فصل: قصة أبي أيوب الأنصاري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موارد الظمآن لدروس الزمان



.قصة أبي أيوب الأنصاري:

أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد الأنصاري، شهد بدراً والعقبة وروي مائة وخمسين حديثاً، مَاتَ بأرض الروم غازياً سنة 52 هـ ودفن إلى أصل حصن بالقسطنطينية، وله قصة يحلو ذكرها.
بعد ما تآمرت قريش بدار الندوة علي قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وجَاءَ جبريل عَلَيْهِ السَّلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذَلِكَ وأمره أن لا ينام في مضجعه تلك اللَّيْلَة.
وجَاءَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر نصف النَّهَارَ في ساعة لم يكن يأتيه فيها متقنعاً فَقَالَ اخَرَجَ من عندك فَقَالَ إنما هم أهلك يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله قَدْ أذن لي في الْخُرُوج فَقَالَ أبو بكر الصحبة يَا رَسُولَ اللهِ، قال نعم فَقَالَ أبو بكر فخذ بأبي وأمي إحدى الراحلتين، فَقَالَ بالثمن، وأمر علياً رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أن يبيت تلك اللَّيْلَة علي فراشه صلى الله عليه وسلم.
ومضي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت أبي بكر فخرجا من خوخة في بيت أبي بكر ليلاً، ومضي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى غار ثور، فنسجت العنكبوت علي بابه، وحام الحمام فوق الغار وجدت قريش في طلبهما وأخذوا معهم القافة حتى انتهوا إلى باب الغار، فوقفوا عَلَيْهِ فَلَمَّا رأوا الحمام فوقه والعنكبوت قَدْ نسجت علي به استبعدوا ذَلِكَ جداً وأعمي الله بصائرهم وأبصارهم وفي ذَلِكَ يَقُولُ الشاعر:
وَمَا حَوَى الغَارُ مِنْ خَيْرٍ ومِنْ كَرَمٍ ** وكُلُ طَرْفٍ مِنَ الكُفَّارِ عَنْهُ عَمِيْ

ظَنُّوْا الحَمَامَ وظَنَّوْا العَنْكَبُوتَ عَلَى ** خَيْرِ البَرِيَّةِ لَمْ تَنْسِجْ وَلَمْ تَحُمِ

وِقَايَةُ اللهِ أَغْنَتْ عَنْ مُضَاعَفَةٍ ** مِنَ الدُرُوْعِ وعَنْ عَالٍ مِنْ الأُطُم

