فصل: أقسام الخبر باعتبار طرق نقله إلينا

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: مصطلح الحديث **


 القسم الأول من كتاب ‏(‏مصطلح الحديث‏)‏

مصطلح الحديث‏:‏

أ - تعريفه ب - فائدته

 أ - مصطلح الحديث‏‏

علم يعرف به حال الراوي والمروي من حيث القَبول والرد‏.‏

 ب - وفائدته‏‏

معرفة ما يقبل ويرد من الراوي والمروي‏.‏

الحديث - الخبر - الأثر - الحديث القدسي‏:‏

الحديث‏:‏ ما أضيف إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- من قول، أو فعل، أو تقرير، أو وصف‏.‏

الخبر‏:‏ بمعنى الحديث؛ فَيُعَرَّف بما سبق في تعريف الحديث‏.‏

وقيل‏:‏ الخبر ما أضيف إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وإلى غيره؛ فيكون أعم من الحديث وأشمل‏.‏

الأثر‏:‏ ما أضيف إلى الصحابي أو التابعي، وقد يراد به ما أضيف إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- مقيدًا فيقال‏:‏ وفي الأثر عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-‏.‏

الحديث القدسي‏:‏ ما رواه النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عن ربه -تعالى- ويسمى أيضًا ‏(‏الحديث الرباني‏)‏ و‏(‏الحديث الإلهي‏)‏‏.‏

مثاله‏:‏ قوله - صلّى الله عليه وسلّم- فيما يرويه عن ربه - تعالى- أنه قال‏:‏ ‏(‏أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه حين يذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم‏)‏‏.‏

ومرتبة الحديث القدسي بين القرآن والحديث النبوي، فالقرآن الكريم ينسب إلى الله تعالى لفظًا ومعنىً، والحديث النبوي ينسب إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لفظًا ومعنىً، والحديث القدسي ينسب إلى الله تعالى معنىً لا لفظًا، ولذلك لا يتعبد بتلاوة لفظه، ولا يقرأ في الصلاة، ولم يحصل به التحدي، ولم ينقل بالتواتر كما نقل القرآن، بل منه ما هو صحيح وضعيف وموضوع‏.‏

 أقسام الخبر باعتبار طرق نقله إلينا

ينقسم الخبر باعتبار طرق نقله إلينا إلى قسمين‏:‏ متواتر وآحاد‏.‏

 

الأول - المتواتر

أ - تعريفه ب - أقسامه مع التمثيل ج - ما يفيده‏:‏

أ - المتواتر‏:‏

ما رواه جماعة يستحيل في العادة أن يتواطؤوا على الكذب، وأسندوه إلى شيء محسوس‏.‏

ب - وينقسم المتواتر إلى قسمين‏:‏

متواتر لفظًا ومعنىً، ومتواتر معنىً فقط‏.‏

فالمتواتر لفظًا ومعنى‏:‏ ما اتفق الرواة فيه على لفظه ومعناه‏.‏

مثاله‏:‏ قوله -صلّى الله عليه وسلّم-‏:‏ ‏(‏من كذب عليَّ مُتعمدًا فليتبوَّأ مقعدَه من النار‏)‏‏.‏ فقد رواه عن النبي - صلّى الله عليه وسلّم- أكثر من ستين صحابيًّا، منهم العشرة المبشرون بالجنة، ورواه عن هؤلاء خلق كثير‏.‏

والمتواتر معنى‏:‏ ما اتفق فيه الرواة على معنىً كلي، وانفرد كل حديث بلفظه الخاص‏.‏

مثاله‏:‏ أحاديث الشفاعة، والمسح على الخفين، ولبعضهم‏:‏

مما تواترَ حديثُ مَنْ كَذَبْ ** وَمَنْ بَنَى للهِ بيتًا واحْتَسَبْ

ورؤيةٌ شَفَاعَةٌ والْحَوضُ ** وَمْسُحُ خُفَّيْنِ وَهذى بَعْضُ

جـ - والمتواتر بقسميه يفيد‏:‏

أولًا‏:‏ العلم‏:‏ وهو‏:‏ القطع بصحة نسبته إلى من نقل عنه‏.‏

ثانيًا‏:‏ العمل بما دل عليه بتصديقه إن كان خبرًا، وتطبيقه إن كان طلبًا‏.‏

 

الثاني - الآحاد

أ - تعريفها بـ - أقسامها باعتبار الطرق مع التمثيل ج - أقسامها باعتبار الرتبة مع التمثيل د - ما تفيده‏.‏

