فصل: حكم التعدي على حق الغير:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مختصر الفقه الإسلامي في ضوء القرآن والسنة



.حكم المال المغصوب:

يحرم على الغاصب الانتفاع بالمغصوب، ويجب عليه رده، وكذا سائر المظالم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ كَانَتْ لَهُ مَظْلَمَةٌ لأَخِيهِ مِنْ عِرْضِهِ أَوْ شَيْءٍ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ قَبْلَ أَنْ لا يَكُونَ دِيْنَارٌ وَلا دِرْهَمٌ، إنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيْهِ». أخرجه البخاري.
- يحق للإنسان الدفاع عن نفسه وماله إذا قصده آخر لقتله، أو أَخْذ ماله.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ الله- صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: يَا رَسُوْلَ الله أَرَأَيْتَ إنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: «فَلا تُعْطِهِ مَالَكَ» قَالَ أَرَأَيْتَ إنْ قَاتَلَنِي؟ قَالَ: «قَاتِلْهُ» قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلَنِي؟ قَالَ: «فَأَنْتَ شَهِيْدٌ» قَالَ: أَرَأَيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: «هُوَ فِي النَّارِ». أخرجه مسلم.

.18- الشفعة والشفاعة:

- الشفعة: هي استحقاق الشريك انتزاع حصة شريكه من يد مشتريها بالثمن الذي استقر عليه العقد مع المشتري.

.حكمة مشروعية الشفعة:

الشفعة من محاسن الإسلام، شرعت لدفع الضرر عن الشريك؛ لأنه ربما يشتري نصيب شريكه عدو له، أو ذو أخلاق سيئة فيحدث بسبب ذلك التباغض، ويتأذى الجار، وفي ثبوت الشفعة دفع للأذى والضرر.

.حكم الشفعة:

الشفعة جائزة للشفيع، وتثبت الشفعة في كل شيء لم يقسم من أرض، أو دار، أو حائط، ويحرم التحيُّل لإسقاطها؛ لأنها شُرعت لإزالة الضرر عن الشريك.
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قَضَىَ النَّبِيُّ- صلى الله عليه وسلم- بِالشُّفْعَةِ فِي كُلِّ مَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإذَا وَقَعَتِ الحُدُودُ، وَصُرِّفَتِ الطُّرُقُ فَلا شُفْعَةَ. متفق عليه.

.وقت الشفعة:

1- الشفعة حق للشريك متى علم بالبيع، فإن أخرها بطلت شفعته إلا أن يكون غائباً، أو معذوراً فيكون على شفعته متى قدر عليها، وإن أمكنه الإشهاد على المطالبة بها ولم يشهد بطلت شفعته.
2- إذا مات الشفيع ثبتت الشفعة لورثته، ويأخذ الشفيع المبيع بكل الثمن، فإن عجز عن بعضه سقطت.

.ثبوت الشفعة:

لا يجوز للشريك أن يبيع نصيبه حتى يؤذِن شريكه، فإن باع ولم يؤذِنه فهو أحق به، وإن أذن له وقال لا غرض لي فيه لم يكن له المطالبة به بعد البيع.

.حكم شفعة الجار:

الجار أحق بشفعة جاره، فإذا كان بين الجارين حق مشترك من طريق أو ماء ثبتت الشفعة لكل منهما لقوله عليه الصلاة والسلام: «الجَارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جَارِهِ يُنْتَظَرُ بِهَا وَإنْ كَانَ غَائِباً إِذَا كَانَ طَرِيقُهُمَا وَاحِداً». أخرجه أبو داود وابن ماجه.
- الشفاعة: هي طلب العون للغير.

.أقسام الشفاعة:

الشفاعة قسمان: حسنة وسيئة.
1- الشفاعة الحسنة: هي ما كانت فيما استحسنه الشرع، كأن يشفع لإزالة ضرر، أو جَرّ منفعة إلى مُسْتَحِق، أو رفع مظلمة عن مظلوم، فهذه محمودة، وصاحبها مأجور.
2- الشفاعة السيئة: هي ما كانت فيما حرَّمه الشرع، كأن يشفع في إسقاط حد، أو هضم حق، أو إعطائه لغير مستحقه، فهذه مذمومة، وصاحبها مأزور غير مأجور.
قال الله تعالى: {مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85)} [النساء/85].

