فصل: فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



الحَدِيث الرَّابِع: فِي وصف كَلَام النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا نذر وَلَا هذر.
قلت هُوَ فِي حَدِيث أم معبد وَقد تقدم بِطرقِهِ فِي سُورَة الْأَعْرَاف.
وَقَالُوا فِي تَفْسِير هَذَا إِن مَعْنَاهُ لَيْسَ فِيهِ اخْتِصَار مخل وَلَا تَطْوِيل مُمل بل هُوَ وسط لَيْسَ بِقَلِيل وَلَا كثير.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي كتاب الْأَدَب من حَدِيث عَائِشَة قَالَت كَانَ كَلَام رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فصلا يفهمهُ من سَمعه. انتهى.
قَوْله عَن سعيد بن الْمسيب والْحَارث الْأَعْوَر عَن عَلّي بن أبي طَالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه أَنه قَالَ من حَدثكُمْ بِحَدِيث دَاوُد عَلَى مَا يَرْوُونَهُ الْقصاص جلدته مائَة وَسِتِّينَ جلدَة وَهُوَ حد الْفِرْيَة عَلَى الْأَنْبِيَاء صلوَات الله وَسَلَامه عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ.
الحَدِيث الْخَامِس: عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «من سره أَن يقوم لَهُ النَّاس صُفُونا فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار». قلت غَرِيب.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَب وَالتِّرْمِذِيّ فِي الاسْتِئْذَان من حَدِيث لَاحق بن حميد أبي مجلز أَن مُعَاوِيَة بن أبي سُفْيَان دخل بَيْتا فِيهِ ابْن عَامر وَابْن الزُّبَيْر فَقَامَ ابْن عَامر وَجلسَ ابْن الزُّبَيْر فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَة اجْلِسْ فَإِنِّي سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول «من سره أَن يتَمَثَّل لَهُ النَّاس قيَاما فَليَتَبَوَّأ مَقْعَده من النَّار» انتهى.
وَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه وَزَاد فِيهِ من سره أَن يتَمَثَّل لَهُ النَّاس قيَاما إِذا جَاءَ مُقبلا فَليَتَبَوَّأ. الحَدِيث.
وَرَوَى أَبُو عبيد الْقَاسِم بن سَلام فِي غَرِيب الحَدِيث ثَنَا هشيم أَنا الْعَوام ابْن حَوْشَب عَن عزْرَة بن الْحَارِث عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ كُنَّا إِذا صلينَا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرفع رَأسه قمنا مَعَه صُفُوفا فَإِذا سجد تَبِعْنَاهُ انْتَهَى قَالَ وَلِلنَّاسِ فِي تَفْسِير الصَّافِن وَجْهَان فَمنهمْ من قَالَ كل صَاف قَدَمَيْهِ قَائِما فَهُوَ صَافِن وَالْقَوْل الآخر إِن الصَّافِن من الْخَيل الَّذِي قلب أحد حَوَافِرِهِ وَقَامَ عَلَى ثَلَاث قَوَائِم وَمِنْه قِرَاءَة عبد الله بن مَسْعُود {واذْكُرُوا اسْم الله عَلَيْهَا صَوَافِن.}
الحَدِيث السَّادِس: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «الْخَيل مَعْقُود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر إِلَى يَوْم الْقِيَامَة».
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي الْجِهَاد من حَدِيث مَالك عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذكره.
قَالَ التِّرْمِذِيّ وَفقه هَذَا الحَدِيث أَن الْجِهَاد قَائِم مَعَ كل إِمَام إِلَى يَوْم الْقِيَامَة. انتهى.
وَأَخْرَجَاهُ عَن عُرْوَة بن الْجَعْد الْبَارِقي مَرْفُوعا بِنَحْوِهِ وَبِزِيَادَة الْأجر وَالْغنيمَة.
وَأخرجه مُسلم عَن جرير بِنَحْوِ حَدِيث عُرْوَة سَوَاء.