أ - الآحاد‏:‏

ما سوى المتواتر‏.‏

ب - وتنقسم باعتبار الطرق إلى ثلاثة أقسام‏:‏

مشهور وعزيز وغريب‏.‏

1- فالمشهور‏:‏ ما رواه ثلاثة فأكثر، ولم يبلغ حد التواتر‏.‏

مثاله‏:‏ قوله -صلّى الله عليه وسلّم-‏:‏ ‏(‏المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده‏)‏‏.‏

2- والعزيز‏:‏ ما رواه اثنان فقط‏.‏

مثاله‏:‏ قوله - صلّى الله عليه وسلّم-‏:‏ ‏(‏لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين‏)‏‏.‏

3 - والغريب‏:‏ ما رواه واحد فقط‏.‏

مثاله‏:‏ قوله -صلّى الله عليه وسلّم-‏:‏ ‏(‏إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ الحديث‏.‏

فإنه لم يروه عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إلا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- ولا عن عمر إلا علقمة بن وقاص، ولا عن علقمة إلا محمد بن إبراهيم التيمي، ولا عن محمد إلا يحيى بن سعيد الأنصاري، وكلهم من التابعين ثم رواه عن يحيى خلق كثير‏.‏

جـ - وتنقسم الآحاد باعتبار الرتبة إلى خمسة أقسام‏:‏

صحيح لذاته، ولغيره، وحسن لذاته، ولغيره، وضعيف‏.‏

1 - فالصحيح لذاته‏:‏ ما رواه عدل تام الضبط بسند متصل وسلم من الشذوذ والعلة القادحة‏.‏

مثاله‏:‏ قوله -صلّى الله عليه وسلّم-‏:‏ ‏(‏من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين‏)‏‏.‏ رواه البخاري ومسلم‏.‏

وتعرف صحة الحديث بأمور ثلاثة‏:‏

الأول‏:‏ أن يكون في مصنف التزم فيه الصحة إذا كان مصنفه ممن يعتمد قوله في التصحيح ‏"‏كصحيحي البخاري ومسلم‏"‏‏.‏

الثاني‏:‏ أن ينص على صحته إمام يعتمد قوله في التصحيح ولم يكن معروفًا بالتساهل فيه‏.‏

الثالث‏:‏ أن ينظر في رواته وطريقة تخريجهم له، فإذا تمت فيه شروط الصحة حكم بصحته‏.‏

2 - والصحيح لغيره‏:‏ الحسن لذاته إذا تعددت طرقه‏.‏

مثاله‏:‏ حديث عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما- أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أمره أن يجهز جيشًا فنفدت الإبل، فقال النبي -صلّى الله عليه وسلّم-‏:‏ ‏(‏ابتع علينا إبلًا بقلائص من قلائص الصدقة إلى محلها‏)‏؛ فكان يأخذ البعير بالبعيرين والثلاثة‏.‏ فقد رواه أحمد من طريق محمد بن إسحاق، ورواه البيهقي من طريق عمرو بن شعيب، وكل واحد من الطريقين بانفراده حسن، فبمجموعهما يصير الحديث صحيحًا لغيره‏.‏

وإنما سمِّي صحيحًا لغيره، لأنه لو نظر إلى كل طريق بانفراد لم يبلغ رتبة الصحة، فلما نظر إلى مجموعهما قوي حتى بلغها‏.‏

3 - والحسن لذاته‏:‏ ما رواه عدل خفيف الضبط بسند متصل وسلم من الشذوذ والعلة القادحة‏.‏

فليس بينه وبين الصحيح لذاته فرق سوى اشتراط تمام الضبط في الصحيح، فالحسن دونه‏.‏

مثاله‏:‏ قوله -صلّى الله عليه وسلّم-‏:‏ ‏(‏مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم‏)‏‏.‏

ومن مظان الحسن‏:‏ ما رواه أبو داود منفردًا به، قاله ابن الصلاح‏.‏

4 - والحسن لغيره‏:‏ الضعيف إذا تعددت طرقه على وجه يجبر بعضها بعضًا، بحيث لا يكون فيها كذاب، ولا متهم بالكذب‏.‏

مثاله‏:‏ حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- قال‏:‏ كان النبي - صلّى الله عليه وسلّم- إذا مد يديه في الدعاء لم يردهما حتى يمسح بهما وجهه وأخرجه الترمذي، قال في ‏"‏بلوغ المرام‏"‏‏:‏ وله شواهد عند أبي داود وغيره، ومجموعها يقضي بأنه حديث حسن‏.‏