فَقَالَ أبو بكر: يَا رَسُولَ اللهِ لو أن أحدهم نظر إلى ما تحت قدميه لأبصرنا، فَقَالَ ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا وكانَا يسمعان كلامهم إِلا أن الله عمي عَلَيْهمْ أمرهما إن الله علي كُلّ شَيْء قدير.
بلغ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَة، فتلقته قُلُوب أهلها بأكرم ما يتلقي به وافد، وتطلعت إليه عيونهم تبثُهُ شوق الْحَبِيب إلى حبيبه، وفتحوا له قُلُوبهمْ ليحل منها في سويدائها، وأشرعوا له أبواب بيوتهم لينزل فيها أعز منزل، فكَانُوا يخرجون كُلّ يوم إلى الحرة ينتظرونه، فإذا اشتد حر الشمس رجعوا إلى منازلهم.
فَلَمَّا كَانَ يوم الاثنين ثاني عشر الأول علي رأس ثلاث عشرة سنة من نبوته صلى الله عليه وسلم خرجوا علي عاداتهم فَلَمَّا حميت الشمس رجعوا، فصعد رجل من اليهود علي أطم من آطام الْمَدِينَة فرآي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بِهُمْ السراب، فصرخ بأعلى صوته يا بني قيلة، هَذَا صاحبكم هَذَا جدكم الَّذِي تنتظرونه.
فثار الأنصار إلى السِّلاح، ليتلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمهت الوجية والتكبير في بني عمرو وبن عوف وكبر المسلمون فرحاً وَسُرُوراً بقدومه.
فَلَمَّا كَانَ يوم الْجُمُعَة ركب فأدركته الْجُمُعَة في بني سالم ابن عوف فصلاها في المسجد الَّذِي في بطن الوادي، فكانت أولَ جمعة صلاها بالْمَدِينَة، ثُمَّ ركب ناقته فجاءت سادات يثرب في طريقها كُل يريد أن يظفر بشرف نزوله صلى الله عليه وسلم عنده.
فأتاه عتبان بن مالك، وعباس بن عبادة بن نضلة في رِجَال من بني سالم بن عوف، فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ أقم عندنا في الْعَدَد والعدة والمنعة قال: «خلوا سبيلها فإنها مأمورة» فخلوا سبيل ناقته صلى الله عليه وسلم.
فانطلقت حتى إذا وازنت دار بني بياضة تلقاه زياد بن لبيد وفروة بن عمرو، في رِجَال من بني بياضة، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ هَلُمَّ إلينا إلى الْعَدَد والعدة والمنعة، قال: «خلوا سبيلها فإنها مأمورة» فخلوا سبيلها.
فانطلقت حتى إذا وازنت دار بني الحرث بن الخزرج اعترضه ابنُ الربيع وخارجة بن زيد وعبد الله بن رواحة في رِجَال من بني الحرث ابن الخزج فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ هَلُمَّ إلينا إلى الْعَدَد والعدة والمنعة قال: «خلوا سبيلها فإنها مأمورة». فخلوا سبيلها.
فانطلقت حتى إذا مرت بدار بني عدي بن النجار وهم أخواله دنيا أم عبد المطلب سلمي بنت عمرو إحدى نسائهم اعترضها سليط بن قيس وأبو سليط أسيره ابن أبي خارجة في رِجَال من بني عدي ابن النجار فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللهِ إلى أخوالك إلى الْعَدَد والعدة والمنعة قال: «خلوا سبيلها فإنها مأمورة». فخلوا سبيلها.
فانطلقت حتى إذا أتت دار بني مالك ابن النجار بركت علي باب مسجده صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يومئذ مربد – الموضع الَّذِي يجفف فيه التمر – لغلامين يتيمين من بني النجار ثُمَّ من بني مالك ابن النجار في حجر معاذ بن عفراء:
سهل وسهيل ابني عمرو فَلَمَّا بركت ورسول الله صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا لم ينزل وثَبِّتْ فسارت غير بعيد ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع لها زمامها لا يثنيها به.
ثُمَّ التفت إلى خلفها فرجعت إلى مبركها أول مرة فبركت فيه ثُمَّ تحلحلت – أي تحركت – ورزمت- أي رغت ورجعت في رغائها ووضعت جرانها فنزل عَنْهَا صلى الله عليه وسلم.
فاحتمل أبو أيوب الأنصاري رحل النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وكأنما يحمل كنوز الدُّنْيَا من شدة الفرح والسرور وبادر أبو أيوب يرحب برسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو أيوب لما نزل علي رسول صلى الله عليه وسلم في بيتي نزل في السفل وأنَا وأم أيوب في العلو فقُلْتُ له: يا نَبِيَّ اللهِ بأبي أَنْتَ وأمي إني لا أكره وأعظم أن أكون فوقك وتَكُون تحتى فاظهر أَنْتَ فكن في العلو وننزل نَحْنُ فنكن في السفل.
فَقَالَ يا أبا أيوب ارفق بنا وبمن يغشانَا أن نكون في سفل البيت قال فكَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفله وكنا فوقه في المسكن فلَقَدْ انكسر حب لنا فيه ماء فقمت أَنَا وأم أيوب بقطيفة لنا ما لنا لحاف غيرها ننشف بها الماء تخوفاً أن يقطر علي رسول الله صلى الله عليه وسلم منه شَيْء فيؤذيه.
قال وكنا نصنع له العشاء ونَبْعَث به إليه فإذا رد عَلَيْنَا فضلة تيممت أَنَا وأم أيوب موضع يده فأكلنا منه نبتغي بذَلِكَ البركة حتى إذا بعثنا إليه ليلة بعشائه وقَدْ جعلنا له فيه بصلاً أو ثوماً فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم أر ليده فيه أثراً قال فجئته فزعاً فقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ بأبي وأمي رددت عشاءك ولم أر فيه موضع يدك وَكُنْت إذا رددته عَلَيْنَا تيممت أَنَا وأم أيوب موضع يدك نبتغي بذَلِكَ البركة قال إني وجدت فيه ريح هذه الشجرة وأنَا رجل أناجي فأما أنتم فكلوه قال فأكلناه ولم نصنع له تلك الشجرة بعد.
إِلى مَوْلاَكَ سَلِّمْ كُلَّ أمْرِ ** تّفُزْ فِي كُلِّ صُبْحٍ أوْ عَشِيِّ

