فصل: كتاب النبي إلى هوذة بن علي الحنفي صاحب اليمامة

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير **


 وفد النخع

وقدم على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وفد النخع وهم آخر وفد‏.‏

وقدموا للنصف من المحرم سنة إحدى عشرة في مائتي رجل فنزلوا دار الأضياف ثم جاؤوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مقرين بالإسلام وقد كانوا بايعوا معاذ بن جبل فقال رجل منهم يقال له زرارة بن عمرو يا رسول الله إني رأيت في سفري هذا عجباً قال ‏"‏ ومارأيت ‏"‏ قال رأيت أتاناً تركتها في الحي كأنها ولدت جدياً أسفع أحوى فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ‏"‏ هل تركت أمه لك مصرة على حمل ‏"‏ قال نعم قال ‏"‏ فإنها قد ولدت غلاماً هو ابنك ‏"‏ قال يا رسول الله فما باله أسفع قال ‏"‏ ادن مني فدنا منه ‏"‏ فقال هل بك من برص تكتمه ‏"‏ والذي بعثك بالحق ما علم به أحد ولا اطلع عليه غيرك‏.‏

قال ‏"‏ فهو ذلك ‏"‏ قال يا رسول الله ورأيت النعمان بن المنذر عليه قرطان ودملجان ومسكتان قال ‏"‏ ذلك ملك العرب رجع إلى أحسن زيه وبهجته ‏"‏‏.‏

قال يا رسول الله ورأيت عجوزاً شمطاء خرجت من الأرض قال ‏"‏ تلك بقية الدنيا ‏"‏ قال ورأيت ناراً خرجت من الأرض فحالت بيني وبين ابن لي يقال له عمرو وهي تقول لظي لظي بصير وأعمى أطعموني أكلكم أهلكم ومالكم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ‏"‏ تلك فتنة تكون في آخر الزمان ‏"‏ قال يا رسول الله وما الفتنة قال ‏"‏ يقتل الناس إمامهم ويشتجرون اشتجار أطباق الرأس وخالف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بين أصابعه يحسب المسيء فيها أنه محسن ويكون دم المؤمن عند المؤمن أحل من شرب الماء وإن مات ابنك أدركت الفتنة وإن مت أنت أدركها ابنك ‏"‏ قال يا رسول الله أن لا أدركها فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ‏"‏ اللهم لا يدركها ‏"‏ فمات وبقي ابنه وكان ممن خلع عثمان‏.‏

والمسك مفتوح الميم والسين المهملة الذيل والمسك الإسورة والخلاخل من الذبل والقرون والعاج واحدته مسكة‏.‏

قاله ابن سيده‏.‏

 بعث الرسول إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام

بعث دحية الكلبي إلى قيصر ملك الروم‏.‏

وعبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى ملك فارس‏.‏وعمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي ملك الحبشة‏.‏

وحاطب بن أبي بلتعة إلى المقوقس صاحب الإسكندرية‏.‏

وعمرو بن العاص إلى جيفر وعبد ابني الجلندي ملكي عمان‏.‏

وسليط بن عمرو والعامري إلى ثمامة بن أثال وهوذة بن علي الحنفيين ملكي اليمامة والعلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي العبدي ملك البحرين‏.‏

وشجاع بن وهب الأسدي إلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك تخوم الشام ويقال بعثه إلى جبلة بن الأيهم الغساني والمهاجر بن أبي أمية المخزومي إلى الحارث بن عبد كلال الحميري ملك اليمن‏.‏

 كتاب النبي إلى قيصر

ذكر الواقدي من حديث ابن عباس ومن حديثه خرج في الصحيحين أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كتب إلى قيصر يدعوه إلى الإسلام وبعث بكتابه مع دحية الكلبي وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر فدفعه عظيم بصرى إلى قيصر وكان قيصر لما كشف الله عنه جنود فارس مشى من حمص إلى إيلياء شكراً لله عز وجل فيما أبلاه من ذلك فلما جاء قيصر كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال التمسوا لنا هاهنا من قومه أحداً نسألهم عنه‏.‏

