فصل: ذكر الروك الأخير الناصري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الخِطط المقريزية المسمى بـ «المواعظ والاعتبار بذكر الخِطط والآثار» **


 ذكر الروك الأخير الناصري

وكان الجندي إقطاعه بمفرده وله تبع واحد من عشرين ألف درهم إلى ثلاثين وفيهم من إقطاعه خمسة عشر ألفًا وأقلهم عشرة آلاف وذلك سوى الضيافة وبلغ خمسة آلاف درهم في الإقطاع الثقيل وكان الجنديّ يخرج إلى السكان بطوالة خيل ويخرج مقدّم الحلقة كأمير عشرة وتكون مضافته إذا نزل حوله وأكثرهم يأكل على سماطه ولا يمكن الأمير أن يأكل إلا وجميع أجناده معه ويأخذ غلمان أجناده كل يوم الطعام من مطبخه وإذا رأى نارًا توقد سأل عنها فيقال‏:‏ إن فلانًا اشتهى كذا فيغضب ممن لا يأكل عنده ومع ذلك كانت أشكالهم بشعة وملابسهم غير خائلة‏.‏

فلما أفضت السلطنة إلى المنصور لاجين‏:‏ راك البلاد وذلك أن أرض مصر كانت أربعة وعشرين قيراطًا فيختص السلطان منها بأربعة قراريط ويختص الأجناد بعشرة قراريط ويختص الأمراء بعشرة قراريط وكان الأمراء يأخذون كثيرًا من إقطاعات الأجناد فلا يصل إلى الأجناد منها شيء ويصير ذلك الإقطاع في دواوين الأمراء ويحتمي بها قطاع الطريق وتثور بها الفتن ويقوم بها الهوشات ويمنع منها الحقوق والمقرّرات الديوانية وتصير مكلة لأعوان الأمراء ومستخدميهم ومضرّة على أهل البلاد التي تجاورها فأبطل السلطان ذلك وردّ تلك الإقطاعات على أربابها وأخرجها بأسرها من دواوين الأمراء‏.‏

وأوّل ما بدأ به ديوان الأمير سيف الدين منكوتمر نائب السلطنة فأخرج منه ما كان فيه من هذه الإقطاعات وكان يتحصل له منها مائة ألف أردب غلة في كل سنة واقتدى به جميع الأمراء وأخرجوا ما في إقطاعاتهم من ذلك فبطلت الحمايات وجعل السلطان في هذا الروك للأمراء والأجناد أحد عشر قيراطًا وأفرد تسعة قراريط ليخدم بها عسكر أو يقطعهم إياها ثم رتب أوراقًا بتكفية الأمراء والأجناد بعشرة قراريط ووفر قيراطًا لزيادة من عساه يطلب زيادة لقلة متحصل إقطاعه وأفرد لخاص السلطان عدة أعمال جليلة وأفرد للنائب منكوتمر لتفرقة المثالات في تابعيه فتنكرت قلوب الأمراء حتى كان من المنصور لاجين ونائبه منكوتمر ما كان‏.‏

فلما كانت الأيام الناصرية راك الناصر محمد البلاد قال جامع السيرة الناصرية‏:‏ وفي سنة خمس عشرة وسبعمائة اختار السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون أن يروك الديار المصرية وأن يبطل منها مكوسًا كثيرة ويفضل لخاص مملكته شيئًا كثيرًا من أراضي مصر وكان سبب ذلك أنه اعتبر كثيرًا من أخباز المماليك والحاشية الذين كانوا للملك المظفر ركن الدين بيبرس الجاشنكير والأمير سلار وسائر المماليك البرحية فإذا هي ما بين ألف دينار إلى ثمانمائة دينار وخشي من قطع أخباز المذكورين فولد له الرأي مع القاضي فخر الدين محمد بن فضل الله ناظر الجيش أن يروك ديار مصر ويقرّر إقطاعات مما يختار ويكتب بها مثالات سلطانية فتقدم الفخر ناظر الجيش فعمل أوراقًا بما عليه عبر النواحي ومساحتها‏.‏

