فصل: قواعد رسم المصحف:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدخل لدراسة القرآن الكريم



.قواعد رسم المصحف:

الأصل في المكتوب أن يكون موافقا للمنطوق، من غير زيادة ولا نقص، ولا تغيير ولا تبديل، مع مراعاة الابتداء به والوقف عليه، والفصل والوصل، وقد مهد له العلماء أصولا وقواعد، وقد خالفها في بعض الحروف خط المصحف الإمام ولذلك قيل: خطان لا يقاس عليهما؛ خط المصحف، وخط العروض، أما الأول فلأن المعوّل عليه فيه المأثور المنقول، لا الملفوظ المنطوق، وأما الثاني فلأن المعول عليه في وزن المنطوق الملفوظ. وينحصر أمر الرسم في ستة قواعد:
(1) الحذف.
(2) الزيادة.
(3) الهمز.
(4) البدل.
(5) الوصل والفصل.
(6) ما فيه قراءتان متواترتان وكتب على إحداهما.
ولنذكر لذلك أمثلة بقدر الإيضاح من غير استقراء وحصر لجميع ما ورد.

.1- الحذف:

وذلك مثل حذف الألف من ياء النداء في {يا أَيُّهَا النَّاسُ} ومن هاء التنبيه مثل: {هاأَنْتُمْ هؤُلاءِ} ومن (نا) إذا وليها ضمير نحو {فَأَنْجَيْناكُمْ وآتَيْناهُ} ومن كل جمع تصحيح لمذكر أو مؤنث مثل: {سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ}، {الْمُؤْمِناتِ}، و{وَالْمُسْلِماتِ}، {وَالْقانِتاتِ} إلى آخره، ومن كل جمع على وزن مفاعل وشبهه نحو مَساجِدَ والنَّصارى إلا ما استثني.
وتحذف الياء من كل منقوص منون رفعا وجرا مثل: {غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ} ومثل: {وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ} والمضاف إلي الياء إذا نودي: مثل: {يَا عِبادِ فَاتَّقُونِ} إلا {قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا} في الزمر {يَا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا} في العنكبوت ومن مثل: {وَأَطِيعُونِ}، {وَاتَّقُونِ}، {فَارْهَبُونِ}، {فَأَرْسِلُونِ}، {فَاعْبُدُونِ} إلا في يس. {وَاخْشَوْنِ} إلا في البقرة {وكِيدُونِ} إلا {فَكِيدُونِي جَمِيعاً}.
وتحذف الواو إذا وقعت مع واو أخرى، نحو لا يستون فأوا إلى الكهف وكذلك حذفت من هذه الأفعال الأربعة ويدع الإنسان بالشّرّ دعائه بالخير بالإسراء {وَيَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ} في الشورى {يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى شَيْءٍ نُكُرٍ} في القمر {سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ} في اقرأ وسيأتي توجيه ذلك.

.2- الزيادة:

وذلك مثل زيادة الألف بعد آخر اسم مجموع أو ما في حكمه مثل {مُلاقُوا رَبِّهِمْ}، {بَنُوا إِسْرائِيلَ}، {أُولُوا الْأَلْبابِ} وفي {مِائَة} و{مِائَتَيْنِ} و{الظُّنُونَا} و{الرَّسُولَا} و{السَّبِيلَا}، {لَأَذْبَحَنَّهُ} في النمل و{وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ} في التوبة وفي نحو: {يَتَفَيَّؤُا}، {أَتَوَكَّؤُا}، {تَفْتَؤُا} ولا {تَظْمَؤُا} وبين الجيم والياء في وجاى في الزمر والفجر فقد كتبت في المصحف هكذا وجاى في السورتين.
وتزاد الياء في نحو: {نبإى المرسلين} و{ملإيهم} و{ملإيه} و{من آناء الليل} و{إيتائ ذى القربى} في النحل {بأيّيكم المفتون}، {والسّماء بنيناها بأييد}.
وتزاد الواو في نحو: {أُولُوا}، {أُولئِكَ}، {أُولاءِ}، {أُولاتُ}، {سأوريكم} وقد علل ذلك الكرماني فقال في كتاب العجائب: كانت صورة الفتحة في الخطوط قبل الخط العربي ألفا وصورة الضمة واوا وصورة الكسرة ياء فكتبت {لأاوضعوا} ونحوه بالألف مكان الفتحة {وإيتائ ذى القربى} بالياء مكان الكسرة {وأُولئِكَ} ونحوه بالواو مكان الضمة لقرب عهدهم بالخط الأول.
وقال الزمخشري في تفسيره: فإن قلت كيف خط في المصحف {لأاوضعوا} بزيادة ألف قلت: كانت الفتحة تكتب ألفا قبل الخط العربي، والخط العربي اخترع قريبا من نزول القرآن، وقد بقي من ذلك الإلف- بكسر الهمزة وسكون اللام- أثر في الطباع فكتبوا صورة الهمزة ألفا، وفتحتها ألف أخرى ونحوه أو {لأاذبحنه}. وهذا يشعر أنه يرى ما يراه الكرماني، وأنهما يريان أن خط المصحف بالاجتهاد.
أقول: ولو كان الأمر كما يقولان فلم طبق ذلك في هذه الآيات، وفي القرآن ألوف الفتحات، والكسرات، والضمات.

