فصل: باب الأوقات التي يستحب فيها البناء على النساء وما يقول إذا زفت إليه

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار **


 باب ما يصنع إذا اجتمع الداعيان

1 - عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن رجل من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال ‏(‏إذا أجتمع الداعيان فأجب أقربهما بابا فإن أقربهما بابا أقربهما جوارا فإذا سبق أحدهما فأجب الذي سبق‏)‏‏.‏

رواه أحمد وأبو داود‏.‏

2 - وعن عائشة ‏(‏أنها سألت النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقالت إن لي جارين فإلى أيهما أهدي فقال إلى أقربهما منك بابا‏)‏‏.‏

رواه أحمد والبخاري‏.‏

الحديث الأول في إسناده أبو خالد يزيد بن عبد الرحمن المعروف بالدالاني وقد وثقه أبو حاتم الرازي وقال الإمام أحمد لا بأس به‏.‏ وقال ابن معين ليس به بأس‏.‏ وقال ابن حبان لا يجوز الأحتجاج به‏.‏ وقال ابن عدي في حديثه لين الا أنه يكتب حديثه وحكى عن شريك أنه قال كان مرجئا وقال في التلخيص إن إسناد هذا الحديث ضعيف ورواه أبو نعيم في معرفة الصحابة من رواية حميد بن عبد الرحمن عن أبيه وقد جعل الحافظ حديث عائشة المذكور شاهدا للحديث الأول ووجه ذلك إن ايثار الأقرب بالهدية يدل على أنه أحق من الأبعد في الإحسان إليه فيكون أحق منه بإجابة دعوته مع اجتماعهما في وقت واحد فإن تقدم أحدهما كان أولى بالإجابة من الآخر سواء كان السابق هو الأقرب أو الأبعد فالقرب وإن كان سببا للإيثار ولكنه لا يعتبر الا مع عدم السبق فإن وجد السبق فلا اعتبار بالقرب فإن وقع الأستواء في قرب الدار وبعدها مع الأجتماع في الدعوة فقال الإمام يحيى يقرع بينهما وقد قيل أن من مرجحات الإجابة لأحد الداعيين كونه رحما أو من أهل العلم أو الورع أو القرابة من النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم‏.‏

 باب إجابة من قال لصاحبه ادع من لقيت وحكم الإجابة في اليوم الثاني والثالث

1 - عن أنس قال ‏(‏تزوج النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فدخل بأهله فصنعت أمي أم سليم حيسا فجعلته في تور فقالت يا أنس أذهب به إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فذهبت به قال ضعه ثم قال أذهب فادع لي فلانا وفلانا ومن لقيت فدعوت من سمي ومن لقيت‏)‏‏.‏

متفق عليه ولفظه لمسلم‏.‏

قوله ‏(‏حيسا‏)‏ بفتح الحاء المهملة وسكون التحتية بعدها سين مهملة وهو ما يتخذ من الأقط والسمن وقد يجعل عوض الأقط الدقيق‏.‏ قوله ‏(‏في تور‏)‏ يفتح الفوقية وسكون الواو وآخره راء مهملة وهو إناء من نحاس أوغيره‏.‏

والحديث فيه دليل على جواز الدعوة إلى الطعام على الصفة التي أمر بها صلى اللّه عليه وآله وسلم من دون تعيين المدعو وفيه جواز إرساله الصغير إلى من يريد المرسل دعوته إلى طعامه وقبول الهدية من المرأة الأجنبية ومشروعية هدية الطعام وفيه معجزة ظاهرة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فإنه قد روى إن ذلك الطعام كفى جميع من حضر إليه وكانوا جميعا كثيرا مع كونه شيئا يسيرا كما يدل على ذلك قوله فجعلته في تور وكون الحامل له ذلك الصغير‏.‏

2 - وعن قتادة عن الحسن عن عبد اللّه بن عثمان الثقفي عن رجل من ثقيف يقال أن له معروفا وأثني عليه قتادة إن لم يكن اسمه زهير بن عثمان فلا أدري ما اسمه قال ‏(‏قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم الوليمة أول يوم حق واليوم الثاني معروف واليوم الثالث سمعة ورياء‏)‏‏.‏

رواه أحمد وأبو داود ورواه الترمذي من حديث ابن مسعود وابن ماجه من حديث أبي هريرة‏.‏

الحديث الأول أخرجه أيضا النسائي والدارمي والبزار وأخرجه البغوي في معجم الصحابة فيمن اسمه زهير قال ولا أعلم له غيره وقال ابن عبد البر في إسناده نظر يقال أنه مرسل وليس له غيره وذكر البخاري هذا الحديث في تاريخه الكبير في ترجمة زهير بن عثمان وقال لا يصح إسناده ولا يعرف له صحبة ووهم ابن قانع فذكره في الصحابة فيمن اسمه معروف وذلك أنه وقع في السنن والسمند عن رجل من ثقيف كان يقال له معروفا أي يثني عليه وحديث ابن مسعود استغر به الترمذي‏.‏ وقال الدارقطني تفرد به زياد بن عبد اللّه عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عنه قال الحافظ وزياد مختلف في الأحتجاج به ومع ذلك فسماعه عن عطاء بعد الأختلاط‏.‏ وحديث أبي هريرة في في إسناده عبد الملك بن حسين النخعي الواسطي قال الجافظ ضعيف وفي الباب عن أنس عند البيهقي وفي إسناده بكر بن خنيس وهو ضعيف وذكر ابن أبي حاتم والدارقطني في العلل من حديث الحسن عن أنس ورجحا رواية من أرسله عن الحسن‏.‏

ـ وفي الباب ـ أيضا عن وحشي بن حرب عند الطبراني بإسناد ضعيف وعن ابن عباس عنده أيضا بإسناد كذلك‏.‏

