فصل: ولاية عبيد الله بن المهدي الأولى على مصر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


 ولاية عبيد الله بن المهدي الأولى على مصر

هو عبيد الله ابن الخليفة محمد المهدي ابن الخليفة أبي جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس العباسي الهاشمي أمير مصر ولي مصر بعد عزل عبد الملك بن صالح عنها ولاه الرشيد وجمع له صلاة مصر وخراجها وهو أخو الرشيد لأبيه محمد المهدي ولما ولي عبيد الله مصر استخلف عليها داود بن حبيش وأرسله أمامه فقدم داود مصر لسبع خلون من جمادى الآخرة ثم قدمها عبيد الله المذكور بعده في يوم الثلاثاء لأربع خلون من شعبان سنة تسع وسبعين ومائة و قال صاحب ‏"‏ البغية ‏"‏‏.‏

وقال غيره‏:‏ قدمها عبيد الله في يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم سنة تسع وسبعين ومائة‏.‏

وجعل على شرطته معاوية بن صرد ثم عمار بن مسلم فأقام عبيد الله على إمرة مصر مئة وخرج منها إلى جهة الإسكندرية لما بلغه أن الفرنج قدموا الإسكندرية بعد انهزامهم من الحكم بن هشام على ما نذكره في آخر هذه الترجمة واستخلف على مصر عبد الله بن المسيب المقدم ذكره فغاب عبيد الله مدة ثم عاد إليها ودام على إمرة مصر إلى أن صرفه أخوه الرشيد عنها في شهر رمضان من ‏"‏ هذه ‏"‏ السنة‏.‏

وخرج منها لليلتين خلتا من شوال فكانت ولايته هذه المرة تسعة أشهر إلا أيامًا قليلة وولي عوضه الأمير موسى بن عيسى العباسي الهاشمي‏.‏

وقال صاحب ‏"‏ البغية ‏"‏‏:‏ صرف عنها لثلاث خلون من شهر رمضان سنة إحدى وثمانين ومائة فوافق في الشهر وخالف في السنة‏.‏

وأما ما وعدنا بذكره من انهزام الفرنج من الحكم بن هشام صاحب الأندلس الأموي فإنه ندب عبد الكريم ‏"‏ بن عبد الواحد ‏"‏ بن مغيث إلى بلاد الفرنج وصحبته العساكر فدخل بلاد الفرنج وبث سراياه في بلادهم يحرقون وينهبون ويأسرون وسير سرية فجازوا خليجًا من البحر كان الماء قد جزر عنه وكان الفرنج قد جعلوا أموالهم وأهاليهم وراء ذلك الخليج ظنًا منهم أن أحدًا لا يقدر أن يعبره فجاءهم ما لم يكن في حسابهم فغنم المسلمون منهم جميع ما لهم وأسروا الرجال وقتلوا منهم فأكثروا وسبوا الحريم وعادوا سالمين إلى عبد الكريم المذكور فسير عبد الكريم طائفة أخرى فخربوا كثيرا من بلاد فرنسية وغنموا أموال أهلها وأسروا الرجال فأخبره بعض الأسرى أن جماعة من ملوك الفرنج قد سبقوا المسلمين إلى واد وعر المسلك على طريقهم فجمع عبد الكريم عساكره وسار على التعبئة وأجد السير فلم يشعر الكفار إلا وقد خالطهم المسلمون ووضعوا السيف فيهم فانهزموا وغنم ما معهم وعاد عبد الكريم سالما هو ومن معه فلما وقع للفرنج ذلك أردوا أن يهجموا على ثغر الإسكندرية وغيرها لينالوا من المسلمين بعض الغرض وركبوا البحر لقطع الطريق فخرج عبيد الله بعساكره إلى ثغر الإسكندرية فلم يقدر أحد من الفرنج على التوجه إلى جهتها وعادوا بالذلة والخزى‏.‏

السنة التي حكم فيها عبيد الله بن المهدي على مصر وهي سنة تسع وسبعين ومائة‏.‏

فيها ولى الرشيد إمرة خراسان لمنصور بن يزيد بن منصور الحميري‏.‏

وفيها رجع الوليد بن طريف الشاري بجموعه من ناحية أرمينية إلى الجزيرة وقد عظم أمره وكثرت جيوشه فسار لحربه يزيد بن مزيد الشيباني من قبل الرشيد فراوغه يزيد مئة ثم التقاه على غرة بقرب هيت وقاتله حتى ظفر به وقتله وبعث برأسه إلى الرشيد فرثته أخته الفارعة بنت طريف بقصيدتها التي سارت بها الركبان التي أولها‏:‏ ‏"‏ الطويل ‏"‏ أيا شجر الخابور ما لك مورقا كأنك لم تجزع على ابن طريف فتى لا يحب الزاد إلا من التقى ولا المال إلا من قنا وسيوف حليف الندى ما عاش يرضى به الندى فإن مات لم يرض الندى بحليف ومنها‏:‏ فإن يك أرداه يزيد بن مزيد فرب زحوف لفها بزحوف عليه سلام الله وقفًا فإنني أرى الموت وقاعًا بكل شريف وفيها اعتمر الرشيد في رمضان ودام على إحرامه إلى أن حج ومشى من بيوت مكة إلى عرفات‏.‏

