فصل: حكمة مشروعية صلاة الجنازة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.حكم القيام للجنازة:

يستحب القيام للجنازة إذا مرت به، ومن جلس فلا حرج عليه.
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الخُدْرِىّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا رَأَيْتُمُ الجَنَازَةَ فَقُومُوا فَمَنْ تَبِعَهَا فَلاَ يَجْلِسْ حَتَّى تُوضَعَ». متفق عليه.
وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَرَّتْ جَنَازَةٌ فَقَامَ لَهَا رَسُولُ اللهِ؟ وَقُمْنَا مَعَهُ فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّهَا يَهُودِيَّةٌ. فَقَالَ «إِنَّ المَوْتَ فَزَعٌ فَإِذَا رَأَيْتُمُ الجَنَازَةَ فَقُومُوا». متفق عليه.
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: رَأيْنَا رَسُولَ قَامَ فَقُمْنَا، وَقَعَدَ فَقَعَدْنَا. يَعْنِي فِي الجَنَازَةِ. أخرجه مسلم.

.حكم حمل الميت على السيارة:

حمل الميت على سيارة مخصصة للجنائز غير مشروع لما يلي:
أن ذلك من عادات الكفار.
أن ذلك معارض للسنة العملية في حمل الجنازة.
أن ذلك يفوِّت الغاية من حملها، وهو تذكر الآخرة.
أن ذلك يفوِّت على الناس الراغبين في حصول الأجر بحملها.
أن في ذلك تحصل المباهاة والشكليات ونحوهما مما نهى الله عنه.
أن حمل الجنازة على الأعناق، ورؤية المشيعين لها وهي على رؤوسهم أبلغ في تحقيق التذكر والاتعاظ من تشييعها على الصورة المذكورة، والتي هي بدعة في عبادة، ويجوز حملها على سيارة عند الحاجة لذلك.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِي الله عَنْهَا قالتْ: قَالَ رَسُولُ: «مَنْ أحْدَثَ فِي أمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ». متفق عليه.
يجوز حمل الجنازة على سيارة للضرورة كبعد المسجد، أو المقبرة، لكن تُوْقَف السيارة قبل المقبرة، ليحمل الناس الجنازة مسافة تتحقق بها السنة، ويتعظ بها الناس.

.صفة اتباع الجنائز:

اتباع الجنائز له ثلاث درجات:
الأولى: أن يصلي عليها ثم ينصرف.
الثانية: أن يصلي عليها ويتبعها إلى القبر حتى تدفن.
الثالثة: أن يصلي عليها، ثم يتبعها حتى تدفن، ثم يقف على القبر ويدعو للميت بالمغفرة والتثبيت-وهذه أعلاها-.
ويسن للمسلم اتباع جنازة كل مسلم خاصة من له عليه فضل من قريب حميم، أو ذي رحم، أو صديق ونحوهم.

.6- صفة الصلاة على الميت:

صلاة الجنازة: هي التعبد لله بالصلاة على الميت على صفة مخصوصة في الشرع.

.حكم صلاة الجنازة:

صلاة الجنازة فرض كفاية إذا قام بها من يكفي سقط الإثم عن الباقين، وتسقط بمكلَّف.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ كانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الُمَتَوفَّى، عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْألُ: «هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ فَضْلاً». فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً صَلَّى، وَإلَّا قالَ لِلْمُسْلِمِينَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ». فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ الفُتُوحَ، قالَ: «أَنَا أَوْلَى بِالمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ، فَمَنْ تُوُفّىَ مِنَ المُؤمِنِيَن فَتَرَكَ دَيْناً فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ، وَمَنْ تَرَكَ مالاً فَلِوَرَثَتِهِ». متفق عليه.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ يَقُولُ: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أرْبَعُونَ رَجُلاً، لا يُشْرِكُونَ بِالله شَيْئاً إِلا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ». أخرجه مسلم.

.حكمة مشروعية صلاة الجنازة:

الموت انقطاع من الخلق إلى الحق، وقد شرعت صلاة الجنازة على الميت طلباً للمغفرة، واستنزالاً للرحمة على تلك الجثة التي أصبحت في حالة عجز كلي عن العمل.
فواجب الأخوّة الإيمانية يدفع المسلم أن يودع ذلك الراحل بالتوجه إلى الله، والتوسل إليه بأن يكرمه في قبره بمغفرته ورحمته، ويكفر عنه أوزاره، ويعتق رقبته من النار، ويقبل شفاعة المسلمين فيه.
وشَرع تغسيله وحمله ودفنه إظهاراً لكرامة بني آدم، وفضلهم، وتمييزهم عن الحيوانات.
وفي شهود الجنازة واتباعها أداء حق الميت بالصلاة عليه، والدعاء له، وأداء حق أهله، وجبر خاطرهم عند مصيبتهم في ميتهم، وتحصيل الأجر العظيم للمشيِّع، وحصول العظة والاعتبار بمشاهدة الجنائز والمقابر، وتذكر الآخرة.

.فضل الصلاة على الجنازة واتباعها:

السنة اتباع الجنازة إيماناً واحتساباً حتى يصلى عليها، ويفرغ من دفنها، واتباع الجنائز إلى المقابر مشروع للرجال دون النساء.
عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ رَسُولَ قَالَ: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ، إيمَاناً وَاحْتِسَاباً، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإنَّه يَرْجِعُ مِنَ الأجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أنْ تُدْفَنَ، فَإنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ». متفق عليه.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ مَيِّتٍ تُصَلِّي عَلَيْهِ أمَّةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً، كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ، إِلا شُفِّعُوا فِيهِ». أخرجه مسلم.
وَعَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ يَقُولُ: «مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلِمٍ يَمُوتُ فَيَقُومُ عَلَى جَنَازَتِهِ أرْبَعُونَ رَجُلاً، لا يُشْرِكُونَ بِالله شَيْئاً إِلا شَفَّعَهُمُ اللهُ فِيهِ». أخرجه مسلم.

.مكان الصلاة على الجنائز:

السنة أن يصلي المسلمون على الجنائز في مكان معد للصلاة على الجنائز، وهذا هو الأفضل، وهو الغالب من فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ رَسُولَ نَعَى النَّجَاشِيَّ فِي اليَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، خَرَجَ إِلَى المُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ، وَكَبَّرَ أَرْبَعاً. متفق عليه.
وَعَنْ عَبْدِالله بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّ اليَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا، قَرِيباً مِنْ مَوْضِعِ الجَنَائِزِ عِنْدَ المَسْجِدِ. متفق عليه.
تجوز الصلاة على الجنائز في المسجد أحياناً.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا أنَّهَا أمَرَتْ أنْ يَمُرَّ بِجَنَازَةِ سَعْدِ بْنِ أبِي وَقَّاصٍ فِي المَسْجِدِ، فَتُصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأنْكَرَ النَّاسُ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: مَا أسْرَعَ مَا نَسِيَ النَّاسُ! مَا صَلَّى رَسُولُ عَلَى سُهَيْلِ بْنِ البَيْضَاءِ إِلا فِي المَسْجِدِ. أخرجه مسلم.

.من يصلَّى عليه صلاة الجنازة:

السنة أن يصلي المسلمون على كل مسلم ميت، رجلاً أو امرأة أو طفلاً، برَّاً كان أو فاجراً، حاضراً كان أو غائباً، لم يصلَّ عليه.
المسلم الذي أقيم عليه حد الرجم أو القصاص، أو من مات بغرق، أو حرق، أو هدم أو تصادم يغسل ويصلى عليه صلاة الجنازة.
قاتل نفسه، والغال من الغنيمة، للإمام أو نائبه أن لا يصلي عليهما؛ عقوبة لهما، وزجراً لغيرهما، لكن يصلي عليهما المسلمون.

