فصل: فصل: (قدر الإبل التي تخرج في الديات)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الكافي في فقه الإمام أحمد ***


باب‏:‏ مقادير الديات

دية الحر المسلم‏:‏ مائة من الإبل لما روى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن‏:‏ ‏[‏وإن في النفس الديات مائة من الإبل‏]‏ رواه مالك عن الموطاء والنسائي في السنن‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية العمد المحض وشبه العمد‏]‏

ودية العمد المحض وشبه العمد أرباع خمس وعشرون جذعة وخمس وعشرون حقة وخمس وعشرون ينت لبون وخمس وعشرون بنت مخاض في إحدى الروايتين لما روى الزهري عن السائب بن يزيد قال‏:‏ كانت الدية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أرباعا خمسا وعشرين جذعة وخمسا وعشرين حقة وخمسا وعشرين بنتا لبون وخمس وعشرين بنت مخاض ولأنه قول ابن مسعود رضي الله عنه‏.‏

والثانية‏:‏ يجب ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعن خلفة أي حاملا لما روى عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏ألا في قتيل عمد الخطأ قتيل السوط والعصا مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها‏]‏ رواه أبو داود وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏[‏من قتل متعمدا دفع إلى أولياء المقتول إن شاءوا قتلوا وإن شاءوا أخذو الدية وهي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة وما صولحوا عليه فهو لهم‏]‏ رواه الترمزي وقال‏:‏ حديث حسن والخلفة‏:‏ الحامل وعن عمرو بن شعيب أن رجلا يقال له‏:‏ قتادة حذف ابنه بالسيف فقتله فأخذ منه عمر ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين خلفة رواه مالك في الموطأ وهل يعتبر في الأربعين أن تكون ثنايا‏؟‏ على وجهين‏:‏

أحدهما‏:‏ لا يعتبر لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق الخلفات فاعتبار السن تقييد لا يصار إليه إلا بديل‏.‏

والثاني‏:‏ يجب أن تكون ثنايا لأن في بعض الألفاظ منها أربعون خلفة ما بين ثنية عامها إلا بازل ولأن سائر الأنواع مقدرة السن فكذلك الخلفات‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الخطأ وما أجري مجراه‏]‏

ودية الخطأ ما أجري مجراه أخماس عشرون بنت مخاض وعشرون ابن مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون حقة وعشرون جذعة لما روى ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏في دية الخطأ عشرن جذعة وعشرون حقة وعشرون بنت مخاض وعشرون بنت لبون وعشرون بني مخاض‏]‏ رواه أبو داود وعمد الصبي والمجنون جار مجرى الخطأ وحكمه حكمه لأنه لا يوجب قصاصا بحال وكذلك فعل النائم مثل أن ينقلب على شخص فيقتله والقتل بالسبب مثل حفر البئر ووضع الحجر وسائر ما ذكرناه حكمه حكم الخطأ‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏ما يجب في إبل الديات‏]‏

وتجب الإبل صحاحا غير مراض ولا عجاف ولا معيبة لأنه بدل متلف من غير جنسه لم يقبل فيه معيب كقيمة المال ومتى أحضرها على الصفة المشروطة لزم قبولها سواء كانت من جنس ماله أو لم تكن لأنها بدل متلف فلم يعتبر كونها من جنس ماله كسائر قيم المتلفات‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏هل تعتبر قيمة الإبل في الدية‏؟‏‏]‏

وظاهر كلام الخرقي أنه لا يعتبر قيمة الإبل بل متى وجدت الصفة المشروطة وجب أخذها قلت قيمتها أو كثرت لأن النبي صلى الله عليه وسلم أطلق الإبل فتقييدها بالقيمة يخالف ظاهر الخبر ولأنه خالف بين أسنان دية العمد والخطأ تخفيفا لدية الخطأ عن دية العمد واعتبارها بقيمة واحدة تسوية بينهما وإزالة للتخفيف المشروع‏.‏

وعن أحمد‏:‏ أنه يعتبر أن يكون قيمة كل بعير مائة وعشرين درهما لأن عمر قومها باثني عشر ألف درهم ولأنها إبدال محل واحد فيجب أن تستوي قيمتها كالمثل والقيمة في المتلفات‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الأصل في الدية‏]‏

وظاهر كلام الخرقي أن الإبل هي الأصل في الدية قال أبو الخطاب‏:‏ هذا إحدا الروايتيم عن أحمد لما روينا من الأخبار والرواية الأخرى‏:‏ أن الأصول ستة أنواع الإبل والبقر والغنم والذهب والورق والحلل لما روي في كتاب عمرو بن حزم وإن في النفس المؤمنة مائة من الإبل وعلى أهل الذهب ألف دينار رواه النسائي وعن عمرو بن شعيب أبيه عن جده إن عمر قام خطيبا فقال‏:‏ إن الإبل قد غلت قال فقوم على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق إثني عشر ألفا وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاة ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة رواه أبو داود وهذا كان بمحضر من الصحابة فكان إجماعا وقال القاضي‏:‏ لا يختلف المذهب في أن هذه الأنواع أصول في الدية إلا الحلل فإن فيها روايتين فأي شيء منها أحضره من عليه الدية لزم الولي قبوله لأنها أبدال فائت فكانت الخيرة إلى المعطي كالأعيان في الجنس الواحد وإذا قلنا‏:‏ الأصل الإبل خاصة وجب عليه تسليمها وأيهما أراد العدول إلى غيرها فللآخر منعه لأن الحق متعين فيها كالمثل في المثليات فإن أعوزت أو لم توجد إلا بأكثر من ثمن مثلها فله الإنتقال الى أحد هذه الأنواع لأنها أبدال عنها فيصار إليها عند إعوازها كالقيمة في بدل المثليات‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏قدر الإبل التي تخرج في الديات‏]‏

وقدرها من هذه الأنواع على ما جاء في حديث عمر رضي الله عنه‏:‏ وهي ألف مثفال من الذهب الخالص أو اثنا عشر ألف درهم من دراهم الإسلام التي كل عشرة منها وزن سبعة مثاقيل أو مائتا بقرة أو ألفا شاة مقدرة بما تجب في الزكاة ففي البقر النصف مسنات والنصف أتبعة وفي الغنم يجب النصف ثنايا والنصف أجذعة إذا كانت من الضأن ويجب في الحلل المتعارف من حلل اليمن كل حلة بردان ويجب أن يكون كل نوع منها تبلغ قيمته اثني عشر ألف درهم على الرواية التي تعتبر فيها قيمة الإبل فيكون قيمة كل بقرة أو حلة ستين درهما وقيمة كل شاة ستة دراهم لما ذكرنا ولما روى بن عباس أن رجلا من بني عدي قتل فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديته اثني عشر ألفا رواه أبو داود‏.‏

قصل‏:‏

وذهب أصحابنا إلى أن الدية تغلظ بالقتل في الحرم والإحرام والشهر الحرام وقال أبو بكر‏:‏ وتغلظ أيضا بالرحم المحرم وقال القاضي‏:‏ ظاهر كلام أحمد أنها لاتغلظ به ومعنى التغليظ‏:‏ أن يزاد لكل واحد من هذه الحرمات ثلث الدية فإن اجتمعت الحرمات الثلاث وجب ديتان وعلى قول أبي بكر‏:‏ إذا اجتمعت الأربع وجبت ديتان وثلث لما روي عن عثمان رضي الله عنه‏:‏ أن امرأة وطئت في الطواف فقضى عثمان رضي الله عنه فيها بستة آلاف وألفين تغليظا للحرم وعن ابن عمر أنه قال‏:‏ من قتل في الحرم أو ذا رحم أو في شهر الحرام فعليه دية وثلث وعن ابن عباس أن رجلا قتل رجلا في الشهر الحرام وفي البلد الحرام فقال‏:‏ ديته اثنا عشر ألفا وللشهر الحرام أربعة آلاف وللبلد الحرام أربعة آلاف ولم يظهر خلاف هذا فكان إجماعا ولا تغلظ لغير ما ذكرنا لعدم الأثر فيه وامتناع قياسه على ما ورد الأثر فيه وظاهر كلام الخرقي أنها لا تزاد على مائة من الأبل لقوله الله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله‏}‏ وهذا عام في كل قتيل وفسر النبي صلى الله عليه وسلم الدية بمائة من الإبل وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم في تقدير الواجب بالقتل بمائة من الإبل أو غيرها مطلقة في الأمكنة والأزمنة والقرابة وقد قتلت خزاعة قتيلا من هذيل بمكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏وأنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل‏؟‏‏!‏ وأنا والله عاقله فمن قتل له قتيل بعد ذلك فأهله بين خيرتين إما أن يقتلوا وإما أن يأخذوا الدية‏]‏ ولم يزد‏.‏

وقتل قتادة ابنه فلم يأخذ منه عمر أكثر من مائة ولأنه بدل متلف فلم يختلف بهذه المعاني كسائر المتلفات‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الحرة المسلمة‏]‏

