فصل: شروط استيفاء القصاص:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: موسوعة الفقه الإسلامي



.الفرق بين قتل القصاص والحرابة:

1- أن قتل القصاص يُرجع فيه إلى أولياء القتيل، فلا يقتل الإمام القاتل إلا بطلب أولياء القتيل وإذنهم؛ لأن الحق لهم.
2- أما في قتل الحرابة فلا يَرجع الإمام إلى أولياء القتيل ولا يستأذنهم؛ لأن الحق لله، وصيانة للأنفس والأموال من العابثين.

.حكم قتل الصبي والمجنون:

من قَتل صبياً أو مجنوناً قُتل به قصاصاً.
وإذا قتل الصبي أو المجنون أحداً فلا يقاد به، ولكن تجب عليه الدية؛ لأن القاتل مرفوع عنه القلم، وغير مكلف، وغير مؤاخذ.
وهكذا لو أن غير المكلف قطع عضواً، أو ضرب شخصاً فأتلف عضواً، فإنه يجب ضمان هذه الجناية، ولا يجب عليه القصاص.
عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «رُفِعَ القَلَمُ عَنْ ثلاَثةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّبيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ، وَعَنِ المَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ». أخرجه أحمد وأبو داود.

.عصمة الإنسان:

يكون الإنسان معصوم الدم بأحد أمرين:
الإيمان.. والأمان.
فالمسلم إيمانه قد عصم دمه وماله.
وأما العصمة بالأمان فهي نوعان:
الأول: أمان مؤبد، وهذا هو عقد الذمة.
الثاني: أمان مؤقت وهذا هو المستأمن.
وهذا الأمان بنوعيه يعقده الإمام مع غير المسلمين، فيصبح الذمي بعقد الذمة من مواطني دار الإسلام لا يجوز الاعتداء عليه.
والأمان المؤقت يمنحه الإمام لمن أراد دخول دار الإسلام لحاجة، ثم يخرج إلى بلده، فهذا يحرم الاعتداء عليه.
قال الله تعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ [6]} [التوبة: 6].

.أصناف غير المعصومين:

1- الكافر الحربي:
فلا قصاص على من قتله، سواء قتله في داره، أو في دار الإسلام إذا دخلها متلصصاً بغير أمان؛ لأنه مهدَر الدم.
2- المستأمن الذمي:
وهو الكافر الحربي الذي دخل دار الإسلام بأمان إذا ارتكب جرماً صيَّره مهدَر الدم.
3- المرتد عن الإسلام:
فمن قتل المرتد عن الإسلام لا قصاص عليه، لكن يعاقب تعزيراً؛ لافتياته على السلطة العامة.
4- القاتل عمداً:
فالقاتل عمداً مهدَر الدم، فمن قتله من أولياء القتيل لا قصاص عليه؛ لأن الحق لهم فقط، ومن قتله من غيرهم فعليه القصاص.
5- قاطع الطريق:
فلا قصاص على من قتل قطاع الطريق، لكن يعزر، لافتياته على الحاكم، لأن إقامة الحدود عن طريق الحاكم.
6- الباغي:
وهو من يخرج على الإمام العادل من البغاة بقوة السلاح، وله شوكة ومَنَعة، فيُقتل الباغي بالعادل، ولا يُقتل العادل بالباغي؛ لأن الباغي مهدَر الدم.
7- الزاني المحصن:
فلا قصاص ولا دية ولا كفارة على من قتل الزاني المحصن؛ لأنه مباح الدم كالمرتد، ولكن يعزر؛ لافتياته على الحاكم.

.أولياء القتيل:

أولياء الدم الذين لهم أن يقتصوا أو يعفو هم جميع ورثة المقتول من الرجال والنساء، والكبار والصغار.
فإن اختاروا كلهم القصاص وجب القصاص، وإن عفا أحدهم سقط القصاص أيضاً ولو لم يعف الباقون، وتعيَّن لمن لم يعف نصيبه من الدية.
وإن كثر التحيل لإسقاط القصاص، وخيف اختلال الأمن بكثرة العفو، اختص العفو بالعصبة من الرجال دون النساء.
والحكم يدور مع علته، والضرورة تقدَّر بقدرها.