الحديث فيه دليل على مشروعية الوليمة في اليوم الأول وهو من متمسكات من قال بالوجوب كما سلف وعدم كراهتها في اليوم الثاني لأنها معروف والمعروف ليس بمنكر ولا مكروه وكراهتها في اليوم الثالث لأن الشيء إذا كان للسمعة والرياء لم يكن حلالا‏.‏ قال النووي إذا أولم ثلاثا فالإجابة في اليوم الثالث مكروهة وفي الثاني لا تجب قطعا ولا يكون استحبابها فيه كاستحبابها في اليوم الأول انتهى‏.‏ وذهب بعض العلماء إلى الوجوب في اليوم الثاني وبعضهم إلى الكراهة وإلى كراهة الإجابة في اليوم الثالث ذهبت الشافعية والحنابلة والهادوية وأخرج ابن أبي شيبة من طريق حفصة بنت سيرين قالت لما تزوج أبي دعا الصحابة سبعة أيام فلما كان يوم الانصار دعا أبي بن كعب وزيد بن ثابت وغيرهما فكان أبي صائما فلما طعموا دعا أبي‏.‏ وأخرجه عبد الرزاق وقال فيه ثمانية أيام‏.‏ وقد ذهب إلى استحباب الدعوة إلى سبعة أيام المالكية كما حكى ذلك القاضي عياض عنهم وقد أشار البخاري إلى ترجيح هذا المذهب فقال باب إجابة الوليمة والدعوة ومن أولم سبعة أيام ولم يؤقت النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يوما ولا يومين انتهى ولا يخفى أن أحاديث الباب يقوى بعضها بعضا فتصلح للاحتجاج بها على أن الدعوة بعد اليومين مكروهة‏.‏

 باب من دُعي فرأى منكرا فلينكره وإلا فليرجع

1 - قد سبق قوله ‏(‏من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه‏)‏‏.‏

2 - وعن علي رضي اللّه عنه قال ‏(‏صنعت طعاما فدعوت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فجاء فرأى في البيت تصاوير فرجع‏)‏‏.‏

رواه ابن ماجه‏.‏

3 - وعن ابن عمر قال ‏(‏نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن مطعمين عن الجلوس على مائدة يشرب عليها الخمر وأن يأكل وهو منبطح‏)‏‏.‏

رواه أبو داود‏.‏

4 - وعن عمر قال ‏(‏سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يقول من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر ومن كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يدخل الحمام الا بازار ومن كانت تؤمن باللّه واليوم الآخر فلا دخل الحمام‏)‏‏.‏

رواه أحمد‏.‏ ورواه البخاري بمعناه من رواية جابر وقال حديث حسن غريب قال أحمد وقد خرج أبو أيوب حين دعاه ابن عمر فرأي البيت قد ستر ودعي حذيفة فخرج وإنما رأى شيئا من زي الأعاجم‏.‏ قال البخاري ورأى ابن مسعود صورة في البيت فرجع‏.‏

الحديث الأول الذي أشار المصنف إليه قد سبق في باب خطبة العيد وأحكامها من كتاب العيدين‏.‏ وحديث علي أخرجه ابن ماجه بإسناد رجاله رجال الصحيح وسياقه هكذا حدثنا أبو كريب قال حدثنا وكيع عن هشام الدستوائي عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن علي فذكره‏.‏ وتشهد له أحاديث قد تقدمت في الباب حكم مافيه صورة من الثياب من كتاب اللباس‏.‏ وحديث ابن عمر أخرجه أيضا النسائي والحاكم وهو من رواية جعفر بن برقان عن الزهري ولم يسمع منه وقد أعل الحديث بذلك أبو داود والنسائي وأبو حاتم ولكنه قد روى أحمد والنسائي والترمذي والحاكم عن جابر مرفوعا ‏(‏من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر‏)‏ وأخرجه أيضا الترمذي من طريق ليث بن أبي سليم عن طاوس عن جابر‏.‏ وهذا الحديث هو الذي أشار إليه المصنف وقد حسنه الترمذي وقال الحافظ جيد‏.‏ وأما الطريق الأخرى التي أنفرذ بها الترمذي فإسنادها ضعيف‏.‏ وأخرج نحوه البزار من حديث أبي سعيد والطبراني من حديث ابن عباس وعمران بن حصين‏.‏ وحديث عمر إسناده ضعيف كما قاله الحافظ في التلخيص وأثر أبي أيوب رواه البخاري في صحيحه معلقا بلفظ ‏(‏ودعا ابن عمر أبا أيوب فرأى في البيت سترا فقال غلبنا عليه النساء فقال من كنت أخشي عليه فلم أكن أخشى عليك واللّه لا أطعم لكم طعاما فرجع‏)‏ وقد وصله أحمد في كتاب الورع ومسدد في مسنده والطبراني وأثر ابن مسعود قال الحافظ كذا في رواية المستملى والأصيلي والقابسي‏.‏ وفي رواية الباقين أبو مسعود والأول تصحيف فيما أظن فأني لم أر الأثر المعلق الا عن أبي مسعود عقبة بن عمرو أخرجه البيهقي من طريق عدي بن ثابت عن خالد بن سعد عن أبي مسعود وسنده صحيح وخالد بن سعد هومولى أبي مسعود الأنصاري ولا أعرف له عن عبد اللّه بن مسعود رواية ويحتمل أن يكون ذلك وقع لعبد اللّه بن مسعود أضا لكن لم أقف عليه‏.‏ وأخرج أحمد في كتاب الزهد من طريق عبد اللّه بن عتبة قال ‏(‏دخل ابن عمر بيت رجل دعاه إلى عرس فإذا بيته قد ستر بالكرور فقال ابن عمر يافلان متى تحولت الكعبة في بيتك فقال لنفر معه من أصحاب محمد صلى اللّه عليه وآله وسلم ليهتك كل رجل ما يليه‏)‏‏.‏

