فصل: كِتَابُ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المبسوط



.كِتَابُ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ:

(قَالَ) الْإِمَامُ الْأَجَلُّ الزَّاهِدُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ وَالِدَيْهِ: اعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَسَائِلِ هَذَا الْكِتَابِ وَتَرْتِيبِهَا مِنْ عَمَلِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ فَأَمَّا أَصْلُ التَّخْرِيجِ وَالتَّفْرِيعِ فَمِنْ صَنْعَةِ الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، وَقَدْ كَانَ لَهُ مِنْ الْبَرَاعَةِ فِي عِلْمِ الْحِسَابِ مَا لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ لَكِنَّهُ كَانَ شَكِسَ الْخُلُقَ فَكَانَ لَا يُؤَلِّفُ مَعَهُ لِصِغَرِهِ، وَكَانَ يَخْلُو فَيُصَنِّفُ ثُمَّ عَثَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ عَلَى تَصْنِيفَاتِهِ سِرًّا فَانْتَسَخَ مِنْ ذَلِكَ مَا ظَهَرَ فِي بَعْضِ أَبْوَابِ الْجَامِعِ، وَأَكْثَرُ كُتُبِ الْحِسَابِ مِنْ تِلْكَ الْجُمْلَةِ خُصُوصًا هَذَا الْكِتَابَ، وَفِيهِ مِنْ دَقَائِقِ الْفِقْهِ وَالْحِسَابِ مَا لَمْ يُوجَدْ مِثْلُهُ فِي غَيْرِهِ ثُمَّ بَدَأَ الْكِتَابَ بِوَصِيَّةِ الرَّجُلِ بِثُلُثِ مَالِهِ لِأَنَّ مَحَلَّ الْوَصِيَّةِ الثُّلُثُ شَرْعًا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «إنَّ اللَّهَ تَعَالَى تَصَدَّقَ عَلَيْكُمْ بِثُلُثِ أَمْوَالِكُمْ» الْحَدِيثَ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ فِي مُشْكِلِ الْآثَارِ أَنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ أَنْكَرَ صِحَّةَ هَذَا اللَّفْظِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لِأَنَّ فِي لَفْظِ التَّصَدُّقِ مَا يُنْبِئُ عَنْ التَّقَرُّبِ فَلَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَتَقَرَّبُ إلَى عِبَادِهِ قَالَ: وَلَيْسَ كَمَا ظَنُّوا، وَمُرَادُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ لَكُمْ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ لِتَكْتَسِبُوا بِهِ لِأَنْفُسِكُمْ فِي حَالِ حَاجَتِكُمْ إلَى ذَلِكَ، وَلَفْظُ التَّصَدُّقِ مُسْتَعَارٌ لِهَذَا الْمَعْنَى، وَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا}، وَالِاسْتِقْرَاضُ يَكُونُ لِلْحَاجَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَحْتَاجُ إلَى عِبَادِهِ فَيَسْتَقْرِضُ مِنْهُمْ، وَلَكِنَّ لَفْظَ الْقَرْضِ عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ وَالِاسْتِعَارَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَتَقَرَّبُ إلَى عِبَادِهِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَأْثُرُهُ عَنْ رَبِّهِ «لَا أَزَالَ أَتَقَرَّبُ إلَى عَبْدِي وَهُوَ يَتَبَاعَدُ عَنِّي وَقَالَ مَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْت إلَيْهِ ذِرَاعًا».
ثُمَّ نَقُولُ: الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ شَرِيكُ الْوَارِثِ فِي التَّرِكَةِ، وَلِهَذَا يُزَادُ حَقُّهُ بِزِيَادَةِ التَّرِكَةِ، وَيُنْتَقَصُ بِنُقْصَانِ التَّرِكَةِ، وَلَا يُقَدَّمُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ لَهُ عَلَى تَسْلِيمِ الْمِيرَاثِ إلَى الْوَارِثِ لِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ ثَبَتَ لَهُ بِمِثْلِ مَا ثَبَتَ بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ لِلْوَارِثِ، وَهُوَ السَّهْمُ السَّابِعُ الْمَذْكُورُ مِمَّنْ يَمْلِكُ الْإِيجَابَ لَهُ فَالْمِيرَاثُ لِلْوَرَثَةِ مَذْكُورٌ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى بِذِكْرِ السِّهَامِ وَالسُّدُسِ وَالرُّبْعِ وَالثُّلُثِ؛ فَالْوَصِيَّةُ بِالثُّلُثِ وَالرُّبْعِ وَالسُّدُسِ تَكُونُ مِثْلَ ذَلِكَ، وَالثَّانِي أَنَّ الْإِيجَابَ فِي الِابْتِدَاءِ كَانَ إلَى الْمُوصِي لِلْأَقَارِبِ وَالْأَجَانِبِ جَمِيعًا ثُمَّ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى نَصِيبَ الْأَقَارِبِ فِي آيَةِ الْمَوَارِيثِ فَبَقِيَ الْإِيجَابُ لِلْأَجَانِبِ فِي مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ عَلَى مَا كَانَ إلَى الْمُوصِي، وَهُوَ بِهَذَا الْإِيجَابِ يَجْعَلُ الْمُوصِيَ خَلِيفَةَ نَفْسِهِ فِيمَا سُمِّيَ لَهُ؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَتُهُ شَرْعًا.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِثُلُثِ الْمَالِ صَحِيحَةٌ فِيمَنْ لَا مَالَ لَهُ فِي الْحَالِ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ أَثْبَتَ لَهُ الْخِلَافَةَ ثُمَّ مَلَكَ الْمَالَ مِنْ ثَمَرَاتِ تِلْكَ الْخِلَافَةِ، وَلِهَذَا كَانَ وُجُوبُهَا بِالْمَوْتِ بِمَنْزِلَةِ الْوِرَاثَةِ.
