فصل: حكم الغنائم:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.ما يُفعل بجيف الكفار:

عَنْ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنهُ قالَ: بَيْنَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم سَاجِدٌ، وَحَوْلَهُ نَاسٌ مِنْ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ، إِذْ جَاءَ عُقْبَةُ بْنُ أبِي مُعَيْطٍ بِسَلَى جَزُورٍ، فَقَذَفَهُ عَلَى ظَهْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ حَتَّى جَاءَتْ فَاطِمَةُ عَلَيْهَا السَّلام، فَأخَذَتْ مِنْ ظَهْرِهِ، وَدَعَتْ عَلَى مَنْ صَنَعَ ذَلِكَ، فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «الَّلهُمَّ عَلَيْكَ المَلأُ مِنْ قُرَيْشٍ، الَّلهُمَّ عَلَيْكَ أبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، وَعُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَشَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَعُقْبَةَ بْنَ أبِي مُعَيْطٍ، وأُمَيَّةَ بْنَ خَلَفٍ، أوْ: أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ». فَلَقَدْ رَأيْتُهُمْ قُتِلُوا يَوْمَ بَدْرٍ، فَأُلْقُوا فِي بِئْرٍ، غَيْرَ أُمَيَّةَ أوْ أُبَيٍّ، فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلاً ضَخْماً، فَلَمَّا جَرُّوهُ تَقَطَّعَتْ أوْصَالُهُ قَبْلَ أنْ يُلْقَى فِي البِئْرِ. متفق عليه.

.10- أحكام الغنائم والأنفال:

الغنيمة: هي المال المأخوذ من الكفار عن طريق الحرب والقتال.

.أنواع الغنائم:

الغنائم التي يأخذها المسلمون من الكفار ثلاثة أنواع:
1- الأموال المنقولة كالنقود والحيوان والطعام.
2- الأسرى والسبايا كالنساء والأطفال.
3- الأرض.
وتسمى الأنفال؛ لأنها زيادة في أموال المسلمين.

.حكم الغنائم:

أحل الله الغنائم لهذه الأمة، ولم يحلّها للأمم السابقة؛ لأن الله عز وجل علم ضعفنا وعجزنا فطيَّبها لنا.
1- قال الله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [69]} [الأنفال: 69].
2- وَعَنْ جَابِر بن عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قالَ: «أعْطِيتُ خَمْساً، لَمْ يُعْطَهُنَّ أحَدٌ قَبْلِي: نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وَجُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ مَسْجِداً وَطَهُوراً، فَأيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أمَّتِي أدْرَكَتْهُ الصَّلاةُ فَلْيُصَلِّ، وَأحِلَّتْ لِيَ المَغَانِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لأحَدٍ قَبْلِي، وَأعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً، وَبُعِثْتُ إلَى النَّاسِ عَامَّةً». متفق عليه.

.مَنْ يُعطى من الغنيمة:

الغنيمة لمن شهد الوقعة سواء قاتل أو لم يقاتل.
ولا يُسهم من الغنيمة إلا لمن توفرت فيه خمسة شروط:
الإسلام.. والبلوغ.. والعقل.. والحرية.. والذكورية.
فإن اختل شرط رُضِخ له ولم يُسْهم؛ لأنه ليس من أهل الجهاد.
سَاَلَ نَجْدَةُ ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: هَلْ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بِالنّسَاءِ؟ وَهَلْ كَانَ يَضْرِبُ لَهُنّ بِسَهْمٍ؟.. فَكَتَبَ إلَيْهِ ابْنُ عَبّاسٍ: كَتَبْتَ تَسْأَلُنِي هَلْ كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَغْزُو بِالنّسَاءِ؟ وَقَدْ كَانَ يَغْزُو بِهِنّ فَيُدَاوِينَ الجَرْحَى وَيُحْذَيْنَ مِنَ الغَنِيمَةِ، وَأَمّا بِسَهْمٍ، فَلَمْ يَضْرِبْ لَهُنّ. أخرجه مسلم.