وأحاديث الباب وآثاره فيها دليل على أنه لا يجوز الدخول في الدعوة يكون فيها منكر مما نهى اللّه ورسوله عنه لما في ذلك اظهار الرضا بها‏.‏ قال في الفتح وحاصله ان كان هناك محرم وقدر على إزالته فإزاله فلا بأس وإن لم يقدر فليرجع وإن كان مما يكره كراهة تنزيه فلا يخفى الورع‏.‏ قال وقد فصل العلماء في ذلك فإن كان هناك لهو مما اختلف فيه فيجوز الحضور والأولى الترك وإن كان هناك حرام كشرب الخمر نظر فإن كان المدعو ممن إذا حضر رفع لاجله فليحضر وان لم يكن كذلك ففيه للشافعية وجهان أحدهما يحضر وينكر بحسب قدرته وإن كان الأولى أن لا يحضر قال البيهقي وهو ظاهر نص الشافعي وعليه جرى العراقيون من أصحابه وقال صاحب الهداية من الحنفية لا بأس أن يقعد ويأكل إذا لم يقتدي به فإن كان ولم يقدر على منعهم فليخرج لما فيه من شين الدين وفتح باب المعصية وحكى عن أبي حنيفة أنه قعد وهو محمول على أنه وقع له ذلك قبل أن يصير مقتدى به قال وهذا كله بعد الحضور فإن علم قبله لم يلزمه الإجابة‏.‏ والوجه الثاني للشافعية تحريم الحضور لأنه كالرضا بالمنكر وصححه المروزي فإن لم يعلم حتى حضر فلينههم فإن لم ينتهوا فليخرج الا أن خاف على نفسه من ذلك وعلى ذلك جرى الحنابلة وكذا اعتبر المالكية في وجوب الأجاب أن لا يكون هناك منكر وكذلك الهادوية وحكى ابن بطال وغيره عن مالك أن الرجل إذا كان من أهل الهيبة لا ينبغي له أن يحضر موضعا فيه لهو أصلا ويؤيد منع الحضور حديث عمران بن حصين ‏(‏نهى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم عن إجابة طعام الفاسقين‏)‏ أخرجه الطبراني في الأوسط‏.‏

قوله ‏(‏فلا يدخل الحمام‏)‏ الخ قد تقدم الكلام على ذلك في باب ما جاء في دخول الحمام من كتاب الغسل‏.‏ قوله ‏(‏فرأى البيت قد ستر‏)‏ اختلف العلماء في حكم ستر البيوت والجدران فجزم جمهور الشافعية بالكراهة‏.‏ وصرح الشيخ نصر الدين المقدسي منهم بالتحريم واحتج بحديث عائشة عند مسلم ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال إن اللّه لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين وجذب الستر حتى هتكه‏)‏ قال البيهقي هذه اللفطة تدل على كراهة ستر الجدر وان كان في بعض الفاظ الحديث ان المنع كان بسبب الصورة وقال غيره ليس في السياق ما يدل على التحريم وإنما فيه نفي الأمر بذلك ونفي الأمر لا يستلزم ثبوت النهي لكن يمكن أن يحتج بفعله صلى اللّه عليه وآله وسلم في هتكه‏.‏ وقد جاء عن ستر الجدر صريحا منها في حديث ابن عباس عند أبي داود وغيره ‏(‏لا تستروا الجدر بالثياب‏)‏ وفي إسناده ضعيف وله شاهد مرسل عن علي بن الحسين أخرجه ابن وهب ثم البيهقي من طريقه وعند سعيد بن منصور من حديث سلمان موقوفا أنه أنكر ستر البيت وقال أمحموم بيتكم وتحولت الكعبة عندكم ثم قال لا أدخله حتى يهتك‏.‏ وأخرج الحاكم والبيهقي من حديث محمد بن كعب عن عبد اللّه بن يزيد الخطمي أنه رأى بيتا مستورا فقعد وبكى وذكر حديثا عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فيه ‏(‏كيف بكم إذا سترتم بيوتكم‏)‏ الحديث وأصله في النسائي‏.‏

 باب حجة من كره النثار والانتهاب منه

1 - عن زيد بن خالد ‏(‏أنه سمع النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ينهي عن النهبة والخلس‏)‏‏.‏

رواه أحمد‏.‏

2 - وعن عبد اللّه بن يزيد الأنصاري ‏(‏أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم نهى عن المثلة والنهبي‏)‏‏.‏

رواه أحمد والبخاري‏.‏

3 - وعن أنس ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال من انتهب فليس منا‏)‏‏.‏

رواه أحمد والترمذي وصححه وقد سبق من حديث عمران بن حصين مثله‏.‏

حديث زيد بن خالد قال في مجمع الزوائد أخرجه أحمد والطبراني وفي إسناده رجل لم يسم‏.‏ وحديث عمر ان قد تقدم وتقدم في شرحه الكلام عليه وعلى النثار‏.‏

