سورة الملك - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الملك)


        


{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ} قال عطاء عن ابن عباس: يريد الموت في الدنيا والحياة في الآخرة.
وقال قتادة: أراد موت الإنسان وحياته في الدنيا جعل الله الدنيا دار حياة وفناء، وجعل الآخرة دار جزاء وبقاء.
قيل إنما قدم الموت لأنه إلى القهر أقرب: وقيل: قدمه لأنه أقدم لأن الأشياء في الابتداء كانت في حكم الموت كالنطفة والتراب ونحوهما ثم اعترضت عليها الحياة.
وقال ابن عباس: خلق الموت على صورة كبش أملح لا يمر بشيء ولا يجد ريحه شيء إلا مات وخلق الحياة على صورة فرس بلقاء انثى وهي التي كان جبريل والأنبياء يركبونها لا تمر بشيء ولا يجد ريحها شيء إلا حيي، وهي التي أخذ السامري قبضة من أثرها فألقى على العجل فحيي.
{لِيَبْلُوَكُمْ} فيما بين الحياة إلى الموت {أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا} روي عن ابن عمر مرفوعا: {أحسن عملا} أحسن عقلا وأورع عن محارم الله، وأسرع في طاعة الله.
وقال فضيل بن عياض {أحسن عملا} أخلصه وأصوبه. وقال: العمل لا يقبل حتى يكون خالصًا صوابًا الخالص: إذا كان لله والصواب: إذا كان على السنة.
وقال الحسن: أيكم أزهد في الدنيا وأترك لها.
وقال الفَّراء: لم يوقع البلوى على أى إلا وبينهما إضمار كما تقول بلوتكم لأنظر أيكم أطوع. ومثله: {سلهم أيهم بذلك زعيم} [القلم- 40] أي: سلهم وانظر أيهم فـ{أي}: رفع على الابتداء {وأحسن} خبره {وَهُوَ الْعَزِيزُ} في انتقامه ممن عصاه {الْغَفُورُ} لمن تاب إليه.


{الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} طبقًا على طبق بعضها فوق بعض {مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} قرأ حمزة والكسائي: {من تفوت} بتشديد الواو بلا ألف، وقرأ الأخرون بتخفيف الواو وألف قبلها. وهما لغتان كالتَّحَمُّل والتحامل والتطهر والتطاهر. ومعناه: ما ترى يا ابن آدم في خلق الرحمن من اعوجاج واختلاف وتناقض بل هي مستقيمة مستوية. وأصله من الفوت وهو أن يفوت بعضها بعضا لقلة استوائها {فَارْجِعِ الْبَصَرَ} كرر النظر، معناه: انظر ثم ارجع {هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ} شقوق وصدوع.
{ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ} قال ابن عباس: مرة بعد مرة {يَنْقَلِبْ} ينصرف ويرجع {إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا} صاغرًا ذليلا مبعدًا لم يرَ ما يهوى {وَهُوَ حَسِيرٌ} كليل منقطع لم يدرك ما طلب. وروي عن كعب أنه قال: السماء الدنيا موج مكفوف والثانية مرمرة بيضاء والثالثة حديد والرابعة صفراء وقال: نحاس والخامسة فضة والسادسة ذهب والسابعة ياقوتة حمراء بين السماء السابعة إلى الحجب السبعة صحارى من نور.


{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا} أراد الأدنى من الأرض وهي التي يراها الناس. {بِمَصَابِيحَ} أي: الكواكب واحدها: مصباح وهو السراج سُمي الكوكب مصباحًا لإضاءته {وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا} مرامي {لِلشَّيَاطِينِ} إذا استرقوا السمع {وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ} في الآخرة {عَذَابِ السَّعِيرِ} النار الموقدة. {وَلِلَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِهِم عَذَابُ جَهَنَّمَ وَبِئسَ المَصِيرُ إِذَا أُلْقُوا فِيهَا سَمِعُوا لَهَا شَهِيقًا} وهو أول نهيق الحمار وذلك أقبح الأصوات {وَهِيَ تَفُورُ} تغلي بهم كغلي المِرْجل. وقال مجاهد: تفور بهم كما يفور الماء الكثير بالحب القليل.
{تَكَادُ تَمَيَّزُ} تنقطع {مِنَ الْغَيْظِ} من تغيظها عليهم، قال ابن قتيبة: تكاد تنشق غيظًا على الكفار {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ} جماعة منهم {سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا} سؤال توبيخ {أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ} رسول ينذركم.
{قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا} للرسل {مَا نزلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ}.
{وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ} من الرسل ما جاءونا به {أَوْ نَعْقِلُ} منهم. وقال ابن عباس: لو كنا نسمع الهدى أو نعقله فنعمل به {مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ} قال الزجاج: لو كنا نسمع سمع من يعي ويتفكر أو نعقل عقل من يميز وينظر ما كنا من أهل النار.
{فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا} بعدًا {لأصْحَابِ السَّعِيرِ} قرأ أبو جعفر والكسائي {فسحقا}.

1 | 2 | 3