قال ابن عباس فأخبرني أبو سفيان بن حرب أنه كان بالشام في رجال من قريش قدموا تجاراً وذلك في الهدنة التي كانت بين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبين كفار قريش قال فأتانا رسول قيصر فانطلق بنا حتى قدمنا إيلياء فأدخلنا عليه فإذا هو جالس في مجلسه ملكه عليه التاج وحوله عظماء الروم فقال لترجمانه سلهم أيهم أقرب نسباً بهذا الذي يزعم أنه نبي قال أبو سفيان فقلت أنا أقربهم نسباً وليس في الركب يومئذ رجل من بني عبد مناف غيري قال قيصر أدنوه مني ثم أمر أصحابي فجعلوا خلف ظهر ثم قال لترجمانه قل لأصحابه إنما قدمت هذا أمامكم لأسأله عن هذا الرجل الذي يزعم أنه نبي وإنما جعلتكم خلف كتفيه لتردوا عليه كذباً إن قاله‏.‏

قال أبو سفيان فوالله لولا الحياء يومئذ أن يأثروا علي كذباً لكذبت عليه ولكني استحييت فصدقت وأنا كاره ثم قال لترجمانه قل له كيف نسب هذا الرجل فيكم فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال قلت لا قال هل كان من آبائه ملك قلت لا قال فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم قلت بل ضعفاؤهم قال فهل يزيدون أو ينقصون قلت بل يزيدون قال فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه قلت لا فهل يغدر قلت لا ونحن الآن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها قال فهل قاتلتموه قلت نعم قال فكيف حربكم وحربه قلت دول وسجال ندال عليه مرة ويدال علينا أخرى قال فما يأمركم به قلت يأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئاً وينهانا عما كان يعبد آباؤنا ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة فقال لترجمانه قل له إني سألتك عن نسبه فزعمت أنه فيكم ذو نسب وكذلك الرسل تبعث في نسب قومها وسألتك هل قال هذا القول منكم أحد قبله فزعمت أن لا فلو كان أحد منكم قال هذا القول قبله لقلت رجل يأتم بقول قيل قبله وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال فزعمت أن لا فقد عرفت أنه لم يكن ليدع بالكذب على الناس ويكذب على الله وسألتك هل كان من آبائه ملك قلت لا فقلت لو كان من آبائه ملك قلت رجل يطلب ملك أبيه وسألتك أشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم فقلت ضعفاؤهم وهم أتباع الرسل وسألتك هل يزيدون أو ينقصون فزعمت أنهم يزيدون وكذلك الإيمان حتى يتم وسألتك هل يرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه فزعمت أن لا وكذلك الإيمان حين يخالط بشاشة القلوب لا يسخطه أحد وسأتلك هل قاتلتموه فقلت نعم وأن حربكم وحربه دول وسجال يدال عليكم مرة وتدالون عليه أخرى وكذلك الرسل تبتلي ثم تكون لهم العاقبة وسألتك ماذا يأمركم به فزعمت أنه يأمركم بالصلاة والصدق والعفاف والوفاء بالعهد وأداء الأمانة وهو نبي وقد كنت أعلم أنه خارج ولكن لم أظن أنه فيكم وإن كان ما أتاني عنه حقاً فيوشك أن يملك موضع قدمي هاتين ولو أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقيه ولو كنت عنده لغسلت قدميه‏.‏

قال أبو سفيان ثم دعا بكتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقرئ فإذا فيه‏:‏ ‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم اليريسيين ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ‏"‏‏.‏

قال أبو سفيان فلما قضى مقالته وفرغ من الكتاب علت أصوات الذين حوله وكثر لغطهم فلا أدري ما قالوا وأمر بنا فأخرجنا فلما خرجت أنا وأصحابي وخلصنا قلت لهم قد أمر أمر ابن أبي كبشة هذا ملك بني الأصفر يخافه قال فوالله ما زلت ذليلاً مستيقناً أن أمره سيظهر حتى أدخل الله علي الإسلام‏.‏

