فصل: ذكر المكان الذي اهبط إليه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم **


 ذكر المكان الذي اهبط إليه

قال علي بن أبي طالب وابن عباس وقتادة وأبو العالية‏:‏ أهبط بالهند‏.‏

وروى أبو صالح عن ابن عباس قال‏:‏ أهبط على جبل بالهند يقال له نَوْد‏.‏

وقال ابن اسحاق‏:‏ أهل التوراة يقولون‏:‏ أهبِط بالهند على جبل يقال له واسم عند واد يقال له بهيل بين الدهنج والمندل‏:‏ بلدين بأرض الهند‏.‏

فقال قوم‏:‏ بل أهبط بَسَرْنْديب على جبل يقال له‏:‏ نَوْذ وأهبطت حواء بجدة من أرض مكة وإبليس بميسان والحية بأصفهان‏.‏

وقال آخرون‏:‏ أهبطت الحية بالبرية وإبليس بالساحل من بحر الأ بُلَّة‏.‏

وقيل‏:‏ كان الجبل الذي أهبط عليه أقرب من جميع الجبال إلى السماء‏.‏

ذكر ما هبط معه من الجنة‏:‏ قال أبو موسى الأشعري‏:‏ لما أخرجه الله من الجنة زوده من ثمارها فثماركم هذه من ثمارها‏.‏

وقال ابن عباس‏:‏ كان حين أخرج لا يمر بشيء إلا عبث به فقيل للملائكة‏:‏ دعُوه فليتزودْ منها ما شاء فنزل بالهند وإن هذا الطيب الذي يُجَاء به من الهند مما خرج به آدم‏.‏

وروى أبو صالح عن ابن عباس قال‏:‏ نزل آدم معه ريحُ الجنة فعلق بشجرها وأوديتها يعني الهند وأنزل معه الحجر الأسود وكان اشدَ بياضًا من الثلج وعصا موسى وكانت من آس الجنة وقال أبو العالية‏:‏ أخرج ومعه غصن من شجر الجنة وعلى رأسه تاج أو إكليل من شجر الجنة‏.‏

وقال قتادة‏:‏ أهبط آدم على جبل بالهند وعلى رأسه إكليل من شجر الجنة فعبق ريح ذلك الإكليل بشجر ذلك الجبل فصار طيبًا‏.‏

أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك أخبرنا عاصم بن الحسن أخبرنا أبو الحسين أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق أخبرنا أبو الحسن بن البر قال‏:‏ أهبط آدم بالهند في جزيرة سرنديب على جبل يدعى نَوْذ وعلى آدم الورق الذي خصفه فيبس فتحات فنبت منه أنواع الطيب والثمار فعلى ذلك الجبل‏:‏ العود والسنبل والقرنفل والأفاوية ودابة المسك ودابة الزباد وحول الجبل الياقوت وفي واديه الماس وفي أرض تلك الجزيرة السفاذج وفي أنهارها البلور وفي بحرها اللؤلؤ‏.‏

وأخرج آدم من الجنة معه صرة حنطة وثلاثين نصيبًا من ثمر الجنة عشرة في القشور‏:‏ الجوز واللوز والفستق والبندق والخَشخاش والبلُّوط والشاهبلوط والجوز الهندي والرمان والموز‏.‏

وعشرة لها نوى‏:‏ الخوخ والمشمش والإجّاص والرُطَب والغبيراء والنبق والزُّعرور والعنّاب وا لمُقْل والشاملوك‏.‏

وعشرة لا قشور لها ولا نوى‏:‏ التُفّاح والسفرجل والكمثرى والعنب والتوت والتين وأنزل على آدم من الصحف احدى وعشرون صحيفة وحرم عليه الميتة والدم ولحم الخنزير وفرض عليه صلاة خمسين ركعة‏.‏

أخبرنا موهوب بن أحمد ومحمد بن ناصر قالا أخبرنا على بن أحمد بن بيان قال‏:‏ أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال‏:‏ أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن محمد بن عثمان السقا الحافظ قال‏:‏ قريء على أبي عمرمحمد بن يوسف القاضي حدثنا محمد بن الوليد حدثنا وهب بن جرير حدثنا شعبة عن أبي التياح عن أنس بن مالك قال‏:‏ قال رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ لما أهبط اللهّ آدم من الجنة إلى الأرض حزن عليه كل شيء جاوره إلا الذهب والفضة فأوحى اللّه إليهما‏:‏ جاورتكما بعبد من عبادي ثم أهبطه من جواركما فحزن عليه كل شيء إلا أنتما قالا‏:‏ إلهنا وسيدنا أنت تعلم أنك جاورتنا به وهو لك مطيع فلما عصاك لم نحب أن نحزن عليه فأوحى الله إليهما‏:‏ وعزَّتي وجلالي لأعِزَّنكما حتى لايُنال كل شيء إلاَّ بكما ‏"‏‏.‏

