فصل: باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القول المفيد على كتاب التوحيد (نسخة منقحة)



.باب من الشرك لبس الحلقة والخيط ونحوهما لرفع البلاء أو دفعه:

قوله: (من الشرك)، من هنا للتعبيض، أي: أن هذا بعض الشرك، وليس كل الشرك، والشرك: اسم جنس يشمل الأصغر والأكبر، ولبس هذه الأشياء قد يكون أصغر وقد يكون أكبر بحسب اعتقاد لابسها، وكان لبس هذه الأشياء من الشرك، لأن كل من أثبت سببًا لم يجعله الله سببًا شرعيًّا ولا قدريًّا، فقد جعل نفسه شريكًا مع الله.
فمثلًا: قراءة الفاتحة سبب شرعي للشفاء.
وأكل المسهل سبب حسي لانطلاق البطن، وهو قدري، لأنه يعلم بالتجارب والناس في الأسباب طرفان ووسط:
الأول: من ينكر الأسباب، وهم كل من قال بنفي حكمة الله، كالجبرية، والأشعرية.
الثاني: من يغلو في إثبات الأسباب حتى يجعلوا ما ليس بسبب سببًا، وهؤلاء هم عامة الخرافيين من الصوفية ونحوهم.
الثالثة: من يؤمن بالأسباب وتأثيراتها، ولكنهم لا يثبتون من الأسباب إلا ما أثبته الله سبحانه ورسوله، سواء كان سببًا شرعيًّا أو كونيًّا.
ولا شك أن هؤلاء هم الذين آمنوا بالله إيمانًا حقيقيًّا، وآمنوا بحكمته، حيث ربطوا الأسباب بمسبباتها، والعلل بمعلولاتها، وهذا من تمام الحكمة.
ولبس الحلقة ونحوها إن اعتقد لابسها أنها مؤثرة بنفسها دون الله، فهو مشرك شركًا أكبر في توحيد الربوبية، لأنه اعتقد أن مع الله خالقًا غيره.
وإن اعتقد أنها سبب، ولكنه ليس مؤثرًا بنفسه، فهو مشرك شركًا أصغر لأنه لما اعتقد أن ما ليس بسب سببًا فقد شارك الله تعالى في الحكم لهذا الشيء بأنه سبب، والله تعالى لم يجعله سببًا.
وطريق العلم بأن الشيء سبب، إما عن طريق الشرع، وذلك كالعسل: {فيه شفاء للناس} [النحل: 69]، وكقراءة القرآن فيها شفاء للناس، قال الله تعالى: {وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين} [الإسراء: 82].
وإما عن طريق القدر، كما إذا جربنا هذا الشيء فوجدناه نافعًا في هذا الألم أو المرض، ولكن لا بد أن يكون أثره ظاهرًا مباشرًا كما لو اكتوى بالنار فبرئ بذلك مثلًا، فهذا سبب ظاهر بين، وإنما قلنا هذا لئلا يقول قائل: أن جربت هذا وانتفعت به، وهو لم يكن مباشرًا، كالحلقة، فقد يلبسها إنسان وهو يعتقد أنها نافعة، فينتفع لأن للانفعال النفسي للشيء أثرًا بينًا، فقد يقرأ إنسان على مريض فلا يرتاح له، ثم يأتي آخر يعتقد أن قراءته نافعة، فيقرأ عليه الآية نفسها فيرتاح له ويشعر بخفة الألم، كذلك الذين يلبسون الحلق ويربطون الخيوط، قد يحسون بخفة الألم أو اندفاعه أو ارتفاعه بناءً على اعتقادهم نفعها.
وخفة الألم لمن اعتقد نفع تلك الحلقة مجرد شعور نفسي، والشعور النفسي ليس طريقًا شرعيًّا لإثبات الأسباب، كما أن الإلهام ليس طريقًا للتشريع.
قوله: (لبس الحلقة والخيط)، الحلقة: من حديد أو ذهب أو فضة أو ما أشبه ذلك، والخيط معروف.
قوله: (ونحوهما)، كالمرصعات، وكمن يصنع شكلًا معينًا من نحاس أو غيره لدفع البلاء، أو يعلق على نفسه شيئًا من أجزاء الحيوانات، والناس كانوا يعلقون القرب البالية على السيارات ونحوها لدفع العين، حتى إذا رآها الشخص نفرت نفسه فلا يعين.
قوله: (لرفع البلاء، أو دفعه)، الفرق بينهما: أن الرفع بعد نزول البلاء، والدفع قبل نزول البلاء.
وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب لا ينكر السبب الصحيح للرفع أو الدفع، وإنما ينكر السبب غير الصحيح.
وقول الله تعالى: {قل أفرأيتم ما تدعون من دون الله إن أرداني الله بضر هل هن كاشفات ضره} الآية [الزمر: 38].
وقول الله تعالى: {أفرأيتم}، أي: أخبروني، وهذا تفسير باللازم، لأن من رأى أخبر، وإلا، فهي استفهام عن رؤية، قال تعالى: {أرأيت الذي يكذب بالدين} [الماعون: 1]، أي: أخبرني ما حال من كذب بالدين؟ وهي تنصب مفعولين، الأول مفرد، والثاني جملة استفهامية.
وقوله: {ما}، المفعول الأول لرأيتم، والمفعول الثاني جملة: {إن أرادني الله بضر}.
وقوله: {تدعون}، المراد بالدعاء دعاء العبادة ودعاء المسألة، فهم يدعون هذه الأصنام دعاء عبادة، فيتعبدون لها بالنذر والذبح والركوع والسجود، ويدعونها دعاء مسألة لدفع الضرر أو جلب النفع.
فالله سبحانه إذا أراد بعبده ضرًا لا تستطيع الأصنام أن تكشفه، وإن أراده برحمة لا تستطيع أن تمسك الرحمة عنه، فهي لا تكشف الضرر، ولا تمنع النفع، فلماذا تبعد؟
وقوله: {كاشفات}، يشمل الدفع والرفع، فهي لا تكشف الضر بدفعه وإبعاده، ولا تكشفه برفعه وإزالته.
وقوله: {قل حسبي الله}، أي: كافيني، والحسب: الكفاية، ومنه قوله تعالى: {جزاء من ربك عطاء حسابًا} [النبأ: 36]، من الحسب، وهو الكفاية، وحسبي، مبتدأ ولفظ الجلالة خبر، وهذا أبلغ.
وقيل العكس، والراجح الأول، لوجهين:
الأول: أن الأصل عدم التقديم والتأخير.
الثاني: أن قولك: حسبي الله فيه حصر الحسب في الله، أي حسبي الله لا غيره، فهو كقولك: لا حسب لي إلا الله، بخلاف قولك: الله حسبي، فليس فيه الحصر المذكور، فلا يدل على حصر الحسب في الله.
قوله: {عليه يتوكل المتوكلون}. قدم الجار والمجرور لإفادة الحصر، لأن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر.
والمعنى أن المتوكل حقيقة هو المتوكل على الله، أما الذي يتوكل على الأصنام والأولياء والأضرحة، فليس بمتوكل على الله تعالى.
وهذا لا ينافي أن يوكل الإنسان إنسانًا في شيء ويعتمد عليه، لأن هناك فرقًا بين التوكل على الإنسان الذي يفعل لك شيئًا بأمرك، وبين توكلك على الله، لأن توكلك على الله اعتقادك أن بيده النفع والضر، وأنك متذلل، معتمد عليه، مفتقر إليه، مفوض أمرك إليه.
والشاهد من هذه الآية: أن هذه الأصنام لا تنفع أصحابها لا يجلب نفع ولا بدفع ضر، فليست أسبابًا لذلك، فيقاس عليها كل ما ليس بسبب شرعي أو قدري، فيعتبر اتخاذه سببًا إشراكًا بالله.
وهناك شاهد آخر في قوله: {حسبي الله}، فإن فيه تفويض الكفاية إلى الله دون الأسباب الوهمية، وأما الأسباب الحقيقية، فلا ينافي تعاطيها توكل العبد على الله تعالى وتفويض الأمر إليه، لأنها من عنده.
عن عمران بن حصين رضي الله عنه، أن النبي رأى رجلًا في يده حلقة من صفر، فقال: «ما هذه»؟ قال: من الواهنة. فقال: «انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهنًا، فإنك لو مت وهي عليك، ما أفلحت أبدًا». رواه أحمد بسند لا بأس به.
قوله في حديث عمران: «رأى رجلًا». لم يبين اسمه، لأن المهم بيان القضية وحكمها، لكن ورد ما يدل على أنه عمران نفسه، لكنه أبهم نفسه.
قوله: «حلقة من صفر، فقال: ما هذه؟ قال: من الواهنة»، والحلقة والصفر معروفان، وأما الواهنة، فوجع في الذراع أو العضد.
(ما أفلحت): الفلاح هو النجاة من المرهوب وحصول المطلوب.
وهذا الحديث مناسب للباب مناسبة تامة، لأن هذا الرجل لبس حلقة من صفر، إما لدفع البلاء أو لرفعه.