الحَدِيث السَّابِع: قَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي زيد الْخَيل حِين وَفد عَلَيْهِ وَأسلم «مَا وصف لي رجل فرأيته إِلَّا كَانَ دون مَا بَلغنِي إِلَّا زيد الْخَيل» وَسَماهُ زيد الْخَيْر.
قلت رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي دَلَائِل النُّبُوَّة فِي بَاب الْوُفُود فِي بَاب وَفد طَيئ أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ ثَنَا أَبُو الْعَبَّاس مُحَمَّد بن يَعْقُوب ثَنَا أَحْمد بن عبد الْجَبَّار ثَنَا يُونُس عَن ابْن إِسْحَاق قَالَ قدم عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفد طَيئ مِنْهُم زيد الْخَيل فَلَمَّا انْتَهوا إِلَيْهِ كَلمُوهُ وَعرض عَلَيْهِم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْإِسْلَام فأسلموا وَحسن إسْلَامهمْ فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا ذكر لي رجل من الْعَرَب بِفضل ثمَّ جَاءَنِي إِلَّا رَأَيْته دون مَا يُقَال لي مِنْهُ إِلَّا زيد الْخَيل» ثمَّ سَمَّاهُ زيد الْخَيْر الحَدِيث بِطُولِهِ.
وَرَوَاهُ ابْن سعد فِي الطَّبَقَات فِي ذكر الْوُفُود أخبرنَا مُحَمَّد بن عمر يَعْنِي الْوَاقِدِيّ ثني أَبُو بكر بن عبد الله أبي سُبْرَة عَن أبي عُوَيْمِر الطَّائِي وَكَانَ يَتِيم الزُّهْرِيّ قَالَ وَحدثنَا هِشَام بن مُحَمَّد بن السَّائِب الْكَلْبِيّ ثَنَا عباد الطَّائِي عَن أَشْيَاخهم قَالُوا قدم وَفد طَيء عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَمْسَة عشر رجلا رَأْسهمْ زيد الْخَيل عَلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعرض عَلَيْهِم الْإِسْلَام فاسلموا وَأَجَازَهُمْ بِخَمْسَة أَوَاقٍ فضَّة لكل رجل مِنْهُم فَأعْطَى زيد الْخَيل اثْنَتَيْ عشر أوقيه وَنَشَأ وَقَالَ «مَا ذكر لي رجل» إِلَى آخر لفظ الْبَيْهَقِيّ.
قوله: وَسَأَلَ رجل بِلَال رَضِيَ اللَّهُ عَنْه عَن قوم يَسْتَبقُونَ من السَّابِق فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ الرجل أردْت الْخَيل قَالَ وَأَنا أردْت الْخَيْر.
قلت رَوَاهُ إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ فِي كِتَابه حَدثنَا ابْن عَائِشَة عَن أبي عوَانَة عَن مُغيرَة عَن الشّعبِيّ قَالَ كَانَ رهان فَقَالَ رجل لِبلَال من سبق قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَمن صَلَّى قَالَ أَبُو بكر قَالَ إِنَّمَا أَعنِي فِي الْخَيل قَالَ وَأَنا أَعنِي فِي الْخَيْر انْتَهَى ذكره فِي بَاب صَلَّى قَالَ وَالْمُصَلي الَّذِي يَجِيء عَلَى أثر السَّابِق انْتَهَى كَلَامه.
الحَدِيث الثَّامِن: رُوِيَ عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ «قَالَ سُلَيْمَان لأطوفن اللَّيْلَة عَلَى سبعين امْرَأَة تَأتي كل وَاحِدَة بِفَارِس يُجَاهد فِي سَبِيل الله وَلم يقل إِن شَاءَ الله فَطَافَ عَلَيْهِنَّ فَلم تحمل إِلَّا امْرَأَة وَاحِدَة جَاءَت بشق رجل وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَو قَالَ إِن شَاءَ الله لَجَاهَدُوا فِي سَبِيل الله فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ».