هذا حديث إسناده حسن ومتنه غريب‏.‏

أخبرنا ابن ناصر أنبأنا عبد المحسن بن محمد أخبرنا عبد الله بن عمر بن شاهين قال‏:‏ حدثني أبي حدثنا الحسن بن محمد بن عنبر حدثنا ابراهيم بن عامر الأصبهاني حدثنا أبي حدثنا يعقوب بن جعفر عن سعيد بن جبير قال‏:‏ أهبط آدم عليه السلام إلى الأرض وليس في الأرض إلا حوت ونسر فكات النسر إذا أمسى آوى إلى الحوت فيبيت عنده فلما رأى النسرآدم أتى إلى الحوت فقال‏:‏ يا حوت قد أهبط إلى الأرض شيء يمشي على رجليه ويبطش بيده فقالت‏:‏ إن كنت صادقًا فما لي في البحر مهرب ولا لك في البر مهرب‏.‏

يريد أنه يحتال عليهما‏.‏

ذكر القسم الثالث‏:‏ وهو ما حدث وآدم فى الأرض فمن ذلك أن آدم حين نزل شكى حاله‏:‏ فروى أبو صالح عن ابن عباس قال‏:‏ لما رأى اللّه عز وجل عري آدم وحواء أمره أن يذبح كبشًا من الضان أمن الأزواج الثمانية فذبحه ثم أخذ صوفه فغزلته حواء فنسج آدم جُبًة لنفسه وجعل لحواء درعًا وخِمارًا فلبسا ذلك‏.‏

ثم أنزل عليه بعد العلاوة والمِطرقة والكلبتان فنظر إلى قضيب نابت من حديد وأخذه فجعل يكسر أشجارًا قد يبست بالمطرقة ثم أوقد على ذلك الغصن حتى ذاب أفكان أول شيء ضربه مُدْية فكان يعمل بها ثم ضرب التنّور الذي ورثه نوح ونفرت منه الوحوش إلى البر وكان لباسهما من جلود الضان والسباع‏.‏

وروى الضحاك عن ابن عباس‏:‏ إن جبريك أتى آدم بالجَلَم وأمره أن جز الشاة ففعل فغزلت حواء وحاكه آدم فالخذ منه عباءة لنفسه وأخرى لحواء‏.‏

وروى عطاء عن ابن عباس‏:‏ ان جبريل أتى آدم بالثورين وصمدهما له وأمره بالزراعة‏.‏

وروى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‏:‏ علم آدم صنعة الحديد وأمر الحرث فحرث وزرع ثم سقى حتى إذا بلغ حَصَدَه ثم داسه ثم طحنه‏.‏

ثم عجنه ثم خبزه ثم أكله فلم يبلغ منه حتى بلغ منه ما شاء اللّه أن يبلغ‏.‏

قال سعيد‏:‏ وأهبط إلى آدم ثور أحمر فكان يحرث عليه ويمسح العرق عن جبينه‏.‏

وحكى أبو جعفر الطبري عن آخرين قالوا‏:‏ جاع آدم فاستطعم ربه فجاءه جبريل بسبع حبات من حنطة فوضعها في يده فقال‏:‏ ما أصنع بهذا قال‏:‏ تتركه في الأرض ففعل فأنبته اللّه من ساعته ثم أمره فحصده ثم أمره فجمعه وفركه بيده ثم أمره أن يفرِّيه ثم أتاه بحجرين فطحنه ثم أمره أن يخبزه مَلَّةً‏.‏

إن عجنه وجمع له جبريل الحجر والحديد فقدحَه فخرجت النار فهو أول مَنْ خبز الملَة‏.‏

ومن الأحداث أن قال ابن عباس‏:‏ بكى آدم وحواء على ما فاتهما من نعم الجنة مائتي سنة لم يأكلا ولم يشربا أربعين يومًا ولم يقرب آدم حواء مائة سنة‏.‏

أخبرنا عبد الوهاب بن المبارك أخبرنا أبو الحسين بن عبد الجبار أخبرنا علي بن أحمد الملطي أخبرنا أحمد بن محمد بن دوست حدثنا ابن صفوان حدثنا أبو بكر القرشي قال‏:‏ حدثني محمد بن الحسين حدثنا روح بن عبادة حدثنا هشام عن الحسن قال‏:‏ أهبط آدم من الجنة فبكى ثلاثمائة سنة لا يرفع رأسه إلى السماء ولا يلتفت إلى المرأة ولا يضع يده عليها‏.‏

قال القرشي‏:‏ وحدثنا محمد بن يحيى بن أبي حاتم قال‏.‏

حدثني سعد بن يونس عن أبي عمرو الشيباني عن أبي الهذيل عن وهب بن منبه قال‏:‏ أوحى الله إلى آدم‏:‏ يا آدم ما هذه الكآبة التي بوجهك والبلية التي قد أحاطت بك‏.‏

قال‏.‏

خروجي من دار البقاء إلى دار الفناء من دار النعم إلى دار الشقاء‏.‏

قال‏:‏ ثم ان آدم سجد سجدة على جبل الهند مائة عام يبكي حتى جرت دموعه في وادي سرنديب فأنبت اللّه لذلك الوادي من دموع آدم الدار صيني والقرنفل وجعل طير ذلك الوادى الطواويس ثم ان جبريل أتاه فقال‏:‏ يا آدم ارفع رأسك فقد غفر لك فرفع رأسه ثم أتى البيت فطاف أسبوعًا فما أتمه حتى خاض في دموعه إلى ركبتيه ثم أتى موضع المقام وصلى فيه ركعتين وبكى حتى جرت دموعه على الأرض‏.‏