ويروي في خبر أبي سفيان أنه قال لقيصر لما سأله عن النبي صلّى الله عليه وسلّم أيها الملك ألا أخبرك عنه خبراً نعرفه به أنه قد كذب قال وما هو قلت أنه زعم لنا أنه خرج من أرضنا أرض الحرم في ليلة فجاء مسجدكم هذا مسجد إيلياء ورجع إلينا في تلك الليلة قبل الصباح قال وبطريق إيلياء عند رأس قيصر فقال صدق وقال وما علمك بهذا قال إني كنت لا أنام ليلة حتى أغلق أبواب المسجد فلما كانت تلك الليلة أغلقت الأبواب كلها غير باب واحد وغلبني فاستعنت عليه عما لي ومن يحضرني فلم نستطع أن نحركه كأنما نزاول جبلاً فدعوت النجارين فنظروا إليه فقالوا هذا باب سقط عليه التحاف والبنيان فلا نستطيع أن نحركه حتى نصبح فننظر من أين أتى فرجعت وتركت البابين مفتوحين فلما أصبحت غدوت عليهما فإذا الحجر الذي في زاوية المسجد منقوب وإذا فيه أثر مربط الدابة فقلت لأصحابي ما حبس هذا الباب الليلة إلا على نبي وقد صلى الليلة في مسجدنا هذا فقال قيصر لقومه يا معشر الروم ألستم تعلمون أن بين عيسى وبين الساعة نبياً بشركم به عيسى بن مريم ترجون أن يجعله الله فيكم قالوا بلى قال فإن الله قد جعله في غيركم في أقل منكم عدداً وأضيق منكم بلداً وهي رحمة الله عز وجل يضعها حيث يشاء‏.‏

اليريسيون دهاقين القرى وكانوا إذ ذاك مجوساً‏.‏

 توجه عبد الله بن حذافة السهمي إلى كسرى

ذكر الواقدي من حديث الشفاء بنت عبد الله أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث عبد الله بن حذافة السهمي منصرفه من الحديبية إلى كسرى وبعث معه كتاباً مختوماً فيه‏:‏ ‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس سلام على من اتبع الهدى وآمن بالله ورسوله وشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله أدعوك بداعية الله فإني أنا رسول الله إلى الناس كافة لينذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين أسلم تسلم فإن أبيت فعليك إثم المجوس ‏"‏‏.‏

قال عبد الله بن حذافة فانتهيت به إلى بابه فطلبت الإذن عليه حتى وصلت إليه فدفعت إليه كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقرئ عليه فأخذه ومزقه فلما بلغ ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال مزق ملكه‏.‏

وذكر أيضاً من حديث أبي هريرة وغيره أن كسرى بينا هو في بيت كان يخلو فيه إذا رجل قد خرج إليه وفي يده عصا فقال يا كسرى إن الله قد بعث رسولاً وأنزل عليه كتاباً فأسلم تسلم واتبعه يبق لك ملكك قال كسرى أخر هذا عني آثراً ما فدعا حجابه وبوابيه فتواعدهم وقال من هذا الذي دخل علي قالوا والله ما دخل عليك أحد وما ضيعنا لك باباً ومكث حتى كان العام المقبل أتاه فقال له مثل ذلك وقال ألا تسلم أكسر العصا قال لا تفعل أخر ذلك آثراً ما ثم جاء العام المقبل ففعل مثل ذلك ضرب بالعصا على رأسه فكسرها وخرج من عنده ويقال إن ابنه قتله في تلك الليلة وأعلم الله بذلك رسوله صلّى الله عليه وسلّم لحدثان كونه فأخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بذلك رسل باذان إليه وكان باذان عامل كسرى على اليمن فلما بلغه ظهور النبي صلّى الله عليه وسلّم ودعاءه إلى الله كتب إلى باذان أن ابعث إلى هذا الرجل الذي خالف دين قومه فليرجع إلى دين قومه فإن أبى فابعث إلي برأسه ويروى وإلا فليواعدك يوماً تقتتلون فيه‏.‏