قلت رَوَاهُ البُخَارِيّ وَمُسلم فِي كتاب الْإِيمَان من حَدِيث أبي الزِّنَاد عَن الْأَعْرَج عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «قَالَ سُلَيْمَان بن دَاوُد لأطوفن اللَّيْلَة عَلَى سبعين امْرَأَة كُلهنَّ يَأْتِين بِفَارِس يُجَاهد فِي سَبِيل الله فَقَالَ لَهُ صَاحبه قل إِن شَاءَ الله فَلم يقل إِن شَاءَ الله فَلم تحمل مِنْهُنَّ إِلَّا امْرَأَة جَاءَت بشق رجل وَايْم الَّذِي نَفْس مُحَمَّد بِيَدِهِ لَو قَالَ إِن شَاءَ الله لَجَاهَدُوا فِي سَبِيل الله فُرْسَانًا أَجْمَعُونَ» انتهى.
وَرَوَاهُ البُخَارِيّ فِي بَدْء الْخلق فِي بَاب قَوْله تَعَالَى {وَوَهَبْنَا لداود سُلَيْمَان} وَقَالَ فِي آخِره قَالَ شُعَيْب وَابْن أبي الزِّنَاد تسعين امْرَأَة وَهُوَ أصح. انتهى.
قوله: وَأما مَا يُحْكَى من حَدِيث الْخَاتم والشيطان وَعبادَة الوثن فِي بَيت سُلَيْمَان فَالله أعلم بِصِحَّتِهِ ثمَّ ذكره.
قلت رَوَى ابْن أبي حَاتِم فِي تَفْسِيره من حَدِيث ابْن عَبَّاس فَذكر حَدِيث الْخَاتم والشيطان قَرِيبا مِمَّا حَكَاهُ المُصَنّف.
وَذكره ابْن كثير فِي تَفْسِيره وَقَالَ إِسْنَاده قوي وَكَأَنَّهُ مِمَّا تَلقاهُ ابْن عَبَّاس من أهل الْكتاب إِن صَحَّ عَنْهُم وَفِيهِمْ طَائِفَة لَا يَعْتَقِدُونَ نبوة سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام فَالظَّاهِر أَنهم يكذبُون عَلَيْهِ وَفِيه مُنكرَات من أَشدّهَا ذكر النِّسَاء وَالْمَشْهُور عَن مُجَاهِد وَغَيره من أَئِمَّة السّلف أَن ذَلِك الجني لم يُسَلط عَلَى نسَاء سُلَيْمَان بل عَصَمَهُنَّ الله مِنْهُ تَشْرِيفًا لنَبيه عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ وَقد رويت هَذِه الْقِصَّة عَن سعيد بن الْمسيب وَزيد بن أسلم وَجَمَاعَة من السّلف وَكلهَا مُتَلَقَّاة من قصَص أهل الْكتاب.
قلت رَوَى النَّسَائِيّ فِي التَّفْسِير عِنْد قَوْله تَعَالَى {وَمَا كفر سُلَيْمَان وَلَكِن الشَّيَاطِين كفرُوا} أخبرنَا مُحَمَّد بن الْعَلَاء ثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة ثَنَا الْأَعْمَش عَن الْمنْهَال ابْن عَمْرو عَن سعيد بن جُبَير عَن ابْن عَبَّاس قَالَ كَانَ الَّذِي أصَاب أَصْحَاب سُلَيْمَان ابْن دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام بِسَبَب امْرَأَة من أَهله يُقَال لَهَا جَرَادَة وَكَانَت أحب نِسَائِهِ إِلَيْهِ وَكَانَ إِذا أَرَادَ أَن يَأْتِي نِسَاءَهُ أَو يدْخل الْخَلَاء أَعْطَاهَا الْخَاتم فجَاء نَاس من أهل جَرَادَة يُخَاصِمُونَ قوما إِلَى سُلَيْمَان فَكَانَ هوى سُلَيْمَان أَن يكون الْحق لأهل جَرَادَة فَيَقْضِي لَهُم فَعُوقِبَ إِذْ لم يكن هَوَاهُ عَلَيْهِم وَإِنَّمَا أَرَادَ الله أَن يَبْتَلِيه دخل الْخَلَاء وَأَعْطَاهَا الْخَاتم فجَاء الشَّيْطَان فِي سُورَة سُلَيْمَان وَقَالَ لَهَا هَاتِي خَاتمِي