.3- قاعدة الهمز:

أما الهمزة الساكنة فالأصل فيها أن تكتب بحرف حركة ما قبلها أولا، أو وسطا، أو آخرا نحو: {ائْذَنْ لِي}، {اؤْتُمِنَ}، {الْبَأْساءِ}، {اقْرَأْ}، {جِئْناكَ}، {وَهَيِّئْ} إلا ما استثني مثل: {فَادَّارَأْتُمْ}، {وَرِءْياً} فحذف الحرف فيهما، وكتبت الهمزة مفردة.
أما الهمزة المتحركة فإن كانت في أول الكلمة أو اتصل بها حرف زائد كتبت بالألف مطلقا أي سواء كان فتحا. أو ضما، أو كسرا نحو: {أَيُّوبَ}، {إِذا}، {أُولُوا}، {سَأَصْرِفُ}، {فَبِأَيِّ} إلا في مواضع مثل: {قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ} في فصلت {أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ} في النمل {أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا}، {أإن لنا} في الشعراء فكتبت فيها بالياء و{قُلْ أؤنبّئكم} و{هؤُلاءِ} فكتبت بالواو.
وإن كانت الهمزة وسطا فإنها تكتب بحرف من جنس حركتها نحو: {سَأَلَ}، {سُئِلَ}، {نَقْرَؤُهُ} إلا ما استثني.
وإن كانت طرفا تكتب بحرف حركة ما قبلها مثل: {سَبَإٍ}، {شاطِئِ}، {وَلُؤْلُؤاً} وقد وردت في مواضع من القرآن مخالفة لهذا الأصل مثل: {تَفْتَؤُا}، {يَتَفَيَّؤُا}، {أَتَوَكَّؤُا} لا {تَظْمَؤُا} ما {يَعْبَؤُا}، {وَيَدْرَؤُا}، {يُنَشَّؤُا} فإنها رسمت في المصحف بالواو، وزيدت بعدها ألف، فإن سكن ما قبل الهمزة حذف الحرف مثل: {مِلْءُ الْأَرْضِ}، {دِفْءٌ}، {شَيْءٍ}، {الْخَبْءَ}.

.4- قاعدة البدل:

كتبت في الرسم الألف واوا للتفخيم، أو التهويل، والتفظيع في مثل: {الصَّلاةَ}، {الزَّكاةَ}، {الْحَياةِ}، {الرِّبَوا} غير مضافات {كَمِشْكاةٍ}، {وَمَناةَ} إلا قوله تعالى: {وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35] وقوله تعالى: {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} [الأنعام: 162] وقوله: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا} [الأنعام: 29] وقوله: {وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ} [الروم: 39] فقد كتبت بالألف.
وكتبت ياء كل ألف منقلبة عنها نحو: {كَمِشْكاةٍ} في اسم أو فعل اتصل به ضمير، أم لا، بقي ساكنا، أم لا، ومنه إِلَّا {يا أَسَفى عَلى يُوسُفَ} إلا ما استثنى مثل: {تَتْرا}، {كِلْتَا}، {هَدانِي}، {وَمَنْ عَصانِي} وتكتب ألفا نون التوكيد الخفيفة ونون إِذا، ويكتب بالنون نحو {وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ} وكتبت هاء التأنيث على خلاف الأصل تاء في مواضع من القرآن، وذلك مثل: {رَحْمَتَ} في البقرة وآل عمران وغيرهما و{نعمت} في البقرة وآل عمران والمائدة وغيرها و{سُنَّتُ} في الأنفال وفاطر و{امْرَأَتُ} مع زوجها و{لَعْنَتَ} في قوله تعالى: {فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ} في ال عمران {وَالْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ} في النور و{ومعصيت} في {لَقَدْ سَمِعَ} و{شجرت} في {إنّ شجرت الزّقّوم * طعام الأثيم} و{قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ} و{بَقِيَّتُ} في قوله تعالى: {بَقِيَّتُ اللَّهِ} و{جنت} في قوله: {وجنت نعيم} إلى غير ذلك.

