فصل: حكم الدية فيما دون النفس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.2- الدية فيما دون النفس:

الدية فيما دون النفس: هي المال الذي يلزم الجاني أو عاقلته دفعه إلى المجني عليه مقابل الاعتداء عليه.
ويسمى بالأرش أحياناً.
فإن كان الشرع قد حدد مقداره ابتداء فهو الأرش المقدر، وإن ترك الشرع تقديره للقاضي عن طريق حكومة العدل، فهو الأرش غير المقدر.

.أنواع الجنايات على ما دون النفس:

الجناية على ما دون النفس أربعة أنواع:
الأول: قطع الأطراف كاليد والرجل والأصبع واللسان ونحوها.
الثاني: إذهاب منافع الأطراف كإذهاب البصر مع بقاء العين، وإذهاب السمع مع بقاء الأذن، وشل الرجل مع بقائها.
الثالث: جرح البدن كجرح اليد أو الصدر أو البطن.
الرابع: كسر العظام ككسر عظم اليد أو الساق ونحوهما.
عقوبة الخطأ وشبه العمد الدية، وعقوبة جناية العمد القصاص، أو الدية إذا عفا المجني عليه.

.حكم الدية فيما دون النفس:

1- إذا كانت الجناية فيما دون النفس عمداً ففيها القصاص، وإن عفا المجني عليه إلى الدية أو أكثر منها، أو عفا مطلقاً فله ذلك.
2- إن كانت الجناية خطأ أو شبه عمد ففيها الدية ولا قصاص.
1- قال الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [45]} [المائدة: 45].
2- وَعَنْ أنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ الرُّبَيِّعَ-وَهِيَ ابْنَةُ النَّضْرِ- كَسَرَتْ ثَنِيَّةَ جَارِيَةٍ، فَطَلَبُوا الأَرْشَ وَطَلَبُوا العَفْوَ فَأبَوْا، فَأتَوُا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأمَرَهُمْ بِالقِصَاصِ، فَقال أنَسُ بْنُ النَّضْرِ: أتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ يَا رَسُولَ الله؟ لا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالحَقِّ لا تُكْسَرُ ثَنِيَّتُهَا، فَقال: «يَا أنَسُ، كِتَابُ الله القِصَاصُ». فَرَضِيَ القَوْمُ وَعَفَوْا، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ الله مَنْ لَوْ أقْسَمَ عَلَى الله لأَبَرَّهُ». متفق عليه.

.أقسام الدية فيما دون النفس:

تنقسم الدية فيما دون النفس إلى ثلاثة أقسام:

.الأول: دية الأعضاء ومنافعها:

1- ما كان في الإنسان منه شيء واحد ففيه دية النفس كاملة، وهو الأنف، واللسان، واللحية، والذكر، والصلب، والجلد.
وتجب الدية كاملة في ذهاب منفعة العضو كالسمع، والبصر، والكلام، والعقل، وشل العضو كاليد والرجل كما لو ضرب عينه فذهب بصره، أو ضرب يده فشلَّت ونحو ذلك.
2- ما كان في الإنسان منه شيئان، ففي كل واحد منهما نصف الدية، وفيهما معاً الدية كاملة.
وما في الإنسان منه شيئان هو:
العينان، والأذنان، والشفتان، واليدان، والرجلان، والحاجبان، واللَّحْيان، والأليتان، والخصيتان، والثديان، وأسكتا المرأة ونحو ذلك.
ومن كان له عضو واحد من هذه الأعضاء كفاقد إحدى عينيه أو يديه أو رجليه، فإنه يستحق الدية الكاملة بإتلاف العضو الباقي.
وإذا ذهبت منفعة أحد العضوين ففيه نصف الدية، وإن ذهبت منفعتهما معاً وجبت الدية كاملة.
3- ما كان في الإنسان منه أربعة أشياء كأجفان العينين، ففي كل واحد إذا قطع ربع الدية، وفي جميعها الدية كاملة.
4- ما كان في الإنسان منه عشرة كأصابع اليدين، وأصابع الرجلين.
ففي كل أصبع عُشر الدية: عَشر من الإبل، وفي العشرة جميعاً الدية كاملة.
وفي أنملة كل أصبع ثلث دية الأصبع، وفي أنملة الإبهام نصف ديته.
وإذا ذهبت منفعة الأصابع ففيها الدية كاملة، وإذا ذهبت منفعة أصبع ففيه عشر الدية.
5- الأسنان:
أسنان الإنسان اثنان وثلاثون سناً:
أربع ثنايا، وأربع رباعيات، وأربع أنياب، وعشرون ضرساً، في كل جانب عشرة، خمسة أعلى، وخمسة أسفل.
فيجب في إتلاف كل سن من هذه الأسنان خمس من الإبل، وإذا أتلف الأسنان كلها وجب عليه أكثر من دية النفس، مائة وستون من الإبل.
6- تجب الدية كاملة في كل واحد من الشعور الأربعة إذا ذهبت، وهي:
شعر الرأس.. وشعر اللحية.. وشعر الحاجبين.. وأهداب العينين، وفي الحاجب الواحد نصف الدية، وفي الهدب الواحد ربع الدية.