فَدَفَعته إِلَيْهِ فَلَمَّا لبسه دَانَتْ لَهُ الشَّيَاطِين وَالْإِنْس وَالْجِنّ وكل شَيْء فَجَاءَهَا سُلَيْمَان فَطلب مِنْهَا الْخَاتم فَقَالَت لَهُ اخْرُج لست بِسُلَيْمَان قَالَ سُلَيْمَان إِن ذَلِك أَمر الله أَبْتَلِي بِهِ فَخرج فَجعل كلما قَالَ أَنا سُلَيْمَان رَجَمُوهُ حَتَّى يدمون عقبه وَمكث هَذَا الشَّيْطَان فيهم مُقيما ينْكح نِسَاءَهُ وَيَقْضِي بَينهم وَانْطَلَقت الشَّيَاطِين فَكَتَبُوا كتبا فِيهَا سحر وَكفر وَدَفَنُوهَا تَحت كرْسِي سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام ثمَّ أَثَارُوهَا وَقَالُوا كَانَ سُلَيْمَان يفتن بِهَذَا الْأنس وَالْجِنّ قَالَ فَأكفر النَّاس سُلَيْمَان حَتَّى بعث الله مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأنْزِل الله عَلَيْهِ وَمَا كفر سُلَيْمَان وَلَكِن الشَّيَاطِين كفرُوا وَلما أنكر النَّاس من أَمر سُلَيْمَان وَأَرَادَ الله أَن يرد عَلَيْهِ ملكه جَاءُوا إِلَى نِسَائِهِ فَسْأَلُوهُنَّ فَقُلْنَ إِنَّه ليَأْتِينَا وَنحن حيض وَمَا كَانَ يأتينا قيل ذَلِك فَلَمَّا رَأَى الشَّيْطَان أَنه حضر هَلَاكه هرب وَألقَى الْخَاتم فِي الْبَحْر فَتَلَقَّتْهُ سَمَكَة وَخرج سُلَيْمَان يحمل عَلَى سَاحل بَحر فَحمل لرجل سمكًا بِسَمَكَةٍ مِنْهُ فَلَمَّا بلغ بِهِ أعطَاهُ السَّمَكَة الَّتِي فِي بَطنهَا الْخَاتم فَذهب بهَا فشق بَطنهَا يُرِيد أَن يشويها فَإِذا الْخَاتم فِيهَا فَلَمَّا لبسه أقبل إِلَيْهِ الْإِنْس وَالْجِنّ وَالشَّيَاطِين وَأرْسل فِي طلب الشَّيْطَان فَجعلُوا لَا يطيقُونَهُ حَتَّى احْتَالُوا عَلَيْهِ فوجدوه نَائِما قد سكر فَأَخَذُوهُ وَجَاءُوا بِهِ إِلَى سُلَيْمَان فَأمر بتخت من رُخَام فَنقرَ ثمَّ أدخلهُ فِي جَوْفه ثمَّ سَده بِالنُّحَاسِ ثمَّ أَمر بِهِ فَطرح فِي الْبَحْر. انتهى.
الحَدِيث التَّاسِع: عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه أَتَى بِمَخْدَعٍ قد خبث بِأُمِّهِ فَقَالَ «خُذُوا عثْكَالًا فِيهِ مائَة شِمْرَاخ فَاضْرِبُوهُ بهَا ضَرْبَة».
قلت رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَابْن ماجة فِي سنَنَيْهِمَا الأول فِي الرَّجْم وَالثَّانِي فِي الْحُدُود من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق عَن يَعْقُوب بن عبد الله بن الْأَشَج عَن أبي أُمَامَة سهل بن حنيف عَن سعيد بن سعد بن عبَادَة قَالَ كَانَ بَين أَبْيَاتنَا رجل ضَعِيف مُخْدج فَلم يرع الْحَيّ إِلَّا وَهُوَ عَلَى أمة من إمَائِهِمْ يخْبث بهَا قَالَ ذَلِك سعد بن عبَادَة لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ «اضْرِبُوهُ حَده» قَالُوا يَا رَسُول الله هُوَ أَضْعَف من ذَلِك لَو ضَرَبْنَاهُ مائَة قَتَلْنَاهُ فَقَالَ «خُذُوا لَهُ عثْكَالًا فِيهِ مائَة شِمْرَاخ فَاضْرِبُوهُ بِهِ ضَرْبَة وَاحِدَة» قَالَ فَفَعَلُوا. انتهى.
وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَحْمد وَابْن أبي شيبَة وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَالْبَزَّار فِي مسانيدهم. وَمن طَرِيق ابْن أبي شيبَة رَوَاهُ الطَّبَرَانِيّ فِي مُعْجَمه.
قَالَ الْبَزَّار وَلَا نعلم أسْند سعيد بن سعد إِلَّا هَذَا الحَدِيث وَقد اخْتلف فِيهِ عَلَى أبي أُمَامَة فَرَوَاهُ ابْن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن أبي أُمَامَة مُرْسلا وَرَوَاهُ دَاوُد بن مهْرَان عَن ابْن عُيَيْنَة عَن أبي الزِّنَاد عَن أبي أُمَامَة عَن الْخُدْرِيّ وَرَوَاهُ إِسْحَاق بن رَاشد عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي أُمَامَة عَن أَبِيه وَغير إِسْحَاق يرويهِ عَن الزُّهْرِيّ عَن أبي أُمَامَة بن سهل مُرْسلا انْتَهَى كَلَامه.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي سنَنه فِي الْحُدُود من حَدِيث أبي أُمَامَة بن سهل بن حنيف أَنه أخبرهُ بعض أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذكره باخْتلَاف لفظ.
الحَدِيث الْعَاشِر: عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ «لِلْمُتَكَلِّفِ ثَلَاث عَلَامَات يُنَازع من فَوْقه وَيَتَعَاطَى مَا لَا ينَال وَيَقُول مَا لَا يعلم».
قلت رَوَاهُ الثَّعْلَبِيّ فِي تَفْسِيره أخبرنَا الْحسن بن مُحَمَّد بن الْحُسَيْن الدينَوَرِي ثَنَا أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِسْحَاق السّني ثَنَا أَحْمد بن عُمَيْر بن يُوسُف ثَنَا مُحَمَّد ابْن عَوْف ثَنَا مُحَمَّد بن الصفي ثَنَا حَيْوَة بن شُرَيْح بن يزِيد ثَنَا أَرْطَاة بن الْمُنْذر.
عَن ضَمرَة بن حبيب عَن سَلمَة بن نفَيْل قَالَ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لِلْمُتَكَلِّفِ ثَلَاث عَلَامَات» إِلَى آخِره.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي شعب الْإِيمَان فِي الْبَاب الثَّالِث وَالثَّلَاثِينَ من كَلَام أَرْطَاة ابْن الْمُنْذر فَقَالَ أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ أَنا أَبُو بكر مُحَمَّد بن عَلّي الْفَقِيه الإِمَام الشَّاشِي ثَنَا أَبُو بكر بن أبي دَاوُد ثَنَا كثير بن عبيد ثَنَا بَقِيَّة بن الْوَلِيد عَن أَرْطَاة بن الْمُنْذر قَالَ آيَة الْمُتَكَلف ثَلَاث إِلَى آخِره إِلَّا أَنه قَالَ وَيتَكَلَّم فِيمَا لَا يعلم.
وَرَوَاهُ أَبُو نعيم فِي كتاب الْحِلْية من كَلَام وهب بن مُنَبّه بِسَنَدِهِ إِلَيْهِ.
الحَدِيث الْحَادِي عشر: عَن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «من قَرَأَ سُورَة ص كَانَ لَهُ بِوَزْن كل جبل سَخَّرَهُ الله لداود عَلَيْهِ السَّلَام عشر حَسَنَات وَعَصَمَهُ أَن يصر عَلَى ذَنْب صَغِير أَو كَبِير».
قلت ذكره الثَّعْلَبِيّ عَن أبي بن كَعْب عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من غير سَنَد.
وَرَوَاهُ ابْن مرْدَوَيْه فِي تَفْسِيره بسنديه الْمُتَقَدِّمين فِي آل عمرَان.