ودية الحرة المسلمة نصف دية الرجل لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب عمرو ابن حزم أنه قال‏:‏ ‏[‏دية المرأة على النصف من دية الرجل‏]‏ ولأنه إجماع الصحابة روي ذلك عن عمر وعثمان وعلي وزيد وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم ولا مخالف لهم وتساوي جراحها جراح الرجل إلى ثلث الدية فإذا زادت صارت على النصف لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى يبلغ الثلث من ديتها‏]‏ رواه النسائي وعن ربيعة قال‏:‏ قلت لسعيد ابن المسيب‏:‏ كم في أصبع المرأة‏؟‏ قال‏:‏ عشر قلت‏:‏ ففي أصبعين‏؟‏ قال‏:‏ عشرون قلت‏:‏ في ثلاث أصابع‏؟‏ قال‏:‏ ثلاثون قلت‏:‏ ففي أربع أصابع‏؟‏ قال‏:‏ عشرون قلت‏:‏ لما عظمت مصيبتها قل عقلها‏؟‏‏!‏ قال‏:‏ هكذا السنة، يا ابن أخي‏.‏ رواه سعيد بإسناده‏.‏ وهذا يقتضي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الكتابي‏]‏

ودية الكتابي‏:‏ نصف دية المسلم لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏دية المعاهد نصف دية المسلم‏]‏ رواه أبو داود وروي عنه‏:‏ أن ديته ثلث الدية لما روي أن عمر‏:‏ جعل دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف إلا أنه رجع عن هذه الرواية وقال‏:‏ كنت أذهب إلى أن دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف فأنا اليوم أذهب إلى نصف دية المسلم فإن قتله المسلم عمدا أضعفت الدية على قاتله لإزالة القود لأن عثمان رضي الله عنه حكم بذلك ولو قتله الكافر لم تضعف ديته لأن القود واجب ونساؤهم على النصف من دياتهم كما أن نساء المسلمين على النصف منهم ودية المجوسي‏:‏ ثمانمائة درهم لما روي عن عمر وعثمان وابن مسعود رضي الله عنهم أنهم قالوا‏:‏ ديته ثمانمائة درهم والمستأمن‏:‏ كالذمي وإن كان وثنيا فديته‏:‏ دية المجوسي لأنه كافر لا يحل نكاح نسائه فأما من لم تبلغه الدعوة إم لم يكن له عهد فلا ضمان فيه لأنه كافر لا عهد له أشبه نساء أهل الحرب وقال أبو الخطاب‏:‏ يضمن بما يضمن به أهل دينه لأنه محقون الدم من أهل القتال أشبه المستأمن‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا قطع طرف ذمي فأسلم ثم مات‏]‏

وإذا قطع طرف ذمي فأسلم ثم مات ففيه وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ تجب دية مسلم اختاره ابن حامد لأن الاعتبار بحال استقرار الجناية بدليل ما لو قطع يديه ورجليه فمات وجبت دية واحدة اعتبارا بحال الاستقرار‏.‏

والثاني‏:‏ يجب دية ذمي وهو ظاهر قول أبي بكر والقاضي لأن الجناية يراعى فيها حال وجودها بدليل عدم وجوب القصاص فيها وهو في حالة الجناية ذمي فأما إن رمى إلى ذمي فلم يقع به السهم حتى أسلم فعليه دية مسلم لأن الإصابة لمسلم‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الخنثى‏]‏

ودية الخنثى المشكل‏:‏ نصف دية ذكر ونصف دية أنثى وذلك ثلاثة أرباع دية الذكر لأنه يحتمل الذكورية والأنوثية احتمالا على السواء فيجب التوسط بينهما كالميراث والحكم في جراحه كالحكم في ديته فإن كانت دون الثلث استوى الذكر والأنثى وفيما زاد ثلاثة أرباع دية حر ذكر‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية العبد والأمة‏]‏

ودية العبد والأمة‏:‏ قيمتهما بالغة ما بلغ ذلك لأنه مال مضمون بالإتلاف لحق الآدمي بغير جنسه فأشبه الفرس وإن جنى عليه جناية غير مقدرة في الحر ففيه ما نقصه بعد التئام الجرح كسائر الأموال وإن كانت مقدرة في الحر فهي مقدرة في العبد من قيمته فما وجبت فيه الدية كالأنف واللسان والذكر والأنثيين ضمن من العبد بقيمته وما يجب فيه ديتان كإذهاب سمعه وبصره ففيه مثلا قيمته وما ضمن بجزء من الدية كاليد والرجل والإصبع ضمن من العبد بمثله من قيمته لأن ذلك يروى عن علي رضي الله عنه ولأنه ساوى الحر في ضمان الجناية بالقصاص والكفارة فساواه في اعتبار ما دون النفس ببدل النفس كالرجل والمرأة وعن أحمد رواية أخرى‏:‏ أن الجناية على العبد بما نقص من قيمته سواء كانت مقدرة في الحر أو لم تكن مقدرة لأن ضمانه ضمان الأموال فيجب فيه ما نقص كالبهائم والحكم في المكاتب وأم الولد كالحكم في القن لأنهم رقيق فأما من بعضه حر ففيه بالحساب من دية حر وقيمته عبد فإن كان نصفه حرا ففيه نصف دية حر لورثته ونصف قيمته لسيده وهكذا في جراحه لأن الضمان يتجزأ فوجب أن يقسم على قدر ما فيه منهما كالكسب‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا فقأ عيني عبد قيمته ألفان فاندمل ثم أعتق ومات‏]‏

إذا فقأ عيني عبد قيمته ألفان فاندمل ثم أعتق ومات وجبت قيمته بكاملها لسيده لأنه استقر حكم الجرح وهو مملوك وكذلك إن اندمل بعد العتق لأن الضمان يجب بالجناية وهو حينئذ مملوك وإن سرى الجرح إلى نفسه فروى حنبل عن أحمد أن على الجاني قيمته السيد وهذا اختيار أبي بكر والقاضي لأن الضمان يجب بالجناية وهو حينئذ مملوك فأشبه ما لو اندمل الجرح وقال ابن حامد‏:‏ يجب فيه دية حر لأن اعتبار مقدار الواجب بحال الاستقرار بدليل ما لو فقأ عينه وقطع أنفه فمات من سراية الجرح لم يجب إلا قيمة واحدة ويصرف ذلك إلى السيد لأن الجناية في ملكه فإن فقأ إحدى عينه فسرى إلى نفسه بعد العتق فعلى الوجه الأول تجب القيمة بكمالها للسيد اعتبارا بحال وجودها وعلى قول ابن حامد‏:‏ يجب دية حر لسيدة منها أقل من الأمرين من نصف القيمة أو كمال الدية لأنه إن كان نصف القيمة أقل فهو الذي وجب له والزيادة حصلة حال الحرية وإن كانة الدية أقل فنقصها بسبب من جهته وهو العتق‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن قطع يد عبد فأعتق ثم قطع آخر يده الأخرى ومات‏]‏

وإن قطع يد عبد فأعتق ثم قطع آخر يده الأخرى ومات فلا قصاص على الأول لعدم التكافؤ في حال الجناية وعليه نصف القيمة لسيده على قول أبي بكر وعلى قول ابن حامد‏:‏ عليه نصف ديته لسيده منها الأقل من نصف قيمته يوم القطع أو نصف الدية لأن نصف القيمة إن كان أقل فهو أرش الجناية الموجودة في ملكه وإن كان أكثر فالحرية نقصت ما زاد عليه وأما الثاني‏:‏ فعليه القصاص في الطرف إن وقف قطعه وفي النفس إن سرى لأنه شارك في القتل العمد العدوان فأشبه شريك الأب ويتخرج أن لا قصاص عليه بناء على الرواية الأخرى في شريك الأب والفرق بين هذه السألة والتي قبلها أن الجناية ثم من واحد فكانت الدية جميعها عليه وها هنا من اثنين فقسمت الدية عليهما فإن عاد الأول فذبحه بعد اندمال الجرحين فعليه القصاص للورثة ونصف القيمة للسيد وعلى الثاني‏:‏ القصاص في الطرف أو نصف الدية وإن كان قبل الاندمال فعلى الأول القصاص في النفس دون الطرف فإن اقتصوا سقط حق السيد وإن عفوا على مال فلهم الدية لا غير وللسيد أقل الأمرين من نصف القيمة أو أرش القطوع وعلى الثاني‏:‏ القصاص في طرف أو نصف الدية لأن الذبح قطع سرايتها فصارت كالمندملة فإن كان قاطع اليد الأخرى هو قاطع الأولى ولم يقتل فلا قصاص في اليد الأولى لما ذكرنا ويجب في الثانية إن وقف القطع وإن سرى القطعان فلا قصاص في النفس لأن أحد الجرحين موجب والآخر غير موجب ولكن له القصاص من اليد الثانية فإن عفا عنه على مال وجب عليه مثل ما يجب على القاطعين في المسألة الأولى للسيد منه نصف القيمة على قول أبي بكر وأقل الأمرين من نصف القيمة أو نصف الدية على قول ابن حامد وإن اقتص منه في اليد الثانية فعليه في اليد الأولى نصف القيمة أو نصف الدية على اختلاف الوجهين وإن قطع يد عبد فأعتق ثم قطع آخر يده الأخرى ثم قطع آخر رجله فمات من الجرحات فلا قصاص على الأول لعدم التكافؤ حال الجناية وعلى الآخرين القصاص في النفس في ظاهر المذهب بناء على شريك الأب فإن عفا على مال فالدية عليهم أثلاثا وفيما يستحقه السيد وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ أقل الأمرين من نصف قيمته أو ثلث ديته لأنه بالقطع استحق النصف فإذا صارت نفسا صار الواجب ثلث الدية فله أقلهما وعلى الآخر له أقل الأمرين من ثلث الدية أو ثلث القيمة اعتبارا للجناية بما آلت إليه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا جنى على عبد في رأسه أو وجهه من دون الموضحة فزاد أرشها على الموضحة‏]‏