كل عضو أشل فليس فيه دية، بل فيه حكومة إلا الأنف والأذن.
وكل من جنى على عضو فأشله فعليه دية ذلك العضو إلا الأنف والأذن؛ لأن جمالهما باق ولو شُلّا.
في قطع اليد نصف الدية، سواء قطعها من الكف، أو المرفق، أو الكتف.
في قطع الرجل نصف الدية سواء قطعها من الكعبين، أو الركبة، أو الورك.
العضو الباطن كالعضو الظاهر في وجوب الدية ففي الكبد الدية كاملة، وفي الكليتين الدية كاملة، وفي الكلية الواحدة نصف الدية.
في المنخرين ثلثا الدية، وفي الحاجز بينهما ثلث الدية.
في كل حاسة دية كاملة، وهي:
السمع، والبصر، والشم، والذوق، واللمس.
فإذا جنى على أحد فصار لا يسمع، أو لا يبصر، أو لا يشم، أو لا يذوق، أو لا يحس باللمس فعليه دية كاملة.
تجب في عين الأعور الدية كاملة؛ لذهاب منفعة البصر، وإذا قلع الأعور عين الصحيح المماثلة لعينه الصحيحة عمداً فعليه دية كاملة ولا قصاص، وإن قلع الصحيح عين الأعور الصحيحة عمداً فعليه القصاص، وإن كان خطأ أو شبه عمد فعليه الدية كاملة.
إذا سرت الجناية فمات المجني عليه، ففيه دية النفس مائة من الإبل.

.الثاني: دية الشجاج والجروح:

الشجة: اسم لجرح الرأس والوجه خاصة.
والجروح سواء كانت في البدن أو الرأس عشر:
خمس فيها دية شرعية مقدرة.. وخمس فيها حكومة.
1- الخمس التي فيها حكومة، هي على الترتيب:
1- الحارصة: وهي التي تحرص الجلد وتشقه ولا يظهر منه دم.
2- البازلة: وهي التي يسيل منها الدم القليل.
3- الباضعة: وهي التي تشق اللحم.
4- المتلاحمة: وهي الغائصة في اللحم.
5- السمحاق: وهي التي بينها وبين العظم قشرة رقيقة تسمى السمحاق.
فهذه الشجاج الخمس ليس فيها دية مقدرة شرعاً، بل فيها حكومة.
والحكومة: كل ما لا قصاص فيه من الجناية فيما دون النفس، وليس له أرش مقدر مثل كسر السن إلا العظم.
والحكومة: أن يُقوِّم أهل الخبرة والمعرفة المجني عليه كأنه عبد لا جناية به، ثم يقوَّم وهي به قد برئت، فما نقص من القيمة فله مثل نسبته من الدية.
كأن تكون قيمته قبل الجناية عشرة آلاف، وقيمته بعد البرء من الجناية تسعة آلاف، فديته العشر من كامل ديته.
2- أما الخمس التي فيها مقدر شرعي فهي على الترتيب:
1- الموضحة: وهي التي وصلت إلى العظم وأوضحته.
وديتها المقدرة شرعاً خمس من الإبل.
2- الهاشمة: وهي التي توضح العظم وتهشمه، وفيها عشر من الإبل.
3- المنقِّلة: وهي التي تهشم العظم وتنقله، وفيها خمس عشرة من الإبل.
4- المأمومة: وهي التي تصل إلى جلدة الدماغ، وفيها ثلث الدية.
5- الدامغة: وهي التي تخزق جلدة الدماغ، وفيها ثلث الدية أيضاً.
والجرح إذا وصل إلى باطن الجوف أو الظهر أو الصدر أو الحلق ففيه ثلث الدية، ويسمى الجائفة، وإن لم يصل الجرح إلى الباطن ففيه حكومة.