فلما ورد كتابه إلى باذان بعث بكتابه مع رجلين من عنده فلما قدما على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنزلهما وأمرهما بالمقام فأقاما أياماً ثم أرسل إليهما رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذات غداة فقال ‏"‏ انطلقا إلي باذان فأعلماه أن ربي عز وجل قد قتل كسرى في هذه الليلة ‏"‏ فانطلقا حتى قدما على باذان فأخبراه بذلك فقال إن يكن الأمر كما قال فوالله إن الرجل لنبي وسيأتي الخبر بذلك إلى يوم كذا فأتاه الخبر بذلك فبعث باذان بإسلامه وإسلام من معه إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم‏.‏

ويقال إن الخبر أتاه بمقتل كسرى وهو مريض فاجتمعت إليه أساورته فقالوا من تؤمر علينا فقال لهم ملك مقبل وملك مدبر فاتبعوا هذا الرجل وادخلوا في دينه وأسلموا‏.‏ومات باذان فبعث رؤوسهم إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وفدهم يعرفونه بإسلامهم‏.‏

 إسلام النجاشي

ذكر ابن إسحاق أن عمراً قال له يا أصحمة إن علي القول وعليك الاستماع إنك كأنك في الرقة علينا منا وكأنا في الثقة بك منك لأنا لم نظن بك خيراً قط إلا نلناه ولم نخفك على شيء قط إلا أمناه وقد أخذنا الحجة عليك من فيك الإنجيل بيننا وبينك شاهد لا يرد وقاض لا يجور وفي ذلك الموقع الحز وإصابة المفصل وإلا فأنت في هذا النبي الأمي كاليهود في عيسى بن مريم وقد فرق النبي صلّى الله عليه وسلّم رسله إلى الناس فرجاك لما لم يرجهم له وأمنك على ما خافهم عليه لخير سالف وأجر ينتظر فقال النجاشي أشهد بالله أن للنبي الذي ننتظره أهل الكتاب وأن بشارة موسى براكب الحمار كبشارة عيسى براكب الجمل وأن العيان ليس بأشفى من الخبر‏.‏

وذكر الواقدي أن ذلك الكتاب‏:‏ ‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى النجاشي ملك الحبشة سلم أنت فإني أحمد إليك الله الذي لا الله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن وأشهد أن عيسى بن مريم روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطيبة الحصينة فحملت بعيسى فخلقه من روحه ونفخه كما خلق آدم بيده وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له والموالاة على طاعته وأن تتبعني وتؤمن بالذي جاءني فإني رسول الله وإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل وقد بلغت ونصحت فاقبلوا نصيحتي والسلام على من اتبع الهدى ‏"‏‏.‏

فكتب إليه النجاشي‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم إلى محمد رسول الله من النجاشي أصحمة سلام عليك يا نبي الله من الله ورحمة الله وبركاته والله الذي لا الله إلا هو أما بعد فقد بلغني كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمر عيسى فورب السماء والأرض إن عيسى بن مريم لا يزيد على ما ذكرت ثفروقاً إنه كما ذكرت‏.‏

وقد عرفنا ما بعثت به إلينا وقد قربنا ابن عمك وأصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقاً مصدقاً وقد بايعتك وبايعت ابن عمك وأسلمت على يديه لله رب العالمين‏.‏

الثفروق علاقة ما بين النواة والقمع‏.‏

وتوفي النجاشي سنة تسع بالحبشة وأخبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بموته يومه وخرج الناس إلى المصلى فصلى عليه والناس خلفه صفوف وكبر عليه أربعاً‏.‏

 كتاب النبي إلى المقوقس مع حاطب بن أبي بلتعة

‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى المقوقس عظيم القبط سلام على من اتبع الهدى أما بعد فإني أدعوك بداعية الإسلام أسلم تسلم وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم القبط ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فولوا اشهدوا بأنا مسلمون ‏"‏‏.‏وختم الكتاب فخرج به حاطب حتى قدم عليه الإسكندرية فانتهى إلى حاجبه فلم يلبثه أن أوصل إليه كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم‏.‏