.19- الوديعة:

- الوديعة: هي المال المدفوع إلى من يحفظه بلا عوض.

.حكمة مشروعيتها:

قد تطرأ على الإنسان أحوال يكون فيها غير قادر على حفظ ماله، إما لفقد المكان، أو لعدم الإمكان، ويكون عند غيره من إخوانه القدرة على حفظ ماله.
ومن هنا أباح الإسلام الوديعة لحفظ المال من جهة، وكسب الأجر من جهة المودَع، وفي حفظها ثواب جزيل، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

.حكم الوديعة:

الوديعة عقد جائز، إن طلبها صاحبها وجب ردها إليه، وإن ردها المستودَع لزم صاحبها قبولها.
والوديعة مباحة للمودِع، سنة للمودَع عنده؛ لأنها من الإحسان الذي يحبه الله، وفيها قضاء حاجة المسلم.

.حكم قبول الوديعة:

يستحب قبول الوديعة لمن علم أنه قادر على حفظها؛ لأنه من التعاون على البر والتقوى، وفيها ثواب جزيل، وتكون من جائز التصرف لمثله.

.ضمان الوديعة:

1- إذا تلفت الوديعة من بين ماله ولم يتعد ولم يفرط لم يضمن، ويلزم حفظها في حرز مثلها، فإن أذن للمودَع أن يتصرف فيها صارت قرضاً مضموناً.
2- إذا حصل خوف وأراد المودَع أن يسافر فإنه يجب عليه رد الوديعة إلى صاحبها أو وكيله، فإن لم يمكن دَفَعها إلى الحاكم إن كان عدلاً، فإن لم يمكن أودعها عند ثقة ليردها إلى صاحبها.
3- من أودع دابة فركبها لغير نفعها، أو دراهم فأخرجها من حرزها أو خلطها بغير متميز فضاع الكل أو تلف ضمن.
4- المودَع أمين لا يضمن إلا إن تعدى أو فرط، ويُقبل قول المودَع مع يمينه في رد الوديعة، وتلفها، وعدم التفريط، ما لم تكن بينة.

.حكم رد الوديعة:

1- الوديعة مالاً كانت أو غيره أمانة عند المودَع، يجب ردها عندما يطلبها صاحبها، فإن لم يَردها بعد طلب صاحبها من غير عذر فتلفت ضمنها.
قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء/58].
2- إذا طلب أحد المودعين نصيبه من مكيل، أو موزون، أو معدود ينقسم، أعطي إياه.

.حكم الأموال المودعة في البنك:

الأموال المودعة في البنك قرض لا وديعة؛ لأن البنك يتصرف فيها بالتجارة، والوديعة تُحفظ ولا يُتصرف فيها.
فعلى هذا إذا احترق البنك بأمواله بدون تعد ولا تفريط،، ضمن البنك القروض، ولا يضمن الودائع؛ لأن المودَع أمين قَبَض المال بإذن صاحبه، ولمصلحة مالكه، فلا يضمن إلا إن تعدى أو فرط.
والمستقرض استقرض لمصلحة نفسه بإذن مالكه، فيضمن القرض لصاحبه.

.20- إحياء الموات:

الموات: الأرض التي لا مالك لها، وهي الأرض المنفكة عن لاختصاصات، وملك معصوم.
والاختصاصات كمجاري السيول، ومواضع الحطب، ومناطق الرعي، المصالح العامة كالحدائق والمقابر.
ومُلك المعصوم هو ما مَلَكه الإنسان، والمعصوم من بني آدم أربعة:
المسلم.. والمعاهد.. والذمي.. والمستأمن.
فهؤلاء لا يجوز لأحد الاعتداء على ما يملكون.