وعين السلطان لكل إقليم من أقاليم ديار مصر أناسًا وكتب مرسومًا للأمير بحر الدين جيكل بن البابا أن يخرج لناحية الغربية ومعه أعزل الحاجب ومن الكتاب المكين بن فرويته وأن يخرج الأمير عز الدين إيدمر الخطيريّ إلى ناحية الشرقية ومعه الأمير ايتمش المجدي ومن الكتاب أمين الدولة ابن قرموط وأن يخرج الأمير بلبان الصرخدي والقليجي وابن طرنطاي وبيبرس الجمدار إلى ناحية المنوفية والبحيرة وأن يخرج البليلي والمرتيني إلى الوجه القبلي وندب معهم كتابًا ومستوفين وقياسين فساروا إلى حيث ذكر فكان كل منهم إذا نزل بأوّل عمله طلب مشايخ كل بلد ودُلَلائِها وعدولها وقضاتها وسجلاتها التي بأيدي مقطعيها وفحص عن متحصلها من عين وغلة وأصناف ومقدار ما تحتوي عليه من الفدن ومزروعها وبورها وما فيها من ترايب وبواق وغرس ومستبحر وعبرة الناحية وما عليها لمقطعيها من غلة ودجاج وخراف وبرسيم وكشك وكعك وغير ذلك من الضيافة فإذا حرّر ذلك كله ابتدأ بقياس تلك الناحية وضبط بالعدول والقياسين وقاضي العمل ما يظهر بالقياس الصحيح وطلب مكلفات تلك القرية وغنداقها وفضل ما فيها من الخاص السلطاني وبلاد الأمراء وإقطاعات الأجناد والرزق حتى ينتهي إلى آخر عمله‏.‏

ثم حضروا بعد خمسة وسبعين يومًا وقد تحرّر في الأوراق المحضرة حال جميع ضياع أرض مصر ومساحتها وعبرة أراضيها وما يتحصل عن كل قرية من عين وغلة وصنف فطلب السلطان الفخر ناظر الجيش والتقي الأسعد بن أمين الملك المعروف بكاتب سرلغي وسائر مستوفي الدولة وألزمهم بعمل أوراق تشتمل على بلاد الخاص السلطاني التي عينها لهم وعلى إقطاعات الأمراء وأضاف على عبرة كل بلد ما كان على فلاحيها من ضيافة لمقطعيها وأضاف إلى العبرة ما في الإقطاع من الجوالي وكتب مثالات للأجناد ب قطاعات على هذا الحكم فاعتدّ منها بما كان يصرف في كلف حمل الغلال من النواحي إلى ساحل القاهرة وما كان عليها من المكس وأبطل السلطان عدة مكوس‏:‏ منها مكس ساحل الغلة وكان جل متحصل الديوان وعليه إقطاعات الأمراء والأجناد ويتحصل منه في السنة أربعة آلاف ألف وستمائة ألف درهم وعليه أربعمائة مقطع لكل منهم من عشرة آلاف إلى ثلاثة آلاف ولكل من الأمراء من أربعين ألف إلى عشرة آلاف وكانت جهة عظيمة لها متحصل كثير جدًّا وينال القبط منها منافع كثيرة لا تحصى ويحلّ بالناس من ذلك بلاء شديد وتعب عظيم من المغارم والظلم‏.‏

فإن مظالمها كانت تتعدّد ما بين نواتية تسرق وكيالين تبخس وشادّين وكتاب يريد كل منهم شيئًا وكان مقرّر الأردب‏:‏ درهمين للسلطان ويلحقه نصف درهم غير ما ينهب ويسرق وكان لهذه الجهة مكان يعرف بخص الكيالة في ساحل بولاق يجلس فيه شاد وستون متعممًا ما بين كتاب ومستوفين وناظر وثلاثون جنديًا مباشرون ولا يمكن أحدًا من الناس أن يبيع قدحًا من غلة في سائر النواحي بل تحمل الغلات حتى تباع في خص الكيالة ببولاق‏.‏

ومما أبطل أيضًا نصف السمسرة وهو عبارة عن أن من باع شيئًا من الأشياء فإنه يعطي أجرة الدلال على ما تقرّر من قديم عن كل مائة درهم درهمين فلما ولي ناصر الدين الشيخي الوزارة قرّر على كل دلال من دلالته درهمًا من كل درهمين‏.‏

فصار الدلال يعمل معدّله ويجتهد حتى ينال عادته وتصير الغرامة على البائع فتضرّر الناس من ذلك وأوذوا فلم يغاثوا حتى أبطل ذلك السلطان ومما أبطل رسوم الولاية وكانت جهة تتعلق بالولاة المقدّمين فيجبيها المذكورون من عرفاء الأسواق وبيوت الفواحش ولهذه الجهة ضامن وتحت يده عدة صبيان وعليها جند مستقطعون وأمراء وغيرهم وكانت تشتمل على ظلم شنيع وفساد قبيح وهتك قوم مستوزين وهجم لبيوت أكثر الناس ومما أبطل مقرّر الحوائص والبغال من المدينة وسائر أعمال مصر كلها من الوجه القبلي والبحري فكان على كل من الولاة والمقدّمين مقرر يحمل في كل قسط من أقساط السنة إلى بيت المال عن ثمن حياصة ثلثمائة درهم وعن ثمن بغل خمسمائة درهم وعلى هذه الجهة عدة مقطعين ويفضل منها ما يحمل وكان يصيب الناس من هذه الجهة ما لا يوصف ويحلّ بهم من عسف الرقاصين ما يهون معه الموت ومن ذلك مقرّر السجون وهو عبارة عما يؤخذ من كل من يسجن فللسجان على حكم المقرّر ستة دراهم سوى كلف أخرى وعلى هذه الجهة عدّة مقطعين ويرغب فيها الضمان ويتزايدون في مبلغ ضمانها لكثرة ما يتحصل منها فإنه كان لو تخاصم رجل مع امرأته أو ابنه رفعه الوالي إلى السجن فبمجرّد ما يدخل السجن ولو لم يقم به إلا لحظة واحدة أخذ منه المقرّر وكذلك كان على سجن القضاة أيضًا‏.‏