وقال حاطب للمقوقس لما لقيه إنه قد كان قبلك رجل يزعم أنه الرب الأعلى فأخذه الله نكال الآخرة والأولى فانتقم به ثم انتقم منه واعتبر بغيرك ولا يعتبر بك‏.‏

قال هات قال إن لنا ديناً لن ندعه إلا لما هو خير منه وهو الإسلام الكافي به الله فقد ما سواه إن هذا النبي صلّى الله عليه وسلّم دعا الناس فكان أشدهم عليه قريش وأعداهم له يهود وأقربهم منه النصارى ولعمري ما بشارة موسى بعيسى بن مريم إلا كبشارة عيسى بمحمد صلّى الله عليه وسلّم وما دعاؤنا إياك إلى القرآن إلا كدعائك أهل التوارة إلى الإنجيل وكل نبي أدرك قوماً فهم من أمته فالحق عليهم أن يطيعوه فأنت ممن أدرك هذا النبي ولسنا ننهاك عن دين المسيح ولكنا نأمرك به فقال المقوقس إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بمزهود فيه ولا ينهى إلا عن مرغوب عنه ولم أجده بالساحر الضال ولا الكاهن الكاذب وجدت معه آلة النبوة بإخراج الخبيء والإخبار بالنجوى وسأنظر‏.‏

وأخذ كتاب النبي صلّى الله عليه وسلّم فجعله في حق من عاج وختم عليه ودفعه إلى جارية له ثم دعا كاتباً له يكتب بالعربية فكتب إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم‏:‏ بسم الله الرحمن الرحيم لمحمد بن عبد الله من المقوقس عظيم القبط سلام أما بعد فقد قرأت كتابك وفهمت ما ذكرت فيه وما تدعو إليه وقد علمت أن نبياً بقي وكنت أظن أنه يخرج بالشام وقد أكرمت رسولك وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم وبكسوة وأهديت لك بغلة لتركبها والسلام عليك‏.‏

ولم يزد على هذا‏.‏

ولم يسلم الجاريتان مارية وسيرين والبغلة دلدل بقيت إلى زمن معاوية وكانت شهباء‏.‏

وذكر الواقدي في هذا الخبر أن المقوقس وصف لحاطب أشياء من صفة النبي صلّى الله عليه وسلّم وقال القبط لا يطاوعوني في اتباعه ولا أحب أن تعلم بمحاورتي إياك وأنا أضمن بملكي أن أفارقه وسيظهر على البلاد وينزل بساحتنا هذه أصحابه من بعده حتى تظهر على من هاهنا فارجع إلى صاحبك فقد أمرت له بهدايا وجاريتين أختين وبغلة من مراكبي وألف مثقال ذهباً وعشرين ثوباً وغير ذلك وأمرت لك بمائة دينار وخمسة أثواب فارحل من عندي ولا تسمع منك القبط حرفاً واحداً فرحلت من عنده وقد كان لي مكرماً في الضيافة وقلة اللبث ببابه ما أقمت عنده إلا خمسة أيام‏.‏

وإن الوفود وفود العجم ببابه منذ شهر وأكثر‏.‏

قال حاطب فذكرت قوله لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال ‏"‏ ضن الخبيث بملكه ولا بقاء لملكه ‏"‏‏.‏

قال الدارقطني اسمه جريج بن ميناء أثبته أبو عمر في الصحابة ثم أمر بأن يضرب عليه‏.‏وقال يغلب على الظن أنه لم يسلم‏.‏

وكانت شبهته في إثباته إياه في الصحابة أولاً رواية رواها ابن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال‏:‏ أخبرني المقوقس أنه أهدى لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم

 كتاب الرسول إلى المنذر بن ساوي العبدي

مع العلاء الحضرمي بعد انصرافه من الحديبية

ذكر الواقدي بإسناد له عن عكرمة فقال‏:‏ وجدت هذا الكتاب في كتب ابن عباس بعد موته فنسخته فإذا فيه بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلّم العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي وكتب إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كتاباً يدعوه فيه إلى الإسلام فكتب المنذر إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أما بعد يا رسول الله فإني قرأت كتابك على أهل البحرين فمنهم من أحب الإسلام وأعجبه ودخل فيه ومنهم من كرهه وبأرضي مجوس ويهود فأحدث إلي في ذلك أمرك فكتب إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوي سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا الله إلا هو واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله‏.‏

