فصل: باب الدعوى من بعض الورثة للوارث:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المبسوط



.باب الدعوى من بعض الورثة للوارث:

(قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ) وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ، وَتَرَكَ ابْنَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أُخْتًا يَعْنِي بِنْتًا لِلْمَيِّتِ، وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَإِنَّ الْأُخْتَ تَأْخُذُ مِنْ الْمُقِرِّ بِهَا ثُلُثَ مَا فِي يَدِهِ عِنْدَنَا، وَقَالَ: ابْنُ أَبِي لَيْلَى خُمْسَ مَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَأْخُذُ مِنْهُ الْفَاضِلَ عَلَى نَصِيبِهِ بِزَعْمِهِ بِمَا فِي يَدِهِ وَأَصْلُ التَّرِكَةِ بِزَعْمِهِ عَلَى خَمْسَةٍ لِكُلِّ ابْنٍ سَهْمَانِ وَلِلْأُخْتِ سَهْمٌ وَفِي يَدِهِ نِصْفُ الْمَالِ سَهْمَانِ وَنِصْفٌ فَالْفَاضِلُ عَلَى نَصِيبِهِ بِزَعْمِهِ نِصْفُ سَهْمٍ مِنْ سَهْمَيْنِ وَنِصْفٍ، وَذَلِكَ خُمْسُ مَا فِي يَدِهِ.
يُوَضِّحُهُ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهَا بِسَهْمٍ مِنْ جَمِيعِ التَّرِكَةِ نِصْفُ ذَلِكَ السَّهْمِ فِي يَدِهِ وَنِصْفُهُ فِي يَدِ أَخِيهِ، وَالْأَخُ يَظْلِمُهَا بِالْجُحُودِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَأْخُذَ شَيْئًا مِمَّا لَهَا فِي يَدِ الْجَاحِدِ، وَإِنَّمَا تَأْخُذُ مِنْ الْمُقِرِّ مِقْدَارَ مَا لَهَا مِنْ الْحَقِّ فِي يَدِهِ وَذَلِكَ نِصْفُ سَهْمٍ خُمْسُ مَا فِي يَدِهِ.
وَجْهُ قَوْلِنَا إنَّ الَّذِي فِي يَدِ الْمُقِرِّ جُزْءٌ مِنْ التَّرِكَةِ وَفِي زَعْمِهَا أَنَّ حَقَّهَا فِي التَّرِكَةِ فِي سَهْمٍ وَحَقَّ الْمُقِرِّ فِي سَهْمَيْنِ، وَزَعْمُهُ مُعْتَبَرٌ فِي حَقِّهِ فَيَضْرِبُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا فِي يَدِهِ بِحِصَّتِهِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا، وَهَذَا؛ لِأَنَّ الْجَاحِدَ اسْتَوْفَى زِيَادَةً عَلَى حَقِّهِ فَيُجْعَلُ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ غَصَبَهُ غَاصِبٌ فَلَا يَكُونُ ضَرَرُهُ عَلَى بَعْضِ الْوَرَثَةِ دُونَ الْبَعْضِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُجْعَلُ الْجَاحِدُ مَعَ مَا فِي يَدِهِ فِي حَقِّ الْمُقِرِّ كَالْمَعْدُومِ فَكَأَنَّهُ جَمِيعُ التَّرِكَةِ مَا فِي يَدِ الْمُقِرِّ وَهُوَ الْوَارِثُ خَاصَّةً فَيُقْسَمُ ذَلِكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أُخْتِهِ أَثْلَاثًا.
وَلَوْ لَمْ يُقِرَّ بِأُخْتٍ وَأَقَرَّ بِزَوْجَةٍ لِأَبِيهِ أَعْطَاهَا سُبْعَ مَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ زَعَمَ أَنَّ الْمَيِّتَ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَةً فَتَكُونُ الْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ لِلْمَرْأَةِ سَهْمَانِ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ فَتَضْرِبُ هِيَ فِيمَا فِي يَدِهِ بِسَهْمَيْنِ، وَهُوَ بِسَبْعَةٍ فَيُعْطِيهَا سُبْعَ مَا فِي يَدِهِ وَعَنْدَ ابْنِ أَبِي لَيْلَى مَا فَضَلَ نَصِيبُهُ مِمَّا فِي يَدِهِ وَذَلِكَ نِصْفُ الثُّمْنِ.
وَلَوْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ مَعْرُوفَةٌ سِوَاهَا فَإِنَّ الْمُقِرَّ يُعْطِي هَذِهِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ بِزَعْمِهِ الْفَرِيضَةَ مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ لِكُلِّ امْرَأَةٍ سَهْمٌ، وَلِكُلِّ ابْنٍ سَبْعَةٌ فَهُوَ يَضْرِبُ فِيمَا هُوَ فِي يَدِهِ بِسَبْعَةٍ وَالْمُقِرُّ لَهَا بِسَهْمٍ فَيُعْطِيهَا ثُمْنَ مَا فِي يَدِهِ وَلَوْ تَرَكَ ابْنًا وَبِنْتًا وَزَوْجَةً فَادَّعَتْ الِابْنَةُ أُخْتًا لَهَا أَعْطَتْهَا نِصْفَ مَا فِي يَدِهَا؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهُمَا فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ فَإِنْ كَانَتْ أَقَرَّتْ بِأَخٍ لَهَا أَعْطَتْ ثُلُثَيْ مَا فِي يَدِهَا؛ لِأَنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهُمَا ضِعْفُ حَقِّهَا وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُمًّا وَأُخْتًا فَادَّعَتْ الْأُخْتُ أَخًا، وَأَقَرَّ بِذَلِكَ الزَّوْجُ وَجَحَدَتْ الْأُمُّ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ عِشْرِينَ؛ لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ بِزَعْمِ الْأُمِّ تَسْتَقِيمُ عَلَى ثَمَانِيَةٍ، وَأَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ سَهْمَانِ وَلِلْأُخْتِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ لَهَا سَهْمَانِ وَهُوَ الرُّبْعُ وَعَلَى زَعْمِ الزَّوْجِ وَالْأُخْتِ الْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ سَهْمٌ وَالْبَاقِي بَيْنَ الْأَخِ وَالْأُخْتِ أَثْلَاثًا لَا يَسْتَقِيمُ فَانْكَسَرَتْ بِالْأَثْلَاثِ فَاضْرِبْ سِتَّةً فِي ثَلَاثَةٍ فَتَكُونُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْأُمِّ ثَلَاثَةٌ وَلِلزَّوْجِ تِسْعَةٌ وَلِلْأَخِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُخْتِ سَهْمَانِ فَإِقْرَارُ الْأَخِ وَالْأُخْتِ لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّ الْأُمِّ، وَجُحُودُهُمَا لَا يَكُونُ مُعْتَبَرًا فِي حَقِّهَا فَتُجْعَلُ فِي حَقِّ الْمُقِرِّينَ الْقِسْمَةُ عَلَى الْفَرِيضَةِ الثَّانِيَةِ فَحَقُّهَا خَمْسَةَ عَشَرَ، وَفِي حَقِّ الْأُمِّ تُجْعَلُ الْقِسْمَةُ عَلَى الْفَرِيضَةِ الْأُولَى، وَحَقُّهَا رُبْعُ الْمَالِ فَالسَّبِيلُ أَنْ يُضَمَّ إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ مِثْلُ ثَلَاثَةٍ حَتَّى لَا يَكُونَ الْمَضْمُومُ رُبْعَ الْمَبْلَغِ، وَهُوَ نَصِيبُ الْأُمِّ وَمِثْلُ ثَلَاثَةٍ خَمْسَةٌ فَإِذَا ضَمَمْت خَمْسَةً إلَى خَمْسَةَ عَشَرَ كَانَ عِشْرِينَ لِلْأُمِّ خَمْسَةٌ فَإِذَا أَخَذَتْ نَصِيبَهَا قُسِمَ مَا بَقِيَ، وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ لِلزَّوْجِ سَبْعَةٌ وَلِلْأَخِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُخْتِ سَهْمَانِ وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا فَأَقَرَّ الزَّوْجُ أَنَّ لَهَا أَخًا وَجَحَدَتْ الْأُخْتُ فَإِنَّ الزَّوْجَ يُعْطِيهِ خُمْسَ مَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ بِزَعْمِهِ الْفَرِيضَةَ مِنْ سِتَّةٍ لَهُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأَخِ سَهْمَانِ فَيَقْسِمُ مَا فِي يَدِهِ بَيْنَهُمَا بِاعْتِبَارِ زَعْمِهِ؛ فَلِهَذَا يَأْخُذُ خُمْسَ مَا فِي يَدِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِأُخْتٍ مِثْلَ الْأُخْتِ الْمَعْرُوفَةِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُخْتَيْنِ الثُّلُثَانِ أَرْبَعَةٌ يَعُولُ بِسَهْمٍ وَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهَا فِي سَهْمَيْنِ وَحَقَّهُ فِي ثَلَاثَةٍ فَيُعْطِيهَا خُمْسَ مَا فِي يَدِهِ وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ فَأَقَرَّ الزَّوْجُ بِأُخْتٍ لِأَبٍ أَعْطَاهَا رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهَا خَلَفَتْ بِزَعْمِهِ زَوْجًا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأُخْتًا لِأَبٍ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُخْتِ لِأَبٍ السُّدُسُ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ سَهْمٌ فَهِيَ تَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدِهِ بِسَهْمٍ وَهُوَ بِثَلَاثَةٍ؛ فَلِهَذَا يُعْطِيهَا رُبْعَ مَا فِي يَدِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ بِأَخٍ أَوْ أُخْتٍ لِأُمٍّ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْمُقِرِّ لَهُ سَهْمٌ بِزَعْمِهِ، وَهُوَ السُّدُسُ.