.الثالث: دية العظام:

تجب الدية في كسر العظام كما يلي:
1- الضلع: إذا كُسر ثم جُبر مستقيماً، فديته بعير.
2- الترقوة: إذا كسرت ثم جبرت مستقيمة، ففيها بعير، وفي الترقوتين بعيران.
3- الذراع، أو العضد، أو الساق، أو الفخذ: إذا كُسر ثم جَبر مستقيماً بعيران، وإذا لم تنجبر العظام السابقة مستقيمة ففيها حكومة.
4- الصلب: إذا كسر ثم جبر مستقيماً فيه حكومة، وإذا لم ينجبر ففيه الدية كاملة.
5- بقية العظام ليس فيها شيء مقدر بل فيها حكومة.
1- قال الله تعالى: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [45]} [المائدة: 45].
2- وَعَنْ أَبي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبيهِ عَنْ جَدِّهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إِلَى أَهْلِ اليَمَنِ كِتَابًا فِيهِ الفَرَائِضُ وَالسُّنَنُ وَالدِّيَاتُ وَبَعَث بهِ مَعَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَقُرِئَتْ عَلَى أَهْلِ اليَمَنِ هَذِهِ نُسْخَتُهَا مِنْ مُحَمَّدٍ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى شُرَحْبيلَ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ وَنُعَيْمِ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ وَالحَارِثِ بْنِ عَبْدِ كُلاَلٍ قَيْلِ ذِيِ رُعَيْنٍ وَمَعَافِرَ وَهَمْدَانَ أَمَّا بَعْدُ وَكَانَ فِي كِتَابهِ أَنَّ مَنِ اعْتَبَطَ مُؤْمِنًا قَتْلاً عَنْ بَيِّنَةٍ فَإِنَّهُ قَوَدٌ إِلاَّ أَنْ يَرْضَى أَوْلِيَاءُ المَقْتُولِ وَأَنَّ فِي النَّفْسِ الدِّيَةَ مِائَةً مِنَ الإبلِ وَفِي الأَنْفِ إِذا أُوعِبَ جَدْعُهُ الدِّيَةُ وَفِي اللِّسَانِ الدِّيَةُ وَفِي الشَّفَتَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي البَيْضَتَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي الذكَرِ الدِّيَةُ وَفِي الصُّلب الدِّيَةُ وَفِي العَيْنَيْنِ الدِّيَةُ وَفِي الرِّجْلِ الوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ وَفِي المَأْمُومَةِ ثلُث الدِّيَةِ وَفِي الجَائِفَةِ ثلُث الدِّيَةِ وَفِي المُنَقِّلَةِ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنَ الإبلِ وَفِي كُلِّ أُصْبُعٍ مِنْ أَصَابعِ اليَدِ وَالرِّجْلِ عَشْرٌ مِنَ الإبلِ وَفِي السِّنِّ خَمْسٌ مِنَ الإبلِ وَفِي المُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنَ الإبلِ وَأَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بالمَرْأَةِ وَعَلَى أَهْلِ الذهَب أَلفُ دِينَارٍ. أخرجه النسائي والدارمي.

.مقدار دية المرأة:

دية المرأة إذا قُتلت خطأ أو شبه عمد نصف دية الرجل.
ودية أطرافها وجراحاتها على النصف من دية الرجل وجراحاته فيما زاد عن ثلث دية الرجل، ويستوي الرجل والمرأة فيما دون الثلث.
عَنْ شُريحٍ قَالَ: أَتاني عُروةَ البَارِقي مِن عِندِ عُمرَ: أَنَّ جراحاتِ الرِّجالِ وَالنِّساءِ تَستَوي في السِّنِّ وَالموضِّحةِ، وَمَا فَوقَ ذَلكَ فَديَةُ المَرأةِ عَلى النِّصفِ مِن دِيةِ الرَّجُلِ. أخرجه ابن أبي شيبة.

.ما تحمله العاقلة من الدية فيما دون النفس:

إذا بلغ أرش الجناية فيما دون النفس ثلث الدية الكاملة حملته العاقلة، ويكون مؤجلاً على ثلاث سنين كما في دية النفس، وإن كان الأرش أقل من ثلث الدية فيحمله الجاني وحده.

.مقدار الدية فيما دون النفس:

دية الأطراف والجراح تقدَّر من دية الرجل أو المرأة، والمسلم وغير المسلم.
فالمرأة ديتها نصف الرجل، ودية الكافر نصف دية المسلم، ونساء الكفار ديتهن نصف دية رجالهم.
ويتساوى الرجال والنساء فيما دون الثلث في دية ما دون النفس، وتقدَّر الدية حسب المجني عليه.

.الباب الثامن عشر: كتاب الحدود:

ويشتمل على ما يلي:
1- أحكام الحدود.
2- أقسام الحدود: وتشمل:
1- حد الزنا.
2- حد القذف.
3- حد الخمر.
4- حد السرقة.
5- حد قطاع الطريق.
6- حد البغاة.
3- حكم المرتد.
4- حكم التعزير.

عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصّامِتِ قَالَ: أَخَذَ عَلَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم كَمَا أَخَذَ عَلَى النّسَاءِ: أَنْ لاَ نُشْرِكَ بِالله شَيْئاً، وَلاَ نَسْرِقَ، وَلاَ نَزْنِيَ، وَلاَ نَقْتُلَ أَوْلاَدَنَا، وَلاَ يَعْضَهَ بَعْضُنَا بَعْضاً. «فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى الله، وَمَنْ أَتَى مِنْكُمْ حَدّاً فَأُقِيمَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَفّارَتُهُ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ فَأَمْرُهُ إلَى الله، إنْ شَاءَ عَذّبَهُ، وَإنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ». متفق عليه.
كتاب الحدود:

.1- أحكام الحدود:

الحدود: جمع حد.
والحد: عقوبة مقدرة شرعاً على معصية لأجل حق الله تعالى، لتمنع من الوقوع في مثلها.

.أقسام الذنوب من حيث الكفارة وعدمها:

الذنوب ثلاثة أقسام:
1- قسم فيه الحد فقط بلا كفارة:
فهذا لم تشرع فيه الكفارة؛ اكتفاء بالحد الشرعي وهي الحدود كحد الزنا، والسرقة ونحوهما.
2- قسم فيه الكفارة ولا حد فيه:
كالوطء في نهار رمضان، والوطء في الإحرام، وقتل الخطأ، والحنث في اليمين ونحو ذلك.
3- قسم لم يرتب عليه حد ولا كفارة، وهو نوعان:
أحدهما: ما كان الوازع عنه طبيعياً كأكل العذرة، وشرب البول ونحوهما.
الثاني: ما كانت مفسدته أدنى من مفسدة ما رُتب عليه الحد كالنظر، والقبلة، واللمس، والمحادثة المُريبة للمرأة الأجنبية ونحو ذلك، فهذا فيه التعزير.

.أنواع الكفارات:

شرع الله الكفارات في ثلاثة أنواع:
الأول: ما كان مباح الأصل، ثم فُرض تحريمه بسبب، فَفَعله في الحالة التي عَرَض فيها التحريم كالوطء في الإحرام والصيام، والوطء حال الحيض والنفاس.
الثاني: ما عقد لله من نذر، أو بالله من يمين، أو حرمه الله ثم أراد حله، فشرع الله حله بالكفارة، وسماها تَحِلّة.
الثالث: ما تكون فيه الكفارة جابرة لما فات ككفارة قتل الخطأ، وإن لم يكن هناك إثم، وكفارة قتل الصيد.
فالأول من باب الزواجر، والثالث من باب الجوابر، والأوسط من باب التحِلَّة لما منعه العقد.
ولا يجتمع الحد والتعزير في معصية، بل إن كان فيها حد اكتفي به، وإلا اكتفي بالتعزير.
ولا يجتمع الحد والكفارة في معصية، بل كل معصية فيها حد، فلا كفارة فيها، وما فهي كفارة لا حد فيه.

.أقسام العقوبات:

تنقسم العقوبات على الذنوب إلى قسمين:
عقوبات قدرية.. وعقوبات شرعية.
1- العقوبات القدرية: هي الآثار المذمومة والمؤلمة التي تحصل للعبد بسبب انتهاك حرمات الله، وارتكاب معاصيه، والعقوبات القدرية نوعان:
الأول: عقوبات على القلوب والنفوس، كظلمة القلب وضعفه وضيقه وحزنه، وزوال أنسه بالله، والوحشة منه، والطبع والرَّيْن على قلبه، وحرمان حلاوة الطاعة، وبغض وكره الله وملائكته وعباده له، والغفلة عن الله والآخرة ونحو ذلك، وهذا أشد العقوبات.
الثاني: عقوبات على الأبدان والأموال، كنقصان الرزق، وارتفاع النعم، وحلول النقم، وحدوث الآفات والأمراض في الأبدان والثمار، وتسلط الرعاة والظلمة على الناس ونحو ذلك، وهذه العقوبات تصيب العاصي وحده إذا لم يجاهر بها.
فإذا جاهر المذنبون بمعاصيهم، ولم ينكر المسلمون عليهم، عمت العقوبة العاصي وغيره.
وعقوبة القلب أشد العقوبتين، وهي أصل عقوبة الأبدان.
وترتب العقوبات على الذنوب كترتب الإحراق على النار، والغرق على الماء، وفساد البدن على السموم.
والعقوبة قد تقارن الذنب.. وقد تتأخر عنه إما يسيراً أو مدة، كما يتأخر المرض عن سببه أو يقارنه.
2- العقوبات الشرعية، وهي نوعان:
1- عقوبات مقدرة: وهي القصاص.. والديات.. والحدود.. والكفارات التي نص عليها الشرع.
2- عقوبات غير مقدرة: وهي التعازير التي يقدرها القاضي في كل جناية لا قصاص فيها ولا حد.
1- قال الله تعالى: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا [123]} [النساء: 123].
2- وقال الله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [38]} [المائدة: 38].