فصل: ولاية عبد 1ذ22468الله بن محمد على مصر

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **


 ولاية عبد الله بن محمد على مصر

هو عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الأمير أبو محمد الهاشمي العباسي المعروف بابن زينب ولاه الرشيد إمرة مصر على الصلاة بعد عزل أحمد بن إسماعيل سنة تسع وثمانين ومائة‏.‏

ولما ولي مصر أرسل يستخلف على صلاة مصر لهيعة بن موسى الحضرمي فصلى لهيعة المذكور بالناس إلى أن قدم عبد الله بن محمد المذكور إلى مصر في يوم السبت للنصف من شوال سنة تسع وثمانين ومائة المذكورة وسكن العسكر على عادة أمراء بني العباس ثم جعل على شرطته أحمد بن موسى العذري مدة ثم عزله وولى محمد بن عسامة ‏"‏ بن عمر ‏"‏‏.‏

ولم تطل مدة عبد الله المذكور على إمرة مصر وعزل بالحسين بن جميل لإحدى عشرة بقيت من شعبان سنة تسعين ومائة‏.‏

وخرج عبد الله من مصر واستخلف على صلاتها هاشم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج فكانت مدة ولاية عبد الله هذا على مصر ثمانية أشهر وتسعة عشر يومًا‏.‏

وتوجه إلى الرشيد فأقره الرشيد من جملة قواده وأرسله على جماعة نجدة لعلي بن عيسى لقتال رافع بن الليث بن نصر بن سيار وكان رافع ظهر بما وراء النهر مخالفًا للرشيد بسمرقند‏.‏

وكان سبب خروج رافع أن يحيى بن الأشعث تزوج ابنة لعمه أبي النعمان وكانت ذات يسار ولسان ثم تركها يحيى بن الأشعث بسمرقند وأقام ببغداد واتخذ السراري فلما طال ذلك عليها أرادت التخلص منه وبلغ رافعًا خبرها فطمع فيها وفي مالها فدس إليها من قال لها‏:‏ لا سبيل إلى الخلاص من زوجها إلا أن تشهد عليها قومًا أنها أشركت بالله ثم تتوب فينفسخ نكاحها وتحل للأزواج ففعلت ذلك فتزوجها رافع‏.‏

فبلغ الخبر يحيى بن الأشعث فشكا إلى الرشيد فكتب الرشيد إلى علي بن عيسى يأمره أن يفرق بينهما وأن يعاقب رافعًا ويجلده الحد ويقيده ويطوف به في سمرقند على حمار ‏"‏ حتى يكون عظة لغيره ‏"‏ ففعل به ذلك ولم يحده ‏"‏ وطلقها رافع ‏"‏ وحبس رافع بسمرقند مدة ثم هرب من الحبس فلحق بعلي بن عيسى ببلخ فأراد ضرب عنقه فشفع فيه عيسى بن علي بن عيسى وأمره بالانصراف إلى سمرقند فرجع إليها ووثب بعامل علي بن عيسى عليها وقتله واستولى على سمرقند واستفحل أمره حتى خرجت إليه العساكر وأخذته وقتل بعد أمور‏.‏

ولما عاد عبد الله صاحب الترجمة إلى الرشيد سأله في إمرة مصر ثانيًا فأبى واستمر عند الرشيد إلى أن مات‏.‏

السنة التي حكم فيها عبد الله بن محمد العباسي على مصر وهي سنة تسعين ومائة‏.‏

فيها افتتح الرشيد مدينة هرقلة وبث جيوشه بأرض الروم وكان في مائة ألف فارس وخمسة وثلاثين ألفًا سوى المطوعة وجال الأمير داود بن موسى بن عيسى العباسي في أرض الكفر وكان في سبعين ألفًا وكان فتح هرقلة في شوال وأخربها وسبى أهلها وكان الحصار ثلاثين يومًا‏.‏

وفيها أسلم الفضل بن سهل المجوسي على يد المأمون بن الرشيد‏.‏

وفيها بعث نقفور ملك الروم إلى الرشيد بالخراج والجزية‏.‏

وفيها نقضت أهل قبرس ‏"‏ العهد ‏"‏ فغزاهم ‏"‏ معيوف ‏"‏ بن يحيى وقتل وسبى‏.‏

وفيها افتتح يزيد بن مخلد الصفصاف وملقونية‏.‏

وفيها توفي يحيى بن خالد بن برمك في حبس الرشيد ويحيى هذا هو والد جعفر البرمكي - وقد تقدم ذكر جعفر وقتله في محله من هذا الكتاب -‏.‏

وفيها توفي سعدون المجنون ة كان صاحب محبة وحال صام ستين عامًا حتى خف دماغه فسماه الناس مجنونًا‏.‏