.أحكام القصاص:

1- يُقتل المسلم إذا قتل مسلماً.. ويقتل الكافر إذا قتل مسلماً أو كافراً.. ولا يُقتل المسلم إذا قتل كافراً؛ لعدم المكافأة في الدين.
2- يُقتل الكافر الذمي بالكافر الذمي، سواء اتفق دينهما أو اختلف.. ولا يُقتل كافر ذمي بكافر حربي؛ لأنه مباح الدم، فلا عصمة له.
3- يُقتل الكافر المستأمن بالكافر المستأمن؛ للمساواة بينهما.
4- يُقتل الحر بالعبد.. والعبد بالحر.. والسيد بعبده.. والعبد بسيده.. والذكر بالأنثى.. والأنثى بالذكر.
5- تُقتل الجماعة بالواحد, ويُقتل الواحد بالجماعة؛ سداً للذرائع، ودفعاً للشر.
وإن طلب بعضهم القصاص، وبعضهم الدية، فيُقتل الجاني لمن أراد القصاص، ويعطى أولياء القتلى الآخرون الديات من مال الجاني؛ لأن لكل نفس معصومة حق مستقل.

.كيفية تعيين القاتل إذا تعدد الجناة:

إذا اعتدى الجناة على أحد ثم مات فلذلك صور:
الأولى: إذا فوَّت الأول الحياة على المجني عليه فهو القاتل، كما لو شق بطنه وأخرج ما فيه، ثم جاء آخر فأجهز عليه، فالقاتل الأول؛ لأنه لا يبقى مع جنايته حياة.
الثانية: إذا ألقى أحد شخصاً من شاهق، ثم تلقاه آخر بسيف أو رصاصة فقتله، فالقاتل الثاني؛ لأنه فوت عليه حياته، لأن الإلقاء يجوز أن يسلم منه.
الثالثة: إذا قطع شخص يد المجني عليه من الكوع، ثم جاء آخر فقطعها من المرفق، ثم مات المجني عليه، فالقصاص عليهما معاً، وإن عفا الأولياء إلى الدية فعليهما معاً دية واحدة.
الرابعة: إذا اجتمع جماعة على إنسان فقال أحدهم: أنا أمسكته ليُقتل، والثاني ذبحه، والثالث بقر بطنه، والرابع أشعل فيه النار، فيقتص منهم جميعاً؛ لاشتراكهم جميعاً في تنفيذ الجريمة.

.حكم سراية الجناية:

إذا اعتدى إنسان على آخر فقطع أصبعه، ثم سرت الجناية إلى بدنه فمات.
فهذه السراية لها ثلاثة أحوال:
1- إن كانت السراية بسبب إهمال المجني عليه حيث لم يذهب إلى الطبيب حتى تسمم الجرح، فالضمان عليه لا على الجاني.
2- إن كانت السراية بسبب إهمال الطبيب أو تجاوزه، فالضمان على الطبيب؛ لأنه يضمن إذا قصر أو اعتدى.
3- إن كانت السراية بسبب الجناية، فالمجني عليه حضر للطبيب، والطبيب بذل ما في وسعه، ولكن المرض استفحل، فالضمان على الجاني.

