فصل: مبدأ لدولة وولاية أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان على الموصل.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.مبدأ لدولة وولاية أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان على الموصل.

ولما ولي المكتفي عقد لأبي الهيجاء عبد الله بن حمدان على الموصل وأعمالها وكان الأكراد الهدبانية قد عاثوا في نواحيها ومقدمهم محمد بن سلال فقاتلهم وعبر وراءهم إلى الجانب الشرقي وقاتلهم على الخازر وقتل مولاه سيما ورجع ثم أمده الخليفة فسار في أثرهم سنة أربع وتسعين وقاتلهم على أذربيجان وهزم محمد بن سلال بأهله وولده واستباحهم ابن حمدان ثم استأمن محمد وجاءه إلى الموصل واستأمن سائر الأكراد الحميدية واستقام أمر أبي الهيجاء ثم كانت فتنة الخلع ببغداد سنة ست وتسعين وقتل الوزير العباس بن الحسن وخلع المقتدر وبويع عبد الله بن المعز يوما أو بعض يوم وعاد المقتدر كما مر ذلك كله في أخبار الدولة العباسية وكان الحسين بن حمدان على ديار ربيعة وكان ممن تولى كبر هذه الفتنة مع القواد وباشر قتل الوزير مع من قتله فهرب وطلبه المقتدر وبعث في طلبه القاسم بن سيما وجماعة من القواد فلم يظفروا به فكتب إلى أبي الهيجاء وهو على الموصل فسار مع القاسم ولقيهم الحسين عند تكريت فانهزم واستأمن فأمنه المقتدر وخلع عليه وولاه أعمال قم وقاشان ثم رده بعد ذلك إلى ديار ربيعة.

.انتقاض أبي الهيجاء ثم الحسين بن حمدان.

ولماكانت سنة تسع وتسعين ومائتين خالف أبو الهيجاء بالموصل إلى سنة اثنتين وثلاثمائة وكان الحسين بن حمدان على ديار ربيعة كما قدمناه فطالبه الوزير عيسى بن عيسى بحمل المال فدافعه فأمره بتسليم البلاد إلى العمال فامتنع فجهز إليه الجيش فهزمهم فكتب إلى مؤنس العجلي وهو بمصر يقاتل عساكر العلوية بأن يسير إلى قتال الحسين بعد فراغه من أمره فسار إليه سنة ثلاث وثلاثمائة فارتحل بأهله إلى أرمينية وترك البلاد وبعث مؤنس العساكر في أثره فأدركوه وقاتلوه فهزموه وأسر وابنه عبد الوهاب وأهله وأصحابه وعاد به إلى بغداد فأدخل على جمل وقبض المقتدر ليومئذ على أبي الهيجاء وجميع بني حمدان فحبسهم جميعا ثم أطلق أبا الهيجاء سنة خمس وثلاثمائة بعدها وقتل الحسين سنة ست وولى إبراهيم بن حمدان سنة سبع على ديار ربيعة وولى مكانه داود بن حمدان.

.ولاية أبي الهيجاء ثانية على الموصل ثم مقتله.

ثم ولى المقتدر أبا الهيجاء عبد الله بن حمدان على الموصل سنة أربع عشرة وثلاثماثة فبعث ابنه ناصر الدولة الحسين عليها وأقام هو ببغداد ثم بلغه إفساد العرب والأكراد في نواحيها وفي نواحي عمله الآخر بخراسان فبعث إلى أبيه ناصر الدولة فأوقع بالعرب في الجزيرة ونكل بهم وجاءه في العساكر إلى تكريت فخرج ورحل بهم إلى شهرزور وأوقع بالأكراد الجلالية حتى استقاموا على الطاعة ثم كان خلع المقتدر سنة سبع عشرة وثلاثمائة بأخيه القاهر ثم عاد ثاني يوم وأحيط بالقاهر في قصره فتذمم بأبي الهيجاء وكان عنده يومئذ وأطال المقام يحاول على النجاة به فلم يتمكن من ذلك وانقض الناس على القاهر ومضى أبو الهيجاء يفتش عن بعض المنافق في القصر يتخلص منه فاتبعه جماعة وفتكوا به وقتلوه منتصف المحرم من السنة وولى المقتدر مولاه تحريرا على الموصل.

.ولاية سعيد ونصر ابني حمدان على الموصل.

ثم ان أبا العلاء سعيد بن حمدان ضمن الموصل وديار ربيعة وما بيد ناصر الدولة فولاه الراضي سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة وسار إلى الموصل فخرج ناصر الدولة لتلقيه وخالفه أبو العلاء إلى بيته وقعد ينتظره فأنفذ ناصر الدولة جماعة من غلمانه فقتلوه وبلغ الخبر إلى الراضي فأعظم ذلك وأمر الوزير ابن مقلة بالمسير إلى الموصل فسار إليها وارتحل ناصر الدولة واتبعه الوزير إلى جبل السن ورجع عنه وأقام بالموصل واحتال بعض أصحاب ابن حمدان ببغداد على ابن الوزير وبذل له عشرة آلاف دينار على أن يستحث أباه ففعل وكتب إليه بأمور أزعجته فاستعمل على الموصل من وثق به من أهل الدولة ورجع إلى بغداد في منتصف شوال ورجع ناصر الدولة إلى الموصل فاستولى عليها وكتب إلى الراضي في الصفح وأن يضمن البلاد فأجيب إلى ذلك واستقر في ولايته.

.مسير الراضي إلي الموصل.

وفي سنة سبع وعشرين وثلاثمائة تأخر ضمان البلاد من ناصر الدولة فغضب الراضي وسار ومدبر دولته تحكم وسار إلى الموصل وتقدم تحكم إلى تكريت فخرج إليه ناصر الدولة فانهزم أصحابه وسار إلى نصيبين واتبعه تحكم فلحق به وكتب تحكم إلى الراضي بالفتح فسار في السفن يريد الموصل وكان ابن رائق مختفيا ببغداد منذ غلبه ابن البريدي على الدولة فظهر عند ذلك واستولى على بغداد وبلغ الخبر إلى الراضي فأصعد من الماء إلى البر واستقدم تحكم من نصيبين واستعاد ناصر الدولة ديار ربيعة وهو يعلم بخبر ابن رائق وبعث في الصلح على تعجيل خمسمائة ألف درهم فأجابه إلى ذلك وسار الراضي وتحكم إلى بغداد ولقيهم أبو جعفر محمد بن يحيى بن سريق رسولا من ابن رائق في الصلح على أن يولي ديار مضر وهي حران والرها والرقة وتضاف إليها قنسرين والعواصم فأجيب إلى ذلك وسار عن بغداد إلى ولايته ودخل الراضي وتحكم بغداد ورجع ناصر الدولة بن حمدان إلى الموصل.