قيل‏:‏ إنه وقف يومًا على حلقة ذي النون ‏"‏ المصري ‏"‏ وهو يعظ الناس فسمع سعدون كلامه فصرخ وقال‏:‏ ‏"‏ الطويل ‏"‏ ولا خير في شكوى إلى غير مشتكى ولابد من شكوى إذا لم يكن صبر الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها مات أسد بن عمرو البجلي الفقيه وإسماعيل بن عبد الله بن قسطنطين مقرىء مكة في قول والحكم بن سنان الباهلي القربي وشجاع بن أبي نصر البلخي المقرىء وعبد الله بن عمر بن غانم قاضي إفريقية وأبو علقمة عبد الله بن محمد الفروي المدني وعبد الحميد بن كعب بن علقمة المصري وعثمان بن عبد الحميد اللاحقي وعبيدة بن حميد الكوفي الحذاء وعطاء بن مسلم الحلبي الخفاف وعمر بن علي المقدمي ومحمد بن بشير المعافري بحلب ومحمد بن يزيد الواسطي ومخلد بن الحسين في رواية ومسلمة بن علي الخشني ويحيى بن أبي زكريا الغساني بواسط ويحيى بن ميمون البغدادي التمار‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع واثنا عشر إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وسبعة أصابع‏.‏

ولاية الحسين بن جميل على مصر هو الحسين بن جميل مولى أبي جعفر المنصور أمير مصر ولاه الرشيد إمرة مصر بعد عزل عبد الله بن محمد العباسي عنها في الصلاة في سنة تسعين ومائة فقدم مصر يوم الخميس لعشر خلون من شهر رمضان من السنة المذكورة وسكن العسكر وجعل على شرطته كاملًا الهنائي ثم معاوية بن صرد ثم جمع له الرشيد بين الصلاة والخراج في يوم الأربعاء لسبع خلون من شهر رجب سنة إحدى وتسعين ومائة‏.‏

ولما ولي الخراج تشدد فيه فخرج عليه أهل الحوف بالشرق من الوجه البحري وامتنعوا من أداء الخراج وخرج عليهم أبو النداء بأيلة في نحو ألف رجل وقطع الطريق وأخاف السبل وتوجه من أيلة إلى مدين وأغار على بعض نواحي قرى الشأم وآنضم إليه من جذام وغيرها جماعة كبيرة وأفسدوا غاية الإفساد وبلغ أبو النداء المذكور من النهب والقتل مبلغًا عظيمًا حتى بلغ الرشيد أمره فجهز إليه جيشًا من بغداد لقتاله‏.‏

ثم بعث الحسين بن جميل هذا من مصر عبد العزيز الجزري في عسكر آخر فالتقى عبد العزيز بأبي النداء المذكور بأيلة وقاتله بمن معه حتى هزمه وظفر به‏.‏

وعندما ظفر عبد العزيز بأبي النداء المذكور وصل جيش الخليفة الرشيد إلى بلبيس في شوال سنة إحدى وتسعين ومائة فلما رأى أهل الحوف مسك كبيرهم ومجيء عسكر الخليفة أذعنوا بالطاعة وأدوا الخراج وحملوا ما كان انكسر عليهم بتمامه وكماله‏.‏

فلما وقع ذلك عاد عسكر الرشيد إلى بغداد‏.‏

وأخذ الحسين هذا في إصلاح أمور مصر‏.‏

فبينما هو في ذلك قدم عليه الخبر بعزله عن إمرة مصر بمالك بن دلهم وذلك في يوم ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين ومائة فكانت ولايته على مصر سنة واحدة وسبعة أشهر وأيامًا‏.‏

السنة التي حكم فيها الحسين بن جميل على مصر وهي سنة إحدى وتسعين ومائة‏.‏

وفيها ولى الرشيد حمويه الخادم ‏"‏ بريد ‏"‏ خراسان‏.‏

وفيها غزا يزيد بن مخلد الروم في عشرة آلاف مقاتل فأخذ الروم عليه المضيق فقتل بقرب طرسوس وقتل معه سبعون رجلًا من المقاتلة ورجع الباقون فولى الرشيد غزو الصائفة هرثمة بن أعين المتقدم ذكره في أمراء مصر في محله وضم إليه الرشيد ثلاثين ألفًا من جند خراسان ووجه معه مسرورًا الخادم وإلى مسرور المذكور النفقات في الجيش المذكور وجميع أمور العسكر خلا الرياسة على الجيش فإن ذلك لهرثمة بن أعين المذكور‏.‏

وفيها نزل الرشيد بالرقة وأمر بهدم الكنائس التي بالثغور‏.‏

ثم عزل علي بن عيسى بن ماهان عن إمرة خراسان بهرثمة بن أعين المذكور‏.‏

وبعد هذه الغزوة لم يكن للمسلمين صائفة إلى سنة خمس عشرة ومائتين‏.‏

وفيها توفي عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي ‏"‏ بفتح السين المهملة ‏"‏ أبو عمرو الكوفي كان محدثًا حافظًا زاهدًا ورعًا‏.‏