.الأوقات التي لا يصلى فيها على الجنائز:

عَنْ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الجُهَنِيَّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: ثَلاثُ سَاعَاتٍ كَانَ رَسُولُ يَنْهَانَا أنْ نُصَلِّيَ فِيهِنَّ، أَوْ أنْ نَقْبُرَ فِيهِنَّ مَوْتَانَا: حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ بَازِغَةً حَتَّى تَرْتَفِعَ، وَحِينَ يَقُومُ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ حَتَّى تَمِيلَ الشَّمْسُ، وَحِينَ تَضَيَّفُ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ حَتَّى تَغْرُبَ. أخرجه مسلم.

.حكم تعجيل الجنازة:

السنة الإسراع بتجهيز الجنازة، والصلاة عليها، وتشييعها إلى المقبرة، ودفنها، ولا يجوز تأخيرها إلا لعذر.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَسْرِعُوا بِالجِنَازَةِ، فَإِنْ تَكُ صَالِحَةً فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا، وَإِنْ يَكُ سِوَى ذَلِكَ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ». متفق عليه.

.موقف الإمام من الجنازة:

السنة أن يقف الإمام حذاء رأس الرجل، وحذاء وسط المرأة.
فإن صلى والميت بينه وبين القبلة فالصلاة صحيحة، لكنه ترك الأفضل.
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّهُ صلَّى عَلَى جَنَازَةِ رَجُلٍ فَقَامَ حِيَالَ رَأْسِهِ ثمَّ جَاؤوا بجَنَازَةِ امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالُوا: يَا أَبَا حَمْزَةَ صَلِّ عَلَيْهَا، فَقَامَ حِيَالَ وَسَطِ السَّرِيرِ فَقَالَ لَهُ العَلاَءُ بْنُ زِيَادٍ: هَكَذا رَأَيْتَ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ عَلَى الجَنَازَةِ مُقَامَكَ مِنْهَا وَمِنَ الرَّجُلِ مُقَامَكَ مِنْهُ، قَالَ: نَعَمْ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: احْفَظُوا. أخرجه أبو داود والترمذي.
وَعَنْ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدَبٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَلَى امْرَأَةٍ مَاتَتْ فِي نِفَاسِهَا، فَقَامَ عَلَيْهَا وَسَطَهَا. متفق عليه.

.كيفية صف الجنائز أمام الإمام:

إذا اجتمع أكثر من ميت من الرجال والنساء، وأراد الإمام أن يصلي عليهم جميعاً، فالسنة أن يلي الرجال الإمام في صف، والنساء يلين القبلة في صف، فيكون الرجال بين النساء والإمام.
إن شاء الإمام صلى على كل جنازة على حدة.
إذا اجتمع رجل ميت وامرأة يقف الإمام عند رأس الرجل، ويجعل وسط المرأة عند رأس الرجل من جهة القبلة.

.صفة وضع الميت أمام الإمام:

يوضع الميت أمام الإمام، تارة رأسه جهة اليمين، وتارة رأسه جهة اليسار، وكلاهما سائغ.

.حكم الجماعة في صلاة الجنازة:

صلاة الجنازة فرض كفاية، وتسقط بصلاة مكلَّف، وتسن لها الجماعة، وكلما كثروا كان أفضل.
تجب تسوية الصفوف في الصلاة على الجنازة كما تسوى في كل صلاة جماعة.
السنة أن يصف الناس وراء الإمام ثلاثة صفوف وإن قلوا، وكلما كثر الجمع كان أفضل للميت وأنفع.
عَنْ جَابِر بن عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «قَدْ تُوُفِّيَ اليَوْمَ رَجُلٌ صَالِحٌ مِنَ الحَبَشِ، فَهَلُمَّ فَصَلُّوا عَلَيْهِ». قَالَ: فَصَفَفْنَا، فَصَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ وَنَحْنُ مَعَهُ صُفُوفٌ. متفق عليه.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ مَيِّتٍ تُصَلِّي عَلَيْهِ أمَّةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً، كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ، إِلا شُفِّعُوا فِيهِ». أخرجه مسلم.