وصُنْ مِنْكَ الفُؤادَ بِحُسْنِ سَيْرٍ ** بإخْلاصٍ عَلَى النّهْجِ السَّوِيِّ

ومِنْ مَوْلاَكَ أْطْلُبْ مَنْحَ فَضْلٍ ** تَنَلْ مِنْهُ صَفَا العَيشِ الهَنِيِّ

وأكْثِرْ مِنْ صَلاتِكَ مَعَ سَلامٍ ** عَلَى أسْمَى نَبِيٍّ هَاشِمِيَّ

صَلاةُ اللهِ يَتْلُوهَا سَلامٌ ** عَلَيْهِ دَامَ كَالمِسْكِ الزَّكيّ

اللَّهُمَّ اجعلنا من المتقين الأَبْرَار وأسكنا معهم في دار القرار، اللَّهُمَّ وفقنا بحسن الإقبال عَلَيْكَ والإصغاء إليك للتعاون فِي طَاعَتكَ والمبادرة إلى خدمتك وحسن الآداب في معاملتك والتسليم لأَمْرِكَ والرِّضَا بقضائك والصبر علي بَلائِكَ وَالشُّكْر لنعمائك، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المسلمين الأحياء مِنْهُمْ والميتين بِرَحْمَتِكَ يا أرحم الراحمين وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

.موعظة:

عِبَادَ اللهِ إن الإِنْسَان منا كما علمتم معرض للأذي والإساءة والإهانة وعرضه للأخطار، والمهلكات، فمنحه الله قوة يدفع بها الإهانة، ويدفع بها الخطر، وينجو بها بإذن الله من الهلاك، هِيَ قوة الْغَضَب والحمية.
وخلق الْغَضَب من النار، فتسلط الشيطان عَلَيْنَا من هَذَا الطَرِيق وركبنا وَقْت الْغَضَب، حتى صار النَّاس في غضبهم حمقي متهورين، وسفهاء طائشين.
فكرِهَ النَّاس الْغَضَب لذَلِكَ، واصطلحوا علي ذمهِ مطلقاً، وهَذَا خطأ فظيع وخلط لا يجوز، فلَيْسَ كُلّ غضب مذموم ولا كُلّ حلم بممدوح، والله جَلَّ وَعَلا لا يخلق لنا طبعاً إِلا لحكمة، ولا يركب فينا قوة الحمية والْغَضَب إِلا لسبب وحكمة.
فالأذى إذا جاءنا لا يدفع إِلا بالْغَضَب، والشر إذا نالنا لا يدفع إِلا بالْغَضَب، وحماية الدين والأعراض والشرف لا تدفع إِلا بالْغَضَب، فمن فقَدْ قوة الْغَضَب بالكلية، أو ضعفت فيه الحمية فهو ناقص محلول العزم، مفقود الحزم، معدوم الرجولة.
وقَدْ امتدح الله غضب الْمُؤْمِنِين علي الكفار، وحميتهم الدينية، لما له من أثر في إعلاء كلمة الله، فَقَالَ تَعَالَى: {أَشِدَّاء عَلَي الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ}.
وَقَالَ: {أَذِلَّةٍ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَي الْكَافِرِينَ} وَقَالَ: {وليجدوا فيكم غلظة}.
وأمرنا بالْغَضَب إذا انتهكت حرمة الدين، والغيرة علي حدود الله، فَقَالَ في الزناة: {وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْم الآخرِ}.
فمن فقَدْ قوة الْغَضَب، يصبح جبانَا ضعيفاً، وذليلاً حقيراً لا يأنف من العار ولا يهمه، ولا يتألم لأذى السفهاء، يتطاول السفهاء والفسقة علي حرمه، فلا يغار لعرض، ولا يغضب لشرف، فيكون تيساً في صورة إنسان، وجماداً لا إحساس له، ولا شعور.
ولَيْسَ الحِلم في شَيْء، وإنما هُوَ جبن وخور وذلة وقَدْ ورد عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال لن يدخل الْجَنَّة ديوث، قَالُوا وما الديوث يَا رَسُولَ اللهِ قال الَّذِي لا يغار علي أهله.
وَقَالَ سعد رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَا رَسُولَ اللهِ لو وجدت مَعَ أهلي رجلاً أمهله حتى آتي بأربعة شهداء فَقَالَ صلى الله عليه وسلم نعم، فَقَالَ كلا والَّذِي بعثك بالحق، إن كنت لأعاجله بالسيف قبل ذَلِكَ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم اسمعوا إلى ما يَقُولُ سيدكم، إنه لغيور وأنَا أغير منه والله أغير مني.
وإذا لم يغضب الإِنْسَان لعرضه ضاعت الأنساب واختلطت الأولاد، وكل أمة تموت الغيرة فيهم لابد وأن تضيع العفة، والصيانة من نسائها، وهَذَا هُوَ الضعف والخور والعجز، والجبن، الَّذِي استعاذ منه النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم، وكيف تذم رجلاً يغضب لدينه، إذا رأي المنكرات، وقَدْ أمر بمحاربتها وكيف يصلح المرء عيوب نَفْسهِ إذا لم يغضب عَلَيْهَا، ويشتد في ردها عن هواها.
أما الْغَضَب المذموم فهو الَّذِي يعمي صاحبه عن الحق، ويفقده بصر البصيرة، والفكر فتأخذه العزةُ بالإثم، ويعرض عن النصح إذا نصح، وَرُبَّمَا زَادَ هيجانَاً، وإذا روجع فَيَقُولُ ازداد سخطاً ولجاجاً.
وقَدْ يحدث منه ضرر علي من حوله، وتجده متغيراً لونه، مرتعشة أعضاؤه، زائغاً بصره، وكالأعمى يسب الجماد والْحَيَوَان، ويبطش بكل ما يصادفه، حتى إنه يتلف الأثاث، والرياش، وَرُبَّمَا لا يشفي غله، وقَدْ يحدث منه طلاق، ولعن وسب، وشتم، فهَذَا غضب مذموم قبيح مرذول ينتصر فيه إبلَيْسُ علي هَذَا الَّذِي لا يملك نَفْسَهُ عَنْدَ الْغَضَب كما قيل:
وَمَا غَضَبُ الإِنْسَانِ إِلاَّ حَمَاقَةٌ ** إِذَا كَانَ فِيْمَا لَيْسَ للهِ يَغْضَبُ

ومثل هَذَا الْغَضَب يهدم الجسم، ويتلف الصحة، ويحرم صاحبه الرَّاحَة والهناء ويجعل نظرته إلى الحياة مظلمة سوداء فالتفريط في الْغَضَب ضعف، والإفراط تهور وجنون، والمحمود منه الوسط والاعتدال والقصد المحمود منه أن يكون غضبك للدين فإذا اعتدي قوم علي الإسلام بالطعن والتشهير أو التشكيك في العقائد كما يحاول الملحدون وكما يفعل المبشرون فيجب أن تغضب عَلَيْهمْ انتصاراً لديننا ودفاعاً عن شرعنا.
ومن الْغَضَب المحمود الْغَضَب علي من تعدي علي بلاد إسلامية أو تعدي علي مسلم أو مدح غير الدين الإسلامي أو ذكر الله أو كتابه أو ملائكته أو رسله بسوء أو سب صحابياً أو إماماً مشهوراً بالتقي والورع والاستقامة أو طعن في رِجَال الدين لأجل دينهم أو كذب علي الله أو علي رسله أو حل شَيْئاً من المحرمَاتَ أو حرم شَيْئاً مِمَّا حلله الله أو استهان بكتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو كُتبِ أَهْل العلم المحققين مثل الإمام أَحَمَد والشَّافِعِي ومالك وأبي حنيفة والموفق والمجد وابن أبي عمر وشيخ الإسلام وابن القيم وابن كثير وابن رجب وابن مفلح ونحوهم من العِلماًء المشهورين بالاستقامة والبعد عن البدع وكأئمة الدعوة.
ومن الْغَضَبِ المحمود الْغَضَبُ علي من مدح الكفرة والمنافقين وأئمة الضلال والحياري كابن عرَبيِّ وابن رشد والفارابي وابن سينا وابن كلاب والعفيف التلمساني وابن سبعين وابن الفارض وابن الرواندي والكوثري والبوصيري والمعري ونحو هَؤُلاَءِ من الملاحدة والزنادقة والمبتدعة والفسقة والظلمة وأعوانهم.
ومن الْغَضَب المحمود الْغَضَب علي من ابتدع في الدين بدعاً أو نشرها أو دعا إليها أو مدح محلليها أو مدح الكفار أو مدح الملاهي والمنكرات التي حطمت الأَخْلاق وقضت عَلَيْهَا وأتلفت الأموال وقتلت الأوقات وأورثت الخلق أفانين العدوات وأحدثت التفرق في البيوت والقُلُوب.
إِنَّ المَلاَهِيَ أَلْقَتْ بَيْنَنَا إِحَناً ** وَأَوْرَثَنْنَا أَفَانِيْنَ العَدَوَاتِ