قال جعفر البرمكي‏:‏ ما رأينا مثل ابن يونس أرسلنا إليه فأتانا بالرقة وحدث المأمون فاعتل قبل خروجه فقلت‏:‏ يا أبا عمرو قد أمر لك بخمسين ألف درهم فقال‏:‏ لا حاجة لي فيها فقلت‏:‏ هي مائة ألف فقال‏:‏ لا والله لا يتحدث أهل العلم أني أكلت للسنة ثمنًا‏.‏

وفيها توفي مخلد بن الحسين أبو محمد البصري كان من أهل البصرة فتحول إلى المصيصة ورابط بها وكان عالمًا زاهدًا ورعًا حافظًا للسنة لا يتكلم فيما لا يعنيه‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي خالد بن حيان الرقي الخراز وسلمة بن الفضل الأبرش بالري وعبد الرحمن بن القاسم المصري الفقيه وعيسى بن يونس في قول خليفة وابن سعد ومخلد بن الحسين المهلبي بالمصيصة ومطرف بن مازن قاضي صنعاء ومعمر بن سليمان النخعي الزقي‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم ثلاثة أذرع وأربعة عشر إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وسبعة أصابع‏.‏

ولاية مالك بن دلهم على مصر هو مالك بن دلهم بن عيسى بن مالك الكلبي أمير مصر ولاه الرشيد إمرة مصر بعد عزل الحسين بن جميل عنها ولاه على الصلاة والخراج فقدم مصر يوم الخميس لسبع بقين من شهر ربيع الأول سنة اثنتين وتسعين ومائة‏.‏

ولما دخل مالك هذا إلى مصر وافى خروج يحيى بن معاذ أمير جيش الرشيد الذي كان أرسله نجدة للحسين بن جميل على قتال أبي النداء الخارجي‏.‏

وكان يحيى بن معاذ خرج من مصر ثم عاد إليها بعد عزل الحسين بن جميل‏.‏

ولما دخل يحيى المذكور الفسطاط كتب إلى أهل الأحواف أن اقدموا علي حتى أوصي بكم مالك بن دلهم أمير مصر ‏"‏ وأدخل فيما بينكم وبينه في أمر خراجكم ‏"‏ وكان مالك المذكور قد نزل بالعسكر وسكنه على عادة أمراء مصر فدخل رؤساء اليمانية والقيسية من الحوف فأغلق عليهم يحيى الأبواب وقبض عليهم وقيدهم وسار بهم وذلك في نصف شهر رجب من السنة‏.‏

واستمر مالك بن دلهم على إمرة مصر بعد ذلك مدة وجعل على شرطته محمد بن توبة بن آدم الأودي من أهل حمص فاستمر على ذلك إلى أن صرفه الخليفة بالحسن بن البحباح في يوم الأحد لأربع خلون من صفر سنة ثلاث وتسعين ومائة‏.‏

فكانت ولايته على مصر سنة واحدة وخمسة أشهر تنقص أيامًا لدخوله مصر وتزيد أيامًا لولايته ببغداد من الرشيد‏.‏

وكان سبب عزله أن الأمين أرسل إليه في أول خلافته بالدعاء على منابر مصر لابنه موسى واستشاره في خلع أخيه المأمون من ولاية العهد فلم يشر عليه‏.‏

وكان الذي أشار على الأمين بخلع أخيه المأمون الفضل بن الربيع الحاجب وكان المأمون يغض من الفضل فعلم الفضل إن أفضت الخلافة للمأمون وهو حي لم يبق عليه فأخذ في إغراء الأمين بخلع أخيه المأمون والبيعة لابنه موسى بولاية العهد ولم يكن ذلك في عزم الأمين ووافقه على هذا علي بن عيسى بن ماهان والسندي وغيرهما فرجع الأمين إلى قولهم وأحضر عبد الله بن خازم فلم يزل في مناظرته إلى الليل فكان مما قال عبد الله بن خازم‏:‏ أنشدك الله يا أمير المؤمنين أن تكون أول الخلفاء نكث عهد أبيه ونقض ميثاقه‏!‏ ثم جمع الأمين القواد وعرض عليهم خلع المأمون فأبوا ذلك وساعده قوم منهم حتى بلغ إلى خزيمة بن خازم فقال‏:‏ يا أمير المؤمنين لم ينصحك من كذبك ولم يغشك من صدقك لا تجرىء القواد على الخلع فيخلعوك ولا تحملهم على نكث العهد فينكثوا عهدك وبيعتك فإن الغادر مخذول والناكث مغلول‏.‏

