فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} مَنْ هُمْ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَمْرِ الرَّجُلَيْنِ اللَّذَيْنِ كَانَا اخْتَصَمَا إلَيْهِ فِي أَشْيَاءَ قَدْ كَانَ تَقَادَمَ أَمْرُهَا وَذَهَبَ مَنْ يَعْرِفُهَا أَنْ يَقْسِمَاهَا بَيْنَهُمَا وَأَنْ يُحْلِلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ صَاحِبَهُ

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ اخْتَصَمَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلاَنِ فِي أَرْضٍ قَدْ هَلَكَ أَهْلُهَا وَذَهَبَ مَنْ يَعْلَمُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ‏,‏ وَلَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فِيهِ شَيْءٌ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ فَمَنْ أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنْ مَالِ أَخِيهِ ظُلْمًا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إسْطَامٌ مِنْ نَارٍ فِي وَجْهِهِ فَبَكَى الرَّجُلاَنِ وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَا رَسُولَ اللهِ حَقِّي لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَوَخَّيَا‏,‏ ثُمَّ اسْتَهِمَا ثُمَّ لِيُحْلِلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ أَخْبَرَهُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ الأَنْصَارِ أَسْتَأْذَنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَذِنَ لَهُمَا فَاخْتَصَمَا إلَيْهِ فِي أَرْضٍ قَدْ تَقَدَّمَ شَأْنُهَا وَهَلَكَ مَنْ يَعْرِفُ أَمْرَهَا فَقَالَ لَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا بِجَهْدِ رَأْيِي فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ وَأَنَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْكُمَا وَأَيُّكُمَا كَانَ لَهُ فِي الْكَلاَمِ فَضْلٌ عَلَى صَاحِبِهِ فَقَضَيْتُ لَهُ وَأَنَا أَرَى أَنَّهُ حَقُّهُ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ فَإِنَّمَا أَقْضِي لَهُ بِقِطْعَةٍ مِنْ النَّارِ يُطَوَّقُهَا مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ يَأْتِي بِهَا إسْطَامًا فِي عُنُقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَمَّا سَمِعَا ذَلِكَ بَكَيَا جَمِيعًا وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَا رَسُولَ اللهِ حَقِّي لَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اذْهَبَا فَاجْتَهِدَا فِي قَسْمِ الأَرْضِ شَطْرَيْنِ‏,‏ ثُمَّ اسْتَهِمَا فَإِذَا أَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا نَصِيبَهُ فَلْيُحْلِلْ أَخَاهُ‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعٍ مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ كُنْت جَالِسَةً عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذْ جَاءَهُ رَجُلاَنِ يَخْتَصِمَانِ فِي مَوَارِيثَ وَأَشْيَاءَ قَدْ دَرَسَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا أَقْضِي بَيْنَكُمَا بِرَأْيِي مِمَّا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيَّ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِقَضِيَّةٍ أَرَاهَا يَقْطَعُ بِهَا قِطْعَةً ظُلْمًا فَإِنَّمَا يَقْطَعُ بِهَا قِطْعَةً مِنْ نَارٍ إسْطَامًا يَأْتِي بِهَا فِي عُنُقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَبَكَى الرَّجُلاَنِ وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَا رَسُولَ اللهِ حَقِّي هَذَا الَّذِي أَطْلُبُ لِصَاحِبِي قَالَ لاَ وَلَكِنْ اذْهَبَا تَوَخَّيَا‏,‏ ثُمَّ اسْتَهِمَا ثُمَّ يُحْلِلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نَافِعٍ الْمَدَنِيِّ الصَّائِغِ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ سَمِعَهُ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ جَاءَ رَجُلاَنِ مِنْ الأَنْصَارِ يَخْتَصِمَانِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَوَارِيثَ بَيْنَهُ مَا قَدْ دَرَسَتْ لَيْسَتْ لَهُمَا بَيِّنَةٌ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا أَنَا بَشَرٌ وَإِنَّهُ يَأْتِينِي الْخَصْمُ وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَبْلَغَ مِنْ بَعْضٍ فَأَقْضِيَ لَهُ بِذَلِكَ وَأَحْسَبُ أَنَّهُ صَادِقٌ فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِحَقِّ مُسْلِمٍ فَإِنَّمَا هِيَ قِطْعَةٌ مِنْ نَارٍ فَلْيَأْخُذْهَا أَوْ فَلْيَدَعْهَا فَبَكَى الرَّجُلاَنِ وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقِّي لأَخِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَا إذْ قَدْ فَعَلْتُمَا هَذَا فَاذْهَبَا فَاقْتَسِمَا وَتَوَخَّيَا الْحَقَّ ثُمَّ اسْتَهِمَا‏,‏ ثُمَّ لِيُحْلِلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا صَاحِبَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنُ فَارِسَ حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا وَكِيعٌ حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ مِمَّنْ لاَ عِلْمَ لَهُ بِوُجُوهِ أَحَادِيثِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِمَّا أُضِيفَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَمْرِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ الْمَذْكُورِينَ فِيهِ بَعْدَ تَقَاسُمِهِمَا مَا اخْتَصَمَا إلَيْهِ فِيهِ بِتَحْلِيلِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ مِنْ حَقٍّ إنْ كَانَ لَهُ فِيمَا أَخَذَهُ صَاحِبُهُ بِحَقِّ الْقِسْمَةِ مُحَالٌ لأَنَّ التَّحْلِيلَ إنَّمَا يَعْمَلُ فِيمَا كَانَ فِي ذِمَمِ الْمُحَلِّلِينَ لاَ فِيمَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ مِمَّا هُوَ عَرَضٌ أَوْ حِصَّةٌ فِي عَرَضٍ‏.‏

إِلاَّ أَنَّ رَجُلاً لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ قَدْ حَلَلْتُكَ مِنْ دَارِي الَّتِي لِي فِي يَدِك أَوْ مِنْ عَبْدِي الَّذِي لِي فِي يَدِك أَنَّ ذَلِكَ التَّحْلِيلَ لاَ يَمْلِكُ بِهِ الْمُحَلَّلُ شَيْئًا مِنْ رَقَبَةِ تِلْكَ الدَّارِ وَلاَ مِنْ رَقَبَةِ ذَلِكَ الْعَبْدِ‏,‏ وَهَذَا مِمَّا لاَ اخْتِلاَفَ فِيهِ وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ تَقْبَلُوا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا قَدْ رَوَيْتُمُوهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ أَمْرِهِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ اللَّذَيْنِ اخْتَصَمَا إلَيْهِ بَعْدَ مُقَاسَمَتِهِ صَاحِبَهُ بِتَحْلِيلِهِ مِنْ حَقٍّ إنْ كَانَ لَهُ فِي يَدِهِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ أَنَّ التَّحْلِيلَ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ لَمْ يُرِدْ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا تَوَهَّمَهُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بِهِ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي يَقْتَسِمَانِهِ قَدْ يَكُونُ فِيمَا أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا حَقٌّ لِصَاحِبِهِ فَيَكُونُ حَرَامًا عَلَيْهِ أَخْذُهُ‏,‏ وَحَرَامًا عَلَيْهِ الاِنْتِفَاعُ بِهِ‏,‏ وَإِذَا حَلَّلَهُ مِنْهُ حَلَّ لَهُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ وَكَانَ ذَلِكَ حَرَامًا عَلَيْهِ لَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ التَّحْلِيلُ وَكَانَ مَا هُمَا فِيهِ لاَ يَقْدِرُ فِيهِ عَلَى تَخْلِيصٍ لَهُمَا مِنْ شَيْءٍ مِنْ أَسْبَابِهِ خِلاَفَ ذَلِكَ لأَنَّهُمَا لاَ يَقْدِرَانِ عَلَى عَقْدِ بَيْعٍ فِيهِ إذْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لاَ يَدْرِي مَا يُحَاوِلُ بَيْعَهُ مِنْ ذَلِكَ‏,‏ وَأَنَّ ذَلِكَ إذَا كَانَ فِي الْبَيْعِ غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ كَانَ فِي الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ كَذَلِكَ أَيْضًا وَكَانَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مِنْ الْعَمَلِ فِي ذَلِكَ أَبْعَدَ مِنْ عَمَلِ الْبَيْعِ فِيهِ وَكَانَ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ التَّحْلِيلَ مِنْ كَوْنِهِ فِي يَدِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ الاِنْتِفَاعُ بِهِ فَأَمَرَهُمَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْمَقْدُورِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ وَنَقَلَهُمَا بِهِ مِنْ حَالِ حُرْمَةٍ قَدْ كَانَتْ قَبْلَهُ إلَى حَالِ حِلٍّ خَلْفَهَا وَكَانَ مَا كَانَ مِنَّةً مِنْ اللهِ، سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، عَلَيْهِ فِي حُكْمِهِ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏,‏ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَحْدَهُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْمُرَادِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا‏}‏ مَنْ هُمْ

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا بُكَيْر بْنُ مِسْمَارٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ دَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا وَفَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا عليهم السلام فَقَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلِي فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُرَادِينَ بِمَا فِي هَذِهِ الآيَةِ هُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْبَجَلِيِّ عَنْ حَكِيمِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَحَسَنٍ وَحُسَيْنٍ عليهم السلام ‏{‏إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا‏}‏‏.‏

فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِثْلُ الَّذِي فِي الأَوَّلِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيُّ ثنا مُوسَى بْنُ يَعْقُوبَ الزَّمْعِيُّ أَخْبَرَنِي ابْنُ هَاشِمِ بْنُ عُتْبَةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَمَعَ فَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ‏,‏ ثُمَّ أَدْخَلَهُمْ تَحْتَ ثَوْبِهِ ثُمَّ جَأَرَ إلَى اللهِ تَعَالَى رَبِّ هَؤُلاَءِ أَهْلِي قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ فَتُدْخِلُنِي مَعَهُمْ قَالَ أَنْتِ مِنْ أَهْلِي فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأُمِّ سَلَمَةَ جَوَابًا مِنْهُ لَهَا عِنْدَ قَوْلِهَا لَهُ تُدْخِلُنِي مَعَهُمْ أَنْتِ مِنْ أَهْلِي فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِهِ أَنَّهَا مِنْ أَهْلِهِ لأَنَّهَا مِنْ أَزْوَاجِهِ وَأَزْوَاجُهُ أَهْلُهُ‏.‏