وإنما سمي حسنًا لغيره؛ لأنه لو نظر إلى كل طريق بانفراده لم يبلغ رتبة الحسن، فلما نظر إلى مجموع طرقه قوي حتى بلغها‏.‏

5 - والضعيف‏:‏ ما خلا عن شروط الصحيح والحسن‏.‏

مثاله‏:‏ حديث‏:‏ ‏(‏احترسوا من الناس بسوء الظن‏)‏‏.‏

ومن مظان الضعيف‏:‏ ما انفرد به العقيلي، أو ابن عدي، أو الخطيب البغدادي، أو ابن عساكر في ‏"‏تأريخه‏"‏، أو الديلمي في ‏"‏مسند الفردوس‏"‏، أو الترمذي الحكيم في ‏"‏نوادر الأصول‏"‏ - وهو غير صاحب السنن - أو الحاكم وابن الجارود في ‏"‏تأريخيهما‏"‏‏.‏

د - وتفيد أخبار الآحاد سوى الضعيف‏:‏

أولًا‏:‏ الظن وهو‏:‏ رجحان صحة نسبتها إلى من نقلت عنه، ويختلف ذلك بحسب مراتبها السابقة، وربما تفيد العلم إذا احتفت بها القرائن، وشهدت بها الأصول‏.‏

ثانيًا‏:‏ العمل بما دلت عليه بتصديقه إن كان خبرًا، وتطبيقه إن كان طلبًا‏.‏

أما الضعيف فلا يفيد الظن ولا العمل، ولا يجوز اعتباره دليلًا، ولا ذكره غير مقرون ببيان ضعفه إلا في الترغيب والترهيب؛ فقد سهّل في ذِكْره جماعة بثلاثة شروط‏:‏

1 - أن لا يكون الضعف شديدًا‏.‏

2 - أن يكون أصل العمل الذي ذكر فيه الترغيب والترهيب ثابتًا‏.‏

3 - أن لا يعتقد أن النبي - صلّى الله عليه وسلّم- قاله‏.‏

وعلى هذا فيكون فائدة ذكره في الترغيب‏:‏ حث النفس على العمل المرغب فيه، لرجاء حصول ذلك الثواب، ثم إن حصل وإلا لم يضره اجتهاده في العبادة، ولم يفته الثواب الأصلي المرتب على القيام بالمأمور‏.‏

وفائدة ذكره في الترهيب تنفير النفس عن العمل المرهب عنه للخوف من وقوع ذلك العقاب، ولا يضره إذا اجتنبه ولم يقع العقاب المذكور‏.‏

 شرح تعريف الصحيح لذاته

سبق أن الصحيح لذاته‏:‏ ما رواه عدل تام الضبط بسند متصل، وسلم من الشذوذ والعلة القادحة‏.‏

فالعدالة‏:‏ استقامة الدين والمروءة‏.‏

فاستقامة الدين‏:‏ أداء الواجبات، واجتناب ما يوجب الفسق من المحرمات‏.‏

واستقامة المروءة‏:‏ أن يفعل ما يحمده الناس عليه من الآداب والأخلاق، ويترك ما يذمّه الناس عليه من ذلك

وتعرف عدالة الراوي بالاستفاضة كالأئمة المشهورين‏:‏ مالك وأحمد والبخاري ونحوهم، وبالنص عليها ممن يعتبر قوله في ذلك‏.‏

وتمام الضبط‏:‏ أن يؤدي ما تحمّله من مسموع، أو مرئي على الوجه الذي تحمله من غير زيادة ولا نقص، لكن لا يضر خطأ يسير؛ لأنه لا يسلم منه أحد‏.‏

ويعرف ضبط الراوي بموافقته الثقات والحفاظ ولو غالبًا، وبالنص عليه ممن يعتبر قوله في ذلك‏.‏

واتصال السند‏:‏ أن يتلقى كل راو ممن روى عنه مباشرة أو حكمًا‏.‏

فالمباشرة‏:‏ أن يلاقي من روى عنه فيسمع منه، أو يرى، ويقول‏:‏ حدثني، أو سمعت، أو رأيت فلانًا ونحوه‏.‏

والحكم‏:‏ أن يروي عمن عاصره بلفظ يحتمل السماع والرؤية، مثل‏:‏ قال فلان، أو‏:‏ عن فلان، أو‏:‏ فعل فلان، ونحوه‏.‏