إذَا عَرَفْنَا هَذَا فَنَقُولُ إذَا أَوْصَى الرَّجُلُ بِثُلُثِ مَالِهِ لِرَجُلٍ، وَلَهُ ثَلَاثُونَ دِينَارًا قِيمَتُهَا ثَلَثُمِائَةِ دِرْهَمٍ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهَا كَانَ لَهُ ثُلُثُ الدَّنَانِيرِ أَوْ ثُلُثُ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ مَالَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ الْجِنْسَانِ، وَقَدْ أَوْجَبَ لَهُ الْوَصِيَّةَ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلَيْسَ صَرْفُ هَذَا الْإِيجَابِ إلَى أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَيَسْتَحِقُّ ثُلُثَ كُلِّ جِنْسٍ، وَهُوَ شَرِيكُ الْوَارِثِ فَكَمَا أَنَّ حَقَّ الْوَارِثِ يَثْبُتُ فِي ثُلُثَيْ كُلِّ جِنْسٍ فَكَذَلِكَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ فِي ثُلُثِ كُلِّ جِنْسٍ فَإِنْ هَلَكَ مِنْهَا عِشْرُونَ دِينَارًا بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ قَبْلَهُ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْعَشَرَةِ الْبَاقِيَةِ أَوْ ثُلُثُ ثَلَثِمِائَةِ دِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ مَا هَلَكَ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَإِنَّ وُجُوبَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَوْتِ، وَإِنَّمَا يَتَنَاوَلُ ثُلُثَ مَالِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَكَذَلِكَ مَا هَلَكَ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي قَبْلَ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ بَعْدَ الْمَوْتِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ مُبَقَّاةٌ عَلَى حُكْمِ مِلْكِ الْمُوَرِّثِ، وَلِهَذَا لَوْ ظَهَرَ فِيهَا زِيَادَةٌ يُقْضَى مِنْ الزِّيَادَةِ دَيْنُهُ، وَتُنَفَّذُ وَصِيَّتُهُ فَكَانَ الْهَالِكُ بَعْدَ مَوْتِهِ بِمَنْزِلَةِ الْهَالِكِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ الْمَالِ يَوْمَ تَقَعُ الْقِسْمَةُ، وَالثَّانِي أَنَّ الْمَالَ بِالْمَوْتِ صَارَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْمُوصَى لَهُ، وَالْأَصْلُ فِي الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ إذَا تَوَى مِنْهُ شَيْءٌ أَنَّ الْتَوَى يَكُونُ مِنْ نَصِيبِ الشُّرَكَاءِ بِالْحِصَّةِ، وَالْبَاقِي كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَعْضُهُمْ بِإِدْخَالِ الضَّرَرِ عَلَيْهِ بِالتَّوَى بِأَوْلَى مِنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ مَالِهِ فَإِنَّمَا لَهُ سُدُسُ الْبَاقِي مِنْ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ الدَّنَانِيرِ أَوْ ثُلُثِ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ مَاتَ، وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا غَيْرَهَا كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ كُلِّ جِنْسٍ إلَّا أَنَّ فِي هَذَا الْفَصْلِ يُقَدَّمُ تَنْفِيذُ وَصِيَّتِهِ عَلَى حَقِّ الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَحَقَّ عِنْدَ الْمَوْتِ مَالًا يُسَمَّى فَيَكُونُ هُوَ فِي مَعْنَى الْغَرِيمِ فِي أَنَّهُ تُقَدَّمُ حُجَّتُهُ فِي مَحَلِّهِ عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ أَمْوَالٌ سِوَى الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ، وَالدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ لَوْ هَلَكَتْ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ بَعْدَهُ بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَمَامِ مِلْكِهِ فِيهِمَا وَقْتَ الْإِيصَاءِ لِتَصْحِيحِ الْوَصِيَّةِ فَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْعَيْنَ بِهَذَا الْإِيجَابِ فَلَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَارِثِ شَرِكَةٌ بَلْ يَكُونُ حَقُّهُ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ فِي الْعَيْنِ الَّذِي ثَبَتَ اسْتِحْقَاقُهُ لَهُ فَيُعْطِي لَهُ ثُلُثَ الدَّنَانِيرِ، وَثُلُثَ الدَّرَاهِمِ، وَمَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ لِلْوَارِثِ فَإِنْ هَلَكَ عِشْرُونَ دِينَارًا قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ سِوَاهُمَا مَالٌ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ يَسْتَحِقُّ الدَّنَانِيرَ الْعَشَرَةَ مَعَ ثُلُثِ الدَّرَاهِمِ إذَا كَانَ يُخْرِجُ ثُلُثَ ذَلِكَ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ فِي هَذَيْنِ الْجِنْسَيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ فَكَانَ حَقُّهُ كَالْأَصْلِ، وَحَقُّ الْوَارِثِ فِيهِمَا كَالتَّبَعِ، وَالْأَصْلِ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي يَشْتَمِلُ عَلَى أَصْلٍ وَتَبَعٍ إذَا هَلَكَ مِنْهُ نَجْعَلُ الْهَالِكَ مِنْ التَّابِعِ دُونَ الْأَصْلِ كَمَالِ الْمُضَارَبَةِ إذَا كَانَ فِيهَا رِبْحٌ فَعَرَفْنَا أَنَّ بِهَلَاكِ بَعْضِ الْمَالِ لَا يَقُومُ شَيْءٌ مِنْ مَحَلِّ الْوَصِيَّةِ فَيَجِبُ تَنْفِيذُ جَمِيعِ وَصِيَّتِهِ مِمَّا بَقِيَ إذَا وَجَدَ شَرْطَهُ، وَهُوَ كَوْنُهُ خَارِجًا مِنْ ثُلُثِهِ.
وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ سِوَاهُمَا فَلَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ نِصْفُهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَنِصْفُهُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ بِهَلَاكِ بَعْضِ الدَّنَانِيرِ لَمْ يَبْطُلْ شَيْءٌ مِنْ وَصِيَّتِهِ فَقَدْ تَبْقَى مِنْ الدَّنَانِيرِ مِقْدَارُ مَا أَوْصَى لَهُ بِمِقْدَارِهِ، وَبِبَقَاءِ ذَلِكَ يَبْقَى جَمِيعُ وَصِيَّتِهِ فِيهَا إلَّا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَنْفِيذُ الْوَصِيَّةِ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ بِدُونِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ، وَإِنَّمَا يَتَقَرَّرُ اسْتِحْقَاقُهُ فِي ثُلُثِ الْبَاقِي مِنْ الْمَالِ، وَذَلِكَ فِي الْمَالَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ فَيَكُونُ نِصْفُ حَقِّهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَنِصْفُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَبَيَانُ ذَلِكَ بِأَنْ تَجْعَلَ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّنَانِيرِ كَأَنَّهُ دَرَاهِمُ فَيَكُونُ مَالُهُ أَرْبَعَمِائَةٍ، لِلْمُوصَى لَهُ ثُلُثُ ذَلِكَ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ، وَثُلُثُ نِصْفِ ذَلِكَ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَنِصْفُ ذَلِكَ مِنْ الدَّنَانِيرِ، وَذَلِكَ سِتَّةٌ وَثُلُثَا دِينَارٍ أَوْ نَجْعَلُ الدَّرَاهِمَ دَنَانِيرَ فَيَكُونُ الْكُلُّ بِمَعْنَى أَرْبَعِينَ دِينَارًا، وَالتَّخْرِيجُ كَمَا بَيَّنَّا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَوْصَى لَهُ بِثُلُثِ مَالِهِ فَإِنَّ هُنَاكَ حَقَّهُ مُخْتَلِطٌ بِحَقِّ الْوَارِثِ فَبَعْدَ هَلَاكِ بَعْضِ الْمَالِ إنَّمَا يَبْقَى مِنْ وَصِيَّتِهِ فِي كُلِّ مَالٍ بِقَدْرِ مَا يَبْقَى مِنْهُ فَلِهَذَا كَانَ لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّنَانِيرِ وَثُلُثُ الدَّرَاهِمِ.