فأقبل الأمين على علي بن عيسى بن ماهان وتبسم وقال‏:‏ لكن شيخ هذه الدعوة وناب هذه الدولة لا يخالف على إمامه ولا يوهن طاعته لأنه هو والفضل ابن الربيع حملاه على خلع المأمون‏.‏

ثم انبرم الأمر على أن يكتب للعمال بالدعاء لابنه موسى ثم بعد ذلك بخلع المأمون فكتب بذلك لجميع العمال‏.‏

فلما بلغ ذلك المأمون أسقط اسم الأمين من الطرز وبدت الوحشة بين الأخوين الخليفة الأمين ثم المأمون وانقطعت البرد من بينهما فأخذ الأمين يولي الأمصار من يثق به فعزل مالكًا هذا عن مصر وولى عليها الحسن كما سيأتي ذكره‏.‏

السنة التي حكم فيها مالك وهي سنة اثنتين وتسعين ومائة‏.‏

فيها قدم يحيى بن معاذ على الرشيد ومعه أبو النداء أسيرًا فقتله‏.‏

وفيها قتل الرشيد هيصمًا اليماني وكان قد خرج عليه‏.‏

وفيها تحركت الخرمية ببلاد أذربيجان فسار إلى حربهم عبد الله بن مالك في عشرة آلاف فقتل وسبى وعاد منصورًا‏.‏

وفيها توفي إسماعيل بن جامع بن إسماعيل بن عبد الله بن المطلب بن ‏"‏ أبي ‏"‏ وداعة أبو القاسم المكي كان قد قرأ القرآن وسمع الحديث ثم غلب عليه الغناء حتى فاق فيه أهل زمانه وأخذ عن زلزل المغني وغيره‏.‏

وفيها توفي عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن أبو محمد الأودي مولده سنة خمس عشرة ومائة وقيل‏:‏ سنة عشرين ومائة وتوفي بالكوفة في عشر ذي الحجة‏.‏

وكان ثقة إمامًا زاهدًا ورعًا حجة كثير الحديث صاحب سنة وجماعة كان لايستقضي أحدًا يسمع عليه الحديث حاجة‏.‏

وفيها توفي علي بن ظبيان أبو الحسن العبسي الكوفي كان إمامًا عالمًا جليلًا نبيلًا متواضعًا زاهدًا عارفًا بالفقه على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه تقلد قضاء القضاة عن الرشيد‏.‏

وفيها توفي الفضل بن يحيى بن خالد البرمكي في حبس الرشيد كان قد حبسه الرشيد هو و أباه بعد قتل أخيه جعفر فحبسا إلى أن مات أبوه يحيى ثم مات الفضل هذا بعده وكلاهما في حبس الرشيد‏.‏

وكان الفضل هذا متكبرًا جدًا عسر الخلق إلا أنه كان أجود من أخيه جعفر وأندى راحة ومولده في ذي الحجة سنة سبع وأربعين ومائة وكان أسن من هارون الرشيد بنحو شهر لأن مولد الرشيد في أول يوم من المحرم سنة ثمان وأربعين ومائة فأرضعت الخيزران أم الرشيد الفضل وأرضعت أم الفضل الرشيد أيامًا وأم الفضل هي زبيدة بنت منير بن يزيد من مولدات المدينة‏.‏

ولما مات الفضل حزن الناس عليه وعلى أبيه وأخيه جعفر من قبله وفيه يقول بعضهم‏:‏ ‏"‏ الرمل ‏"‏ يا بني برمك واهًا لكم ولأيامكم المقتبله كانت الدنيا عروسًا بكم وهي اليوم ملول أرمله وفيها توفي القاضي أبو يعقوب يوسف بن القاضي أبي يوسف يعقوب صاحب أبي حنيفة كان ولي القضاء في حياة أبيه وكان إمامًا عالمًا‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم قال‏:‏ وفيها توفي صعصعة بن سلام خطيب قرطبة وعبد الله بن إدريس الأودي ويحيى بن كريب الرعيني المصري ويوسف ابن القاضي أبي يوسف وعرعرة أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربعة أذرع وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وستة عشر إصبعًا‏.‏

ولاية الحسن بن البحباح على مصر هو الحسن بن البحباح أمير مصر وليها بعد عزل مالك بن دلهم عنها في صفر سنة ثلاث وتسعين ومائة‏.‏