وفيها في شهر ربيع الأول وصل هرثمة بن أعين أميرًا على القيروان والمغرب فأمن الناس وسكنوا وأحسن سياستهم وبنى القصر الكبير في سنة ثمانين ومائة وبنى سور طرابلس الغرب ثم إنه رأى اختلاف الأهواء فطلب من الرشيد أن يعفيه وألح في ذلك حتى أعفاه‏.‏

وفيها توفي الإمام مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر بن عمرو بن الحارث بن غيمان بن خثيل بن عمرو بن الحارث شيخ الإسلام وأحد الأعلام وإمام دار الهجرة وصاحب المذهب أبو عبد الله المدني الأصبحي‏.‏

مولده سنة اثنتين وتسعين وقيل سنة ثلاث وتسعين وهي السنة التي مات فيها أنس بن مالك الصحابي وكان الإمام مالك رحمه الله عظيم الجلالة كبير الوقار غزير العلم متشددا في دينه‏.‏

قال الشافعي‏:‏ إذا ذكر العلماء فمالك النجم‏.‏

وقال في رواية أخرى‏:‏ لولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز وما في الأرض كتاب أكثر صوابًا من الموطأ‏.‏

وقال ابن مهدي‏:‏ مالك أفقه من الحكم وحماد‏.‏

وقال ابن وهب عن مالك قال‏:‏ دخلت على أبي جعفر مرارًا وكان لا يدخل عليه أحد من الهاشميين وغيرهم إلا قبل يده فلم أقبل يده قط‏.‏

وعن عيسى بن عمر المدني قال‏:‏ ما رأيت بياضًا قط ولا حمرة أحسن من وجه مالك ولا أشد بياضا من ثوب مالك‏.‏

وقال غير واحد‏:‏ كان مالك رجلًا طوالًا جسيمًا عظيم الهامة أبيض الرأس واللحية أشقر أصلع عظيم اللحية عريضها وكان لا يحفي شاربه ويراه مثله‏.‏

قلت‏:‏ ومناقب الإمام مالك كثيرة وفضله أشهر من أن يذكر‏.‏

وكانت وفاته في صبيحة أربع عشرة خلت من شهر ربيع الأول وقيل في حادي عشر ربيع الأول وقيل في ثالث عشر وأما السنة فمجمع عليها أعني في سنة تسع سبعين ومائة رحمه الله‏.‏

وفيها توفي الهقل بن زياد الدمشقي نزيل بيروت أب وعبد الله كان كاتب الأوزاعي وتلميذه وحامل علمه من بعده‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي حماد بن زيد وخالد بن عبد الله الطحان وعبد الله بن سالم الأشعري الحمصي ومالك بن أنس الإمام وفقيه دمشق هقل بن زياد والوليد بن طريف الخارجي وأبو الأحوص سلام بن سليم‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ذراعًان وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وعشرة أصابع‏.‏

ولاية موسى بن عيسى الثالثة على مصر قلت‏:‏ هذه ولاية موسى بن عيسى الهاشمي العباسي الثالثة على مصر ولاه الرشيد على مصر بعد عزل أخيه عبيد الله بن المهدي على الصلاة فلما ولي موسى من بغداد قدم أمامه ابنه يحيى بن موسى إلى مصر واستخلفه على صلاتها فقدم يحيى بن موسى إلى مصر لثلاث خلون من شهر رمضان سنة تسع وسبعين ومائة ودام بمصر على صلاتها إلى أن قدمها والده موسى بن عيسى في آخر ذي القعدة من سنة تسع وسبعين ومائة المذكورة وسكن العسكر على العادة وأخذ في إصلاح أمور مصر وأصلح بين قيس ويمن من الحوف واستمر على إمرة مصر إلى أن صرفه الرشيد عنها بعبيد الله بن المهدي ثانيًا في جمادى الآخرة سنة ثمانين ومائة فكانت ولاية موسى على مصر في هذه المرة الثالثة نحوا من عشرة أشهر‏.‏

وخرج من مصر وتوجه إلى بغداد وصار من أكابر أمراء الرشيد وجئ بالناس من بغداد في السنة المذكورة‏.‏

