فصل: البحرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتوح البلدان (نسخة منقحة)



.عمان:

236- قالوا: كان الاغلبين على عمان الأزد، وكان بها من غيرهم بشر كثير في البوادى.
فلما كانت سنة ثمان بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا زيد الأنصاري أحد الخزرج، وهو أحد من جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم- واسمه فيما ذكر الكلبي قيس بن سكن بن زيد بن حرام، وقال بعض البصريين: اسمه عمرو بن أخطب، جد عروة بن ثابت بن عمرو بن أخطب، وقال سعيد بن أوس الأنصاري: اسمه ثابت بن زيد- وبعث عمرو بن العاصي السهمي إلى عبد وجيفر ابني الجلندى بكتاب منه، يدعوهما فيه إلى الإسلام وقال: إن أجاب القوم إلى شهادة الحق وأطاعوا الله ورسوله فعمرو الأمير وأبو زيد على الصلاة وأخذ الإسلام على الناس وتعليمهم القرآن والسنن.
فلما قدم أبو زيد وعمرو عمان وجدا عبدا وجيفرا بصحار على ساحل البحر.
فأوصلا كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إليهما، فأسلما ودعوا العرب هناك إلى الإسلام، فأجابوا إليه ورغبوا فيه.
فلم يزل عمرو وأبو زيد بعمان حتى قبض النبي صلى الله عليه وسلم.
ويقال إن أبا زيد قدم المدينة قبل ذلك.
237- قالوا: ولما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت الأزد وعليها لقيط بن مالك ذو التاج، وانحازت إلى دبا- وبعضهم يقول دما في دبا- فوجه أبو بكر رضي الله عنه إليهم حذيفة بن محصن البارقي من الأزد وعكرمة ابن أبي جهل بن هشام المخزومي فواقعا لقيطا ومن معه، فقتلاه وسبيا من أهل دبا سبيا بعثا به إلى أبي بكر رحمه الله.
ثم إن الأزد راجعت الإسلام، وارتدت طوائف من أهل عمان ولحقوا بالشحر.
فسار إليهم عكرمة، فظفر بهم وأصاب منهم مغنما، وقتل بشرا.
وجمع قوم من مهرة بن حيدان بن عمرو ابن الحاف بن قضاعة جمعا، فأتاهم عكرمة فلم يقاتلوه وأدوا الصدقة.
وولى أبو بكر رضي الله عنه حذيفة بن محصن عمان، فمات أبو بكر وهو عليها، وصرف عكرمة ووجه إلى اليمن.
ولم تزل عمان مستقيمة الأمر يؤدى أهلها صدقات أموالها ويؤخذ ممن بها من الذمة جزية رؤسهم حتى كانت خلافة الرشيد صلوات الله عليه، فولاها عيسى ابن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس.
فخرج إليها بأهل البصرة، فجعلوا يفجرون بالنساء ويسلبونهم ويظهرون المعازف.
فبلغ ذلك أهل عمان، وجلهم شراة، فحاربوه ومنعوه من دخولها، ثم قدروا عليه فقتلوه وصلبوه، وامتنعوا على السلطان فلم يعطوه طاعة، وولوا أمرهم رجلا منهم.
وقد قال قوم: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وجه أبا زيد بكتابه إلى عبد وجيفر ابني الجلندى الأزديين في سنة ست، ووجه عمرا في سنة ثمان، بعد إسلامه بقليل.
وكان إسلامه وإسلام خالد بن الوليد وعثمان بن طلحة العبدي في صفر سنة ثمان، أقبل من الحبشة حتى أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي زيد: خذ الصدقة من المسلمين والجزية من المجوس.
238- حدثني أبو الحسن المدائني، عن المبارك بن فضالة قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة الفزاري عامله على البصرة:
«أما بعد فإني كنت كتبت إلى عمرو بن عبد الله أن يقسم ما وجد بعمان من عشور التمر والحب في فقراء أهلها، ومن سقط إليها من أهل البادية، ومن أضافته إليها الحاجة والمسكنة وانقطاع السبيل.
فكتب إلى أنه سأل عاملك قبله عن ذلك الطعام والتمر فذكر أنه قد باعه وحمل إليك ثمنه، فاردد إلى عمرو ما كان حمل إليك عاملك على عمان من ثمن التمر والحب، ليضعه في المواضع التي أمرته بها ويصرفه فيها إن شاء الله والسلام»
.