.كيفية قسمة الغنائم:

الغنيمة لمن شهد الوقعة من أهل القتال، وكيفية قسمة الغنائم كما يلي:
1- يُخرِج الإمام خمس الغنيمة، ويقسمه على خمسة، سهم لله ولرسوله يُصرف في مصالح المسلمين العامة كالفيء، وسهم لذوي القربى، وهم بنو هاشم، وبنو المطلب، الذين آزروا النبي صلى الله عليه وسلم وناصروه، وسهم لليتامى، وسهم للمساكين، وسهم لأبناء السبيل.
2- الباقي من الغنيمة وهو أربعة أخماس يُقسم بين الغانمين، للراجل سهم، وللفارس ثلاثة أسهم، سهم له، وسهمان لفرسه.
1- قال الله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [41]} [الأنفال: 41].
2- وَعَنْ عَبْدالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَسَمَ فِي النّفَلِ: لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرّجُلِ سَهْماً. متفق عليه.

.حكم تنفيل بعض المجاهدين:

النَّفَل: ما يعطاه المجاهد زيادة على سهمه تشجيعاً له.
كأن يقول الإمام من قتل قتيلاً فله سلبه، أو من أصاب شيئاً فله ربعه، أو يقول للسرية: ما أصبتم فهو لكم.
وذلك كله جائز؛ لما فيه من التحريض على القتال.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ [65]} [الأنفال: 65].

.أنواع التنفيل:

يكون التنفيل للمجاهدين بحسب المصلحة كما يلي:
1- ما يعطيه الإمام لبعض الجيش كالربع بعد إخراج خمس الغنيمة في بداية الغزو.
وفي الرجعة من الغزو الثلث بعد الخمس؛ لأن هؤلاء رجع عنهم الجيش فزيدوا، بخلاف البداية فإن الجيش يعاضدهم.
عَنْ حَبيب بْنِ مَسْلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يُنَفِّلُ الرُّبْعَ بَعْدَ الخُمُسِ وَالثلُث بَعْدَ الخُمُسِ إِذا قَفَلَ. أخرجه أبو داود وابن ماجه.
2- ما يعطيه الإمام من أظهر نكاية في العدو، أو حصل له بلاء في القتال من زيادة على سهمه بعد إخراج الخمس.
عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بَعَثَ سَرِيَّةً فِيهَا عَبْدُالله بْنُ عُمَرَ قِبَلَ نَجْدٍ، فَغَنِمُوا إِبِلاً كَثِيرَةً، فَكَانَتْ سِهَامُهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيراً، أوْ أحَدَ عَشَرَ بَعِيراً، وَنُفِّلُوا بَعِيراً بَعِيراً. متفق عليه.
3- الجُعْل كأن يقول الإمام: من قتل فلاناً فله سلبه ونحو ذلك.
عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الأكْوَعِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: أتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَيْنٌ مِنَ المُشْرِكِينَ وَهُوَ فِي سَفَرٍ، فَجَلَسَ عِنْدَ أصْحَابِهِ يَتَحَدَّثُ، ثُمَّ انْفَتَلَ، فَقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «اطْلُبُوهُ وَاقْتُلُوهُ». فَقَتَلَهُ فَنَفَّلَهُ سَلَبَهُ. متفق عليه.

.حكم السَّلَب:

السلب: هو ما وجد على المقتول من لباس وسلاح وعدة حرب.
ويستحق القاتل سَلَب المقتول الكافر بدون تخميس إذا قتله وحده بمبارزة أو طلب ونحوهما.
1- عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ حِمْيَرَ رَجُلاً مِنَ العَدُوّ، فَأَرَادَ سَلَبَهُ، فَمَنَعَهُ خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ، وَكَانَ وَالِياً عَلَيْهِمْ. فَأَتَى رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم عَوْفُ بْنُ مَالِكٍ، فَأَخْبَرَهُ. فَقَالَ لِخَالِدٍ: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تُعْطِيَهُ سَلَبَهُ؟» قَالَ: اسْتَكْثَرْتُهُ، يَا رَسُولَ الله! قَالَ: «ادْفَعْهُ إلَيْهِ» فَمَرّ خَالِدٌ بِعَوْفٍ فَجَرّ بِرِدَائِهِ. ثُمّ قَالَ: هَلْ أَنْجَزْتُ لَكَ مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؟ فَسَمِعَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فَاسْتُغْضِبَ. فَقَالَ: «لاَ تُعْطِهِ يَا خَالِدُ لاَ تُعْطِهِ يَا خَالِدُ، هَلْ أَنْتُمْ تَارِكُونَ لِي أُمَرَائِي؟ إنّمَا مَثَلُكُمْ وَمَثَلُهُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ اسْتُرْعِيَ إِبِلاً أَوْ غَنَماً فَرَعَاهَا، ثُمّ تَحَيّنَ سَقْيَهَا، فَأَوْرَدَهَا حَوْضاً، فَشَرَعَتْ فِيهِ فَشَرِبَتْ صَفْوَهُ وَتَرَكَتْ كَدِرَهُ، فَصَفْوُهُ لَكُمْ وَكَدِرُهُ عَلَيْهِمْ». أخرجه مسلم.
2- وَعَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الأَشْجَعِيِّ وَخَالِدِ بْنِ الوَلِيدِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَضَى بالسَّلَب لِلْقَاتِلِ وَلَمْ يُخَمِّسِ السَّلَبَ. أخرجه أبو داود.

.حكم الانتفاع بالطعام قبل قسمة الغنائم:

يجوز للمجاهدين في سبيل الله أن يأكلوا من الطعام، ويعلفوا دوابهم، قبل الخمس والقسمة، ما داموا في أرض العدو.
1- عَنْ عَبْدالله بْنِ مُغَفّلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: أَصَبْتُ جِرَاباً مِنْ شَحْمٍ، يَوْمَ خَيْبَرَ، قَالَ: فَالتَزَمْتُهُ، فَقُلْتُ: لاَ أُعْطِي اليَوْمَ أَحَداً مِنْ هَذَا شَيْئاً، قَالَ: فَالتَفَتُّ فَإذَا رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مُتَبَسِّماً. متفق عليه.
2- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالَ: كُنَّا نُصِيبُ فِي مَغَازِينَا العَسَلَ وَالعِنَبَ، فَنَأْكُلُهُ وَلا نَرْفَعُهُ. أخرجه البخاري.

.حكم الغَلول من الغنائم:

الغلول: هو السرقة من الغنائم.
والغلول محرم، وهو من كبائر الإثم، قَلَّ أو كثر؛ لأنه أكل لأموال المسلمين بالباطل، وإشغال للمقاتلين بالانتهاب عن القتال، وذلك يفضي إلى اختلاف الكلمة، ثم الهزيمة.
ومَنْ غَلَّ من الغنيمة فللإمام أن يؤدبه بما يرى فيه المصلحة له ولغيره من ضربٍ، أو تحريقِ ما غَلَّ ونحو ذلك.
1- قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ [161] أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [162]} [آل عمران: 161- 162].
2- وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: كَانَ عَلَى ثَقَلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ يُقال لَهُ كِرْكِرَةُ فَمَاتَ، فَقال رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «هُوَ فِي النَّارِ». فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ فَوَجَدُوا عَبَاءَةً قَدْ غَلَّهَا. أخرجه البخاري.

.مكان قسمة الغنائم:

يَقسم الإمام الغنائم حسب المصلحة.
فله أن يقسمها بين المسلمين المقاتلين في دار الحرب بعد انهزام العدو كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم غنائم بني المصطلق في بلادهم، وكما قسم غنائم خيبر فيها.
وله أن يقسم الغنائم في طريقه إلى بلده كما قسم غنائم حنين في الجعرانة قرب مكة، وكما قسم الغنائم بذي الحليفة قرب المدينة.

.حكم مال المسلم إذا وجده عند العدو:

إذا استرد المسلمون أموالاً لهم بأيدي الأعداء فأربابها أحق بها، وليس للمقاتلين منها شيء؛ لأنها ليست من المغانم.
وإذا أسلم الحربي وبيده مال مسلم رده إلى صاحبه.
وإذا أسلم الحربي وهاجر إلى دار الإسلام، واستولى المسلمون على زوجته وذريته وأمواله، فليس للمسلمين قسمة ذلك مع الغنائم؛ لأن للمسلم حرمة نفسه وماله وأهله.
1- عَنْ أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: «أُمِرْتُ أنْ أقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لا إِلَهَ إِلا اللهُ، فَمَنْ قالَ: لا إِلَهَ إِلا اللهُ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى الله». متفق عليه.
2- وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا». أخرجه مسلم.