وإذا جنى على عبد في رأسه أو وجهه من دون الموضحة فزاد أرشها على الموضحة ففيه وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ يرد إلى أرش الموضحة كالجناية على الحر‏.‏

واحتمل أن يجب ما نقص من قيمته بالغا ما بلغ أن ذلك الأصل في ضمان العبيد خولف فيما قدر الشرع أرشه ففيما عداه يرد إلى الأصل‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الجنين الحر المسلم‏]‏

ودية الجنين الحر المسلم‏:‏ غرة‏:‏ عبد أو أمة قيمتها خمس من الأبل وهو‏:‏ نصف عشر الدية لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه استشار الناس في إملاص المرأة فقال المغيرة بن شعبة شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فيه بغرة‏:‏ عبد أو أمة وهو‏:‏ نصف عشر الدية قال‏:‏ لتأتين بمن يشهد معك فشهد له محمد بن مسلمة متفق عليه وروي عن عمر وزيد رضي الله عنهما أنهما قالا في الغرة قيمتها خمس من الإبل ولأنه أقل ما قد في الشرع في الجنايات وهو دية السن والموضحة ولا يقبل في الغرة معيبة وإن قل العيب ولا خصي وإن كثرت قيمته لأنه عيب ولا قيمة الغرة مع وجودها كما لا يجبر على قبول ما ليس بأصل في الدية فيها فإن أعوزت وجبت قيمتها من أحد الصول في الدية وسواء كان الجنين ذكرا أو أنثى لأن الخبر مطلق ولأن المرأة تساوي الذكر فيما دون الثلث‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏متى يجب ضمان دية الجنين‏؟‏‏]‏

وإنما يجب ضمانه إذا علم تلفه بالجناية ولو ضرب بطنا منتفخا أو فيه حركة فزالت ولم يسقط لم يجب شيء لأنه يحتمل أن ذلك ريح ذهبت وإن قتل حاملا فلم تسقط لم يضمن جنينها لعدم التقين لحملها وإن ضرب بطن امرأة فألقت يدا أو رجلا أو غيرها من أجزاء الآدمى وجبت الغرة لأننا تيقنا أنه جنين والظاهر تلفه بالجناية فأشبه ما لو ألقته وإن ألقت رأسين أو أربعة أيد لم يجب أكثر من غرة لأن ذلك يحتمل أن يكون من واحد فلا يجب الزائد بالشك وإن ألقت جنينين فعليه غرتان لأن في كل جنين غرة فأشبه ما لو كانا من امرأتين‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن ألقت جنينا حيا ثم مات من الضربة وكان سقوطه لوقت يعيش مثله‏]‏

وإن ألقت جنينا حيا ثم مات من الضربة وكان سقوطه لوقت يعيش مثله ففيه دية كاملة لما ذكرنا من حديث عمر في التي أجهضت جنينها فزعا منه ولأننا تيقنا حياته وعلمنا موته بالجناية فأشبه غير الجنين وإن سقط لوقت لا يعيش مثله ففيه الغرة لأنه لم يعلم منه حياة يتصور بقاؤه بها فالواجب فيه غرة كالذي ألقته ميتا‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا علم أنه سقط بالضربة ومات بها‏]‏

وإنما يجب ضمانه إذا علم أنه سقط بالضربة ومات بها بأن تلقيه عقيب الضرب أو تبقى متألمة إلى أن تلقيه ويموت عقيب وضعه أو يبقى متألما إلى أن يموت فإن بقي مدة سالما لا ألم به ثم مات لم يضمنه الضارب لأن الغالب أنه لم يمت من الضربة وإن ألقته حيا فيه حياة مستقرة فقتله غير الضارب فضمانه عليه لأنه القاتل وإن كانت حركته حركة المذبوح فالقاتل هو الأول وعليه كمال ديته‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن كان الجنين كافرا فألقته ميتا‏]‏

وإن كان الجنين كافرا فألقته ميتا ففيه غرة قيمتها عشر دية أمه فإن كان أحد أبويه كتابيا والآخر مجوسيا ففيه عشر دية كتابية لأن الضمان إذا وجد في أحد أبويه ما يوجب وفي الآخر ما يسقط غلب الإيجاب بدليل ما لو قتل المحرم صيدا متولدا من مأكول وغيره وإن ضرب بطن كتابية حاملا من كتابي فأسلمت ثم ألقته ففيه غرة قيمتها‏:‏ خمس من الإبل على قول ابن حامد لأن الضمان معتبر بحالة الاستقرار وعلى قياس قول أبي بكر‏:‏ قيمتها عشر دية كتابية اعتبارا بحال الجناية وما وجب في الجنين الحر ورثه ورثته لأنه بدل حر فورث عنه كدية غيره‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن ألقت مضغة لا صورة فيها‏]‏

وإن ألقت مضغة لا صورة فيها لم يجب ضمانها لأنه لا يعلم أنها جنين وإن شهد ثقات من القوابل أن فيها صورة خفية فيها غرة لأنه جنين وإن شهدن أنه مبتدأ خلق آدمي لو بقي تصور ففيه وجهان‏:‏

أحدهم‏:‏ فيه الغرة لأنه بدء خلق آدمي أشبه المصور‏.‏

والثاني‏:‏ لا شيء فيه لأنه غير متصور أشبه العلقة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا شربت الحامل دواء فأسقطت جنينا‏]‏

إذا شربت الحامل دواء فأسقطت جنينا فعليها غرة لا ترث منها شيئا لأن القاتل لا يرث وتعتق رقبة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن ضرب بطن مملوكة فألقت جنينا ميتا‏]‏

وإن ضرب بطن مملوكة فألقت جنينا ميتا ففيه عشر قيمة أمه لأنه جنين آدمية فوجب فيه عشر دية أمة كجنين الحرة ولأنه جزء منها متصل بها فقدر بدله من ديتها كسائر أعضائها وتعتبر قيمتها يوم الجناية كموضحتها وإن ضرب بطنها وهي أمة فأعتقت ثم ألقت فعلى قول ابن حامد‏:‏ فيه غرة اعتبارا بحاة الاستقرار وعلى قول أبي بكر‏:‏ فيه عشر قيمة أمه لأن الجناية على عبد وفي جنين المعتق نصفها‏:‏ نصف غرة ونصف عشر قيمة أمه لأن نصفه حر ونصف عبد ويستوي الذكر والأنثى لأنه جنين مات بالجناية في بطن أمه فلم يختلف بالذكورية والأنوثية كجنين الحرة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إذا غُرَّ بحرية أمة فوطئها فحملت منه ثم ضربها ضارب فألقت جنينا‏]‏

إذا غُرَّ بحرِّية أمة فوطئها فحملت منه ثم ضربها ضارب فألقت جنينا ففيه غرة لأنه حر وريثها ورثته كذلك وعلى الواطئ عشر قيمة أمه لسيدها لأنه لولا اعتقاده الحرية لوجب لسيدها عشر قيمتها على الضارب فقد حال بين سيدها وبين ذلك فألزمناه إياه سواء كان بقدر الغرة أو أقل أو أكثر ولو ضرب السيد بطن أمته ثم أعتقها فأسقطت جنينا ففي قياس قول أبي بكر لا ضمان على الضارب لأنه جنى على مملوكه وعلى قياس قول ابن حامد عليه غرة لأنه حر حين استقرار الجناية‏.‏

باب‏:‏ ديات الجروح

وهي نوعان‏:‏ شجاج وغيرها‏.‏

فالشجاج‏:‏ جروح الرأس والوجه خاصة وهي عشر‏:‏

أولها‏:‏ الخارصة‏:‏ وهي التي تشق الجلد قليلا ثم البازلة‏:‏ وهي الدامية التي يخرج منها دم يسير ثم الباضعة‏:‏ وهي التي تشق اللحم بعد الجلد ثم المتلاحمة‏:‏ وهي التي تنزل في اللحم ثم السمحاق‏:‏ وهي التي تشق اللحم كله حتى ينتهي إلى قشرة رقيقة بين العظم واللحم تسمى السمحاق فسميت الشجة بها فهذه الخمس لا توقيت فيها وعنه‏:‏ في الدامية بعير والباعضة بعيران وفي المتلاحمة ثلاثة وفي السمحاق أربعة لأن هذا يروى عن زيد بن ثابت ورواه سعيد عن علي وزيد في السمحاق والأول‏:‏ ظاهر المذهب لأنها جروح لم يرد الشرع فيها بتوقيت فكان الواجب فيها الحكومة كجروح البدن قال مكحول‏:‏ قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموضحة بخمس من الإبل ولم يقض فيما دونها ثم الموضحة‏:‏ وهي التي تنهي إلى العظم فتبدي وضحه أي بياضه ثم الهاشمة التي تهشم العظم بعد إيضاحه ثم المنقلة وهي التي تنقل العظم من مكان إلى غيره ثم المأمومة وتسمى الأمة وهي التي تصل إلى أم الدماغ وهي جلدة رقيقة تحيط به ثم الدامغة وهي التي تنتهي إلى الدماغ فهذه الخمس فيها مقدر ففي الموضحة خمس من الإبل لما ذكرنا ولما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ‏[‏في المواضح خمس خمس‏]‏ رواه أبو داود وسواء في ذلك الكبيرة والصغيرة وموضحة الرأس والوجه وعنه‏:‏ في موضحة الوجه عشر من الإبل لأن شينها أكثر ولا تسترها العمامة والأول‏:‏ المذهب للخبر ولأننا سوينا الصغرى والكبرى مع اختلاف شينهما كذا ها هنا وإن أوضحه موضحتين بينهما حاجز ففيهما عشر فإن أزال الحاجز بينهما بفعله أو ذهب بالسراية ففيهما أرش موضحة لأنهما صارا موضحة واحدة بفعله أو سرايته وسراية الفعل كالفعل وإن أزال الحاجز بعد اندمالهما فهي ثلاث مواضح لأن استقر أرش الأوليين باندمالهما وإن أزال الحاجز أجنبي فعليه أرش موضحة وعلى الأول أرش موضحتين سواء أزاله قبل اندمالهما أو بعده لأن فعل أحدهما لا ينبني على الآخر فصار كل واحد كالمنفرد بجنايته وإن أزاله المحني عليه فعلى الأول أرش موضحتين كذلك وإن أوضحه موضحتين وحرق ما بينهما في الظاهر دون الباطن فهما موضحتان لأ ما بينهما ليس بموضحة وإن حرق ما بينهما في الباطن دون الظاهر فكذلك في أحد الوجهين وفي الثاني‏:‏ هما موضحة واحدة لا تصالهما في الباطن وإن أو ضحه في رأسه وأنزله إلى وجهه ففيه وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ فيها أرش موضحتين لأنها في عضوين‏.‏