أما بعد فإني أذكرك الله عز وجل فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه فإنه من يطع رسلي ويتبع أمرهم فقد أطاعني ومن نصح لهم فقد نصح لي وإن رسلي قد أثنوا عليك خيراً وإني قد شفعتك في قومك فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه وعفوت عن أهل الذنوب فاقبل منهم وإنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك ومن أقام على يهودية أو مجوسية فعليه الجزية ‏"‏‏.‏أسلم المنذر هذا بكتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحسن إسلامه ومات قبل ردة أهل البحرين‏.‏

وذكر ابن قانع أنه وفد على النبي صلّى الله عليه وسلّم‏.‏

قال أبو الربيع بن سالم لا يصح ذلك‏.‏

 كتاب النبي إلى جيفر وعبد ابني الجلندي الأزديين

ملكي عمان مع عمرو بن العاص

‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد بن عبد الله إلى جيفر وعبد ابني الجلندي‏.‏

سلام على من اتبع الهدى‏.‏

أما بعد فإني أدعوكما بداعيةالإسلام أسلما تسلما فإني رسول الله إلى الناس كافة لأنذر من كان حياً ويحق القول على الكافرين‏.‏

وإنما إن أقررتما بالإسلام وليتكما وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل عنكما وخيلي تحل بساحتكما وتظهر نبوتي على ملككما ‏"‏‏.‏

وكتب أبي بن كعب وختم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الكتاب‏.‏قال عمرو ثم خرجت حتى انتهيت إلى عمان فلما قدمتها عمدت إلى عبد وكان أحلم الرجلين وأسهلهما خلقاً فقلت إني رسول رسول الله إليك وإلا أخيك فقال أخي المقدم علي بالسن والملك وأنا أوصلك إليه حتى يقرأ كتابك ثم قال لي وما تدعو إليه قلت أدعوك إلى الله وحده لا شريك له وتخلع ما عبد من دونه وتشهد أن محمداً عبده ورسوله قال يا عمرو إنك ابن سيد قومك فكيف صنع أبوك فإن لنا فيه قدوة فقلت مات ولم يؤمن بمحمد صلّى الله عليه وسلّم ووددت أنه كان أسلم وصدق به وقد كنت أنا على مثل رأيه حتى هداني الله للإسلام قال فمتى تبعته قلت قريباً فسألني أين كان إسلامي فقلت عند النجاشي وأخبرته أن النجاشي قد أسلم قال فكيف صنع قومه بملكه قلت أقروه واتبعوه قال والأساقفة والرهبان اتبعوه قلت نعم قال انظر يا عمرو ما تقول إنه ليس من خصلة في رجل أفضح له من كذب قلت ما كذبت وما نستحله في ديننا‏.‏

ثم قال ما أرى هرقل علم بإسلام النجاشي قلت بلى قال بأي شيء علمت ذلك قلت كان النجاشي يخرج له خرجاً فلما أسلم وصدق بمحمد صلّى الله عليه وسلّم قال لا والله لو سألني درهماً واحداً ما أعطيته فبلغ هرقل قوله فقال له يناق أخوه أتدع عبدك لا يخرج لك خرجاً ويدين ديناً محدثاً قال هرقل رجل رغب في دين واختاره لنفسه ما أصنع به والله لولا الضن بملكي لصنعت كما صنع‏.‏

قال انظر ما تقول يا عمرو قلت والله صدقتك‏.‏

قال عبد فأخبرني ما الذي يأمر به وينهى عنه قلت يأمر بطاعة الله عز وجل وينهى عن معصيته ويأمر بالبر وصلة الرحم وينهى عن الظلم والعدوان وعن الزنا وشرب الخمر وعن عبادة الحجر والوثن والصليب فقال ما أحسن هذا الذي يدعو إليه لو كان أخي يتابعني لركبنا حتى نؤمن بمحمد ونصدق به ولكن أخي أضن بملكه من أن يدعه ويصير ذنباً قلت إنه إن أسلم ملكه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخذ الصدقة من غنيهم فردها على فقيرهم‏.‏