.البحرين:

239- قالوا: وكانت أرض البحرين من مملكة الفرس، وكان بها خلق كثير من العرب من عبد القيس وبكر بن وائل وتميم مقيمين في بدايتها.
وكان على العرب بها من قبل الفرس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر ابن ساوى أحد بني عبد الله بن زيد بن عبد الله بن دارم بن مالك بن حنظلة- وعبد الله بن زيد هذا هو الأسبذي، نسب إلى قرية بهجر يقال لها الأسبذ، ويقال إنه نسب إلى الأسبذيين، وهم قوم كانوا يعبدون الخيل بالبحرين- فلما كانت سنة ثمان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم العلاء بن عبد الله بن عماد الحضرمي، حليف بني عبد شمس، إلى البحرين ليدعو أهلها إلى الإسلام أو الجزية، وكتب معه إلى المنذر بن ساوى والي سيبخت مرزبان هجر يدعوهما إلى الإسلام أو الجزية.
فأسلما وأسلم معهما جميع العرب هناك وبعض العجم.
فأما أهل الأرض من المجوس واليهود والنصارى فإنهم صالحوا العلاء، وكتب بينه وبينهم كتابا نسخته: «بسم الله الرحمن الرحيم.
هذا ما صالح عليه العلاء بن الحضرمي أهل البحرين: صالحهم على أن يكفونا العمل ويقاسمونا التمر، فمن لم يف بهذا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين»
.
وأما جزية الرؤوس فإنه أخذ لها من كل حالم دينارا.
240- حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن الكلبي عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل البحرين:
«أما بعد، فإنكم إذا أقمتم الصلاة، وآتيتم الزكاة، ونصحتم الله ورسوله، وآتيتم عشر النخل، ونصف عشر الحب، ولم تمجسوا أولادكم، فلكم ما أسلمتم عليه، غير أن بيت النار لله ورسوله، وإن أبيتم فعليكم الجزية».
فكره المجوس واليهود الإسلام وأحبوا أداء الجزية.
فقال منافقو العرب: زعم محمد لا يقبل الجزية إلا من أهل الكتاب وقد قبلها من مجوس هجر، وهم غير أهل كتاب.
فنزلت: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} وقد قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجه العلاء حين وجه رسله إلى الملوك في سنة ست.
241- وحدثني محمد بن مصفى الحمصى قال: حدثنا محمد بن المبارك قال: حدثنا عتاب بن زياد قال: حدثني محمد بن ميمون عن مغيرة الأزدي عن محمد بن زيد بن حيان الأعرج، عن العلاء بن الحضرمي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البحرين، أو قال هجر، وكنت آتى الحائط بين الاخوة قد أسلم بعضهم فآخذ من المسلم العشر ومن المشرك الخراج.
242- وحدثنا القاسم بن سلام قال: حدثنا عثمان بن صالح عن عبد الله بن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل هجر: «بسم الله الرحمن الرحيم.
من محمد النبي إلى أهل هجر.
سلم أنتم.
فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد، فإني أوصيكم بالله وبأنفسكم ألا تضلوا بعد إذ هديتم، ولا تغووا بعد إذ رشدتم.
أما بعد فإنه قد أتانى الذي صنعتم وأنه من يحسن منكم لا يحمل عليه ذنب المسئ، فإذا جاءكم أمرائى فأطيعوهم وانصروهم وأعينوهم على أمر الله وفى سبيله، فإنه من يعمل منكم عملا صالحا فلن يضل له عند الله وعندي، وأما بعد فقد جاءني وفدكم فلم آت إليهم إلا ما سرهم، وإني لو جهدت حقى فيكم كله أخرجتكم من هجر، فشفعت غائبكم وأفضلت على شاهدكم: {فاذكروا نعمة الله عليكم}»
.
243- حدثني الحسين بن الأسود قال: حدثنا عبيد الله بن موسى عن شيبان النحوي، عن قتادة قال: لم يكن بالبحرين في أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم قتال، ولكن بعضهم أسلم وبعضهم صالح العلاء على أنصاف الحب والتمر.
244- وحدثني الحسين قال: حدثني يحيى بن آدم قال: حدثنا الحسن بن صالح عن أشعث، عن الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر.
245- وحدثني الحسين قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا قيس بن الربيع عن قيس ابن مسلم، عن الحسن بن محمد قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مجوس هجر يدعوهم إلى الإسلام، فإن أسلموا فلهم ما لنا وعليهم ما علينا، ومن أبى فعليه الجزية، في غير أكل لذبائحهم ولا نكاح لنسائهم.
246- وحدثني الحسين قال: حدثنا يحيى بن آدم عن ابن المبارك عن يونس بن يزيد الايلى عن الزهري، عن سعيد بن المسيب قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزية من مجوس هجر، وأخذها عمر من مجوس فارس، وأخذها عثمان من بربر.
247- وحدثنا الحسين قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا عبد الله بن ادريس عن مالك ابن أنس عن الزهري بمثله.
248- وحدثنا عمرو الناقد قال: أخبرنا عبد الله بن وهب عن يحيى بن عبد الله ابن سالم بن عبد الله بن عمر، عن موسى بن عقبة أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى منذر ابن ساوى: «من محمد النبي إلى منذر بن ساوى.