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ الدَّنَانِيرِ وَسُدُسِ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ هَلَكَ مِنْ الدَّنَانِيرِ عِشْرُونَ دِينَارًا أَخَذَ السُّدُسَ كُلَّهُ مِنْ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ جَمِيعَ وَصِيَّتِهِ بَاقٍ بَعْدَ هَلَاكِ بَعْضِ الدَّنَانِيرِ، وَهُوَ خَارِجٌ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ فَإِنَّ جَمِيعَ وَصِيَّتِهِ خَمْسَةُ دَنَانِيرَ وَخَمْسِينَ دِرْهَمًا، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْمَالِ مَا يُزَادُ ثُلُثُهُ عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ فَيَأْخُذُ جَمِيعَ وَصِيَّتِهِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ ظَهَرَ فِي الْمَالَيْنِ زِيَادَةٌ لَمْ يَكُنْ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا مِقْدَارُ مَا سُمِّيَ لَهُ فَكَذَلِكَ إذَا هَلَكَ بَعْضُ الْمَالِ.
قُلْنَا: لَا يَبْطُلُ شَيْءٌ مِنْ وَصِيَّتِهِ لِكَوْنِ حَقِّهِ مُقَدَّمًا عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي غَيْرُ الْوَصِيَّةِ فِيهِ.
وَلَوْ هَلَكَ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا مِائَتَا دِرْهَمٍ، وَقَدْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ مَالِهِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ سُدُسَ الْمِائَةِ الْبَاقِيَةِ، وَسُدُسَ الْعَشَرَةِ الدَّنَانِيرِ؛ لِأَنَّ مَا هَلَكَ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فَهُوَ شَرِيكُ الْوَارِثِ فِي الْبَاقِي بِسَهْمٍ شَائِعٍ سَمَّاهُ لَهُ الْمُوصِي فَيَأْخُذُ ذَلِكَ السَّهْمَ مِنْ الْمَالَيْنِ فَإِنْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ الدَّرَاهِمِ وَسُدُسِ الدَّنَانِيرِ كَانَ لَهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ الْبَاقِيَةِ ثُلُثُهَا، وَمِنْ الدَّرَاهِمِ الْبَاقِيَةِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ وَصِيَّتِهِ بَاقٍ بِبَقَاءِ ثُلُثِ كُلِّ نَوْعٍ؛ لِأَنَّهُ لَا تُنَفَّذُ لَهُ الْوَصِيَّةُ إلَّا فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ، وَثُلُثُهُ بِقَدْرِ سِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ إذَا جُعِلَتْ الْعَشَرَةُ دَنَانِيرَ بِمَعْنَى مِائَةِ دِرْهَمٍ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ الْمَالَيْنِ نِصْفَيْنِ نِصْفَهُ مِمَّا بَقِيَ مِنْ الدَّنَانِيرِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثُلُثٌ، وَنِصْفَهُ مِمَّا بَقِيَ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ بَلْ هَذَا مَالٌ لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالَيْنِ.
وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَمِائَةَ شَاةٍ قِيمَتُهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُدُسِ مَالِهِ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ الْقِيمَةِ أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ سُدُسَ الْبَاقِي مِنْ الْقِيمَةِ، وَسُدُسَ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَارِثِ حُكْمًا إذْ الْهَالِكُ يَكُونُ مِنْ نَصِيبِ الشُّرَكَاءِ بِالْحِصَصِ فَكَذَلِكَ الْمُسْتَحَقُّ إذَا اسْتَحَقَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالًا لَهُ، وَإِنَّمَا أَوْجَبَ لَهُ الْمُوصِي سُدُسَ مَالِهِ، وَمَالُهُ نِصْفُ الْقِيمَةِ، وَجَمِيعُ الدَّرَاهِمِ فَيَسْتَحِقُّ سُدُسَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
وَكَذَلِكَ لَوْ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ ثُلُثَ مَا بَقِيَ مِنْ كُلِّ مَالٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ صَارَ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ.
وَلَوْ كَانَ أَوْصَى بِسُدُسِ الْغَنَمِ وَسُدُسِ الدَّرَاهِمِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْمَالَيْنِ أَخَذَ ثُلُثَ مَا بَقِيَ كُلَّهُ نِصْفَهُ فِي الْغَنَمِ وَنِصْفَهُ فِي الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ هَاهُنَا مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ فَقَدْ أَوْجَبَ الْوَصِيَّةَ لَهُ فِي عَيْنٍ فَيَتَعَيَّنُ جَمِيعُ وَصِيَّتِهِ بِاعْتِبَارِ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالَيْنِ، وَبِالِاسْتِحْقَاقِ لَا يَبْطُلُ شَيْءٌ مِنْ وَصِيَّتِهِ كَمَا إذَا هَلَكَ بَعْضُ الْمَالَيْنِ وَزُفَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ يَقُولُ فِي هَذَا الْمَوْضِع لِلْمُوصَى لَهُ سُدُسُ مَا بَقِيَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ بِالِاسْتِحْقَاقِ تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُسْتَحَقَّ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لَهُ وَصَحَّتْ هَذِهِ الْوَصِيَّةُ بِاعْتِبَارِ قِيَامِ مِلْكِهِ، وَفِيهِ الْإِيصَاءُ فَلَا يَسْتَحِقُّ إلَّا سُدُسَ مَا كَانَ مَمْلُوكًا فَأَمَّا بِالْهَلَاكِ فَلَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْكُلَّ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لَهُ وَقْتَ الْإِيصَاءِ فَاسْتَحَقَّ هُوَ سُدُسَ الْجَمِيعِ ثُمَّ تَبْقَى وَصِيَّتُهُ بِبَقَاءِ مَحَلِّهَا، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْوَصَايَا، وَأَصْلُهَا فِيمَا ذُكِرَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ إذَا أَوْصَى بِثُلُثِ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَاسْتُحِقَّ مِنْهَا دِرْهَمَانِ فَلِلْمُوصَى لَهُ جَمِيعُ الدِّرْهَمِ الْبَاقِي إذَا كَانَ يُخْرِجُ مِنْ ثُلُثِهِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ زُفَرَ لَهُ ثُلُثُ الدِّرْهَمِ الْبَاقِي، وَلَوْ كَانَ هَلَكَ مِنْهَا دِرْهَمَانِ كَانَ لِلْمُوصَى لَهُ جَمِيعُ الدِّرْهَمِ الْبَاقِي بِالِاتِّفَاقِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مَكَانَ الْغَنَمِ إبِلٌ أَوْ بَقَرٌ أَوْ ثِيَابٌ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ أَوْ شَيْءٌ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ.
فَأَمَّا إذَا تَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَثَلَاثَةَ أَعْبُدٍ، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُدُسٍ إلَّا عَبْدًا وَسُدُسَ الدَّرَاهِمِ، أَوْ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ مَالِهِ ثُمَّ هَلَكَ عَبْدٌ كَانَ لَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ سُدُسُ الْعَبْدِ الْبَاقِي، وَسُدُسُ الدَّرَاهِمِ، وَكَذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ.