قلت‏:‏ وكان السبب في قبول توبة آدم أنه تلقى كلمات فقالها فتيب عليه وذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَتَلَقَّى آدم مِنْ رَبِّه كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ‏}‏‏.‏

واختلف المفسرون في تلك الكلمات على وجوه قد ذكرناها في التفسير والذي نختاره من الأقوال‏.‏

ما أخبرنا به محمد بن عبد اللّه بن حنيف أخبرنا علي ابن الفضل أخبرنا محمد بن عبد الصمد أخبرنا عبد اللهّ بن أحمد‏.‏

حدثنا ابراهيم بن خريم حدثنا عبد الحميد بن حميد حدثنا أبو غسان حدثنا مالك بن إسماعيل النهلي عن زهير بن معاوية الجشمي عن خُصيف عن مجاهد‏:‏ ‏{‏فَتَلَقَى آدم مِنْ ربهِ كَلِمَات‏}‏‏.‏

قال‏:‏ هو قوله‏:‏ ‏{‏رَبَّنَا ظَلَمْنَا أنْفسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا‏}‏‏.‏ إلى آخر الآية‏.‏

قال قتادة‏:‏ تاب اللّه على آدم يوم عاشوراء‏.‏

ومن الأحداث إن اللّه عز وجل أنزل ياقوتة من الجنة فجعلها في موضع الكعبة وأمر آدم أن يتوجه إلى مكة فيطوف قال قتادة‏:‏ قال اللهّ‏:‏ يا آدم إني أهبطت لك بيتًا تطوف به كما يطاف حول عرشي وتصلي عنده كما يصلى عند عرشي فانطلق إليه آدم فمد له في خطوه وكان بين خطوه مفازة فلم تزل وفي حديث أبي صالح عن ابن عباس‏:‏ أن آدم بنى البيت من خمسة أجبل من طور سيناء وطور زيتا ولبنان والجودي وبنى قواعده من حراء فلما فرغ من بنائه خرج به الملك إلى عرفات فأراه المناسك التي يفعلها الناس ثم قدم به مكة فطاف بالبيت اسبوعًا‏.‏

قال ابن عباس‏:‏ حج من الهند أربعين حجة على رجليه‏.‏

وقيل‏:‏ ان آدم التقى بحواء على عرفات فتفارقا ثم رجع بها إلى الهند فاتخذا مغارة يأويان إليها‏.‏

ومن الأحداث أن اللّه تعالى مسح ظهرآدم بنَعْمَان وأخرج ذريته‏.‏

أخبرنا هبة الله بن محمد بن الحصين أخبرنا الحسن بن علي التميمي أخبرنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبل قال‏:‏ حدثنا أبي حدثنا حسين بن محمد حدثنا جرير يعني ابن حازم عن كلثوم بن جبر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ أخذ اللّه الميثاق من ظهر آدم بنَعْمَان يعني عرفة فأخرج من صلبه كلَّ ذرية ذَرَأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قُبُلًا ‏"‏ أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن المذهب أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر حدثنا عبد اللّه بن أحمد قال‏:‏ حدثني يعقوب الرماني حدثنا المعتمر بن سليمان قال‏:‏ سمعت أبي يحدث عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب في قول اللّه عز وجل‏:‏ ‏{‏وَإِذْ أخَدَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدم مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُريتَهُم‏}‏ قال‏:‏ جمعهم فجعلهم أزواجًا ثم صورهم واستنطقهم فتكلموا ثم أخذ عليهم العهد والميثاق ‏{‏وَأشْهَدَهُمْ عَلَى أنْفُسِهِمْ ألسْتُ بِرَبِّكُمْ‏}‏ قال‏:‏ فإني أشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع وأشهد عليكم أباكم آدم أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا اعلموا أنه لا إله غيري ولا تشركوا بي شيئًا سأرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي وأنزل عليكم كتبي قالوا‏:‏ شهدنا بأنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك فرفع عليهم آدم ينظر إليهم فرأى الغني والفقير والحسن الصورة ودون ذلك فقال‏:‏ يا رب ألا سويت بين عبادك فقال‏:‏ إني أحببت أن أشكر ورأى آدم الأنبياء فيهم مثل السرج عليهم النور خصوا بميثاق أخرى في الرسالة والنبوة وهو قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِذْ أخَذْنَا مِنَ النبِيينَ مِيثَاقَهُمْ‏}‏ إلى قوله ‏{‏عِيسَى ابن مريم‏}‏ وكان في تلك الأرواح‏.‏

أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن المذهب أخبرنا أبو بكر بن مالك حدثنا عبد اللّه بن أحمد قال‏:‏ حدثني أبي حدثنا روح حدثنا مالك عن زيد بن أبي أنيسة أن عبد الحميد بن عبد الرحمن أخبره عن مسلم بن يسار الجُهني عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏ إن اللهّ عز وجل خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال‏:‏ خلقتَ هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون ثم مسح على ظهره فاستخرج منه ذرية فقال‏:‏ خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون‏.‏

فقال رجل‏:‏ يا رسول الله ففيم العمل فقال‏:‏ ‏"‏ إن اللهّ عز وجل إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة فيدخل به الجنة فإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النارحتى يموت على عمل من عمل أهك النار فيدخله به النار ‏"‏‏.‏

قال أحمد‏:‏ وحدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال‏:‏ لما نزلت آية الدَين قال رسول اللهّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ إن أول من جحد آدم عليه السلام إن اللّه تعالى لما خلق آدم مسح ظهره فأخرج منه ما هو ذار إلى يوم القيامة فجعل يعرض عليه ذريته فرأى فيهم رجل يزهَر فقال‏:‏ أي رب من هذا‏.‏

قال‏:‏ ابنك داود قال‏:‏ أي رب كم عمره قال‏:‏ ستون عامًا قال‏:‏ أي رب زد في عمره قال‏:‏ لا إلا أن أزيده من عمرك وكان عمر آدم ألف عام فزاده من عمره أربعين عامًا فكتب اللّه عليه بذلك كتابًا وأشهد عليه الملائكة فلما احتُضِر آدم وأتته الملائكة لتقبضه قال‏:‏ إنه قد بقي من عمري أربعون عامًا فقيل‏:‏ إنك وهبتها لإبنك داود قال‏:‏ ما فعلت فأبرز اللّه عليه الكتاب وأشهد عليه الملائكة ‏"‏‏.‏

وقد رواه الحسن بن الأشيب عن حماد فزاد فيه ‏"‏ ثم أكمل اللّه لآدم ألف سنة وأكمل لداود مائة سنة ‏"‏‏.‏

ومن الأحداث وجود أولاد آدم عليه السلام ولدت حواء لآدم آربعين ولدًا من ذكر وأنثى في عشرين بطنًا قالوا‏:‏ وكانت لا تلد إلا توأمين ذكرًا وأنثى‏.‏

وأول الأولاد‏:‏ قابيل وتوأمته قليما ويقال قيثما وآخرهم عبد المغيث وتوأمته أمة المغيث‏.‏

وعد منهم ابن اسحاق‏:‏ قين وتوأمته وهابيل وليوذا وآشوث بنت آدم وتوأمها وشيث وتوأمته وحزورة وتوأمها ثم إياد وتوأمته ثم بالغ‏.‏

ويقال‏:‏ باتح وتوأمته ثم أثاثي وتوأمته ثم توبة وتوأمته ثم بنان وتوأمته ثم شبوبة وتوأمته ثم حيان وتوأمته ثم ضرابيس وتوأمته هدز وتوأمته ثم نجود وتوأمته ثم سندل وتوأمته ثم بارق وتوأمته‏.‏

وكان الرجل منهم ينكح أي اخواته شاء إلا التي ولدت معه فإنها لا تحل له‏.‏

وقد روي عن ابن عباس‏:‏ ان أول ولد ولدته حواء سمته عبد الرحمن ثم سمت الثاني صالحًا ثم الثالت عبد الحارث‏.‏

قال أبو جعفر الطبري‏:‏ ولد لآدم بعد قتل هابيل بخمس سنين شيث وزعم أهل التوراة أنه لم يولد معه توأم وتفسير شيث عندهم ‏"‏ هبة اللّه ‏"‏ ومعناه أنه خلف هابيل‏.‏

وقال أبو صالح عن ابن عباس‏:‏ ولد شيث وأخته عزورا وهو بالعربية شث وبالسريانية شاث وبالعبرانية شيث وإليه أوصى آدم وكان آدم يوم ولد له شيث ابن ثلاثين ومائة سنة‏.‏

وقد زعم أكثر علماء الفرس أن جُيُو مَرْت هو آدم‏.‏

وزعم بعضهم أنه ابن آدم لصلبه من حواء‏.‏

وقال آخرون‏:‏ هو حام بن يافث بن نوح‏.‏

وأكثر العلماء على أن جُيُو مَرْت هو أبو الفرس من العجم وإنما اختلفوا هل هو آدم أم غيره‏.‏

وقال قوم‏:‏ انه ملك وتجبر وتزوج ثلاثين امرأة وكثر نسله وتسمى بآدم وما زال ملكه وملك أولاده منتظمًا بأرض المشرق إلى أن قتل يَزْدَجِرْد بن شهريار أيام عثمان بن عفان‏.‏