.5- قاعدة الفصل والوصل:

وردت بعض الألفاظ في رسم المصحف تارة موصولة، وتارة مفصولة وورد بعضها في الرسم على حالة واحدة وذلك مثل وصل إِلَّا بفتح الهمزة وتشديد اللام وفصلها في عشرة مواضع منها: {أَنْ لا يَقُولُوا} في الأعراف {أَنْ لا تَعْبُدُوا} في هود ويس {وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ} في الدخان ووصل مما، إلا {فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ} في النساء والروم {مِنْ ما رَزَقْناكُمْ} في المنافقين، ووصل {مِمَّنْ} مطلقا ووصل {عَمَّا} إلا {عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ}، ووصل عمن إلا قوله {وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ} في النور و{عَنْ مَنْ تَوَلَّى} في النجم، ووصل {كلما}، إلا {كلّ ما ردّوا إِلَى الفتنة أركسوا فيها}، {ومِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ}، ووصل {أَمِنَ إلا أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} في النساء {أَمْ مَنْ أَسَّسَ} في التوبة {أَمْ مَنْ خَلَقْنا} في الصافات {أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً}، وأَمَّا بكسر الهمزة والتشديد إلا {وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ} في الرعد. وأنما بفتح الهمزة مطلقا، إلى غير ذلك مما جاء في الرسم تارة موصولا وتارة مفصولا مثل: {إِنَّما} و{فَإِنْ لَمْ} بالفتح والكسر و{أَنْ لَنْ} و{أَيْنَ ما}، {كى لا} و{فِي ما}.
6- ما فيه قراءتان وكتب على إحداهما ومرادنا غير القراءات الشاذة ومن ذلك {ملك يوم الدّين} و{يخدعون} و{وَعَدَنا}، {تُفادُوهُمْ}، {تُظْهِرُونَ}، {وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ} فرهن {عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ}، {أو لمستم النّساء} {وحرام على قرية} {سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى} إلى غير ذلك، فقد كتبت كلها في المصاحف العثمانية بلا ألف، وقد قرئت بالألف وبحذفها ومثل: {غيبت الجب} في [يوسف: 15] {ثمرت من أكمامها} في فصلت {وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ} فقد كتبت كلها بالتاء المفتوحة وبلا ألف وقد قرئت بالجمع والإفراد. ومثل: {فكهون} فقد كتبت بلا ألف وقرئت بالألف وبعدمها ومثل: {الصِّراطَ} كيف وقع و{بَصْطَةً} في [الأعراف: 69] و{الْمُصَيْطِرُونَ} و{بِمُصَيْطِرٍ} فقد كتبت بالصاد لا غير، وقد قرئت بالصاد والسين.
وأما القراءات المختلفة المتواترة بزيادة لا يحتملها الرسم نحو: {وأوصى} وَ{وَصَّى} في البقرة {تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ} و{مِنْ تَحْتِهَا} في التوبة {وما عملت أيديهم}، {وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ} في يس، وقوله: {سَيَقُولُونَ لِلَّهِ وفَسَيَقُولُونَ اللَّهُ في} [المؤمنون: 86- 89].
فقد كانت تكتب في بعض المصاحف دون بعض كما أسلفنا. وبحسبنا ما ذكرنا في التمثيل لهذه القواعد. ومن أرد استيفاء فليرجع إلى الإتقان أو كتب القراءات.