ـ والحاصل ـ إن أحاديث النهي عن النهبي ثابتة عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم من طريق جماعة من الصحابة في الصحيح وغيره وهي تقتضي تحريم كل انتهاب ومن جملة ذلك انتهاب النثار ولم يأت ما يصلح لتخصيصه ولو صح حديث جابر الذي أورده الجويني وصححه وأورده الغزالي والقاضي حسين من الشافعية لكان مخصصا لعموم النهي عن النهبي ولكنه لم يثبت عند أئمة الحديث المعتبرين حتى قال الحافظ أنه لا يوجد ضعيفا فضلا عن صحيح والجويني وإن كان من أكابر العلماء فليس هو من علماء الحديث وكذلك الغزالي والقاضي حسين وإنما هم من الفقهاء الذي لا يميزون بين الموضوع وغيره كما يعرف ذلك من له أنسة بعلم السنة واطلاع على مؤلفات هؤلاء‏.‏ ولفظ حديث جابر عندهم ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم حضر في أملاك فأتى بأطباق فيها جوز ولوز فنثرت فقبضنا أيدينا فقال مال كم لا تأخذون فقالوا إنك نهيت عن النهبى فقال إنما نهيتكم عن نهبى العساكر خذوا على اسم اللّه فتجاذبناه‏)‏ ولكنه قد روى هذا الحديث البيهقي من حديث معاذ بن جبل بإسناد ضعيف منقطع ورواه الطبراني من حديث عائشة عن معاذ وفيه بشر بن إبراهيم المفلوح قال ابن عدي هو عندي ممن يضع الحديث وساقه العقيلي من طريقه ثم قال لا يثبت في الباب شيء وأورده ابن الجوزي في الموضوعات ورواه أيضا من حديث أنس وفي إسناده خالد بن اسمعيل قال ابن عدي يضع الحديث وقال غيره كذاب‏.‏ وقد روى ابن أبي شيبة في مصنفه عن الحسن والشعبي أنهما كانا لا يريان به بأسا وأخرج كراهيته‏.‏ عن ابن مسعود وإبراهيم النخعي وعكرمة قال في البحر فصل والنثار بضم النون وكسرها ما ينثر في النكاح أو غيره مسألة الحسن البصري في القاسم وأبو حنيفة وأبو عبيد وابن المنذر من أصحاب الشافعي وهو مباح إذ ما نثره مالكه إلا إباحة له ‏؟‏‏؟‏الأمام يحيى‏؟‏‏؟‏ ولا قول للّهادي فيه لا نصا ولا تخريجا عطاء وعكرمة وابن أبي ليلى وابن شبرمة ثم الشافعي ومالك بل يكره لمنافاته المروءة والوقار الصميري يندب ويكره الانتهاب لذلك قلت ندبهما لخير جابر انتهى‏.‏ وقد تقدم في باب من أذن في انتهاب أضحيته من أبواب الضحايا حديث جعله المصنف حجة لمن رخص في النثار‏.‏

 باب ما جاء في إجابة دعوة الختان

1 - عن الحسن قال ‏(‏دعي عثمان ابن أبي العاص إلى ختان فأبي أن يجيب فقيل له فقال انا كنا لا نأتي الختان على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ولاندعي له‏)‏‏.‏

رواه أحمد‏.‏

الأثر هو في مسند أحمد بإسناد لا مطعن فيه الا أن فيه ابن إسحاق وهوثقة ولكنه مدلس وقد أخرجه الطبراني في الكبير بإسناد أحم وأخرجه ايضا بإسند آخر في حمزة العطار وثقه ابن أبي حاتم وضعفه غيره‏.‏ وقد استدل به على عدم مشروعية إجابة وليمة الختان لقوله ‏(‏كنا لا نأتي الختان على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم‏)‏ وقد قدمنا إن مذهب الجمهور من الصحابة والتابعين وجوب الإجابة إلى سائر الولائم وهي على ما ذكره القاضي عياض والنووي ثمان‏.‏ الأعذار بعين مهملة وذال معجمة للختان‏.‏ والعقيقة للولادة‏.‏ والخرس بضم المعجمة وسكون الرء بعدها السين المهملة لسلامة المرأة من الطلق وقيل هو طعام الولادة‏.‏ والعقيقة مختص بيوم السابع‏.‏ والنقيعة لقدوم المسافر مشتقة من النقع وهو الغبار‏.‏ والوكيرة للمسكن المتجدد مأخوذ من الوكير وهو المأوى‏.‏ والمستقر والوضيمة‏.‏ بضاد معجمة لما يتخذ عند المصيبة‏.‏ والمأدبة لما يتخذ بلا سبب ودالها مضمومة ويجوز فتحها انتهى‏.‏ وقد زيد وليمة الاملاك وهو التزوج ووليمة الدخول وهو العرس وقل من غاير بينهما ومن الولائم الأحذاق بكسر الهمزة وسكون المهملة وتخفيف الذال المعجمة وآخره قاف الطعام الذي يتخذ عند حذق الصبي ذكره ابن الصباغ في الشامل وقال ابن الرفعة هو الذي يصنع عند ختم القرآن‏.‏ وذكر المحاملي في الولائم العتيرة بفتح المهملة ثم مثناة مكسورة وهي شاة تذبح في أول رجب وتعقب بأنها في معنى الأضحية فلامعنى لذكرها مع الولائم قيل ومن جملة الولائم تحفة الزائر‏.‏

 باب الدف واللّهو في النكاح

1 - عن محمد بن حاطب قال ‏(‏قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت في النكاح‏)‏‏.‏

رواه الخمسة إلا أبا داود‏.‏

2- وعن عائشة عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال أعلنوا هذا النكاح وأضربوا عليه بالغربال‏)‏ روه ابن ماجه‏.‏

3 - وعن عائشة ‏(‏أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم ما معكم من لهو فإن الأنصار يعجبهم اللّهو‏)‏‏.‏

رواه أحمد والبخاري‏.‏

4 - وعن عمرو بن يحيى المازني عن جده أبي حسن ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كان يكره نكاح السر تى يضرب بدف ويقال أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم‏)‏‏.‏

رواه عبد اللّه بن أحمد وفي المسند‏.‏

5 - وعن ابن عباس قال ‏(‏أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار فجاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فقال أهديتكم الفتاة قالوا نعم قال أرسلتم معها من يغني قالت لا فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم إن الأنصار قوم فيها غزل فلو بعثتم معها من يقول أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم‏)‏‏.‏

رواه ابن ماجه‏.‏

6 - وعن خالد بن ذكوان عن الربيع بنت معوذ قالت ‏(‏دخل على النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم غداة بني علي فجلس على فراشي كمجلسك مني وجويرات يضربن بالدف يندبن من قتل من آبائي يوم بدر حتى قالت إحداهن وفينا نبي يعلم ما في غد فقال النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لا تقولي هكذا وقولي كما كنت تقولين‏)‏‏.‏