وقد ذكر أبو الحسن بن البراء‏:‏ أن جُيُو مَرْت ملك ثلاثين سنة ثم كان من سوى الملك هوشَنْك من أولاد أولاده ملك أربعين سنة ثم ملك طهمورث من أولاد أولاد هوشنك ودان بدين الصابئين ثلاثين سنة ثم ملك أخوه جمشيذ ستمائة وست عشرة سنة ثم ملك هوار سب ألف سنة ومن قبله كان نمرود صاحب ابراهيم ثم ملك فريدون مائتي سنة وقسم الملك بين أولاده في حياته ثم ملك ابنه ايرج ست سنين ثم انتقل الملك إلى منوشهر ثمانين سنة إلى أن غلبه التركي اثنتي عشرة سنة ثم غلبه منوشهر فملك ثمانيًا وعشرين سنة‏.‏

وقد حكينا آنفًا عن أبي الحسين بن المنادي أن جيومرث وطهمورث من أولاد الجان والله أعلم‏.‏

وقد روى ابن اسحاق عن بعض أهل الكتاب‏:‏ ان حوإء حملتَ بقين بن آدم وهو الذي يقال له‏:‏ قابيل في الجنة وتوأمته فلم تجد وحَمًا ولا وصَبًا وولدتهما ولم تر معهما دمًا لطهر الجنة فلما نزلت إلى الأرض حملت بهابيل وتوءمته‏.‏

وفي هذا بعد وليس مما يوثق بنقله‏.‏

ومن الأحداث احتيال ابليس على آدم وحواء في تسمية عبد الحارث أخبرنا محمد بن ناصر أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال‏:‏ أخبرنا أبو بكر المنكدري أخبرنا أبو الحسن بن الصلت حدثنا أبو بكر الأنباري حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا الحسن بن موسى الأشيب حدثنا عتاب بن الخزرجي عن خصيف عن سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة عن ابن عباس‏:‏ ان حواء لما حملت جاءها إبليس فقال‏:‏ إني أخرجتكما من الجنة لئن لم تطيعيني لأجعلن لولدك قرنين يشقان بطنك أولأخرجته ميتًا فقضى الله أن خرج ميتًا فلما حملت بالثاني جاءها فقال لها مثل مقالته الأولى فقضى اللّه أن الولد خرج ميتًا فلما حملت الثالث جاءها فقال لها مثل مقالته فقالت‏:‏ وما الذي تريد أن نطيعك فيه قال‏:‏ سمياه عبد الحارث ففعلت فقال اللّه‏:‏ ‏"‏ جعلا له شركاء فيما آتاهما ‏"‏‏.‏

قال عثمان‏:‏ وحدثنا يعلى بن عبد حدثنا عبد الملك قال‏:‏ قيل لسعيد بن جبير‏:‏ يا أبا عبد اللهّ أشْرَك آدم قال‏:‏ معاذ الله أن تقول أشرك آدم إن حواء لما حملت وأثقلت أتاها إبليس فقال لها‏:‏ أرأيت هذا الذي في بطنك من أين يخرج‏.‏

أمن فيك ام من منخرك أم من أذنيك أرأيت إن خرج سويًا صحيحًا لم يضرك أتطيعيني في اسمه قالت‏:‏ نعم فلما ولدت قال‏:‏ سمياه عبد الحارث‏.‏

فسمياه عبد الحارث‏.‏

أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن المذهب أخبرنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد اللهّ بن أحمد قال‏:‏ حدثني أبي حدثنا عبد الصمد حدثنا عمر بن ابراهيم حدثنا قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ لما حملت حواء وطاف بها إبليس فكان لا يعيش لها ولد فقال‏:‏ سميه عبد الحارث فإنه يعيش فسمته عبد الحارث فعاش ‏"‏‏.‏

أعطى آدم ملك الأرض نبأه وجعله رسولًا إلى ولده وأنزل عليه إحدى وعشرين صحيفة كتبها بخطه وعلمه جبريل إياها‏.‏

ذكره أبوجعفر الطبري قال‏:‏ وقيل‏:‏ ان مما أنزل عليه حروف المعجم في احدى وعشرين ورقة وتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير‏.‏

وقد روى أبو أمامة أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‏:‏ يا نبي اللهّ أنبيًا كان آدم‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏ نعم مكلّمًا ‏"‏‏.‏

وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‏:‏ ‏"‏ أول المرسلين آدم ‏"‏‏.‏

أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزاز أخبرنا أبو محمد الجوهري أخبرنا أبو عمر بن حيوية حدثنا أحمد بن معروف حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا محمد بن سعد حدثنا عمرو بن الهيثم وهاشم بن القاسم قال‏:‏ حدثنا المسعودي عن ابن عمر الشامي عن عبيد بن الحشاش عن أبي ذر قال‏:‏ قلت للنبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ أي الأنبياء أول‏.‏

قال‏:‏ ‏"‏ آدم ‏"‏ قلت‏:‏ أنبيًا كان قال‏:‏ ‏"‏ نعم نبيًا مكلمًا ‏"‏‏.‏

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب أخبرنا الحسن بن علي الجوهري أخبرنا عبد العزيز بن جعفر الخرقي حدثنا الحسين بن اسماعيل حدثنا الحسن بن شبيب حدثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم الرماني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‏:‏ لما أهبط اللّه آدم إلى الأرض كثرت ذريته فاجتمع إليه ذات يوم ولده وولد ولده وولد ولد ولده فجعلوا يتحدثون حوله وآدم ساكت لا يتكلم فقالوا‏:‏ يا أبانا مالنا نحن نتكلم وأنت ساكت لا تتكلم قال‏:‏ يا بني ان اللهّ عز وجل لما أهبطني إلى الأرض من جواره عهد إليّ فقال‏:‏ يا آدم أقل الكلام حتى ترجع إلى جواري‏.‏