والظاهر أنه لرفعه، لقوله: «لا تزيدك إلا وهنأ»، والزيادة تكون مبنية على أصل.
ففي هذا الحديث دليل على عدة فوائد:
1- أن ينبغي لمن أراد إنكار المنكر أن يسأل أولًا عن الحال، لأنه قد يظن ما ليس بمنكر منكرًا، ودليله أن الرسول قال: «ما هذه».
والاستفهام هنا للاستعلام فيما يظهر وليس للإنكار، وقول الرجل: (من الواهنة): من للسببية، أي: لبستها بسبب الواهنة، وهي مرض يوهن الإنسان ويضعفه، قد يكون في الجسم كله وقد يكون في بعض الأعضاء كما سبق.
2- وجوب إزالة المنكر، لقوله: «انزعها»، فأمره بنزعها، لأن لبسها منكر، وأيد ذلك بقوله: «إنها لا تزيدك إلا وهنًا»، أي: وهنًا في النفس لا في الجسم، وربما تزيده وهنًا في الجسم، أما وهن النفس، فلأن الإنسان إذا تعلقت نفسه بهذه الأمور ضعفت واعتمدت عليها ونسيت الاعتماد على الله- عز وجل-، والانفعال النفسي له أثر كبير في إضعاف الإنسان، فأحيانًا يتوهم الصحيح أنه مريض فيمرض، وأحيانًا يتناسى الإنسان المرض وهو مريض فيصبح صحيحًا، فانفعال النفس بالشيء له أثر بالغ، ولهذا تجد بعض الذين يصابون بالأمراض النفسية يكون أصل إصابتهم ضعف النفس من أول الأمر، حتى يظن الإنسان أنه مريض بكذا أو بكذا، فيزداد عليه الوهم حتى يصبح الموهوم حقيقة.
فهذا الذي لبس الحلقة من الواهنة لا تزيده إلى وهنًا، لأنه سوف يعتقد أنها ما دامت عليه فهو سالم، فإذا نزعها عاد إليه الوهن، وهذا بلا شك ضعف في النفس.
3- أن الأسباب لا أثر لها بمقتضى الشرع أو العادة أو التجربة لا ينتفع بها الإنسان.
4- أن لبس الحلقة وشبهها لدفع البلاء أو رفعه من الشرك، لقوله: «لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا»، وانتفاء الفلاح دليل على الخيبة والخسران.
ولكن هل هذا شرك أكبر أو أصغر؟.
سبق لنا عند الترجمة أنه يختلف بحسب اعتقاد صاحبه.
5- أن الأعمال بالخواتيم، لقوله: «لو مت وهي عليك»، فعرف أنه لو أقلع عنها قبل الموت لم تضره لأن الإنسان إذا تاب قبل أن يموت صار كمن لا ذنب له.
وله عن عقبة بن عامر مرفوعًا: «من تعلق تميمة، فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة، فلا ودع الله له».
قوله: «من تعلق تميمة»: أي علق بها قلبه واعتمد عليها في جلب النفع ودفع الضرر، والتميمة: شيء يعلق على الأولاد من خرز أو غيره يتقون به العين.
وقوله: «فلا أتم الله له». الجملة خبرية بمعنى الدعاء، ويحتمل أن تكون خبرية محضة، وكلا الاحتمالين دال على أن التميمة محرمة، سواء نفى الرسول أن يتم الله له أو دعا بأن لا يتم الله له، فإن كان الرسول أراد به الخبر، فإننا نخبر بما أخبر به النبي، وإلا، فإننا ندعو بما دعا به الرسول.
وفي رواية: «من تعلق تميمة، فقد أشرك».
ولابن أبي حاتم عن حذيفة: أنه رأى رجلًا في يده خيط من الحمى، فقطعه، وتلا قوله: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} [يوسف: 106].
ومثل ذلك قوله: «ومن يتعلق ودعة، فلا ودع الله له».
والودعة: واحدة الودع، وهي أحجار تؤخذ من البحر يعلقونها لدفع العين، ويزعمون أن الإنسان إذا علق هذه الودعة لم تصبه العين، أو لا يصيبه الجن.
قوله: «لا ودع الله له»، أي: لا تركه الله في دعة وسكون، وضد الدعة والسكون القلق والألم.
وقيل: لا ترك الله له خيرًا، فعومل بنقيض قصده.
وقوله: «فقد أشرك»، هذا الشرك يكون أكبر إن اعتقد أنها ترفع أو تدفع بذاتها دون أمر الله، وإلا، فهو أصغر.