ولما ولاه الرشيد على إمرة مصر جمع له بين الصلاة والخراج فأرسل الحسن هذا يستخلف على صلاة مصر العلاء بن عاصم الخولاني حتى قدم مصر يوم الاثنين لثلاث خلون من شهر ربيع الأول من السنة وسكن العسكر وجعل على شرطته محمد بن خالد مدة ثم عزله بصالح بن عبد الكريم ثم عزل صالح المذكور بسليمان بن غالب بن جبريل واستمر الحسن هذا على إمرة مصر إلى أن توفي الخليفة هارون الرشيد في جمادى الآخرة من السنة وولي الخلافة ابنه الأمين محمد بن زبيدة فثار جند مصر على الحسن هذا وقاتلوه فقتل من الفريقين مقتلة عظيمة حتى سكن الأمر وجمع مال الخراج بمصر وأرسله إلى الخليفة فوثب أهل الرملة على أصحاب المال وأخذوا المال منهم‏.‏

و بينما الحسن في ذلك ورد عليه الخبر بعزله عن مصر بحاتم بن هرثمة فخرج من مصر بعد أن استخلف عوف بن وهيب على الصلاة ومحمد بن زياد ‏"‏ بن طبق القيسي ‏"‏ على الخراج وسافر من طريق الحجاز لفساد طريق الشأم‏.‏

وكان خروجه من مصر لثمان بقين من شهر ربيع الأول سنة أربع و تسعين ومائة‏.‏

فكانت ولايته على مصر سنة واحدة وشهرًا وثمانية وعشرين يومًا‏.‏

السنة التي حكم فيها الحسن بن البحباح على مصر وهي سنة ثلاث وتسعين ومائة‏.‏

فيها وافى الرشيد جرجان فأتته بها خزائن علي بن عيسى على ألف وخمسمائة بعير ثم رحل الرشيد منها في صفر وهو عليل إلى طوس فلم يزل بها إلى أن مات في ثالث جمادى الآخرة‏.‏

وفيها كانت وقعة بين هرثمة وأصحاب رافع بن الليث فانتصر هرثمة وأسر أخا رافع وملك بخارا وقدم بأخي رافع إلى الرشيد فسبه ودعا بقصاب وقال‏:‏ فصل أعضاءه ففصله‏.‏

وذكر بعضهم أن جبريل بن بختيشوع الحكيم غلط في مداواة الرشيد في علته التي مات فيها فهم الرشيد بأن يفصله كما فعل بأخي رافع ودعا به فقال جبريل‏:‏ أنظرني إلى غد يا أمير المؤمنين فإنك تصبح في عافية فأنظره فمات الرشيد في ذلك اليوم‏.‏

وفيها قتل نقفور ملك الروم في حرب برجان ‏"‏ وكان له في المملكة تسع سنين وملك بعده ابنه استبراق شهرين وهلك فملك ميخائيل بن جورجس زوج أخته‏.‏

وفيها توفي الخليفة أمير المؤمنين أبو جعفر هارون الرشيد ابن الخليفة محمد المهدي ابن الخليفة أبي جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس العباسي الهاشمي البغدادي‏.‏

وهو الخامس من خلفاء بني العباس وأجلهم وأعظمهم نال في الخلافة ما لم ينله خليفة قبله استخلف بعهد من أبيه المهدي بعد وفاة أخيه موسى الهادي فإن أباه المهدي كان جعله ولي عهده بعد أخيه الهادي فلما مات الهادي حسبما تقدم ذكره ولي الرشيد بالعهد السابق من أبيه وذلك في سنة سبعين ومائة ومولده بالري لما كان أبوه أميرًا عليها في أول يوم من محرم سنة ثمان وأربعين ومائة ومات في ثالث جمادى الآخرة بطوس وصلى عليه ابنه صالح ودفن بطوس وأمه أم ولد تسمى الخيزران وهي أم أخيه الهادي أيضًا‏.‏

قال عبد الرزاق بن همام‏:‏ كنت مع الفضيل بن عياض بمكة فمر هارون الرشيد فقال الفضيل‏:‏ الناس يكرهون هذا وما في الأرض أعز علي منه لو مات لرأيت أمورًا عظامًا‏.‏

وقال الجاحظ‏:‏ اجتمع للرشيد ما لم يجتمع لغيره‏:‏ وزراؤه البرامكة وقاضيه أبو يوسف وشاعره مروان بن أبي حفصة ونديمه العباس بن محمد عم أبيه وحاجبه الفضل بن الربيع أتيه الناس وأعظمهم ومغنيه إبراهيم الموصلي وزوجته زبيدة بنت عمه جعفر‏.‏

وكانت خلافته ثلاثًا وعشرين سنة وشهرين ونصفًا وتولى الخلافة من بعده ابنه محمد الأمين بن زبيدة‏.‏