ومن الأحداث ما روي أنه ضرب الدنانير أنبأنا محمد بن عبد الباقي قال‏:‏ أنبأنا أحمد بن علي بن ثابت أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا أبو علي بن الصواف أخبرنا محمد بن خلف وكيع حدثنا المشرف بن سعد أبو زيد الواسطي حدثنا كثير بن هشام حدثنا عيسى بن إبراهيم الهاشمي حدثنا معاوية بن عبد اللهّ قال‏:‏ سمعت كعبًا يقول‏:‏ أول من ضرب الدنانير والدراهم آدم عليه السلام وقال‏:‏ لا تصلح المعيشة إلا بها‏.‏

أخبرنا محمد بن ناصر الحافظ أخبرنا جعفر بن أحمد السرج أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب حدثنا أبي حدثنا أحمد بن مروان حدثنا عبد المنعم عن أبيه عن وهب بن منبه قال‏:‏ لما ضربت الدراهم والدنانير حملهما ابليس فقبلهما وقال‏:‏ سلاحي وقَرّة عينىِ وثمرة قلبي بكما أغري وبكما أطغي وبكما أكفر ابن آدم وبكما تستوجب النار ابن آدم‏.‏

ومن الأحداث قتل قابيل أخاه هابيل اختلفوا في السبب الذي قتله لأجله‏:‏ فروى السدي عن أشياخه قال‏:‏ كان لا يولد لآدم مولود إلا ومعه جارية وكان يزوج غلام هذا البطن جارية هذا البطن الآخر وجارية هذا البطن غلام هذا البطن الآخر‏.‏

حتى ولد له قابيل وهابيل وكان قابيل صاحب زرْع وهابيل صاحب ضَرْع وكان قابيل الأكبر وكانت له أخت أحسن من أخت هابيل وطلب هابيل أن ينكح أخت قابيل فأبى عليه وقال‏:‏ هي أحسن من أختك وأنا أحق أن أتزوجها فأمره آدم أن يزوجه إياها فأبى‏.‏

فقربا قربانًا وكان آدم قد ذهب إلى مكة فقالَ آدم للسّماء‏:‏ احفظي ولدي بالأمانة فأبت وقال للأرض فأبت وقال للجبال فأبت فقال لقابيل فقال‏:‏ نعم ترجع فتجد أهلك كما فلما انطلق آدم قربا قربانًا قرب هابيل جَذعَة سمينة وقرب قابيل حزمة سنبل فنزلت فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل فغضب وقال‏:‏ لأقتلنك حتى لا تنكح أختي فطلبه ليقتله فذهب إلى رؤوس الجبال فأتاه يومًا وهو نائم في الجبل فرفع صخرة فشدخ بها رأسه فمات وتركه بالعراء لا يدري كيف يًدْفن إلى أن بعث الله غرابين فاقتتلا فقتل أحدهما الآخر ثم حفر له ثم حثا عليه فقال حينئذ‏:‏ أعَجَزْتُ أنْ أكُونَ مِثْلَ هَذَا الغُرَاب‏.‏

أخبرنا محمد بن عبد الباقي البزار أخبرنا أبو محمد الجوهري أخبرنا أبو عمر بن حيوية أخبرنا أحمد بن معروف أخبرنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا محمد بن سعد حدثنا موسى بن اسماعيل التبوذكي حدثنا حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‏:‏ كان لآدم أربعة أولاد توءم ذكر وانثى من بطن وذكر وانثى من بطن فكانت أختَ صاحب الحرث وضيئة وكانت أخت صاحب الغنم قبيحة فقال صاحب الحرث‏:‏ أنا احق بها وقال صاحب الغنم‏:‏ ويحك أتريد أن تستأثر بوضاءتها علي تعال حتى نقرب قربانًا فإن تقبل قربانك كنت أحق بها وإن تقبل قرباني كنت أَحق بها‏.‏

قال‏:‏ فقربا قربانيهما فجاء صاحب الغنم بكبش أعن أقرن أبيض وجاء صاحب الحرث بصبرة من طعامه فقبل الكبش فجعله الله في الجنة أربعين خريفًا وهو الكبش الذي ذبحه إبراهيم فقال قال موسى‏:‏ وحدثنا حماد عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال‏:‏ كان آدم يزوج ذكر هذا البطن بانثى هذا البطن وانثى هذا البطن بذكر هذا البطن‏.‏

وقد ذكر ابن اسحاق عن بعض أهل الكتاب‏:‏ أن قابيل كان يفتخر على هابيل ويقول‏:‏ أنا وأختي من ولادة الجنة فامتنع من تزويجه فقتله بعد هذا‏.‏