والثاني‏:‏ هي موضحة واحدة لأن الجميع إيضاح لا حاجز فيه أشبه ماكان في عضو واحد وإن أوضحه في هامته فنزل إلى قفاه ففيه أرش موضحة وحكومة لجرح القفا لأنه ليس بمحل للموضحة فانفرد الجرح فيه بالضمان ولو شق جميع رأسه سمحاقا إلا موضعا منه أوضحه لم يلزمه إلا دية موضحة لأنه لو أو ضح الجميع لم يجب إلا دية موضحة فها هنا أولى وإن أوضحه في جميع رأسه ورأس الشاج قدر ثلاثة أرباع رأس المشجوج فاقتص منه فله ربع أرش الموضحة لأن الباقي بعد القصاص ربعها فوجب ربع أرشها وقال أبو بكر‏:‏ لا يجب مع القصاص شيء لئلا يجمع مع قصاص ودية في جرح واحد وفي الهاشمة عشر من الإبل لما روي عن زيد بن ثابت أنه قال‏:‏ في الهاشمة عشر من الإبل وإن هشمه هاشمتين بينهما حاجز ففيهما دية هاشمتين وسائر فروعها على ما ذكرنا في الموضحة وإن ضربه بمثقل فهشم العظم من غير إيضاح ففيه وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ فيه حكومة لأنه كسر عظم من غير إيضاح أشبه كسر عظ الساق‏.‏

والثاني‏:‏ فيه خمس من الإبل لأنه لو أوضحه وهشمه وجب عشر ولو أوضحه ولم يهشمه وجب خمس فدل على أن الخمس الأخرى وجبت في الهشم فيجب ذلك فيه وإن انفرد على الإيضاح وفي المنقلة خمسة عش من الإبل وفي المأمومة ثلث الدية لما روي عن عمرو بن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل االيمن‏:‏ ‏[‏في الموضحة خمس من الإبل وفي المأمومة ثلث الدية‏]‏ رواه النسائي فأما الدامغة ففيها ما في المأمومة لأن الزيادة لم يرد الشرع يإيجاب شيء فيها وقيل‏:‏ يجب للزيادة حكومة مع أرش المأمومة لتعديه بخرق جلدة الدماغ وإن أوضحه رجل ثم هشمه آخر ثم جعلها آخر منقلة ثم جعلها الرابع مأمومة فعلى الأول أرش موضحة وعلى الثاني خمس تمام أرش الهاشمة وعلى الثالث خمس من أرش المنقلة وعلى الرابع ثماني عشر وثلث تمام أرش المأمومة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية غير الشجاج‏]‏

النوع الثاني‏:‏ غير الشجاج وهي جروح سائر البدن وذلك قسمان‏:‏

أحدهما‏:‏ الجائفة وهي الجراحة الواصلة إلى الجوف من بطن أو ظهر أو ورك أو صدر أو ثغر نحر فيجب فيها ثلث الدية لما روى عمرو بن حزم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن‏:‏ ‏[‏في الجائفة ثلث الدية‏]‏ رواه النسائي والكبيرة والصغيرة سواء لما ذكرنا في الموضحة وإن أجافه جائفتين بينهما حاجز أو طعنة في جوفه فخرج من جانب آخر أو من ظهره فهما جائفان لما روى عمر بن شعيب عن أبيه عن جده أن عمر قضى في الجائفة إذا نفذت في الجوف فهي جائفتان ولأنهما جراحتان نافذتان إلى الجوف فوجب فيهما أرش الجائفتين كالواصلتين من خارج وإن أجافه رجل ووسع آخر الجائفة فعلى كل واحد منهما أرش جائفة لأن فعل الثاني لو انفرد كان جائفة وإن وسعها في الظاهر دون الباطن أو في الباطن دون الظاهر فعليه حكومة لان جنايته لم تبلغ الجائفة وإن أجافه ونزل بالسكين إلى الفخذ فعليه دية جائفة وحكومة لجرح الفخذ لأنه في غير محل الجائفة لأن حكم الفم حكم الظاهر فإن طعنه في وجنته فكسر العظم ووصل إلى فيه فليس بجائفه كذلك وعليه دية هاشمة لكسر العظم وفيما زاد حكومة وإن خاط الجائفة ففتقها آخر قبل التحامها عزر وعليه ضمان ما أتلف من الخيوط وأجرة الخياط ولا يلزمه ديو الجائفة لأنه لم يجفه وإن كانت قد التحمت فعليه دية جائفة لأنها بالاتحام عادت إلى ما كانت وإن التحم بعضها دون بعض ففتق ما التحم فعليه دية جائفة كذلك وقال القاضي‏:‏ ليس عليه إلا حكومة فإن أدخل خشبة في دبر إنسان ففتح جلده في الباطن ففيه وجهان بناء على من وسع الموضحة في الباطن وحده فإن وطئ مكرهة أو امرأة بشبهة أو زوجته الصغيرة ففتقها وهو أن يجعل مسلك البول والمني واحدا فعليه ثلث الدية لما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قضى في الإفضاء بثلث الدية ولأنها جناية تجرح جلدة تفضي إلى جوف أشبه الجائفة وإن وطئ زوجته التي يوطأ مثلها ففتقها لم يلزمه شيء لأنه من أثر فعل مباح أشبه أرش البكارة إن زنى بامرأة مطاوعة فلا شيء عليه لأنه فعل مأذون فيه فلم يلزمه أرش لذلك كما لو أذنت في قطع عضوها‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الجائفة‏]‏

والقسم الثاني‏:‏ غير الجائفة مثل إن أوضح عظما أو هشمه أو نقله فلا يجب سوى الحكومة لأنه لا تقدير فيها ولا يمكن قياسها على المقدر لعدم المشاركة في الشين والخوف عليها منها وإن لطم إنسانا في وجهه أو غيره فلم يؤثر فلا أرش عليه وإن سود وجهه أو خضره وجبت عليه دية كاملة لأنه أذهب الجمال على الكمال فلزمته دية كما أو قطع أنفه وإن سود غيره من الأعضاء أو خضره ففيه حكومة وكذلك إن حمر وجهه أو صفره أو سود بعضه ففيه حكومة لأنه لم يذهب بالجمال على الكمال وإن صعره وهو أن يصير وجهه في جانب ففيه الدية لما روى مكحول عن زيد بن ثابت أنه قال‏:‏ في الصعر الدية ولأنه أذهب الجمال والمنفعة فوجبت عليه الدية كإذهاب البصر وإن لم يبلغ الصعر لكن يشق عليه الالتفات أو ابتلاع الماء فعليه حكومة كذلك لأنه لم يذهب بالمنفعة كلها فأشبه ما لو قلل بصره‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏معنى الحكومة‏]‏

ومعنى الحكومة أن يقوم المجني عليه كأنه عبد لا جناية به ثم يقوم وهي به قد برأت فما نقص من القيمة فله بقسطه من الدية كأن قيمته وهو عبد لا جناية به مائة وقيمته بعد الجناية تسعة وتسعون فيجب فيه عشر عشر ديته لأن الجناية نقصته عشر عشر قيمته لأنه لما عدم النص في أرشه وجب المصير فيه إلى الاجتهاد بما ذكرنا كالصيد الحرمي إذا لم يوجد نص في مثله رجع فيه إلى ذوي عدل ليعرف مثله ولا يقبل التقويم إلا من عدلين من أهل الخبرة بقيم العبيد كم في تقويم سائر المتلفات ويجب بقدر ما نقص من الدية لأنه مضمون بها كما يجب أرش المعيب من الثمن لكونه مضمونا به وإذا نقصته الجناية عشر قيمته وجب عشر ديته إلا أن تكون الجناية في رأس أو وجه فتزيد الجراح بالحكومة على أرش موضحة أو على عضو فتزيد على ديته فإن يرد إلى الأرش الموضحة ودية العضو وينقص عنه بقدر ما يؤدي إليها اجتهاد الحاكم لأنه لا يجوز أن يجب فيما دون الموضحة ما يجب فيها لأن من جرح الموضحة فقد أتى على ما دونها وزاد عليه وكذلك لا يجوز أن يجب في جراح الإصبع فوق ديتها‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن لم يحصل بالجناية نقص في جمال ولا نفع‏]‏