وفي سنة اثنتين وثمانين ومائة مات بعد عوده من الحج وله خمس وخمسون سنة‏.‏

وقيل‏:‏ كانت وفاته في سنة تسع وثمانين ومائة‏.‏

ولما حج في سنة اثنتين وثمانين ومائة ندبه الرشيد ليقرأ عهد أولاده بالخلافة في مكة والمدينة لأن الرشيد كان بايع في هذه السنة لابنه عبد الله المأمون بولاية العهد بعد أخيه محمد الأمين وولاه خراسان وما يتصل بها إلى همذان ولقبه بالمأمون وسلمه إلى جعفر بن يحيى‏.‏

وهذا من العجائب لأن الرشيد رأى ما صنع أبوه وجده المنصور بعيسى بن موسى حتى خلع نفسه من ولاية العهد ثم ماصنع به أخوه الهادي ليخلع نفسه من العهد فلو لم يعاجله الموت لخلعه ثم هو بعد ذلك يبايع للمأمون بعد الأمين حتى وقع لهما بعد موته ما فيه عبرة لمن اعتبر‏.‏

قلت‏:‏ وهذا البلاء والتدميغ إلى يومنا هذا فإن كل ملك من الملوك إلى زماننا هذا يخلع ابن الملك الذي قبله ثم يعهد هو لابنه من غير أن يقعد له قاعدة يثبت ملكه بها بل جل قصده العهد ويدع الدنيا بعد ذلك تنقلب ظهرًا لبطن‏.‏

وكان أميرًا جليلًا جوادًا ممدحًا تقدم التعريف بأحواله في ولايته الأولى والثانية على مصر من هذا الكتاب‏.‏

السنة التي حكم فيها موسى بن عيسى العباسي على مصر وهي سنة ثمانين ومائة‏.‏

فيها كانت الزلزلة العظيمة التي سقط منها رأس منارة الإسكندرية‏.‏

وفيها تنقل الخليفة الرشيد من بغداد إلى الموصل ثم إلى الرقة فاستوطنها مدة وعمر بها دار الملك واستخلف على بغداد ابنه الأمين محمد بن زبيدة‏.‏

وفيها حج بالناس موسى بن عيسى العباسي المعزول عن إمرة مصر المقدم ذكره‏.‏

وفيها هدم الرشيد سور الموصل لئلا يغلب عليها الخوارج‏.‏

وفيها ولى الرشيد جعفر بن يحيى بن خالد بن برمك خراسان وسجستان فولى عليهما جعفر محمد بن الحسن بن قحطبة ثم بعد مدة يسيرة عزل الرشيد جعفرًا المذكور وولى عليهما عيسى وفيها خرج خراشة الشيباني متحكمًا بالجزيرة فقتله فسلم بن بكار العقيلي‏.‏

وفيها خرجت المحمرة بجرجان هيجهم على الخروج زنديق يقال له‏:‏ عمرو بن محمد العمري فقتل عمرو المذكور بأمر الرشيد بمدينة مرو‏.‏

وفيها توفي سيبويه إمام النحاة أبو بشر عمرو بن عثمان البصري أصله فارسي وطلب الفقه والحديث ثم مال إلى العربية حتى برع فيها وصار أفضل أهل زمانه وصنف فيها كتابه الكبير الذي لم يصنف مثله وفي سنة وفاة سيبويه أقوال كثيرة وقيل‏:‏ إن مدة عمره كانت اثنتين وثلاثين سنة وقيل‏:‏ بل أزيد من أربعين سنة‏.‏

وفيها توفي عافية بن يزيد بن قيس الكوفي الأزدي كان من أصحاب أبي حنيفة الذين يجالسونه ثم ولي القضاء وكان فقيهًا دينًا صالحًا‏.‏

وفيها توفي المبارك بن سعيد بن مسروق أخو سفيان الثوري وكنيته أب وعبد الرحمن ولد بالكوفة وسكن بغداد وكان ثقة دينًا كف بصره بأخره‏.‏

وفيها توفي هشام بن عبد الرحمن الداخل بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان الأموي الهاشمي أمير الأندلس وليها في سنة ثلاث وسبعين ومائة بعد وفاة أبيه فكانت مدة ملكه بالأندلس سبع سنين وأياما ومات في صغره وله تسع وثلاثون سنة‏.‏

وقد تقدم التعريف به‏:‏ أن عبد الرحمن الداخل دخل المغرب جافلًا من بني العباس وملكه وسمي بالداخل‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي إسماعيل بن جعفر المدني وبشر بن منصور السليمي الواعظ وحفص بن سليمان المقرىء ورابعة العدوية‏.‏

قلت‏:‏ وقد تقدمت وفاتها في قول غير الذهبي‏.‏

قال‏:‏ وصدقة بن خالد الدمشقي بخلف وعبد الوارث بن سعيد التنوري وعبيد الله بن عمرو الرقي والمبارك بن سعيد الثوري وفضيل بن سليمان بخلف ومحمد بن الفضل بن عطية البخاري ومسلم بن خالد الزنجي المكي ومعاوية بن عبد الكريم الضال وصاحب الأندلس هشام بن عبد الرحمن الأموي وأبو المحياة يحيى بن يعلى التيمي ويقال‏:‏ مات فيها سيبويه شيخ النحو‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاثة أذرع وأربعة عشر إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة خمسة عشر ذراعًا وتسعة أصابع‏.‏