وهل يشترط مع المعاصرة ثبوت الملاقاة أو يكفي إمكانها‏؟‏

على قولين؛ قال بالأول البخاري، وقال بالثاني مسلم‏.‏

قال النووي عن قول مسلم‏:‏ أنكره المحققون، قال‏:‏ وإن كنا لا نحكم على مسلم بعمله في ‏"‏صحيحه‏"‏ بهذا المذهب لكونه يجمع طرقًا كثيرة يتعذر معها وجود هذا الحكم الذي جوزه، والله أعلم‏.‏

ومحل هذا في غير المدلِّس، أما المدلِّس فلا يحكم لحديثه بالاتصال إلا ما صرح فيه بالسماع أو الرؤية‏.‏

ويعرف عدم اتصال السند بأمرين‏:‏

أحدهما‏:‏ العلم بأن المروي عنه مات قبل أن يبلغ الراوي سن التمييز‏.‏

ثانيهما‏:‏ أن ينص الراوي أو أحد أئمة الحديث على أنه لم يتصل بمن روى عنه، أو لم يسمع، أو ير منه ما حَدَّث به عنه‏.‏

والشذوذ‏:‏ أن يخالف الثقة من هو أرجح منه إما‏:‏ بكمال العدالة، أو تمام الضبط، وكثرة العدد، أو ملازمة المروي عنه، أو نحو ذلك‏.‏

مثاله‏:‏ حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء النبي - صلّى الله عليه وسلّم-‏:‏ أنه مسح برأسه بماء غير فضل يده، فقد رواه مسلم بهذا اللفظ من طريق ابن وهب، ورواه البيهقي من طريقه أيضًا بلفظ‏:‏ أنه أخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذه لرأسه‏.‏ ورواية البيهقي شاذة؛ لأن راويه عن ابن وهب ثقة، لكنه مخالف لمن هو أكثر منه‏.‏ حيث رواه جماعة عن ابن وهب بلفظ رواية مسلم، وعليه فرواية البيهقي غير صحيحة، وإن كان رواتها ثقات؛ لعدم سلامتها من الشذوذ‏.‏

والعلة القادحة‏:‏ أن يتبين بعد البحث في الحديث سبب يقدح في قبوله‏.‏ بأن يتبين أنه منقطع، أو موقوف، أو أن الراوي فاسق، أو سيِّئ الحفظ، أو مبتدع والحديث يقوي بدعته، ونحو ذلك؛ فلا يحكم للحديث بالصحة حينئذٍ؛ لعدم سلامته من العلة القادحة‏.‏

مثاله‏:‏ حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلّى الله عليه وسلّم - قال‏:‏ ‏(‏لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئًا من القرآن‏)‏‏.‏ فقد رواه الترمذي وقال‏:‏ لا نعرفه إلا من حديث إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة‏.‏‏.‏‏.‏ إلخ‏.‏

فظاهر الإسناد الصحة، لكن أُعلّ بأن رواية إسماعيل عن الحجازيين ضعيفة، وهذا منها، وعليه فهو غير صحيح لعدم سلامته من العلة القادحة‏.‏

فإن كانت العلة غير قادحة لم تمنع من صحة الحديث أو حسنه‏.‏

مثاله‏:‏ حديث أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال‏:‏ ‏(‏من صام رمضان ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر‏)‏‏.‏ فقد رواه مسلم من طريق سعد بن سعيد، وأُعلَّ الحديث به، لأن الإمام أحمد ضعفه‏.‏ وهذه العلة غير قادحة؛ لأن بعض الأئمة وثّقه، ولأن له متابعًا، وإيراد مسلم له في ‏"‏صحيحه‏"‏ يدل على صحته عنده، وأن العلة غير قادحة‏.‏

 الجمع بين وصفي الصحة والحسن في حديث واحد‏

سبق أن الحديث الصحيح قسيم للحديث الحسن، فهما متغايران، ولكنه يمر بنا أحيانًا حديث يوصف بأنه صحيح حسن فكيف نوفق بين هذين الوصفين مع التغاير بينهما‏؟‏

نقول‏:‏ إن كان للحديث طريقان فمعنى ذلك أن أحد الطريقين صحيح، والثاني حسن فجمع فيه بين الوصفين باعتبار الطريقين‏.‏

وإن كان للحديث طريق واحد فمعناه التردد هل بلغ الحديث مرتبة الصحيح أو أنه في مرتبة الحسن‏؟‏

 

منقطع السند

أ - تعريفه ب - أقسامه ج - حكمه‏:‏

أ - منقطع السند‏:‏

هو الذي لم يتصل سنده، وقد سبق أن من شروط الحديث الصحيح والحسن أن يكون بسند متصل‏.‏