.حكمة مشروعية إحياء الموات:

إحياء الموات فيه اتساع دائرة الرزق، وانتفاع المسلمين بما يخرج منها من طعام وغيره، ومن زكاة تُفَرَّق على المستحقين.

.فضل إحياء الموات لمن حسنت نيته:

عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْسًا أَوْ يَزْرَعُ زَرْعًا فَيَأْكُلُ مِنْهُ طَيْرٌ أَوْ إِنْسَانٌ أَوْ بَهِيمَةٌ إِلَّا كَانَ لَهُ بِهِ صَدَقَةٌ».متفق عليه.

.حكم إحياء الموات:

1- من أحيا أرضاً ميتة ليست لأحد فهي له، من مسلم وذمي، بإذن الإمام وعدمه، في دار الإسلام وغيرها، ما لم تتعلق بمصالح المسلمين كالمقبرة، ومحل الاحتطاب، وموات الحرم، وعرفات فلا يملك بالإحياء.
عن عائشة رضي الله عنها عن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ أَعْمَرَ أَرْضاً لَيْسَتْ لأَحَدٍ فَهُوَ أَحَقُّ». أخرجه البخاري.
2- وإذا رأى الإمام ضبط الأمور، وتحقيق العدل، وقطع النزاع، فأمر الناس أن يستأذنوا عند الإحياء فتجب طاعته؛ لأن طاعة ولي الأمر واجبة في غيرمعصية الله.

.كيفية إحياء الأرض الموات:

يحصل إحياء الأرض بما يلي:
إما بحائط منيع مما جرت به العادة، أو بإجراء الماء، أو حفر بئر فيها، أو غرس شجر، ويُرجع في ذلك إلى العرف، فما عده الناس إحياءً فإنه تملك به الأرض الموات.
فَمَنْ أحياها إحياءً شرعياً ملكها بجميع ما فيها، كبيرة كانت أو صغيرة، وإن عجز فللإمام أخذها وإعطاؤها لمن يقدر على إحيائها.

.حكم تملُّك الأرض القريبة:

الأرض الواقعة في البلد، أو القريبة منه لا تُملك إلا بإذن الإمام.
فقد يحتاجها المسلمون لمقبرة، أو بناء مسجد، أو مدرسة أو نحوها، وامتلاكها يفوِّت هذه المصالح العامة.
الأرض الموات التي ينحدر سيلها إلى أرض مملوكة فهي تبع لها على وجه الاختصاص، لا يسوغ إحياؤها، ولا إقطاعها لغير أهل الأرض المملوكة إلا بإذنهم، دفعاً للضرر عنهم.

.ما يجوز للإمام إقطاعه:

يجوز للإمام إقطاع موات لمن يحييه، وإقطاع الجلوس في الأسواق الواسعة للبيع والشراء ما لم يُضيق على الناس، ومن غير إقطاع يجوز الجلوس فيها لمن سبق، فإن سبقا معاً اقترعا، وإذا اختلف الناس في الطريق جُعل سبعة أذرع، وللحاكم تنفيذ ما تتحقق به المصلحة العامة.

.حكم الحجر على الأرض:

التحجر لا يفيد التملك، وإنما يفيد الاختصاص، والأحقية من غيره كأن يحيط الأرض بجدار ليس بمنيع، أو بشبك، أو خندق، أو حاجز ترابي، أو يحفر بئراً ولا يصل إلى الماء، فيضرب له ولي الأمر مدة لإحيائها، فإن أحياها إحياءً شرعياً وإلا نزعها من يده، وسلَّمها لمتشوِّف لإحيائها.
يجوز لمن في أعلى الماء المباح كماء النهر، والوادي، السقي، وحبس الماء إلى الكعبين، ثم يرسله إلى مَنْ تحته.

.حكم اتخاذ الحِمى:

يجوز للإمام دون غيره حمى مرعىً للدواب والخيل التي تتبع بيت مال المسلمين كخيل الجهاد، وإبل الصدقة ونحوهما ما لم يضر بالمسلمين.
- مَنْ سبق إلى مباح وحازه فهو له كصيد، وعنبر، وحطب ونحو ذلك.
- المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء، والكلأ، والنار، ولا يجوز الحمى إلا لمصالح المسلمين العامة.