سلم أنت.
فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو.
أما بعد فإن كتابك جاءني وسمعت ما فيه، فمن صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم، ومن أبى ذلك فعليه الجزية»
.
249- وحدثني عباس بن هشام الكلبي عن أبيه عن جده عن أبي صالح، عن ابن عباس قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المنذر بن ساوى فأسلم ودعا أهل هجر، فكانوا بين راض وكاره.
أما العرب فأسلموا، وأما المجوس واليهود فرضوا بالجزية فأخذت منهم.
250- وحدثنا شيبان بن فروخ حدثنا سليمان بن المغيرة قال: حدثنا حميد بن هلال قال: بعث العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مالا من البحرين يكون ثمانين ألفا ما أتاه أكثر منه قبله ولا بعده، فأعطى منه العباس عمه.
251- حدثني هشام بن عمار عن إسماعيل بن عياش، عن عبد العزيز بن عبيد الله قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وضائع كسرى بهجر فلم يسلموا.
فوضع عليهم الجزية دينارا على كل رجل منهم.
252- قالوا: وعزل رغول الله صلى الله عليه وسلم العلاء ثم ولى البحرين أبان بن سعيد بن العاصي بن أمية.
وقوم يقولون: إن العلاء كان على ناحية من البحرين منها القطيف وإن أبان كان على ناحية أخرى فيها الخط، والأول أثبت.
253- قالوا: ولما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج أبان من البحرين فأتى المدينة.
فسأل أهل البحرين أبا بكر رضي الله عنه أن يرد العلاء عليهم ففعل.
فيقال إن العلاء لم يزل واليا حتى توفي بها سنة عشرين.
فولى عمر مكانه أبا هريرة الدوسي، ويقال أيضا إن عمر رضي الله عنه ولى أبو هريرة قبل موت العلاء، فأتى العلاء توج من أرض فارس، وعزم على المقام بها.
قال: ثم رجع إلى البحرين فمات هناك.
وكان أبو هريرة يقول: دفنا العلاء ثم احتجنا إلى رفع لبنة فرفعناها فلم نجده في اللحد.
254- وقال أبو مخنف: كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى العلاء ابن الحضرمي، وهو عامله على البحرين، يأمره بالقدوم عليه، وولى عثمان ابن أبي العاصي الثقفي البحرين وعمان.
فلما قدم العلاء المدينة ولاه البصرة مكان عتبة بن غزوان، فلم يصل إليها حتى مات، وذلك في سنة أربع عشرة، أو في أول سنة خمس عشرة.
ثم إن عمر ولى قدامة بن مظعون الجمحي جباية البحرين وولى أبا هريرة الاحداث والصلاة، ثم عزل قدامة وحده على شرب الخمر، وولى أبا هريرة الصلاة والأحداث، ثم عزله وقاسمه ماله، ثم ولى عثمان بن أبي العاصي البحرين وعمان.
255- حدثني العمرى، عن الهيثم قال: كان قدامة بن مظعون على الجباية والأحداث، وأبو هريرة على الصلاة والقضاء، فشهد على قدامة بما شهد به.
ثم ولاه عمر البحرين بعد قدامة، ثم عزله وقاسمه، وأمره بالرجوع فأبى، فولاها عثمان بن أبي العاصي.
فمات عمر وهو واليه عليها.
وكان خليفته على عمان والبحرين وهو بفارس أخوه مغيرة بن أبي العاصي، ويقال حفص بن أبي العاصي.
256- حدثنا شيبان بن فروخ قال: حدثنا أبو هلال الراسبى قال: حدثنا محمد ابن سيرين، عن أبي هريرة قال: استعملني عمر بن الخطاب رضي الله عنه على البحرين، فاجتمعت لي اثنا عشر ألفا.
فلما قدمت على عمر قال لي: يا عدو الله وعدو المسلمين! أو قال وعدو كتابه، سرقت مال الله؟ قال قلت: لست بعدو لله ولا للمسلمين، أو قال لكتابه، ولكني عدو من عاداهما.
ولكن خيلا تناتجت وسهاما اجتمعت.
قال: فأخذ منى اثنا عشر ألفا.
فلما صليت الغداة قلت: اللهم اغفر لعمر.
قال: فكان يأخذ منهم ويعطيهم أفضل من ذلك، حتى إذا كان بعد ذلك قال: ألا تعمل يا أبا هريرة؟ قلت: لا.
قال: ولم؟ قد عمل من هو خير منك يوسف: {قال اجعلني على خزائن الأرض}.
فقلت: يوسف نبي ابن نبي، وأنا أبو هريرة بن أميمة.
وأخاف منكم ثلاثا واثنتين.
قال: فهلا قلت خمسا! قلت: اخشى أن تضربوا ظهري وتشتموا عرضي وتأخذوا مالي، وأكره أن أقول بغير حلم وأحكم بغير علم.
257- حدثنا القاسم بن سلام وروح بن عبد المؤمن قالا: حدثنا يعقوب بن إسحاق الحضرمي عن يزيد بن إبراهيم التسترى عن ابن سيرين، عن أبي هريرة أنه لما قدم من البحرين قال له عمر: يا عدو الله وعدو كتابه! أسرقت مال الله؟ قال: لست عدو الله ولا عدو كتابه ولكني عدو من عاداهما، ولم أسرق مال الله.
قال: فمن أين اجتمعت لك عشرة آلاف درهم؟ قال: خيل تناسلت وعطاء تلاحق وسهام اجتمعت، فقبضها منه، وذكر من باقي الحديث نحو الذي روى أبو هلال.
258- قالوا: ولما مات المنذر بن ساوى بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بقليل ارتد من بالبحرين من ولد قيس بن ثعلبة بن عكابة مع الحطم- وهو شريح بن ضبيعة بن عمرو بن مرثد أحد بنى قيس بن ثعلبة- وإنما سمى الحطم بقوله:
قد لفها الليل بسواق حطم**