كَمَا قَالَ فِي حَدِيثِ الإِفْكِ الَّذِي قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ثنا ابْنُ مَعْبَدٍ ثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ وَسَعِيدٍ وَعَلْقَمَةَ وَعُبَيْدِ اللهِ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ الإِفْكِ قَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَاسْتَعْذَرَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيٍّ فَقَالَ يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَ أَذَاهُ فِي أَهْلِي‏,‏ وَاَللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلاَّ خَيْرًا وَلَقَدْ ذَكَرُوا رَجُلاً مَا عَلِمْتُ مِنْهُ إِلاَّ خَيْرًا وَمَا كَانَ يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي إِلاَّ مَعِي‏.‏

فَكَانَ قَوْلُهُ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ قَدْ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي يَعْنِي فِي زَوْجَتِهِ الَّتِي كَانَ أَذَاهُ فِيهَا فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الزَّوْجَةَ تُسَمَّى بِهَذَا الاِسْمِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لِأُمِّ سَلَمَةَ أَنْتِ مِنْ أَهْلِي مِنْ هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا أَنَّهَا مِنْ أَهْلِ الآيَةِ الْمَتْلُوَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ‏.‏

وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَكَمِ الْحِبَرِيُّ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا مُخَوَّلُ بْنُ مُخَوَّلِ بْنِ رَاشِدٍ الْحَنَّاطُ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ عَبَّاسٍ الشِّبَامِيُّ عَنْ عَمَّارٍ الدُّهْنِيُّ عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ أَفْعَى عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي بَيْتِي ‏{‏إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا‏}‏ يَعْنِي فِي سَبْعَةٍ جَبْرَائِيلُ وَمِيكَائِيلَ وَرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ عليهم السلام وَأَنَا عَلَى بَابِ الْبَيْتِ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَلَسْتُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ قَالَ إنَّكِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عليه السلام وَمَا قَالَ إنَّكِ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ أَيْضًا حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ الأَحْمَرُ عَنِ الأَجْلَحِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ جَاءَتْ فَاطِمَةُ بِطَعَامٍ لَهَا إلَى أَبِيهَا‏,‏ وَهُوَ عَلَى مَنَازِلِهِ فَقَالَ أَيْ بُنَيَّةُ ائْتِينِي بِأَوْلاَدِي وَابْنِي وَابْنِ عَمِّك قَالَتْ‏,‏ ثُمَّ جَلَّلَهُمْ أَوْ قَالَتْ حَوَى عَلَيْهِمْ الْكِسَاءَ فَقَالَ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي وَحَامَّتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ يَا رَسُولَ اللهِ وَأَنَا مَعَهُمْ قَالَ أَنْتِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ عليه السلام وَأَنْتِ عَلَى خَيْرٍ أَوْ إلَى خَيْرٍ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ يَحْيَى بْنِ زَبَّانٍ حَدَّثَنَا مَنْدَلٌ عَنْ أَبِي الْجَحَّافِ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي بَيْتِي فَجَاءَتْهُ فَاطِمَةُ عليها السلام بِخَزِيرَةٍ فَقَالَ اُدْعِي لِي بَعْلَكِ فَدَعَتْهُ وَابْنَيْهَا فَجَاءَ بِكِسَاءٍ فَحَفَّهُمْ بِهِ‏,‏ ثُمَّ أَخَذَ طَرَفَهُ بِيَدِهِ‏,‏ ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ اللَّهُمَّ إنَّ هَؤُلاَءِ ذُرِّيَّتِي وَأَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ الرِّجْسَ عَنْهُمْ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا قَالَتْ فَرَفَعْتُ الْكِسَاءَ وَأَدْخَلْتُ رَأْسِي فِيهِ فَقُلْتُ أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ إنَّكِ عَلَى خَيْرٍ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ فِي بَيْتِي ‏{‏إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا‏}‏ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللهِ أَلَسْتُ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ فَقَالَ أَنْتِ عَلَى خَيْرٍ إنَّكِ مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَفِي الْبَيْتِ عَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَالْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ أَسْلَمَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِفَاطِمَةَ ائْتِينِي بِزَوْجِكِ وَابْنَيْكِ فَجَاءَتْ بِهِمْ فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ كِسَاءً فَدَكِيًّا‏,‏ ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِمْ‏,‏ ثُمَّ قَالَ‏:‏ اللَّهُمَّ إنَّ هَؤُلاَءِ آلُ مُحَمَّدٍ فَاجْعَلْ صَلَوَاتِكَ وَبَرَكَاتِكَ عَلَى آلِ مُحَمَّدٍ إنَّك حَمِيدٌ مَجِيدٌ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَرَفَعْتُ الْكِسَاءَ لأَدْخُلَ مَعَهُمْ فَجَبَذَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ إنَّك عَلَى خَيْرٍ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ الْكَيْسَانِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ ‏(‏ح‏)‏ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالاَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامُ حَدَّثَنَا شَهْرٌ قَالَ سَمِعْتُ أُمَّ سَلَمَةَ حِينَ جَاءَ نَعْيُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ فَقَالَتْ قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ وَغَرُّوهُ وَذَلُّوهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَإِنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَجَاءَتْهُ فَاطِمَةُ غَدِيَّةً بِبُرْمَةٍ لَهَا قَدْ صَنَعَتْ فِيهَا عَصِيدَةً تَحْمِلُهَا فِي طَبَقٍ لَهَا حَتَّى وَضَعَتْهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ لَهَا أَيْنَ ابْنُ عَمِّكِ فَقَالَتْ هُوَ فِي الْبَيْتِ قَالَ اذْهَبِي فَادْعِيهِ وَائْتِينِي بِابْنَيْكِ قَالَتْ فَجَاءَتْ تَقُودُ ابْنَيْهَا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَعَلِيٌّ فِي أَثَرِهِمْ يَمْشِي حَتَّى دَخَلُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَجْلَسَهُمَا فِي حِجْرِهِ وَجَلَسَ عَلِيٌّ عَلَى يَمِينِهِ وَجَلَسَتْ فَاطِمَةُ عَلَى يَسَارِهِ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ فَاجْتَبَذَ مِنْ تَحْتِي كِسَاءً خَيْبَرِيًّا كَانَ بِسَاطًا لَنَا عَلَى الْمَنَامَةِ بِالْمَدِينَةِ فَلَفَّهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ جَمِيعًا فَأَخَذَ بِشِمَالِهِ طَرَفَيْ الْكِسَاءِ وَأَلْوَى بِيَدِهِ الْيُمْنَى إلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا ثَلاَثَ مِرَارٍ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ أَلَسْتُ مِنْ أَهْلِكَ قَالَ بَلَى قَالَ فَادْخُلِي فِي الْكِسَاءِ قَالَتْ فَدَخَلْتُ بَعْدَمَا قَضَى دُعَاءَهُ لاِبْنِ عَمِّهِ عَلِيٍّ وَابْنَيْهِ وَابْنَتِهِ فَاطِمَةَ عليهم السلام‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَرْوَانَ الْوَاسِطِيُّ أَبُو إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ الْوَاسِطِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الْمَكِّيِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ قَالَ نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ وَهُوَ فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ ‏{‏إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا‏}‏ قَالَتْ فَدَعَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ وَفَاطِمَةَ فَأَجْلَسَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَدَعَا عَلِيًّا فَأَجْلَسَهُ خَلْفَ ظَهْرِهِ‏,‏ ثُمَّ جَلَّلَهُمْ جَمِيعًا بِالْكِسَاءِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمْ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْهُمْ قَالَ أَنْتِ مَكَانَكِ وَأَنْتِ عَلَى خَيْرٍ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ أَبِي صَخْرٍ عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ الْبَجَلِيِّ عَنْ عَمْرَةَ الْهَمْدَانِيَّةِ قَالَتْ أَتَيْتُ أُمَّ سَلَمَةَ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهَا فَقَالَتْ مَنْ أَنْتِ فَقُلْتُ عَمْرَةُ الْهَمْدَانِيَّةُ فَقَالَتْ عَمْرَةُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرِينِي عَنْ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي قُتِلَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا فَمُحِبٌّ وَمُبْغِضٌ تُرِيدُ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ أَتُحِبِّينَهُ أَمْ تُبْغِضِينَهُ قَالَتْ مَا أُحِبُّهُ وَلاَ أُبْغِضُهُ فَقَالَتْ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ إلَى آخِرِهَا وَمَا فِي الْبَيْتِ إِلاَّ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلِيُّ وَفَاطِمَةُ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ عليهم السلام فَقُلْت يَا رَسُولَ اللهِ أَنَا مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ فَقَالَ إنَّ لَك عِنْدَ اللهِ خَيْرًا فَوَدِدْتُ أَنَّهُ قَالَ نَعَمْ فَكَانَ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا تَطْلُعُ عَلَيْهِ الشَّمْسُ وَتَغْرُبُ‏.‏

فَدَلَّ مَا رَوَيْنَا فِي هَذِهِ الآثَارِ مِمَّا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى أُمِّ سَلَمَةَ مِمَّا ذَكَرَ فِيهَا لَمْ يُرِدْ بِهِ أَنَّهَا كَانَتْ مِمَّنْ أُرِيدَ بِهِ مِمَّا فِي الآيَةِ الْمَتْلُوَّةِ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَنَّ الْمُرَادِينَ بِمَا فِيهَا هُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلِيٌّ وَفَاطِمَةُ وَحَسَنٌ وَحُسَيْنٌ عليهم السلام دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى مُرَادِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ لِأُمِّ سَلَمَةَ فِيمَا رُوِيَ فِي هَذِهِ الآثَارِ مِنْ قَوْلِهِ لَهَا أَنْتِ مِنْ أَهْلِي‏.‏

مَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحَضْرَمِيُّ وَسُلَيْمَانُ الْكَيْسَانِيُّ قَالاَ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ الْبَجَلِيُّ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ أَخْبَرَنِي أَبُو عَمَّارٍ حَدَّثَنِي وَاثِلَةُ قَالَ أَتَيْتُ عَلِيًّا فَلَمْ أَجِدْهُ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ انْطَلَقَ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُوهُ قَالَ فَجَاءَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلاَ وَدَخَلْتُ مَعَهُمَا فَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَأَقْعَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى فَخِذِهِ وَأَدْنَى فَاطِمَةَ مِنْ حِجْرِهِ وَزَوْجَهَا‏,‏ ثُمَّ لَفَّ عَلَيْهِمْ ثَوْبًا وَأَنَا مُنْتَبِذٌ‏,‏ ثُمَّ قَالَ إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ الآيَةَ‏,‏ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلِي إنَّهُمْ أَهْلُ حَقٍّ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ وَأَنَا مِنْ أَهْلِكَ قَالَ وَأَنْتِ مِنْ أَهْلِي قَالَ‏:‏ وَاثِلَةُ فَإِنَّهَا مِنْ أَرْجَى مَا أَرْجُو وَوَاثِلَةُ أَبْعَدُ مِنْهُ عليه السلام مِنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْهُ لأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ لَيْسَ مِنْ قُرَيْشٍ وَأُمُّ سَلَمَةَ مَوْضِعُهَا مِنْ قُرَيْشٍ مَوْضِعُهَا الَّذِي هِيَ بِهِ مِنْهُ فَكَانَ قَوْلُهُ لِوَاثِلَةَ أَنْتَ مِنْ أَهْلِي عَلَى مَعْنَى لاِتِّبَاعِك إيَّايَ وَإِيمَانِكَ بِي فَدَخَلْتَ بِذَلِكَ فِي جُمْلَتِي‏.‏

وَقَدْ وَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي فَأَجَابَهُ فِي ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَهُ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَكَمَا جَازَ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنْ كَانَ ابْنَهُ لِخِلاَفِهِ إيَّاهُ فِي دِينِهِ جَازَ أَنْ يَدْخُلَ فِي أَهْلِهِ مَنْ يُوَافِقُهُ عَلَى دِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذَوِي نَسَبِهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ أَيْضًا مَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَوَابًا لِأُمِّ سَلَمَةَ أَنْتِ مِنْ أَهْلِي يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا وَأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لَهَا ذَلِكَ كَقَوْلِهِ مِثْلَهُ لِوَاثِلَةَ‏.‏

وَحَدِيثُ سَعْدٍ وَمَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مَعَهُ مِنْ الأَحَادِيثِ فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مَعْقُولٌ بِهَا مِنْ أَهْلِ الآيَةِ الْمَتْلُوَّةِ فِيهَا لأَنَّا قَدْ أَحَطْنَا عِلْمًا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَعَا مَنْ دَعَا مِنْ أَهْلِهِ عِنْدَ نُزُولِهَا لَمْ يَبْقَ مِنْ أَهْلِهَا الْمُرَادِينَ فِيهَا أَحَدًا سِوَاهُمْ‏,‏ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ اسْتَحَالَ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ فِيمَا أُرِيدَتْ بِهِ سِوَاهُمْ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ ذَلِكَ بَيَانُ مَا وَصَفْنَا‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَإِنَّ كِتَابَ اللهِ تَعَالَى يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم هُمْ الْمَقْصُودُونَ بِتِلْكَ الآيَةِ لأَنَّهُ قَالَ قَبْلَهَا فِي السُّورَةِ الَّتِي هِيَ فِيهَا يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ إنْ كُنْتُنَّ إلَى قَوْلِهِ يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ إلَى قَوْلِهِ الْجَاهِلِيَّةِ الآُولَى فَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ يُرَدْنَ بِهِ لأَنَّهُ عَلَى خِطَابِ النِّسَاءِ لاَ عَلَى خِطَابِ الرِّجَالِ‏,‏ ثُمَّ قَالَ إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ الآيَةَ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ أَنَّ الَّذِي تَلاَهُ إلَى آخِرِ مَا قَبْلَ قَوْلِهِ إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ الآيَةَ خِطَابٌ لأَزْوَاجِهِ‏,‏ ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ بِخِطَابِهِ لأَهْلِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ‏{‏إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ‏}‏ الآيَةَ فَجَاءَ عَلَى خِطَابِ الرِّجَالِ لأَنَّهُ قَالَ فِيهِ ‏{‏لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ‏}‏ وَهَكَذَا خِطَابُ الرِّجَالِ وَمَا قَبْلَهُ فَجَاءَ بِهِ بِالنُّونِ وَكَذَلِكَ خِطَابُ النِّسَاءِ‏.‏

فَعَقَلْنَا أَنَّ قَوْلَهُ إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ الآيَةَ خِطَابٌ لِمَنْ أَرَادَهُ مِنْ الرِّجَالِ بِذَلِكَ لِيُعْلِمَهُمْ تَشْرِيفَهُ لَهُمْ وَرِفْعَتَهُ لِمِقْدَارِهِمْ أَنْ جَعَلَ نِسَاءَهُمْ مَنْ قَدْ وَصَفَهُ لِمَا وَصَفَهُ بِهِ مِمَّا فِي الآيَاتِ الْمَتْلُوَّاتِ قَبْلَ الَّذِي خَاطَبَهُمْ بِهِ تَعَالَى‏.‏

وَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا خَرَجَ لِصَلاَةِ الْفَجْرِ يَقُولُ الصَّلاَةَ يَا أَهْلَ الْبَيْتِ إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ الآيَةَ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ثنا أَبُو عَاصِمٍ النَّبِيلُ عَنْ عُبَادَةَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏,‏ وَهُوَ ابْنُ مُسْلِمٍ الْفَزَارِيّ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ قَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو دَاوُد قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏,‏ وَهُوَ نُفَيْعٌ الْهَمْدَانِيُّ الأَعْمَى مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَيْضًا قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْحَمْرَاءِ قَالَ صَحِبْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم تِسْعَةَ أَشْهُرٍ كَانَ إذَا أَصْبَحَ أَتَى بَابَ فَاطِمَةَ عليها السلام فَقَالَ السَّلاَمُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ الآيَةَ وَفِي هَذَا أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ مَنْ هُمْ‏,‏ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي إثْبَاتِ الشُّؤْمِ وَمَا رُوِيَ عَنْهُ فِي نَفْيِهِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي مَالِكٌ وَيُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حَمْزَةَ وَسَالِمٍ ابْنَيْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنَّمَا الشُّؤْمُ فِي ثَلاَثَةٍ فِي الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّارِ‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ حَدَّثَنِي مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ حَمْزَةَ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إثْبَاتُ الشُّؤْمِ فِي هَذِهِ الثَّلاَثَةِ الأَشْيَاءِ‏,‏ وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام فِي ذَلِكَ مَا مَعْنَاهُ خِلاَفُ هَذَا الْمَعْنَى كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ أَنْبَأَ سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ حَدَّثَنِي عُتْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ إنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي ثَلاَثَةٍ فِي الْفَرَسِ وَالْمَسْكَنِ وَالْمَرْأَةِ فَكَانَ مَا فِي هَذَا عَلَى أَنَّ الشُّؤْمَ إنْ كَانَ كَانَ فِي هَذِهِ الثَّلاَثَةِ الأَشْيَاءِ لاَ يَتَحَقَّقُ كَوْنُهُ فِيهَا وَقَدْ وَافَقَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ وَسَهْلِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَعْنَى‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنْ كَانَ الشُّؤْمُ فِي شَيْءٍ فَفِي ثَلاَثَةٍ فِي الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّارِ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْكَيْسَانِيُّ ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زِيَادٍ ثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ أَنَّهُ سَمِعَ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ثنا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ سَمِعَ جَابِرًا يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ، عَنْ عَائِشَةَ إنْكَارُهَا لِذَلِكَ وَإِخْبَارُهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ إخْبَارًا مِنْهُ عَنْ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَهُ غَيْرَ أَنَّهَا ذَكَرَتْهُ عَنْهُ عليه السلام بِالطِّيَرَةِ لاَ بِالشُّؤْمِ وَالْمَعْنَى فِيهِمَا وَاحِدٌ‏,‏ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَ مَا رُوِيَ عَنْهَا مِمَّا حَفِظَتْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ إضَافَتِهِ ذَلِكَ الْكَلاَمَ إلَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ أَوْلَى مِمَّا رُوِيَ عَنْ غَيْرِهَا فِيهِ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم لِحِفْظِهَا عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا قَصَّرَ غَيْرُهَا عَنْ حِفْظِهِ عَنْهُ فِيهِ فَكَانَتْ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهَا لاَ سِيَّمَا‏,‏ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي نَفْيِ الطِّيَرَةِ وَالشُّؤْمِ‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ غُولَ وَلاَ طِيَرَةَ وَلاَ شُؤْمَ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ عليه السلام يَقُولُ لاَ عَدْوَى وَلاَ صَفَرَ وَلاَ غُولَ فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى انْتِفَاءِ ذَلِكَ الْقَوْلِ الْمُضَافِ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي إثْبَاتِهِ الشُّؤْمَ فِي الثَّلاَثَةِ الأَشْيَاءِ الَّتِي رَوَيْنَا عَنْهُ أَنَّ الشُّؤْمَ فِيهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام فِي نَفْيِ الشُّؤْمِ أَيْضًا وَأَنَّ ضِدَّهُ مِنْ الْيُمْنِ قَدْ يَكُونُ فِي هَذِهِ الثَّلاَثَةِ الأَشْيَاءِ‏.‏

مَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُلَيْمٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَابِرٍ الطَّائِيِّ عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ عَمِّهِ مِخْمَرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ النَّبِيَّ عليه السلام يَقُولُ لاَ شُؤْمَ وَقَدْ يَكُونُ الْيُمْنُ فِي الْمَرْأَةِ وَالْفَرَسِ وَالدَّابَّةِ هَكَذَا قَالَ وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَكَانَ الدَّابَّةِ الدَّارُ‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

وَفِي ذَلِكَ تَحْقِيقُ مَا قَدْ ذَكَرْنَا مِنْ انْتِفَاءِ إثْبَاتِ الشُّؤْمِ فِي هَذِهِ الأَشْيَاءِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

فَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ الَّذِي قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ فَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدِ بْنِ نُوحٍ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ حَدَّثَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي حَسَّانَ قَالَ دَخَلَ رَجُلاَنِ مِنْ بَنِي عَامِرٍ عَلَى عَائِشَةَ رضي الله عنها فَأَخْبَرَاهَا أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ إنَّ الطِّيَرَةَ فِي الْمَرْأَةِ وَالدَّارِ وَالْفَرَسِ فَغَضِبَتْ وَطَارَتْ شِقَّةٌ مِنْهَا فِي السَّمَاءِ وَشِقَّةٌ فِي الأَرْضِ فَقَالَتْ وَاَلَّذِي نَزَّلَ الْقُرْآنَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم مَا قَالَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَطُّ إنَّمَا قَالَ إنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَتَطَيَّرُونَ مِنْ ذَلِكَ‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْغُولِ مِنْ إثْبَاتِهِ وَمِنْ نَفْيِهِ

حَدَّثَنَا بَكَّارَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الأَسَدِيُّ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَخِيهِ عِيسَى، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ أَبِي أَيُّوبَ أَنَّهُ كَانَ فِي سَهْوَةٍ لَهُ فَكَانَتْ الْغُولُ تَجِيءُ فَتَأْخُذُ فَشَكَا ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام فَقَالَ لَهُ إذَا رَأَيْتَهَا فَقُلْ بِسْمِ اللهِ أَجِيبِي رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَهَا فَحَلَفَتْ أَنْ لاَ تَعُودَ فَجَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ قَالَ حَلَفَتْ أَنْ لاَ تَعُودَ فَقَالَ كَذَبَتْ وَهِيَ عَائِدَةٌ فَفَعَلَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا كُلَّمَا أَخَذَهَا حَلَفَتْ أَنْ لاَ تَعُودَ وَيَجِيءُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ فَيَقُولُ حَلَفَتْ أَنْ لاَ تَعُودَ فَيَقُولُ كَذَبَتْ وَهِيَ عَائِدَةٌ فَأَخَذَهَا فَقَالَتْ لَهُ إنِّي أُعَلِّمُكَ شَيْئًا إذَا قُلْتَهُ لَمْ يَقْرَبْكَ شَيْءٌ آيَةَ الْكُرْسِيِّ تَقْرَؤُهَا فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مَا فَعَلَ أَسِيرُكَ فَقَالَ‏:‏ قَالَتْ آيَةُ الْكُرْسِيِّ فَاقْرَأْهَا فَإِنَّهُ لاَ يَقْرَبُك شَيْءٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عليه السلام صَدَقَتْ وَهِيَ كَذُوبٌ‏.‏

فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إثْبَاتُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْغُولَ‏.‏

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لاَ غُولَ فَفِي ذَلِكَ نَفْيُهُ لِلْغُولِ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ‏:‏ قَدْ يَكُونُ هَذَا عَلَى التَّضَادِّ قِيلَ لَهُ لَيْسَ ذَلِكَ بِحَمْدِ اللهِ عَلَى التَّضَادِّ إذْ كَانَ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْغُولُ قَدْ كَانَ مَا فِي حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ‏,‏ ثُمَّ رَفَعَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ عِبَادِهِ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَذَلِكَ أَوْلَى مَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ الآثَارُ الْمَرْوِيَّةُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا وَفِيمَا أَشْبَهَهُ مَا وُجِدَ السَّبِيلُ إلَى ذَلِكَ‏,‏ وَاَللَّهَ تَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِهَا

حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ سِبَاعِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أُمِّ كُرْزٍ قَالَتْ‏:‏ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحُدَيْبِيَةِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِهَا فَسَمِعْتُ الْمُزَنِيّ يَقُولُ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ أَقِرُّوا الطَّيْرَ عَلَى مَكِنَاتِهَا كَانَ أَحَدُهُمْ إذَا غَدَا مِنْ مَنْزِلِهِ يُرِيدُ أَمْرًا يُطَيِّرُ أَوَّلَ طَائِرٍ يَرَاهُ فَإِنْ سَنَحَ عَنْ يَسَارِهِ فَاجْتَالَ عَنْ يَمِينِهِ قَالَ هَذِهِ طَيْرُ الأَيَامِنِ فَمَضَى فِي حَاجَتِهِ وَرَأَى أَنَّهُ سَيَسْتَنْجِحُهَا وَإِنْ سَنَحَ عَنْ يَمِينِهِ فَمَرَّ عَنْ يَسَارِهِ قَالَ هَذِهِ طَيْرُ الأَشَائِمِ فَرَجَعَ وَقَالَ‏:‏ هَذِهِ حَاجَةٌ مَشْئُومَةٌ‏,‏ وَإِذَا لَمْ يَرَ طَائِرًا سَانِحًا وَرَأَى طَائِرًا فِي وَكْرِهِ حَرَّكَهُ مِنْ وَكْرِهِ لِيَطِيرَ فَيَنْظُرَ مَا يَسْلُكُ لَهُ مِنْ طَرِيقِ الأَشَائِمِ أَوْ مِنْ طَرِيقِ الأَيَامِنِ فَيُشْبِهُ قَوْلَهُ أَقِرُّوا الطَّيْرَ فِي مَكِنَاتِهَا أَيْ لاَ تُحَرِّكُوهَا فَإِنَّ تَحْرِيكَهَا وَمَا تَعْمَلُونَ لَهُ مِنْ الطِّيَرَةِ لاَ يَصْنَعُ شَيْئًا وَإِنَّمَا يَصْنَعُ فِيمَا تَتَوَجَّهُونَ لَهُ قَضَاءُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ سَمِعْتُ الْحَارِثَ بْنَ سُرَيْجٍ النَّقَّالَ يَقُولُ‏:‏ كُنَّا عِنْدَ ابْنِ عُيَيْنَةَ وَمَعَنَا الشَّافِعِيُّ فَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ يَوْمَئِذٍ بِحَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَزِيدَ هَذَا ثُمَّ الْتَفَتَ إلَى الشَّافِعِيِّ فَسَأَلَهُ عَنْ مَعْنَاهُ فَأَجَابَهُ الشَّافِعِيُّ بِهَذَا الْجَوَابِ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَلَيْهِ وَأَمْسَكَ‏.‏

وَسَمِعْتُ يُونُسَ وَالرَّبِيعَ الْمُرَادِيَّ جَمِيعًا يُحَدِّثَانِ عَنْ الشَّافِعِيِّ فِي تَفْسِيرِ هَذَا الْحَدِيثِ بِهَذَا الْمَعْنَى بِعَيْنِهِ غَيْرَ أَنَّهُمَا لَمْ يَذْكُرَا فِيهَا إِلاَّ سَنُوحَهُ عَنْ يَمِينِهِ وَسَنُوحَهُ عَنْ يَسَارِهِ‏,‏ وَلَمْ يَذْكُرَا الاِجْتِيَالَ فَهَذَا جَوَابٌ حَسَنٌ يُغْنِينَا عَنْ الْكَلاَمِ فِي هَذَا الْبَابِ بِغَيْرِ مَا ذَكَرْنَا فِيهِ عَنْ الشَّافِعِيِّ‏,‏ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِهِ عَلَيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي حَجِّهِ بِالْقِيَامِ عَلَى بُدْنِهِ وَبِمَا أَمَرَهُ بِهِ فِي ذَلِكَ وَخَاطَبَهُ بِهِ فِيهِ

حَدَّثَنَا يُونُسُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ أَمَرَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُقِيمَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَنْ أَقْسِمَ جُلُودَهَا وَجِلاَلَهَا وَأَمَرَنِي أَنْ لاَ أُعْطِيَ الْجَازِرَ مِنْهَا شَيْئًا وَقَالَ نَحْنُ نُعْطِيهِ مِنْ عِنْدِنَا فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ عَبْدُ الْكَرِيمِ الَّذِي رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْهُ هُوَ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ الْجَزَرِيُّ‏,‏ وَهُوَ حُجَّةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي الْحَدِيثِ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ هُوَ عَبْدُ الْكَرِيمِ أَبُو أُمَيَّةَ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ بِحُجَّةٍ فِي الْحَدِيثِ فَكَشَفْنَا عَنْ ذَلِكَ لِنَقِفَ عَلَى حَقِيقَتِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ ابْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى الْجَزَّارِ الَّذِي يَجْزُرُ بُدْنَهُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَتَصَدَّقَ بِأَجِلَّتِهِنَّ وَلُحُومِهِنَّ وَجُلُودِهِنَّ وَلاَ أُعْطِيه مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا وَقَالَ أَنَا أُعْطِيهِ مِنْ غَيْرِ ذَلِكَ‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى حَدَّثَنَا عَلِيٌّ قَالَ أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِبُدْنِهِ بِلُحُومِهَا فَقَسَمْتُهُ وَأَمَرَنِي بِجِلاَلِهَا فَقَسَمْتُهَا وَأَمَرَنِي بِجُلُودِهَا فَقَسَمْتُهَا‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ بَعَثَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْبُدْنِ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدٌ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي حَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ أَنَّ مُجَاهِدًا أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيًّا أَخْبَرَهُ أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يَقُومَ عَلَى بُدْنِهِ وَأَمَرَهُ أَنْ يَقْسِمَ بُدْنَهُ كُلَّهَا بِلُحُومِهَا وَجِلاَلِهَا وَجُلُودِهَا فِي الْمَسَاكِينِ وَلاَ يُعْطِي فِي جِزَارَتِهَا مِنْهَا شَيْئًا قُلْت لِلْحَسَنِ هَلْ سَمَّى فِيمَنْ يَقْسِمُ بَيْنَهُمْ ذَلِكَ قَالَ‏:‏ لاَ‏.‏

وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ بَيَانُ مَنْعِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيًّا مِنْ إعْطَاءِ الْجَزَّارِ مِنْهَا شَيْئًا أَنَّهُ كَانَ فِي جِزَارَتِهِ إيَّاهَا الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا وَأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُرِدْ بِهِ أَلَّا يُعْطِيَهُ إنْ كَانَ مِسْكِينًا مِنْهَا كَمَا يُعْطِي مَنْ سِوَاهُ مِنْ الْمَسَاكِينِ مِنْهَا‏.‏

وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بَكْرٍ الْمَرْوَزِيِّ حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَنْبَأَ إسْرَائِيلُ أَنْبَأَ عَبْدُ الْكَرِيمِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ عَلِيٍّ قَالَ أَهْدَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِائَةَ بَدَنَةٍ فِيهَا جَمَلُ أَبِي جَهْلٍ مَزْمُومٌ بِبُرَّةِ فِضَّةٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِتِّينَ مِنْهَا يَعْنِي نَحَرَهَا بِيَدِهِ وَأَعْطَى عَلِيًّا أَرْبَعِينَ وَقَالَ تَصَدَّقْ بِجِلاَلِهَا وَلاَ تُعْطِ الْجَزَّارَ مِنْهَا شَيْئًا‏.‏

فَسَأَلَ سَائِلٌ عَمَّا فِي هَذِهِ الآثَارِ مِنْ الْفَوَائِدِ مِنْ وُجُوهِ الْفِقْهِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ أَنَّ فِيهَا ثَمَانِيَ فَوَائِدَ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ فَمِنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام قَدْ كَانَ مِنْ حُكْمِهِ فِي بُدْنِهِ أَنْ يُوَلِّيَ غَيْرَهُ نَحْرَهَا عَنْهُ فَيَكُونَ ذَلِكَ النَّحْرُ الَّذِي يَتَوَلَّاهُ مَأْمُورُهُ بِذَلِكَ نَحْرًا مُخَالِطًا لِنِيَّتِهِ بِغَيْرِ نِيَّةٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُخَالِطَةٍ لَهُ‏,‏ وَقَدْ كَانَ عليه السلام لَوْ تَوَلَّى نَحْرَهَا بِنَفْسِهِ احْتَاجَ أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ لِمَا يُرِيدُهَا لَهُ مُخَالِطَةً لِنَحْرِهِ إيَّاهَا‏,‏ وَغَنِيٌّ عَنْ ذَلِكَ يَعُودُ هَذَا الْمَعْنَى بِمِثْلِهِ مِنْ مَأْمُورِهِ وَهَذَا بَابٌ جَلِيلُ الْمِقْدَارِ مِنْ الْفِقْهِ‏.‏

وَفِيهِ أَيْضًا أَمْرُهُ عَلِيًّا بِالصَّدَقَةِ بِأَجِلَّةِ بُدْنِهِ وَخُطُمِهَا وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ مَا أُرِيدَ لِلْبُدْنِ مِنْ جِلاَلٍ وَخِطَامٍ يَرْجِعُ إلَى حُكْمِهَا وَيُمْتَثَلُ فِيهِ مَا يُمْتَثَلُ فِيهَا مِنْ هَذَا الْمَعْنَى وَفِيهِ أَيْضًا إجَازَتُهُ لِعَلِيٍّ اسْتِئْجَارَ مَنْ يَنْحَرُهَا بِأُجْرَةٍ تَكُونُ إمَّا فِي ذِمَّتِهِ‏,‏ وَإِمَّا فِي ذِمَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَتْ بِعَيْنِهَا وَأَنَّهُ جَائِزٌ لَهُ فِي ذَلِكَ مِلْكُ عَمَلٍ بِغَيْرِ عَيْنِهِ عَلَى الْجَزَّارِ بِأُجْرَةٍ بِغَيْرِ عَيْنِهَا يَمْلِكَهَا الْجَزَّازُ عَلَى جِزَارَتِهِ‏,‏ وَمُخَالَفَتُهُ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْعُقُودِ فِي الْبِيَاعَاتِ عَلَى الأَشْيَاءِ الَّتِي لَيْسَتْ بِأَعْيَانٍ بِأَبْدَالِ الَّتِي لَيْسَتْ بِأَعْيَانٍ‏,‏ وَرَدِّهِ ذَلِكَ فِي الْعُقُودِ فِي الْبِيَاعَاتِ إلَى الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ الَّذِي نَهَى عَنْهُ عليه السلام‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ وَابْنُ مَرْزُوقٍ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ الرَّبَذِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ وَهُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ وَاحْتَمَلَ أَهْلُ الْحَدِيثِ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَا فِيهَا وَهَذَا بَابٌ جَلِيلٌ أَيْضًا مِنْ الْفِقْهِ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ الْبُدْنَ قَدْ كَانَ لَهُ فِيمَا نَحَرَ عَنْهُ مِنْهَا وَلِعَلِيٍّ فِيمَا نَحَرَ مِنْهَا عَنْهُ أَنْ يَأْكُلاَ مِنْ لُحُومِهَا وَقَدْ فَعَلاَ ذَلِكَ فَأَكَلاَ مِنْ لُحُومِهَا‏.‏

كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدٌ حَدَّثَنَا حَاتِمٌ ثنا جَعْفَرٌ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فَحَدَّثَنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّتِهِ فِي يَوْمِ النَّحْرِ انْصَرَفَ إلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلاَثًا وَسِتِّينَ بِيَدِهِ وَأَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ‏,‏ ثُمَّ أَمَرَ مِنْ كُلِّ بَدَنَةٍ بِبَضْعَةٍ فَجُعِلَتْ فِي قِدْرٍ فَطُبِخَتْ فَأَكَلاَ مِنْ لَحْمِهَا وَشَرِبَا مِنْ مَرَقِهَا وَفِيهِ أَيْضًا إجَازَتُهُ عليه السلام الشَّرِكَةَ فِي الْهَدَايَا وَفِيهِ أَيْضًا إبَاحَتُهُ الأَكْلَ مِنْهَا وَفِيهِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الآُجْرَةَ فِيمَا يَسْتَأْجِرُهُ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ تَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ الَّذِي تَوَلَّى الإِجَارَةَ لاَ عَلَى الْمُوَكِّلِ الَّذِي تُوُلِّيَتْ لَهُ الإِجَارَةُ‏;‏ لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ خَاطَبَ عَلِيًّا أَنْ لاَ يُعْطِيَهُ عَنْ أُجْرَتِهِ مِنْ لُحُومِ الْبُدْنِ شَيْئًا وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ عَلَى عَلِيٍّ لَغَنَى عَنْ نَهْيِهِ إيَّاهُ عَنْ ذَلِكَ لأَنَّهُ غَيْرُ مَطْلُوبٍ بِهِ‏;‏ وَلأَنَّ الآُجْرَةَ لَيْسَتْ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى مُوَكِّلِهِ بِمَا تَوَلَّاهُ مِمَّا يُسْتَحَقُّ فِيهِ الآُجْرَةُ وَفِيهِ أَيْضًا إجَازَتُهُ اسْتِعْمَالَ الْفِضَّةِ فِي الْبُرَّةِ لِلْهَدَايَا وَأَنَّ ذَلِكَ بِخِلاَفِ اسْتِعْمَالِهَا فِي الأَكْلِ فِيهَا وَفِي الشُّرْبِ فِيهَا‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَلْيَنُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ وَمَنْ أَهْلُ الْيَمَنِ الَّذِينَ عَنَاهُمْ بِذَلِكَ

حَدَّثَنَا الْمُزَنِيّ حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ أَلْيَنُ قُلُوبًا وَأَرَقُّ أَفْئِدَةً الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حِسَانٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ قَالَ جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ النَّاسِ أَفْئِدَةً الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدٌ ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْنٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْكُفْرُ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالسَّكِينَةُ فِي أَهْلِ الْغَنَمِ وَالْفَخْرُ وَالرِّيَاءُ فِي الْفَدَّادِينَ أَهْلِ الْخَيْلِ وَالْوَبَرِ‏.‏

حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَلْيَنُ أَفْئِدَةً وَأَرَقُّ قُلُوبًا‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً الإِيمَانُ يَمَانٍ وَالْفِقْهُ يَمَانٍ وَالْحِكْمَةُ يَمَانِيَّةٌ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ أَخْضَرَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ أَنَّ مُحَمَّدًا كَانَ يَرْفَعُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَيَقُولُهُ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام فَفِيمَا رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذِكْرُهُ أَهْلَ الْيَمَنِ بِمَا ذَكَرَهُمْ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَذَهَبَ قَوْمٌ إلَى أَنَّهُ إنَّمَا عَنَى بِهِ أَهْلَ تِهَامَةَ مِنْهُمْ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ السَّقَطِيُّ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ‏:‏ قَالَ سُفْيَانُ‏:‏ إنَّمَا يَعْنِي بِقَوْلِهِ أَتَاكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ أَهْلُ تِهَامَةَ لأَنَّ مَكَّةَ يَمَنٌ وَهِيَ تِهَامِيَّةٌ فَنَظَرْنَا فِيمَا قَالُوا مِنْ ذَلِكَ هَلْ هُوَ كَمَا قَالُوهُ أَمْ لاَ فَوَجَدْنَا عَلِيَّ بْنَ مَعْبَدٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَ إسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ قَالَ أَشَارَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ نَحْوَ الْيَمَنِ فَقَالَ الإِيمَانُ هَاهُنَا أَلاَ وَإِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ أَصْحَابِ الإِبِلِ حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ وَمُضَرَ فَأَضَافَ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ إلَى الْفَدَّادِينَ مِنْ رَبِيعَةَ وَمُضَرَ فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُضَافَ إلَيْهِمْ مِنْ الإِيمَانِ وَالْحِكْمَةِ وَالْفِقْهِ هُمْ أَضْدَادُهُمْ الَّذِينَ لَيْسُوا مِنْ رَبِيعَةَ وَلاَ مُضَرَ وَفِي ذَلِكَ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِمَا فِي الآثَارِ الَّتِي فِي الْفَصْلِ الأَوَّلِ أَهْلَ تِهَامَةَ لأَنَّ أُولَئِكَ أَوْ أَكْثَرَهُمْ مِنْ مُضَرَ‏,‏ ثُمَّ وَجَدْنَا عَنْهُ عليه السلام فِي هَذَا الْمَعْنَى مَا هُوَ أَكَشَفُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ‏,‏ وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا أَبُو قُرَّةَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ الرُّعَيْنِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْكَلاَعِيُّ الدِّمَشْقِيُّ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ الْعَنْسِيُّ مِنْ أَهْلِ حِمْصٍ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏,‏ وَهُوَ عِيسَى بْنُ سُلَيْمٍ الرُّسْتَنِيُّ قَدْ حَدَّثَ عَنْهُ عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ وَرَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ الْمُقْرِئِيِّ وَشُبَيْبٍ الْكَلاَعِيِّ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ قَالَ عُرِضَتْ الْخَيْلُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعِنْدَهُ عُيَيْنَةَ بْنُ بَدْرٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعُيَيْنَةَ أَنَا أَفَرَسُ بِالْخَيْلِ مِنْك فَقَالَ عُيَيْنَةَ إنْ تَكُنْ أَفَرَسَ بِالْخَيْلِ مِنِّي فَأَنَا أَفَرَسُ بِالرِّجَالِ مِنْك قَالَ وَكَيْفَ قَالَ إنَّ خَيْرَ رِجَالٍ لَبِسُوا الْبُرُدَ وَوَضَعُوا سُيُوفَهُمْ عَلَى عَوَاتِقِهِمْ وَعَرَضُوا الرِّمَاحَ عَلَى مَنَاسِجِ خُيُولِهِمْ رِجَالُ نَجْدٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَذَبْتَ بَلْ هُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ وَالإِيمَانُ يَمَانٍ إلَى لَخْمٍ وَجُذَامٍ وَعَامِلَةَ وَمَأْكُولُ حِمْيَرَ خَيْرٌ مِنْ أُكُلِهَا وَحَضْرَمَوْتُ خَيْرٌ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ وَسَمَّى الأَقْيَالَ وَالأَنْكَالَ فَفِيمَا رَوَيْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم تِبْيَانُهُ أَهْلَ الْيَمَنِ الَّذِينَ أَرَادَهُمْ بِمَا فِي الآثَارِ الآُوَلِ وَأَنَّهُمْ أَهْلُ هَذِهِ الْقَبَائِلِ الْيَمَانِيَّةِ لاَ مَنْ سِوَاهُمْ‏.‏

وَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ فَذَكَرَ حَدِيثًا طَوِيلاً فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَيَأْتِيَنَّ أَقْوَامٌ تَحْقِرُونَ أَعْمَالَكُمْ مَعَ أَعْمَالِهِمْ قُلْنَا مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ أَقُرَيْشٌ‏؟‏ قَالَ‏:‏ لاَ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَرَقُّ أَفْئِدَةً وَأَلْيَنُ قُلُوبًا فَقُلْنَا‏:‏ هُمْ خَيْرٌ مِنَّا يَا رَسُولَ اللهِ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ لَوْ كَانَ لأَحَدِهِمْ جَبَلٌ مِنْ ذَهَبٍ فَأَنْفَقَهُ مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِكُمْ وَلاَ نَصِيفَهُ إنَّ فَصْلَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ النَّاسِ هَذِهِ الآيَةُ ‏{‏لاَ يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ‏}‏ الآيَةَ‏.‏

فَكَانَ فِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى حَقِيقَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ الَّذِينَ أَرَادَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْفَصْلِ الأَوَّلِ مَنْ هُمْ وَأَنَّهُمْ خِلاَفُ أَهْلِ تِهَامَةَ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ ثُمَّ وَجَدْنَا إِسْحَاقَ بْنَ إبْرَاهِيمَ بْنَ يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَنْبَأَ حُمَيْدٌ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَقْدَمُ قَوْمٌ هُمْ أَرَقُّ مِنْكُمْ أَفْئِدَةً فَقَدِمَ الأَشْعَرِيُّونَ فِيهِمْ أَبُو مُوسَى فَجَعَلُوا يَرْتَجِزُونَ وَيَقُولُونَ غَدًا نَلْقَى الأَحِبَّةَ مُحَمَّدًا وَحِزْبَهُ فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ أَهْلَ الْيَمَنِ الْمُرَادِينَ كَمَا فِي الآثَارِ الآُوَلِ هُمْ الأَشْعَرِيُّونَ وَأَمْثَالُهُمْ مِنْ الْقَادِمِينَ مِنْ حَقِيقَةِ الْيَمَنِ دُونَ مَنْ سِوَاهُمْ‏.‏

وَوَجَدْنَا ابْنَ خُزَيْمَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ لَمَّا قَدِمَ أَهْلُ الْيَمَنِ قَالَ النَّبِيُّ عليه السلام قَدْ أَقْبَلَ أَهْلُ الْيَمَنِ هُمْ أَلْيَنُ قُلُوبًا مِنْكُمْ وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ جَاءَ بِالْمُصَافَحَةِ وَمَا فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ الآثَارِ فَكَثِيرٌ اكْتَفَيْنَا مِنْهَا بِمَا جِئْنَا بِهِ مِنْهَا فِي هَذَا الْبَابِ مِمَّا قَدْ وَضَحَ بِهِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَقِيقَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ الْمُرَادِينَ بِمَا فِيهَا وَأَنَّهُمْ لَيْسُوا أَهْلَ تِهَامَةَ كَمَا قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي قَوْلِهِ أَقْرَؤُهُمْ، يَعْنِي أُمَّتَهُ، لِكِتَابِ اللهِ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدٌ وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ

حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ ثنا عَفَّانَ ثنا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ أَرْحَمُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ وَأَشَدُّهُمْ فِي أَمْرِ اللهِ عُمَرُ وَأَصْدَقُهُمْ حَيَاءً عُثْمَانُ وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ وَأَفْرَضُهُمْ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَعْلَمُهُمْ بِالْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا أَلاَ وَإِنَّ أَمِينَ هَذِهِ الآُمَّةِ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ بْنُ عُقْبَةَ ثنا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ وَعَاصِمٍ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ قَالَ‏:‏ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ وَأَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ أُبَيّ بْنُ كَعْبٍ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ثنا خَلَفُ بْنُ الْوَلِيدِ الْعَتَكِيُّ ثنا الأَشْجَعِيُّ ثنا سُفْيَانُ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ وَأَفْرَضُهَا زَيْدٌ وَأَعْلَمُهَا بِالْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ مُعَاذٌ‏.‏

فَسَأَلَ سَائِلٌ عَنْ الْمُرَادِ بِمَا ذُكِرَ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أُبَيٍّ وَزَيْدٍ وَمُعَاذٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَهَلْ يُوجِبُ ذَلِكَ لَهُ أَنْ يَكُونَ فِي مَعْنَاهُ الَّذِي ذُكِرَ بِهِ فَوْقَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ وَمَنْ سِوَاهُمْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَجْمَعِينَ‏.‏

فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ مَنْ جَلَّتْ رُتْبَتُهُ فِي مَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي جَازَ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَفْضَلُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ هُوَ مِثْلُهُ أَوْ مَنْ هُوَ فَوْقَهُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا قَالَهُ لِعَلِيٍّ إنَّهُ يَقْتُلُهُ أَشْقَاهَا يُرِيدُ الْبَرِيَّةَ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَالِحٍ الأَزْدِيُّ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْر، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ وَهْبٍ أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ ثنا ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خُثَيْمٍ عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ قَالَ كُنْت أَنَا وَعَلِيٌّ رَفِيقَيْنِ فِي غَزْوَةٍ ذَكَرَهَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُد فِي حَدِيثِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ فَلَمَّا نَزَلَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَقَامَ بِهَا رَأَيْنَا نَاسًا مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ يَعْمَلُونَ فِي عَيْنٍ لَهُمْ أَوْ فِي نَخْلٍ فَقَالَ لِي عَلِيٌّ يَا أَبَا الْيَقْظَانِ هَلْ لَك أَنْ نَأْتِيَ هَؤُلاَءِ فَنَنْظُرَ كَيْفَ يَعْمَلُونَ قَالَ قُلْت إنْ شِئْت فَجِئْنَاهُمْ فَنَظَرْنَا إلَى عَمَلِهِمْ سَاعَةً‏,‏ ثُمَّ غَشِيَنَا النَّوْمُ فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَعَلِيٌّ حَتَّى اضْطَجَعْنَا فِي ظِلِّ صُورٍ مِنْ النَّخْلِ وَفِي دَقْعَاءَ مِنْ التُّرَابِ فَنِمْنَا فَوَاَللَّهِ مَا نَبَّهَنَا إِلاَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُحَرِّكُنَا بِرِجْلِهِ وَقَدْ تَتَرَّبْنَا مِنْ تِلْكَ الدَّقْعَاءِ الَّتِي نِمْنَا فِيهَا فَيَوْمَئِذٍ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ مَا لَك يَا أَبَا تُرَابٍ لِمَا يَرَى عَلَيْهِ مِنْ التُّرَابِ‏,‏ ثُمَّ قَالَ أَلاَ أُحَدِّثُكُمَا بِأَشْقَى النَّاسِ قُلْنَا بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ قَالَ أُحَيْمِرُ ثَمُودَ الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ وَاَلَّذِي يَضْرِبُك يَا عَلِيُّ عَلَى هَذِهِ وَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى قَرْنِهِ حَتَّى يَبُلَّ مِنْهَا هَذِهِ وَأَخَذَ بِلِحْيَتِهِ‏.‏

