما في قوله: {والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} من التعظيم للموضوع، والرفع منه، ومعناه: ليس الذكر الذي طلبت كالأنثى التي وُهِبَتْ لها، والألف واللام فيهما يحتمل أن تكون للعهد وأن تكون للجنس، على أن المراد: أن الذكر ليس كالأنثى في الفضل والمزية؛ إذ هو صالح لخدمة المتعبدات والتحرير ولمخالطة الأجانب، بخلاف الأنثى؛ لِما يعتريها من الحيض، وعوارض النسوان.
وكان سياقُ الكلام- على هذا- يقتضي أن يدخل النفي على ما استقر، وحصل عندَها، وانتفت عنه صفاتُ الكمال للغرض المقصود منه، فكان التركيبُ: وليس الأنثى كالذكر، وإنما عدل عن ذلك؛ لأنها بدأت بالأهم لما كانت تريده، وهو المُتَلَجلِج في صدرها، والحائل في نفسها، فلم يَجْرِ لسانُها في ابتداء النطق إلا به، فصار التقديرُ: وليس جنسُ الذكرِ مثل جنس الأنثى، لما بينهما من التفاوتِ فيما ذكر، ولولا هذه المعاني التي استنبطها العلماء، وفهموها عن الله- تعالى- لم يكن لمجرد الأخبار بالجملة الليسية معنًى؛ إذ كلُّ أحدٍ يعلَمُ أن الذكر لَيْسَ كالأنثى.
وقوله: {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ} هذه الجملة معطوفة على قوله: {إِنِّي وَضَعْتُهَا} على قراءة مَنْ ضَمَّ التاء في قوله وضعت فتكون هي وما قبلها في محل نصب بالقول، والتقدير: قالت: إني وضعتُها، وقالت: والله أعلم بما وَضَعْتُ، وقالت: وليس الذكر كالأنثى، وقالت: إنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَم.
وأما على قراءة من سكن التاء أو كسرها فتكون {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا} أيضا معطوفًا على {إِنِّي وَضَعْتُهَا} ويكون قد فصل بين المتعاطفَيْن بجملتي اعتراض، كقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} [الواقعة: 76] قاله الزمخشريُّ.
قال أبو حيّان: ولا يتعين ما ذكر من أنهما جملتان معترضتان؛ لأنه يحتمل أن يكون: {وَلَيْسَ الذكر كالأنثى} من كلامها في هذه القراءة ويكون المعترض جملة واحدة- كما كان من كلامها في قراءة من قرأ {وَضَعْتُ} بضم التاء- بل ينبغي أن يكون هذا المتعيِّن؛ لثبوت كونه من كلامها في هذه القراءة، ولأن في اعتراضِ جملتين خلافًا لمذهب أبي علي الفارسي من أنه لا يعترض جملتان.
وأيضا تشبيهه هاتين الجملتين اللتين اعترض بهما- على زعمه- بين المعطوف والمعطوفِ عليه، بقوله: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} [الواقعة: 76] ليس تشبيهًا مطابقًا للآية؛ لأنه لم يعترض جملتان بين طالب ومطلوب، بل اعترض بين القسم- الذي هو {فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النجوم} [الواقعة: 75]- وبين جوابه- الذي هو {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} [الواقعة: 77]- بجملة واحدة- وهي قوله: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ}- لكنه جاء في جملة الاعتراض- بين بعض أجزائها، وبعض اعتراض بجملة- وهي قوله: {لَّوْ تَعْلَمُونَ} اعتراضٌ بها بين المنعوتِ الذي هو {لَقَسَمٌ}- وبين نعته- الذي هو {عَظِيمٌ}- فهذا اعتراضٌ، فليس فصلًا بجملتي اعتراض كقوله: {والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذكر كالأنثى}.
قال شهابُ الدين: والمشاحَّة بمثل هذه الأشياء ليست طائلة، وقوله: ليس فصلًا بجملتي اعتراض ممنوع، بل هو فَصْلٌ بجملتي اعتراض، وكونه جاء اعتراضًا في اعتراض لا يضر ولا يقدَح في قوله: فصل بجملتين فسمى يتعدى لاثنين، أحدهما بنفسه، وإلى الآخر بحرف الجر، ويجوز حذفه، تقول: سميت زيدًا، والأصل: بزيدٍ، وجمع الشاعرُ بين الأصل والفرع في قوله: [المتقارب]
وَسُنِّيْتَ كَعبًا بِشَرِّ الْعِظَامِ ** وَكَانَ أبُوكَ يُسَمَّى الْجَعَل

