فصل: 8- التيمم للميت عند العجز عن الماء:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.6- الكافر لا يغسل:

ولا يجب على المسلم أن يغسل الكافر، وجوزه بعضهم.
وعند المالكية والحنابلة: أنه ليس للمسلم أن يغسل قريبه الكافر ولا يكفنه، ولا يدفنه، إلا أن يخاف عليه الضياع فيجب عليه أن يواريه، لما رواه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي، أن عليا رضي الله عنه قال: قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن عمك الشيخ الضال قد مات.
قال: «اذهب فوار أباك، ولا تحدثن شيئا حتى تأتيني».
قال: فذهبت، فواريته، وجئته، فأمرني فاغتسلت فدعا لي.
قال ابن المنذر: ليس في غسل الميت سنة تتبع.

.7- صفة الغسل:

الواجب في غسل الميت أن يعمم بدنه بالماء مرة واحدة ولو كان جنبا أو حائضا، والمستحب في ذلك أن يوضع الميت فوق مكان مرتفع ويجرد من ثيابه ويوضع عليه ساتر يستر عورته ما لم يكن صبيا، ولا يحضر عند غسله إلا من تدعوا الحاجة إلى حضوره.
وينبغي أن يكون الغاسل ثقة أمينا صالحا، لينشر ما يراه من الخير، ويستر ما يظهر له من الشر.
فعند ابن ماجه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليغسل موتاكم المأمونون».
وتجب النية عليه، لأنه هو المخاطب بالغسل، ثم يبدأ فيعصر بطن الميت عصرا رفيقا، لاخراج ما عسى أن يكون بها، ويزيل ما على بدنه من نجاسة، على أن يلف على يده خرقة يمسح بها عورته فإن لمس العورة حرام، ثم يوضئه وضوء الصلاة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها» ولتجديد سمة المؤمنين في ظهور أثر الغرة والتحجيل، ثم يغسله ثلاثا بالماء والصابون، أو الماء القراح، مبتدئا باليمين، فإن رأى الزيادة على الثلاث بعدم حصول الانقاء بها أولشئ آخر غسله خمسا، أو سبعا، ففي الصحيح: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اغسلنها وترا: ثلاثا أو خمسا أو سبعا، أو أكثر من ذلك إن رأيتن».
قال ابن المنذر: إنما فرض الرأي اليهن بالشرط المذكور وهو الايثار، فإذا كان الميت امرأة ندب نقض شعرها وغسل وأعيد تضفيره وأرسل خلفها، ففي حديث أم عطية: أنهن جعلن رأس ابنة النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة قرون.
قلت: نقضنه وجعلنه ثلاثة قرون قالت: نعم.
وعند مسلم: فضفرنا شعرها ثلاثة قرون: قرنيها وناصيتها.
وفي صحيح ابن حبان الأمر بتضفيرها من قوله صلى الله عليه وسلم: «واجعلن لها ثلاثة قرون».
فإذا فرغ من غسل الميت جفف بدنه بثوب نظيف، لئلا تبتل أكفانه، ووضع عليه الطيب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا أجمرتم الميت فأوتروا» رواه البيهقي والحاكم وابن حبان وصححاه.
وقال أبو وائل: كان عند علي رضي الله عنه مسك، فأوصى أن يحنط به، وقال: هو فضل حنوط رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وجمهور العلماء على كراهة تقليم أظفار الميت وأخذ شيء من شعر شاربه، أو إبطه أو عانته، وجوز لك ابن حزم.
واتفقوا فيما إذا خرج من بطنه حدث بعد الغسل وقبل التكفين، على أنه يجب غسل ما أصابه من نجاسة، واختلفوا في إعادة طهارته فقيل: لا يجب.
وقيل: يجب الوضوء.
وقيل: يجب إعادة الغسل.
والاصل الذي بنى عليه العلماء أكثر اجتهادهم في كيفية الغسل ما رواه الجماعة عن أم عطية، قالت: «دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال: اغسلنها ثلاثا، أو خمسا، أو أكثر من ذلك إن رأيتن بماء وسدر واجعلن في الاخيرة كافورا، أو شيئا من كافور، فإذا فرغتن فآذنني» فلما فرغن آذناه، فأعطانا حقوه فقال: «أشعرنها إياه» يعني إزاره.
وحكمة وضع الكافور ما ذكره العلماء من كونه طيب الرائحة، وذلك وقت تحضر فيه الملائكة.
وفيه أيضا تبريد، وقوة نفود، وخاصة في تصلب بدن الميت، وطرد الهوام عنه ومنع إسراع الفساد إليه، وإذا عدم قام غيره مقامه مما فيه هذه الخواص أو بعضها.