قال إن هذا الخلق حسن وما الصدقة فأخبرته بما فرض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من الصدقات في الأموال حتى انتهيت إلى الإبل فقال يا عمرو تؤخذ من سوائم مواشينا التي ترعى الشجر وترد المياه قلت نعم فقال والله ما أرى قومي في بعد دارهم وكثرة عددهم يطيعون بهذا‏.‏

قال فمكثت ببابه أياماً وهو يصل إلى أخيه فيخبره كل خبري‏.‏

ثم إنه دعاني يوماً فدخلت عليه فأخذ أعوانه بضبعي فقال دعوه فأرسلت فذهبت لأجلس فأبوا أن يدعوني أجلس فنظرت إليه فقال تكلم بحاجتك فدفعت إليه الكتاب مختوماً ففض خاتمه فقرأه حتى انتهى إلى آخره ثم دفعه إلى أخيه فقرأه مثل قراءته إلا أني رأيت أخاه أرق منه‏.‏

ثم قال ألا تخبرني عن قريش كيف صنعت فقلت تبعوه إما راغب في الدين وإما مقهور بالسيف قال ومن معه قلت الناس قد رغبوا في الإسلام واختاروه على غيره وعرفوا بعقولهم مع هدي الله إياهم أنهم كانوا في ضلال فما أعلم أحداً بقي غيرك في هذه الحرجة وأنت إن تسلم اليوم وتتبعه يوطئك الخيل ويبيد خضراءك فأسلم تسلم ويستعملك على قومك ولا تدخل عليك الخيل والرجال‏.‏

قال دعني يومي هذا وارجع إلي غداً فرجعت إلى أخيه فقال يا عمرو إني لأرجو أن يسلم إن لم يضن بملكه حتى إذا كان الغد أتيت إليه فأبى أن يأذن لي فانصرفت إلى أخيه فأخبرته أني لم أصل إليه فأوصلني إليه فقال إني فكرت فيما دعوتني إليه فإذا أنا أضعف العرب إن ملكت رجلاً ما في يدي وهو لا تبلغ خيله هاهنا وإن بلغت خيله ألفت قتالاً ليس كقتال من لاقى‏.‏

قلت وأنا خارج غدا فلما أيقن بمخرجي خلا به أخوه فقال ما نحن فيما قد ظهر عليه وكل من أرسل إليه قد أجابه فأصبح فأرسل إلي فأجاب إلى الإسلام هو وأخوه جميعاً وصدقا النبي صلّى الله عليه وسلّم وخليا بيني وبين الصدقة وبين الحكم فيما بينهم‏.‏

وكانا لي عوناً على من خالفني‏.‏

 كتاب النبي إلى هوذة بن علي الحنفي صاحب اليمامة

مع سليط بن عمرو العامري

‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى هوذة بن علي سلام على من اتبع الهدى واعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر أسلم تسلم وأجعل لك ما تحت يديك‏.‏فلما قدم عليه سليط بكتاب النبي صلّى الله عليه وسلّم مختوماً أنزله وحباه وقرأ عليه الكتاب فرد رداً دون رد وكتب إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله وأنا شاعر قومي وخطيبهم والعرب تهاب مكاني فاجعل إلى بعض الأمر أتبعك‏.‏

وأجاز سليطاً بجائزة وكساه أثواباً من نسج هجر فقدم بذلك على النبي صلّى الله عليه وسلّم فأخبره‏.‏وقرأ النبي صلّى الله عليه وسلّم كتابه وقال ‏"‏ لو سألني سبابة من الأرض ما فعلت باد وباد ما في يديه ‏"‏‏.‏