ب - وينقسم إلى أربعة أقسام‏:‏

مرسل ومعلق ومعضل ومنقطع‏.‏

1 - فالمرسل‏:‏ ما رفعه إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- صحابي لم يسمع منه أو تابعي‏.‏

2 - والمعلق‏:‏ ما حذف أول إسناده‏.‏

وقد يراد به‏:‏ ما حذف جميع إسناده كقول البخاري‏:‏ وكان النبي - صلّى الله عليه وسلّم- يذكر الله في كل أحيانه

فأما ما ينقله المصنفون كصاحب ‏"‏العمدة‏"‏ - مثلًا - منسوبًا إلى أصله بدون إسناد؛ فلا يحكم عليه بالتعليق حتى ينظر في الأصل المنسوب إليه‏.‏ لأن ناقله غير مسندٍ له، وإنما هو فرع، والفرع له حكم الأصل‏.‏

3 - والمعضل‏:‏ ما حذف من أثناء سنده راويان فأكثر على التوالي‏.‏

4 - والمنقطع‏:‏ ما حذف من أثناء سنده راوٍ واحد، أو راويان فأكثر لا على التوالي‏.‏

وقد يراد به‏:‏ كل ما لم يتصل سنده، فيشمل الأقسام الأربعة كلها‏.‏

مثال ذلك‏:‏ ما رواه البخاري؛ قال‏:‏ حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير قال‏:‏ حدثنا سفيان، قال‏:‏ حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري قال‏:‏ أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول‏:‏ سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- على المنبر قال‏:‏ سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول‏:‏ ‏(‏إنما الأعمال بالنيات‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏ إلخ‏.‏

فإذا حذف من هذا السند عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-؛ سمي مرسلًا‏.‏

وإذا حذف منه الحميدي؛ سمي معلقًا‏.‏

وإذا حذف منه سفيان ويحيى بن سعيد؛ سمي معضلًا‏.‏

وإذا حذف منه سفيان وحده أو مع التيمي؛ سمي منقطعًا‏.‏

 جـ - حكمه‏

ومنقطع السند بجميع أقسامه مردود؛ للجهل بحال المحذوف، سوى ما يأتي‏:‏

1 - مرسل الصحابي‏.‏

2 - مرسل كبار التابعين عند كثير من أهل العلم، إذا عضده مرسل آخر، أو عمل صحابي أو قياس‏.‏

3 - المعلَّق إذا كان بصيغة الجزم في كتابِ الْتُزِمت صحته ‏"‏كصحيح البخاري‏"‏‏.‏

4 - ما جاء متصلًا من طريق آخر، وتمت فيه شروط القَبول‏.‏

 التدليس‏‏

أ - تعريفه ب - أقسامه ج - طائفة من المدلسين د - حكم حديث المدلس‏:‏

أ - التدليس‏:‏

سياق الحديث بسند؛ يوهم أنه أعلى مما كان عليه في الواقع‏.‏

ب - وينقسم إلى قسمين‏:‏

تدليس الإسناد، وتدليس الشيوخ‏.‏

فتدليس الإسناد‏:‏ أن يروي عمن لقيه ما لم يسمعه من قوله أو يره من فعله، بلفظ يوهم أنه سمعه أو رآه مثل‏:‏ قال، أو فعل، أو عن فلان، أو أن فلانًا قال، أو فعل، ونحو ذلك‏.‏

وتدليس الشيوخ‏:‏ أن يسمّي الراوي شيخه، أو يصفه بغير ما اشتهر به فيوهم أنه غيره؛ إما لكونه أصغر منه، فلا يحب أن يظهر روايته عمن دونه، وإما ليظن الناس كثرة شيوخه، وإما لغيرهما من المقاصد‏.‏

ج - والمدلسون كثيرون، وفيهم الضعفاء والثقات؛ كالحسن البصري، وحميد الطويل، وسليمان بن مهران الأعمش، ومحمد بن إسحاق والوليد بن مسلم، وقد رتبهم الحافظ إلى خمس مراتب‏:‏

الأولى - من لم يوصف به إلا نادرًا؛ كيحيى بن سعيد‏.‏

الثانية - من احتمل الأئمة تدليسه، وأخرجوا له في ‏"‏الصحيح‏"‏؛ لإمامته، وقلة تدليسه في جنب ما روى؛ كسفيان الثوري، أو كان لا يدلس إلا عن ثقة؛ كسفيان بن عيينة‏.‏