ومات الرشيد وله خمس وأربعون سنة‏.‏

وفيها توفي صالح بن محمد ‏"‏ بن عمرو ‏"‏ بن حبيب بن حسان الحافظ أبو علي البغدادي مولى أسد بن خزيمة المعروف بجزرة ‏"‏ بجيم وزاي معجمة وراء مهملة ‏"‏ لقب بجزرة لأنه قرأ على بعض مشايخ الشأم‏:‏ ‏"‏ كان لأبي أمامة جزرة يرقي بها المرضى ‏"‏ فصحف خرزة جزرة فسمي بذلك وكان إمامًا عالمًا حافظًا ثقة صدوقًا‏.‏

وفيها توفي غندر واسمه محمد ‏"‏ بن جعفر ‏"‏ أبو عبد الله البصري الحافظ سمع الكثير و روى عنه خلائق وكان فيه سلامة باطن‏.‏

قال ابن معين‏:‏ اشترى غندر سمكًا وقال لأهله‏:‏ أصلحوه فأصلحوه وهو نائم وأكلوا ولطخوا يده وفمه فلما انتبه قال‏:‏ قدموا السمك فقالوا‏:‏ قد كلت فقال‏:‏ لا قالوا‏:‏ فشم يدك ففعل فقال‏:‏ صدقتم ولكني ما شبعت‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي إسماعيل بن علية أبو بشر البصري والعباس بن الأحنف الشاعر المشهور والعباس بن الحسن العلوي والعباس بن الفضل بن الربيع الحاجب وعبد الله بن كليب المراثي بمصر وعون بن عبد الله المسعودي ومحمد بن جعفر البصري ومروان بن معاوية الفزاري نزيل دمشق وأبو بكر بن عياش المقرىء بالكوفة‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع وعشرون إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة ستة عشر ذراعًا وستة عشر اصبعًا‏.‏

M0لية حاتم بن هرثمة على مصر هو حاتم بن هرثمة بن أعين أمير مصر وليها بعد عزل الحسن بن البحباح عنها ولاه الخليفة الأمين محمد على إمرة مصر وجمع له الصلاة والخراج وسار من بغداد حتى قدم بلبيس في عساكره ونزل بها وطلب أهل الأحواف فجاؤوه وصالحوه على خراجهم ثم انتقض ذلك وثاروا عليه واجتمعوا على قتاله وعسكروا فبعث إليهم حاتم المذكور جيشًا فقاتلوهم وكسروهم ثم سار حاتم من بلبيس حتى دخل مصر يوم الأربعاء لأربع خلون من شوال سنة أربع وتسعين ومائة ومعه نحو مائة من الرهائن من أهل الحوف‏.‏

وسكن حاتم العسكر على عادة أمراء مصر وجعل على شرطه ابنه ثم عزله بعلي بن المثنى ثم عزل عليًا أيضًا بعبيد الله الطرسوسي‏.‏

واستمر على إمرة مصر ومهد أمورها وابتنى بها القبة المعروفة بقبة الهراء‏.‏

ودام على ذلك حتى ورد عليه الخبر من الخليفة الأمين محمد بعزله عن إمرة مصر في جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين ومائة‏.‏

وتولى مصر بعده جابر بن الأشعث‏.‏

فكانت ولاية حاتم هذا على إمرة مصر سنة واحدة ونصف سنة تنقص أيامًا‏.‏

السنة الأولى من ولاية حاتم بن هرثمة على مصر وهي سنة أربع وتسعين ومائة‏.‏

فيها أمر الخليفة الأمين بالدعاء لابنه موسى على المنابر بعد ذكر المأمون والقاسم فتنكر كل واحد من الأمين والمأمون لصاحبه وظهر الفساد بينهما وهذا أول الشر والفتنة بين الأخوين‏.‏

ثم أرسل الأمين في أثناء السنة إلى المأمون يسأله أن يقدم ولد الأمين موسى المذكور على نفسه ويذكر له أنه سماه الناطق بالحق فقويت الوحشة بينهما أكثر ووقع أمور يأتي ذكر بعضها‏.‏

ثم عزل الأمين أخاه القاسم عن الثغور والعواصم و ولى عوضه خزيمة بن خازم واستدعى القاسم وفيها ثار أهل حمص بعاملهم إسحاق بن سليمان فنزح إلى سلمية فولى عليهم الأمين عبد الله بن سعيد الحرشي فحبس عدة من وجوههم وقتل عمه وضرب النار في نواحي حمص فسألوه الأمان فأمنهم فسكنوا ثم هاجوا فقتل طائفة وفيها في شهر ربيع الأول بايع الأمين بولاية العهد لابنه موسى ولقبه بالناطق بالحق وجعل وزيره علي بن عيسى بن ماهان‏.‏

وكان المأمون لما بلغه عزل القاسم عن الثغور قطع البريد عن الأمين وأسقط اسمه من الطرز والسكة‏.‏

وفيها وثب الروم على ملكهم ميخائيل فهرب وترهب وكان ملك سنتين فملكوا عليهم ليون القائد‏.‏