أي يسمى بالجُعَل- وقد تقدم الكلامَ في مريمَ واشتقاقها ومعناها. اهـ.

.من أقوال المفسرين في قوله تعالى: {وَلَيْسَ الذكر كالأنثى}:

.قال الفخر:

فيه قولان الأول: أن مرادها تفضيل الولد الذكر على الأنثى، وسبب هذا التفضيل من وجوه:
أحدها: أن شرعهم أنه لا يجوز تحرير الذكور دون الإناث.
والثاني: أن الذكر يصح أن يستمر على خدمة موضع العبادة، ولا يصح ذلك في الأنثى لمكان الحيض وسائر عوارض النسوان.
والثالث: الذكر يصلح لقوته وشدته للخدمة دون الأنثى فإنها ضعيفة لا تقوى على الخدمة.
والرابع: أن الذكر لا يلحقه عيب في الخدمة والاختلاط بالناس وليس كذلك الأنثى.
والخامس: أن الذكر لا يلحقه من التهمة عند الاختلاط ما يلحق الأنثى فهذه الوجوه تقتضي فضل الذكر على الأنثى في هذا المعنى.
والقول الثاني: أن المقصود من هذا الكلام ترجيح هذه الأنثى على الذكر، كأنها قالت الذكر مطلوبي وهذه الأنثى موهوبة الله تعالى، وليس الذكر الذي يكون مطلوبي كالأنثى التي هي موهوبة لله، وهذا الكلام يدل على أن تلك المرأة كانت مستغرقة في معرفة جلال الله عالمة بأن ما يفعله الرب بالعبد خير مما يريده العبد لنفسه. اهـ.

.قال الألوسي:

{وَلَيْسَ الذكر كالأنثى} اعتراض آخر مبين لما اشتمل عليه الأول من التعظيم وليس بيانًا لمنطوقه حتى يلحق بعطف البيان الممتنع فيه العطف. واللام في الذكر والأنثى للعهد، أما التي في الأنثى فلسبق ذكرها صريحًا في قوله سبحانه حكاية: {إِنّى وَضَعْتُهَا أنثى} وأما التي في الذكر فلقولها: {إِنّي نَذَرْتُ} [آل عمران: 35] الخ إذ هو الذي طلبته والتحرير لا يكون إلا للذكر وسمي هذا العهد التقديري وهو غير الذهني لأن قولها: {مَا فِي بَطْنِي} [آل عمران: 35] صالح للصنفين، وقولها: {مُحَرَّرًا} [آل عمران: 35] تمن لأن يكون ذكرًا فأشير إلى ما في البطن حسب رجائها، وجوز أن تكون الجملة من قولها فيكون مرادها نفي مماثلة الذكر للأنثى، فاللام للجنس كما هو الظاهر لأنه لم يقصد خصوص ذكر وأنثى بل إن المراد أن هذا الجنس ليس كهذا الجنس، وأورد عليه أن قياس كون ذلك من قولها أن يكون وليست الأنثى كالذكر فإن مقصودها تنقيص الأنثى بالنسبة إلى الذكر والعادة في مثله أن ينفى عن الناقص شبهه بالكامل لا العكس، وأجيب بأنه جار على ما هو العادة في مثله أيضا لأن مراد أمّ مريم ليس تفضيل الذكر على الأنثى بل العكس تعظيمًا لعطية الله تعالى على مطلوبها أي وليس الذكر الذي هو مطلوبي كالأنثى التي وهبها الله تعالى لي علمًا منها بأن ما يفعله الرب خير مما يريده العبد وفيه نظر أما أولًا: فلأن اللام في الذكر والأنثى على هذا يكون للعهد وهو خلال الظاهر الذي ذهب إليه أكثر المفسرين، وأما ثانيًا: فلأنه ينافي التحسر والتحزن المستفاد من قولها: {رَبّ إني وَضَعْتُهَا أنثى} فإن تحزنها ذلك إنما هو لترجيحها الذكر على الأنثى، والمفهوم من هذا الجواب ترجيحها الأنثى على الذكر اللهم إلا أن يحمل قولها ذلك على تسلية نفسها بعد ما تحزنت على هبة الأنثى بدل الذكر الذي كانت طلبته إلا أنه تبقى مخالفة الظاهر على ما هي، فالأولى في الجواب عدم الخروج عما هو الظاهر والبحث فيما اقتضته العادة فقد قال في الانتصاف بعد نقل الإيراد وذكر القاعدة: وقد وجدت الأمر في ذلك مختلفًا فلم يثبت لي تعين ما قالوه ألا ترى إلى قوله تعالى: {لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مّنَ النساء} [الأحزاب: 32] فنفى عن الكامل شبه الناقص لأن الكمال لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ثابت بالنسبة إلى عموم النساء وعلى ذلك جاءت عبارة امرأة عمران ومنه أيضا {أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ} [النحل: 17] انتهى.
وتمام الكلام في هذا المقام ما ذكره بعض المحققين أنه إذا دخل نفي بلا أو غيرها، أو ما في معناه على تشبيه مصرح بأركانه، أو ببعضها احتمل معنيين تفضيل المشبه بأن يكون المعنى أنه لا يشبه بكذا لأن وجه الشبه فيه أولى وأقوى كقولك ليس زيد كحاتم في الجود ويحتمل عكسه بأن يكون المعنى أنه لا يشبه به لبعد المسافة بينهما كقول العرب ماء ولا كصداء، ومرعى ولا كالسعدان، وفتى ولا كمالك وقوله:
طرف الخيال ولا كليلة مدلج

ووقع في شروح المقامات وغيرها أن العرب لم تستعمل النفي بلا على هذا الوجه إلا للمعنى الثاني وأن استعماله لتفضيل المشبه من كلام المولدين حتى اعترضوا على قول الحريري في قوله:
غدوت ولا اغتداء الغراب

وعِيب قول صاحب التلويح في خطبته: نال حظًا من الاشتهار ولا اشتهار الشمس نصف النهار، ومبنى الاعتراض على هذا، ولعله ليس بلازم كما أشار إليه صاحب الانتصاف بما أورد منه الآيات، ومما أورده الثعالبي من خلافه أيضا في كتابه المنتخب فلا حسن ولا القمر، وجواد ولا المطر على أنه لو سلم ما ذكروه فالمعاني لا حجر فيها على أن ما ورد في النفي بلا المعترضة بين الطرفين لا في كل نفي انتهى. وهو كما قال: من نفائس المعاني التي ينبغي حفظها. اهـ.

.بحوث تتعلق بالآية:

.بحث علمي: {وليس الذكر كالأنثى}:

بقلم الدكتور/ محمد علي البار
تقديم لفضيلة الشيخ/ محمد عبدالله الخطيب
هذه بحوث علمية ودراسات نفسية عن تكوين المرأة وقدراتها الحقيقية، من عالم متميز في هذه الدراسات ومجرب من خلال المعامل في هذه الأشياء، فهو يدلي برأيه المؤمن الخبير المحايد الذي يقول الحق دائمًا، والموقع على استعداد بقبول من يعترض على هذه الأشياء بصدر رحب، وهذا البحث الأول ويليه مجموعة بحوث في نفس الموضوع.
إن الفروق الفسيولوجية الوظيفية والتشريحية بين الذكر والأنثى أكثر من أن تحصى وتعد.. فهي تبتدأ بالفروق على مستوى الصبغيات الجسيمات الملونة أو الكروموسومات التي تتحكم بالوراثة.. والتي تدق وتدق حتى أن ثخانتها تقاس بالأنجستروم- واحد على بليون من المليمتر- ثم ترتفع إلى مستوى الخلايا، وكل خلية في جسم الإنسان توضح لك تلك الحقيقة الفاصلة بين الذكورة والأنوثة.. تتجلى الفروق بأوضح ما يكون في نطفة الذكر (الحيوانات المنوية) ونطفة المرأة (البويضة).. ثم ترتفع الفروق بعد ذلك في أجهزة الجسم المختلفة من العظام إلى العضلات.. وتتجلى كأوضح ما يكون في اختلاف الأجهزة التناسلية بين الذكر والأنثى، ولا تقتصر الفروق على الجهاز التناسلي وإنما تشمل جميع أجهزة الجسم.. ولكنها تدق وتدق في بعض الأجهزة وتتضح في أخرى. وجهاز الغدد الصماء هو أحد الأجهزة التي تتجلى فيها الفروق كأوضح ما يكون.. فهرمونات الذكورة تختلف عن هرمونات الأنوثة في تأثيرها اختلافا كبيرًا رغم أن الفرق الكيماوى بسيط، ويتمثل في زيادة ذرة من الكربون وثلاثة ذرات من الهيدروجين إلى التركيب الجزئى في هرمون الأنوثة.
وهذه ملاحظة أخرى هامة أشار إليها القرآن الكريم {وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ} سورة البقرة الآية 228، فهرمون الذكورة يساوي هرمون الأنوثة + مجموعة مثيلية، وكذلك الجهاز التناسلي للرجل يساوى الجهاز التناسلي للمرأة + أعضاء اضافية.
وفي أثناء تكوين الجنين في مراحله الأولى يكون جنين الذكر مشابهًا في أول الأمر لجنين الأنثى، ويصعب التفريق بينهما إلا على مستوى الصبغيات الكروموسومات.. ولكن سرعان ما تتميز منطقة في المخ تدعي تحت المهاد لدى الجنين الذكر على مثيله الجنين الأنثوي.. وهذه الإضافة والزيادة في مخ جنين الذكر تؤدى إلى الفروق الهائلة فيما بعد بين الجهاز التناسلي للذكر والجهاز التناسلي للأنثى.. كما يؤدي إلى الفروق الهائلة بين غدد الذكر الصماء وغدد الأنثى.. وتؤثر هذه الغدد على مختلف أنشطة الجسم وعلى هيكله أيضا.. ومن ثم يختلف بناء هيكل الذكر عن بناء هيكل الأنثى، كما تختلف الوظائف تبعًا لذلك.. والسبب في تمايز منطقة تحت المهاد من المخ بين جنين الذكر وجنين الأنثى هو هرمون التسترون الذي تفرزه مشيمة الجنين الذكر.. ثم تنمو الغدة التناسلية وتؤثر بالتالى على المنطقة المخية- تحت المهاد.