ومن ذلك مقرّر طرح الفراريج‏:‏ ولها ضمان عدة في سائر نواحي أرض مصر يطرحون على الناس الفراريج فيمرّ بضعفاء الناس من ذلك بلاء عظيم وتقاسي الأرامل من العسف والظلم شيئًا كثيرًا وكان على هذه الجهة عدة مقطعين ولا يمكن أحدًا من الناس في جميع الأقاليم أن يشتري فروجًا فما فوقه إلا من الضامن ومن عثر عليه أنه اشترى أو باع فروجًا من سوى الضامن جاءه الموت من كل مكان وما هو بميت‏.‏

ومن ذلك مقرّر الفرسان‏:‏ وهو عبارة عما يجيبه ولاة النواحي من سائر البلاد فلا يؤخذ درهم مقرّر حتى يغرم عليه صاحبه درهمين ويقاسي الناس فيه أهوالًا صعبة‏.‏

ومن ذلك مقرّر الأقصاب والمعاصر‏:‏ وهو ما يجبى من مزارعي قصب السكر ومن المعاصر ورجال المعاصر‏.‏

ومن ذلك مقرّر رسوم الأفراح‏:‏ ويجبي من سائر النواحي ولهذه الجهة عدة ضمان ولا يعرف لهذه الجهة أصل البتة وإنما يجبي بضرائب ينال الناس فيها مع المقرّر غرامات وروعات‏.‏

ومن ذلك حماية المراكب‏:‏ وهي عبارة عما يؤخذ من كل مركب بتقرير معين يعرف بمقرّر الحماية وكانت هذه الجهة أشدّ ما ظلم به الناس فيؤخذ من كل من ركب البحر للسفر حتىّ من السؤال والمكدين‏.‏

ومن ذلك حقوق القينات‏:‏ وهو عبارة عما يجمع من الفواحش والمنكرات فيجبيه مهتار الطشتخاناه السلطانية من أوباش الناس‏.‏ومن ذلك شدّ الزعماء‏:‏ وهي جهة مفردة وحقوق السودان وكشف المراكب ومقرّر ما على كل جارية أو عبد حين نزولهم بالخانات لعمل الفاحشة فيؤخذ من كل ذكر وأنثى مقرّر معين ومتوفر الجراريف وهو ما يجبي من سائر النواحي فيحمل ذلك مهندسوا البلاد إلى بيت المال بإعانة الولاة لهم في تحصيل ذلك وعلى هذه الجهة عدة مقطعين من الجند‏.‏

ومقرّر المشاعلية وهو عبارة عما يؤخذ عن كسح الأفنية وحمل ما يخرج منها من الوسخ الذي الكيمان فكان إذا امتلأ سراب جامع أو مدرسة أو مسمط أو تربة أو منزل من منازل سائر الناس لا يمكنه ولو بلغ من العظمة ما عسى أن يبلغ التعرّض لذلك حتى يأتيه ضامن الجهة‏.‏

ويقاوله على كسح ذلك بما يريد وكان من عادة الضامن الإشطاط في السوم وطلب أضعاف‏.‏

القيمة فإن لم يرض رب المنزل بما طلب الضامن وإلا تركه وانصرف فلا يقدر على مقاساة‏.‏

ترك الوسخ ويضطرّ إلى سؤاله ثانيًا فيعظم تحكمه ويشتدّ بأسه إلى أن يرضيه بما يختار حتى يتمكن من كسح فنائه ورفع ما هنالك من الأقذار‏.‏

ومن ذلك إبطال المباشرين من النواحي‏:‏ وكانت بلاد مصر كلها من الوجهين القبلي والبحري ما من بلد صغير وكبير إلا وفيه عدّة من كتاب وشادّ ونحو ذلك فأبطل السلطان المباشرين وتقدّم منعهم من مباشرة النواحي إلا من بلد فيها مال السلطان فقط فأراح الله سبحانه الخلق بإبطال هذه الجهات من بلاء لا يقدر قدره ولا يمكن وصفه‏.‏