الثالثة - من أكثر من التدليس غير متقيد بالثقات؛ كأبي الزبير المكي‏.‏

الرابعة - من كان أكثر تدليسه عن الضعفاء والمجاهيل؛ كبقية بن الوليد‏.‏

الخامسة - من انضم إليه ضعف بأمر آخر؛ كعبد الله بن لهيعة‏.‏

د - وحديث المدلس غير مقبول إلا أن يكون ثقة، ويصرح بأخذه مباشرة عمن روى عنه، فيقول‏:‏ سمعت فلانًا يقول، أو رأيته يفعل، أو حدثني ونحوه، لكن ما جاء في ‏"‏صحيحي البخاري ومسلم‏"‏ بصيغة التدليس عن ثقات المدلسين فمقبول؛ لتلقي الأمة لما جاء فيهما بالقَبول من غير تفصيل‏.‏

 المضطرب‏‏

أ - تعريفه ب - حكمه‏:‏

 أ - المضطرب‏

ما اختلف الرواة في سنده، أو متنه، وتعذر الجمع في ذلك والترجيح‏.‏

مثاله‏:‏ ما روي عن أبي بكر -رضي الله عنه- أنه قال للنبي -صلّى الله عليه وسلّم-‏:‏ أراك شبت قال‏:‏ ‏(‏شيبتني هود وأخواتها‏)‏‏.‏ فقد اختلف فيه على نحو عشرة أوجه‏:‏ فروي موصولًا ومرسلًا، وروي من مسند أبي بكر وعائشة وسعد، إلى غير ذلك من الاختلافات التي لا يمكن الجمع بينها ولا الترجيح‏.‏

فإن أمكن الجمع وجب، وانتفى الاضطراب‏.‏

مثاله‏:‏ اختلاف الروايات فيما أحرم به النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في حجة الوداع، ففي بعضها أنه أحرم بالحج، وفي بعضها أنه تمتع، وفي بعضها أنه قرن بين العمرة والحج، قال شيخ الإسلام ابن تيمية‏:‏ ولا تناقض بين ذلك، فإنه تمتع تمتع قران، وأفرد أعمال الحج، وقرن بين النسكين العمرة والحج، فكان قارنًا باعتبار جمعه النسكين ومفردًا باعتبار اقتصاره على أحد الطوافين والسعيين، ومتمتعًا باعتبار ترفهه بترك أحد السفرين‏.‏

وإن أمكن الترجيح عمل بالراجح، وانتفى الاضطراب أيضًا‏.‏

مثاله‏:‏ اختلاف الروايات في حديث بريرة -رضي الله عنها- حين عتقت فخيرها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بين أن تبقى مع زوجها أو تفارقه؛ هل كان زوجها حرًّا أو عبدًا‏؟‏

فروى الأسود عن عائشة -رضي الله عنها- أنه كان حرًّا، وروى عروة بن الزبير والقاسم بن محمد بن أبي بكر عنها أنه كان عبدًا، ورجحت روايتهما على رواية الأسود، لقربهما منها لأنها خالة عروة وعمة القاسم، وأما الأسود فأجنبي منها؛ مع أن في روايته انقطاعًا‏.‏

 ب - والمضطرب‏‏

ضعيف لا يحتج به، لأن اضطرابه يدل على عدم ضبط رواته، إلا إذا كان الاضطراب لا يرجع إلى أصل الحديث، فإنه لا يضر‏.‏

مثاله‏:‏ اختلاف الروايات في حديث فضالة بن عبيد -رضي الله عنه- أنه اشترى قلادة يوم خيبر باثني عشر دينارًا فيها ذهب وخرز، قال‏:‏ ففصلتها فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارًا، فذكرت ذلك للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- فقال‏:‏ ‏(‏لا تباع حتى تفصل‏)‏‏.‏ ففي بعض الروايات أن فضالة اشتراها، وفي بعضها أن غيره سأله عن شرائها، وفي بعض الروايات أنه ذهب وخرز، وفي بعضها ذهب وجوهر، وفي بعضها خرز معلقة بذهب، وفي بعضها باثني عشر دينارًا، وفي بعضها بتسعة دنانير، وفي بعضها سبعة‏.‏

قال الحافظ ابن حجر‏:‏ وهذا لا يوجب ضعفًا ‏(‏يعني الحديث‏)‏ بل المقصود من الاستدلال محفوظ لا اختلاف فيه؛ وهو النهي عن بيع ما لم يفصل، وأما جنسها أو مقدار ثمنها فلا يتعلق به في هذه الحال ما يوجب الاضطراب‏.‏ اهـ‏.‏