قوله: «من الحمى»، (من) هنا للسببية، أي: في يده خيط لبسه من أجل الحمى لتبرد عليه، أو يشفى منها.
قوله: (فقطعه) أي: قطع الخيط، وفعله هذا من تغيير المنكر باليد، وهذا يدل على غيرة السلف الصالح وقوتهم في تغيير المنكر باليد وغيرها.
وقوله: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}، أي وتلا حذيفة هذه الآية. والمراد بها المشركون الذين يؤمنون بتوحيد الربوبية ويكفرون بتوحيد الألوهية.
وقوله: {وهم مشركون} في محل نصب على الحال، أي: وهم متلبسون بالشرك، وكلام حذيفة في رجل مسلم ليس خيطًا لتبريد الحمى أو الشفاء منها. وفيه دليل على أن الإنسان قد يجتمع فيه إيمان وشرك، ولكن ليس الشرك الأكبر، لأن الشرك الأكبر لا يجتمع مع الإيمان، ولكن المراد هنا الشرك الأصغر، وهذا أمر معلوم.
* فيه مسائل:
الأولى: التغليظ في لبس الحلقة والخيط ونحوهما لمثل ذلك.
الثانية: أن الصحابي لو مات وهي عليه، ما أفلح. فيه شاهد لكلام الصحابة: أن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر.
قوله: (فيه مسائل)، أي: في هذا الباب مسائل:
* الأولى: التغليظ في لبس الحلقة والخيط ونحوهما لمثل ذلك، لقوله: «انزعها- لا تزيدك إلا وهنًا-، لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا»، وهذا تغليظ عظيم في لبس هذه الأشياء والتعلق بها.
* الثانية: أن الصحابي لو مات وهي عليه ما أفلح، هذا وهو صحابي، فكيف بمن دون الصحابي؟! فهو أبعد عن الفلاح.
قال المؤلف: (فيه شاهد لكلام الصحابة: أن الشرك الأصغر أكبر من الكبائر).
قوله: (لكلام الصحابة)، أي: لقولهم، وهو كذلك، فالشرك الأصغر أكبر من الكبائر، قال ابن مسعود رضي الله عنه: (لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقًا)، وذلك لأن سيئة الشرك أعظم من سيئة الكبيرة، لأن الشرك لا يغفر ولو كان أصغر، بخلاف الكبائر، فإنها تحت المشيئة.
الثالثة: أنه لم يعذر بالجهالة.
* الثالثة: أنه لم يعذر بالجهالة. هذا فيه نظر، لأنه قوله: «لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا» ليس بصريح أنه لو مات قبل العلم، بل ظاهره: «لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدًا»، أي: بعد أن علمت وأمرت بنزعها.
وهذه المسألة تحتاج إلى تفصيل، فنقول: الجهل نوعان:
جهل يعذر فيه الإنسان، وجهل لا يعذر فيه، فما كان ناشئًا عن تفريط وإهمال مع قيام المقتضي للتعلم، فإنه لا يعذر فيه، سواء في الكفر أو في المعاصي، وما كان ناشئًا عن خلاف ذلك، أي أنه لم يهمل ولم يفرط ولم يقم المتضي للتعلم بأن كان لم يطرأ على باله أن هذا الشيء حرام فإنه يعذر فيه فإن كان منتسبًا إلى الإسلام، لم يضره، وإن كان منتسبًا إلى الكفر، فهو كافر في الدنيا، لكن في الآخرة أمره إلى الله على القول الراجح، يمتحن، فإن أطاع دخل الجنة، وإن عصى دخل النار.
فعلى هذا من نشأ ببادية بعيد ليس عنده علماء ولم يخطر ببالة أن هذا الشيء حرام، أو أن هذا الشيء واجب، فهذا يعذر، وله أمثلة:
منها: رجل بلغ وهو صغير وهو في بادية ليس عنده عالم، ولم يسمع عن العلم شيئًا، ويظن أن الإنسان لا تجب عليه العبادات إلا إذا بلغ خمس عشر سنة، فبقي بعد بلوغه حتى تم له خمس عشرة سنة وهو لا يصوم ولا يصلي ولا يتطهر من جنابه، فهذا لا نأمره بالقضاء لأنه معذور بجهله الذي لم يفرط فيه بالتعلم ولم يطرأ له على بال، وكذلك لو كانت أنثى أتاها الحيض وهي صغيرة وليس عندها من تسأل ولم يطرأ على بالها أن هذا الشيء واجب إلا إذا تم لها خمس عشرة سنة، فإنها تعذر إذا كانت لا تصوم ولا تصلي.