وإن لم يحصل بالجناية نقص في جمال ولا نفع مثل قطع إصبع زائدة أو قلع سن زائدة أو لحية امرأة فاندمل الموضع من غير نقص أو زاده جمالا وقيمة ففيه وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ لا يجب شيء لأنه لم يحصل بفعله فلم يجب شيء كما لو لكمه فلم يؤثر‏.‏

والثاني‏:‏ يجب ضمانه لأنه جزء من مضمون فوجب ضمانه كغيره فعلى هذا يقومه في أقرب أحواله إلى الاندمال لأنه لما سقط اعتباره بعد اندماله قوم في أقرب أحواله إليه كولد المغرور يقوم في أول حال يمكن فيها التقويم بعد العلوق وهي عند الوضع فإن لم ينقص في تلك الحال قوم حين جريان الدم وإن قلع سنا زائدة قوم وليس خلفها سن أصلية وإن قلع لحية امرأة قومت كرجل لا لحية له ثم يقوم وله لحية ويجب ما بينهما‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم جنى عليه جناية لها أرش ثم ذبحه قبل اندمال الجروح‏]‏

وإن جنى عليه جناية لها أرش ثم ذبحه قبل اندمال الجروح دخل أرش الجروح في دية النفس لأنه مات بفعله قبل استقرار الجناية أشبه ما لو مات من سراية الجرح وإن قتله غيره وجب أرش الجرح لأنه لا ينبغي فعل غيره على فعله أشبه ما لو اندمل الجرح‏.‏

باب‏:‏ دية الأعضاء والمنافع

كل ما في الإنسان منه شيء واحد كاللسان والأنف والذكر ففيه الدية كاملة وما فيه منه شيئان كالعينين وغيرهما ففيهما الدية وفي أحدهما نصفها وما فيه منه أربعة كأجفان العينين ففيهن الدية وفي إحداهن ربعها وما فيه منه عشر كأصابع اليدين والرجلين ففيها الدية وفي الواحدة عشرها وفي إتلاف منفعة الحس كالسمع أو البصر أو الشم أو العقل ونحوه الدية لأن ذلك يجري مجرى تلف الآدمي فجرى مجراه في ديته‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية العينين‏]‏

يجب في العينين الدية لأن في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن حزم‏:‏ ‏[‏وفي العينين الدية‏]‏ ولأنه إجماع وفي إحداهما نصف الدية لقول النبي صلى الله عليه وسلم ‏[‏وفي العين خمسون من الإبل‏]‏ رواه مالك في الموطأ وسواء في ذلك الصحيحة والمريضة وعين الصغير والكبير كذلك وفي عين الأعور دية كاملة لأنه يروى عن عمر وعثمان وعلي وابن عمر رضي الله عنهم أنهم قضوا بذلك ولم نعرف لهم مخالفا في عصرهم فكان إجماعا ولأنه يحصل بها ما يحصل بالعينين فكانت مثلهما في الدية وإن قلع الأعور عيني صحيح ففيها الدية لما تقدم وإن قلع عينيه التي لا تماثل عين القالع ففيها نصف الدية كذلك وإن قلع المماثلة لعينيه خطأ فكذلك وإن قلعها عمدا فلا قصاص وعليه دية كاملة لأنه يروى عن عمر وعثمان رضي الله عنهما ولأنه منع القصاص مع وجود سببه فأضعفت الدية كقاتل الذمي عمدا‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية البصر‏]‏

وفي البصر الدية لأنه النفع المقصود بالعين وفي ذهابه من إحداهما نصفها فإن ذهب بالجناية على رأسه أو عينيه أو بمداواة الجناية وجبت الدية لأنه بسببه فإن ذهب ثم عاد لم تجب الدية فإن كان قد أخذها ردها لأن عوده يدل على أنه لم يذهب إذ لو ذهب لما عاد وإن ذهب فقال عدلان من أهل الخبرة‏:‏ إنه يرجى عوده إلى مدة انتظر إليها فإن مات قبلها وجبت الدية لأنه لم يعد وإن بلغ المدة ولم يعد وجبت لأننا تبينا ذهابه وإن قالا‏:‏ يرجى عوده ولم يقدرا مدة لم ينتظر لأنه ذاهب في الحال وانتظاره لا إلى مدة إسقاط لموجب الجناية بالكلية وكذلك الحكم في السمع والشم والسن‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن نقص الضوء‏]‏

وإن نقص الضوء وجبت الحكومة وإن نقص ضوء إحدهما عصبت العليلة وأطلقت الصحيحة ونصب له شخص كما فعل علي برجل ادعى نقص ضوء عينيه فأمر بها فعصبت وأعطى رجلا بيضة فانطلق بها وهو ينظر حتى انتهى بصره ثم أمر فخط عند ذلك ثم أمر بعينه الأخرى فعصبت وفتحت العليلة وأعطى رجلا بيضة فانطلق بها وهو ينظر حتى انتهى بصره ثم خط عنه ذلك ثم حول إلى مكان آخر ففعل مثل ذلك فوجده سواء فأعطاه بقدر نقص بصره من مال الآخر وإنما يمتحن بذلك مرتين ليعلم صدقه بتساوي المسافتين وكذبه باختلافهما والجناية على الصبي والمجون كالجناية على غيرهما إلا أن وليهما خصم عنهما فإن توجهت اليمين عليهما لم يحلفا ولم يحلف وليهما حتى إذا بلغ الصبي وعقل المجون حلفا حينئذ وإن جنى عليه فأحول عينه أو شخصت ففيه حكومة لأنه نقص لم يذهب بالمنفعة كلها فأشبه ما لو قل بصره‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية جفون العينين‏]‏

ويجب في جفون العينين الدية لأن فيها جمالا كاملا ونفعا كثيرا لأنها تقي العينين ما يؤذيهما وسواء في هذا البصير والأعمى لأن العمى ءيب في غير الجفون وفي الواحد منهما ربع الدية لأنه ربع ما فيه الدية وإن قلع العينين بجفونهما لزمته ديتان لأنهما جنسان يجب في كل واحد منهما دية فيجب فيهما ديتان إذا أتلفا كاليدين والرجلين ويجب في أهداب العينين الدية لأن فيها جمالا ظاهرا كاملا لأنها وقاية للعين فأشبهت الجفون وفي الواحد منها ربع الدية فإن قلع الجفون بأهدابها لم يجب أكثر من دية لأن الشعر يزول تبعا لزوال الأجفان فلم يجب فيه شيء كالأصابع إذا زالت بقطع الكف‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الأذنين‏]‏

وفي الأذنين الدية لأن في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم ‏[‏وفي الأذنين الدية‏]‏ ولأن فيهما جمالا ظاهرا ونفعا كاملا يجمعان الصوت ويوصلانه إلى الدماغ فأثسبها العينين وفي إحداهما نصفها لأنه نصف ما فيه الدية فأشبهت العين ودية أذن الأصم كدية أذن الصحيح لأن الصمم نقص في غير الأذن فلا يؤثر في ديتها كما لم يؤثر العمى في دية الجفون وإن جنى عليها فاستحشفت فعليه حكومة لأن نفعها لا يزول بذلك إن قطعت بعد استحشافها وجبت ديتها لأنها أذن فيها الجمال والمنفعة فأشبهت الصحيحة وفي قطع بعض الأذن بقسطه يقدر بالأجزاء لأن ما وجبت فيه الدية وجب في بعضه بقسطه كالأصابع‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية السمع‏]‏

وفى السمع الدية لما روى أبو المهلب عن أبي قلابة أن رجلا رمى رجلا بحجر في رأسه فذهب بصره وسمعه وعقله ولسانه فقضى فيه عمر بأربع ديات وهو حي ولأن جنايته تختص بمنفعة فأشبه البصر وفي سمع إحدى الأذنين نصف الدية كبصر إحدى العينين وان قطع الأذنين فذهب السمع وجب ديتان لأن السمع في غير الأذنين فلم تدخل دية أحداهما في الآخر كالبصر والجفون وإن قل السمع أو ساء ففيه حكومة وإن نقص سمع إحدى الأذنين سدت العليلة وأطلقت الصحيحة وأمر الرجل يصيح من موضع يسمعه ويعمل كما عمل في نقص البصر من إحدى العينين ويؤخذ من الدية بقدر نقصه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية مارن الأنف‏]‏

وفي مارن الأنف وهو ما لان منه الدية‏؟‏ لأنه في كتاب عمرو بن حزم ولما روى طاوس قال‏:‏ كان في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏[‏‏:‏ في الأنف إذا أوعب مارنه جدعا الدية‏]‏ رواه النسائي ولأن فيه جمالا ظاهرا ونفعا كاملا فإنه يجمع الشم ويمنع وصول التراب ونحوه إلى الدماغ والأخشم كالأشم لأن الشم في غير الأنف في قطع جزء من الأنف بقسطه كما في الأذن وفي كل واحد من المنخرين ثلث الدية وفي الحاجز بينهما ثلثها لأنه يشتمل على ثلاثة أشياء فتوزعت الدية عليها ويحتمل أن يجب في كل واحد من المنخرين نصف الدية لأنه يذهب بذهاب أحدهما نصف الجمال والنفع فإن قطع أحدها والحاجز ففيهما ثلث الدية على الأول وعلى الاحتمال الثاني يجب نصف الدية وحكومة وفي الحاجز وحده حكومة واذ قطع‏.‏