أَمَّا فِي الْوَصِيَّةِ بِسُدُسِ الْمَالِ فَالْجَوَابُ وَاضِحٌ، وَفِي الْوَصِيَّةِ بِسُدُسٍ إلَّا عَبْدًا وَالدَّرَاهِمَ.
قِيلَ: هَذَا الْجَوَابُ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللَّهُ فَهَذَا وَمَا سَبَقَ سَوَاءٌ، وَيَكُون لَهُ نِصْفُ الْعَبْدِ الْبَاقِي مَعَ سُدُسِ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ عِنْدَهُمَا الرَّقِيقَ يُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهَا تَثْبُتُ فِي الذِّمَّةِ بِمُطْلَقِ التَّسْمِيَةِ فِي الْعُقُودِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى التَّوَسُّعِ كَسَائِرِ الْحَيَوَانَاتِ فَكَانَتْ الْوَصِيَّةُ بِسُدُسِ الرَّقِيقِ كَالْوَصِيَّةِ بِسُدُسِ الْغَنَمِ، وَسُدُسِ الْإِبِلِ، وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ الرَّقِيقُ لَا يُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً عَلَى وَجْهِ الْجَبْرِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ بِالْقِسْمَةِ الِانْتِفَاعُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُعَادَلَةِ فِي الْمَنْفَعَةِ لِلْإِجْبَارِ عَلَى الْقِسْمَةِ، وَذَلِكَ فِي الْعَبِيدِ مُتَعَذَّرٌ لِمَا فِيهَا مِنْ التَّفَاوُتِ الْعَظِيمِ فِي الْمَنْفَعَةِ، وَذَلِكَ فِي الْعَبْدِ بِاعْتِبَارِ التَّفَاوُتِ فِي الْمَعَانِي الْبَاطِنَةِ فَتَكُونُ الْعَبِيدُ بِمَنْزِلَةِ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ.
وَلَوْ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ مِنْ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ، وَاسْتُحِقَّ جِنْسَانِ أَوْ هَلَكَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا سُدُسُ الْبَاقِي فَكَذَلِكَ إذَا كَانَ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسٍ إلَّا عَبْدَ الثَّلَاثَةِ فَاسْتُحِقَّ عَبْدَانِ أَوْ هَلَكَا لَمْ يَأْخُذْ إلَّا سُدُسَ الْعَبْدِ الْبَاقِي.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ بَقِيَ الْكُلُّ لَهُ يَسْتَحِقُّ بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ نِصْفَ الْعَبْدِ الْبَاقِي بِطَرِيقِ الْإِجْبَارِ عَلَى الْقِسْمَةِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ هَلَاكِ الْعَبْدَيْنِ بِخِلَافِ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِمَّا تُوجَدُ فِيهِ الْقِسْمَةُ بِطَرِيقِ الْإِجْبَارِ، وَقِيلَ هَذَا الْجَوَابُ قَوْلُهُمْ جَمِيعًا كَمَا أُطْلِقَ فِي الْكِتَابِ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ عِنْدَهُمَا، وَإِنْ كَانَ يُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً فَقِيلَ: الْقِسْمَةُ هُنَا بِمَنْزِلَةِ الْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ مَالَ الْمُضَارَبَةِ إذَا كَانَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَاشْتَرَى بِهَا الْمُضَارِبُ عَبْدَيْنِ كُلَّ عَبْدٍ يُسَاوِي أَلْفًا لَمْ يَمْلِكْ الْمُضَارِبُ شَيْئًا مِنْهُمَا، وَيُجْعَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَشْغُولًا بِرَأْسِ الْمَالِ بِمَنْزِلَةِ الْجِنْسَيْنِ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى بِهَا مِائَةَ شَاةٍ تُسَاوِي أَلْفَيْنِ فَإِنَّ الْمُضَارِبَ يَمْلِكُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ فَذَلِكَ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ يُفْصَلُ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ.
وَلَوْ كَانَ مَكَانَ الْعَبِيدِ دَارٌ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا مَقْسُومًا أَوْ غَيْرَ مَقْسُومٍ فَهُمَا سَوَاءٌ فَإِنْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ مَالِهِ فَلَهُ سُدُسُ الْبَاقِي، وَإِنْ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ الدَّارِ وَسُدُسِ الدَّرَاهِمِ أَخَذَ ثُلُثَ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ وَسُدُسَ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ الدَّارَ الْوَاحِدَةَ تُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً، وَاسْتِحْقَاقُ نِصْفِهَا لَا يُبْطِلُ شَيْئًا مِنْ وَصِيَّتِهِ.
(أَلَا تَرَى) أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُسْتَحَقَّ مِنْهَا شَيْءٌ كَانَ يَأْخُذُ ثُلُثَ نِصْفِهَا بِتِلْكَ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْهَلَاكَ فِي الدَّارِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ فَإِنْ كَانَ مَكَانَ الدَّارِ ثَلَاثَةُ دُورٍ مُتَفَرِّقَةٍ أَوْ مُجْتَمَعَةٍ إلَّا أَنَّ كُلَّ دَارٍ مِنْهَا عَلَيْهَا حَائِطٌ عَلَى حِدَةٍ فَأَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ مَالِهِ أَوْ بِسُدُسِ الدُّورِ وَالدَّرَاهِمِ فَاسْتُحِقَّ دَارَانِ مِنْهَا فَلَهُ سُدُسُ الدَّرَاهِمِ، وَسُدُسُ الدَّارِ الْبَاقِيَةِ فِي الْوَجْهَيْنِ أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلِأَنَّ الدُّورَ كَالْأَجْنَاسِ الْمُخْتَلِفَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا لَا تُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا تُقَسَّمُ كُلُّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ، وَكَذَلِكَ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُطْلِقَانِ الْقَوْلَ فِي الدُّورِ أَنَّهَا تُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً، وَلَكِنَّهُمَا يَقُولَانِ إنَّ رَأْيَ الْإِمَامِ النَّظَرُ فِي قِسْمَةِ الدُّورِ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَرَى النَّظَرَ فِي حُكْمِ أَجْنَاسٍ مُخْتَلِفَةٍ فَلِذَلِكَ قُلْنَا لَا يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ إلَّا سُدُسُ الْبَاقِي.
وَلَوْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِسُدُسِ مَالِهِ وَقَدْ تَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ أَحَدُهَا هَرَوِيٌّ، وَالْآخَرُ مَرْوِيٌّ، وَالْآخَرُ قُوصِيٌّ فَهَلَكَ ثَوْبَانِ مِنْهَا فَلَهُ سُدُسُ الْبَاقِي.
وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ الثِّيَابِ وَسُدُسِ الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ الثِّيَابَ أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ هَاهُنَا.