M0لية عبيد الله بن المهدي الثانية على مصر تقدم التعريف به في أول ولايته على إمرة مصر‏.‏

ولما عزل الرشيد موسى بن عيسى العباسي أعاد أخاه عبيد الله هذا على إمرة مصر عوضه ثانيًا فأرسل عبيد الله هذا داود بن حبيش خليفة له على صلاة مصر فسار داود حتى وصل إلى مصر لسبع خلون من جمادى الآخرة من سنة ثمانين ومائة فخلفه داود على صلاة مصر إلى أن حضر إليها عبيد الله بن المهدي في يوم رابع شعبان من السنة ‏"‏ فجعل على شرطه معاوية بن صرد ثم عزله فولى عمار بن مسلم ‏"‏ فلم تطل مدته على مصر ووقع له بها أمور حتى صرف عنها لثلاث خلون من شهر رمضان من سنة إحدى وثمانين ومائة فكانت ولاية عبيد الله بن المهدي في هذه المرة الثانية على إمرة مصر سنة واحدة وشهرين تقريبًا‏.‏

وقيل‏:‏ غير ذلك‏.‏

وتوفي سنة أربع وتسعين ومائة ولما عزل عن مصر توجه إلى الرشيد ودام عنده إلى أن خرج معه في سنة اثنتين وتسعين ومائة في مسيره إلى خراسان فسار الرشيد من الرقة إلى بغداد يريد خراسان لحرب رافع بن الليث وكان الرشيد مريضًا واستخلف على الرقة ابنه القاسم وضم إليه خزيمة بن خازم وسار من بغداد إلى النهروان واستخلف على بغداد ابنه الأمين وأمر ابنه المأمون بالمقام ببغداد فقال الفضل بن سهل للمأمون حين أراد الرشيد المسير‏:‏ لست تدري ما يحدث بالرشيد وخراسان ولايتك والأمين مقدم عليك وإن أحسن مايصنع بك أن يخلعك وهو ابن زبيدة وأخواله بنو هاشم وزبيدة وأموالها فاطلب من أبيك الرشيد أن تسير معه فطلب فأجابه الرشيد بعد امتناع‏.‏

فلما سار الرشيد سايره الصباح الطبري فقال له الرشيد‏:‏ يا صباح لا أظنك تراني أبدًا فدعا له الصباح بالبقاء فقال‏:‏ يا صباح ما أظنك تدري ما أجد قال الصباح‏:‏ لا والله فعدل الرشيد عن الطريق واستظل بشجرة وأمر خواصه بالبعد عنه ثم كشف عن بطنه فإذا عليه عصابة حرير فقال‏:‏ هذه علة أكتمها عن الناس ولكل واحد من ولدي علي رقيب فمسرور رقيب المأمون وجبريل بن بختيشوع رقيب الأمين وما منهم أحد إلا وهو يحصي أنفاسي ويستطيل دهري وإن أردت أن تعلم ذلك فالساعة أدعو بدابة فيأتونني بدابة أعجف قطوف لتزيدني علة ثم طلب الرشيد دابة فجاؤوا بها على ما وصف‏.‏

وكان أخوه عبيد الله هذا أشار عليه بعدم السفر فلم يسمع منه وأخذه معه‏.‏

السنة التي حكم فيها عبيد الله بن المهدي في ولايته الثانية على مصر وهي سنة إحدى وثمانين ومائة‏.‏

فيها غزا الرشيد بلاد الروم وافتتح حصن الصفصاف عنوة وسار عبد الملك بن صالح العباسي حتى بلغ أرض الروم وافتتح حصنًا بها‏.‏

وفيها حج بالناس الرشيد‏.‏

وفيها استعفى يحيى بن خالد بن برمك من التحدث في أمور الممالك فأعفاه الرشيد وأخذ الخاتم منه وأذن له في المجاورة بمكة‏.‏

وفيها كتب الرشيد إلى هرثمة بن أعين يعفيه عن إمرة المغرب وأذن له في المجاورة والقدوم عليه واستعمل عوضه على المغرب محمد بن مقاتل العكي رضيع الرشيد وكان أبوه مقاتل أحد من قام بالدعوة العباسية‏.‏

وفيها أمر الرشيد أن يصدر في مكاتباته بعد البسملة بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم وفيها توفي عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي مولاهم التركي ثم المروزي الحافظ فريد الزمان وشيخ الإسلام وأمه خوارزمية‏.‏