وكذلك لا يوجب الاضطراب‏:‏ ما يقع من الاختلاف في اسم الراوي أو كنيته، أو نحو ذلك، مع الاتفاق على عينه، كما يوجد كثيرًا في الأحاديث الصحيحة‏.‏

 

الإدراج في المتن

أ - تعريفه ب - مكانه مع التمثيل - ج - متى يحكم به‏:‏

 أ - الإدراج في المتن‏

أن يدخل أحد الرواة في الحديث كلامًا من عنده بدون بيان، إما‏:‏ تفسيرًا لكلمة، أو استنباطًا لحكم، أو بيانًا لحكمة‏.‏

 ب - مكانه مع التمثيل‏

ويكون في أول الحديث ووسطه وآخره‏.‏

مثاله في أوله‏:‏ حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-‏:‏ ‏(‏أسبغوا الوضوء‏)‏ ‏(‏ويل للأعقاب من النار‏)‏‏.‏

فقوله‏:‏ ‏(‏أسبغوا الوضوء‏)‏ مدرج من كلام أبي هريرة، بينته رواية للبخاري عنه أنه قال‏:‏ أسبغوا الوضوء؛ فإن أبا القاسم - صلّى الله عليه وسلّم- قال‏:‏ ‏(‏ويل للأعقاب من النار‏)‏‏.‏

و مثاله في وسطه‏:‏ حديث عائشة -رضي الله عنها- في بدء الوحي برسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وفيه‏:‏

وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه - وهو التعبد - الليالي ذوات العدد‏.‏

فقوله‏:‏ وهو التعبد مدرج من كلام الزهري، بيّنته رواية للبخاري من طريقه بلفظ‏:‏ وكان يلحق بغار حراء فيتحنث فيه - قال‏:‏ والتحنث‏:‏ التعبد - الليالي ذوات العدد‏.‏

ومثاله في آخره‏:‏ حديث أبي هريرة - رضي الله عنه- أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال‏:‏ ‏(‏إن أمتي يدعون يوم القيامة غرًّا محجلين من آثار الوضوء‏)‏، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل‏.‏

فقوله‏:‏ ‏(‏فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل‏)‏، مدرج من كلام أبي هريرة انفرد بها نعيم بن المجمر عن أبي هريرة وذكر في ‏"‏المسند‏"‏ عنه أنه قال‏:‏ لا أدري قوله‏:‏ ‏(‏فمن استطاع‏.‏‏.‏‏.‏‏)‏، من قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أو من قول أبي هريرة‏!‏ وقد بيّن غير واحد من الحفاظ أنها مدرجة، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية‏:‏ لا يمكن أن تكون من كلام النبي -صلّى الله عليه وسلّم-‏.‏

 ج - متى يحكم به‏

ولا يحكم بالإدراج إلا بدليل إما من كلام الراوي، أو من كلام أحد الأئمة المعتبرين، أو من الكلام المدرج بحيث يستحيل أن يقوله النبي - صلّى الله عليه وسلّم-‏.‏

 الزيادة في الحديث‏:‏

أ - تعريفها - ب - أقسامها وبيان حكم كل قسم مع التمثيل‏:‏

أ - الزيادة في الحديث‏:‏

أن يضيف أحد الرواة إلى الحديث ما ليس منه‏.‏

ب - وتنقسم إلى قسمين‏:‏

1 - أن تكون من قبيل الإدراج، وهي التي زادها أحد الرواة من عنده لا على أنها من الحديث، وسبق بيان متى يحكم بها‏.‏

2 - أن يأتي بها بعض الرواة على أنها من الحديث نفسه‏.‏

فإن كانت من غير ثقة لم تقبل؛ لأنه لا يقبل ما انفرد به، فما زاده على غيره أولى بالرد، وإن كانت من ثقة، فإن كانت منافية لرواية غيره ممن هو أكثر منه، أو أوثق لم تقبل لأنها حينئذٍ شاذة‏.‏

مثاله‏:‏ ما رواه مالك في ‏"‏الموطأ‏"‏‏:‏ أن ابن عمر -رضي الله عنهما- إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه، وإذا رفع رأسه من الركوع رفعهما دون ذلك‏.‏