.8- التيمم للميت عند العجز عن الماء:

ان عدم الماء يمم الميت، لقوله تعالى: {فإن لم تجدوا ماء فتيمموا}، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا».
وكذلك لو كان الجسم بحيث لو غسل لتهرى.
وكذلك المرأة تموت بين الرجال الاجانب عنها، والرجل يموت بين النساء الاجنبيات عنه.
روى أبو داود في مراسيله والبيهقي عن مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا ماتت المرأة مع الرجال، ليس معهم امرأة غيرها، والرجل مع النساء، ليس معهن رجل غيره، فإنهما ييممان ويدفنان، وهما بمنزلة من لم يجد الماء».
وييمم المرأة ذو رحم محرم منها بيده، فإن لم يوجد يممها أجنبي بخرقة يلفها على يده.
هذا مذهب أبي حنيفة وأحمد، وعند مالك والشافعي: إن كان بين الرجال ذو رحم محرم منها غسلها، لأنها كالرجل بالنسبة إليه في العورة والخلوة.
قال في المروي عن الإمام مالك: إنه سمع أهل العلم يقولون: إذا ماتت المرأة وليس معها نساء يغسلنها ولا من ذوي المحرم أحد يلي ذلك منها، ولا زوج يلي ذلك، يممت، يمسح بوجهها وكفيها من الصعيد.
قال: وإذا هلك الرجل، وليس معه أحد إلا نساء يممنه أيضا.
غسل أحد الزوجين الآخر اتفق الفقهاء على جواز غسل المرأة زوجها، قالت عائشة: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسل النبي صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه. رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه.
واختلفوا في جواز غسل الزوج امرأته فأجازه الجمهور.
لما روي من غسل علي فاطمة رضي الله عنها رواه الدارقطني والبيهقي، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها: «لو مت قبلي لغسلتك وكفنتك» رواه ابن ماجه.
وقال الأحناف: لا يجوز للزوج غسل زوجته، فإن لم يكن إلا الزوج يممها، والأحاديث حجة عليهم.

.9- غسل المرأة الصبي:

قال ابن المنذر: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة تغسل الصبي الصغير.

.الكفن:

.1- حكمه:

تكفين الميت بما يستره ولو كان ثوبا واحدا فرض كفاية.
روى البخاري عن خباب رضي الله عنه قال: هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، نلتمس وجه الله، فوقع أجرنا على الله، فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئا، منهم مصعب بن عمير، قتل يوم أحد، فلم نجد ما نكفنه إلابردة، إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه، فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نغطي رأسه وأن نجعل على رجليه من الاذخر.

.2- ما يستحب فيه:

يستحب في الكفن ما يأتي:
1- أن يكون حسنا، نظيفا، ساترا للبدن.
لما رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا ولي أحدكم أخاه فليحسن كفنه».
2- وأن يكون أبيض، لما رواه أحمد وأبو داود والترمذي وصححه عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البسوا من ثيابكم البيض فإنها من خير ثيابكم، وكفنوا فيها موتاكم».
3- وأن يجمر، ويبخر، ويطيب، لما رواه أحمد والحاكم وصححه عن جابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أجمرتم الميت فأجمروه ثلاثا».
وأوصى أبو سعيد وابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم: أن تجمر أكفانهم بالعود.
4- أن يكون ثلاث لفائف للرجل، وخمس لفائف للمرأة، لما رواه الجماعة عن عائشة، قالت: كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب بيض سحولية جدد ليس فيها قميص ولاعمامة.
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.
قال: وقال سفيان الثوري: يكفن الرجل في ثلاثة أثواب، إن شئت في قميص ولفافتين، وإن شئت في ثلاث لفائف.
ويجزئ ثوب واحد إن لم يجدوا ثوبين.
والثوبان يجزيان، والثلاثة لمن وجد أحب إليهم، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحق.
وقالوا: تكفن المرأة في خمسة أثواب.

وعن أم عطية أن النبي صلى الله عليه وسلم ناولها إزارا، ودرعا، وخمارا وثوبين.
وقال ابن المنذر: أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرى أن تكفن المرأة في خمسة أثواب.

.3- تكفين المحرم:

إذا مات المحرم غسل كما يغسل غيره ممن ليس محرما وكفن في ثياب إحرامه، ولا تغطى رأسه ولا يطيب لبقاء حكم الاحرام، لما رواه الجماعة عن ابن عباس قال: بينما رجل واقف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرفه إذ وقع عن راحلته فوقصته فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: «اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه، ولا تحنطوه ولا تخمروا رأسه فإن الله تعالى يبعثه يوم القيامة ملبيا».
وذهبت الحنفية والمالكية إلى أن المحرم إذا مات انقطع إحرامه، وبانقطاع إحرامه يكفن كالحلال، فيخاط كفنه ويغطى رأسه ويطيب.
وقالوا: إن قصة هذا الرجل واقعة عين لا عموم لها فتختص به، ولكن التعليل بأنه يبعث يوم القيامة ملبيا ظاهر أن هذا عام في كل محرم.
والاصل أن ما ثبت لاحد الافراد من الاحكام يثبت لغيره، ما لم يقم دليل على التخصيص.