ولما أبطل السلطان هذه الجهات وفرغ من تعيين الإقطاعات للأمراء والأجناد أفرز لخاص السلطان من بلاد أرض مصر عدة نواح مما كان في إقطاعات البرجية وهي الجيزة وأعمالها وهو والكوم الأحمر ومنفلوط والمرج والخصوص وغير ذلك مما بلغ عشرة قراريط من الإقليم وصار لإقطاعات الأمراء والأجناد وغيرهم أربعة عشر قيراطًا ومكر الأقباط فيما أمكنهم المكر فيه فبدأوا بأن أضعفوا عسكر مصر ففرّقوا الإقطاع الواحد في عدة جهات فصار بعض الجبي في الصعيد وبعضه في الشرقية وبعضه في الغربية إتعابًا للجنديّ وتكثيرًا للكلفة وأفردوا جوالي الذمّة من الخاص وفرّقوها في البلاد التي أقطعت للأمراء والأجناد‏.‏

فإن النصارى كانوا مجتمعين في ديوان واحد كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى فصار نصارى كل بلد يدفعون جاليتهم إلى مقطع تلك الضيعة فاتسع مجال النصارى وصاروا يتنقلون في القرى ولا يدفعون من جزيتهم إلا ما يريحون فقلّ متحصل هذه الجهة بعد كثرته وأفردوا ما بقي من جهات المكوس برسم الحوائج خاناه التي تصرف للسماط ليتناولوا ذلك ويوردوا منه ما شاءوا ثم يتولوا صرف ما يحصل منه في جهات تستهلك بالأكل وصارت جهات المكوس مما يتحدث فيه الوزير وشاد الدواوين‏.‏

ثم نظر السلطان فيما كان بيد الأميرين بيبرس الجاشنكير وسلار نائب السلطنة من البلاد فأخذ ما كان باسم كل منهما وباسم حواشيه ولم يدع من ذلك شيئًا مما كانوا قد وقفوه حتى حله وجعل الجميع إقطاعات واعتدّ في سائر الإقطاعات بما كان يستهديه المقطع من فلاحه فحسب ذلك وأقامه من جملة عبر الإقطاع وأبطل الهدية فلم يتهيأ له الفراغ من ذلك إلى آخر السنة فلما أهل المحرّم من سنة ست عشرة وسبعمائة وقد نظمت الحسبانات على ثلث مغلّ سنة خمس عشرة‏.‏

جلس السلطان في الإيوان الذي استجدّه بقطعة الجبل وقد تقدم لسائر نقباء الأجناد على لسان نقيب الجيش بالحضور بأجنادهم وجعل للعرض في كل يوم أميرين من الأمراء المقدّمين بمضافيهما فكان الأمير مقدّم الألف يقف ومعه مضافوه وناظر الجيش يستدعيهم من تقدمة ذلك الأمير بأسمائهم على قدر منازلهم فيقدّم نقيب الجيش الواحد بعد الواحد من يد نقيبه إلى ما بين يدي السلطان فإذا مثل بحضرته سأله السلطان بنفسه من غير واسطة عن اسمه وأصله وجنسه ووقت حضوره إلى ديار مصر ومع من قدم وإلى من صار من الأمراء وغيرهم وعن مشاهده التي حضرها في الغزو وعما يعرفه من صناعة الحرب وغير ذلك من الاستقصاء فإذا انتهى استفهامه إياه ناوله بيده مثالًا من غير تأمل بحسب ما قسم الله له فلم يمرّ به في مدة العرض أحد إلا وقد عرفه وأشار إلى الأمراء بذكر شيء من خبره‏.‏

هذا وقد تقدم إلى سائر الأمراء بأسرهم بأن يحضروا إلى الإيوان عند العرض ولا يعارض أحد منهم السلطان في شيء يفعله فكانوا يحضرون وهم سكوت لا يتكلم أحد منهم خوفًا من مخالفة السلطان لما يقوله وأخذ السلطان في مواربة الأمراء فما أثنوا على أحد في مجلس العرض إلا وأعطاه السلطان مثالًا بإقطاع رديء فلما عملوا ذلك أمسكوا عن الكلام معه جملة وانفرد بالاستبداد بأموره دونهم فما عرف منه أنه قدّم إليه أحد إلا وسأله‏:‏ إن كان مملوكًا عمن أقدمه من التجار وسائر ما تقدّم وإن كان شيخًا فعن أصله وسنه وكم مصاف حضرها حتى أتى على الجميع وأفرد المشايخ العاجزين فلم يعطهم إقطاعات وجعل لكل منهم مرتبًا يقوم به فانتهى العرض في طول المحرّم وتوفر كثير من مثالات الأجناد فبلغ عدّة مائتي مثال ثم أخذ في عرض أطباق المماليك السلطانية ووفر من جوامكهم كثيرًا وقطع عدة رواتب من رواتبهم وعوّضهم عن ذلك إقطاعات وجعل جهة مكس قطيا لضعفاء الأجناد ممن قطع خبزه فجعل لك منهم في السنة ثلاثة آلاف درهم‏.‏