وَهَلْ أُصِيْبَ شَبَابُ الْيَوْمِ وانْحَرَفُوْا ** إِلاَّ بِتَقْلِيْدِ أَصْحَابِ الضَّلاَلاَتِ

مِنْ كُلِّ أَهْوَجَ لاَ دِيْنٌ وَلاَ أَدَبٌ ** وَلاَ حَيَاءٌ ومَعْدُوْمُ المُرُؤَاتِ

يَرَي التَّمَدُّنِ فِي تَطْوِيْلِ شَارِبِهِ ** وَحَلْقِ لِحْيَتِهِ مِثْلَ الخَوَاجَاتِ

يُقَلِّدُ الكُفْرِ فِي تَطْوِيْلِ أَظْفُرِهِ ** أقْبِحْ بِهِ مِنْ سَفِيْهٍ سَاقِطٍ عَاتِ

اللَّهُمَّ قوي إيماننا بك وبملائكتك وبكتبك وبرسلك وبالْيَوْم الآخر وبالقدر خيره وشره اللَّهُمَّ وفقنا للهداية وجنبنا أسباب الجهالة والغواية اللَّهُمَّ ثبتنا علي الإسلام والسنة ولا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أَنْتَ الوهاب، وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا وَلِجَمِيعِ المسلمين الأحياء مِنْهُمْ والميتين بِرَحْمَتِكَ يا أرحم الراحمين وَصَلَّى الله عَلَى مُحَمَّد وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

.فصل في نماذج من وفائه صلى الله عليه وسلم:

ومن وفائه صلى الله عليه وسلم ما أخرجه البخاري في صحيحه عن عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ ما غرت علي أحد من نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما غرت علي خديجة وما رأيتها ولكن كَانَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها.
وَرُبَّمَا ذبح الشاة ثُمَّ يقطعها أعضاء ثُمَّ يبعثها في صدائق خديجة فربما قُلْتُ له كأن لم يكن في الدُّنْيَا امرأة إِلا خديجة فَيَقُولُ إنها كانت وكَانَ لي منها ولد، كانت خديجة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا في الجاهلية سيدة وقورة ذات عقل رزين وصاحبة مال ويسار وجاه وشرف تستأجر الرِّجَال في مالها وتضاربهم إياه.
فَلَمَّا وقع في سمعها ما يتحدث به النَّاس ويتناقله العارفون عن المصطفي صلى الله عليه وسلم من الوفاء والصدق والأمانة والنصح وحسن السيرة وكريم الشمائل والسخاء ونحو ذَلِكَ من مكارم الأَخْلاق ومحاسن الشيم ما لم تسمعه عن غيره حتى سماه قومه الأمين استأجرته ليخَرَجَ في مالها تاجراً وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره.
فسافر عَلَيْهِ أفضل الصَّلاة والسَّلام بقصد الاتجار إلى الشام يصحبه غلامها ميسرة فباعا وابتاعا وربحا ربحاً عظيماً وظهر له صلى الله عليه وسلم في هذه السفرة من البركات وإفاضة الخيرات الشَيْء الكثير وجعل الله حبه في قلب غلامها ميسرة وأعجب بما شاهده منه.
وكانت سنُّهُ صلى الله عليه وسلم في هذه السفرة خمساً وعشرين سنة وهي السفرة الثَّانِيَة من أسفاره إلى الشام ولما رجع قافلاً من الشام وقدم مَكَّة ورأت خديجة ما وفقه الله له من ربح كَانَ علي يديه وبركات وفيرة.
وما أتحفها به غلامها ميسرة مِمَّا شاهده من حسن سيرته وما جعل الله علي يديه من البركات كُلّ ذَلِكَ حفزه في نفس خديجة وحببه إليها فلم تتمالك نفسها وكَانَ سنها نحو الأربعين سنة وهي كما وصفنا وأضعاف ما وصفنا من كرامة محتدها وشرف حسبها وحسن سيرتها رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.
فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تخطبه لنفسها فقام صلى الله عليه وسلم ينجز رغبتها ويجيب طلبتها واستدعي أعمامه حتى دخلها علي عمها عمرو بن أسد فخطبها منه بواسطة عمه أبي طالب فزوجها عمها.
ثُمَّ قام أبو طالب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فَقَالَ الحمد لله الَّذِي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وضئضي معد وعنصر مضر وجعلنا حضنة بيته وسُواس حرمه وجعل لنا بيتاً محجوباً وحرماً آمناً وجعلنا حكام النَّاس.
ثُمَّ إن ابن أخي هَذَا مُحَمَّد بن عَبْد اللهِ لا يوزن به رجل شرفاً ونبلاً وفضلاً وإن كَانَ في الْمَال قل فإن الْمَال ظِلّ زائل وأمر حائل وعارية مستردة وَهُوَ وَاللهِ بعد هَذَا له نبأ عَظِيم وخطر جليل وقَدْ خطب إليكم رغبة في كريمتكم خديجة وقَدْ بذل لها من الصداق كَذَا وعلي ذَلِكَ تم الأَمْر.
ولما أكرمه الله بالرسالة وشرفه بالنبوة كانت خديجة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أسرع النَّاس به إيمانَاً ولدعوته تصديقاً وله إجابة ولم تنتظره آيةٌ أخري زيادة علي ما علمته من مكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم وما سمعت من خوارق العادات التي كانت تظهر علي يديه.
وأول شَيْء بديء به الوحي الرؤيا الصادقة فكَانَ لا يري رؤيا إِلا جاءت مثل فلق الصبح ثُمَّ حبب إليه الخلاء والعزلة عن البشر فكَانَ يخلو بغار حراء فيتعبد فيه الليإلي ذوات الْعَدَد فتَارة يمكث عشرة وتَارة أكثر إلى شهر.
وكانت عبادته إذ ذاك علي الشريعة الحنيفية دين أبيه إبراهيم عَلَيْهِ السَّلام ويأخذ زاده فإذا نفد رجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جَاءَ مبلغ الوحي وملك السماء جبريل عَلَيْهِ السَّلام فبينما هُوَ قائم علي الجبل إذ فاجأءه جبريل وَقَالَ أبشر يا مُحَمَّد أَنَا جبريل وأَنْتَ رسول الله إلى هذه الأمة.
ثُمَّ قال له اقَرَأَ قال ما أَنَا بقاريء يريد بذَلِكَ أنه أمي لم يتعلم القراءة من قبل فغطه بالنمط الَّذِي كَانَ ينام عَلَيْهِ حتى بلغ منه الجهد ثُمَّ أرسله فَقَالَ له اقَرَأَ قال ما أَنَا بقارئ فأخذه فغطه ثانية ثُمَّ أرسله فَقَالَ اقَرَأَ قال ما أَنَا بقارئ فأخذه فغظه الثالثة فَقَالَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} فرجع عَلَيْهِ السَّلام مذعوراً خائفاً يرجف فؤاده ولا يتمالك نَفْسهُ من هول المنظر وشدة ما ألم به فدخل علي خديجة زوجته فَقَالَ: «زملوني زملوني» لفوني في ثوبي، ليزول عَنْهُ ما يجد من الرعب والقشعريرة التي انتابته من رؤية الملك فزملوه حتى ذهب عَنْهُ الخوف.
فذكر لخديجة الأَمْرَ وأخبرها قائلاً لَقَدْ خشيت علي نفسي من شدة ما أصابني من غط الملك لي ولم يكن عَلَيْهِ الصَّلاة والسَّلام يعرف شَيْئاً عن جبريل ووصفه وأشكاله، فأجابته خديجة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا علي الفور ووقفت ذَلِكَ الموقف المشرف في تثبيت فؤاده وتهدئة أعصابه وتقوية دواعي الأمل فيه قائلة كلا وَاللهِ لا يخزيك الله أبداً إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقري الضيف وتعين علي نوائب الحق فلا يسلط الله عَلَيْكَ الشياطين والأوهام ولا مراء أن الله اختارك لهداية قومك.