.وظيفة الطب:

الطب في الإسلام له جانبان، إن خرج عنهما فليس بطب:
الأول: إصلاح الفاسد في الجسد، وهي الأمراض والأسقام التي تصيب الأبدان.
الثاني: بذل الأسباب التي تَحُول بين الإنسان وبين الوقوع في المرض.
فالأول يسمى الطب العلاجي.. والثاني يسمى الطب الوقائي.
فإن فعل الطبيب بالآدمي غير هذين فقد خرج عن الإذن الشرعي، فلا دخل للطبيب في الحياة والموت والشفاء.
إن أمكنه أن يداوي فليفعل ما في وسعه، وإن لم يمكنه فليقف ولا يتدخل بين المخلوق وخالقه، فالله أرحم بعباده من كل رحيم، يرحم سبحانه بهذه الأمراض من يشاء.. ويرفع درجاتهم.. ويعظ آخرين.. ويزيد في حسنات آخرين.. ويكفِّر سيئات آخرين.. ويبتلي آخرين.. والله حكيم عليم.

.حكم إنهاء حياة المريض:

إذا كان المريض ميئوساً من علاجه، فلا يجوز لأحد أن يعطيه إبرة تقضي على حياته ليرتاح من عذاب المرض.
والبعض يسمي هذا قتل الرحمة، وهو في الحقيقة ظلم وعدوان، وقتل عمد فيه القصاص.
ومثل ذلك حقن المواد السامة في جسم المجنون أو المشلول ونحوهما، ليرتاح مما نزل به، ويرتاح منه أهله.
فهذا كله وأمثاله من قتل العمد الذي يوجب القصاص، ومن التعدي على حدود الله بقتل خلقه.
1- قال الله تعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ [32]} [المائدة: 32].
2- وقال الله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [93]} [النساء: 93].
3- وَعَنْ عَبْدِالله رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ، يَشْهَدُ أَنْ لاَ إلَهَ إلاّ اللهُ، وَأَنّي رَسُولُ الله، إلاّ بِإِحدَى ثَلاَثٍ: الثّيّبُ الزَّانِي، وَالنّفْسُ بِالنّفْسِ، وَالتّارِكُ لِدِينِهِ، المُفَارِقُ لِلْجَمَاعَةِ». متفق عليه.

.حكم إسقاط الجنين:

لا يجوز إسقاط الحمل في مختلف مراحله إلا لمبرر شرعي.
1- فإن كان الحمل في مدة الأربعين الأولى، وكان في إسقاطه مصلحة شرعية، أو دفع ضرر متوقَّع، جاز إسقاطه.
2- لا يجوز إسقاط الحمل إذا كان علقة أو مضغة، إلا إذا قررت لجنة طبية موثوقة أن في بقائه خطر على سلامة أمه.
3- بعد الطور الثالث بعد إكمال أربعة أشهر لا يحل إسقاط الحمل بحال، إلا إذا قررت تلك اللجنة أن في بقاء الجنين في بطن أمه يسبب موتها؛ دفعاً لأعظم الضررين بأخفهما.
4- إذا ثبت أن الجنين مشوه تشويهاً غير قابل للعلاج، وأنه إذا ولد ستكون حياته سيئة وآلاماً عليه وعلى أهله، وكان ذلك قبل تمام أربعة أشهر، وطلب والديه إسقاطه، جاز ذلك للضرورة.

.شروط استيفاء القصاص:

يشترط لاستيفاء القصاص ما يلي:
1- أن يكون ولي الدم بالغاً عاقلاً حاضراً.
فإن كان صغيراً أو غائباً حُبس الجاني حتى يبلغ الصغير، ويقدم الغائب، ثم إن شاء اقتص، أو أخذ الدية، أو عفا وهو الأفضل.
أما المجنون فلا يُنتظر، لأنه لا يرجى زوال جنونه، فيقوم وليه مقامه.
2- اتفاق جميع أولياء الدم على استيفائه، فإن عفا أحد الأولياء عن القصاص سقط، وتعينت الدية.
3- أن يؤمن عند الاستيفاء التعدي إلى غير القاتل.
فإذا وجب القصاص على امرأة حامل لم يقتص منها حتى تضع ولدها، وتسقيه اللبأ، فإن وجد من يرضعه وإلا أُمهلت حتى تفطمه، ثم اقتص منها.