رواه الجماعة إلا مسلما والنسائي‏.‏

حديث محمد بن حاطب حسنه الترمذي قال ومحمد بن حاطب قد رأي النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم وهو صغير وأخرجه الحاكم‏.‏ وحديث عائشة في إسناده خالد بن الياس وهو متروك وقد أخرجه أيضا الترمذي بلفظ ‏(‏قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أعلنوا هذا النكاح واجعلوه في المساجد واضربوا عليه بالدفوف‏)‏ قال الترمذي هذا حديث غريب وعيسى بن ميمون الأنصاري يضعف في الحديث وعيسى بن ميمون الذي يروي عن ابن أبي نجيح هو ثقة انتهى‏.‏ وقد روى الترمذي هذا الحديث من طريق الأول‏.‏ وأخرجه أيضا البيهقي وفي إسناده خالد بن الياس وهو منكر الحديث‏.‏ وحديث عمرو بن يحيى سياقه في سنن ابن ماجه هكذا حدثنا إسحاق بن منصور أخبرنا جعفر بن عون أخبرنا الأجلح عن أبي الزبير عن ابن عباس فذكره والأجلح وثقه ابن معين العجلي وضعفه النسائي وبقية رجال الإسناد رجال الصحيح يشهد له حديث ابن عباس المذكور‏:‏ وحديث ابن عباس في إسناده الحسين بن عبد اللّه بن ضميرة قال في مجمع الزوائد وهو متروك وأخرجه أيضا الطبراني وابو الشيخ‏.‏

ـ وفي الباب ـ عن عامر بن سعد قال دخلت على قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس ‏(‏وإذا جوار يغنين فقلت أي صاحبي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أهل بدر يفعل هذا عندكم فقالا أجلس إن شئت فاستمع معنا وإن شئت فأذهب فإنه قد رخص لنا اللّهو عند العرس‏)‏ أخرجه النسائي والحاكم وصححه وأخرج الطبراني من حديث السائب بن يزيد ‏(‏أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم رخص في ذلك‏)‏ قوله الدف والصوت أي ضرب الدف ورفع الصوت‏.‏ وفي ذلك دليل على أنه يجوز في النكاح ضرب الأدفاف ورفع الأصوات بشيء من الكلام نحو أتيناكم ونحوه لا بالأغاني المهيجة للشرور المشتملة على وصف الجمال والفجور ومعاقرة الخمور فإن ذلك يحرم في النكاح كما يحرم‏.‏ في غيره وكذلك سائر الملاهي المحرمة‏.‏ قال في البحر الأكثر وما يحرم من الملاهي في غير النكاح يحرم في لعموم النهي النخعي وغيره يباح في النكاح لقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم واضربوا عليه بالدفوف فيقاس المزمار وغيره قال قلنا هذا لا ينافي عموم قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم إنما نهيت عن صوتين أحمقين الخبر ونحوه فيحمل على ضربة غير ملهية قال الإمام يحيى دف الملاهي مدور جلده من رق أبيض ناعم في عرضه سلاسل يسمى الطار له صوت يطرب لحلاوة نغمته وهذا لا إشكال في تحريمه وتعلق النهي به وأما دف العرب فهو على شكل الغربال خلا أنه لا خروق فيه وطوله إلى أربعة أشباب فهو الذي أراده صلى اللّه عليه وآله وسلم لأنه المعهود حينئذ وقد حكى أبو طالب عن الهادي إنه محرم أيضا إذ هو آلة لهو وحكى المؤيد باللّه عن الهادي أنه يكره فقط وهو الذي في الأحكام‏.‏ وقال أبو العباس وأبو حنيفة وأصحابه بل مباح لقوله صلى اللّه عليه وآله وسلم اللّه واضربوا عليه بالدفوف وهذا هو الظاهر للأحاديث المذكورة في الباب بل لا يبعد أن يكون ذلك مندوبا ولأن ذلك أقل ما يفيده الأمر في قوله أعلنوا هذا النكاح الحديث ويؤيد ذلك ما في حديث المازني المذكور ان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم كان يكره نكاح السر حتى يضرب بدف‏:‏ قوله ‏(‏ما كان معكم لهو‏)‏ قال في الفتح في رواية شريك فقال فهل بعثتم جارية تضرب بالدف وتغني قلت تقول ماذا قال تقول‏:‏

أتيناكم أتيناكـــم ** فحيانا وحياكم

ولولا الذهب الأحم ** ر ماحلت بواديكم

ولولا الحنطة السمرا * ء ما سمنت عذاريكم

قوله ‏(‏بني على‏)‏ أي تزوج بي‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏كمجلسك‏)‏ بكسر اللام أي مكانك قال الكرماني هو محمول على أن ذلك كان من وراء حجاب أو كان قبل نزول الآية الحجاب أو عند الأمن من الفتنة قال الحافظ والذي صح لنا بالأدلة القوية أن من خصائصه صلى اللّه عليه وآله وسلم جواز الخلوة بالأجنبية والنظر إليها‏.‏ قال الكرماني ويجوز أن تكون الرواية كمجلسك بفتح اللام‏.‏ قوله ‏(‏يندبن‏)‏ من الندبة بضم النون وهي ذكر أوصاف الميت بالثناء عليه قال المهلب وفي هذا الحديث اعلان النكاح بالدف وبالغناء المباح وفي اقبال الامام إلى العرس وإن كان فيه لهو ما لم يخرج عن حد المباح وسيأتي الكلام في الغناء وآلات الملاهي مبسوطا في أبواب السبق إن شاء اللّه تعالى‏.‏

 باب الأوقات التي يستحب فيها البناء على النساء وما يقول إذا زفت إليه

1 - عن عائشة قالت ‏(‏تزوجني رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم في شوال وبني بي في شوال فأي نساء رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم وكان أحظى عنده مني وكانت عائشة تستحب أن يدخل نساؤها في شوال‏)‏‏.‏