وَإِنْ أَقَرَّ بِهِمَا لِأُمٍّ أَعْطَاهَا خُمْسَ مَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا لِأَبٍ وَأُمٍّ وَأَخًا وَأُخْتًا لِأُمٍّ فَيَكُونُ لَهُمَا الثُّلُثُ سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةٍ وَيَعُولُ بِسَهْمَيْنِ فَحَقُّهُمَا بِزَعْمِهِ فِي سَهْمَيْنِ وَحَقُّهُ فِي ثَلَاثَةٍ؛ فَلِهَذَا يُعْطِيهَا خُمْسَ مَا فِي يَدِهِ وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا لِأَبٍ فَأَقَرَّ الزَّوْجُ بِأُمٍّ فَإِنَّهُ يُعْطِيهَا خُمْسَ مَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُمَا بِزَعْمِهِ الثُّلُثُ سَهْمَانِ مِنْ سِتَّةٍ وَحَقَّهُ فِي ثَلَاثَةٍ وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأُخْتًا لِأَبٍ فَأَقَرَّ الزَّوْجُ بِأُخْتٍ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَعْطَاهَا نِصْفَ مَا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهَا فِي التَّرِكَةِ سَوَاءٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثَةٌ مِنْ سَبْعَةٍ وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَامْرَأَةً فَأَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ بِامْرَأَتَيْنِ أَعْطَاهُمَا أَرْبَعَةً مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا مِمَّا فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّهُ خَلَفَ ثَلَاثَ نِسْوَةٍ وَابْنَيْنِ فَلِلنِّسْوَةِ الثُّمْنُ بَيْنَهُنَّ أَثْلَاثًا لَا يَسْتَقِيمُ، وَلِلِابْنِ سَبْعَةٌ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ لَا يَسْتَقِيمُ فَيَضْرِبُ ثَلَاثَةً فِي اثْنَيْنِ فَيَكُونُ سِتَّةً، ثُمَّ يَضْرِبُ ثَمَانِيَةً فِي سِتَّةٍ فَيَكُونُ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ مِنْهُ تَصِحُّ الْقِسْمَةُ لِكُلِّ امْرَأَةٍ سَهْمَانِ، وَلِكُلِّ ابْنٍ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ، فَهُوَ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهَا فِي أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ يَضْرِبَانِ بِذَلِكَ فِيمَا فِي يَدِهِ وَهُوَ وَاحِدٌ وَعِشْرُونَ؛ فَلِهَذَا أَعْطَاهُمَا أَرْبَعَةً مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ مِمَّا فِي يَدِهِ وَلَوْ تَرَكَ ابْنَيْنِ وَأَبَوَيْنِ فَأَقَرَّتْ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ بِامْرَأَةٍ أَعْطَتْهَا ثَلَاثَةً مِنْ أَحَدَ عَشَرَ مِمَّا فِي يَدِهَا؛ لِأَنَّ الْفَرِيضَةَ بِزَعْمِهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلِابْنَتَيْنِ الثُّلُثَانِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلْأَبَوَيْنِ السُّدُسَانِ ثَمَانِيَةٌ، وَلِلْمَرْأَةِ الثُّمْنُ ثَلَاثَةٌ فَتَعُولُ إلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَهِيَ الْمِنْبَرِيَّةُ الَّتِي أَجَابَ فِيهَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى الْمِنْبَرِ عَلَى الْبَدِيهَةِ فَقَالَ: انْقَلَبَ ثُمْنُهَا تُسْعًا فَإِذَا هِيَ تَزْعُمُ أَنَّ حَقَّ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةٌ وَحَقَّهَا فِي ثَمَانِيَةٍ فَيُقْسَمُ مَا فِي يَدِهَا بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَلَوْ تَرَكَ امْرَأَةً وَابْنَةً وَأَبَوَيْنِ فَأَقَرَّتْ الْمَرْأَةُ بِامْرَأَةٍ أُخْرَى أَعْطَتْهَا نِصْفَ مَا فِي يَدِهَا؛ لِأَنَّ نَصِيبَ النِّسَاءِ مِنْ التَّرِكَةِ فِي يَدِهَا، وَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّ حَقَّهَا فِي التَّرِكَةِ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ فَإِنْ أَقَرَّتْ لَهَا إحْدَى الِابْنَتَيْنِ أَيْضًا فَإِنَّهَا تَأْخُذُ نِصْفَ مَا فِي يَدِ الْمَرْأَةِ، وَلَا تَأْخُذُ مِنْ الِابْنَةِ شَيْئًا؛ لِأَنَّ مِيرَاثَ النِّسَاءِ الثُّمْنُ وَاحِدَةً كَانَتْ أَوْ اثْنَتَيْنِ وَذَلِكَ الثُّمْنُ فِي يَدِ الْمَرْأَةِ وَهِيَ مُقِرَّةٌ لِلْأُخْرَى بِنَصِيبِهَا مِنْ ذَلِكَ فَلَا تَأْخُذُ مِنْ الِابْنَةِ شَيْئًا لِذَلِكَ وَلَوْ تَرَكَ ابْنَتَيْنِ وَأَبَوَيْنِ فَأَقَرَّتْ إحْدَى الِابْنَتَيْنِ بِامْرَأَةٍ وَصَدَّقَتْهَا الْأُمُّ فَالْفَرِيضَةُ مِنْ تِسْعِينَ سَهْمًا لِلِابْنَتَيْنِ سِتُّونَ وَلِلْأَبَوَيْنِ ثَلَاثُونَ فَخُذْ نَصِيبَ الْأُمِّ خَمْسَةَ عَشَرَ وَنَصِيبَ الِابْنَةِ ثَلَاثِينَ، وَذَلِكَ نِصْفُ الْمَالِ مِنْ الْحَاصِلِ، وَأَعْطِ الْمَرْأَةَ مِنْ ذَلِكَ تِسْعَةً وَلِلِابْنَةِ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ، وَلِلْأُمِّ اثْنَيْ عَشَرَ، وَقَدْ طَوَّلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ، وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُمَا يَزْعُمَانِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَهَا ثَلَاثَةٌ وَلِلِابْنَةِ ثَمَانِيَةٌ، وَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ مِمَّا فِي أَيْدِيهِمَا وَهُوَ نِصْفُ الْمَالِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى ذَلِكَ تَضْرِبُ فِيهِ الْمَرْأَةُ بِثَلَاثَةٍ وَالْأُمُّ بِأَرْبَعَةٍ وَالِابْنَةُ بِثَمَانِيَةٍ فَتَسْتَقِيمُ مِنْ خَمْسَةَ عَشَرَ وَلَوْ جَحَدَتْ الْأُمُّ وَلَمْ تُقِرَّ قُسِمَتْ مَا فِي يَدِ الِابْنَةِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ تَطْوِيلٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ أَيْضًا فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْقِسْمَةَ تَسْتَقِيمُ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ.
وَلَوْ لَمْ تُقِرَّ الِابْنَةُ بِالْمَرْأَةِ وَأَقَرَّتْ الْأُمُّ قَسَمْنَا مَا فِي يَدِهَا عَلَى أَحَدٍ وَعِشْرِينَ لِلْأُمِّ اثْنَا عَشَرَ وَلِلْمَرْأَةِ تِسْعَةٌ، وَهَذَا أَيْضًا تَطْوِيلٌ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَسْتَقِيمُ مِنْ سَبْعَةٍ؛ لِأَنَّهَا تَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدِهَا فَحَقُّهَا أَرْبَعَةٌ وَالْمَرْأَةُ ثَلَاثَةٌ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ وَلَوْ تَرَكَتْ زَوْجًا وَأَخًا فَادَّعَى الزَّوْجُ ابْنَةً كَبِيرَةً لَهَا مِنْ غَيْرِهِ قَاسَمَهَا مَا فِي يَدِهِ عَلَى أَرْبَعَةٍ وَنِصْفٍ؛ لِلزَّوْجِ سَهْمٌ وَنِصْفٌ وَلِلِابْنَةِ ثَلَاثَةٌ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهُ الرُّبْعُ سَهْمٌ وَنِصْفٌ مِنْ سِتَّةٍ فَيُقْسَمُ مَا فِي يَدِهِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ وَفِي الْحَاصِلِ تُعْطِيهِ ثُلُثَيْ مَا فِي يَدِهَا؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ حَقَّهُ فِي ثَمَانِيَةٍ وَحَقَّهَا فِي أَرْبَعَةٍ فَيُعْطِيهَا ثُلُثَيْ مَا فِي يَدِهَا.
وَإِذَا كَانَ الْوَرَثَةُ اثْنَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا عَلَى ابْنَةٍ لِلِابْنِ بِشَرِكَةٍ أَوْ بِوَدِيعَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ مَجْهُولَةٍ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِيهِ كُلَّهُ مِنْ نَصِيبِ الْمُقِرِّ عِنْدَنَا، وَقَالَ: ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَأْخُذُ مِنْهُ بِقَدْرِ حِصَّتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَمَذْهَبُنَا مَذْهَبُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْإِقْرَارِ قَالَ: وَلَوْ أَقَرَّ بِشَرِكَةٍ كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِهِ فَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِشَرِكَةِ النِّصْفِ أَخَذَ مِنْ حِصَّتِهِ الثُّلُثَيْنِ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَالَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ لِلْمُقِرِّ لَهُ سَهْمَانِ وَلِكُلِّ ابْنٍ سَهْمٌ فَهُوَ يَضْرِبُ فِيمَا فِي يَدِهِ بِسَهْمٍ وَالْمُقِرُّ لَهُ بِسَهْمَيْنِ فَيُعْطِي ثُلُثَيْ مَا فِي يَدِهِ.
وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِالثُّلُثِ أَخَذَ مِنْهُ النِّصْفَ؛ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ الْمَالَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ لِلْمُقِرِّ لَهُ سَهْمٌ وَلِكُلِّ ابْنٍ سَهْمٌ فَحَقُّهُ فِيمَا فِي يَدِهِ مِثْلُ حَقِّ الْمُقِرِّ لَهُ بِزَعْمِهِ؛ فَلِهَذَا أُخِذَ مِنْهُ نِصْفُ مَا فِي يَدِهِ قَالَ: وَإِذَا كَانَ لِلْمَيِّتِ ابْنَانِ وَعَبْدَانِ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمَا قِيمَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثَلَاثُمِائَةٍ فَأَقَرَّ أَحَدُ الِابْنَيْنِ أَنَّ أَبَاهُمَا أَعْتَقَ هَذَا بِعَيْنِهِ فِي مَرَضِهِ وَأَقَرَّ الْآخَرُ أَنَّهُ أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا لَا يَدْرِي أَيَّهمَا هُوَ فَإِنَّ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِعَيْنِهِ يُعْتَقُ مِنْهُ ثُلُثَا نَصِيبِهِ، وَيَسْعَى لَهُ فِي الثُّلُثِ الْآخَرِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَيُعْتَقُ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ الثُّلُثُ مِنْهُمَا جَمِيعًا وَيَسْعَيَانِ لَهُ فِي ثُلُثَيْ نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ صَارَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَالْعِتْقُ فِي الْمَرَضِ وَصِيَّةٌ فَاَلَّذِي أَقَرَّ بِالْعِتْقِ لِأَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ فَقَدْ أَقَرَّ أَنَّهُ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ، وَذَلِكَ ثُلُثَا رَقَبَتِهِ، وَإِقْرَارُهُ نَافِذٌ فِي نَصِيبِهِ غَيْرُ نَافِذٍ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ فَيُعْتَقُ ثُلُثَا نَصِيبٍ وَيَسْعَى لَهُ فِي ثُلُثِ نَصِيبِهِ وَالنِّصْفُ مِنْ الْآخَرِ مَمْلُوكٌ لَهُ وَقَدْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ اسْتِدَامَةُ الرِّقِّ بِإِقْرَارِ شَرِيكِهِ فَيَسْعَى لَهُ الْآخَرُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَقَدْ أَقَرَّ الْآخَرُ بِالثُّلُثِ مُبْهَمًا؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ الْمُبْهَمَ بِالْمَوْتِ يَشِيعُ فِيهِمَا فَيَنْفُذُ إقْرَارُهُ فِي نَصِيبِهِ مُبْهَمًا فَيُعْتَقُ ثُلُثُ نَصِيبِهِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ فِي ثُلُثَيْ نَصِيبِهِ.
وَإِنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا بِعَيْنِهِ وَأَقَرَّ الْآخَرُ أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا بِعَيْنِهِ سَعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ فِي ثُلُثِ نَصِيبِهِ مِنْهُ، وَلِلَّذِي أَنْكَرَ عِتْقَهُ فِي جَمِيعِ نَصِيبِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ دُونَ صَاحِبِهِ، وَقَدْ تَعَذَّرَ اسْتِدَامَةُ الرِّقِّ فِي نَصِيبِهِ مِنْ الْآخَرِ بِإِقْرَارِ صَاحِبِهِ.
وَلَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا: أَعْتَقَ أَحَدَهُمَا فِي مَرَضِهِ، وَلَا يَدْرِي أَيَّهُمَا هُوَ، وَأَنْكَرَ الْآخَرُ عَتَقَ مِنْ نَصِيبِ الْمُقِرِّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ثُلُثُ نَصِيبِهِ لِإِقْرَارِهِ وَالثُّلُثُ لَهُمَا وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فِي نَصِيبِهِ كَامِلًا لِإِنْكَارِهِ عِتْقَهُمَا جَمِيعًا.
وَلَوْ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا بِعَيْنِهِ وَقَالَ أَحَدُهُمَا أَعْتَقَ هَذَا الْآخَرَ أَيْضًا عَتَقَ ثُلُثَا الَّذِي شَهِدَا لَهُ وَيَسْعَى الْآخَرُ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ لَهُمَا؛ لِأَنَّ الَّذِي شَهِدَا لَهُ أَوْلَى بِالثُّلُثِ مِنْ الْآخَرِ فَإِنَّ شَهَادَتَهُمَا لَهُ حُجَّةٌ بِمَنْزِلَةِ شَهَادَةِ غَيْرِهِمَا.
وَلَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ بِالْعِتْقِ لِأَحَدِهِمَا كَانَ هُوَ أَوْلَى بِالثُّلُثِ مِنْ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ الْوَارِثُ؛ لِأَنَّ رِقَّ الْآخَرِ يَفْسُدُ بِإِقْرَارِ أَحَدِهِمَا بِعِتْقِهِ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْ الثُّلُثِ شَيْءٌ فَتَلْزَمُهُ السِّعَايَةُ فِي جَمِيعِ قِيمَتِهِ لَهُمَا.
وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا بِعَيْنِهِ فِي صِحَّتِهِ وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ أَعْتَقَ هَذَا الْآخَرَ فِي مَرَضِهِ عَتَقَ نَصِيبُ الشَّاهِدِ مِنْ الَّذِي شَهِدَ لَهُ فِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي الصِّحَّةِ مِنْ جَمِيعِ الْمَالِ فَهُوَ مُقِرٌّ بِحُرِّيَّتِهِ، وَإِقْرَارُهُ حُجَّةٌ عَلَيْهِ فِي نَصِيبِهِ وَيَسْعَى لَلْآخَرِ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِإِنْكَارِهِ عِتْقَهُ وَيُعْتَقُ ثُلُثَا نَصِيبِ الَّذِي شَهِدَ لَهُ فِي الْمَرَضِ مِنْ الَّذِي شَهِدَ لَهُ وَيَسْعَى لَهُ فِي ثُلُثِ نَصِيبِهِ وَلِأَخِيهِ فِي جَمِيعِ نَصِيبِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالثُّلُثِ لِهَذَا الْآخَرِ، وَإِقْرَارُهُ فِي نَصِيبِهِ صَحِيحٌ، وَفِي زَعْمِهِ أَنَّ شَرِيكَهُ صَارَ مُتْلِفًا لِنَصِيبِهِ مِنْ الْآخَرِ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَحْسُوبًا عَلَيْهِ، وَأَنَّ مَالَ الْمَيِّتِ رَقَبَتَانِ فَالثُّلُثُ مِنْهُ ثُلُثَا رَقَبَةٍ؛ فَلِهَذَا يُعْتَقُ ثُلُثَا نَصِيبِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

.باب إقرار المريض وأفعاله:

(قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ): وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَرِيضِ دَيْنٌ فِي الصِّحَّةِ فَغَصَبَ فِي مَرَضِهِ مِنْ إنْسَانٍ شَيْئًا، ثُمَّ قَضَاهُ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّ عَيْنَ الْمَغْصُوبِ لَمْ يَكُنْ لِغُرَمَاءِ الصِّحَّةِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ فَكَذَلِكَ إذَا رَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَهُ أَوْ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحْكِي عَيْنَهُ، وَهَذَا بَدَلُ مَالٍ وَصَلَ إلَى الْمَرِيضِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ اشْتَرَى شَيْئًا بِمِثْلِ قِيمَتِهِ وَنَقَدَ ثَمَنَهُ فَلَا يَكُونُ لِغُرَمَاءِ الصِّحَّةِ عَلَى الْبَائِعِ سَبِيلٌ؛ لِأَنَّ الْمَرِيضَ مَا أَتْلَفَ عَلَيْهِمْ شَيْئًا حِينَ وَصَلَ إلَيْهِ مَا تَكُونُ مَالِيَّتُهُ مِثْلَ مَالِيَّةِ مَا أَدَّى، وَكَذَلِكَ مَا أَخَذَهُ فَأَنْفَقَهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي كِسْوَتِهِ وَطَعَامِهِ وَدَوَائِهِ، ثُمَّ قَضَاهُ فَإِنَّهُ قَدْ وَصَلَ إلَيْهِ مَا تَكُونُ مَالِيَّتُهُ مِثْلَ مَالِيَّةِ مَا أَدَّى، ثُمَّ حَاجَتُهُ فِي مَالِهِ تُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ غُرَمَائِهِ.
وَلَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَأَعْطَاهُمَا ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ وَكَانَا أُسْوَةَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ مِثْلُ مَا يَكُونُ مَا أَدَّى فِي صِفَةِ الْمَالِيَّةِ، فَكَانَ هَذَا إبْطَالًا مِنْهُ لَحِقَ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ عَنْ ذَلِكَ الْمَالِ وَتَخْصِيصُ بَعْضِ غُرَمَائِهِ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ، وَالْمَرِيضُ مَمْنُوعٌ عَنْ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الدَّيْنَ وَجَبَ لَهُمَا بِسَبَبٍ لَا تُهْمَةَ فِيهِ فَكَانَ أُسْوَةُ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ فِي مَالِهِ.