ومن الغريب حقا أن هيكل البناء يصمم أساسا على هيكل الأنثى، فإن وجد صبغ الذكورة- كروموسوم الذكورة- فإنه يضيف إلى ذلك الكيان اضافات تجعل النهاية ذكرًا. أما إذا اختفى هذا الكروموسوم الهام من تركيب البويضة الملقحة كما يحصل في بعض الحالات النادرة حتى تُرينا قدرة المولى عز وجل فإن النتيجة النهائية هي جسم امرأة، وإن كانت ناقصة التكوين، ففي حالة (ترنر) فإن البويضة الملقحة تحتوى فقط على كروموسوم X O فلا هي أنثى محتوية على X X ولا هي ذكر محتوية على X Y.. فماذا تكون النتيجة؟
تكون النتيجة أنثى غير أنها لا تحيض ولا تحبل ولا تلد، أما إذا كانت نتيجة التلقيح مثلا X X Y كما يحصل في حالة (كلينفلتر) فإن الطفل المولود يكون ذكرًا رغم وجود صبغيات الأنوثة بصورة كاملة.. وإن كان ذكر ضعيف الهمة بارد الشهوة خائر العزيمة.. وذلك لتراكم صبغ الأنوثة فيه.
أما إذا زاد صبغ الذكورة في البويضة الملقحة وصار حاصلها الكروموسومين X Y Y أي أن بها صبغين كروموسومين كاملين من اصباغ الذكورة، فإن النتيجة تكون ذكرًا قوي الشكيمة شديد البأس كثير العدوان.. حتى أن الفحوصات التي أجريت لاعتى المجرمين في السجون وأشدهم بأسًا وأقدامًا أظهرت أن كثيرًا منهم كانوا ممن لديهم زيادة في صبغ كروموسوم الذكورة!!
ولعله لو فحص الرجال المشهورون في التاريخ بزيادة الشجاعة والاقدام والرجولة والخشونة.. لربما وجدنا أن ذلك مرجعه في كثير من الحالات إلى زيادة صبغ الذكورة Y لدي هؤلاء الموصوفين بزيادة جرأتهم واقدامهم، سواء كان ذلك في مجال الخير أو في مجال الشر.
والفرق بين رجل وآخر من حيث الإقدام وصفات الرجولة يرجع في بعض الأحيان إلى زيادة هرمون الرجولة لدى هذا وقلته النسبية لدي ذلك.
ونظرة إلى المخصيين الذين تم اخصاؤهم قبل البلوغ ترينا كيف تتحول رجولتهم إلى الأنوثة.. ولا ينبت شعر عذارى المخصي وذقنه وشاربه.. ويتوزع الدهن بنفس الطريقة التي يتوزع فيها في الأنثى.. أي في الارداف والعجز.. وتلين عظامه وترق.. ويبقى صوته رخيمًا على نبرة الطفولة دون أن تصيبه غلظة الرجولة وأجشها.
أما أولئك الذين اخصوا بعد البلوغ فإن علامات الرجولة سرعان ما تندثر، ويسقط شعر الذقن والشارب، ولا يعود إلى النمو ثانية، وتبدأ العضلات في الترهل.. كما تبدأ الصفات الأنثوية البدنية والنفسية في الظهور لأول مرة.
هذه الفروق كلها تؤكد إعجاز الآية: {وللرجال عليهن درجة} وليست المرحلة مقتصرة فقط على التركيب البيولوجي ولكنها أيضا تشمل تركيب النفس والقدرات العقلية الكلامية قال تعالى: {أَوَ مَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِين} سورة الزخرف الآية 18، فإذا نظرت في التاريخ وجدت النابغين في كل فرع من فروع المعرفة والاختراع والحياة من الرجال، بينما النابغات من النساء في أي مجال من مجالات المعرفة أو الاختراع محدودات ومعدودات، ونستطيع أن نذكر المئات من الرجال في كل فن من فنون المعرفة.. وفي قيادة الجيوش وفي الاختراعات وفي الصناعة وفي المال والاقتصاد.. وإنه يسير عليك أن تعد العشرات من النساء في أي فن من هذه الفنون العامة من المعارف الإنسانية والصناعات والاختراعات، وتستطيع أن تعدل عشرات الأنبياء والمرسلين وهم صفوة البشر، ولكنك لا تستطيع أن تعد واحدة تتصف بصفات النبوة والرسالة رغم عظم هؤلاء النساء وهن أمهات الأنبياء وزوجاتهم وبناتهم.