وفيها توفي حفص بن غياث بن طلق أبو عمر النخعي الكوفي قاضي بغداد بالوجه الشرقي ولي القضاء مدة طويلة وحسنت سيرته إلى أن مات قاضيًا في ذي الحجة وكان ثقة ثبتًا مأمونًا إلا أنه كان يدلس‏.‏

وفيها توفي أبو نصر الجهني المصاب من أهل المدينة‏.‏

قال محمد بن إسماعيل بن أبي فديك‏:‏ كان يجلس مكان أهل الصفة من مجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا يكلم أحدًا فإذا سئل عن شيء أجاب بجواب حسن ووقع له مع الرشيد أمور ودفع إليه أموالًا فلم يقبلها‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي سالم بن سالم البلخي العابد ضعيف وسويد بن عبد العزيز قاضي بعلبك وشقيق بن إبراهيم البلخي الزاهد وعبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي وعبيد الله بن المهدي محمد بن المنصور وأبو عبد الله محمد بن حرب الخولاني الأبرش ومحمد بن سعيد بن أبان الأموي الكوفي ومحمد بن أبي عدي ويحيى بن سعيد بن أبان الأموي والقاسم بن يزيد الجرمي‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم خمسة أذرع سواء‏.‏

مبلغ الزيادة سبعة عشر ذراعًا وخمسة عشر إصبعًا‏.‏

السنة الثانية من ولاية حاتم بن هرثمة على مصر وهي سنة خمس وتسعين ومائة وهي التي عزل فيها حاتم بن هرثمة المذكور‏.‏

فيها لما تحقق المأمون خلعه من ولاية العهد تسمى بإمام المؤمنين‏.‏

وفيها قال بعض الشعراء فيما جرى من ولاية العهد لموسى بن الأمين وهو طفل وكان ذلك برأي الفضل وبكر بن المعتمر‏:‏ ‏"‏ المتقارب ‏"‏ أضاع الخلافة غش الوزير وفسق الأمير وجهل المشير في أبيات كثيرة‏.‏

وفيها في شهرربيع الآخر عقد الأمين لعلي بن عيسى بن ماهان على بلاد الجبال‏:‏ همذان ونهاوند وقم وأصبهان وأمر له بمائتي ألف دينار وأعطى لجنده مالًا عظيمًا‏.‏

وخرج علي بن عيسى المذكور في نصف جمادى الآخرة من بغداد وأخذ معه قيد فضة ليقيد به المأمون‏.‏

ووقع لعلي هذا مع جيش المأمون أمور يطول شرحها‏.‏

وفيها ظهر السفياني بدمشق وبويع بالخلافة واسمه علي بن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان في ذي الحجة وكنيته أبو الحسن وطرد عامل الأمين عن دمشق وهو سليمان بن أبي جعفر بعد أن حصره السفياني بدمشق مدة ثم أفلت منه‏.‏

وخالد بن يزيد جذ السفياني هذا هو الذي وضع حديث السفياني في الأصل فإنه ليس بحديث غير أن خالدًا لما سمع حديث المهدي من أولاد علي في آخر الزمان أحب أن يكون من بني سفيان من يظهر في آخر الزمان فوضع حديث السفياني فمشى ذلك على بعض العوام‏.‏

انتهى‏.‏

وفيها توفي إسحاق بن يوسف بن محمد أبو محمد الأزرق الواسطي كان من الفقهاء الثقات الصالحين المحدثين أقام عشرين سنة لم يرفع رأسه إلى السماء حياء من الله ومات بواسط‏.‏

وفيها توفي بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير كان من أشراف قريش وكان معظما عند الرشيد ولاه إمرة المدينة فأقام عليها اثنتي عشرة سنة وكان جوادًا ممدحًا نبيلًا‏.‏

الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي بشر بن السري الواعظ بمكة وعبد الرحمن بن محمد المحاربي الكوفي وعبيد الله بن المهدي أمير مصر وقد تقدم ذكره‏.‏

وفيها - في قول - عثام بن علي الكوفي وقيل سنة أربع ومحمد بن الفضيل الضبي الكوفي والوليد بن مسلم في أولها ويحيى بن سليم الطائفي بمكة وأبو معاوية الضرير محمد بن خازم‏.‏

أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربعة أذرع وثمانية عشر إصبعًا‏.‏

مبلغ الزيادة خمسة عشر ذراعًا وإحدى وعشرون إصبعًا ونصف إصبع‏.‏

ولاية جابر بن الأشعث على مصر هو جابر بن الأشعث بن يحيى بن النقي الطائي أمير مصر وليها بعد عزل حاتم بن هرثمة عنها في جمادى الآخرة سنة خمس وتسعين ومائة‏.‏