وأما من كان بالعكس كالساكن في المدن يستطيع أن يسأل، لكن عنده تهاون وغفلة، فهذا لا يعذر، لأن الغالب في المدن أن هذه الأحكام لا تخفى عليه، ويوجد فيها علماء يستطيع أن يسألهم بكل سهولة، فهو مفرط، فيلزمه القضاء ولا يعذر بالجهل.
الرابعة: أنها لا تنفع في العاجلة، بل تضر، لقوله: «لا تزيدك وهنًا». الخامسة: الإنكار بالتغليظ على من فعل مثل ذلك.
* الرابعة: أنها لا تنفع في العاجلة، بل تضر، لقوله: «لا تزيدك إلا وهنًا». والمؤلف استنبط المسألة وأتى بوجه استنباطها.
* الخامسة: الإنكار بالتغليظ على من فعل مثل ذلك، أي: ينبغي أن ينكر إنكارًا مغلظًا على من فعل مثل هذا، ووجه ذلك سياق الحديث الذي أشار إليه المؤلف، وأيضًا قوله: «من تعلق تميمة، فلا أتم الله له».
السادسة: التصريح بأن من تعلق شيئًا، وكل إليه. السابعة: التصريح بأن من تعلق تميمة، فقد أشرك. الثامنة: أن تعليق الخيط من الحمى من ذلك. التاسعة: تلاوة حذيفة الآية دليل على أن الصحابة يستدلون بالآيات التي في الشرك الأكبر على الأصغر، كما ذكر ابن عباس في آية البقرة.
* السادسة: التصريح بأن من تعلق شيئًا وكل إليه. تؤخذ من قوله: «من تعلق تميمة، فلا أتم الله له» إذا جعلنا الجملة خبرية، وأن من تعلق تميمة، فإن الله لا يتم له، فيكون موكولًا إلى هذه التميمة، ومن وكل إلى مخلوق، فقد خذل، ولكنها في الباب الذي بعده صريحة، «من تعلق شيئًا وكل إليه».
* السابعة: التصريح بأن من تعلق تميمة، فقد أشرك. وهو إحدى الروايتين في حديث عقبة بن عامر.
* الثامنة: أن تعليق الخيط من الحمى من ذلك. يؤخذ من فعل حذيفة أنه رأى رجلًا في يده خيط من الحمى فقطعه، وتلا قوله تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون}.
* التاسعة: تلاوة حذيفة الآية دليل على أن الصحابة يستدلون بالآيات التي في الشرك الأكبر على الأصغر كما ذكر ابن عباس في آية البقرة.
أي أن قوله تعالى: {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} في الشرك الأكبر، لكنهم يستدلون بالآيات الواردة في الشرك الأكبر على الأصغر، لأن الأصغر شرك في الحقيقة وإن كان لا يخرج من الملة، ولهذا نقول: الشرك نوعان: أصغر وأكبر.
وقوله: (كما ذكر ابن عباس في آية البقرة)، وهي قوله تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادًا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبًّا لله} [البقرة: 165]، فجعل المحبة التي تكون كمحبة الله من اتخاذ الند لله- عز وجل-.
العاشرة: أن تعليق الودع من العين من ذلك. الحادية عشرة: الدعاء على من تعلق تميمة أن الله لا يتم له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله، أي: ترك الله له.
* العاشرة: أن تعليق الودع من العين من ذلك، وقوله: (من ذلك)، أي: من تعليق التمائم الشركية، لأنه لا أثر لها ثابت شرعًا ولا قدرًا.
* الحادية عشرة: الدعاء على من تعلق تميمة أن الله لا يتم له، ومن تعلق ودعة، فلا ودع الله له، أي: ترك الله له. تؤخذ من دعاء النبي على هؤلاء الذين اتخذوا تمائم وودعًا، وليس هذا بغريب أن نؤمر بالدعاء على من خالف وعصى، فقد قال النبي: «إذا سمعتم من ينشد الضالة في المسجد، فقولوا: لا ردها الله عليك»، «وإذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد، فقولوا: لا أربح الله تجارتك».
فهنا أيضًا تقول له: لا أتم الله لك، ولكن الحديث إنما قاله الرسول على سبيل العموم، فلا نخاطب هذا بالتصريح ونقول لشخص رأينا عليه تميمة: لا أتم الله لك، وذلك لأن مخاطبتنا الفاعل بالتصريح والتعيين سوف يكون سببًا لنفوره، ولكن نقولك دع التمائم أو الودع، فإن النبي يقول لك: «من تعلق تميمة، فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة، فلا ودع الله له».