المارن وشيئا من القصبة ففيه دية للمارن وحكومة للقصبة وقياس المذهب أن الواجب دية واحدة كقطع اليد من الذراع‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الشم‏]‏

وفي الشم الدية وفي ذهابه من أحد المنخرين نصفها وفي نقصه حكومة وإن نقص من أحد المنخرين قدر بمثل ما يقدر به نقص السمع من إحدى الأذنين وإن قطع أنفه فذهب شمه وجبت ديتان لما ذكرنا في السمع‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية ذهاب العقل‏]‏

وفي ذهاب العقل الدية لأن في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم ‏[‏وفي العقل الدية‏]‏ ولما ذكرنا من حديث عمر رضي الله عنه ولأن العقل أشرف الحواس به يتميز عن البهيمة ويعرف حقائق المعلومات ويدخل في التكليف فكان أحق بإيجاب الدية وإن نقص عقله نقصا يعرف قدره مثل من يجن نصف الزمان ويفيق نصفا وجب من الدية بقدره وان لم يعرف قدره بأن صار مدهوشا أو يفزعه الشيء اليسير ففيه حكومة لأنه تعذر إيجاب مقدر فيصير إلى الحكومة فإن كانت الجناية المذهبة للعقل لها أرش كالموضحة أو أذهبت سمعه وعقله وجبت ديتهما لحديث عمر رضي الله عنه ولأنها جناية أذهبت نفعا في غير محل الجناية مع بقاء النفس فلم يتداخلا كما لو أوضحه فذهب بصره وإن شهر سيفا على صبي أو بالغ مضعوف أو صاح عليه صيحة شديدة فذهب عقله فعليه ديته لأن ذلك سبب لزوال عقله وكذلك إن أنزعه بشيء مثل أن دلاه في بئر أو من شاهق أو قدم إليه حية أو أسدا لما ذكرنا‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الشفتين‏]‏

وفي الشفتين الدية لأن في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم‏:‏ ‏[‏وفي الشفتين الدية‏]‏ ولأن فيهما نفعا كبيرا وجمالا ظاهرا فإنهما يقيان الفم ما يؤذيه ويردان الريق وينفخ بهما ويمسك بهما الماء ويتم بهما الكلام ويستران الأسنان وفي إحداهما نصف الدية وعنه‏:‏ في العليا ثلثها وفي السفلى ثلثاها لأن ذلك يروى زيد بن ثابت ولأن النفع بالسفلى أعظم لأنها تدور وتتحرك وتحفظ الريق والطعام والأول المذهب لأنه قول أبي بكر الصديق وعلي رضي الله عنهما ولأن كل شيئين وجبت الدية فيهما وجب في إحداهما نصفها كاليدين ولاعبرة بزيادة النفع بدليل اليمنى مع اليسرى والأصابع وإن ضربهما فأشلهما أو تقلصتا بحيث لا ينطبقان على الأسنان أو التصقتا بحيث لا ينفصلان عنها ففيهما ديتهما لأن عطل نفعهما فأشبه ما أشل يده وإن تقلصتا بعض التقليص ففيهما حكومة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية اللسان‏]‏

وفي اللسان الدية لأن في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم ‏[‏و في اللسان الدية‏]‏ ولأن فيه جمالا ونفعا كثيرا لأنه يقال‏:‏ جمال الرجل في لسانه والمرء بأصغريه قلبه ولسانه ولأنه يبلغ بع الأغراض ويقضي به الحاجات ويتم به العبادات ويذوق به الطعام والشراب ويستعين به في مضغ الطعام وفي الكلام الدية لأنه من أعظم المنافع فإن جنى على لسانه فخرس وجبت عليه الدية لأنه أذهب المنفعة به فأشبه ما لو جنى على عينه فعميت وإن ذهب بعض الكلام وجب بقدر ما ذهب لأن ما ضمن جميعه بالدية ضمن بعضه بقدره منها كالأصابع ويقسم على الحروف الثمانية والعشرين ويحتمل أن يقسم على حروف اللسان وهي ثمانية عشر حرفا يسقط منها حروف الحلق الستة وهي‏:‏ العين والغين والحاء والخاء والهاء والهمزة وحروف الشفة وهي أربعة‏:‏ الباء والفاء والميم والواو ولأن اللسان لا عمل له فيها والأول أولى لأن هذه الحروف ينطق بها اللسان أيضا‏.‏

بدليل أن الأخرس لا ينطق بشيء منها وإن ذهب حرف فعجز عن كلمة وجب أرش الحرف وحده لأن الضمان وجب لما تلف وإن صار ألثغ وجب دية الحرف الذاهب لأنه عجز عن النطق بحرف وإن حصل في كلامه ثقل أو تمتمة أو عجلة لم تكن ففيه حكومة لما حصل من النقص لأنه لم يمكن إيجاب مقدر وإن قطع جزءا من لسانه فذهب جزء من كلامه وجب دية الأكثر فإن قطع ربع اللسان فذهب نصف الكلام أو نصف اللسان فذهب ربع الكلام وجب نصف الدية لأن ما يتلف من كل‏.‏

واحد منهما مضمون فوجبت دية أكثرهما وان قطع ربع اللسان فذهب نصف الكلام ثم قطع آخر بقيته فعلى الأول نصفه الدية وعلى الثاني نصفها وحكومة لربع اللسان لأنه شل فكانت فيه حكومة وإن قطع نصف اللسان فذهب ربع الكلام وقط آخر باقيه فعلى الثاني ثلاثة أرباع الدية لأنه ذهب بثلاثة أرباع الكلام ولو جنى عليه فذهب ثلاث أرباع كلامه من غير قطع وجب ثلاثة أرباع الدية فمع قطع نصفه أولى وإن جنى على لسانه فاقتص مثل جنايته فذهب من الجاني مثل ما ذهب من المجني عليه فقد استوفى حقه وان ذهب من الجاني أكثر فكذلك لأن الزائد ذهب من سراية القود وإن ذهب من كلام المجني عليه أكثر أخذ من الجاني بقدر ما نقص عنه الجاني من الدية ليحصل تمام حقه وإن كان لسان رجل ذا طرفين فقطع أحدهما ولم يذهب من الكلام شيء وكانا متساويين في الخلقة فهما كلسان مشقوق فيهما الدية وفي أحدهما نصفها وإن كان أحدهما تام الخلقة والأخر ناقصا فالتام هو الأصلي فيه الدية كاملة والناقص زائد فيه حكومة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن قطع لسان طفل يتحرك بالبكاء وبما يعبر به الأطفال‏]‏

وإن قطع لسان طفل يتحرك بالبكاء وبما يعبر به الأطفال كقوله‏:‏ بابا ونحوه ففيه الدية لأنه لسان ناطق وان كان لا يتحرك بشيء وقد بلغ حدا يتحرك به ففيه ما في لسان الأخرس لأن الظاهر أنه لو كان ناطقا لتحرك بما يدل عليه فإن قطع قبل مضى زمن يتحرك فيه اللسان ففيه الدية لأن الظاهر السلامة فضمن كما تضمن أطرافه وان لم يظهر فيها بطش‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن جنى على لسانه فذهب ذوقه فلا يحس بشيء من المذاق‏]‏

وإن جنى على لسانه فذهب ذوقه فلا يحس بشيء من المذاق وهي خمس الحلاوة والمرارة والحموضة والعذوبة والملوحة وجبت الدية لأنه أتلف حاسة لمنفعة مقصودة فلزمته الدية كالبصر وإن نقص الذوق نقصا يتقدر بأن لا يدرك أحدها وحدها ففيها الخمس وفى الاثنين الخمسان وفي الثلاثة ثلاثة أخماس لأنه تقدر المتلف فيتقدر الأرش كالأصابع وإن لم يتقدر بأن يحس المذاق كلها لكن لا يدركها على كمالها وجبت الحكومة لتعذر التقدير وإن أذهب ذوق الأخرس فعليه الدية كذلك وإن جنى على لسان ناطق فأذهب كلامه وذوقه مع بقاء اللسان فعليه ديتان لأنهما منفعتان تضمن كل واحدة منهما منفردة فيضمنان إذا اجتمعتا كالسمع والبصر فإن قطع لسانه لم يلزمه إلا دية واحدة لأن نفع العضو لا يفرد بضمان مع ذهابه كالبطش في اليد‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الأسنان‏]‏

وفي كل سن خمس من الإبل سواء قلعت دفعة واحدة أو في دفعات لأن في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم‏:‏ ‏[‏‏(‏وفي السن خمس من الإبل‏)‏‏]‏ رواه النسائي وعن عمرو ابن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏[‏وفي الأسنان خمس‏)‏‏]‏ رواه أبو داود‏.‏