وروى العوفي عن ابن عباس‏:‏ أنهما قربا قربانًا تطوعًا لأجل المرأة فلم يتقبل قربان قابيل فغضب وقتل أخاه وقال‏:‏ لا ينظر الناس إليّ وإليك وأنت خير مني‏.‏

وقد روينا عن الحسن ان ابني آدم هذين من بني إسرائيل ولم يكونا من صلب آدم وان أول من مات آدم‏.‏

وفي هذا بعد فإنا قد ذكرنا أن حواء لم يكن لها ولد فسمت ولدها عبد الحارث ويقال ان أول من مات آدم‏.‏

أخبرنا هبة الله بن محمد أخبرنا الحسن بن علي أخبرنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد قال‏:‏ حدثني أبي حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن عبد اللّه بن مرة عن مسروق عن عبد اللّه قال‏:‏ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ لا تقتل نفس ظلمًا إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ‏"‏ لأنه كان أول من سن القتل‏.‏

أخرجاه في الصحيحين‏.‏

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت أخبرنا الأزهري أخبرنا علي بن عمر الحافظ‏.‏

حدثنا اسماعيل بن العباس الوراق حدثنا أبو البختري عبد اللّه محمد بن شاكر قال‏:‏ حدثني أحمد بن محمد المخرمي عن عبد العزيزبن الرياح عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس قال‏:‏ لما قتل ابن آدم أخاه قال آدم عليه السلام‏:‏

تَغَّيرَتِ البِلاد ُوَمَنْ عَلَيْهَا ** فَوَجْهُ الأرْض مُغْبرٌّ قَبيحُ

تَغَيَّركُلُّ ذِي طَعْم وَلَوْنٍ ** وَقلَّ بَشَاشَةُ الوجه الصبيح

قتل قابيل هابيلا أخاه ** فواحزنًا مضى الوجه المليح

فأجابه إبليس لعنه الله‏:‏

تنحَ عن البلاد وساكنيها بنى ** في الخلد ضاق لك الفسيح

وكنت بها وزوجك في رخاء ** وقلبك من أذى الدنيا مريح

فما انفكت مكايدتي ومكري ** إلى أن فاتك الثمن الربيح

فلولا رحمة الجبّار أضحى ** بكفِّك من جنان الخلد ريح

ومن الأحداث إن قابيل بعد أن قتل أخاه هرب إلى اليمن وشاع في أولاده الزنا وشرب الخمر والفساد فأوصى آدم أن لا ينكح بنو شيث بني قابيل فجعل بنو شيث آدم في مغارة وجعلوا عليه حافظًا لا يقربه أحد من بني قابيل‏.‏

وكان الذين يأتونه ويستغفر لهم بنو شيث فقال مائة من بني شيث صباح‏:‏ لونظرنا ما فعل عمنا‏.‏

يعنون بني قابيل فهبطت المائة إلى نساء من بني قابيل فاحتبسوهن ثم قال مائة أخرى‏:‏ لونظرنا ما فعل اخوتنا فهبطوا فاحتبسهم النساء ثم هبط بنوشيث كلهم فجاءت المعصية فكثر بنوقابيل حتى ملاؤا الأرض والذين غرقوا أيام نوح‏.‏

أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز أخبرنا عبد الصمد بن علي بن المأمون أخبرنا عبد الله بن محمد بن حنانه حدثنا البغوي حدثنا أبو نصر التمار حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي عثمان عن ابن مسعود وابن عباس قالا‏:‏ لما كثر بنوآدم دعت عليهم السماء والأرض والجبال والملائكة‏:‏ ربنا أهلكهم فأوحى اللّه تعالى إلى الملائكة‏:‏ إني لو أنزلت الشيطان والشهوة فيكم منزلتهما من بني آدم لفعلتم كما يفعلون فحدثوا أنفسهم بانهم إن ابتلوا سيعتصمون فأوحى الله إليهم أن اختاروا من أفضلكم ملكين فاختاروا هاروت وماروت فاهبطا إلى الأرض حكمين وهبطت الزهرة في صورة امرأة‏.‏

وأهل فارس يسمونه بيدخت وكان الملائكة قبل ذلك يستغفرون للذين آمنوا فلما وقعا أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن المذهب أخبرنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد حدثني أبي حدثنا يحيى بن آبي بكير حدثنا زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن نافع عن ابن عمر أنه سمع النبىِ صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏"‏ إن آدم لما أهبطه الله تعالى إلى الأرض قالت الملائكة‏:‏ أتجعل فيها من يفسد فيها نحن أطوع لك من بني آدم فقال تعالى للملائكة‏:‏ هلموا ملكين من الملائكة حتى نهبطهما إلى الأرض ننظر كيف يعملان قالوا‏:‏ هاروت وماروت‏.‏