ولاه الأمين على إمرة مصر وجمع له الصلاة والخراج‏.‏

وقدم مصر يوم الاثنين لخمس بقين من جمادى الآخرة من السنة المذكورة وسكن العسكر على عادة الأمراء واستخلف على صلاة مصر يحيى بن يزيد ‏"‏ بن حماد ‏"‏ المرادي‏.‏

وكان لينًا‏.‏

ولما دخل مصر وأقام بها وقعت الفتنة في العراق بين الأخوين الأمين والمأمون أولاد الرشيد وكانت الوقعة بين جيش الأمين وعسكر المأمون وكان على جيش الأمين علي بن عيسى بن ماهان في عسكر كثيف وكان على عسكر المأمون طاهر بن الحسين وهو في أقل من أربعة آلاف فلما وصل ابن ماهان بعساكره إلى الري أشرف عليه طاهر بن الحسين المذكور وهم يلبسون السلاح وقد امتلأت بهم الصحراء وعليهم السلاح المذهب فقال طاهر بن الحسين‏:‏ هذا ما لا قبل لنا به ولكن نجعلها خارجية ونقصد القلب فهيأ سبعمائة من الخوارزمية‏.‏

قال أحمد بن هشام الأمير‏:‏ فقلنا لطاهر‏:‏ نذكر علي بن عيسى البيعة التي أخذها هو علينا وبيعة الرشيد للمأمون قال‏:‏ نعم فعلقناهما على رمحين وقمت بين الصفين وقلت‏:‏ الأمان ‏"‏ فقال علي بن عيسى‏:‏ ذلك لك ‏"‏ ثم قلت‏:‏ يا علي بن عيسى ألا تتقي الله أليست هذه نسخة البيعة التي أخذتها أنت خاصة اتق الله فقد بلغت باب قبرك‏!‏ قال‏:‏ من أنت قلت‏:‏ أحمد بن هشام فصاح‏:‏ علي يا أهل خراسان من جاء به فله ألف درهم ثم وقع القتال وانهزم علي بن عيسى بن ماهان وأصحابه فتبعهم طاهر بمن معه فرسخين بعد أن تواقعوا اثنتي عشرة مرة وعسكر المأمون ينتصر فيها حتى لحقهم طاهر بن التاجي ومعه رأس علي بن عيسى بن ماهان وأخفوا جميع ما كان في عسكره فأرسل طاهر بن الحسين الرأس إلى المأمون‏.‏

فلما وصل إليه البريد بالرأس سلم عليه بالخلافة وطيف بالرأس في خراسان ومن يومئذ استفحل أمر المأمون وقوي جأشه‏.‏

وجاء الخبر بقتل علي بن عيسى بن ماهان إلى الأمين وهو يتصيد السمك فقال للذي أخبره‏:‏ ويحك‏!‏ دعني فإن كوثرًا قد صاد سمكتين وأنا ما صدت شيئًا بعد فلامه الناس حتى قام من مجلسه‏.‏

ثم جهز لحرب طاهر بن الحسين عبد الرحمن بن جبلة الأنباري أمير الدينور بالعدة والقوة فسار حتى نزل همذان‏.‏

هذا وقد اضطرب ملك الأمين وأرجف ببغداد إرجافًا شديدًا‏.‏

وندم محمد الأمين على خلع أخيه المأمون وطمع الأمراء فيه وشغبوا جندهم بطلب أرزاقهم وازدحموا بالجسر يطلبون الأرزاق والجوائز فقاتلهم حواشي الأمين ثم عجز عنهم فزاد في عطاياهم‏.‏

ولما خرج عسكر الأمين ثانيًا مع عبد الرحمن ووصل إلى همذان التقى مع طاهر وقاتله قتالًا شديدًا ثم تقهقر ودخل مدينة همذان وتفرق عنه أكثر أصحابه فحصره طاهر بهمذان حتى طلب منه عبد الرحمن الأمان ثم غدر عبد الرحمن وقاتل طاهرًا ثانيًا حتى قتل وملك طاهر بن الحسين البلاد ودعا للمأمون وخلع الأمين‏.‏

كل ذلك والأمين ببغداد لم يخرج منها حتى ولما ملك طاهر البلاد واستفحل أمره وبلغ المصريين ذلك وثب السري بن الحكم ومعه جماعة كبيرة من المصرين عصبة للمأمون ودعا السري الناس لخلع الأمين فأجابوه وبايعوا المأمون فقام جابر في أمر الأمين فقاتله السري بن الحكم المذكور حتى هزمه وأخرجه من مصر على أقبح وجه‏.‏

فخرج جابر المذكور من مصر لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ست وتسعين ومائة فكانت ولايته على مصر سنة واحدة تقريبًا‏.‏

وولي مصر بعده أبو نصر عباد بن محمد بن حيان من قبل المأمون‏.‏