.حكم صلاة النساء على الجنازة:

المرأة كالرجل إذا حضرت الجنازة في المصلى أو المسجد فإنها تصلي عليها مع المسلمين، ولها من الأجر مثل ما للرجل في الصلاة والتعزية غير أنها لا تشيِّع الجنازة.
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْها لمّا تُوُفِّيَ سَعْدُ بْنُ أبِي وَقَّاصٍ، قَالَتِ: ادْخُلُوا بِهِ المَسْجِدَ حَتَّى أصَلِّيَ عَلَيْهِ، فَأُنْكِرَ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ: وَالله لَقَدْ صَلَّى رَسُولُ عَلَى ابْنَيْ بَيْضَاءَ فِي المَسْجِدِ، سُهَيْلٍ وَأخِيهِ. أخرجه مسلم.

.أحوال الصلاة على الميت:

للصلاة على الميت ست حالات:
الصلاة على الميت في مصلى الجنائز.
الصلاة عليه في المسجد.
الصلاة عليه قبل الدفن في المقبرة.
الصلاة عليه بعد الدفن في المقبرة.
الصلاة عليه في القبر بعد مدة.
الصلاة على الغائب.

.صفة الصلاة على الميت:

يتوضأ من أراد الصلاة على الميت، ويستقبل القبلة، ويجعل الإمام الجنازة بينه وبين القبلة.
السنة أن يقوم الإمام عند رأس الرجل الميت، وعند وسط المرأة، ويكبر على الميت أربعاً، وأحياناً خمساً، أو ستاً، أو سبعاً، أو تسعاً، خاصة إذا كان من أهل العلم والفضل، ومن لهم قدم صدق في الإسلام.
يفعل هذا مرة، وهذا مرة؛ إحياءً للسنة.
يكبر الإمام ومن خلفه من المصلين التكبيرة الأولى رافعاً يديه إلى حذو منكبيه، أو إلى فروع أذنيه، ثم يضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى على صدره.
ثم يتعوذ ويسمي، ويقرأ الفاتحة سراً، وأحياناً يقرأ معها سورة.
ثم يكبر التكبيرة الثانية ثم يقول سراً: «الَّلهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، الَّلهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ». متفق عليه.
ثم يكبر التكبيرة الثالثة ويدعو سراً بإخلاص بما ورد، ومنه:
«اللهمَّ اغْفِرْ لِحَيِّنَا وَمَيِّتِنَا وَصَغِيرِنَا وَكَبيرِنَا وَذكَرِنَا وَأُنْثانَا وَشَاهِدِنَا وَغَائِبنَا اللهمَّ مَنْ أَحْيَيْتَهُ مِنَّا فَأَحْيِهِ عَلَى الإيمَانِ وَمَنْ تَوَفَّيْتَهُ مِنَّا فَتَوَفَّهُ عَلَى الإسْلاَمِ اللهمَّ لاَ تَحْرِمْنَا أَجْرَهُ وَلاَ تُضِلَّنَا بَعْدَهُ». أخرجه أبو داود وابن ماجه.
«اللهمَّ اغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ وَاعْفُ عَنْهُ، وَأكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنَ الخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَأبْدِلْهُ دَاراً خَيْراً مِنْ دَارِهِ، وَأهْلاً خَيْراً مِنْ أهْلِهِ وَزَوْجاً خَيْراً مِنْ زَوْجِهِ، وَأدْخِلْهُ الجَنَّةَ وَأعِذْهُ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ-أوْ مِنْ عَذَابِ النَّارِ-». أخرجه مسلم.
«اللهمَّ إِنَّ فُلاَنَ بْنَ فُلاَنٍ فِي ذِمَّتِكَ وَحَبْلِ جِوَارِكَ فَقِهِ مِنْ فِتْنَةِ القَبْرِ وَعَذاب النَّارِ وَأَنْتَ أَهْلُ الوَفَاءِ وَالحَقِّ، فَاغْفِرْ لَهُ وَارْحَمْهُ إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ». أخرجه أبو داود وابن ماجه.
«اللهمَّ عَبْدُكَ وَابْنُ أَمَتِكَ، احْتَاجَ إِلَى رَحْمَتِكَ، وَأَنْتَ غَنِيٌّ عَنْ عَذَابِهِ، فَإِنْ كَانَ مُحْسِناً فَزِدْ فِي إِحْسَانِهِ، وَإِنْ كَانَ مُسِيئاً فَتَجَاوَزْ عَنْهُ». أخرجه الحاكم والطبراني.
يدعو بما شاء من هذه الأدعية.
يدعو بهذا مرة، وهذا مرة؛ إحياءً للسنة.
ثم يكبر الرابعة، ويقف قليلاً يدعو، ثم يسلم تسليمة واحدة عن يمينه، وإن سلم ثانية عن يساره أحياناً فلا بأس.