وَرَوَاهُ الواحدي فِي تَفْسِيره الْوَسِيط بِسَنَدِهِ الْمُتَقَدّم فِي يُونُس. اهـ.

.فصل في ذكر آيات الأحكام في السورة الكريمة:

.قال إلكيا هراسي:

سورة ص:
قوله تعالى: {يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ} الآية: 18.
عن ابن عباس أنه قال:
لم يزل في نفسي من صلاة الضحى شيء حتى قرأت: {إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ}.
وعلى صلاة الضحى تأول ابن عباس قوله تعالى: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ}.
قوله تعالى: {وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ} الآية: 21.
ذكر المحققون الذين يرون تنزيه الأنبياء عليهم السلام عن الكبائر، أن داود عليه السلام كان قد أقدم على خطبة امرأة كان قد خطبها غيره، ويقال: هي أوريا، فمال القوم إلى تزويجها من داود راغبين فيه، وزاهدين في الخاطب الأول، ولم يكن لذلك عارفا، وقد كان يمكنه أن يعرف فيعدل عن هذه الرغبة وعن الخطبة لها، فلم يفعل ذلك من حيث أعجب بها. إما وصفا أو مشاهدة على غير تعمد، وقد كان لداود من النساء العدد الكثير، وذلك الخاطب لا امرأة له، فنبهه اللّه تعالى على ما فعل، بما كان من تسور الملكين، وما أورداه من التمثيل على وجه التعريض، لكي يفهم من ذلك موضع العتب، فيعدل عن هذه الطريقة، ويستغفر ربه من هذه الصغيرة.
ومتى قيل: فكيف يجوز أن يقول الملكان خصمان بغى بعضنا على بعض، وهو كذب، والملائكة لا تكذب وهي منزهة عن ذلك؟
فالجواب عنه: أنه لابد في الكلام من مقدمة، فكأنهما قالا: قدرنا كأنا خصمان بغى بعضنا على بعض، فاحكم بيننا بالحق، وعلى هذا يحمل قولهما: إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة، لأن ذلك وإن كان بصورة الخبر، فالمراد به إيراده على سبيل التقدير لينبه داود على ما فعل.
والقول في هذا مستقصى في تبرئة الأنبياء صلوات اللّه عليهم.
قوله تعالى: {وَخَرَّ راكِعًا وَأَنابَ} الآية: 24:
لا يرى فيه الشافعي سجدة لها، لأنه لا يرى التعلق بشريعة من قبلنا، ولأنها توبة، فليس فيه دلالة على الأمر بالسجود لنا، وإنما يعلم السجود عند ذلك توقيفا.
قوله تعالى: {يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى} الآية: 26.
فيه بيان وجوب الحكم بالحق، وأن لا يميل إلى أحد الخصمين، لقرابة أو لجاهه، أو سبب يقتضى الميل.
وقوله تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ} الآية: 44.
فروى عن ابن عباس أن امرأة أيوب قال لها إبليس: إذا داويته وشفيته تقولين لي: أنت داويته، فأخبرت بذلك أيوب، فغضب وقال: ذلك الشيطان، وحلف أنه إن شفاني اللّه تعالى لأضربنك مائة سوط، فأخذ شماريخ فيها قدر مائة، فضربها ضربة واحدة.
وذلك خلاف قياس الأصول، والضغث هو ملء الكف من الخشب والعود والشماريخ، ونحو ذلك. فأخبر اللّه تعالى أنه إذا فعل ذلك، فقد بر في يمينه، لقوله تعالى: {وَلا تَحْنَثْ}. وهو قول الشافعي ومذهب أبي حنيفة ومحمد وزفر.. وقال مالك: لا يبر. ورأى أن ذلك مختصا بأيوب، وقال لا يحنث.
وإذا قال افعل ذلك، ولا تحنث، علم أنه جعله بارا إذ لا واسطة.
وفي الآية دليل على أن للزوج أن يضرب زوجته، وأن للرجل أن يحلف ولا يستثني، فهذا تمام القول في المعنى. اهـ.