.من يستوفي القصاص:

ولي المقتول هو الذي له الحق في استيفاء القصاص.
1- إن كان ولي الدم واحداً فقط، وكان بالغاً عاقلاً قادراً على استيفاء القصاص بنفسه، مكَّنه الحاكم منه؛ لأنه حقه، وإن لم يتمكن بنفسه استوفى القصاص الحاكم نيابة عنه.
2- إن كان مستحق القصاص جماعة فلهم أن يوكلوا واحداً منهم في استيفاء القصاص، ولهم أن يفوضوا الحاكم باستيفائه نيابة عنهم.
3- إن كان مستحق القصاص صغيراً أو مجنوناً، انتظر بلوغ الصغير؛ لأن الحق له، أما المجنون فيقوم وليه مقامه.
وإن قَتل الصغير أو المجنون الجاني القاتل فقد استوفى حقه.
4- إن كان من له القصاص جماعة، وفيهم صغير أو غائب، انتظر بلوغ الصغير، وقدوم الغائب.
5- إذا قتل أحد أولياء الدم الجاني بلا إذن الباقين فلا يجب عليه القصاص، لكن يضمن من الدية حصة شريكه إن اختار الدية، ويدفعها له من ماله.
6- إذا لم يكن للمقتول وارث فالسلطان وليه في استيفاء القصاص.
7- يجب استئذان الإمام في استيفاء القصاص، ولا يشترط حضور الإمام عند الاستيفاء، وإن حضر فهو أحسن؛ منعاً للجور، وإظهاراً لجدية ولي الأمر في تنفيذ أحكام الله، وإذا لم يحضر الإمام أقام من ينوب عنه.
قال الله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا [33]} [الإسراء: 33].

.حكم تأجيل استيفاء القصاص:

1- يجوز لولي المقتول تأجيل استيفاء القصاص بعد ثبوته؛ لأن الحق له.
ولا يجوز إجباره على سرعة الاستيفاء؛ لاحتمال أن يعفو عن القصاص، أو أخذ الدية.
2- إذا وجب القصاص على امرأة حامل أُمهلت حتى تضع ولدها وترضعه حتى تفطمه إن لم يوجد من يرضعه.
فإنْ قتلها ولي الدم وهي حامل فهو آثم، وعليه دية الجنين غُرّة عبد أو أمة.
3- يُحبس القاتل عند تأخر الاستيفاء؛ حفظاً لحق مستحق القصاص، وإن أحضر القاتل كفيلاً لم يُقبل منه؛ لأنه لا يمكن الاستيفاء من الكفيل إذا هرب القاتل.
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ نَبِيّ الله صلى الله عليه وسلم، وَهِيَ حُبْلَى مِنَ الزّنَى. فَقَالَتْ: يَا نَبِيّ الله أَصَبْتُ حَدّاً فَأَقِمْهُ عَلَيّ. فَدَعَا نَبِيّ الله؟ وَلِيّهَا، فَقَالَ: «أَحْسِنْ إلَيْهَا. فَإذَا وَضَعَتْ فَائْتِنِي بِهَا» فَفَعَلَ. فَأَمَرَ بِهَا نَبِيّ الله؟. فَشُكّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا، ثُمّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ، ثُمّ صَلّىَ عَلَيْهَا. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: تُصَلّي عَلَيْهَا يَا نَبِيّ الله وَقَدْ زَنَتْ؟ فَقَالَ: «لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لله تَعَالَىَ؟». أخرجه مسلم.

.مكان استيفاء القصاص:

يُستوفى القصاص في الأماكن العامة، والساحات الواسعة، ويقتص من الجاني ولو كان في الحرم.
فإن التجأ الجاني إلى الكعبة، أو المسجد الحرام، أو غيره من المساجد، أُخرج منه وقتل؛ صيانة للمساجد من التلوث.