(أَلَا تَرَى) أَنَّ مُطْلَقَ التَّسْمِيَةِ لَا يُثْبِتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْعُقُودِ، وَالْأَجْنَاسُ الْمُخْتَلِفَةُ لَا تُقَسَّمُ قِسْمَةً وَاحِدَةً، وَإِنَّمَا اسْتَحَقَّ الْمُوصَى لَهُ سُدُسَ كُلِّ ثَوْبٍ بِمَا أَوْجَبَ لَهُ الْمُوصِي فَبَعْدَ هَلَاكِ الثَّوْبَيْنِ لَا يَسْتَحِقُّ مِنْ الثَّوْبِ الْبَاقِي إلَّا سُدُسَهُ، وَلَوْ هَلَكَ نِصْفُ الدَّرَاهِمِ أَيْضًا فَإِنْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ مَالِهِ فَلَهُ سُدُسُ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ أَوْصَى لَهُ بِسُدُسِ الدَّرَاهِمِ، وَسُدُسِ الثِّيَابِ كَانَ لَهُ سُدُسُ الْبَاقِي، وَثُلُثُ الدَّرَاهِمِ الْبَاقِيَةِ؛ لِأَنَّ فِي الدَّرَاهِمِ وَصِيَّتَهُ تَبْقَى بِبَقَاءِ مَا بَقِيَ مِنْهَا، وَقَدْ كَانَ أَوْصَى لَهُ مِنْهَا بِسُدُسٍ، وَذَلِكَ ثُلُثُ الدَّرَاهِمِ الْبَاقِيَةِ فَيَأْخُذُهَا كُلَّهَا، وَهُوَ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ الثَّوْبِ الْبَاقِي إلَّا سُدُسَهُ بِمَا أَوْجَبَ لَهُ الْمُوصِي فَلِهَذَا لَا يَأْخُذُ مِنْ الثَّوْبِ الْبَاقِي إلَّا سُدُسَهُ، وَإِذَا تَرَكَ ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَعِدْلًا زُطِّيًّا يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ، وَقَدْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِآخَرَ بِثُلُثِ الْعِدْلِ، وَثُلُثِ الدَّرَاهِمِ فَإِنَّ الْمُوصِيَ يَقْتَسِمَانِ الثُّلُثَ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِاسْتِوَاءِ حَقَّيْهِمَا فَإِنَّ ثُلُثَ الْعِدْلِ وَثُلُثَ الدَّرَاهِمِ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ إذْ لَا مَالَ لَهُ سِوَى هَذَيْنِ النَّوْعَيْنِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا نِصْفَيْنِ نِصْفُ ذَلِكَ يَأْخُذُهُ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعِدْلِ، وَثُلُثُ الدَّرَاهِمِ مِنْ الْمَالَيْنِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ شَرِيكُ الْوَارِثِ فَكَمَا أَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِمَالٍ مُعَيَّنٍ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْوَارِثِ فِي التَّنْفِيذِ فِي مَحَلِّهِ فَكَذَلِكَ هُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ.
فَإِذَا أَخَذَ هُوَ سُدُسَ الْعِدْلِ، وَسُدُسَ الدَّرَاهِمِ خَرَجَ مِنْ الْبَيِّنِ ثُمَّ يُقَسَّمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ أَخْمَاسًا؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَضْرِبُ فِي الْبَاقِي بِسَهْمٍ، وَالْوَرَثَةُ بِحَقِّهِمْ، وَهُوَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ فَإِنْ ضَاعَ نِصْفُ الدَّرَاهِمِ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي أَوْ بَعْدَهُ اقْتَسَمَا ثُلُثَ مَا بَقِيَ يَضْرِبُ فِيهِ صَاحِبُ ثُلُثِ الْمَالِ بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ، وَالْآخَرُ بِأَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ؛ لِأَنَّ بِمَا هَلَكَ مِنْ الدَّرَاهِمِ يَبْطُلُ مِنْ وَصِيَّةِ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ بَعْضُ وَصِيَّتِهِ، وَلَا يَبْطُلُ مِنْ وَصِيَّةِ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ شَيْءٌ، وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْعَيْنِ مِقْدَارُ مَا أَوْصَى لَهُ بِهِ، وَزِيَادَةٌ فَإِذًا حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ فِي ثُلُثِ الْمَالِ يَوْمَ تَقَعُ الْقِسْمَةُ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ، وَالْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ فِي الْمِائَتَيْنِ مِائَةٌ فَمَا بَقِيَ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَمِائَةٌ ثُلُثُ الْعِدْلِ فَيُجْعَلُ كُلُّ خَمْسِينَ سَهْمًا فَيَكُونُ حَقُّهُ أَرْبَعَةَ أَسْهُمٍ، وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ، وَالثُّلُثَانِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ فَيَكُونُ جُمْلَتُهُ أَحَدًا وَعِشْرِينَ لِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْعَيْنِ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ يَأْخُذُهُ مُقَدَّمًا مِنْ الْمَالَيْنِ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِيهِمَا سَوَاءٌ ثُمَّ يُقَسَّمُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالَيْنِ بَيْنَ الْوَارِثِ وَبَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا يَضْرِبُ الْوَارِثُ فِي ذَلِكَ بِجَمِيعِ حَقِّهِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ فِي ثَلَاثٍ فَأَمَّا فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ تَبْطُلُ وَصِيَّتُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا عِنْدَ عَدَمِ إجَازَةِ الْوَرَثَةِ فَإِنَّمَا يَضْرِبُ هُوَ فِي الثُّلُثِ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَيْنِ، وَذَلِكَ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ، وَكَذَلِكَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ، وَلِهَذَا كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ.
قَالَ: وَإِذَا تَرَكَ الرَّجُلُ ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَجِرَابٍ هَرَوِيٍّ يُسَاوِي سِتَّمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَأَوْصَى لِأَحَدِ رَجُلَيْنِ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِلْآخَرِ بِسُدُسِ الْجِرَابِ وَثُلُثِ الدَّرَاهِمِ فَإِنَّ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ، وَيَضْرِبُ الْمُوصَى لَهُ الْآخَرُ بِسَهْمَيْنِ فَمَا أَصَابَ الْمُوصَى لَهُ بِسُدُسِ الْجِرَابِ وَثُلُثِ الدَّرَاهِمِ كَانَ لَهُ نِصْفُ ذَلِكَ فِي الْجِرَابِ وَنِصْفُهُ فِي الدَّرَاهِمِ؛ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ بِقَدْرِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ سُدُسَ الْجِرَابِ وَثُلُثَ الدَّرَاهِمِ، وَوَصِيَّةُ الْآخَرِ بِثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ، وَذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ فَإِذَا جُعِلَتْ كُلُّ مِائَةٍ سَهْمًا كَانَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ فِي ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ، وَحَقُّ الْآخَرِ فِي سَهْمَيْنِ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ، وَالثُّلُثَانِ عَشَرَةٌ حَقُّ الْوَرَثَةِ فَيَكُونُ الْجُمْلَةُ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ سَهْمَانِ مِنْ ذَلِكَ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ بِأَحَدِهِمَا أَوَّلًا مِنْ الْمَالَيْنِ نِصْفَيْنِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الْمَالَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ ثُمَّ يُقَسَّمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ يَضْرِبُ فِيهِ الْوَرَثَةُ بِعَشَرَةٍ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ بِالثَّلَاثَةِ فَتَكُونُ الْقِسْمَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا فَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمُوا شَيْئًا حَتَّى هَلَكَ نِصْفُ الْجِرَابِ لَمْ يَبْطُلْ شَيْءٌ مِنْ وَصِيَّةِ الْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ فَهُوَ يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِثَمَانِينَ، وَالْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ فَكَذَلِكَ يَضْرِبُ بِثَمَانِينَ، وَهُوَ ثُلُثُ الْمَالِ حَتَّى تَقَعَ الْقِسْمَةُ فَلِهَذَا كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ نِصْفَ الثُّلُثِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ يَأْخُذُ ذَلِكَ مِنْ الْمَالَيْنِ نِصْفَيْنِ.