رواه أحمد ومسلم والنسائي‏.‏

2 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال ‏(‏إذا افاد أحدكم امرأة أو خادما أو دابة فليأخذ بناصيتها وليقل اللّهم أي أسألك من خيرها وخير ما جبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ماجبلتها عليه‏)‏‏.‏

رواه ابن ماجه وأبو داود بمعناه‏.‏

حديث عمرو بن شعيب أخرجه أيضا النسائي وسكت عنه أبو داود ورجال إسناده إلى عمرو بن سعيد ثقات وقد تقدم اختلاف الأئمة في حديث عمرو بن شعيب ولفظه في سنن أبي داود ‏(‏إذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليقل اللّهم أني أسألك خيرها وخير ماجبلتها عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه وإذا اشترى بعيرا فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك‏)‏ وفي رواية ‏(‏ثم ليأخذ بناصيتهما‏)‏ يعني المرأة والخادم وليدع بالبركة‏.‏

ـ استدل ـ المصنف بحديث عائشة على استحباب البناء بالمرأة في شوال وهو إنما يدل على ذلك إذا تبين ان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قصد ذلك الوقت لخصوصية له لا توجد في غيره لا إذا كان وقوع ذلك منه صلى اللّه عليه وآله وسلم على طريق الأتفاق وكونه بعض أجزاء الزمان فإنه لا يدل على الأستحباب لأنه حكم شرعي يحتاج إلى دليل وقد تزوج صلى اللّه عليه وآله وسلم بنسائه في أوقات مختلفة على حسب الأتفاق ولم يتحر وقتا مخصوصا ولو كان مجرد الوقوع يفيد الأستحاب لكان كل وقت من الأوقات التي تزوج فيها النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يستحب البناء فيه وهو غير مسلم‏.‏ والحديث الثاني فيه استحباب الدعاء بما تضمنه الحديث عند تزوج المرأة وملك الخادم والدابة وهو دعاء جامع لأنه إذا لقي الإنسان الخير من زوجته أو خادمه أو دابته وجنب الشر من تلك الأمور كان في ذلك جلب النفع واندفاع الضرر‏:‏ قوله ‏(‏إذا أفاد أحدكم‏)‏ قال في القاموس أفدت المال استفدته وأعطيته انتهى والمراد هنا الأول‏.‏

 باب ما يكره من تزين النساء به ومالا يكره

1 - عن أسماء بنت أبي بكر قالت ‏(‏أتت النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم امرأة فقالت يا رسول اللّه ان لي ابنة عريسا وأنه أصحابها حصبة فتمرق شعرها أفاصله فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم لعن اللّه الواصلة والمستوصلة‏)‏‏.‏

متفق عليه متفق على مثله من حديث عائشة‏.‏

2 - وعن ابن عمر ‏(‏ان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم لعن الواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة‏)‏‏.‏

3 - عن ابن مسعود أنه قال ‏(‏لعن اللّه الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق اللّه تعالى وقال مالي لا ألعن من لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم‏)‏‏.‏

4 - وعن معاوية أنه قال ‏(‏وتناول قصة من شعر سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ينهي عن مثل هذه ويقول إنما هلكت بنو اسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم‏)‏‏.‏

متفق عليهن‏.‏

5 - وعن معاوية قال ‏(‏سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم قال أيما امرأة أدخلت في شعرها من شعر غيرها فإنما تدخله زورا‏)‏‏.‏

رواه أحمد‏.‏ وفي لفظ ‏(‏أيما امرأة زادت في شعرها شعرا ليس منه فإنه زور تزيد فيه‏)‏ رواه النسائي ومعناه متفق عليه‏.‏

6 - وعن ابن مسعود قال ‏(‏سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ينهي عن النامصة والواشرة والواصلة والواشمة الا من داء‏)‏‏.‏

7 - وعن عائشة قالت ‏(‏كان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يلعن القاشرة والمقشورة والواشمة والموشومة والواصلة والموصولة‏)‏‏.‏

رواهما أحمد والنامصة ناتفة الشعر من الوجه والواشرة التي تشر الأسنان حتى تكون لها أشر أي تحدد ورقة تفعله المرأة الكبيرة تتشبه بالحديثة السن والواشمة التي تغرز من اليد بارة ظهر الكف والمعصم ثم تحشى بالكحل أو بالنؤر وهو دخان الشحم حتى يخضر والمنتمصة والمؤتشرة والمستوشمة اللاتي يفعل بهن ذلك بأذنهن وأما القاشرة والمقشورة فقال أبو عبيد نراه أراد هذه الغمرة التي يعالج بها النساء وجوههن حتى ينسحق أعلى الجلد ويبدو ما تحته من البشرة وهو شبيه بما جاء في النامصة‏.‏

حديث عائشة الثاني قال في مجمع الزوائد وفيه من لم أعرفه من النساء‏.‏

ـ وفي الباب ـ عن ابن عباس قال ‏(‏لعنت الواصلة والمستوصلة والنامصة والمنتمصة والواشمة والمستوشمة غير داء‏)‏ أخرجه أبو داود وعن جابر عند مسلم ‏(‏زجر رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم المرأة أن تصل شعرها بشيء‏)‏ وعن معقل بن يسار عند أحمد والطبراني‏.‏ وعن أبي أمامة عند الطبراني بإسناد صحيح‏.‏ وعن ابن عباس أيضا حديث آخر عند الطبراني‏.‏