.4- كراهة المغالاة في الكفن:

ينبغي أن يكون الكفن حسنا دون مغالاة في ثمنه، أو أن يتكلف الإنسان في ذلك ما ليس من عادته.
قال الشافعي: إن عليا كرم الله وجهه قال: لاتغال لي في كفن، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لاتغالوا في الكفن فإنه يسلب سلبا سريعا» رواه أبو داود وفي إسناده أبو مالك، وفيه مقال: وعن حذيفة، قال: لاتغالوا في الكفن، اشتروا لي ثوبين نقيين.
وقال أبو بكر: اغسلوا ثوبي هذا وزيدوا عليه ثوبين فكفنوني فيهم قالت عائشة: إن هذا خلق قال: إن الحي أولى بالجديد من الميت. إنما هو للمهلة.

.5- الكفن من الحرير:

لا يحل للرجل أن يكفن في الحرير ويحل للمرأة، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحرير والذهب: «إنهما حرام على ذكور، أمتي حل لإناثها».
وكره كثير من أهل العلم للمرأة أن تكفن في الحرير لما فيه من السرف، وإضاعة المال، والمغالاة المنهي عنها، وفرقوا بين كونه زينة لها في حياتها، وكونه كفنا لها بعد موتها.
قال أحمد: لا يعجبني أن تكفن المرأة في شيء من الحرير.
وكره ذلك الحسن وابن المبارك وإسحق.
قال ابن المنذر: ولا أحفظ عن غيرهم خلافهم.

.6- الكفن من رأس المال:

إذا مات الميت وترك مالا، فتكفينه من ماله، فإن لم يكن له مال فعلى من تلزمه نفقته، فإن لم يكن له من ينفق عليه، فكفنه من بيت مال المسلمين، وإلا فعلى المسلمين أنفسهم.
والمرأة مثل الرجل في ذلك.
وقال ابن حزم: وكفن المرأة وحفر قبرها من رأس مالها، ولا يلزم ذلك زوجها، لأن أموال المسلمين محظورة إلا بنص قرآن أو سنة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام» وإنما أوجب الله تعالى على الزوج النفقة والكسوة والاسكان، ولا يسمى في اللغة التي خاطبنا الله تعالى بها الكفن كسوة، ولا القبر إسكانا.

.الصلاة على الميت:


.1- حكمها:

من المتفق عليه بين أئمة الفقه، أن الصلاة على الميت، فرض كفاية، لامر رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، ولمحافظة المسلمين عليها.
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه فضلا؟ فإن حدث أنه ترك وفاء صلى، وإلا، قال للمسلمين: «صلوا على صاحبكم».

.2- فضلها:

1- روى الجماعة عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تبع جنازة وصلى عليها، فله قيراط ومن تبعها حتى يفرغ منها فله قيراطان، أصغرهما مثل أحد» أو «أحدهما مثل أحد».
2- وروى مسلم عن خباب رضي الله عنه، قال: يا عبد الله بن عمر، ألا تسمع ما يقول أبو هريرة؟ إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من خرج مع جنازة من بيتها وصلى عليها ثم تبعها حتى تدفن كان له قيراطان من أجر، كل قيراط مثل أحد. ومن صلى عليها ثم رجع كان له مثل أحد.» فأرسل ابن عمر رضي الله عنهما خبابا إلى عائشة يسألها عن قول أبي هريرة ثم يرجع إليه فيخبره ما قالت، فقال: قالت عائشة: صدق أبو هريرة فقال ابن عمر رضي الله عنهما: لقد فرطنا في قراريط كثيرة.

.3- شروطها:

صلاة الجنازة يتناولها لفظ الصلاة، فيشترط فيها الشروط التي تفرض في سائر الصلوات المكتوبة من الطهارة الحقيقية والطهارة من الحدث الاكبر والاصغر واستقبال القبلة وستر العورة.

روى مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يقول: لا يصلي الرجل على الجنازة إلا وهو طاهر.
وتختلف عن سائر الصلوات المفروضة، في أنه لا يشترط فيها الوقت، بل تؤدى في جميع الاوقات متى حضرت، ولو في أوقات النهي. عند الأحناف والشافعية. وكره أحمد وابن المبارك وإسحاق الصلاة على الجنازة وقت الطلوع والاستواء والغروب، إلا إن خيف عليها التغير.