مولده سنة ثمان عشرة ومائة‏.‏

وقيل‏:‏ سنة عشر ومائة ورحل سنة إحدى وأربعين ومائة فلقي التابعين وأكثر الترحال في طلب العلم وروى عن جماعة كثيرة وروى عنه خلائق وتفقه بأبي حنيفة‏.‏

وقال أبو إسحاق الفزاري‏:‏ ابن المبارك إمام المسلمين‏.‏

وعن إسماعيل ابن عياش قال‏:‏ ما على وجه الأرض مثل ابن المبارك‏.‏

وقال العباس بن مصعب المروزي‏:‏ جمع ابن المبارك الحديث والفقه والعربية وأيام الناس والشجاعة والسخاء‏.‏

وقال شعيب بن حرب‏:‏ سمعت سفيان الثوري يقول‏:‏ لو جهدت جهدي أن أكون في السنة ثلاثة أيام على ما عليه ابن المبارك لم أقدر‏.‏

وقال الذهبي‏:‏ قال عبد الله بن محمد قاضي نصيبين‏:‏ حدثني محمد بن إبراهيم بن أبي سكينة‏:‏ أملى علي ابن المبارك بطرسوس - وودعته وأنفذها معي يعني الورقة إلى الفضيل بن عياض في سنة سبع وسبعين ومائة - هذه الأبيات‏:‏ ‏"‏ الكامل ‏"‏ من كان يخضب جيده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب أو كان يتعب خيله في باطل فخيولنا يوم الصبيحة تتعب ريح العبير لكم ونحن عبيرنا وهج السنابك والغبار الأطيب ولقد أتانا من مقال نبينا قول صحيح صاعق لا يكذب لا يستوي غبار خيل الله في أنف امرئ ودخان نار تلهب هذا كتاب الله ينطق بيننا ليس الشهيد بميت لا يكذب قال‏:‏ فلقيت الفضيل بكتابه في الحرم فلما قرأه ذرفت عيناه ثم قال‏:‏ صدق أب وعبد الرحمن ونصح‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي إبراهيم بن عطية الثقفي وإسماعيل بن عياش الحمصي وأبوالمليح الحسن بن عمر الرفتي وحفص بن ميسرة الصنعاني والحسن بن قحطبة الأمير وحمزة بن مالك وسهل بن أسلم العدوي وخلف بن خليفة الواسطي بها وعباد بن عباد المهلبي وعبد الله بن المبارك المروزي وروح بن المسيب الكلبي وسهيل بن صبرة العجلي وعبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر وعفان بن سيار قاضي جرجان وعلي بن هاشم بن البريد الكوفي وعيسى ابن الخليفة المنصور وقران بن تمام الأسدي ‏"‏ بضم القاف وتشديد الراء تخمينًا ‏"‏ ومحمد بن حجاج الواسطي ومحمد بن سليمان الأصبهاني الكوفي ومصعب بن ماهان المروزي ومفضل بن فضالة قاضي مصر ويعقوب بن عبد الرحمن القاري وأم عروة بنت جعفر بن الزبير بن العوام‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربعة أذرع وثمانية أصابع‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وثمانية أصابع ونصف‏.‏

ولاية إسماعيل بن صالح على مصر هو إسماعيل بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمي العباسي أمير مصر ولاه الرشيد إمرة مصر على الصلاة في يوم الخميس لسبع خلون من شهر رمضان سنة اثنتين وثمانين ومائة بعد عزل عبيد الله بن المهدي عنها فاستخلف إسماعيل على صلاة مصر عوف بن وهب الخزاعي فصفى المذكور بالناس إلى أن حضر إسماعيل بن صالح إلى مصر لخمس بقين من شهر رمضان المذكور ولما قدم إلى مصر سكن العسكر وجعل على الشرطة سليمان بن الصمة المهلبي مدة ثم صرفه بزيد بن عبد العزيز الغساني وأخذ في إصلاح أمر الديار المصرية وكان شجاعًا فصيحًا عاقلًا أديبًا‏.‏

قال ابن عفير‏:‏ ما رأيت على هذه الأعواد أخطب من إسماعيل بن صالح‏.‏

واستمر إسماعيل بن صالح على إمرة مصر إلى أن صرف عنها لأمر اقتضى ذلك بإسماعيل بن عيسى في جمادى الآخرة سنة ثلاث وثمانين ومائة‏.‏

وقال صاحب ‏"‏ البغية ‏"‏‏:‏ إنه عزل بالليث بن الفضل وأن الليث عزل باسماعيل المذكور وسماه إسماعيل بن علي‏.‏

والأقوى أن إسماعيل هذا عزل باسماعيل الذي سميته وعلى هذا الترتيب ساق غالب من ذكر أمراء مصر‏.‏