قوله ‏(‏عريسا‏)‏ بضم العين وفتح الراء وتشديد الياء المكسورة تصغير عروس والعروس يقع على المرأة والرجل في وقت الدخول‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏حصبة‏)‏ بفتح الحاء واسكان الصاد المهملتين ويقال أيضا بفتح الصاد وكسرها ثلاث لغات حكاهن جماعة والاسكان أشهر وهي بئر تخرج في الجلد تقول منه حصب جلده بكسر الصاد يحصب‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏فتمرق‏)‏ بالراء المهملة بمعنى تساقط هكذا حكى القاضي عياض في المشارق عن جمهور الرواة وحكى عن جماعة من رواة صحيح مسلم أنه بالزاي قال وهذا وإن كان قريبا من معنى الأول ولكنه لا يستعمل في الشعر في حال المرض قوله‏:‏ الواصلة هي التي تصل شعر امرأة بشعر امرآة أخرى لتكثر به شعر المرأة والمستوصلة هي التي تستدعي أن يفعل بها ذلك ويقال لها موصولة كما في الرواية الأخرى والواشمة فاعلة الوشم وهو أن يغرز في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة حتى يسيل الدم ثم يحشي ذلك الموضع بالكحل أو النؤر فيخضر ذلك الموضع وهو مما تستحسنه الفساق والنؤر الذي ذكره المصنف قال المصنف قال في القاموس كصبور وهو دخان الشحم كما ذكر وقد يطلق على أشياء أخر كما في القاموس وقد يكون الوشم بدارات ونقوش وقد يكثر وقد يقلل والوصل حرام لأن اللعن لا يكون على أمر غير محرم قال النووي وهذا هو الظاهر المختار قال وقد فصله أصحابنا فقالوا إن وصلت شعرها بشعر آدمي فهو حرام بلا خلاف وسواء كان شعر رجل أو امرأة وسواء شعر المحرم والزوج وغيرهما بلا خلاف لعموم الأدلة ولأنه يحرم الأنتفاع بشعر الآدمي وسائر اجزائه لكرامته بل يدفن شعره وظفره وسائر أجزائه وان وصلته بشعر غير آدمي فإن كان شعرا نجسا وهو شعر الميتة وشعر مالا يؤكل لحمه إذا انفصل في حياته فهو حرام أيضا للحديث ولأنه حمل نجاسة في صلاتها وغيرها عمدا وسواء في هذين النوعين المزوجة وغيرها من النساء والرجال وأما الشعر الطاهر من غير الآدمي فإن لم يكن لها زوج ولا سيد فهو حرام أيضا وان كان فثلاثة أوجه أحدها لا يجوز لظاهر الأحاديث والثاني يجوز وأصحها عندهم إن فعلته بأذن الزوج أو السيد جاز ولا فهو حرام انتهى وقال القاضي عياض اختلف العلماء في المسألة فقال مالك والطبري وكثيرون أو الأكثرون الوصل ممنوع بكل شيء سواء وصلته بشعر أو صوف أو خرق واحتجوا بحديث جابر أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم زجر أن تصل المرأة برأسها شيئا‏.‏ وقال الليث بن سعد النهي مختص الوصل بالشعر ولا بأس بوصله بصوف وخرق وغيرهما‏.‏ وقال الإمام المهدي أن وصل شعر النساء بشعر الغنم لا وجه لتحريمه ويرده عموم حديث جابر المذكور فإنه شامل للشعر والصوف والوبر وغيرها‏.‏ وحكى النووي عن عائشة أنه يجوز الوصل مطلقا قال ولا يصح عنها بل الصحيح عنها كقول الجمهور‏.‏ قال القاضي عياض فأما ربط خيوط الحرير الملونة ونحوها مما لا يشبه الشعر فليس بمنهي عنه لأنه ليس بوصل ولا هو في معنى مقصود الوصل وإنما هو للتجمل والتحسين ويجاب بأن يخصيص عموم حديث جابر لا يكون الا لدليل فما هو وذهبت الهادوية إلى جواز الوصل بشعر المحرم ويجاب بأن تحريم مطلق الوصل يستلزم تحريم الوصل بشعر المحرم وكذلك عموم حديث جابر وحديث معاوية وقال الإمام يحيى إنما يحرم على غير ذوات الأزواج ويجاب بحديث أسماء المذكور فإنه مصرح بأن الوصل فيه للعروس ولم يجزء صلى اللّه عليه وآله وسلم فهو حرام أيضا لما تقدم‏.‏