.حكم التعدي على حق الغير:

يحرم على المسلم الاعتداء على حق غيره من مال، أو عقار وغيرهما.
1- عن عائشة رضي الله عنها أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ ظَلَمَ قِيْدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ». متفق عليه.
2- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي- صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ أَخَذَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئاً بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَومَ القِيَامَةِ إلَى سَبْعِ أَرَضِينَ». أخرجه البخاري.

.21- الجعالة:

- الجعالة: هي جعل مال معلوم لمن يعمل له عملاً مباحاً معلوماً أو مجهولاً كبناء حائط، أَوْ رَدِّ شارد ونحوهما.
- حكم الجعالة: جائزة؛ لحاجة الناس إليها، ولكلٍ من الطرفين فسخها إلا إذا تضمنت ضرراً على الآخر، فلا يجوز فسخها.
قال الله تعالى: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72)} [يوسف/72].

.صفة الجعالة:

أن يقول الإنسان مثلاً: مَنْ بنى لي هذا الجدار، أو خاط هذا الثوب، أو رَدَّ هذا الفرس فله كذا مالاً، فمن فعله استحق الجُعْل.
والفرق بين الإجارة والجعالة: أن الإجارة مع شخص معين بنفسه، والجعالة مع كل أحد، فلمن شاء قام بالعمل وأخذها.

.حكم فسخ الجعالة:

يجوز فسخ الجعالة، فإن كان الفسخ من العامل لم يستحق شيئاً.
وإن كان الفسخ من الجاعل:
فإن كان قبل الشروع في العمل لم يستحق العامل شيئاً.
وإن كان بعده فللعامل أجرة عمله.

.حكم من بذل منفعة:

1- من رد لقطة أو ضالة أو نحوهما من غير جعل لم يستحق عوضاً، ويستحب إعطاؤه ما تيسر.
2- من استنقذ مال غيره من الهلكة ورده إلى صاحبه استحق أجرة المثل ولو بغير شرط.

.22- اللقطة واللقيط:

- اللقطة: هي مال أو مختص ضل عنه ربه والتقطه غيره.

.حكم اللقطة:

جواز أخذ اللقطة وتعريفها من محاسن الإسلام؛ لما فيها من حفظ مال الغير، وحصول الأجر لمن التقطها وعرَّفها.

.المال الضائع على ثلاثة أقسام:

1- ما لا تتبعه همة أوساط الناس كالسوط، والعصا، والرغيف، والثمرة ونحوها، فهذا يُملك بأخذه إن لم يجد صاحبه، ولا يجب تعريفه، والأفضل أن يتصدق به.
2- الضوال التي تمتنع من صغار السباع كالإبل، والبقر، والخيل، والضبا، والطيور ونحوها فهذه لا تُلتقط، وَمَنْ أخذها لزمه ضمانها وتعريفها أبداً.
3- سائر الأموال كالنقود والأمتعة والحقائب والحيوانات التي لا تمتنع بنفسها من السباع كالغنم والفصلان ونحوها، فهذه يجوز أخذها إن أمن نفسه عليها، وقوي على تعريفها، فَيُشهد عليها عدلين، ويحفظ عفاصها ووكاءها، ثم يعرِّفها سنة كاملة في المجتمعات العامة كالأسواق، وأبواب المساجد ونحوها من وسائل الإعلام المباحة.

.حكم اللقطة بعد التعريف:

1- إذا عَرَّف اللقطة سنة كاملة، فإن وجد صاحبها سلمها إليه بلا بينة ولا يمين، وإن لم يجده عَرَف صفاتها وقدرها ثم تصرف فيها وَتَمَلَّكها، ومتى جاء صاحبها فوصفها دفعها إليه أو مثلها إن كانت قد تلفت.
2- إن هلكت اللقطة أو تلفت في حول التعريف بغير تعدٍّ منه ولا تفريط فلا ضمان عليه.