وكانت مدته على إمرة مصر ثمانية أشهر وعدة أيام تقارب شهرا‏.‏

السنة التي حكم فيها إسماعيل بن صالح على مصر وهي سنة اثنتين وثمانين ومائة‏.‏

فيها حج بالناس موسى بن عيسى بن موسى العباسي‏.‏

وفيها أخذ الرشيد البيعة بولاية العهد ثانيًا من بعد ولده الأمين محمد لولده الآخر عبد الله المأمون وكان ذلك بالرقة فسيره الرشيد إلى بغداد وفي خدمته عم الرشيد جعفر بن أبي جعفر المنصور وعبد الملك بن صالح وعلي بن عيسى وولى المأمون ممالك خراسان بأسرها وهو يومئذ وفيها توفي عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب أب وعبد الله العمري العدوي كان إمامًا عالمًا عابدًا ناسكًا ورعًا‏.‏

وفيها توفي مروان بن سليمان بن يحيى بن أبي حفصة أبوالسمط - وقيل‏:‏ أبو الهندام - الشاعر المشهور‏.‏

كان أبوحفصة جد أبيه مولى مروان بن الحكم أعتقه يوم الدار لأنه أبلى بلاء حسنا في ذلك اليوم يقال‏:‏ إنه كان يهوديًا فأسلم على يد مروان وقيل غير ذلك‏.‏

ومولد مروان هذا صاحب الترجمة سنة خمس ومائة وكان شاعرًا مجيدًا مدح غالب خلفاء بني أمية وغيرهم وما نال أحد من الشعراء ما ناله مروان لا سيما لما مدح معن بن زائدة الشيباني بقصيدته اللامية يقال‏:‏ إنه أخذ منه عليها مالًا كثيرًا لا يقدر قدره وهي القصيدة التي فضل بها على شعراء زمانه‏.‏

قال ابن خلكان‏:‏ والقصيدة طويلة تناهز الستين بيتًا ولولا خوف الإطالة لذكرتها لكن نأتي ببعض مديحها وهو من أثنائها‏:‏ ‏"‏ الطويل ‏"‏ بنو مطر يوم اللقاء كأنهم أسود لها في بطن خفان أشبل هم يمنعون الجار حتى كأنما لجارهم بين السماكين منزل بهاليل في الإسلام سادوا ولم يكن كأولهم في الجاهلية أول هم القوم إن قالوا أصابوا وان دعوا أجابوا وان أعطوا أطابوا وأجزلوا وفيها توفي هشيم بن بشير بن أبي خازم أبو معاوية الواسطي مولى بني سليم وكان بخاري الأصل كان ثقة كثير الحديث ثبتًا وكان يدلس في الحديث وكان دينًا أقام يصلي الفجر بوضوء صلاة العشاء الآخرة سنين كثيرة وتوفي ببغداد في يوم الأربعاء لعشر بقين من شهر رمضان أو شعبان‏.‏

وفيها توفي شيخ الإسلام قاضي القضاة أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم بن حبيب ‏"‏ بن خنيس ‏"‏ بن سعد بن حبتة بن معاوية‏.‏

وسعد بن حبتة من الصحابة أتى يوم الخندق إلى النبي صلى الله عليه و سلم فدعا له ومسح على رأسا‏.‏

ومولد آيي يوسف بالكوفة سنة ثلاث عشرة ومائة وطلب العلم سنة نيف وثلاثين وسمع من هشام بن عروة وعطاء بن السائب والأعمش وغيرهم‏.‏

وروى عنه ابن سماعة ويحيى بن معين وأحمد بن حنبل وخلق سواهم‏.‏

وكان في ابتداء أمره يطلب الحديث ثم لزم أبا حنيفة وتفقه به حتى صار المقدم في تلامذته‏.‏

وبرع في عدة علوم‏.‏

قال الذهبي‏:‏ وكان عالمًا بالفقه والأحاديث والتفسير والسير وأيام العرب وهو أول من دعي في الإسلام بقاضي القضاة‏.‏

قلت‏:‏ ولم يقع هذا الاسم على غيره كما وقع له فيه فإنه كان قاضي المشرق والمغرب فهو قاضي القضاة على الحقيقة‏.‏

قال محمد بن الحسن‏:‏ مرض أبو يوسف فعاده أبو حنيفة ففما خرج قال‏:‏ إن يفت هذا الفتى فهو أعلم من عليها ‏"‏ وأومأ إلى الأرض ‏"‏‏.‏

وقال ابن معين‏:‏ ما رأيت في أصحاب الرأي أثبت في الحديث ولا أحفظ ولا أصح رواية من أبي يوسف‏.‏

وروى أحمد بن عطية عن محمد بن سماعة قال‏:‏ كان أبو يوسف بعدما ولي القضاء يصلي كل يوم مائتي ركعة‏.‏

وقال محمد بن سماعة المذكور‏:‏ سمعت أبا يوسف يقول في اليوم الذي مات فيه‏:‏ اللهم إنك تعلم أني لم أجر في حكم حكمت به متعمدا وقد اجتهدت في الحكم بما وافق كتابك وسنة نبيك‏.‏