ثُمَّ مِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ مِمَّا لَمْ يُضِفْهُ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام غَيْرَ أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْهُ رَأْيًا وَلاَ اسْتِخْرَاجًا وَلاَ اسْتِنْبَاطًا إذْ كَانَ مِثْلُهُ لاَ يُقَالُ بِالرَّأْيِ وَلاَ بِالاِسْتِخْرَاجِ وَلاَ بِالاِسْتِنْبَاطِ وَنُحِيطُ عِلْمًا أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ لأَخْذِهِ إيَّاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا فِطْرُ بْنُ خَلِيفَةَ حَدَّثَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ دَعَا عَلِيٌّ النَّاسَ إلَى الْبَيْعَةِ فَجَاءَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُلْجَمٍ فَرَدَّهُ مَرَّتَيْنِ‏,‏ ثُمَّ قَالَ مَا يَحْبِسُ أَشْقَاهَا لَيَخْضِبَنَّ أَوْ لَيَضَعَنَّ هَذَا مِنْ هَذِهِ لِلِحْيَتِهِ مِنْ رَأْسِهِ‏,‏ ثُمَّ تَمَثَّلَ بِهَذَيْنِ الْبَيْتَيْنِ اُشْدُدْ حَيَازِيمَكَ لِلْمَوْتِ فَإِنَّ الْمَوْتَ آتِيكَا وَلاَ تَجْزَعْ مِنْ الْقَتْلِ إذَا حَلَّ بِوَادِيكَا وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ ابْنَ مُلْجَمٍ قَدْ كَانَ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ وَإِنَّمَا الَّذِي كَانَ مِنْهُ حَتَّى عَادَ بِهِ مُطْلَقًا عَلَيْهِ أَنَّهُ أَشْقَى النَّاسِ عَظِيمُ مَا كَانَ مِنْهُ وَجَلاَلَةُ جُرْمِهِ وَفَتْقُهُ فِي الإِسْلاَمِ مَا فَتَقَهُ وَنَحْنُ نَعْلَمُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّ أَشْقَى مِنْهُ مَنْ لَمْ يُوَحِّدْ اللَّهَ سَاعَةً قَطُّ وَجَعَلَ لِلَّهِ وَلَدًا وَلَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى ذَلِكَ‏,‏ وَهُوَ فِي الشِّقْوَةِ فَوْقَ ابْنِ مُلْجَمٍ وَمِنْ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْخَوَارِجِ الَّذِينَ مِنْهُمْ ابْنُ مُلْجَمٍ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ الشَّيْرَزِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ نَجْدَةَ الْحَوْطِيُّ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ عَبْدُ الْقُدُّوسِ بْنُ الْحَجَّاجِ الْخَوْلاَنِيُّ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام فِي وَصْفِهِ الْخَوَارِجَ بِالصَّلاَةِ وَالصَّوْمِ‏,‏ ثُمَّ قَالَ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ شِرَارُ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ عَنِ الأَوْزَاعِيِّ‏,‏ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَقَدْ عَلِمْنَا أَنَّ مَنْ نَحَلَ لِلَّهِ وَلَدًا أَوْ أَشْرَكَ بِهِ وَقَتَلَ أَنْبِيَاءَهُ وَكَذَّبَ رُسُلَهُ شَرٌّ مِنْ هَؤُلاَءِ لَمَّا عَظُمَ مَا كَانَ مِنْهُمْ وَجَلَّ جَازَ بِذَلِكَ أَنْ يُقَالَ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ وَجَازَ لِمَنْ تَفَرَّدَ مِنْهُمْ بِمَا تَفَرَّدَ بِهِ فِي عَلِيٍّ أَنْ يُقَالَ‏:‏ هُوَ أَشْقَى الْبَرِيَّةِ وَإِنْ كَانَ فِيهَا مَنْ هُوَ فِي الشِّقْوَةِ مِثْلَهُ أَوْ مَنْ هُوَ فِي الشِّقْوَةِ فَوْقَهُ فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أُبَيٍّ وَمِنْ زَيْدٍ وَمِنْ مُعَاذٍ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ جَازَ إطْلاَقُ ذَلِكَ لَهُ عَلَى مَا فِي الْحَدِيثِ لِجَلاَلَةِ مِقْدَارِهِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي أُضِيفَ إلَيْهِ فِيهِ وَلِعُلُوِّ رُتْبَتِهِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ هُوَ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى مِثْلُهُ وَمَنْ هُوَ فَوْقَهُ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى وَهَذَا لِسَعَةِ اللُّغَةِ وَلِعِلْمِ الْمُخَاطَبِينَ بِذَلِكَ مُرَادَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ فِيهِ وَلَوْلاَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَا جَازَ أَنْ يُقَالَ لِمَنْ عَظُمَتْ رُتْبَتُهُ فِي الْعِلْمِ وَجَلَّ مِقْدَارُهُ فِيهِ إنَّهُ أَعْلَمُ النَّاسِ إذْ كَانَ الَّذِي يَقُولُ ذَلِكَ لَهُ لاَ يَعْرِفُ النَّاسَ جَمِيعًا وَلاَ يَقِفُ عَلَى مَقَادِيرِ عُلُومِهِمْ‏,‏ وَإِذَا جَازَ لَهُ ذَلِكَ مَعَ تَقْصِيرِهِ عَنْ مَعْرِفَةِ النَّاسِ جَمِيعًا وَعَنْ مَعْرِفَةِ مِقْدَارِ عُلُومِهِمْ إذْ كَانَ لاَ يَعْرِفُ مِنْهُمْ مِثْلَ الَّذِي وَصَفَهُ مِمَّا وَصَفَهُ بِهِ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ عَقَلْنَا بِهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِمِثْلِهِ مَنْ يَعْرِفُهُ قَائِلُ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَأَنَّهُ جَازَ لَهُ جَمْعُ النَّاسِ جَمِيعًا فِي قَوْلِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْمَجَازِ لاَ عَلَى الْحَقِيقَةِ‏,‏ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَهْيِهِ عَنْ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى وَمِمَّا رُوِيَ عَنْهُ مِنْ حَلِفِهِ بِغَيْرِهِ تَعَالَى وَمَا نُسِخَ مِنْ ضِدِّهِ مِنْهُ

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُقْرِئُ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَسِيرٍ لَهُ أَوْ قَالَ‏:‏ فِي سَفَرٍ فَقُلْتُ لاَ وَأَبِي فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم‏.‏

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ إبْرَاهِيمَ الْغَافِقِيُّ ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ سَمِعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عُمَرَ يَقُولُ وَأَبِي وَأَبِي فَقَالَ إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ قَالَ عُمَرُ‏:‏ فَوَاَللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ذَاكِرًا وَلاَ آثِرًا‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد جَمِيعًا حَدَّثَنَا ابْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنِي اللَّيْثُ حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ قَالَ عُمَرُ فَوَاَللَّهِ مَا حَلَفْتُ بِهَا مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنْهَى عَنْهَا وَلاَ تَكَلَّمْتُ بِهَا‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ عليه السلام أَدْرَكَ عُمَرَ وَهُوَ فِي رَكْبٍ فَحَلَفَ بِأَبِيهِ فَقَالَ إنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَلْيَحْلِفْ حَالِفٌ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَسْكُتْ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ حَدَّثَنِي نَافِعٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَدْرَكَهُ وَهُوَ فِي رَكْبٍ وَهُوَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ‏:‏ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تَحْلِفُ بِآبَائِهَا فَقَالَ لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ‏.‏

فَفِي هَذِهِ الآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهْيُهُ عليه السلام أَنْ يُحْلَفَ بِغَيْرِ اللهِ وَقَدْ رُوِيَتْ عَنْهُ آثَارٌ أُخَرُ فِيهَا حَلِفُهُ بِغَيْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ‏.‏

مِنْهَا مَا حَدَّثَنَا بِهِ يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ نَافِعِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام ثَائِرَ الرَّأْسِ فَقَالَ يَا رَسُول اللهِ أَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ الصَّلاَةِ فَقَالَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ شَيْئًا قَالَ فَأَخْبِرْنِي مَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ الصِّيَامِ قَالَ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ إِلاَّ أَنْ تَطَوَّعَ شَيْئًا قَالَ فَأَخْبِرْنِي بِمَا فَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ مِنْ الزَّكَاةِ قَالَ فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ فَقَالَ وَاَلَّذِي أَكْرَمَكَ بِالْحَقِّ لاَ أَتَطَوَّعُ وَلاَ أَنْقُصُ مِمَّا افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيَّ شَيْئًا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إنْ صَدَقَ‏.‏

وَمِنْهَا مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْكُوفِيُّ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِمْرَانَ الأَخْنَسِيُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ حَدَّثَنَا عُمَارَةُ وَهُوَ ابْنُ الْقَعْقَاعِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ وَهُوَ ابْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ عَنْ النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ أَيُّ الصَّدَقَةِ أَفْضَلُ قَالَ أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّهُ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى وَلاَ تُمْهِلْ حَتَّى إذَا بَلَغَتْ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلاَنٍ كَذَا وَلِفُلاَنٍ كَذَا وَهُوَ لِفُلاَنٍ‏.‏

وَمِنْهَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ وَهْبِ بْنِ عُقْبَةَ الْعَامِرِيُّ قَالَ سَمِعْت أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ الْفُجَيْعِ أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ عليه السلام فَقَالَ لَهُ مَا يَحِلُّ لَنَا مِنْ الْمَيْتَةِ‏؟‏ فَقَالَ مَا طَعَامُك قَالَ نَصْطَبِحُ وَنَغْتَبِقُ فَسَّرَهُ لِي عُقْبَةُ قَدَحٌ غُدْوَةً وَقَدَحٌ عَشِيَّةً قَالَ‏:‏ ذَلِكَ، وَأَبِي، الْجُوعُ فَأَحَلَّ لَهُمْ الْمَيْتَةَ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ فَكَانَ فِي هَذِهِ الآثَارِ الثَّابِتَةِ إبَاحَةُ مَا قَدْ جَاءَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي الآُوَلِ‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَهْلِ بِوُجُوهِ آثَارِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا تَضَادٌّ شَدِيدٌ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ لاَ تَضَادَّ فِيهِ وَلَكِنْ فِيهِ مَعْنَيَانِ مُخْتَلِفَانِ كَانَ أَحَدُهُمَا فِي وَقْتٍ وَكَانَ الآخَرُ فِي وَقْتٍ آخَرَ وَكَانَ الآخِرُ مِنْهُمَا نَاسِخًا لِلأَوَّلِ مِنْهُمَا وَذَلِكَ غَيْرُ مُنْكَرٍ إذْ كَانَ كِتَابُ اللهِ تَعَالَى فِيهِ مَا قَدْ نَسَخَ غَيْرَهُ مِمَّا فِيهِ ثُمَّ طَلَبْنَا النَّاسِخَ مِنْهُمَا لِلآخَرِ مَا هُوَ‏.‏

فَوَجَدْنَا صَالِحَ بْنَ شُعَيْبِ بْنِ أَبَانَ الْبَصْرِيَّ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ الْمَسْعُودِيِّ حَدَّثَنِي مَعْبَدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ قُتَيْلَةَ بِنْتِ صَيْفِيِّ الْجُهَنِيَّةِ قَالَتْ أَتَى حَبْرٌ مِنْ الأَحْبَارِ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ نِعْمَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ لَوْلاَ أَنَّكُمْ تُشْرِكُونَ فَقَالَ‏:‏ سُبْحَانَ اللهِ قَالَ إنَّكُمْ تَقُولُونَ إذَا حَلَفْتُمْ وَالْكَعْبَةِ قَالَ فَأَمْهَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا ثُمَّ قَالَ إنَّهُ قَدْ قَالَ لِمَنْ حَلَفَ فَلْيَحْلِفْ بِرَبِّ الْكَعْبَةِ‏.‏

فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ذِكْرُ سَبَبِ النَّهْيِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُتَأَخِّرَ مِنْ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُخْتَلِفِينَ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي هَذَا الْبَابِ هُوَ النَّهْيُ عَنْ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى لاَ الإِبَاحَةُ لَهُ فَبَانَ بِحَمْدِ اللهِ بِمَا ذَكَرْنَا خِلاَفُ مَا تَوَهَّمَ هَذَا الْجَاهِلُ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى مَا حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ

حَدَّثَنَا بَكَّارَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ كُنْت جَالِسًا مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَسَمِعَ رَجُلاً يَقُولُ كَلًّا وَأَبِي فَقَالَ كَانَ عُمَرُ يَحْلِفُ بِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ عليه السلام إنَّهَا شِرْكٌ فَلاَ تَحْلِفْ بِهَا‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ عُمَرَ قَالَ لاَ وَأَبِي فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ دُونَ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ دُونَ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، لَمْ يُرِدْ بِهِ الشِّرْكَ الَّذِي يَخْرُجُ بِهِ مِنْ الإِسْلاَمِ حَتَّى يَكُونَ بِهِ صَاحِبُهُ خَارِجًا مِنْ الإِسْلاَمِ وَلَكِنَّهُ أُرِيدَ أَنْ لاَ يَنْبَغِي أَنْ يُحْلَفَ بِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى‏,‏ وَكَانَ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ قَدْ جَعَلَ مَا حَلَفَ بِهِ كَمَا اللَّهَ تَعَالَى مَحْلُوفًا بِهِ‏,‏ وَكَانَ بِذَلِكَ قَدْ جَعَلَ مَنْ حَلَفَ بِهِ أَوْ مَا حَلَفَ بِهِ شَرِيكًا فِيمَا يَحْلِفُ بِهِ وَذَلِكَ عَظِيمٌ فَجُعِلَ مُشْرِكًا بِذَلِكَ شِرْكًا غَيْرَ الشِّرْكِ الَّذِي يَكُونُ بِهِ كَافِرًا بِاَللَّهِ تَعَالَى خَارِجًا مِنْ الإِسْلاَمِ‏.‏

وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي الطِّيَرَةِ كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ عَنْ عِيسَى بْنِ عَاصِمٍ الأَسَدِيِّ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الطِّيَرَةُ شِرْكٌ وَمَا مِنَّا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ ثنا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ ثنا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ عِيسَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالاَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ كُهَيْلٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ وَمَا مِنَّا إلًّا وَلَكِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُذْهِبُهُ بِالتَّوَكُّلِ فَلَمْ يَكُنْ الْمُرَادُ بِذَلِكَ الشِّرْكِ الْكُفْرَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَلَكِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِهِ أَنَّ شَيْئًا تَوَلَّى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِعْلَهُ قِيلَ فِيهِ إنْ شِئْتَ فَعَلَهُ كَانَ كَذَا مِمَّا يُتَطَيَّرُ بِهِ فَمِثْلُ ذَلِكَ الشِّرْكُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ هُوَ مِنْ جِنْسِ هَذَا الشِّرْكِ لاَ مِنْ الشِّرْكِ بِاَللَّهِ تَعَالَى الَّذِي يُوجِبُ الْكُفْرَ بِهِ‏.‏

ثُمَّ تَأَمَّلْنَا حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي قَدْ رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ مِنْ حَدِيثَيْ الأَعْمَشِ وَسَعِيدِ بْنِ مَرْزُوقٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ فَوَجَدْنَاهُ فَاسِدَ الإِسْنَادِ‏.‏

وَذَلِكَ لأَنَّ ابْنَ مَرْزُوقٍ قَالَ حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَقُمْتُ وَتَرَكْتُ عِنْدَهُ رَجُلاً مِنْ كِنْدَةَ فَأَتَيْتُ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيِّبِ فَجَاءَ فَزِعًا فَقَالَ جَاءَ رَجُلٌ إلَى ابْنِ عُمَرَ فَقَالَ لَهُ أَحْلِفُ بِالْكَعْبَةِ‏؟‏ فَقَالَ لاَ وَلَكِنْ احْلِفْ بِرَبِّ الْكَعْبَةِ فَإِنَّ عُمَرَ كَانَ يَحْلِفُ بِأَبِيهِ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ فَمَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ‏.‏

وَأَنَّ يَزِيدَ بْنَ سِنَانٍ حَدَّثَنَا قَالَ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ قَالَ كُنْتُ أَنَا وَصَاحِبٌ لِي مِنْ كِنْدَةَ جُلُوسًا عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ فَقُمْتُ فَجَلَسْتُ إلَى ابْنِ الْمُسَيِّبِ فَأَتَانِي صَاحِبِي فَقَالَ قُمْ إلَيَّ وَقَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهُ وَاصْفَرَّ وَجْهُهُ فَقُلْتُ لَهُ لَيْسَ إنَّمَا فَارَقْتُكَ قُبَيْلُ‏,‏ قَالَ سَعِيدٌ قُمْ إلَى صَاحِبِك فَقُمْتُ إلَيْهِ فَقَالَ أَلَمْ تَرَ إلَى مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَقُلْتُ وَمَا قَالَ‏؟‏ قَالَ أَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ أَحْلِفُ بِالْكَعْبَةِ‏؟‏ قَالَ لاَ وَلِمَ تَحْلِفُ بِالْكَعْبَةِ‏؟‏ احْلِفْ بِرَبِّ الْكَعْبَةِ فَإِنَّ عُمَرَ حَلَفَ بِأَبِيهِ عِنْدَ النَّبِيِّ عليه السلام فَقَالَ لَهُ لاَ تَحْلِفْ بِأَبِيكَ فَإِنَّهُ مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ أَشْرَكَ‏.‏

فَوَقَفْنَا عَلَى أَنَّ مَنْصُورَ بْنَ الْمُعْتَمِرِ قَدْ زَادَ فِي إسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الأَعْمَشِ وَعَلَى سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ رَجُلاً مَجْهُولاً بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَفَسَدَ بِذَلِكَ إسْنَادُهُ غَيْرَ أَنَّا قَدْ ذَكَرْنَا فِي تَأْوِيلِهِ مَا إنْ صَحَّ كَانَ تَأْوِيلُهُ الَّذِي تَأَوَّلْنَاهُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَاهُ فِيهِ‏,‏ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَمَرَ بِهِ مَنْ حَلَفَ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى أَنْ يَقُولَ

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ بْنِ فَارِسَ وَحَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالاَ حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ سَعْدٍ قَالَ حَلَفْتُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَكَانَ الْعَهْدُ حَدِيثًا فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ عليه السلام فَقُلْتُ إنِّي حَلَفْتُ بِاللَّاتِ وَالْعُزَّى وَكَانَ الْعَهْدُ حَدِيثًا فَقَالَ قُلْتَ هَجْرًا اُتْفُلْ عَنْ يَسَارِكَ ثَلاَثًا وَقُلْ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ تَعَالَى وَلاَ تَعُدْ‏.‏

فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا فِيهِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ سَعْدًا كَانَ مِنْهُ مَا كَانَ مِمَّا ذُكِرَ عَنْهُ فِيهِ لِقُرْبِ الْعَهْدِ أَيْ بِعَادَتِهِمْ كَانَ مَا حَلَفَ بِهِ فَكَانَ حَلِفُهُ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ حَتَّى قَالَ مَا قَالَ مِمَّا حَلَفَ بِهِ عَلَى مَا قَدْ غَلَبَ عَلَى قَلْبِهِ مِمَّا دَخَلَهُ مَعَهُ السَّهْوُ عَنْ تَحْرِيمِ اللهِ تَعَالَى ذَلِكَ عَلَيْهِ بِإِسْلاَمِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ‏,‏ وَكَانَ الأَصْلُ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا حَلَفَ عَلَى مَا يَرَى أَنَّهُ عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَكَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَقُولَ لِرَجُلٍ يَرَاهُ مُقْبِلاً هَذَا وَاَللَّهِ زَيْدٌ وَهُوَ يَرَاهُ كَذَلِكَ فَيَكُونُ عَمْرًا فَيَمِينُهُ تِلْكَ لَغْوٌ لاَ إثْمَ عَلَيْهِ فِيهَا لأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي اللَّغْوِ الَّذِي لاَ يُؤَاخِذُ اللَّهُ بِهِ وَإِذَا كَانَ اللَّغْوُ فِي نَفْسِ الْيَمِينِ هَذَا حُكْمُهُ كَانَ اللَّغْوُ فِي الشَّيْءِ الَّذِي يَرَى الْحَالِفُ أَنَّهُ مَحْلُوفٌ بِهِ فَلاَ يَكُونُ كَذَلِكَ أَحْرَى أَنْ يَكُونَ لَغْوًا وَأَنْ لاَ يَكُونَ بِهِ مَأْخُوذًا‏.‏

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ‏:‏ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَمَرَ النَّبِيُّ عليه السلام سَعْدًا أَنْ لاَ يَعُودَ إلَى مَا كَانَ مِنْهُ قِيلَ لَهُ مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَتَحَفَّظَ مِنْ نَفْسِهِ حَتَّى لاَ يَكُونَ مِنْهُ مِثْلُ ذَلِكَ مِنْ السَّهْوِ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَيْهِ حَتَّى يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ‏.‏

وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يَدْخُلُ فِي هَذَا الْمَعْنَى‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ بِاللَّاتِ فَلْيَقُلْ لاَ إلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَنْ قَالَ لِصَاحِبِهِ تَعَالَ أُقَامِرُك فَلْيَتَصَدَّقْ وَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ عَنْ الزُّبَيْدِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَقْصُودًا بِهِ إلَى خَوَاصَّ مِنْ النَّاسِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ مَنْ حَلَفَ مِنْكُمْ أَيْ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى فَكَانَ مِنْهُ هَذَا عَلَى مَا كَانَتْ جَرَتْ عَلَيْهِ عَادَتُهُ قَبْلَ إسْلاَمِهِ فَسَهَا فِي إسْلاَمِهِ حَتَّى كَانَ هَذَا مِنْهُ أَنْ يُتْبِعَ ذَلِكَ بِتَوْحِيدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنْ لاَ إلَهَ سِوَاهُ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