ثُمَّ يُقَسَّمُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصِي لَهُ بِالثُّلُثِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ فَإِنْ ضَاعَ كَأَنْ ضَاعَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَمْ يَضِعْ مِنْ الْجِرَابِ شَيْءٌ ضَرَبَ الْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ فِي الثُّلُثِ بِأَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ، وَضَرَبَ الْآخَرُ فِيهِ بِخَمْسَةٍ؛ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ بَاقِيَةٌ كُلُّهَا فَهُوَ يَضْرِبُ بِثَمَانِينَ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِثُلُثِ الْبَاقِي مِنْ الْمَالِ، وَالْبَاقِي سَبْعُمِائَةٍ وَخَمْسُونَ، وَالْجِرَابُ وَنِصْفُ الدَّرَاهِمِ فَثُلُثُ ذَلِكَ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ إذَا جُعِلَتْ كُلُّ خَمْسِينَ سَهْمًا يَكُونُ لَهُ خَمْسَةٌ، وَلِلْآخَرِ أَرْبَعَةٌ فَكَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى تِسْعَةٍ، وَجُمْلَةُ الْمَالِ عَلَى سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ يَأْخُذُهَا أَوَّلًا مِنْ الْمَالَيْنِ نِصْفَيْنِ ثُمَّ يُقَسَّمُ مَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَضْرِبُونَ بِجَمِيعِ حَقِّهِمْ، وَذَلِكَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ سَهْمًا، وَالْمُوصَى لَهُ بِخَمْسَةٍ.
قَالَ: وَلَوْ تَرَكَ ثَلَثَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَسَيْفًا يُسَاوِي مِائَةَ دِرْهَمٍ، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِرُبْعِ مَالِهِ، وَأَوْصَى لِآخَرَ بِسُدُسِ السَّيْفِ وَثُلُثِ الدَّرَاهِمِ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ سَهْمَانِ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ الْمَالِ أَرْبَعُمِائَةٍ فَوَصِيَّةُ الْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ مِائَةُ دِرْهَمٍ، وَوَصِيَّةُ الْآخَرِ بِسُدُسِ السَّيْفِ وَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ، وَسُدُسِ الدَّرَاهِمِ وَذَلِكَ خَمْسُونَ دِرْهَمًا فَيَكُونُ ذَلِكَ سِتَّةً وَسِتِّينَ فَإِذَا جَعَلْت تَفَاوُتَ مَا بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْأَكْثَرِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ بَيْنَهُمَا يَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ سَهْمًا فَلِذَا كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ، وَجُمْلَةُ الْمَالِ عَلَى خَمْسِينَ: عَشْرٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ مِنْ ذَلِكَ سَهْمَانِ رُبْعُ ذَلِكَ فِي السَّيْفِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فِي الدَّرَاهِمِ بِحَسَبِ وَصِيَّتِهِ فِي كُلِّ الْمَالِ ثُمَّ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ عَلَى ثَلَاثَةَ عَشَرَ سَهْمًا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَضْرِبُ فِي الْبَاقِي بِجَمِيعِ حَقِّهِ فَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمُوا حَتَّى ضَاعَ مِائَةُ دِرْهَمٍ كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَ صَاحِبَيْ الْوَصِيَّةِ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا؛ لِأَنَّ هَلَاكَ بَعْضِ الدَّرَاهِمِ لَا يُبْطِلُ مِنْ وَصِيَّةِ الْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ شَيْئًا فَهُوَ يَضْرِبُ فِي الثُّلُثِ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ إنَّمَا يَضْرِبُ بِرُبْعِ مَا بَقِيَ، وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا فَاجْعَلْ تَفَاوُتَ مَا بَيْنَ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ.
وَذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ ثَمَانِيَةَ أَسْهُمٍ، وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ تِسْعَةً، وَإِنْ شِئْت قُلْت قَدْ انْكَسَرَتْ الْمِائَةُ بِالْأَثْلَاثِ وَالْأَرْبَاعِ فَتُجْعَلُ الْمِائَةُ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ ثُلُثَا ذَلِكَ ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِرُبْعِ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ ذَلِكَ تِسْعَةٌ فَإِذَا جَمَعْت بَيْنَهُمَا كَانَ تِسْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا وَهُوَ الثُّلُثُ، وَجُمْلَةُ الْمَالِ أَحَدٌ وَخَمْسُونَ سَهْمًا لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ مِنْهَا ثَمَانِيَةُ أَسْهُمٍ رُبْعُ ذَلِكَ فِي السَّيْفِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَالْبَاقِي مَقْسُومٌ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعِينَ سَهْمًا؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ يَضْرِبُونَ بِجَمِيعِ حَقِّهِمْ، وَذَلِكَ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ يَضْرِبُ بِتِسْعَةٍ فَإِنْ هَلَكَ مِنْ الدَّرَاهِمِ مِائَةٌ أُخْرَى قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَالثُّلُثُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُمَا عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ يَضْرِبُ بِسِتَّةٍ وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ عَلَى حَالِهِ وَالْآخَرُ إنَّمَا يَضْرِبُ بِرُبْعِ الْبَاقِي، وَذَلِكَ خَمْسُونَ فَإِذَا جَعَلْت تَفَاوُتَ مَا بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْآخِرِ إنَّمَا يُضْرَبُ وَالْأَكْثَرُ، وَذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ ثَلَاثَةٌ وَلِلْآخَرِ أَرْبَعَةٌ فَلِهَذَا كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ، وَجُمْلَةُ الْمَالِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَيْنِ أَرْبَعَةٌ رُبْعُ ذَلِكَ فِي السَّيْفِ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الدَّرَاهِمِ، وَالْبَاقِي مَقْسُومٌ بَيْنَ الْآخَرِ، وَالْوَرَثَةِ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا؛ لِأَنَّ الْوَارِثَ يَضْرِبُ فِي الْبَاقِي بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالرُّبْعِ بِثَلَاثَةٍ.