وكان لبيبرس وسلار الجوكندار تعلقات كثيرة في بيت المال وفي الأعمال كالجيزة والإسكندرية من متجر وحمايات فارتجع ذلك وأبطله وما شابهه وأضاف ما لم يقطعه إلى ديوان الخاص ومما أمر به في مدة العرض أن لا يردّ أحد مثالًا أخذه من السلطان ولو استقله ولا يشفع أمير في جندي وإنّ من خالف ذلك ضرب وحبس ونفي وقطع خبزه فعظمت مهابة السلطان وقويت حرمته ولم يجسر أحد أن يردّ عليه مثالًا أخذ من السلطان ولا استطاع أمير أن يتكلم لأحد وصار كثير ممن كان إقطاعه مثلًا ألف دينار إلى إقطاع مائتي دينار ونحوها وكثير ممن كان إقطاعه قليلًا إلى إقطاع معتبر فإنه كان يعطي المثال من غير تأمّل كيفما وقعت يده عليه‏.‏

وقدّر اللّه سبحانه وتعالى أنّ السلطان كان من جملة صبيان مطبخه رجل مضحك يهزل بحضرته فيضحك منه ويعجب به ولا يعترض فيما يقول من السخف فجلس السلطان في بعض أيام العرض في البستان بقلعة الجبل وعنده الخاصة من الأمراء فدخل هذا المضحك وأخذ في السخرية على عادته ليُضحك السلطان إلى أن قال‏:‏ وجدت بعض أجناد الروك الناصريّ وهو راكب الإكديش وخرجه خلفه ورمحه فوق كتفه يقصد بهذا السخرية والطعن فغضب السلطان غضبًا شديدًا وصاح‏:‏ خذوه وعرّوه ثيابه فتبادره الأعوان وجرّوه برجله ونزعوا ثيابه وربطوه في الساقية مع القواديس وأكثروا من ضرب الأبقار حتى أسرعت بدوران الساقية فصار المسكين ينقلب مع القواديس ويغطس في المادة تارة ويرقى أخرى ثم ينتكس والماء يمرّ عليه مقدار ساعة إلى أن انقطع حسه وأشرف على الهلاك واشتدّ رعب الأمراء لما رأوا من قوّة غضب السلطان‏.‏

ثم تقدّم الأمير طغاي الدوادار في طائفة من الأمراء الخاصكية واعتذروا عن هذا المسكين بأنه لم يرد إلا أن يضحك السلطان من كلامه ولم يقصد عيب الأجناد ولا انتقاصهم ونحو هذا من القول إلى أن أمر بحله فإذا ليس فيه حركة فسحب ورسم السلطان بأنه إن كان حيًا لا يبيت بديار مصر فأخرج من وقته منفيًا وحمد اللّه كل من الأمراء على ما وفقه من السكوت وما زال الأمر بمصر على ما رسمه الملك الناصر في هذا الروك إلى أن زالت دولهّ بني قلاوون بالملك الظاهر برقوق في شهر رمضان سنة أربع وثمانين وسبعمائة فأبقي الأمر على ذلك إلا أنَّ أشياء منه أخذت تتلاشى قليلًا قليلًا إلى أن كانت الحوادث والمحن في سنة ست وثمانمائة حيث حدث من أنواع التغيرات وتنوعّ الظلم ما لم يخطر ببال أحد وسيمرّ بك حمل من ذلك عند ذكر أسباب خراب إقليم مصر إن شاء اللّه تعالى وكانت لأراضي مصر تقاو مخلدة في نواحيها وهي على قسمين‏:‏ تقاوٍ سلطانية وتقاوٍ بلدية فالتقاوي السلطانية وضعها الملوك في النواحي وكان الأمير أو الجنديّ عندما يستقرّ على الإقطاع يقبض ماله من التقاوي السلطانية فإذا خرج عنه طولب بها فلما كان الروك الناصري خلدت تقاوي كل ناحية بها وضبطت في الديوان السلطاني فبلغت جملتها مائة ألف وستين ألف أردب سوى التقاوي البلدية‏.‏