وأهبطا إلى الأرض ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن النساء فجاءتهما فسألاها نفسها فقالت‏:‏ لا واللهّ حتى تتكلما بهذه الكلمة من الشرك فقالا‏:‏ والله لا نشرك باللهّ شيئًا فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي فسألاها نفسها فقالت‏:‏ لا والله حتى تقتلا هذا الصبي فقالا‏:‏ لا والله لا نقتله أبدًا ثم رجعت بقدح خمر أتحمله فسألاها نفسها فقالت‏:‏ لا واللّه حتى تشربا هذه الخمر فشربا فسكرا فوقعا عليها وقتلا الصبي فلما أفاقا قالت المرأة‏:‏ والله ما تركتما شيئًا مما أبيتما علي إلا قد فعلتما حين سكرتما فخيرا بين عذاب الدنيا والآخرة فاختارا عذاب الدنيا وقيل ان ذلك بعد رفع إدريس‏.‏

ومن الأحداث نزول الموت بآدم عليه السلام‏:‏ قد روينا أن ملك الموت جاء ليقبض آدم وقد مضى من عمره ألف سنة سوى أربعين وهبها لابنه داود فقال‏:‏ قد بقي لي أربعون سنة فقيل له‏:‏ إنك وهبتها لداود قال‏:‏ ما فعلت‏.‏

وأن اللّه تعالى أتم له ألف سنة‏.‏

وقال محمد بن إسحاق‏:‏ لما حضرت آدم الوفاة دعا ابنه شيثًا فعهد إليه عهده وعلِّمه ساعات الليل والنهار وعلّمه عبادة الحق في كل ساعة منهن وكتب وصيته‏.‏

وكان شيث وصي آدم‏.‏

قال أبو جعفر الطبري‏:‏ ان آدم مرض أحد عشر يومًا ودفع إلى شيث كتاب وصيته وأمره أن يخفيه من قابيل فاستخفى شيث وولده بما عندهم من العلم ولم يكن عند قابيل وولده علم ينتفعون به‏.‏

أخبرنا ابن الحصين أخبرنا ابن المذهب أخبرنا أحمد بن جعفر حدثنا عبد الله بن أحمد قال‏:‏ حدثنا هدبة بن خالد حدثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن قال‏:‏ رأيت شيخًا بالمدينة يتكلم فسألت عنه فقالوا هذا أبي بن كعب فقال‏:‏ ان آدم عليه السلام لما حضره الموت قال لبنيه‏:‏ أي بني إني أشتهي من ثمار الجنة فذهبوا يطلبون له منها فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوط ومعهم الفؤوس والمساحي والمكاتل فقالوا لهم‏:‏ يا بني آدم ما تريدون‏.‏

قالوا‏:‏ أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة قالوا لهم‏:‏ ارجعوا قد قَضى أبوكم‏.‏

فجاءوا فلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم فقال‏:‏ إليك عني إنما أتيت من قبلك خلي بيني وبين ملائكة ربي تبارك وتعالى فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه وحفروا له وألحدوا له وصلوا عليه ثم دخلوا قبره فوضعوه في قبره ووضعوا عليه اللبن ثم خرجوا من القبر ثم حثوا عليه ثم قالوا‏:‏ يا بني آدم هذه سنتكم‏.‏

أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد أخبرنا محمد بن عبد الملك حدثنا الدارقطني حدثنا البغوي حدثنا الفضل بن الصباح حدثنا أبو عبيده الحداد عن عثمان بن سعد عن الحسن عن أبي بن كعب أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال‏:‏ ‏"‏ إن الملائكة صلت على آدم وكبرت عليه أربعًا وقالوا‏:‏ هذه سنتكم يا بني آدم ‏"‏‏.‏

قال الدارقطني‏:‏ وحدثنا محمد بن مخلد حدثنا أحمد بن محمد بن سليمان العلاف حدثنا صباح بن مروان حدثنا عبد الرحمن بن مالك بن مغول عن عبد الله بن مسلم بن هرمز عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال‏:‏ صلى جبريل على آدم كبر عليه أربعًا وصلى جبريل بالملائكة يومئذ ودفن في مسجد الخيف واحد من قبل القبلة ولحد له وكتم قبره‏.‏

وقال عروة بن الزبير‏:‏ أتاه جبريل بثياب من الجنة وحنوط من حنوطها فكفنه وحنطه وحملته الملائكة حتى وضعته بباب الكعبة وصلى عليه جبريل ثم حملته الملائكة حتى دفنته في مسجد وقال ابن اسحاق‏:‏ قبر عند منى أول قرية كانت في الأرض قال‏:‏ وبلغني أنه مات بمكة وقال قوم‏:‏ قبرفي غارأبي قبيس‏.‏

وروى أبو صالح عن ابن عباس قال‏:‏ مات آدم على نود الجبل الذي أهبط عليه فقال شيث لجبريل‏:‏ صلّ على آدم فقال‏:‏ تقدم أنت وكبر عليه ثلاثين تكبيرة‏.‏

ولما ركب نوح حمل معه آدم فلما خرجِ من السفينة دفن آدم ببيت المقدس ولم يمت آدم حتى بلغ ولده وولد ولده أربعين ألفاَ ورأى فيهم الزنا وشرب الخمر والفساد‏.‏

وقد ذكرنا أنه توفي يوم الجمعة‏.‏