والأضراس والأنياب والرباعيات سواء لما روى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏الأصابع سواء والأسنان سواء والثفية والضرس سواء هذه وهذه سواء‏]‏ رواه أبو داود ولأنه جنس ذو عدد فلم تختلف ديته باختلاف منافعه كالأصابع وإن قلع السن بسنخها أو كسر ما ظهر منها وخرج من لحم اللثة ففيها دية السن لأن النفع والجمال فيما ظهر فكملت الدية فيه كالإصبع وإن قلع السنخ وحده ففيه حكومة ككف لا أصابع له وإن كسر بعض السن طولا أو عرضا وجب من دية السن بقدر ما كسر بقدر الأجزاء من الظاهر كالأصابع وإن ظهر السنخ المعيب بعلة اعتبر بما كان ظاهرا قبل العلة لأن الدية تجب بما كان ظاهرا فاعتبر المكسور منه وإن قلع سنا فيها داء أو أكلة ولم يذهب شيء من أجزائها كملت ديتها كاليد المريضة وإن ذهب منهما جزء سقط من ديتها بقدر الذاهب وان كانت إحدى ثنيتيه أقصر من الأخرى فقلع القصيرة نقص من ديتها بقدر نقصها لأنهما لا يختلفان عادة فإذا اختلفا كانت القصيرة ناقصة فنقصت ديتها كالإصبع الناقصة وإن قلع سنا مضطربة لكبر أو مرض وبعض نفعها باق كملت ديتها كاليد المريضة ويد الكبير وإن ذهب نفعها فهي كاليد الشلاء وإن جنى على سنه فاحمرت أو اصفرت ففيها حكومة لأن نفعها باق وإنما ذهب جمالها وان اخضرت أو اسودت ففيها روايتان‏:‏

إحداهما‏:‏ فيها ديتها لأنه يروى عن زيد بن ثابت رضي الله عنه ولأنه سود ما له دية فوجبت ديته كالوجه‏.‏

والأخرى‏:‏ فيها حكومة اختارها القاضي لأنه لم يذهب منها إلا الجمال فأشبه ما لو حمرها وإن نقصتها الجناية ففيها حكومة لنقصها وإن جنى على سنه فأذهب نفعها كله من المضغ وحفظ الريق والطعام ففيها ديتها كما لو أشل يده‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن قلع سن صبي لم يثغر‏]‏

وإن قلع سن صبي لم يثغر لم يلزمه شيء في الحال لأن العادة عودها فأشبه ما لو نتف شعره فإن لم تنبت وأيس من نباتها وجبت ديتها قال أحمد‏:‏ ينتظر عاما لأنه الغالب في نباتها وقال القاضي‏:‏ إذا أسقطت أخواتها ثم نبتن ولم تنبت وجبت ديتها فإن مات قبل اليأس منها ففيه وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ تجب ديتها لأنه قلع سنا لم تعد‏.‏

والثافي‏:‏ لا يجب لأن الظاهر عودها وإنما فات بموته فأشبه نتف شعره وإن عادت لا نقص فيها لم يجب شيء وان نبتت خارجة عن صف الأسنان لا ينتفع بها ففيها ديتها وإن كان ينتفع بها ففيها حكومة للنقص وإن نبتت قصيرة ففيها من ديتها بقدر النقص لأنه نقص حصل بجنايته وإن نبتت أطول من نظيرتها أو حمر أو صفر ففيها حكومة للشين الحامل بجنايته ويحتمل أن لا يجب شيء لطولها لأن الظاهر أن الزيادة لا تكون من الجناية وإن نبتت سوداء ففيها روايتان ذكرهما‏.‏

القاضي‏.‏

إحداهما‏:‏ فيها ديتها‏.‏

والثانية‏:‏ فيها حكومة كما لو جنى عليها فسودها وهكذا الحكم فيمن قلع سن كبير إلا أنه إذا مات قبل عودها وجبت ديتها لأن الظاهر أنها لا تعود وتجب ديتها حين قلعها إلا أن يقول عدلان من أهل الطب‏:‏ إنه يرجى عودها إلى مدة فينتظر إليها وان قلع سنا فردها صاحبها فنبتت في موضعها لم تجب ديتها نص عليه وهو اختيار أبي بكر وإن قلعها آخر بعد ذلك فعليه ديتها‏.‏

وقال القاضي‏:‏ على الأول الدية ويؤمر صاحبها بقلعها لأنها صارت ميتة ولا شيء على الثافي في قلعها لأنه محسن به وإن جعل مكانها سن حيوان مأكول أو ذهبا فثبت فقلعه قالع احتمل أن لا يلزمه شيء لأنه ليس من بدنه واحتمل أن يلزمه حكومة لأنه أزال جماله ومنفعته فأشبه عضوه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية اللحيين‏]‏

وفي اللحيين الدية وهما العظمان اللذان فيهما الأسنان السفلى لأن فيهما جمالا كاملا ونفعا كثيرا وفي أحدهما نصفها وإن قلعهما مع الأسنان وجبت ديتهما ودية الأسنان لأنهما جنسان مختلفان يجب في كل واحد منهما دية مقدرة فلم تدخل دية أحدهما في الآخر كالشفتين مع الأسنان بخلاف الكف مع الأصابع‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية اليدين‏]‏

وفى اليدين الدية كاملة لما روى معاذ أن النبى صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏[‏في اليدين الدية وفي إحداهما نصفها‏]‏ لأن في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم‏:‏ وفي اليد خمسون من الإبل ولأن فيهما جمالا ظاهرا ونفعا كثيرا أشبها العينين وسواء قطعهما من الكوع أو المرفق أو المنكب أو مما بين ذلك نص عليه لأن اليد اسم للجميع بدليل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وأيديكم إلى المرافق‏}‏ ولما نزلت آية التيمم مسح الصحابة إلى المناكب وفي كل أصبع عشر الدية لما روى ابن عباس قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏[‏دية أصابع اليدين والرجلين عشر من الإبل لكل إصبع‏]‏‏)‏ قال الترمذي‏:‏ هذا حديث حسن صحيح وفى لفظ قال‏:‏ قال رسول الله ‏[‏هذه وهذه سواء يعفي الإبهام والخنصر‏]‏ أخرجه البخاري ولأنه جنس ذو عدد تجب فيه الدية فلم يختلف‏.‏

باختلاف منافعه كاليدين وفي كل أنملة ثلث دية الإصبع إلا الإبهام فإنها مفصلان ففي كل أنملة منها خمس من الإبل لأنه لما قسمت دية اليد على عدد الأصابع وجب أن تقسم دية الإصبع على عدد الأنامل وإن جنى على اليد أو الإصبع فأشلها فعليه ديتها لأنه ذهب بنفعها فلزمه ديتها كما لو جنى على عين فأعماها أو لسان فأخرسه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الرجلين‏]‏

وفي الرجلين الدية وفي إحداهما نصفها وفي كل أصبع عشر الدية وفي كل أنملة ثلث عقلها إلا الإبهام لما ذكرنا في اليدين‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية قدم الأعرج ويد الأعسم‏]‏

وفي قدم الأعرج ويد الأعسم السالمتين الدية لأن العيب في غيرهما لأن العرج لقصور أحد الساقين والعسم لاعوجاج الرسغ أو قصر العضد أو الذراع أو اعوجاج فيه فلم يمنع كمال الدية في القدم والكف كأذن الأصم وان كسر ساعده أو ساقه أو خلع كفه أو قدمه فجبرت وعادت مستقيمة لم يجب شيء وإن حصل نقص وجبت الحكومة لجبر النقص وإن عادت معوجة كانت الحكومة أكثر فإن قال الجاني‏:‏ أنا أعيد خلعها وأجبرها مستقيمة منع منه لأنه استئناف جناية فإن كابره وخلعها فعادت مستقيمة لم تسقط الحكومة لأنها استقرت باندمالها وما حصل من‏.‏

الاستقامة حصل بجناية أخرى وتجب حكومة أخرى للخلع الثاني لأنه جناية ثانية‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن كان لرجل كفان في ذراع لا يبطش بها‏]‏

فإن كان لرجل كفان في ذراع لا يبطش بها فهي كاليد الشلاء لأن نفعها غير موجود فإن كان يبطش بأحدهما دون الآخر فالباطش هو الأصلي فيه القود أو الدية والآخر خلقة زائد وإن كان يبطش بهما إلا أن أحدهما أكثر بطشا فهو الأصلي والآخر زائد لأن اليد خلقت للبطش فاستدل به على الأصلي منهما كما يرجح في الخنثى الى بوله وان استويا في البطش وأحدهما مستو على الذراع والآخر منحرف فالمستوي هو الأصلي وان استويا في ذلك وأحدهما ناقص والآخر تام فالتام هو الاصلي فيه القصاص أو الدية ولا يرجح بالأصبع الزائدة لأن الزيادة نقص في المعنى وان استويا في جميع الدلائل فهما يد واحدة فيهما الدية وفي إحداهما نصفها وفي أصبع إحداهما نصف دية أصبع ولا قصاص في أحدهما لعدم المماثلة وإن قطعهما قاطع وجب القود أو الدية لأننا علمنا انه قد قطع يدا أصلية وحكومة للزيادة ويحتمل أن لا يجب حكومة لأن هذه الزيادة نقص في المعنى فأشبه السلعة والحكم في القدمين على ساق كالحكم في الكفين على ذراع واحد وإن كانت إحداهما أطول من الأخرى فقطع الطولى وأمكنه المشي على القصيرة فهي الأصلية وإلا فهي الزائدة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏الحكم إن قطع يد أقطع أو رجله‏]‏

وإن قطع يد أقطع أو رجله ففيها نصف الدية لما ذكرنا وعنه‏:‏ إن كانت الأولى ذهبت في سبيل الله ففي الثانية ديتهما لأنه عطل منافعه من العضوين ولم يأخذ عوضا عن الأولى فأشبه ما لو قلع عين أعور والأول أصح لأن إحداهما لا يحصل بها من النفع والجمال ما يحصل بالعضوين فلم تجب فيه ديتهما كأحد الأذنين والمنخرين وكما لو ذهبت في غير سبيل الله وفارق عين الأعور لأنه يحصل بها من النفع والنظر وتكميل الأحكام ما يحصل بالعينين‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الثديين‏]‏