وكان أبو يوسف عظيم الرتبة عند هارون الرشيد‏.‏

قال أبو يوسف‏:‏ دخلت على الرشيد وفي يده درتان يقلبهما فقال‏:‏ هل رأيت أحسن منهما‏.‏

قلت‏:‏ نعم يا أمير المؤمنين قال‏:‏ وما هو‏.‏

قلت‏:‏ الوعاء الذي هما فيه فرمى إلي بهما وقال‏:‏ شأنك بهما‏.‏

وكانت وفاته في يوم الخميس لخمس خلون من شهر ربيع الأول وقيل‏:‏ في ربيع الآخر‏.‏

وفي يوم موته قال عباد بن العوام‏:‏ ينبغي لأهل الإسلام أن يعزي بعضهم بعضًا بأبي يوسف‏.‏

وفيها توفي يزيد بن زريع أبو معاوية العيشي البصري كان ثقة كثير الحديث عالمًا فاضلًا صدوقًا وكان أبوه والي البصرة فمات فلم يأخذ من ميراثه شيئًا وكان يتقوت من سف الخوص بيده رحمه الله تعالى‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ذراعًان وتسعة عشرة إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا سواء‏.‏

ولاية إسماعيل بن عيسى على مصر هو إسماعيل بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن علي بن العباس العباسي الهاشمي أمير مصر‏.‏

ولاه الرشيد على إمرة مصر بعد عزل إسماعيل بن صالح العباسي عنها على الصلاة فقدم مصر لأربع عشرة بقيت من جماد الآخرة سنة ثلاث وثمانين ومائة‏.‏

ولما دخل مصر سكن العسكر على عادة أمراء مصر ودام على إمرتها إلى أن صرفه الرشيد عنها بالليث بن الفضل في شهر رمضان سنة ثلاث وثمانين ومائة فكانت ولايته على مصر ثلاثة أشهر تنقص أيامًا‏.‏

وتوجه إلى الرشيد فأكرمه ودام عنده إلى أن حج معه في سنة ست وثمانين ومائة تلك الحجة التي لم يحجها خليفة قبله‏.‏

وخبرها أن الرشيد سار إلى مكة بأولاده وأكابر أقاربه مثل إسماعيل هذا وغيره وكان مسير الرشيد من الأنبار فبدأ بالمدينة فأعطي فيها ثلاثة أعطية‏:‏ أعطى هو عطاء وابنه محمد الأمين عطاء وابنه عبد الله عطاء وسار إلى مكة فأعطى أهلها فبلغ عطاؤهم بمكة والمدينة ألف ألف دينار وخمسين ألف دينار‏.‏

وكان الرشيد قد ولى الأمين العراق والشأم إلى آخر المغرب وولى المأمون من همذان إلى آخر المشرق ثم بايع الرشيد لابنه القاسم بولاية العهد بعد المأمون ولقبه المؤتمن وولاه الجزيرة والثغور والعواصم وكان المؤتمن في حجر عبد الملك بن صالح وجعل خلعه وإثباته للمأمون ولما وصل الرشيد إلى مكة ومعه أولاده وأقاربه والقضاة والفقهاء والقواد كتب كتابًا أشهد فيه على محمد الأمين من حضر بالوفاء للمأمون وكتب كتابًا أشهد عليه فيه بالوفاء للأمين وعلق الكتابين في الكعبة وجدد عليهما العهود في الكعبة‏.‏

ولما فعل الرشيد ذلك قال الناس‏:‏ قد ألقى بينهم حربًا وخافوا عاقبة ذلك فكان ما خافوه‏.‏

ثم إن الرشيد في سنة تسع وثمانين ومائة قدم بغداد وأشهد على نفسه من عنده من القضاة والفقهاء أن جميع ما في عسكره من الأموال والخزائن والسلاح وغير ذلك للمأمون وجدد له البيعة عليهم بعد الأمين‏.‏

ثم بعد عود الرشيد وجه إسماعيل هذا إلى الغزو فعاد ودام عنده إلى أن وقع ما سنذكره‏.‏

السنة التي حكم فيها إسماعيل بن عيسى على مصر وهي سنة ثلاث وثمانين ومائة‏.‏

وفيها تمرد متولي الغرب محمد بن مقاتل العكي وظلم وعسف واقتطع من أرزاق الأجناد وآذى العامة فخرج عليه تمام بن تميم التميمي نائبه على تونس فزحف إليه وبرز لملتقاه العكي ووقع المصاف فانهزم العكي وتحضن بالقيروان في القصر وغلب تمام على البلد ثم نزل العكي بأمان وانسحب إلى طرابلس فنهض لنصرته إبراهيم بن الأغلب فتقهقر تمام إلى تونس ودخل ابن الأغلب القيروان فصلى بالناس وخطب وحض على الطاعة ثم التقى ابن الأغلب وتمام فانهزم تمام واشتد بغض الناس للعكي وكاتبوا الرشيد فيه فعزله واقر عليهم إبراهيم بن الأغلب‏.‏