وارتد سائر من بالبحرين من ربيعة خلا الجارود، وهو بشر بن عمرو العبدي، ومن تابعه من قومه، وأمروا عليهم ابنا للنعمان بن المنذر يقال له المنذر، فصار الحطم حتى لحق بربيعة، فانضم إليها بمن معه، وبلغ العلاء بن الحضرمي الخبر فسار بالمسلمين حتى نزل جواثا، وهو حصن البحرين، فدلفت إليه ربيعة، فخرج إليها بمن معه من العرب والعجم، فقاتلها قتالا شديدا.
ثم إن المسلمين لجأوا إلى الحصن فحصرهم فيه عدوهم.
ففي ذلك يقول عبد الله بن حذف الكلابي:
ألا أبلغ أبا بكر ألوكا ** وفتيان المدينة أجمعينا

فهل لك في شباب منك أمسوا ** أسارى في جواث محاصرينا

ثم إن العلاء خرج بالمسلمين ذات ليلة فبيت ربيعة، فقاتلوا قتالا شديدا وقتل الحطم.
259- وقال غير هشام بن الكلبي: أتى الحطم ربيعة وهو بجواثا، وقد كفر أهلها جميعا وأمروا عليهم المنذر بن النعمان فأقام معهم.
فحصرهم العلاء حتى فتح جواثا وفض ذلك الجمع وقتل الحطم.
والخبر الأول أثبت.
وفى قتل الحطم يقول مالك بن ثعلبة العبدي:
تركنا شريحا قد علته بصيرة ** كحاشية البرد اليماني المحبر

البصيرة من الدم ما وقع في الأرض.
ونحن فجعنا أم غضبان بابنها ** ونحن كسرنا الرمح في عين حبتر