قال أصحاب الشافعي هذا الموضع الذي وشم يصير نجسا فإن أمكن إزالته بالعلاج وجب إزالته وإن لم يكن الا بالجرح فإن خافت منه التلف أو فوات عضو أو منفعته أو شيئا فاحشا في عضو ظاهر لم تجب إزالته وإذا تابت لم يبق عليها أثم وإن لم تخف شيئا من شيء ونحوه لزمها إزالته وتعصى بتأخيره وسواء في هذا كله الرجل والمرأة‏.‏ قوله ‏(‏والمتنمصات‏)‏ بالتاء الفوقية ثم النون ثم الصاد المهملة جمع متنمصة وهي التي تستدعي نتف الشعر من وجهها ويروى بتقديم النون على التاء قال النووي والمشهور تأخيرها والنامصة المزيلة له من نفسها أو من غيرها وهو حرام قال النووي وغيره الا إذا نبت للمرأة لحية أو شوارب فلا تحرم إزالتها بل تستحب وقال ابن جرير لا يجوز حلق لحيتها ولا عنفقتها ولا شاربها‏.‏ قوله ‏(‏والمتفلجات‏)‏ بالفاء والجيم جمع متفلجة وهي التي تبرد ما بين أسنانها الثنايا والرباعيات وهو من الفلج بفتح الفاء واللام وهو الفرجة بين الثنايا والرباعيات تفعل ذلك العجوز ومن قاربها في السن اظهارا للصغر وحسن الأسنان لان هذه الفرجة اللطيفة بين الأسنان تكون للبنات الصغائر فإذا عجزت المرأة كبرت سنها فتبردها بالمبرد لتصير لطيفة حسنة المنظر وتوهم كونها صغيرة‏.‏ قال النووي ويقال له الوشر وهذا الفعل حرام على الفاعلة والمفعول بها‏.‏ قوله ‏(‏قصة‏)‏ بضم القاف وتشديد الصاد المهملة وهو القطعة من الشعر من قصصت الشعر أي قطعته‏.‏ قال الأصمعي وغيره وهو شعر مقدم الرأس المقبل على الجبهة وقيل شعر الناصية‏.‏ قوله ‏(‏عن مثل هذه‏)‏ أي عن التزين بمثل هذه القصة من الشعر‏.‏ قوله ‏(‏إنما هلكت بنو اسرائيل‏)‏ الخ هذا تهديد شديد لأن كون مثل هذا الذنب كان سببا لهلاك مثل تلك الأمة يدل على أنه من أشد الذنوب قال القاضي عياض قيل يحتمل أنه كان محرما عليهم فعوقبوا باستعماله وهلكوا بسببه وقيل يحتمل أن ذلك الهلاك كان به وبغيره مما ارتكبوه من المعاصي فعند ظهور ذلك فيهم هلكوا وفيه معاقبة العامة بظهور المنكر انتهى‏.‏ قوله ‏(‏الا من داء‏)‏ ظاهره ان التحريم المذكور وإنما هو فيما إذا كان القصد التحسين لا لداء وعلة فإنه ليس بمحرم وظاهر قوله المغيرات خلق اللّه أنه لا يجوز تغيير شيء من الخلقة عن الصفة التي هي عليها‏.‏ قال أبو جعفر الطبري في هذا الحديث دليل على أنه لا يجوز تغيير شيء مما خلق اللّه المرأة عليه بزيادة أو نقص التماسا للتحسين لزوج أو غيره كما لوكان لها سن زائدة أو عضو زائد فلا يجوز لها قطعه ولا نزعه لأنه من تغيير خلق اللّه وهكذا لو كان لها أسنان طوال فأرادت تقطيع أطرافها وهكذا قال القاضي عياض وزاد أن تكون هذه الزوائد مؤلمة وتتضرر بها فلا بأس بنزعها قيل وهذا إنما هو في التغيير الذي يكون باقيا فأما ما لا يكون باقيا كالكحل ونحوه من الخضابات فقد أجازه مالك وغيره من العلماء‏.‏ وقوله ‏(‏هذه الغمرة‏)‏ بفتح الغين المعجمة وسكون الميم بعدها راء طلاء من الورس وفي القاموس في مادة الغمر وبالضم الزعفران كالغمرة‏.‏

8 - وعن عائشة قالت ‏(‏كانت امرأة عثمان بن مظعون تخضب وتطيب فتركته فدخلت علي فقلت أمشهد أم مغيب فقالت مشهد قالت عثمان لا يريد الدنيا ولا يريد النساء قالت عائشة فدخل عليّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم فأخبرته بذلك فلقى عثمان فقال يا عثمان تؤمن بما نؤمن به قال نعم يا رسول اللّه قال قال فأسوة مالك بنا‏)‏‏.‏

9 - وعن كريمة بنت همام قالت ‏(‏دخلت المسجد الحرام فأخلوه لعائشة فسألتها امرأة ما تقولين يا أم المؤمنين في الحناء فقالت كان حبيبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يعجبه لونه ويكره ريحه وليس بمحرم عليكن بين كل حيضتين أو عند كل حيضة‏)‏‏.‏

رواها أحمد‏.‏

10 - وعن أنس قال ‏(‏لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال‏)‏ وفي رواية ‏(‏لعن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وقال أخرجوهم من بيوتكم فأخرج النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فلانة وأخرج عمر فلانا‏)‏‏.‏

رواهما أحمد والبخاري‏.‏

حديث عائشة الأول أخرجه أحمد من طرق مختلفة متعددة هذه المذكورة هنا أحدها قال في مجمع الزوائد وأسانيد أحمد رجالها ثقات وقد تقدم ما يشهد له في أول كتاب النكاح وحديثها الثاني أيضا تقدم ما يشهد له في كتاب الطهارة‏.‏ قوله‏:‏ ‏(‏أمشهد أم مغيب‏)‏ أو أزوجك شاهد أم غائب والمراد أن ترك الخضاب والطيب إن كان لأجل غيبة الزوج فذاك وإن كان لأمر آخر مع حضوره فما هو فأخبرتها إن زوجها لا حاجة له بالنساء فهي في حكم من لا زوج لها واستنكار عائشة عليها ترك الخضاب والطيب يشعر بأن ذوات الأزواج يحسن منهن التزين للأزواج بذلك وكذلك قوله في الحديث الآخر وليس بمحرم عليكن بين كل حيضتين يدل على أنه لا بأس بالأختضاب بالحناء وقد تقدم الكلام في الخضاب في الطهارة وقد ذكر في البحر أنه يستحب الخضاب للنساء‏.‏ قوله ‏(‏لعن اللّه المتشبهين من الرجال‏)‏ الخ فيه دليل على أنه يحرم على الرجال التشبه بالنساء وعلى النساء التشبه بالرجال في الكلام واللباس والمشي وغير ذلك والمترجلات من النساء المتشبهات بالرجال وقد تقدم الكلام على المخنثين ضبطا وتفسيرا وذكر من أخرجه النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم منهم‏.‏ وقد أخرج أبو داود من حديث أبي هريرة قال ‏(‏أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم بمخنث قد خضب يديه ورجليه بالحناء فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ما بال هذا قالوا يتشبه بالنساء فأمر به فنفي إلى النقيع بالنون فقيل يا رسول اللّه الا تقتله‏:‏ فقال أني نهيت أن أقتل المصلين‏)‏ وروى البيهقي أن أبا بكر خرج مخنثا وأخرج عمر واحدا وأخرج الطبراني من حديث وائلة بن الأسقع أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم أخرج الخنيث‏.‏