ثُمَّ لم تكتف بهَذَا القدر من القول بل أرادت أن تتثَبِّتْ ممن لّهُمْ علم بحال الرسل واطلاع علي أخبارهم بما قرؤوه في الكتب القديمة فانطلقت به إلى ورقة بن نوفل وَهُوَ ابن عمها وكَانَ امرأ قَدْ تنصر في الجاهلية وكَانَ يكتب اْلكِتَاب العبراني فيكتب من الإنجيل ما شَاءَ الله أن يكتب وكَانَ شيخاً كبيراً قَدْ عمي.
فقَالَتْ له خديجة يا ابن عم اسمَعَ من ابن أخيك فَقَالَ يا ابن أخي ماذا تري فأخبره عَلَيْهِ الصَّلاة والسَّلام خبر ما رأي فَقَالَ له ورقة هَذَا الناموس الَّذِي أنزل الله علي موسى لأنه يعرف أن واسطة الوحي بين الله وبين أنبيائه هُوَ جبريل عَلَيْهِ السَّلام.
ثُمَّ قال يا ليتني فيها جذعاً إذ يخرجك قومك من بلادك التي نشأت بها لمعاداتهم إياك وكراهتم لك حينما تطالبهم بتغيير اعتقاداتهم التي وجدوا عَلَيْهَا آباءهم فكَانَ قول ورقة موضع استغراب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لما يعرفه من حب قومه له لاتصافه بصدق الْحَدِيث والأمانة ومكارم الأَخْلاق حتى سموه الأمين.
وَقَالَ أو مخرجيَّ هم قال لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إِلا عودي علي حد ما جَاءَ في القرآن الكريم: {لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ} وقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُم مِّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} وقولهم: {أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ}.
ثُمَّ قال ورقة مستأنفاً: وإن يدركني يومك انصرك نصراً مؤزراً ثُمَّ توفي ورقة بعدها بقليل: قال وهَذَا نموذج من مناقب أمنا وأم الْمُؤْمِنِين خديجة ومواقفها إزاء ما كَانَ يحدث... للنبي صلى الله عليه وسلم.
ولذا كَانَ صلى الله عليه وسلم يبادلها الوفاء والإخلاص وكَانَ يحنو ويديم ذكرها بعد موتها اللَّهُمَّ صلي وسلم عَلَيْهِ.
وكَانَ صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها وَرُبَّمَا ذبح الشاة ثُمَّ يقطعها أعضاء ثُمَّ يبعثها في صدائق خديجة وهَذَا يشعر ببقاء ودها واستمرار حبه لها وإخلاصه حتى كَانَ يتعهد صديقاتها بالإهداء والعطاء بعد موتها.
ولذا قَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا ما غرت علي أحد من نساء النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ما غرت علي خديجة وما رأيتها وفي حديث رواه البخاري عن عَائِشَة رضي الله عَنْهَا قَالَتْ: استأذنت هالة بنت خويلد أخت خديجة علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف استئذان خديجة فارتاع لذَلِكَ فَقَالَ اللَّهُمَّ هالة قَالَتْ: فغرت.... الْحَدِيث.
وفي الاستيعاب لأبي عمر ج ص 1810 بسنده إلى عَائِشَة قَالَتْ: جاءت عجوز إلى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لها من أَنْتَ قَالَتْ أَنَا جثامة المزنية: قال بل أَنْتَ حسانة المزنية: كيف حالكم كيف كنتم بعدنا قَالَتْ بخَيْر بأبي أَنْتَ وأمي يَا رَسُولَ اللهِ.
فَلَمَّا خرجت قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ تقبل علي هذه العجوز هَذَا الإقبال قال إنها كانت تأتينا أيام خديجة وإن حسن العهد من الإِيمَان: مقابلة طيبة وملاطفة جميلة وتودد محمود ووفاء من النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم لزوجته خديجة التي ماتت وطالما أيدته وخففت عَنْهُ وسلته وعاشرته وتبادل هُوَ وإياها الْمَوَدَّة ولم تكدر خاطره ولا مرة واحدة عكس ما عَلَيْهِ زوجات هَذَا الجيل المنحرف إِلا النادرة.
وأخَرَجَ أبو داود ج2 ص 63 أن عمر بن السائب حدثه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ جالساً يَوْماً فأقبل أبوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه فقعد عَلَيْهِ ثُمَّ أقبلت أمه فوضع لها نصف ثوبه من جانبه الآخر فجلست عَلَيْهِ ثُمَّ أقبل أخوه من الرضاعة فقام له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسه بين يديها.
وعَنْدَ أَحَمَد من حديث مسروق عن عَائِشَة: آمنت بي إذ كفر بي النَّاس وصدقتني إذ كذبني النَّاس وواستني إذ حرمني النَّاس ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء وكَانَ جَمِيع أولاده عَلَيْهِ السَّلام منها عدا إبراهيم فإنه من مارية القبطية وتوفيت خديجة قبل الهجرة بثلاث سنين وحزن عَلَيْهَا صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً لما كَانَ لها من الأعمال النبيلة والوفاء التام والتأييد له وتثبيته ولما لها من آراء سديدة.
ومنها القاسم الَّذِي كَانَ يكني به وسائر ولده إبراهيم وبوفاتها انطفأ مصباح منير وعون كبير ليتمثل النساء بأعمالها في حسن الوفاء والإخلاص والصدق والبر فإنها امرأة ولكنها خَيْر من آلاف الرِّجَال وفي مثلها وأشباهها لو يوَجَدَ حسن التمثل يَقُولُ المتنبي:
وَلَوْ كَانَ النِسَاءُ كَمَنْ فَقَدْنَا ** لَفُضِّلَتِ النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَالِ

ولهَذَا استحقت أجر العاملين وثواب المخلصين وجاءتها البشارة من رب السماء علي لسان جبريل الأمين قائلاً: «يَا رَسُولَ اللهِ هذه خديجة قَدْ أتت معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب شك من الراوي» وَذَلِكَ عِنْدَمَا كَانَ صلى الله عليه وسلم في غار حراء «فإذا هِيَ أتتك فاقَرَأَ عَلَيْهَا السَّلام من ربها ومني وبشرها ببيت في الْجَنَّة من قصب لا صخب فيه ولا نصب» فقَالَتْ هُوَ السَّلام ومنه السَّلام وعلي جبريل السَّلام وعَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ السَّلام ورحمة الله وبركاته.
رَأَتْ خَدِيْجَةُ إِنْسَانَاً تُصَاحِبُهُ ** عِنَايَةُ اللهِ رَغْمَ الفَقْرِ واليُتُمِ

فاخْتَارَتْ المُصْطَفَى زَوْجاً لَهَا ولَقَدْ ** وَفِيَّ لَهَا المُصْطَفَى المُخْتَارُ بالذِّمَمِ

يُثْنِيْ عَلَيْهَا ولاَ يَنْسَى فَضَائِلَهَا ** مِثْلُ اسْتِجَابَتِهَا فِي لاَ وَفِي نَعَمِ

أَوْلاًَدُهُ غَيْرُ إِبْراهِيْمَ سِتَّتُهُمْ ** أَتَوهُ مِنْهَا وَنُورُ الشَّمْسِ فِي النَّجِمِ

آخر:
لَقَدْ سَمِعْنَا بأَوْصَافٍ لَكُمْ حَسُنَتْ ** فَسَرَّنَا مَا سَمِعْنَاهُ وَأَرْضَانَا

مِنْ قَبْلِ رُؤْيَتِكُمْ نلَنَا مَحَبَّتَكُمْ ** والأذْنُ تَعْشِقُ قَبْلَ العَيْنِ أَحْيَانَا