ونحن تركنا مسمعا متجدلا ** رهينة ضبع تعتريه وأنسر

260- قالوا: وكان المنذر بن النعمان يسمى الغرور، فلما ظهر المسلمون قال: لست بالغرور ولكني المغرور.
ولحق هو وفل ربيعة بالخط، فأتاها العلاء ففتحها، وقتل المنذر ومن معه.
ويقال إن المنذر نجا فدخل إلى المشقر، وأرسل الماء حوله فلم يوصل إليه، حتى صالح الغرور على أن يخلى المدينة، فخلاها.
ولحق بمسيلمة فقتل معه.
261- وقال قوم: قتل المنذر يوم جواثا.
وقوم يقولون إنه استأمن ثم هرب فلحق فقتل.
وكان العلاء كتب إلى أبي بكر يستمده، فكتب إلى خالد بن الوليد يأمره بالنهوض إليه من اليمامة وإنجاده، فقدم عليه وقد قتل الحطم، فحصر معه الخط.
ثم أتاه كتاب أبي بكر بالشخوص إلى العراق، فشخص إليه من البحرين، وذلك في سنة اثني عشر.
وقال الواقدي: يقول أصحابنا إن خالدا قدم المدينة ثم توجه منها إلى العراق.
واستشهد بجواثا عبد الله بن سهيل بن عمرو، أحد بني عامر ابن لؤي ويكنى أبا سهيل، وأمه فاخته بنت عامر بن نوفل بن عبد مناف.
وكان عبد الله أقبل مع المشركين يوم بدر ثم انحاز إلى المسلمين مسلما، وشهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم.
فلما بلغ أباه سهيل بن عمرو خبره قال: عند الله أحتسبه.
ولقيه أبو بكر وكان بمكة حاجا فعزاه به، فقال سهيل: إنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يشفع الشهيد في سبعين من أهله»، وإني لأرجو أن لا يبدأ ابني بأحد قبلي.
وكان يوم استشهد ابن ثمان وثلاثين سنة.
واستشهد عبد الله بن عبد الله بن أبي يوم جواثا.
وقال غير الواقدي: استشهد يوم اليمامة.
262- قالوا: وتحصن المكعبر الفارسى صاحب كسرى الذي كان وجهه لقتل بني تميم حين عرضوا لعيره- واسمه فيروز بن جشيش- بالزارة.
وانضم إليه مجوس كانوا تجمعوا بالقطيف، وامتنعوا من أداء الجزية.
فأقام العلاء على الزارة، فلم يفتحها في خلافة أبي بكر وفتحها في أول خلافة عمر.
وفتح العلاء السابون ودارين في خلافة عمر عنوة، وهناك موضع يعرف بخندق العلاء.
263- وقال معمر بن المثنى: غزا العلاء بعبد القيس قرى من السابون في خلافة عمر بن الخطاب ففتحها، ثم غزا مدينة الغابة فقتل من بها من العجم، ثم أتى الزارة وبها المكعبر فحصره.
ثم إن مرزبان الزارة دعا إلى البراز فبارزه البراء بن مالك فقتله، وأخذ سلبه، فبلغ أربعين ألفا.
ثم خرج رجل من الزاره مستأمنا على أن يدل على شرب القوم، فدله على العين الخارجة من الزارة، فسدها العلاء فلما رأوا ذلك صالحوه على أن له ثلث المدينة وثلث ما فيها من ذهب وفضة، وعلى أن يأخذ النصف مما كان لهم خارجها.
وأتى الأخنس العامري العلاء فقال له: إنهم لم يصالحوك على ذراريهم وهم بدارين.
ودله كراز النكرى على المخاضة إليهم، فتقحم العلاء في جماعة من المسلمين البحر، فلم يشعر أهل دارين إلا بالتكبير، فخرجوا فقاتلوهم من ثلاثة أوجه، فقتلوا مقاتلتهم وحووا الذرارى والسبي.
ولما رأى المكعبر ذلك أسلم.
وقال كراز:
هاب العلاء حياض البحر مقتحما ** فخضت قدما إلى كفار دارينا

26- حدثنا خلف البزاز وعفان قالا: حدثنا هشيم قال: أخبرنا ابن عون ويونس، عن محمد بن سيرين قال: بارز البراء بن مالك مرزبان الزارة فطعنه فوق صلبه وصرعه، ثم نزل فقطع يديه وأخذ سواريه، ويلمقا كان عليه، ومنطقة.
فخمسه عمر لكثرته، وكان أول سلب خمس في الإسلام.