.وقت استيفاء القصاص:

يستوفى القصاص من الجاني في أي وقت في النهار أو الليل، وفي الحر أو البرد، وفي حال الصحة أو المرض.
والمرأة الحامل لا يقتص منها حتى تضع ولدها كما سبق.
ولا يستوفى القصاص إلا بإذن الإمام أو نائبه.
عَنْ أنَسٍ رَضيَ اللهُ عَنهُ أنَّ يَهُودِيّاً رَضَّ رَأْسَ جَارِيَةٍ بَيْنَ حَجَرَيْنِ، قِيلَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا بِكِ، أفُلانٌ؟ أفُلانٌ حَتَّى سُمِّيَ اليَهُودِيُّ، فَأوْمَأتْ بِرَأْسِهَا، فَأخِذَ اليَهُودِيُّ فَاعْتَرَفَ، فَأمَرَ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرُضَّ رَأْسُهُ بَيْنَ حَجَرَيْنِ. متفق عليه.

.حكم أخذ الدية بدل القصاص:

يجوز أخذ الدية بدل القصاص في قتل العمد، ويجوز لولي الدم أخذها في قتل شبه العمد والخطأ، فتؤخذ وتوزع على ورثة القتيل.
1- إذا كان القاتل غنياً لا تهمه الدية، وهناك فقراء وضعفاء في قرابة المقتول، فأحب وليه أن يأخذ الدية، ويتصدق بها على الفقراء من أقاربه، فهذا فيه ثواب عظيم، وإحسان بالصدقة على ذوي رحمه.
2- إن كان أولياء القاتل ضعفاء وفقراء لا يستطيعون تحمل الدية، أو يكون القاتل عمداً فقيراً لا يستطيع حمل الدية فهنا العفو أفضل وأحسن.
1- قال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ [178]} [البقرة: 178].
2- وقال الله تعالى: {وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [14]} [التغابن: 14].

.كيفية استيفاء القصاص:

1- إقامة القصاص إذا ثبت واجبة على الإمام أو نائبه إذا طلب أولياء القتيل ذلك من الإمام.
2- يُستوفى القصاص بإذن الإمام أو نائبه، ويحسن حضوره أو من ينيبه.
3- الأصل في القصاص أن يُقتل الجاني بمثل ما قَتل به المجني عليه.
فلو قتله الجاني بالسيف، أو الرصاص، أو الحجر، أو النار، أو أغرقه، أو جوَّعه، أو دفنه فمات، فلولي القتيل قتل الجاني بمثل ما قَتل به.
ويجب استيفاء القصاص بآلة ماضية من سيف ونحوه.
4- يجب على ولي المقتول أن يحسن إلى الجاني عند استيفاء القصاص، فيقتص منه بآلة حادة لا يتعذب بها الجاني.
5- يسن تذكير الجاني بالتوبة النصوح، وصلاة لم يؤدها، وديوناً لم يقضها، والوصية بما له وما عليه.
6- يجب الرفق بالجاني عند سَوْقه إلى مكان الاستيفاء، وستر عورته.
7- من قتل غيره بمحرم كزنا، أو فِعْل فاحشة قوم لوط، أو شُرب خمر، فلا يقتص منه بمثل فعله، ولكن يقتل بالسيف.
8- لا يجوز أن يعطى الجاني المخدِّر عند القتل، قصاصاً أو حداً، أو عند القصاص في الأطراف؛ لأن المجني عليه تألم وتضرر، فيجب أن يتألم الجاني ويتضرر؛ ليتحقق العدل، ويحصل الروع.
1- قال الله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ [126]} [النحل: 126].
2- وقال الله تعالى: {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ [194]} [البقرة: 194].
3- وَعَنْ شَدّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: ثِنْتَانِ حَفِظْتُهُمَا عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم، قَالَ: «إنّ اللهَ كَتَبَ الإِحْسَانَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ، فَإذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا القِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذّبْحَ، وَلْيُحِدّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ». أخرجه مسلم.