وَإِذَا تَرَكَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَتَرَكَ أَلْفَيْ دِرْهَمٍ سِوَاهُ فَأَوْصَى بِالْعَبْدِ لِرَجُلٍ، وَبِثُلُثِ مَالِهِ لِآخَرَ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ؛ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّ الْقِسْمَةَ فِي الْعَبْدِ بَيْنَهُمَا عَلَى طَرِيقِ الْمُنَازَعَةِ فَيَكُونُ عَلَى سِتَّةٍ أَيْضًا خَمْسَةٌ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ وَسَهْمٌ لِلْآخَرِ، وَكُلُّ أَلْفٍ مِنْ الْأَلْفَيْنِ يَكُونُ عَلَى سِتَّةٍ أَيْضًا فَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ ثُلُثُ ذَلِكَ أَرْبَعَةٌ فَحَصَلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةٌ فَلِهَذَا كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَعِنْدَهُمَا يُقَسَّمُ الْعَبْدُ عَلَى طَرِيقِ الْعَوْلِ أَرْبَاعًا لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمٌ مِنْ الْعَبْدِ ثُمَّ يُجْعَلُ كُلُّ أَلْفٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ إذْ لَيْسَ فِيهَا عَوْلٌ فَيَكُونُ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمَانِ مِنْ الْأَلْفَيْنِ، وَسَهْمٌ مِنْ الْعَبْدِ فَلَهُ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا فَلِهَذَا كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ فَقَدْ اتَّفَقَ الْجَوَابُ مَعَ اخْتِلَافِ التَّخْرِيجِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ هَذَا فِي الْوَصَايَا فَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمُوا حَتَّى هَلَكَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ صَارَ عَلَى سِتَّةٍ، وَالْأَلْفُ الْبَاقِيَةُ كَذَلِكَ عَلَى سِتَّةٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ مِنْهَا سَهْمَانِ وَلَهُ مِنْ الْعَبْدِ سَهْمٌ فَهُوَ يُضْرَبُ فِي الثُّلُثِ بِثَلَاثَةٍ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ بِأَرْبَعَةٍ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ؛ وَإِنْ كَانَ خَمْسَةٌ إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يُضْرَبُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَثُلُثُ الْبَاقِي أَرْبَعَةٌ فَوَصِيَّتُهُ فِيمَا زَادَ عَلَى أَرْبَعَةٍ تَبْطُلُ ضَرْبًا وَاسْتِحْقَاقًا كَمَا هُوَ أَصْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلِهَذَا يَضْرِبُ هُوَ بِأَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ.
وَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ، وَجُمْلَةُ الْمَالِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ لِلْمُوصَى لَهُ مِنْ ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَسْهُمٍ كُلُّهُ فِي الْعَبْدِ فَيَأْخُذُهُ، وَمَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ يُضَمُّ إلَى الْأَلْفِ الْبَاقِيَةِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، وَصَاحِبُ الثُّلُثِ عَلَى سَبْعَةَ عَشَرَ سَهْمًا يَضْرِبُ الْوَارِثُ بِأَرْبَعَةَ عَشَرَ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ بِثَلَاثَةٍ.
وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَصِيرُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمٌ ثُمَّ الْأَلْفُ الْبَاقِيَةُ تَكُونُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ بِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمٌ فَكَانَ حَقُّهُ فِي سَهْمَيْنِ، وَحَقُّ الْآخَرِ فِي ثَلَاثَةٍ فَلِهَذَا كَانَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ، وَجُمْلَةُ الْمَالِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ كُلُّهُ فِي الْعَبْدِ ثُمَّ يُقَسَّمُ مَا بَقِيَ بَيْنَ الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سَهْمَانِ، وَذَلِكَ سُدُسُ مَا بَقِيَ فِي الْحَاصِلِ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَالَيْنِ، وَخَمْسَةُ أَسْدَاسِ مَا بَقِيَ لِلْوَرَثَةِ.
وَإِذَا تَرَكَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَتَرَكَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَأَوْصَى بِعِتْقِ الْعَبْدِ، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ الْأَلْفِ فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا يُقَسَّمُ أَخْمَاسًا لِلْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهِ بِعِتْقٍ مِنْهُ ذَلِكَ، وَيَسْعَى فِيمَا بَقِيَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْعِتْقِ غَيْرُ مُقَدَّمَةٍ عَلَى الْوَصِيَّةِ الْأُخْرَى إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْعِتْقِ الْمُنَفَّذِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الرُّجُوعَ عَنْهُ فَأَمَّا الْوَصِيَّةُ بِالْعِتْقِ فِي احْتِمَالِ الرُّجُوعِ عَنْهُ كَغَيْرِهِ فَيُضْرَبُ الْعَبْدُ فِي الثُّلُثِ بِقِيمَتِهِ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَالْآخَرُ بِثُلُثِ الْأَلْفَيْنِ فَيَكُونُ التَّفَاوُتُ مَا بَيْنَ الْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ، وَذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثُ سَهْمٍ فَيَكُونُ لِلْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ وَلِلْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْأَلْفِ سَهْمَانِ فَإِذَا صَارَ الثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى خَمْسَةٍ كَانَ جَمِيعُ الْمَالِ عَلَى خَمْسَةَ عَشَرَ، وَالْمَالُ ثَلَاثَةُ أَلْفٍ فَكُلُّ آلَافٍ عَلَى خَمْسَةٍ ثُمَّ يُسَلَّمُ لِلْعَبْدِ ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِ رَقَبَتِهِ، وَذَلِكَ سِتُّمِائَةٍ وَيَسْعَى لِلْوَرَثَةِ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ، وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْأَلْفَيْنِ خُمُسَيْ الْأَلْفِ، وَذَلِكَ أَرْبَعُمِائَةٍ فَيَبْقَى لِلْوَرَثَةِ مِنْ الْأَلْفَيْنِ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةٍ، وَقَدْ اسْتَوْفَوْا مِنْ الْعَبْدِ أَرْبَعَمِائَةٍ فَيُسَلَّمُ لَهُمْ أَلْفَانِ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ فِي أَلْفٍ هَذَا إنْ أَدَّى الْعَبْدُ السِّعَايَةَ، وَإِنْ كَانَ مُفْلِسًا لَا يَقْدِرُ عَلَى أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ قُسِّمَتْ الْأَلْفَانِ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْأَلْفَيْنِ، وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى سِتَّةٍ؛ لِأَنَّ مَا فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ تَاوٍ فَيَعُولُ هُوَ بِوَصِيَّتِهِ، وَيَبْقَى حَقُّ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْأَلْفَيْنِ فِي أَرْبَعِمِائَةٍ، وَحَقُّ الْوَرَثَةِ فِي أَلْفَيْنِ فَيُجْعَلُ كُلُّ أَرْبَعِمِائَةٍ بَيْنَهُمَا فَيَكُونُ حَقُّ الْوَرَثَةِ خَمْسَةُ أَسْهُمٍ، وَحَقُّ الْمُوصَى لَهُ سَهْمًا فَيَأْخُذُ سُدُسَ الْأَلْفَيْنِ، وَذَلِكَ ثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، وَتَبَيَّنَ أَنَّ السَّالِمَ لِلْعَبْدِ مِنْ رَقَبَتِهِ مِثْلُ هَذَا، وَمِثْلُ نِصْفِهِ، وَذَلِكَ خَمْسُمِائَةٍ فَالْمُتَعَيَّنُ مِنْ الْمَالِ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ، وَقَدْ نَفَّذْنَا الْوَصِيَّةَ لَهُمَا فِي ثَمَانِمِائَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثٍ، وَسُلِّمَ لِلْوَرَثَةِ ضِعْفُ ذَلِكَ أَلْفٌ وَسِتُّمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ فَاسْتَقَامَ التَّخْرِيجُ إلَى أَنْ يُؤَدِّيَ الْعَبْدُ السِّعَايَةَ فَإِذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ أَمْسَكَ مِقْدَارَ وَصِيَّتِهِ، وَذَلِكَ سِتُّمِائَةٍ فَأَدَّى أَرْبَعَمِائَةٍ فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْأَلْفَيْنِ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةً وَسِتِّينَ وَثُلُثَيْنِ حَتَّى يَتِمَّ لَهُ أَرْبَعُمِائَةٍ كَمَالُ حَقِّهِ، وَتَأْخُذُ الْوَرَثَةُ ثَلَثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا حَتَّى يُسَلَّمَ كَمَالُ الْأَلْفَيْنِ، وَفِي الْكِتَابِ يَقُولُ مَا خَرَجَ مِنْ السِّعَايَةِ أَخَذَ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْوَرَثَةِ مِثْلَ سُدُسِ الْخَارِجِ، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا بَيَّنَّا إذَا تَأَمَّلْت.