ذكر الديوان قال أقضى القضاة أبو الحسن الماورديّ‏:‏ الديوان محفوظ بحفظ ما تعلق بحقوق السلطنة من الأعمال والأموال ومن يقوم بها من الجيوش والعمال وفي تسميته ديوانًا وجهان‏:‏ أحدهما‏:‏ أن كسرى اطلع ذات يوم على كتاب ديوانه فرآهم يحسبون مع أنفسهم فقال‏:‏ ديوانه أي‏:‏ مجانين فسمي موضعهم بهذا الاسم ثم حذفت الهاء عند كثرة الاستعمال تخفيفًا للاسم فقيل‏:‏ ديوان‏.‏

والثاني‏:‏ أن الديوان اسم بالفارسية للشياطين فسمي الكتاب باسمهم لحذقهم بالأمور ووقوفهم على الجليّ والخفيّ وجمعهم لما شذ وتفرّق واطلاعهم على ما قرب وبعد ثم سمي مكان جلوسهم باسمهم فقيل‏:‏ ديوان‏.‏

انتهى‏.‏

واعلم أن كتابة الديوان على ثلاثة أقسام‏:‏ كتابة الجيوش وكتابة الخراج وكتابة الإنشاء والمكاتبات ولا بد لكل دولة من استعمال هذه الأقسام الثلاثة وقد أفرد العلماء في كتابة الخراج وفي كتابة الإنشاءات عدة مصنفات ولم أر أحدًا جمع شيئًا في كتابة الجيوش والعساكر وكانت كتابة الدواوين في صدر الإسلام أن يجعل ما يكتب فيه صحفًا مدرجة فلما انقضت أيام بني أمية وقام عبد الله بن محمد‏:‏ أبو العباس السفاح استوزر خالد بن برمك بعد أبي سلمة حفص بن سليمان الخلال فجعل الدفاتر في الدواوين من الجلود وكتب فيها وترك الدروج إلى أن تصرّف جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك في الأمور أيام الرشيد فاتخذ الكاغد وتداوله الناس من بعده إلى اليوم‏.‏

وذكر أبو النمر الوراق قال‏:‏ حدّثني أبو حازم القاضي قال‏:‏ قال لي أبو الحسن بن المدبر‏:‏ لو عمرت مصر كلها لوفت بأعمال الدنيا وقال‏:‏ إن أرض مصر مساحتها للزراعة ثمانية وعشرون ألف ألف فدّان وإنما المعمر منها ألف ألف فدّان‏.‏

قال‏:‏ وقال لي ابن المدبر‏:‏ إنه كان يتقلد ديوان المشرق وديوان المغرب‏.‏

قال‏:‏ ولم أبت قط ليلة من الليالي حتى أنهيه ولا بقيته وتقلدت مصر فكنت ربما نمت وقد بقي عليّ شيء من العمل فأستتمه إذا أصبحت‏.‏

ذكر ديوان العساكر والجيوش يقال‏:‏ إنّ أول من وضع ديوان الجند بخيلهم كيهراسف أحد ملوك الطبقة الثانية من الفرس وإن كيقباذ قبله كان قد أخذ العشر من الغلات وصرفه في أرزاق جنده وأما في الإسلام فما خرجه البخاري ومسلم من حديث حذيفة رضي الله عنه قال‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ اكتبوا لي من تلفظ بالإسلام من الناس ‏"‏ فكتبنا له ألفًا وخمسمائة رجل الحديث‏.‏

ذكره البخاريّ في باب كتابة الإمام الناس وللبخاري من حديث عبد اللّه بن عباس رضي اللّه عنهما قال‏:‏ جاء رجل إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا رسول اللّه إني اكتتبت في غزوة كذا وكذا وامرأتي حاجة قال‏:‏ ‏"‏ ارجع فاحجج مع امرأتك ‏"‏‏.‏

وقال عمرو بن منبه عن معمر عن قتادة قال‏:‏ آخر ما أتي به النبيّ صلى الله عليه وسلم ثمانمائة ألف درهم من البحرين فما قام من مجلسه حتى أمضاه ولم يكن للنبيّ صلى الله عليه وسلم بيت مال ولا لأبي بكر‏.‏

وأوّل من اتخذ بيت مال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه‏.‏

وقال ابن شهاب‏:‏ عمر أوّل من دوّن الدواوين‏.‏

وروى ابن سعد عن عائشة رضي اللّه عنها قالت‏:‏ قسم أبي الفيء عام أوّل فأعطى الحرّ عشرة والملوك عشرة والمرأة عشرة وأمتها عشرة ثم قسم العام الثاني فأعطاهم عشرين عشرين‏.‏

فقيل‏:‏ إن سببه أن أبا هريرة رضي الله عنه قدم على عمر رضي الله عنه بمال من البحرين فقال له عمر‏:‏ ماذا جئت به‏.‏