وفيها توفي البهلول المجنون واسم أبيه عمرو وكنيته أبو وهيب الصيرفي الكوفي تشوش عقله فكان يصحو في وقت ويختلط في آخر وهو معدود من عقلاء المجانين كان له كلام حسن وحكايات ظريفة‏.‏

قال الذهبي‏:‏ وقد حدث عن عمرو بن دينار وعاصم بن بهدلة وأيمن بن نابل وما تعرضوا إليه بجرح ولا تعديل ولا كتب عنه الطلبة وكان حيًا في عودة الرشيد كلها‏.‏

وقيل‏:‏ إن الرشيد مر به فقام إليه البهلول وناداه ووعظه فأمر له الرشيد بمال فقال‏:‏ ما كنت لأسود وجه الوعظ فلم يقبل‏.‏

وأما حكاياته فكثيرة وفي وفاته اختلاف كثير والصحيح أنه مات في هذا العصر‏.‏

وفيها توفي زياد بن عبد الله بن الطفيل الحافظ أبو محمد البكائي العامري الكوفي صاحب وفيها توفي علي بن الفضيل بن عياض مات شابًا لم يبلغ عشرين سنة في حياة والده فضيل وكان شابًا عابدًا زاهدًا ورعًا وكان يصلي حتى يزحف إلى فراشه زحفًا فيلتفت إلى أبيه فيقول‏:‏ يا أبت سبقنا العابدون‏.‏

وفيها توفي محمد بن صبيح أبو العباس المذكر الواعظ كان يعرف بابن السماك كان له مقام عظيم عند الخلفاء وعظ الرشيد مرة فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين إن لك بين يدي الله تعالى مقامًا وإن لك من مقامك منصرفًا فانظر إلى أين منصرفك إلى الجنة أو إلى النار‏!‏ فبكى الرشيد حتى قال بعض خواصه‏:‏ ارفق بأمير المؤمنين فقال‏:‏ دعه فليمت حتى يقال خليفة الله مات من مخافة الله تعالى‏!‏ قال الذهبي‏:‏ قال ثعلب‏:‏ أخبرنا ابن الأعرابي قال‏:‏ كان ابن السماك يتمثل بهذه الأبيات‏:‏ ‏"‏ المنسرح ‏"‏ إذا خلا في القبور ذو خطر فزره يومًا وانظر إلى خطره أبرزه الدهر من مساكنه ومن مقاصيره ومن حجره ومن كلام ابن السماك أيضًا قال‏:‏ ‏"‏ الدنيا كلها قليل والذي بقي منها في جنب الماضي قليل والذي لك من الباقي قليل ولم يبق من قليلك إلا القليل ‏"‏‏.‏

وفيها توفي الإمام موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن السيد الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين - كان موسى المذكور يدعى بالعبد الصالح لعبادته وبالكاظم لعلمه‏.‏

ولد بالمدينة سنة ثمان أو تسع وعشرين ومائة وكان سيدًا عالمًا فاضلًا سنيًا جوادًا ممدحًا مجاب الدعوة‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي إبراهيم بن سعد وإبراهيم بن الزبرقان الكوفي وأبو إسماعيل المؤدب إبراهيم بن سليمان وإبراهيم ابن سلمة المصري وأنيس بن سوار الجرمي وبكار بن بلال الدمشقي وبهلول ابن راشد الفقيه وجابر بن نوح الحمامي وحاتم بن وردان - في قول - وحيوة بن معن التجيبي وخالد بن يزيد الهدادي وحبيش بن عامر - يروى عن أبي قبيل المعافري - وداود بن مهران الربعي الحراني وزياد بن عبد الله البكائي وسفيان بن حبيب البصري وسليمان بن سليم الرفاعي العابد وعباد بن العوام - في قول - وعبد الله بن مراد المراعي وعفيف بن سالم الموصلي وعمرو بن يحيى الهمذاني ومحمد بن السماك الواعظ ومحمد بن أبي عبيدة بن معن وموسى الكاظم بن جعفر وموسى بن عيسى الكوفي القارىء والنعمان بن عبد السلام الأصبهاني ونوح بن قيس البصري وهشيم بن بشير ويحيى بن حمزة قاضي دمشق ويحيى بن زكرياء بن أبي زائدة في قول ويوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة بن الماجشون - قاله الوافدي - ويونس بن حبيب صاحب العربية‏.‏

الماء القديم ذراعان وثمانية عشر إصبعا‏.‏

مبلغ الزيادة أربعة عشر ذراعًا وثلاثة وعشرون إصبعًا‏.‏