وَلَوْ أَقَرَّ الْمَرِيضُ أَنَّ دَيْنَهُ الَّذِي عَلَى هَذَا الرَّجُلِ لِفُلَانٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ دَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي الْمَرَضِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَى الْغَيْرِ كَإِقْرَارِهِ بِعَيْنٍ لَهُ فِي يَدِهِ أَوْ فِي يَدِ غَيْرِهِ وَذَلِكَ غَيْرُ صَحِيحٍ مِنْهُ فِي حَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَقَرَّ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ غَرِيمِهِ، وَهُوَ غَيْرُ وَارِثٍ، وَقَدْ كَانَ الدَّيْنُ فِي الصِّحَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُسَلَّطٌ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ وَقَدْ ثَبَتَ لِلْغَرِيمِ حَقُّ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ عِنْدَ إقْرَارِهِ بِالِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ فَلَا يَتَغَيَّرُ ذَلِكَ بِمَرَضِهِ، وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّطٍ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ الْوَاجِبِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ بَلْ هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ ذَلِكَ لِحَقِّ غُرَمَاءِ الصِّحَّةِ كَمَا هُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ تَمْلِيكِهِ مِنْهُ بِالْهِبَةِ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ بَيْعَ الْمَرِيضِ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ بِالْمُحَابَاةِ وَغَيْرِ الْمُحَابَاةِ وَمَا يَجِبُ فِيهِ مِنْ الشُّفْعَةِ لِلْوَارِثِ وَغَيْرِ الْوَارِثِ وَمَا ذَلِكَ مِنْ اخْتِلَافِ الرِّوَايَاتِ وَأَنَّ بَيْعَهُ مِنْ وَارِثِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ أَصْلًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَعِنْدَهُمَا وَابْنِ أَبِي لَيْلَى إذَا بَاعَ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِأَكْثَرَ.
جَازَ قَالَ: وَلَوْ أَوْصَى رَجُلٌ إلَى رَجُلٍ بِثُلُثِهِ يَضَعُهُ حَيْثُ أَحَبَّ أَوْ يَجْعَلُهُ حَيْثُ أَحَبَّ فَهُمَا سَوَاءٌ وَلَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ أَحَبَّ مِنْ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي فِي الْوَضْعِ وَالْجَعْلِ، وَالْمُوصَى لَهُ وَضَعَهُ فِيهِ أَوْ فِي وَلَدِهِ أَوْ جَعَلَهُ لَهُ جَازَ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَضْعَ وَالْجَعْلَ يَتَحَقَّقُ مِنْهُ فِي نَفْسِهِ كَمَا يَتَحَقَّقُ فِي غَيْرِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهُ لِأَحَدٍ مِنْ وَرَثَةِ الْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ مَقَامَ الْمُوصِي فَإِنْ جَعَلَهُ لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَيَرُدُّ عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَحَدًا؛ لِأَنَّهُ مُمْتَثِلٌ أَمْرَ الْمُوصِي فَيَنْتَهِي بِهِ مَا فَوَّضَ إلَيْهِ وَيَصِيرُ فِعْلُهُ كَفِعْلِ الْمُوصِي.
وَلَوْ فَعَلَهُ الْمُوصَى لِبَعْضِ وَرَثَتِهِ كَانَ ذَلِكَ بَاطِلًا وَكَانَ مَرْدُودًا عَلَى جَمِيعِ الْوَرَثَةِ فَهَذَا مِثْلُهُ.
وَلَوْ أَوْصَى بِثُلُثِهِ إلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مَنْ شَاءَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِعْطَاءِ مِنْ جِهَةِ الْمُوصِي وَهُوَ لَا يَكُونُ مُعْطِيًا نَفْسَهُ كَمَا يَكُونُ جَاعِلًا لَهَا وَاضِعًا عِنْدَهَا أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ أَوْ صَدَقَةُ الْفِطْرِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَضَعَهُ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالْإِيتَاءِ وَالْأَدَاءِ، وَلَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالصَّرْفِ إلَى نَفْسِهِ، وَمَنْ وَجَدَ رِكَازًا لَهُ أَنْ يَضَعَ الْخُمْسَ فِي نَفْسِهِ إذَا كَانَ مَصْرِفًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ جَعْلُ الْخُمْسِ لِمَصَارِفِ الْخُمْسِ وَوَضْعُهَا فِيهِمْ وَقَدْ جَعَلَ ذَلِكَ.
وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَقَالَ: قَدْ جَعَلْتُ ثُلُثِي لِرَجُلٍ سَمَّيْته فَصَدَّقُوهُ فَقَالَ الْوَصِيُّ: هُوَ هَذَا وَخَالَفَهُ الْوَرَثَةُ لَمْ يُصَدَّقْ الْوَصِيُّ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَوْصَى بِمَا هُوَ خِلَافُ حُكْمِ الشَّرْعِ وَهُوَ إثْبَاتُ الِاسْتِحْقَاقِ بِشَهَادَةِ شَاهِدٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّ هَاهُنَا بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ وَشَهَادَةُ الْوَاحِدِ لَا تَكُونُ حُجَّةً بِخِلَافِ الْأَوَّلِ فَإِنَّ هُنَاكَ أَوْصَى إلَيْهِ بِالْوَضْعِ وَالْوَاضِعُ يَكُونُ مُتَسَبِّبًا بِالتَّصَرُّفِ عَلَى وَجْهِ النِّيَابَةِ لَا شَاهِدًا فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ وَصِيَّةً بِمَا يُخَالِفُ الشَّرْعَ وَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ لِلْوَصِيِّ: اعْتِقْ أَيَّ عَبِيدِي شِئْت كَانَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ أَيَّهمْ شَاءَ.