.حكم رفع اليدين في صلاة الجنازة:

رفع اليدين في التكبيرة الأولى على الجنازة سنة، وأما في باقي التكبيرات فيفعل تارة، ويترك تارة، ويكون الترك أكثر.

.كيف يقضي المسبوق صلاة الجنازة:

من فاته بعض التكبيرات في الصلاة على الميت فما أدركه معه هو أول صلاته، فيقرأ الفاتحة أولاً، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بعد ذلك، ثم يكبر ويسلم.
من نسي وسلم من الثالثة مثلاً، فإنه يأتي بالتكبيرة الرابعة ثم يسلم، ولا سجود للسهود في صلاة الجنازة.

.حكم من فاتته صلاة الجنازة:

من فاتته صلاة الجنازة في المصلى أو المسجد فالأفضل أن يصلي عليها قبل الدفن حيثما أدركها في المقبرة أو خارجها.
إذا مات الميت وأنت أهل للصلاة، ومخاطب بالصلاة عليه، ولم تصل عليه، فلك أن تصلي على قبره.
من دُفن قبل أن يصلى عليه، أو صلى عليه بعض الناس دون بعض، أو كان الإنسان غائباً أو معذوراً فحضر بعد الدفن، والميت عزيز عليه، فهؤلاء يصلون على هذا الميت في قبره ولو بعد مدة.
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا أَنَّ رَسُولَ مَرَّ بِقَبْرٍ قَدْ دُفِنَ لَيْلاً، فَقَالَ: «مَتَى دُفِنَ هَذَا». قَالُوا: البَارِحَةَ. قَالَ: «أَفَلاَ آذَنْتُمُونِي». قَالُوا: دَفَنَّاهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ، فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ. فَقَامَ فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ، فَصَلَّى عَلَيْهِ. متفق عليه.
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ أَنَّ أَسْوَدَ، رَجُلاً أَوِ امْرَأَةً، كَانَ يَقُمُّ المَسْجِدَ، فَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِمَوْتِهِ، فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: «مَا فَعَلَ ذَلِكَ الإِنْسَانُ». قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ الله. قَالَ: «أَفَلاَ آذَنْتُمُونِي».
فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا قِصَّتُهُ. قَالَ: فَحَقَرُوا شَأْنَهُ، قَالَ: «فَدُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ». فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ. متفق عليه.

.حكم السفر للصلاة على الميت:

يجوز السفر من أجل الصلاة على الميت احتساباً وطلباً للأجر؛ لأن ذلك من اتباعه، وهو حق من حقوق المسلم على أخيه.
عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ يَقُولُ: «حَقُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ خَمْسٌ: رَدُّ السَّلاَمِ، وَعِيَادَةُ المَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الجَنَائِزِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَتَشْمِيتُ العَاطِسِ». متفق عليه.

.حكم حضور جنازة من لا يستحق التشييع:

السنة أن يتبع المسلم جنازة من لا يستحق التشييع بنفسه؛ إحساناً إلى أهله المسلمين، وتأليفاً لقلوبهم، وجبراً لخاطرهم، أو مكافأة له على إحسانه، كما شهد النبي صلى الله عليه وسلم جنازة عبدالله بن أبي المنافق.
عَن جَابِر بن عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: أَتَى رَسُولُ عَبْدَالله بْنَ أُبَيٍّ بَعْدَمَا أُدْخِلَ حُفْرَتَهُ، فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ، فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ، وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ، فَاللهُ أَعْلَمُ، وَكَانَ كَسَا عَبَّاساً قَمِيصاً. متفق عليه.