وفي الثديين الدية وفي أحدهما نصفها لأن فيهما جمالا ظاهرا ونفعا كثيرا وإن أشلهما ففيهما الدية لأنه أذهب نفعهما فأشبه ما لو أشل اليدين وإذ جنى عليهما فأذهب لبنهما فقال أصحابنا‏:‏ تجب حكومة لنقصهما ويحتمل أن تجب ديتهما لأن ذلك معظم نفعهما فأشبه البطش وإن جنى على ثدي صغيرة ثم ولدت فلم ينزل لها لبن وقال أهل الخبرة‏:‏ إن الجناية قطعت اللبن فعليه ضمانه وإن قالوا‏:‏ قد ينقطع من غير الجناية لم يضمن لأنه يحتمل أن يكون انقطاعه لغير الجناية فلا يجب الضمان بالشك وفي حلمتي الثديين الدية لأن نفعهما بالحلمتين لأن بهما يمتص الصبي فيبطل نفعهما بذهابهما فأشبه أصابع اليدين وفي الثندوتين الدية وهما ثديا الرجل لأن ما وجبت الدية فيه من المرأة وجبت فيه من الرجل إذا اشتركا فيه كاليدين‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الأليتين‏]‏

وفي الأليتين الدية لأن فيهما جمالا ظاهرا ونفعا كبيرا فأشبها اليدين وفي إحداهما نصفها وفي تطع بعضها بقدره من الدية فإن جهل قدره وجبت الحكومة كنقص ضوء العين‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الذَّكَر‏]‏

وفي الذَّكَر الدية لقول النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب عمرو بن حزم ‏[‏وفي الذكر الدية‏]‏ وفي حشفته الدية لأن نفعه يكمل بها كما يكمل نفع اليد بأصابعها والثدي بحلمته وسواء في هذا ذكر الشيخ والطفل والخصي والعنين لأنه سليم في نفسه وعنه‏:‏ في ذكر العنين والخصي حكومة لأن معظم نفع الذكر بالإنزال والإحبال وهو معدوم فيهما فأشبها الأشل وان جنى على الذكر فأشله لزمته ديته لأنه أذهب نفعه فأشبه ما لو أشل يده وان تطع بعض حشفته وجب من الدية بقدر ما قطع منها يقسط عليها وحدها كما تقسط دية اليد على الأصابع‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الأنثيين‏]‏

وفي الأنثيين الدية لأن في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم ‏[‏في الأنثييي الدية‏]‏ وفي إحداهما نصفها لأن ما وجبت الدية فيهما وجبت في أحدهما نصفها كاليدين فإن قطع الذكر والأنثيين معا أو قطع الذكر ثم قطع الأنثيين فعليه ديتان كما لو قطع يديه ورجليه وإن قطع الأنثيين فعليه دية الأنثيين وحكومة لقطع الذكر نص عليه لأنه ذكر خصي وعنه ففيه دية على ما ذكرنا في ذكر الخصي‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية أسكتي المرأة‏]‏

وفي أسكتي المرأة الدية وهما اللحم المحيط بالفرج كإحاطة الشفتين بالفم لأن فيهما جمالا ونفعا في المباشرة فأشبها الأنثيين وفي إحداهما نصفها لما ذكرناه وفي قطع بعض إحداهما بقدره من ديته إن أمكن تقديره وإلا فحكومة‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية المثانة‏]‏

وإن جنى على مثانته فلم يستمسك بوله وجبت الدية لأنها منفعة مقصودة ليس في البدن من جنسها فوجبت الدية بتفويتها كساثر المنافع وان جنى عليه فلم يستمسك غائطه فعليه الدية كذلك وإن أذهب المنفعتين لزمته ديتان كما لو أذهب سمعه وبصر وإن جنى على صلبه أو غيره فعجز عن المشي فعليه الدية كذلك وإن عجز عن الوطء لزمته كذلك دية وإن جنى على صلبه فبطل مشيه ونكاحه لزمته ديتان لأن في كل واحد منهما دية منفردا فوجبت فيهما ديتان عند الاجتماع كسمعه وبصره وعنه‏:‏ عليه دية واحدة لأنهما منفعة عضو واحد فأشبه ما لو قطع أنثييه فذهب جماعه ونسله وإن ضعف المشي أو الجماع أو نقص فعليه حكومة وإن كسر صلبه فانجبر وعاد إلى حاله ففيه الحكومة للكسر وإن احدودب فعليه حكومة للشين وعنه‏:‏ في الحدب الدية لما روى الزهري عن سعيد بن المتيثب أنه قال‏:‏ مضت السنة أن في الصلب الدية ولأنه أبطل عليه منفعة مقصودة فأشبه ما ذكرناه‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الصلع‏]‏

وفي الصلع بعير وفي الترقوة بعير وفي الترقوتين بعيران لما روى أسلم مولى عمر عن عمر رضي الله عنه‏:‏ أنه قضى في الترقوتين بجمل وفي الصلع بجمل ويجب في كل زنا بعيران لما روى عمرو بن شعيب أن عمرو بن العاص كتب إلى عمر رضي الله عنه في أحد الزندين إذا كسر فكتب إليه عمر أن فيه بعيرين ولأن في الزند عظمين ففي كل عظم بعير وإن كسر الزندين ففيهما أربعة أبعرة وظاهر كلام الخرقي أنه لا توقيف في سائر العظام لأن التقدير إنما يثبت بالتوقيف ولا توقيف فيها وقال القاضي في عظم الساق‏:‏ بعيران وفي عظم الفخذ مثله قياسا على الزند‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية اليد الشلاء والسن السوداء والعين القائمة‏]‏

وفي اليد الشلاء والسن السوداء والعين القائمة ثلث ديتها لما روى عمرو بن شعيب من أبيه عن جده قال‏:‏ قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في العين القائمة السادة لمكانها بثلث الدية وفي اليد الشلاء إذا قطعت بثلث ديتها وفي السن السوداء إذا قلعت بثلث ديتها رواه النسائي وقضى عمر رضي الله عنه بمثل ذلك وعنه رواية أخرى في ذلك كله حكومة لأنه تعذر إيجاب دية كاملة بعد ذهاب نفعه فوجبت الحكومة فيه كاليد الزائدة وهكذا الروايتان في كل عضو ذهب نفعه وبقيت صورته كالرجل الشلاء والإصبع الشلاء والشفة الشلاء والذكر الأشل وذكر الخصي ولسان الأخرس قياسا على ما تقدم وفي الكف الذي لا أصابع عليه روايتان مثل ما ذكرنا لأنه قد ذهب نفعه وبقي جماله وعلى قياسه ساق لا قدم له وذرع لا كف له وذكر لا حشفة له فأما اليد الزائدة والأصبع الزائدة ففيها حكومة لأنه لا مقدر فيها ولا يمكن قياسها على ما ذكرنا لأن هذه الأعضاء يبقى جمالها لبقاء صورتها والزائد يشين ولا يزين وذكر القاضي أنه في معنى الأشل فيقاس عليه فيكون فيه وجهان‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الأذن الشلاء والأنف الأشل‏]‏

وفي الأذن الشلاء والأنف الأشل دية كاملة كدية الصحيح لأن نفعهما وجمالهما باق بعد شللها فإن نفع الأذن جمع الصوت ومنع دخول الماء والهوام في صماخه ونفع الأنف جمع الرائحة ومنع وصول شيء إلى دماغه وهذا باق بعد الشلل بخلاف سائر الأعضاء‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الحاجبين‏]‏

ويجب في الحاجبين إذا لم ينبت الشعر الدية وفي أحدهما نصفها لأن فيهما جمالا ونفعا لأنهما يردان العرق والماء عن العين ويفرقانه فوجبت الدية فيهما كالجفون وفي قرع الرأس إذا لم ينبت الشعر الدية وفي اللحية إذا لم تنبت الدية لأن فيها جمالا كاملا فوجبت الدية فيها كأنف الأخشم وأذن الأصم وفي ذهاب نقص ذلك بقسطه من ديته يقدر بالمساحة فإن بقي منها ما لا جمال فيه كاليسير من لحيته ففيه وجهان‏:‏

أحدهما‏:‏ يؤخذ بالقسط كما لو بقي من أذنه يسيرا‏.‏

والثاني‏:‏ تجب الدية بكمالها لأنه أذهب المقصود منها فأشبه ما لو أذهب وضوء العين ومتى عاد شيء من هذه الشعور سقطت الدية كما ذكرنا في عود السن‏.‏

فصل‏:‏ ‏[‏دية الظفر‏]‏

وذكر أبو الخطاب‏:‏ أن في الظفر خمس دية الأصبع إذا قلعه أو سوده فإن عاد فنبت على صفته رد أرشه وعنه‏:‏ أن له خمسة دنانير وإن نبت أسود فله عشرة نص عليه وهذا إنما يصار إليه بالتوقيف وما لا توقيف فيه من سائر الجروح تجب فيه الحكومة لأن القياس يقتضيها في جميع الجروح وخولف ذلك فيما ورد الشرع بتقديره ففي ما عداه يجب البقاء على مقتضى القياس والله أعلم‏.‏