.حكم استيلاء الكفار على أموال المسلمين:

يملك الكفار أموال المسلمين إذا استولوا عليها بطريق القتال والقهر والغلبة؛ لأنه زال ملك المسلم عنها باستيلاء العدو عليها.
ولا يثبت تملكهم لها إلا بإحرازها في دار الحرب، فإن تمكَّن المسلمون من غلبتهم، وأخذوا ما في أيديهم، فإنه يرد إلى أصحابه.

.حكم وطء المسبيات:

النساء المسبيات ينفسخ نكاحهن بمجرد السبي.
ولا يجوز وطؤهن إلا بعد قسمتهن، ثم تُستبرأ الحامل بوضع الحمل، وغير ذات الحمل بحيضة واحدة، وذلك لتُعلم براءة رحمها.
عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي سَبَايَا أَوْطَاسَ: «لاَ تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ وَلاَ غَيْرُ ذاتِ حَمْلٍ حَتَّى تَحِيضَ حَيْضَةً». أخرجه أبو داود.

.حكم الأرض المغنومة:

إذا كانت الغنيمة أرضاً فتحها المسلمون عنوة، فيخير الإمام فيها بين أمرين:
الأول: قَسْمُها بين الغانمين.
عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبي حَثمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ نِصْفَيْنِ نِصْفاً لِنَوَائِبهِ وَحَاجَتِهِ وَنِصْفاً بَيْنَ المُسْلِمِينَ قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ عَلَى ثمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْماً. أخرجه أبو داود.
الثاني: أن يقفها على المسلمين، فيقرها بحالها، ويضرب عليها خراجاً مستمراً يدوم نفعه للمسلمين، يؤخذ ممن هي بيده، يكون أجرة لها كل عام، كما فعل عمر رضي الله عنه بما فتحه من أرض الشام ومصر والعراق.
عَنْ أسْلَم أنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ: أمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْلا أنْ أتْرُكَ آخِرَ النَّاسِ بَبَّاناً لَيْسَ لَهُمْ شَيْءٌ، مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ قَرْيَةٌ إِلا قَسَمْتُهَا، كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْبَرَ، وَلَكِنِّي أتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا. أخرجه البخاري.

.حكم الفيء:

الفيء: هو ما أخذ من الكفار بلا قتال كالجزية والخراج والعشر وما تركوه فزعاً ونحو ذلك مما لم يتعب المسلمون في تحصيله.
ومصرف الفيء مصرف خمس الغنيمة، فيُصرف في مصالح المسلمين العامة، حسب المصلحة والحاجة؛ لأن نفعها عام.
1- قال الله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [7]} [الحشر: 7].
2- وقال الله تعالى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [6]} [الحشر: 6].

.11- انتهاء الحرب بالإسلام أو المعاهدات:

ينتهي القتال بين المسلمين والكفار بطرق متعددة منها:
الدخول في الإسلام.. أو عقد الأمان.. أو عقد الهدنة.. أو عقد الذمة.

.1- انتهاء القتال بالإسلام:

إذا دخل الكفار في الإسلام عُصمت دماؤهم وأموالهم، وصار لهم حكم المسلمين في كل شيء.
وإعلان الإسلام يكون بالنطق بالشهادتين بأن يقول الكافر:
أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً رسول الله.
عَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «أمِرْتُ أنْ أقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَأنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ الله، وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأمْوَالَهُمْ إِلا بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى الله». متفق عليه.

.2- انتهاء القتال بالأمان:

الأمان: عقد يفيد ترك القتال مع الحربيين.
وفائدته ثبوت الأمن والطمأنينة للمستأمنين، فيحرم قتل رجالهم، وسبي ذراريهم، ويصح من كل مسلم، بالغ، عاقل، مختار، وفي الحرب لا يعقده إلا الإمام أو نائبه.
1- قال الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ [6]} [التوبة: 6].
2- وَعَنْ عَبدِالله بنْ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي خُطْبَتِهِ، وَهُوَ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الكَعْبَة: «المُسْلِمُونَ تَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ». أخرجه أحمد وأبو داود.