وَلَوْ قَالَ: قَدْ أَعْتَقْت عَبْدِي فَسَمَّيْته لِلْوَصِيِّ فَصَدَّقُوهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ.
وَلَوْ أَوْصَى إلَى رَجُلَيْنِ أَنْ يَضَعَا ثُلُثَهُ حَيْثُ شَاءَا وَيُعْطِيَاهُ مَنْ شَاءَا وَاخْتَلَفَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: أُعْطِيهِ فُلَانًا وَقَالَ الْآخَرُ: لَا بَلْ فُلَانًا لَمْ يَكُنْ لِوَاحِدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّيْنِ لَمْ يُجْمِعَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا، وَإِنَّمَا فَوَّضَ الْمُوصِي الرَّأْيَ فِي الْوَضْعِ إلَيْهِمَا، وَهَذَا شَيْءٌ يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى الرَّأْيِ لِاخْتِيَارِ الْمَصْرِفِ، وَرَأْيُ الْوَاحِدِ لَا يَكُونُ كَرَأْيِ الْمُثَنَّى.
وَلَوْ قَالَ: قَدْ أَوْصَيْتُ بِثُلُثِي لِفُلَانٍ وَقَدْ سَمَّيْته لِلْوَصِيَّيْنِ فَصَدِّقُوهُمَا، فَقَالَ: هُوَ هَذَا وَشَهِدَا لَهُ بِذَلِكَ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا لِخُلُوِّهَا عَنْ التُّهْمَةِ وَشَهَادَةُ الْمُثَنَّى حُجَّةٌ تَامَّةٌ.
وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي ذَلِكَ أَبْطَلْت قَوْلَهُمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَشْهَدُ بِغَيْرِ مَا شَهِدَ بِهِ صَاحِبُهُ وَلَوْ أَوْصَى بِعَبْدِهِ أَنْ يَعْتِقَ، ثُمَّ أَوْصَى لَهُ أَنْ يُبَاعَ أَوْ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ فَهَذَا رُجُوعٌ عَنْ الْوَصِيَّةِ الْأُولَى لِلْمُنَافَاةِ بَيْنَ التَّصَرُّفَيْنِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَكَذَلِكَ لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُعْتَقَ نِصْفُهُ بَعْدَ مَا أَوْصَى بِبَيْعِهِ مِنْ رَجُلٍ أَوْ عَلَى عَكْسِ ذَلِكَ كَانَتْ الثَّانِيَةُ رُجُوعًا عَنْ الْأُولَى فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ.
وَإِنْ أَضَافَ الثَّانِيَةَ إلَى نِصْفِهِ؛ لِأَنَّ بَيْنَ التَّصَرُّفَيْنِ فِي الْعَقْدِ الْوَاحِدِ مُنَافَاةً.
وَإِنْ أَوْصَى بِهِ لِرَجُلٍ، ثُمَّ أَوْصَى بِهِ أَنْ يُبَاعَ لِرَجُلٍ آخَرَ تَحَاصَّا فِيهِ، وَكَذَلِكَ إنْ بَدَأَ بِالْبَيْعِ، ثُمَّ بِالْوَصِيَّةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَمْلِيكُ أَحَدِهِمَا بِعِوَضٍ وَالْآخَرُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي عَبْدٍ وَاحِدٍ صَحِيحٍ فَلَا يَكُونُ إقْدَامُهُ عَلَى الثَّانِيَةِ دَلِيلَ الرُّجُوعِ عَنْ الْأُولَى.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ قَالَ فِي حَيَاتِهِ لِعَبْدَيْهِ: أَحَدُكُمَا حُرٌّ جَازَتْ الشَّهَادَةُ إمَّا عِنْدَهُمَا؛ فَلِأَنَّ الدَّعْوَى لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فِي عِتْقِ الْعَبْدِ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الْعِتْقُ الْمُبْهَمُ يَشِيعُ فِيهِمَا بِالْمَوْتِ فَتَتَحَقَّقُ الدَّعْوَى مِنْهُمَا، وَيُجْعَلُ الثَّابِتُ مِنْ إقْرَارِهِ بِشَهَادَتِهِمَا كَالثَّابِتِ بِالْمُعَايَنَةِ.
وَلَوْ سَمِعَا ذَلِكَ مِنْهُ، ثُمَّ مَاتَ عَتَقَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ فَهَذَا مِثْلُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.