وَإِذَا تَرَكَ عَبْدًا يُسَاوِي أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَوْصَى بِعِتْقِهِ وَتَرَكَ أَيْضًا أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَوْصَى لِرَجُلٍ بِثُلُثِ مَالِهِ، وَلِلْآخَرِ بِسُدُسِ الْأَلْفَيْنِ بِعَيْنِهِمَا فَالثُّلُثُ بَيْنَهُمَا عَلَى أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا؛ لِأَنَّ وَصِيَّةَ الْعَبْدِ بِقِيمَتِهِ، وَهِيَ أَلْفٌ فَيُضْرَبُ فِي الثُّلُثِ بِجَمِيعِهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ بِالْبَرَاءَةِ عَنْ السِّعَايَةِ فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيَّةِ بِالْأَلْفِ الْمُرْسَلَةِ يَسْتَحِقُّ الضَّرْبَ بِجَمِيعِهَا، وَإِنْ جَاوَزَتْ الثُّلُثَ وَصَاحِبُ ثُلُثِ الْمَالِ وَصِيَّتُهُ سِتُّمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَصَاحِبُ ثُلُثِ الْأَلْفِ وَصِيَّتُهُ مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ فَيَجْعَلُ هَذَا سَهْمًا فَيَكُونُ حَقُّهُ فِي سَهْمٍ وَاحِدٍ، وَحَقُّ صَاحِبِ الثُّلُثِ فِي أَرْبَعَةِ أَسْهُمٍ، وَحَقُّ الْعَبْدِ فِي سِتَّةِ أَسْهُمٍ فَإِذَا جَمَعْت بَيْنَ هَذِهِ السِّهَامِ كَانَتْ أَحَدَ عَشَرَ، وَهُوَ الثُّلُثُ، وَالْجُمْلَةُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ لِلْعَبْدِ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةَ عَشَرَ وَنِصْفٌ يُسَلَّمُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةٌ، وَيَسْعَى فِي عَشَرَةٍ وَنِصْفٍ، وَالْمُوصَى لَهُ بِسُدُسِ الْأَلْفِ يَأْخُذُ سَهْمًا مِنْ سِتَّةَ عَشَرَ وَنِصْفٍ مِنْ الْأَلْفِ، وَيُجْمَعُ مَا بَقِيَ فَيُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ، وَبَيْنَ الْوَرَثَةِ عَلَى سِتَّةٍ وَعِشْرِينَ سَهْمًا لِلْوَرَثَةِ مِنْ ذَلِكَ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ، وَلِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ أَرْبَعَةٌ هَذَا إذَا أَدَّى الْعَبْدُ مَا عَلَيْهِ مِنْ السِّعَايَةِ فَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمُوا حَتَّى ضَاعَ نِصْفُ الدَّرَاهِمِ، وَاسْتُحِقَّ نِصْفُ الْعَبْدِ قَسَّمْت الثُّلُثَ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ؛ لِأَنَّ وَصِيَّةَ الْعَبْدِ تَرْجِعُ إلَى نِصْفِ رَقَبَتِهِ، وَذَلِكَ ثَلَاثَةٌ، وَوَصِيَّةُ صَاحِبِ الثُّلُثِ تَرْجِعُ إلَى سَهْمَيْنِ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ الْمَالِ ثَلَثُمِائَةٍ، وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ، وَلَمْ يُنْتَقَصْ مِنْ وَصِيَّةِ صَاحِبِ السُّدُسِ الْأَلْفِ شَيْءٌ فَيَكُونُ الثُّلُثُ بَيْنَهُمْ عَلَى سِتَّةٍ، وَالْمَالُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ نِصْفُ الْعَبْدِ الْبَاقِي تِسْعَةٌ يُسَلَّمُ مِنْ ذَلِكَ ثَلَاثَةٌ، وَهُوَ ثُلُثُ النِّصْفِ، وَيَسْعَى فِي ثُلُثَيْ النِّصْفِ، وَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِسُدُسِ الْأَلْفِ مِنْ الْخَمْسِمِائَةِ إلَى السِّعَايَةِ فَيَكُونُ مَقْسُومًا بَيْنَ الْوَرَثَةِ، وَالْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ عَلَى أَرْبَعَةَ عَشَرَ سَهْمًا لِلْوَرَثَةِ مِنْ ذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ، وَلِلْمُوصَى لَهُ سَهْمَانِ عَلَى قَدْرِ سَبْعَةٍ لِلْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ سُبْعُ ذَلِكَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ سَهْمٍ مِنْ سَبْعَةٍ، وَبَيْنَ سَهْمَيْنِ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ إذَا أَوْصَى لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ، وَلِآخَرَ بِثُلُثِ مَالِهِ مُرْسِلًا قُسِّمَ الثُّلُثُ عَلَى وَصَايَاهُمَا فَيَأْخُذُ الْمُوصَى لَهُ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الثُّلُثِ فِيمَا أَوْصَى لَهُ ثُمَّ يُعْطِي صَاحِبَ الثُّلُثِ مِنْ الَّذِي أَوْصَى بِهِ بِعَيْنِهِ لِلرَّجُلِ مِثْلَ ثُلُثِ مَا أَخَذَ ذَلِكَ الرَّجُلُ، وَمَا بَقِيَ مِنْ حِصَّتِهِ جُعِلَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْمَالِ؛ لِأَنَّ وَصِيَّتَهُ شَائِعَةٌ فِي الْمَالَيْنِ جَمِيعًا فَيَجِبُ تَنْفِيذُهَا مِنْ كُلِّ مَالٍ بِحِصَّتِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.