فقال‏:‏ خمسمائة ألف درهم فاستكثره عمر وقال‏:‏ أتدري ما تقول‏.‏

قال‏:‏ نعم مائة ألف خمس مرّات فقال عمر‏:‏ أطيب هو‏.‏

قال‏:‏ لا أدري فصعد عمر المنبر فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال‏:‏ أيها الناس قد جاءنا مال كثير فإن شئتم كلنا لكم كيلًا وإن شئتم عددنا لكم عدًّا فقام إليه رجل فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين قد رأيت الأعاجم يدوّنون ديوانًا لهم فدوّن أنت ديوانًا فدوّن عمر‏.‏

وقيل‏:‏ بل سببه أن عمر بعث بعثًا وعنده الهرمزان فقال لعمر‏:‏ هذا بعث قد أعطيت أهله الأموال فإن تخلف منهم رجل من أين يعلم صاحبك به فأثبت لهم ديوانًا فسأله عن الديوان حتى فسره له فاستشار المسلمين في تدوين الدواوين فقال له عليّ بن أبي طالب‏:‏ تقسم كل سنة ما اجتمع عندك من المال ولا تمسك منه شيئًا وقال عثمان رضي الله عنه‏:‏ أرى مالًا كثيرًا يسع الناس فإن لم يحصوا حتى يعرف من أخذ ممن لم يأخذ خشيت أن ينتشر الأمر وقال خالد بن الوليد رضي اللّه عنه‏:‏ قد كنت بالشام فرأيت ملوكها دوّنوا ديوانًا وجندوا جنودًا فدون ديوانًا وجند جنودًا فأخذ بقوله ودعا عقيل بن أبي طالب ومخرمة بن نوفل وجبير بن مطعم وكانوا كتاب قريش فقال‏:‏ اكتبوا الناس على منازلهم فبدأوا ببني هاشم وكتبوهم ثم أتبعوهم أولاد أبي بكر وقومه ثم عمر وقومه وكتبوا القبائل ووضعوها على الخلافة ثم رفعوا ذلك إلى عمر رضي اللّه عنه فلما نظر فيه قال‏:‏ لا ولكن ابدأوا بقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأقرب فالأقرب حتى تضعوا عمر حيث وضعه اللّه فشكره العباس رضي اللّه عنه على ذلك وقال‏:‏ وصلت رحمك وقد اختلف في السنة التي فرض فيها عمر رضي الله عنه الأعطية ودوّن الدواوين فقال الكلبيّ في سنة خمس عشرة وحكى ابن سعد عن عمر الواقدي‏:‏ أنه جعل ذلك في سنة عشرين‏.‏

قال الزهريّ‏:‏ وكان ذلك في المحرّم سنة عشرين من الهجرة وقيل‏:‏ لما فتح الله على المسلمين القادسية وقدمت على عمر رضي الله عنه الفتوح من الشام جمع المسلمين وقال‏:‏ ما يحلّ للوالي من هذا المال فقالوا‏:‏ جميعًا أما الخاصة فقوته وقوت عياله لا وكس و شطط وكسوته وكسوتهم للشتاء والصيف ودابتان إلى جهاده وحوائجه وحملانه إلى حجته وعمرته والقسم بالسوية وأن يعطي أهل البلاد على قدر بلادهم ويرم أمور الناس بعد ويتعاهدهم في الشدائد والنوازل حتى تنكشف ويبدأ بأهل القيء ثم يجوزهم إلى كل مغلوب ما بلغ الفيء‏.‏

وقال الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما‏:‏ لما افتتحت القادسية وصالح من صالح من أهل السواد وافتتحت دمشق وصالح أهل الشام‏.‏

قال عمر رضي اللّه عنه للناس‏:‏ اجتمعوا فأحضروني علمكم فيما أفاء اللّه على أهل القادسية وأهل الشام فاجتمع رأي عليّ وعمر رضي اللّه عنهما أن يأخذوه من قبل القرآن فقالوا‏:‏ ‏"‏ ما أفاء اللّه على رسوله من أهل القرى ‏"‏ الحشر 7 يعني‏:‏ من الخمس ‏"‏ فالله وللرسول ‏"‏ يعني‏:‏ من اللّه الأمر وعلى الرسول ‏"‏ القسم ‏"‏ ولذي القربى واليتامى والمساكين ‏"‏ ثم فسروا ذلك بالآية الأخرى التي تليها‏:‏ ‏"‏ للفقراء المهاجرين ‏"‏ الحشر 8 الآية فأخذوا أربعة الأخماس على ما قسم عليه الخمس فيمن بدئ به وثنى وثلث وأربعة أخماس لمن أفاء اللّه عليه المغنم ثم استشهدوا على ذلك بقوله تعالى‏:‏ ‏"‏ واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن للّه خمسه ‏"‏ الأنفال 41 الآية من تلك الطبقات الثلاث وأربعة أخماس لمن أفاء الله عليه فقسم الأخماس على ذلك فاجتمع على ذلك عمر وعليّ وعمل به المسلمون بعد ذلك فبدأ بالمهاجرين ثم الأنصار ثم التابعين الذين شهدوا معهم وأعانوهم ثم فرض الأعطية من الجزاء على من صالح أو دعا إلى الصلح من حرابة فرق عليهم بالمعروف وليس في الجزء أخماس الجزء لمن منع الذمّة ووفى لهم ممن ولي ذلك منهم ولمن لحق بهم فأعانهم بأسوة إلا أن يواسوا بفضله عن طيب أنفس منهم من لم ينل مثل الذي نالوا‏.‏

وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال عمر رضي اللِّه عنه‏:‏ إني مجمد المسلمين على الأعطية ومدوّنهم ومتحرّي الحق فقال عبد الرحمن بن عوف وعثمان وعليّ رضي الله عنهم‏:‏ ابدأ بنفسك قال‏:‏ لا أبدأ إلا بعم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الأقرب فالأقرب منهم من رسول اللّه ففرض للعباس وبدأ به ثم فرض لأهل بدر خمسة آلاف خمسة آلاف ثم فرض لمن بعد بدر إلى الحديبية أربعة آلاف أربعة آلاف ثم فرض لمن بعد الحديبية إلى أن أقلع أبو بكر رضي الله عنه عن أهل الردة ثلاثة آلاف ثلاثة آلاف ودخل في ذلك من شهد الفتح وقاتل عن أبي بكر ومن ولي الأيام قبل القادسية كل هؤلاء على ثلاثة آلاف ثلاثة آلاف ثم فرض لأهل القادسية وأهل الشام أصحاب اليرموك ألفين ألفين وفرض لأهل البلاد النازح منهم ألفين وخمسمائة ألفين وخمسمائة فقيل له‏:‏ لو ألحقت أهل القادسية بأهل الأيام فقال‏:‏ لم أكن لألحقهم بدرجة من لم يدركوا لاها الله إذن وقيل له‏:‏ قد سوّيتهم على بعد دارهم بمن قد قربت داره وقاتل عن فنائه فقال‏:‏ هم كانوا أحق بالزيادة لأنهم كانوا ردء الحقوق وشجى للعدوّ‏.‏

وأيم الله ما سوّيتهم حتى استطبتهم فهلا قال المهاجرون مثل قولهم حين سوّينا بين السابقين من المهاجرين وبين الأنصار وقد كانت نصرة الأنصار بفنائهم وهاجر إليهم المهاجرون من بعد وفرض للروادف الذين ردفوا بعد افتتاح القادسية واليرموك بعد الفتح ثلثمائة ثلثمائة سوّى كل طبقة في العطاء ليس بينهم تفاضل قويهم وضعيفهم عربيهم وأعجميهم في طبقاتهم سواء حتى إذا حوى أهل الأمصار من حووا من سباياهم وردفت المربع من الروادف فرض لهم على خمسين ومائتين وفرض لمن ردف من الروادف الخمس على مائتين فكان آخر من فرض له عمر رضي اللّه عنه أهل هجر على مائتين ومات عمر على ذلك‏.‏

وأدخل في أهل بدر أربعة من غير أهل بدر‏:‏ الحسن والحسين وأبا ذر وسلمان وقال أبو سلمة‏:‏ فرض عمر للعباس على خمسة وعشرين ألفًا‏.‏

وقال الزهريّ‏:‏ على اثني عشر ألفًا وجعل نساء أهل بدر إلى الحديبية على أربعمائة أربعمائة ونساء من بعد ذلك إلى الأيام قبل القادسية على ثلثمائة ثلثمائة ثم نساء أهل القادسية على مائتين مائتين ثم سوّى بين النساء بعد ذلك وجعل للصبيان من أهل بدر وغيرهم مائة مائة ثم دعا ستين مسكينًا فأطعمهم خبزًا بملح فأحصوا ما أكلوه فوجدوه يخرج من جزيتين ففرض لكل إنسان يقوم بالأمر له ولعياله جزيتين جزيتين في كل شهر‏:‏ مسلمهم وكافرهم وفرض لأزواج النبيّ صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف عشرة آلاف إلا من جرى عليه البيع فقالت أمّهات المؤمنين‏:‏ ما كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يفضلنا عليهنّ في القسمة ولكن كان يسوّي بيننا فسوِّ بيننا فجعلهن على عشرة آلاف عشرة آلاف وفضل عائشة رضي اللّه عنها بألفين فأبت‏.‏

فقال لفضل‏:‏ منزلتك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا أخذتها فشأنك‏.‏