.3- انتهاء الحرب بالهدنة:

الهدنة: هي مصالحة أهل الحرب على ترك القتال مدة معينة بعوض أو بدون عوض.
وتسمى الصلح أو الموادعة، ولا يعقدها إلا الإمام أو نائبه، يعقدها مع الكفار حسب المصلحة والحاجة.
والأمان والهدنة عقود أمان يترتب عليها انتهاء الحرب، وثبات الأمن والطمأنينة بين الطرفين، وقد رغب فيها الإسلام لما فيها من المصالح.
قال الله تعالى: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [61]} [الأنفال: 61].

.4- انتهاء القتال بعقد الذمة:

عقد الذمة: التزام إقرار الكفار في ديار المسلمين، وحمايتهم والدفاع عنهم مقابل الجزية التي تؤخذ منهم.
ولا يعقدها إلا الإمام أو نائبه، ويحرم قتال أهل الذمة وقتلهم ما داموا ملتزمين بالعهد.
1- قال الله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [29]} [التوبة: 29].
2- وَعَنْ بُرَيْدَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذَا أمَّرَ أمِيراً عَلَى جَيْشٍ أو سَرِّيَةٍ أوْصَاهُ في خَاصَّتِهِ بِتَقَوَى الله وَمَنْ مَعَهُ مِنَ المُسْلِمِينَ خَيْراً، ثُمَّ قَالَ: «اغْزُوا باسْمِ الله في سَبيلِ الله، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِالله، اغْزُوا وَلاَ تَغُلُّوا وَلاَ تَغْدِرُوا وَلاَ تَمثُلُوا وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيداً، وإذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ المُشْرِكِينَ فَادْعُهُمْ إلَى ثَلاثِ خِصَالٍ (أوْ خِلالٍ)، فَأيَّتُهُنَّ مَا أجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى الإسْلامِ، فإنْ أجَابُوكَ فاقْبَلْ مِنْهُمْ وكُفَّ عَنْهُمْ ثُمَّ ادْعُهُمْ إلى التَّحَوُّلِ مِنْ دَارِهِمْ إلى دَارِ المُهَاجِرينَ، وأخْبِرْهُمْ أنَّهُمْ إنْ فَعَلُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ مَا لِلْمُهَاجِرينَ وَعَلَيْهُمْ مَا عَلَى المُهَاجِرين، فَإنْ أبَوْا أنْ يَتَحَوَّلُوا مِنْهَا فَأخْبِرْهُمْ أنَّهُمْ يَكُونُونَ كَأَعْرَابِ المُسْلِمينَ يَجْري عَلَيْهِمْ حُكْمُ الله الَّذي يَجْرِي عَلَى المُؤْمِنِينَ، وَلاَ يَكُونُ لَهُمْ في الغَنِيمَةِ وَالفَيْءِ شَيءٌ، إلَّا أنْ يُجَاهِدُوا مَعَ المُسْلِمينَ، فَإنْ هُمْ أبَوْا فَسَلْهُمُ الجِزْيَةَ، فَإنْ هُمْ أجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ وَكُفَّ عَنْهُمْ، فَإنْ هُمْ أبَوْا فَاسْتَعِنْ بِالله وَقَاتِلْهُمْ». أخرجه مسلم.

.5- حكم الهجرة من بلاد الكفر:

المسلم المقيم في بلاد الكفر له ثلاث حالات:
الأولى: من لا يمكنه إظهار دينه، ولا أداء واجباته، وهو قادر على الهجرة.
فهذا تجب عليه الهجرة إلى بلاد الإسلام.
الثانية: من يمكنه إظهار دينه، وأداء واجباته، وهو قادر على الهجرة.
فهذا تستحب له الهجرة؛ لتكثير سواد المسلمين، والأمن من غدر الكفار، والسلامة من رؤية المنكرات.
الثالثة: عاجز معذور بأسر أو مرض أو غيره.
فهذا تجوز له الإقامة، ومتى تيسرت له الهجرة هاجر.
1- قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ [119]} [التوبة:119].
2- وقال الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [74]} [الأنفال: 74].