فلما انصرف النبي صلّى الله عليه وسلّم من الفتح جاءه جبريل عليه السلام بأن هوذة قد مات فقال صلّى الله عليه وسلّم ‏"‏ أما إن اليمامة سيخرج بها كذاب يتنبأ يقتل بعدي ‏"‏ فقال قائل يا رسول الله من يقتله فقال له رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ‏"‏ أنت وأصحابك ‏"‏ فكان كذلك‏.‏

وفيما ذكر الواقدي أن أركون دمشق عظيم من عظماء النصارى كان عند هوذة فسأله عن النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال جاءني كتابه يدعوني إلى الإسلام فلم أجبه قال الأركون لم لا تجيبه فقال ضننت بديني وأنا ملك قومي ولئن تبعته لم أملك قال بلى والله لئن اتبعته ليملكنك وإن الخيرة لك في اتباعه‏.‏

وإنه للنبي العربي الذي بشر به عيسى بن مريم وإنه لمكتوب عندنا في الإنجيل محمد رسول الله‏.‏

وذكر باقي الخبر‏.‏

 كتاب النبي إلى الحرث بن أبي شمر الغساني

مع شجاع بن وهب

ذكر الواقدي أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بعث شجاعاً إلى الحارث ابن أبي شمر وهو بغوطة دمشق فكتب إليه مرجعه من الحديبية ‏"‏ بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى الحرث بن أبي شمر سلام على من اتبع الهدى وآمن به وصدق وإني أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له يبقى لك ملكك ‏"‏‏.‏فختم الكتاب وخرج به شجاع بن وهب قال فانتهيت إلى حاجبه فأجده يومئذ وهو مشغول بتهيئة الإنزال والألطاف لقيصر وهو جائي من حمص إلى إيلياء حيث كشف الله عنه جنود فارس شكراً لله تعالى‏.‏

فأقمت على بابه يومين أو ثلاثة فقلت لحاجبه إني رسول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إليه فقال حاجبه لا تصل إليه حتى يخرج يوم كذا وكذا‏.‏

وجعل حاجبه وكان رومياً اسمه مري يسألني عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وما يدعو إليه فكنت أحدثه فيرق حتى يغلبه البكاء ويقول إني قرأت في الإنجيل وأجد صفة النبي صلّى الله عليه وسلّم بعينه فكنت أراه يخرج بالشام فأراه قد خرج بأرض القرظ فأنا أؤمن به وأصدقه وأنا أخاف من الحارث بن أبي شمر أن يقتلني قال شجاع فكان يعني هذا الحاجب يكرمني ويحسن ضيافتي ويخبرني عن الحارث باليأس منه ويقول هو يخاف قيصر قال فخرج الحارث يوماً وجلس فوضع التاج على رأسه فأذن لي عليه فدفعت إليه كتاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقرأه ثم رمى به‏.‏

وقال من ينتزع مني ملكي أنا سائر إليه ولو كان باليمن جئته على بالناس فلم يزل جالساً يعرض حتى الليل‏.‏

وأمر بالخيل أن تنعل ثم قال أخبر صاحبك بما ترى وكتب إلى قيصر يخبره خبري فصادف قيصر بإيلياء وعنده دحية الكلبي وقد بعث إليه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فلما قرأ قيصر كتاب الحارث كتب إليه ألا تسر إليه وإله عنه ووافني بإيلياء‏.‏

قال ورجع الكتاب وأنا مقيم فدعاني وقال متى تريد أن تخرج إلى صاحبك قلت غداً فأمر لي بمائة مثقال ذهباً ووصلني مري بنفقة وكسوة وقال أقرأ على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مني السلام وأخبره أني متبع دينه‏.‏

قال شجاع فقدمت على النبي صلّى الله عليه وسلّم فأخبرته فقال باد ملكه وأقرأه من مري السلام وأخبرته بما قال فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ‏"‏ صدق ‏"‏‏.‏

وابن هشام يقول بأن المرسل إليه جبلة بن الأيهم بدل الحارث بن أبي شمر‏.‏

وقد تقدم فيما ذكرناه عن ابن إسحاق كتاب النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى الحرث بن عبد كلال ومن معه باليمن