قال أبو داود‏:‏ لم يذكر‏:‏ ‏"‏رفعهما دون ذلك‏"‏ أحد غير مالك فيما أعلم‏.‏ اهـ‏.‏

وقد صح عن ابن عمر -رضي الله عنهما- مرفوعًا إلى النبي - صلّى الله عليه وسلّم- أنه كان يرفع يديه حتى يجعلهما حذو منكبيه، إذا افتتح الصلاة، وعند الركوع، وعند الرفع منه؛ بدون تفريق‏.‏

وإن كانت غير منافية لرواية غيره قبلت؛ لأن فيها زيادة علم‏.‏

مثاله‏:‏ حديث عمر -رضي الله عنه- أنه سمع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يقول‏:‏ ‏(‏ما منكم من أحد يتوضأ فيبلغ، أو فيسبغ الوضوء ثم يقول‏:‏ أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبد الله ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء‏)‏‏.‏

فقد رواه مسلم من طريقين وفي أحدهما زيادة‏:‏ ‏(‏وحده لا شريك له‏)‏ بعد قوله‏:‏ ‏(‏إلا الله‏)‏‏.‏

 اختصار الحديث‏

أ - تعريفه ب - حكمه‏:‏

أ - اختصار الحديث‏:‏

أن يحذف راويه، أو ناقله شيئًا منه‏.‏

ب - ولا يجوز إلا بشروط خمسة‏:‏

الأول - أن لا يخل بمعنى الحديث‏:‏ كالاستثناء، والغاية، والحال، والشرط، ونحوها‏.‏

مثل قوله - صلّى الله عليه وسلّم-‏:‏ ‏(‏لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلًا بمثل‏)‏‏.‏

‏(‏لا تبيعوا الثمر حتى يبدو صلاحه‏)‏‏.‏

‏(‏لا يقضين حكم بين اثنين وهو غضبان‏)‏‏.‏

‏(‏نعم إذا هي رأت الماء‏)‏؛ قاله جوابًا لأم سليم حين سألته‏:‏ هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت‏؟‏

‏(‏لا يقل أحدكم‏:‏ اللهم‏!‏ اغفر لي إن شئت‏)‏‏.‏

‏(‏الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة‏)‏‏.‏

فلا يجوز حذف قوله‏:‏

‏(‏إلا مثلًا بمثل‏)‏

‏(‏حتى يبدو صلاحه‏)‏

‏(‏وهو غضبان‏)‏

‏(‏إذا هي رأت الماء‏)‏

‏(‏إن شئت‏)‏

‏(‏المبرور‏)‏؛ لأن حذف هذه الأشياء يخلّ بمعنى الحديث‏.‏

الثاني - أن لا يحذف ما جاء الحديث من أجله‏.‏

مثل‏:‏ حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلًا سأل النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فقال‏:‏ إنا نركب البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا‏!‏ أفنتوضأ بماء البحر‏؟‏ فقال النبي -صلّى الله عليه وسلّم-‏:‏ ‏(‏هو الطهور ماؤه، الحل ميتته‏)‏‏.‏

فلا يجوز حذف قوله‏:‏ ‏(‏هو الطهور ماؤه‏)‏؛ لأن الحديث جاء من أجله، فهو المقصود بالحديث‏.‏

الثالث - أن لا يكون واردًا لبيان صفة عبادة قولية أو فعلية‏.‏

مثل حديث ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال‏:‏ ‏(‏إذا جلس أحدكم في الصلاة فليقل‏:‏ التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله‏)‏‏.‏

فلا يجوز حذف شيء من هذا الحديث؛ لإخلاله بالصفة المشروعة إلا أن يشير إلى أن فيه حذفًا‏.‏

الرابع - أن يكون من عالم بمدلولات الألفاظ، وما يخل حذفه بالمعنى وما لا يخل؛ لئلا يحذف ما يخل بالمعنى من غير شعور بذلك‏.‏

الخامس - أن لا يكون الراوي محلًا للتهمة، بحيث يظن به سوء الحفظ إن اختصره، أو الزيادة فيه إن أتمه؛ لأن اختصاره في هذه الحال يستلزم التردد في قَبوله، فيضعف به الحديث‏.‏

ومحل هذا الشرط في غير الكتب المدونة المعروفة؛ لأنه يمكن الرجوع إليها فينتفي التردد‏.‏

فإذا تمت هذه الشروط جاز اختصار الحديث، ولا سيما تقطيعه للاحتجاج بكل قطعة منه في موضعها، فقد فعله كثير من المحدثين والفقهاء‏.‏

والأَولى أن يشير عند اختصار الحديث إلى أن فيه اختصارًا فيقول‏:‏ إلى آخر الحديث، أو‏:‏ ذكر الحديث ونحوه‏.‏